الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فليأتني فأنا مولاه. وخرّجاه من طريق آخر، وحكى الإمام وجها أنه لم يكن واجبا عليه، بل كان يفعله تكرما. وبه جزم الماورديّ.
وقال النووي في (شرح مسلم)[ (1) ] كان يقضيه من مال المصالح وقيل:
من خالص ماله، وقال الإمام في (النهاية) : أشعر
قوله صلى الله عليه وسلم: من ترك ضياعا، أو دينا فعليّ بالوجوب عليه،
ومن قال: كان ذلك تكرما فهو غير سديد، لأن وعده صلى الله عليه وسلم حق وصدق، فلا يجوز تقدير خلافه. انتهى، على القول الأول: هل يجب ذلك على الأئمة بعده فيقومون به من مال المصالح؟ وجهان،
وقد جاء في رواية قيل: يا رسول اللَّه وعلى كل إمام بعدك؟ قال: وعلى كل إمام بعدي
حكاية الوجهين وفي الإطلاق نظر، لأن من استدان وبقي معسرا حتى مات، لم يقض دينه من بيت المال. واللَّه- تعالى- أعلم.
المسألة الحادية عشر:
كان يجب عليه صلى الله عليه وسلم إذا رأى شيئا يعجبه أن يقول:
لبيك إن العيش عيش الآخرة
[ (2) ]
ذكره الرافعي بصيغة قيل، وجزم به ابن القاصّ في (تلخيصه) لكن لفظه فيه: كان إذا رأى شيئا يعجبه قال: لبيك إن العيش عيش الآخرة.
وقال البيهقيّ في كتاب (السنن)[ (3) ] كان إذا رأى شيئا يعجبه، ثم قال:
هذه كلمة صدرت من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في أنعم حاله يوم حجه بعرفة، ثم ساقه بإسناده، وفي أشد حاله يوم الخندق، ثم ساقه بإسناده.
[ (1) ] سبق تخريجه.
[ (2) ](روضة الطالبين) : 5/ 348، كتاب النكاح، باب خصائص رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في النكاح وغيره.
[ (3) ](سنن البيهقيّ) : 7/ 48، كتاب النكاح، باب
كان إذا رأى شيئا يعجبه قال: لبيك إن العيش عيش الآخرة.
خرّج البخاريّ من طريق قتيبة، حدثنا عبد العزيز، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الخندق وهو يحفر ونحن ننقل التراب على أكتافنا، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لا عيش إلا عيش الآخرة، فاغفر للمهاجرين والأنصار. ذكره في غزوة الخندق [ (1) ] كذلك، وذكره في كتاب المناقب [ (2) ] ، وفي أول كتاب الرقاق [ (3) ]، ولفظه فيهما: اللَّهمّ لا عيش إلا عيش الآخرة، فاغفر للأنصار والمهاجرة.
وخرّجه مسلم [ (4) ] من طريق عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عن سهل بن سعيد قال: جاءنا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نحفر الخندق وننقل التراب على أكتافنا، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: اللَّهمّ لا عيش إلا عيش الآخرة، فاغفر للمهاجرين والأنصار. وأخرجاه من حديث أنس، وفيه زيادة.
وقال الشافعيّ: أخبرنا سعيد، عن ابن جريج، أخبرني حميد الأعرج، عن مجاهد أنه قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يظهر التلبية: لبيك اللَّهمّ لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، قال: حتى إذا كان ذات يوم والناس منصرفون عنه كأنه أعجبه ما هو فيه، فزاد فيها: لبيك إن العيش عيش الآخرة. قال ابن جريج: وأحسب أن ذلك كان يوم عرفة.
قال مؤلفه: ليس في هذين الحديثين ما يقتضي الوجوب، وغاية ما فيهما استحباب مثل ذلك، وقد قيل به في حق المكلفين، ومع هذا الحديث فقول مجاهد مرسل، وقول ابن جريج منقطع.
[ (1) ](فتح الباري) : 7/ 498- 499، كتاب المغازي، باب (30) غزوة الخندق وهي الأحزاب، قال موسى بن عقبة: كانت في شوال سنة أربع، حديث رقم (4098) .
[ (2) ](المرجع السابق) : 7/ 149، كتاب مناقب الأنصار، باب (9) دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أصلح الأنصار والمهاجرة، حديث رقم (3797) .
[ (3) ]
(المرجع السابق) : 11/ 275، كتاب الرقاق، باب (1) ما جاء في الرقاق، وأن لا عيش إلا عيش الآخرة، حديث رقم (6414) .
[ (4) ](مسلم بشرح النووي) : 12/ 414، كتاب الجهاد والسير، باب (44) غزوة الأحزاب وهي (الخندق) ، حديث رقم (126) ، (127) .