الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما ظهور صدقة صلى الله عليه وسلم فيما قال لعقبة بن أبي معيط في صبيته
فخرّج البيهقيّ [ (1) ] من حديث زيد بن أبي أنيسة، عن عمرو بن مرة، عن إبراهيم قال: أراد الضحاك بن قيس أن يستعمل مسروقا، فقال له عمارة بن عقبة: عن أبي معيط تستعمل رجلا من بقايا قتله عثمان- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-،
فقال له مسروق: عن عبد اللَّه بن مسعود- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-، وكان في أنفسنا موثوق الحديث، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد قتل أبيك قال: من للصبية قال: النار، فقد رضيت لك ما رضي لك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
وقال الإمام أحمد [ (2) ] : عن فياض بن محمد الرقى، عن جعفر بن برقان، عن ثابت بن الحجاج الكلابي، عن عبد اللَّه الهمدانيّ، عن الوليد بن عقبة قال: لما فتح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مكة جعل أهل مكة يأتونه بصبيانهم، فيمسح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على رءوسهم، ويدعو لهم، فجيء بي إليه وإني مطيب بالخلوق فلم يمسح على رأسي ولم يمنعه من ذلك إلا أن أمي خلقتني بالخلوق فلم يمسني من أجل الخلوق.
قال الإمام أحمد [ (3) ] وقد روي أنه مسح يومئذ فقذره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فلم يمسه ولم يدع له الخلوق ولا يمنع من الدعاء لطفل في فعل غيره لكنه منع بركة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لسابق علم اللَّه فيه.
قال المؤلف- رحمه الله وعفى عنه-: عبد اللَّه الهمزاني على الشك أبو موسى قال ابن عدي: لا يصح حديثه، قال البخاريّ [ (4) ] : قال ابن عدي
[ (1) ](سنن البيهقيّ) : 9/ 65، كتاب السير، باب ما يفعله بالرجال البالغين منهم.
[ (2) ](مسند أحمد) : 4/ 615- 616، حديث رقم (15944) . من حديث الوليد بن عقبة بن أبي معيط- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-.
[ (3) ] راجع التعليق السابق.
وعبد اللَّه الهمدانيّ: لم ينسب ولم أعرفه إلا هكذا، وقال ابن عبد البر وأبو موسى: هذا محمول والحديث منكر مضطرب لا يصح، ولا يمكن أن يكون من بعث مصدقا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم صبيا يوم الفتح، ويدل أيضا على فساد ما رواه أبو موسى مجهول، إن الزبير وغيره من أهل العلم اليسير والخبر، ذكروا أن الوليد وعمارة ابني عقبة خرجا ليردا أختهما أم كلثوم عن الهجرة وكانت هجرتها في الهدنة بين النبي صلى الله عليه وسلم، وبين أهل مكة ومن كان غلاما مخلقا يوم الفتح يجيء منه مثل هذا وذلك واضح والحمد للَّه.
[ () ](4)(جامع الأصول) : 4/ 746، حديث رقم (2879) ، أخرجه أبو داود رقم (4181) في الترجل، باب في الخلوق للرجال، ومن حديث جعفر بن برقان، عن ثابت بن الحجاج، عن عبد اللَّه الهمدانيّ، عن الوليد بن عقبة، وقال فيه غيره: عن أبي موسى الهمدانيّ، عن الوليد ابن عقبة، ويقال: الهمدانيّ، قاله جعفر بن برقان، عن ثابت بن الحجاج، ولا يصح حديثه. وقال الحافظ أبو القاسم الدمشقيّ: إن عبد اللَّه الهمدانيّ هو أبو موسى. وقال الحاكم أبو أحمد: الكرابيسي وليس يعرف أبو موسى الهمدانيّ، ولا عبد اللَّه الهمدانيّ، وقد خولف في هذا الإسناد. وقال ابن أبي خثيمة: أبو موسى الهمدانيّ اسمه عبد اللَّه، وهذا حديث مضطرب الإسناد، ولا يستقيم عن أصحاب التواريخ أن الوليد بن عقبة كان يوم فتح مكة صغيرا، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه ساعيا إلى بني المصطلق، وشكته زوجته إلى النبي صلى الله عليه وسلم وروي أنه قدم في فداء من أسر يوم بدر.
وقال أبو عمر النمري: وهذا الحديث رواه جعفر بن برقان، عن ثابت بن الحجاج، عن أبي موسى الهمدانيّ، ويقال: الهمدانيّ، كذلك ذكره البخاريّ على الشك، عن الوليد بن عقبة.
قالوا: وأبو موسى هذا مجهول، والحديث منكر مضطرب لا يصح، ولا يمكن أن يكون من بعث مصدقا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم صبيا يوم الفتح، وبدل على فساد ما رواه أبو موسى المجهول:
أن الزبير بن بكار وغيره ذكروا أن الوليد وعمارة ابني عقبة خرجا ليردا أختهما أم كلثوم عن الهجرة، وكانت هجرتها في الهدنة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة. ومن كان غلاما مخلقا يوم الفتح ليس يجيء منه مثل هذا، ثم قال: وله أخبار فيها نكارة وشناعة. وقال الحافظ ابن حجر في (التقريب) : عبد اللَّه الهمدانيّ أو أبو موسى مجهول، وخبره منكر، قاله ابن عبد البر.
وقال عبد الرزاق [ (1) ] : عن معمر، عن قتادة في قوله- تعالى- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا [ (2) ] قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم الوليد بن عقبة إلى بنى المصطلق، فأتاهم الوليد بن عقبة فخرجوا يتلقونه، ففرقهم فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ارتدوا، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد، فلما دنا منهم، بعث عيونا ليلا فإذا هم يصلون وينادون فأتاهم خالد، فلم ير منهم إلا طاعة وخيرا، فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأنزل اللَّه الآية- وقال ابن عبد البر: ولا خلاف بين أهل العلم بتأويل القرآن فيما علمت أن قوله- عز وجل إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ نزلت في الوليد بن عقبة وذكر ذلك عن مجاهد وقتادة وابن أبي ليلى.
ومن حديث الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: نزلت في علي بن أبي طالب والوليد بن عقبة في قصة ذكرها أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ [ (3) ] .
قال ابن عبد البر [ (4) ] : وكان الأصمعي وأبو عبيدة وابن الكلبي وغيرهم يقولون: كان الوليد بن عقبة فاسقا شريب خمر وكان شاعرا كريما [تجاوز اللَّه عنا وعنه] قال أبو عمر بن عبد البر: أخباره في شرب الخمر ومنادمته أبا زبيد الطائي كثيرة مشهورة يسمج بنا ذكرها هنا، وله أخبار فيها نكارة وشناعة بقطع على سوء حاله، وقبح أفعاله، غفر اللَّه لنا وله، فلقد كان من رجالات قريش ظرفا وحلما وشجاعة وأدبا وكان من الشعراء المطبوعين، وتذكر منها طرفا: ذكر عمر بن شبة قال: عن هارون بن معروف عن ضمرة بن ربيعة عن ابن شوذب قال: صلى الوليد [ابن عقبة] بأهل الكوفة الصبح أربع ركعات، ثم التفت إليهم فقال: أزيدكم؟ فقال عبد اللَّه بن مسعود: ما زلنا معك في زيادة منذ اليوم.
[ (1) ](تفسير عبد الرزاق) : 2/ 188، تفسير سورة الحجرات، مسألة رقم (2929) .
[ (2) ] الحجرات: 6.
[ (3) ] السجدة: 18.
[ (4) ](الإستيعاب) : 4/ 1552- 1557، ترجمة رقم (2721) .
قال: وحدثنا محمد بن حميد، عن جرير، عن الأجلح، عن الشعبي في حديث الوليد بن عقبة حين شهدوا عليه فقال الخطيئة: في ذلك:
شهد الخطيئة يوم يلقي ربه
…
أن الوليد أحق بالغدر
نادي وقد تمت صلاتهم
…
أأزيدكم سكرا وما يدري
فأبوا أبا وهب ولو أذنوا
…
لقرنت بين الشفع والوتر
كفّوا عنانك إذ جريت ولو
…
تركوا عنانك لم تزل تجري
وقال أيضا:
تكلم في الصلاة وزاد فيها
…
علانية وجاهر بالنفاق
ومج الخمر في سنن المصلي
…
ونادي والجميع إلى افتراق
أزيدكم على أن تحمدوني
…
فما لكم وما لي من خلاق
قال ابن عبد البر: وخبر صلاته بهم وهو سكران، وقوله لهم: أزيدكم بعد أن صلى الصبح أربعا، مشهورة من رواية الثقات من نقل أهل الحديث وأهل الإخبار.
وقد روى فيما ذكر الطبري: أنه تعصب عليه قوم من أهل الكوفة بغيا وحسدا وشهدوا عليه زورا أنه تقيأ الخمر، وذكر القصة، قال ابن عبد البر:
وهذا الخبر من نقل أهل الأخبار لا يصح عند أهل الحديث: ولا له عند أهل العلم أصل، والصحيح عندهم في ذلك ما رواه عبد العزيز بن المختار وسعيد بن أبي عروبة، عن عبد اللَّه الداناج، عن حصين بن المنذر أبي ساسان، أنه ركب إلى عثمان فأخبره بقصة الوليد، وقدم على عثمان رجلان فشهدا عليه بشرب الخمر، وأنه صلى صلاة الغداة بالكوفة أربعا، ثم قال:
أزيدكم؟ فقال أحدهما: رأيته يشربها، وقال الآخر: رأيته يتقيأها، فقال عثمان: إنه لم يتقيأها حتى شربها. وقال لعلي: أقم عليه الحد،
فقال عليّ لابن أخيه عبد اللَّه بن جعفر أقم عبد اللَّه بن جعفر أقم عليه الحد، فأخذ السوط، فجلده وعثمان يعد، حتى بلغ أربعين، فقال عليّ: أمسك، جلد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الخمر أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، وجلد عمر ثمانين، وكل سنة.
قال ابن عبد البر: وكان معاوية لا يرضاه، وهو الّذي حرضه على قتال عليّ، فرب حريص محروم.