الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما إخباره صلى الله عليه وسلم بنصر بني كعب على بني بكر فكان كذلك وإجابة اللَّه تعالى دعاءه في تعمية خبره عن قريش بمكة
فقال يونس بن بكير: عن ابن إسحاق قال: حدثني الزهري، عن عروة بن الزبير، عن مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة أنهما حدثاه جميعا قالا: كان في صلح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم الحديبيّة بينه وبين قريش، أنه من شاء أن يدخل في عقد محمد صلى الله عليه وسلم، وعهده دخل، ومن يشاء أن يدخل في عقد قريش وعهدهم فليدخل فيه، فمكثوا في تلك الهدنة نحو السبعة أو الثمانية عشر شهرا، ثم بنى بكر الذين كانوا دخلوا في عقد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وعهده وأن عمرو بن سالم الخزاعي أحد بني كعب ركب إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عند ما كان من أمر خزاعة، وبني بكر بالوتيرة [ (1) ] حتى قدم المدينة على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخبره الخبر، وقد قال أبيات شعر، فلما قدم على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنشده إياها فقال:
يا رب إني ناشد محمدا
…
حلف أبينا وأبيه الأتلدا
قد كنتم ولدا وكنا والدا
…
ثمت أسلمنا فلم ننزع يدا
فانصر هداك اللَّه نصرا اعتدا
…
وادع عباد اللَّه يأتوا مددا
فيهم رسول اللَّه قد تجردا
…
إن سيم خسفا وجهه تربّدا
في فيلق كالبحر يجري مزبدا
…
إن قريشا أخلفوك الموعدا
ونقضوا ميثاقك الموكّد
…
وجعلوا لي في كداء رصدا
وزعموا أن لست أدعو أحدا
…
وهم أذلّ وأقل عددا
هم بيتونا بالوتير هجّدا
…
وقتلونا ركعا وسجّدا
فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: نصرت يا عمرو بن سالم فما برح حتى مرت عنان [ (2) ] من السماء فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إن هذه السحابة تستهل بنصر بني كعب، وأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الناس بالجهاد وكتمهم فخرجوا، وسأل اللَّه
[ (1) ] الوتيرة: الأرض الممتدة.
[ (2) ] عنان: سحاب.
-
تعالى- أن يعمي على قريش خبره حتى يتبعهم في بلادهم، فذكر خبر فتح مكة بطوله [ (1) ] .
وقال الواقدي: فحدثني يحيى بن خالد بن دينار، عن عبد اللَّه بن عمير، عن ابن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- وحدثني داود بن خالد بن دينار، عن عبد اللَّه بن عمير عن ابن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- وحدثني داود بن خالد، عن المقبري، عن أبي هريرة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قالا: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إني لأرى السحاب تستهل بنصر بني كعب [ (2) ] . وخرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من المدينة فنادى مناديه: من أحب أن يصوم فليصم، ومن أحب أن يفطر فليفطر وصام! رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
قال: وحدثني مالك بن أنس، عن سمي مولى أبي بكر، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن رجل رأى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالعرج يصب الماء على رأسه ووجهه من العطش.
قال: وحدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز، عن حكيم بن حكيم، عن أبي جعفر، عن جابر بن عبد اللَّه، قال: لما كنا بالكديد بين الظهر والعصر أخذ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إناء من ماء في يده حتى رآه المسلمون، ثم أفطر تلك الساعة. وبلغ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن قوما صاموا فقال: أولئك العصاة! وقال أبو سعيد الخدريّ: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إنكم مصبحو عدوكم، والفطر أقوى لكم! قال ذلك بمر الظهران.
فلما نزل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم العرج، والناس لا يدرونن أين توجه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى قريش، أو إلى هوازن أو إلى ثقيف! فهم يحبون أن يعلموا، فجلس في أصحابه بالعرج وهو يتحدث، فقال كعب بن مالك: آتي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأعلم لكم علم وجهه. فجاء كعب فبرك بين يدي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على ركبتيه، ثم قال:
[ (1) ](سيرة ابن هشام) : 5/ 48- 49، باختلاف يسير في سياق أبيات الشعر، وهي أقرب لما في (مغازي الواقدي) ، وصوبناها من (ابن هشام) .
[ (2) ](مغازي الواقدي) : 2/ 801- 803.
قضينا من تهامة كل ريب
…
وخيبر ثم أجمعنا السيوفا
نسائلها ولو نطقت لقالت
…
قواطعهن دوسا أو ثقيفا
فلست لحاضر إن لم تروها
…
بساحة داركم منها ألوفا
فننتزع الخيام ببطن وج
…
ونترك دورهم منهم خلوفا
أنشدنيها أيوب بن النعمان، عن أبيه. قال: فتبسم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولم يزد على ذلك، فجعل الناس يقولون: واللَّه ما بين لك رسول اللَّه شيئا، ما ندري بمن يبدي، بقريش أو ثقيف أو هوازن.
قال: حدثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم قال لما نزل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بقديد قيل: هل لك في بيض النساء وأدم الإبل؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أن اللَّه- تعالى- حرمها عليّ بصلة الرحم ووكزهم في لبأت الإبل.
قال: حدثني الزبير بن موسى، عن أبي الحويرث، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن اللَّه حرمهم عليّ ببر الوالد ووكزهم في لبأت الإبل.