الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فرض وهذا التفريع ضعيف لما قام من أكله صلى الله عليه وسلم الحيس بعد ما أصبح صائما وقد ضعف هذا التفريع النووي- رحمه الله.
السابعة: كان يحرم عليه صلى الله عليه وسلم خائنة الأعين أي لم يكن له أن يومئ بطرفه خلاف ما يظهره بكلامه
وقد اختلف في المراد بخائنة الأعين فقيل: نفى الإيماء بالعين وقيل:
مقاربة النظر. وقال الرافعي: هي الإيماء إلى مباح من ضرب أو قتل وغيره على خلاف ما يظهره وما يشعر به الحال [ (1) ] دائما، قيل لها: خائنة الأعين، تشبهها بالخيانة من حيث أنه يخفى خلاف ما يظهر، ولا يحرم ذلك على غير الرسول صلى الله عليه وسلم.
خرّج النسائي [ (2) ] من حديث أسباط بن نصر قال: زعم السدي، عن مصعب بن سعد، عن أبيه قال: لما كان يوم فتح مكة أمن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الناس، إلا أربعة نفر وامرأتين وقال: اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة، عكرمة بن أبي جهل، وعبد اللَّه بن خطل، ومقيس بن صبابة، وعبد اللَّه بن سعد بن أبي السرح،
فأما عبد اللَّه بن خطل فأدرك وهو متعلق بأستار الكعبة، فاستبق إليه سعيد بن حريث وعمار بن ياسر، فسبق سعيد عمارا وكان أشبه الرجلين فقتله، وأما مقيس بن صبابة فأدركه الناس في السوق فقتلوه، وأما عكرمة فركب البحر فأصابتهم ريح عاصف، فقال أصحاب السفينة: أخلصوا فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئا هاهنا، فقال عكرمة: واللَّه لئن لم ينجني من البحر إلا الإخلاص لا ينجيني في البر غيره، اللَّهمّ إن لك علي عهدا إن أنت عافيتني مما أنا فيه أن آتى محمدا حتى أضع يدي في يده فلأجدنه
[ (1) ](روضة الطالبين) : 5/ 350، كتاب النكاح، باب في خصائص رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في النكاح وغيره.
[ (2) ](سنن النسائي) : 7/ 122، كتاب التحريم، باب (14) الحكم في المرتد، حديث رقم (4078) .
عفوّا كريما، فجاء فأسلم،
وأما عبد اللَّه بن سعد بن أبي السرح فإنه اختبأ عند عثمان بن عفان- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- فلما دعا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة جاء حتى أوقفه على النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول اللَّه بايع عبد اللَّه، قال: فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثا كل ذلك يأبى، فبايعه بعد ثلاث، ثم أقبل على أصحابه فقال: أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله، فقالوا: وما يدرينا يا رسول اللَّه ما في نفسك؟ هل أومأت إلينا بعينك، قال: إنه لا ينبغي لنبيّ أن تكون له خائنة أعين.
وخرّجه أبو داود [ (1) ] بهذا الإسناد يوم كان فتح مكة: اختبأ عبد اللَّه بن سعد ابن أبي السرح عند عثمان بن عفان- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- فجاء به حتى أوقفه على النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول اللَّه بايع عبد اللَّه، الحديث
…
إلى آخره ولم يذكر أوله، ذكره في الحدود.
أخرجه الحاكم [ (2) ] وقال حديث صحيح على شرط مسلم، وروى بن سعد [ (3) ] من طريق سعيد بن المسيب، قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل ابن أبي السرح ومقيس بن صبابة والحويرث بن نقيذ وعبد اللَّه [بن هلال] بن خطل، فأما ابن خطل [الأدرمي] وهو متعلق بأستار الكعبة فبقر بطنه وكان رجل من الأنصار نذر إن رأى ابن أبي السرح أن يقتله، فجاء عثمان- وكان أخا لابن أبي السرح من الرضاعة- فشفع له النبي صلى الله عليه وسلم وقد أخذ الأنصاريّ يقلم السيف ينتظر النبي صلى الله عليه وسلم متى ينوي إليه أن يقتله فشفع له عثمان- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- حتى تركه، ثم قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم للأنصاريّ قد انتظرتك أن توفي بنذرك، قال: يا رسول اللَّه هبتك، أفلا أومأت إليّ؟ قال: إنه ليس لنبي أن يومئ. رواه
[ (1) ](سنن أبي داود) : 3/ 133، كتاب الجهاد، باب (127) باب قتل الأسير ولا يفرض عليه الإسلام حديث رقم (2683) .
[ (2) ](المستدرك) : 2/ 62، كتاب البيوع، باب (19) حديث رقم (2329) وقال الحافظ الذهبيّ في (التلخيص) : صحيح.
[ (3) ](طبقات ابن سعد) : 2/ 136، غزوة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عام الفتح.
البيهقيّ في دلائل النبوة [ (1) ] من طريق قتادة، عن أنس نحوه في قصة ابن أبي السرح، قد حكى سبط بن الجوزي في (مرآة الزمان) أن هذا الأنصاريّ عباد بن بشر، واستدل صاحب (التلخيص) بهذا على أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يجزع في الحرب.
قال الرافعي: احتج بما خرّجه البخاريّ من حديث الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب أخبرني عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن كعب، عن ابن مالك أن عبد اللَّه بن كعب قال: سمعت كعب بن مالك حين تخلف عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ولم يكن يريد رسول اللَّه غزوة إلا ورّى بغيرها، ومن طريق عبد اللَّه بن المبارك، عن الزهريّ قال: أخبرني عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن كعب بن مالك قال: سمعت كعب بن مالك يقول كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قل ما يريد غزوة إلا ورّى بغيرها حتى كانت غزوة تبوك فغزاها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في حر شديد واستقبل سفرا بعيدا واستقبل غزو عدو كبير فجلا للمسلمين أمرهم ليتأهّبوا أهبة عدوهم، وأخبرهم بوجهه الّذي يريد.
وعن يونس، عن الزهريّ، أخبرني عبد الرحمن بن كعب بن مالك أن كعب بن مالك كان يقول: لقل ما كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخرج إذا خرج في سفر إلا يوم الخميس. هكذا وقع هذا الحديث في صحيح البخاريّ [ (2) ] ، عن يونس،
[ (1) ](دلائل النبوة) : 5/ 60، باب من أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بقتله يوم فتح مكة ولم يدخل فيما عقد من الأمان.
[ (2) ](فتح الباري) : 6/ 140، كتاب الجهاد والسير، باب (103) من أراد غزوة فورّى بغيرها، ومن أحب الخروج يوم الخميس، حديث رقم (2949) .
وأخرجه أبو داود في الجهاد، باب (84) في أي يوم يستحب السفر، حديث رقم (2605) ، وأخرجه الدارميّ في السير، باب في الخروج يوم الخميس. من حديث عثمان بن عمر، عن يونس عن الزهريّ، وأخرجه الإمام أحمد في (المسند) : 4/ 491، حديث رقم (15352) من حديث كعب بن مالك الأنصاري، ولفظه:«أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم الخميس في غزوة تبوك» ، ورقم (15354) من حديث كعب بن مالك الأنصاري أيضا، ولفظه:«أقل ما كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخرج إذا أراد سفرا إلا يوم الخميس» ، وحديث رقم (26637) بنحوه.
عن الزهريّ، عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن كعب بن مالك قال سمعت كعب بن مالك يقول، وإن كعب بن مالك كان يقول، والحديث منقطع لأنه لم يسمع عبد الرحمن بن عبد اللَّه من عمه عبيد اللَّه عن ابنهما كعب بن المبارك وعدد ذلك من أوهام عبد اللَّه بن المبارك، لأن ابن سعد وعبد اللَّه بن وهب.
روياه عن يونس، عن الزهريّ، عن عبد الرحمن، عن أبيه، عن جده كعب بن مالك، ورواه الليث عن عقيل عن الزهريّ بهذا الإسناد أيضا متصلا، وروى مسلم قوله: وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قل ما يريد غزوة إلا ورّى [بغيرها][ (1) ] ، من حديث الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، ومن حديث محمد ابن عبد اللَّه ابن أخى بن شهاب، عن عمه، عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن كعب بن مالك وهو حديث طويل وله طرق عديدة.
واحتجوا أيضا بما
خرّجه البخاريّ ومسلم وغيرهما من حديث معمر، عن همام عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: الحرب خدعة [ (2) ] .
[ (1) ] سبق تخريجه.
[ (2) ] أخرجه الجماعة إلا (الموطأ) ، و (النسائي) .
فقد أخرجه البخاريّ في الأنبياء، باب علامات النبوة في الإسلام، وفي الجهاد، باب الحرب خدعة،
وقول النبي صلى الله عليه وسلم أحلت لكم الغنائم،
وفي الأيمان والنذور، باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم، ومسلم في الفتن، باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيتمنى أن يكون مكان الميت من البلاء، حديث رقم (2918) ، والترمذي في الفتن، باب ما جاء في الفتن، حديث رقم (2127) .
قوله صلى الله عليه وسلم: «الحرب خدعة»
تروى بفتح الخاء، وهي اللغة الفصحى، وهي المرة الواحدة من الخداع، يعني أن الحرب بمرة واحدة من الخداع، يبلغ فيها الغرض، لأن الخصم متى انخدع غلب وقهر، وتروى بضم الخاء، وهي الاسم من الخداع، وقد روى بضم الخاء وفتح الدال- بوزن همزة- أي: إن الحرب تخدع الرجال كثيرا. (جامع الأصول) : 11/ 312، شرح الحديث رقم (8875) .
قال الخطابيّ: هذا الحرف يروى بفتح الخاء وسكون الدال، وهو أفصحها، وبضم الخاء وسكون الدال، وبضم الخاء وفتح الدال، فمعنى الأولى: المرة الواحدة من الخداع: أي أن
وبما
خرّجاه من حديث سفيان بن عيينة عن عمرو سمع جابر بن عبد اللَّه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: الحرب خدعة،
وبما
خرّجه أبو بكر بن أبي شيبة [ (1) ] من حديث زكريا عن أبي إسحاق، عن سعد بن ذي حدان، عن عليّ قال: إن اللَّه سمّي على لسان نبيه إن الحرب خدعة.
واحتجوا بما فعله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب من أمره نعيم بن مسعود أن يوقع بين قريش وقريظة وفعل ما فعل، حتى فرق اللَّه شملهم على يديه، وألقى بينهم العداوة، وقلل اللَّه جمعهم بذلك وبغيره، وسيرد خبر نعيم في ذكر رسله عليهم السلام، والفرق بين الرّنو بالعين والخداع بالحرب: أن الرّنو يزرى بالرامز بخلاف الإبهام في الأمور العظام فإنه يدل على الحزم واللَّه أعلم.
[ () ] المقاتل إذا خدع مرة واحدة لم يكن لها إقالة، ومعنى الثانية: الاسم من الخداع، ومعنى الثالثة:
أراد أن الحرب تخدع الرجال، وتمنيهم، ولا تفي لهم، كما يقال: فلان رجل لعبة: إذا كان يكثر اللعب، وضحكة: إذا كان يكثر الضحك. (المرجع السابق) : 2/ 575- 576، شرح الحديث رقم (1054) .
وأخرجه مسلم في الجهاد، باب جواز الخداع في الحرب، حديث رقم (1740) ، وأخرجه أبو داود في الجهاد، باب المكر في الحرب، حديث رقم (2637) ، وإسناده صحيح.
[ (1) ]
(المصنف) : 6/ 453، باب (185) في المكر والخدعة في الحرب، حديث رقم (33650)، وحديث رقم (33651) : «إن اللَّه قضى على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم أن الحرب خدعة، وإني محارب أتكلم في الحرب، قال: ولكن إذا قلت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فو اللَّه لأن أخر من السماء أحب إليّ من أن أقول على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما لم يقل.