الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما وحي اللَّه تعالى بما قالته الأنصار يوم فتح مكة لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
فخرّج مسلم من حديث سفيان بن فروخ، قال: حدثنا سليمان بن المغيرة قال ثابت البناني: عن عبد اللَّه بن رباح، عن أبي هريرة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قال: وفدت وفود إلى معاوية وذلك في رمضان، فكان يصنع بعضنا لبعض الطعام، وكان أبو هريرة مما يكثر أن يدعونا إلى رحلة، فقلت:
إلا أضع طعاما فأدعوهم إلى رحلي، قال: فأمرت بطعام يصنع، ثم لقيت أبا هريرة من العشي، فقلت: الدعوة عندي الليلة، فقال: سبقتني؟ فقلت: نعم، فدعوتهم، فقال أبو هريرة: ألا أعلمكم بحديث من حديثكم يا معشر الأنصار؟
ثم ذكر فتح مكة، فقال: أقبل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى قدم مكة، فبعث الزبير على إحدى المجنبتين، وبعث خالدا على المجنبة الأخرى وبعث أبا عبيدة أبا عبيدة على الحسر فأخذوا بطن الوادي ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في كتيبة قال: فنظر فرآني فقال: أبو هريرة قلت: نعم لبيك يا رسول اللَّه، فقال: لا يأتيني إلا أنصاري.
زاد غير شيبان فقال: اهتف لي بالأنصار قال: فأطافوا به ووبشت قريش أوباشا وأتباعا فقالوا: نقدم هؤلاء فإن كان لهم شيء كنا معهم، وإن أصيبوا أعطينا الّذي سئلنا، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ترون إلى أوباش قريش وأتباعهم، ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى، ثم قال: حتى توافوني بالصفا، قال: فانطلقنا فما شاء أحد منا يقتل أحد إلا قتله، وما أحد منا يوجه إلينا شيئا، قال: فجاء أبو سفيان فقال يا رسول اللَّه: أبيحت خضراء قريش، لا قريش بعد اليوم، ثم قال: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، فقالت الأنصار بعضهم لبعض: أما الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته.
قال أبو هريرة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-: وجاء الوحي وكان إذا جاء الوحي، لا يخفى علينا، فإذا جاء فليس أحد يرفع طرفه إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى ينقضي الحي فلما انقضى الوحي قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يا معشر الأنصار قالوا: لبيك يا رسول اللَّه، قال: قلتم: أما الرجل فأدركته رغبة في قريته، قالوا: قد كان ذاك قال: كلا إني عبد اللَّه ورسوله، هاجرت إلى اللَّه
وإليكم، والمحيا محياكم، والممات مماتكم، فأقبلوا الليلة يبكون ويقولون: واللَّه ما قلنا الّذي قلنا إلا الضن باللَّه ورسوله، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إن اللَّه ورسوله يصدقانكم ويعذر انكم، قال: فأقبل الناس إلى دار أبي سفيان، وأغلق الناس أبوابهم، قال: وأقبل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى أقبل إلى الحجر فاستلمه، ثم طاف بالبيت، قال: فإنّي على صنم إلى جنب البيت كانوا يعبدونه، وفي يد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قوس وهو آخذ بسية القوس، فلما أتى على الصنم جعل يطعنه في عينه ويقول: جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ فلما فرغ من طوافه أتى الصفا فعلى عليه حتى نظر إلى البيت ورفع يده فجعل يحمد اللَّه ويدعو بما شاء اللَّه أن يدعو [ (1) ] .
قال: وحدثنيه عبد اللَّه بن هاشم قال: عن بهز، عن سليمان بن المغيرة بهذا الإسناد وزاد في الحديث، ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى: أحصدوهم حصدا، وقال في الحديث قالوا: قلنا ذاك يا رسول اللَّه قال: فما اسمى إذا كلا إني عبد اللَّه ورسوله [ (2) ] .
وخرّجه من طريق يحيى بن حسان، قال حماد بن سلمة: قال: حدثنا ثابت، عن عبد اللَّه بن رباح قال: وفدنا إلى معاوية بن أبي سفيان وفينا أبو هريرة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- فكان كل رجل منا يصنع طعاما يوما لأصحابه فكانت نوبتي، فقلت: يا أبا هريرة اليوم نوبتي، فجاءوا إلى المنزل ولم يدرك طعامنا، فقلت: يا أبا هريرة لو حدثنا عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى يدرك طعامنا، فقال: كنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم الفتح فجعل خالد بن الوليد على المجنبة اليمني، وجعل الزبير على المجنبة اليسرى، وجعل أبو عبيد على البياذقة وبطن الوادي، فقال: يا أبا هريرة أدع لي الأنصار، فدعوتهم، فجاءوا يهرولون، فقال يا معشر الأنصار هل ترون أوباش قريش؟ قالوا: نعم، قال: انظروا إذا لقيتموهم غدا أن تحصدوهم حصدا، وأخفى بيده ووضع يمينه
[ (1) ](مسلم بشرح النووي) : 12/ 368- 372، كتاب الجهاد والسير، باب فتح مكة، حديث رقم (84) .
[ (2) ](المرجع السابق) : حديث رقم (85) .
على شماله وقال: موعدكم الصفا، قال: فما أشرف يومئذ لهم أحد إلا أناموه، قال: وصعد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الصفا، وجاءت الأنصار فأطافوا بالصفا، فجاء أبو سفيان فقال: يا رسول اللَّه أبيدت خضراء قريش، لا قريش بعد اليوم.
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن، فقالت الأنصار: أما الرجل فقد أخذته رأفة بعشيرته، ورغبة في قريته، ألا فما اسمى إذا، ثلاث مرات، أنا محمد عبد اللَّه ورسوله، هاجرت إلى اللَّه وإليكم، فالمحيا محياكم، والممات مماتكم، قالوا: واللَّه ما قلنا إلا ضنا باللَّه ورسوله، قال: فإن اللَّه ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم [ (1) ] .
[ (1) ](المرجع السابق) : حديث رقم (86) .