الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال أبو عمر بن عبد البر [ (1) ] : أم ورقة بنت عبد اللَّه بن الحارث بن عويمر الأنصاريّ، وقيل: أم ورقة بنت نوفل وهي مشهورة بكنيتها، واضطرب أهل الخبر في نسبها.
وأما إخباره صلى الله عليه وسلم بالطاعون الّذي يأتي بعده
فخرّج البخاريّ [ (2) ] من حديث بسر بن عبيد اللَّه أنه سمع أبا إدريس الخولانيّ قال: سمعت عوف بن مالك قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في قبة من أدم فقال: اعدد ستا بين يدي الساعة: موتى، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتان يأخذ فيكم كعقاص الغنم، ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطا، ثم فتنة لا يبقى بيت من بيوت المدينة إلا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم، وبين بني الأصفر، فيغدرون، فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كل غاية اثنا عشر ألفا.
[ (1) ]
(الاستيعاب) : 4/ 1965، ترجمة رقم (4224)، وذكر حديثها وزاد فيه وقال: صدق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين كان يقول: انطلقوا بنا نزور الشهيدة.
[ (2) ](فتح الباري) : 6/ 340، كتاب الجزية والموادعة، باب ما يحذر من الغدر وقول اللَّه- تعالى-: وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ [الأنفال: 62] ، حديث رقم (3176) ، وفيه أشياء من علامات النبوة قد ظهر أكثرها، وفيه بشارة ونذارة، وذلك أنه دل على أن العاقبة للمؤمنين مع كثرة ذلك الجيش، وفيه إشارة إلى أن عدد جيوش المسلمين سيكون أضعاف ما هو عليه.
ووقع في رواية للحاكم من طريق الشعبيّ عن عوف بن مالك في هذا الحديث «ان عوف بن مالك قال لمعاذ في طاعون عمواس أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال لي: اعدد ستا بين يدي الساعة، فقد وقع منهن ثلاث، يعني موته صلى الله عليه وسلم، وفتح بيت المقدس والطاعون، قال: وبقي ثلاث، فقال له معاذ: إن لهذه أهلا» .
ووقع في (الفتن) لنعيم بن حماد أن هذه القصة تكون في زمن المهدي على يد ملك من آل هرقل. (فتح الباري) مختصرا. وبنو الأصفر: الروم.
وأخرجه ابن ماجة في الفتن، باب (25) أشراط الساعة، حديث رقم (4042) ، وبعضه في الأدب من (سنن أبى داود) .
ذكره في كتاب الجزية والموادعة، في باب ما يحذر من الغدر.
وخرّجه البيهقي [ (1) ] بهذا السند، ولفظه قال: أتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في خباء من أدم، فجلست بفناء الخباء فسلمت، فرد وقال:
ادخل يا عوف، فقلت: أكلي أم بعضي؟ قال: كلك، فدخلت، فرأيته يتوضأ وضوءا مكيثا، ثم قال: يا عوف احفظ خلالا ستا بين يدي الساعة: إحداهن موتى، قال عوف: فوجمت عندها وجمة شديدة، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: قل إحدى، فقلت: إحدى، ثم قال: فتح بيت المقدس، أظنه قال: ثم موتان يظهر فيكم يستشهد اللَّه به ذراريكم، وأنفسكم، ويزكى به أموالكم، ثم استفاضة المال بينكم، وذكر الحديث.
وهذه الستة قد وقع بعضها، فمات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وفتح بيت المقدس في خلافة عمر بن الخطاب- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- ووقع الطاعون، ثم استفاض المال في خلافة عثمان بن عفان- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قال الوليد بن مسلم، قال سعيد بن عبد العزيز: زاد عثمان الناس عامة مائة دينار، ومائة دينار في عطياتهم، قالوا: وكانت الفتنة الرابعة من الآيات الستة مقتل بالشام، والعراق، وخرسان بين الفرق والعصبية، ولا نزال متتابعة حتى تقع فتنة الروم.
ومن طريق ابن وهب قال [ (2) ] : أخبرني ابن لهيعة، عن عبد اللَّه بن حبان أنه سمع سليمان بن موسى يذكر أن الطاعون وقع بالناس يوم جسر عموسة، فقام عمرو بن العاص- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- فقال: يا أيها الناس إنما هذا الوجه رجس فتنحوا منه، فقال شرحبيل بن حسنة: يا أيها الناس إني قد سمعت قول صاحبكم، وإني واللَّه لقد أسلمت، وصليت وإن عمرا لأضلّ من بعير أهله، وإنما هو بلاء أنزله اللَّه فاصبروا، فقام معاذ بن جبل، فقال: يا أيها الناس إني قد سمعت قول صاحبيكم هذين، وإن هذا الطاعون رحمة ربكم،
[ (1) ](دلائل البيهقي) : 6/ 383- 385، باب ما جاء في إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بالطاعون الّذي وقع بالشام في أصحابه في عهد عمر بن الخطاب- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-.
[ (2) ](المرجع السابق) : 385.
ودعوة بينكم،
وإني سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: إنكم ستقدمون الشام، فتنزلون أرضا يقال لها جسر عموسة [ (1) ] ، فتخرج لكم فيها جرجان لها ذباب كذباب الدمل يستشهد اللَّه به أنفسكم، وذراريكم، ويزكى به أموالكم، اللَّهمّ إن كنت تعلم أني سمعت هذا من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فارزق معاذا، وآل معاذ من ذلك الحظ الأوفى، ولا تعافه منه، قال: فطعن في السبابة، فجعل ينظر إليها ويقول: اللَّهمّ بارك فيها فإنك إذا باركت في الصغير كان كبيرا، ثم طعن ابنه، فدخل عليه، فقال: الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ [ (2) ]، قال:
سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ [ (3) ] .
قال المؤلف- رحمة اللَّه عليه-: وقوله في هذا الحديث: وأن هذا الطاعون رحمة ربكم، ودعوة نبيكم،
يشير إلى حديث يحيى بن أبي بكير، قال: عن أبي بكر النهشلي، عن رماد بن علابة عن أسامة بن شريك، قال: خرجنا في اثنى عشر من بني ثعلبة، فبلغنا أن أبا موسى نزل منزلا، فأتيناه، فسمعناه يحدث عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه قال: اللَّهمّ اجعل فناء أمتي بالطعن والطاعون، قلنا: يا رسول اللَّه هذا الطعن قد عرفناه فما الطاعون؟ قال:
وخز أعدائكم وذراريكم من الجن، وفي كل شهداء [ (4) ] .
وخرج ابن عساكر من طريق هشام بن خالد الأزرق عن الحسن بن يحي، عن ابن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن بشر بن مرة، عن معاذ بن جبل،
[ (1) ] لم أجد لهذا الموضع ذكر فيما بين يديّ من معاجم البلدان.
[ (2) ] البقرة: 147.
[ (3) ] الصافات: 102، وأخرجه الإمام أحمد في (المسند) : 5/ 218- 219، حديث رقم (17299) ، من حديث شرحبيل بن حسنة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[ (4) ](مسند أحمد) : 5/ 537، حديث رقم (19034)، من حديث أبي موسى الأشعريّ. وفي (الفتوح) لابن أعثم الكوفي: واشتدّ الطاعون بالشام، وفشا الموت في الناس، فقال عمرو بن العاص: أيها الناس! إنّ هذا الوباء قد وقع فيكم، إنما هو وخز من الجن فمن أقام به هوى، ومن انحاز عنه نجا. (الفتوح) : 1/ 313، ذكر الطاعون الّذي وقع بالشام، ومن مات هنالك من المسلمين.
قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: تنزلون منزلا يقال له: الجاثية، يصيبكم فيه ذباب مثل عدة الجمل يستشهد اللَّه به أنفسكم، ودراركم، ويزكى أبدانكم.
وخرجه الطبراني إلا أنه قال: كما يستشهد اللَّه به أنفسكم ودراركم، ويزكى به أعمالكم.
وقال سيف بن عمر: قالوا: ووقع الطاعون بالشام، ومصر، والعراق، واستقر في الشام، ومات فيه الناس الذين هم في أهل الأمصار، وفي المحرم، وصفر، يعني سنة سبع عشرة وارتفع عن الناس، وكتبوا إلى عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- بإخلاء الشام، قالوا: وكان ذلك الطاعون موتانا لم ير مثيله طمع له العدو في [الناس] وتخوفت له قلوب المسلمين [لما] كثر موته، وطال مكثه، حتى [ما] تكلم في ذلك اثنان فاختلفوا، فأمر معاذ بن جبل- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- بالصبر حتى ينجلي، وأمر عمر بن عبسة بالتنحي، ثم ذكر سيف كلامهم في ذلك.