الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأصحابه: ليس في الغار أحد، فانصرفوا راجعين،
وخرجت إلى الإداوة فشربت منها وأخذت النعلين فلبستهما، فكنت أسير الليل وأتوارى النهار حتى جئت المدينة فوجدت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في المسجد، فلما رآني قال: أفلح الوجه، قلت: أفلح وجهك يا رسول اللَّه! فوضعت رأسه بين يديه، وأخبرته خبري، فدفع إليّ عصا، فقال: تخصر بهذه في الجنة، فإن المتحضرين في الجنة قليل، فكانت عند عبد اللَّه بن أنيس حتى إذا حضره الموت أوصى أهله أن يدرجوها في كفنه، وكان قتله في المحرم على رأس أربعة وخمسين شهرا.
وأما إخباره صلى الله عليه وسلم الحارث بن أبي ضرار بأمور فكانت كما أمره صلى الله عليه وسلم
قال ابن إسحاق [ (1) ] : وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، قالت: لم قسم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سبايا بني المصطلق وقعت جويرية بنت الحارث في السهم لثابت بن قيس بن الشماس، أو لابن عم له فكاتبته على نفسها، وكانت امرأة حلوة ملاحة، لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه فأتت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تستعينه في كتابتها، قالت عائشة: فو اللَّه ما هو إلا أن رأيتها على باب حجرتي فكرهتها: وعرفت أنه سيرى منها صلى الله عليه وسلم ما رأيت،
فدخلت عليه، فقالت: يا رسول اللَّه، أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار، سيد قومه وقد أصابني من البلاء، ما لم يخف عليك فوقعت في السهم لثابت بن قيس بن الشماس، أو لابن عم له، فكاتبته على نفسي فجئتك أستعينك على كتابتي، قال: فهل لك في خير من ذلك؟ قالت: وما هو يا رسول اللَّه؟ قال:
أقضى عنك كتابتك وأتزوجك، قالت: نعم يا رسول اللَّه، قال: قد فعلت.
قالت: وخرج الخبر إلى الناس أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد تزوج جويرية ابنة الحارث بن أبي ضرار، فقال الناس: أصهار رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأرسلوا ما
[ (1) ](السيرة النبويّة لابن هشام) : 4/ 257- 259.
بأيديهم، قالت: فلقد أعتق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق، فما أعلم امرأة كانت أعظم على قومها بركة منها.
قال ابن هشام: ويقال: لما انصرف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من غزوة بني المصطلق ومعه جويرية بنت الحارث، وكان بذات الجيش دفع جويرية إلى رجل من الأنصار وديعة، وأمره بالاحتفاظ بها، وقدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المدينة فأقبل أبوها الحارث بن أبي ضرار بفداء ابنته، فلما بالعقيق نظر إلى الإبل التي جاء بها للفداء، فرغب في بعيرين منها، فغيبهما في شعب من شعاب العقيق،
ثم أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا محمد، أصبتم ابنتي، وهذا فداؤها، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: فأين البعيران اللذان غيبتهما بالعقيق، في شعب كذا وكذا؟ فقال الحارث: أشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأنك محمد رسول اللَّه فو اللَّه ما اطلع على ذلك إلا اللَّه،
فأسلم الحارث، وأسلم معه ابنان له، وناس من قومه، وأرسل إلى البعيرين، فجاء بهما فدفع الإبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ودفعت إليه ابنته جويرية، فأسلمت، وحسن إسلامها، فخطبها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى أبيها فزوجه إياها، وأصدقها أربعمائة درهم.
قال المؤلف- رحمه الله: قد نقدمه في موضعه من هذا الكتاب الاختلاف في نكاح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جويرية هل هو بأداء ما كتبت عليه أو بغير ذلك.