الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللَّه صلى الله عليه وسلم فحكم أن تقتل رجالهم، وتسبي نساؤهم، وذراريهم، يستعين بهم المسلمون، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يا سعد: أصبت حكم اللَّه فيهم، وكانوا أربع مائة، فلما فرغ من قتلهم انفتق عرقه، فمات- رحمه الله[ (1) ] .
وأما إسلام ثعلبة وأسيد بني سعية وأسد بن عبيد وما في ذلك من آثار النبوة
فخرج البيهقيّ من طريق جرير بن حازم، عن طريق محمد بن إسحاق قال: حدثني عاصم بن عمر عن شيخ من بنى قريظة قال: قدم علينا من الشام رجل يهودي يقال له: ابن الهيبان، واللَّه ما رأينا رجلا قط خيرا منه، فأقام [ (2) ] بين أظهرنا، وكنا نقول له إذا احتبس المطر: استسق لنا، فيقول: لا واللَّه، حتى تخرجوا أمام مخرجكم صدقة. فيقولون [ (3) ] : ماذا؟ فيقول: صاع [ (4) ] من تمر أو مد من شعير، فنفعل [ (5) ] ، فيخرج بنا إلى ظاهر حرّينا، فو اللَّه ما يبرح مجلسه حتى تمر بنا الشعاب تسيل، قد فعل ذلك غير مرة، ولا مرتين، فلما حضرته الوفاة قال: يا معشر يهود أما ترونه أخرجني من أرض الخمر والخمير إلى أرض البؤس والجوع! قلنا: أنت أعلم، قال: أخرجني نبي
[ (1) ](دلائل البيهقي) : 4/ 27- 28، دعاء سعد بن معاذ- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- في جراحته، وإجابة اللَّه- تعالى- إياه في دعوته، وما ظهر في ذلك من كرامته.
وأخرجه الترمذي في كتاب السير، باب (29) ما جاء في النزول على الحكم، حديث رقم (1582) والإمام أحمد في (المسند) : 4/ 314- 315، حديث رقم (14359) .
[ (2) ] في (الأصل) : «فقام» ، وما أثبتناه من (دلائل البيهقي) .
[ (3) ] في (الأصل) : «فنقول» ، وما أثبتناه من (دلائل البيهقي) .
[ (4) ] في (الأصل) : «صاعا» ، وما أثبتناه من (دلائل البيهقي) .
[ (5) ] في (الأصل) : «فنخرج» ، وما أثبتناه من (دلائل البيهقي) .
أتوقعه يبعث الآن فهذه البلدة مهاجره، وأنه يبعث بسفك الدماء، وسبي الذرية، فلا يمنعنكم ذلك منه، ولا تسبقن إليه، ثم مات [ (1) ] .
وخرّج من طريق يونس، عن ابن إسحاق قال: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن شيخ من بنى قريظة أنه قال: هل تدري عما كان إسلام ثعلبة، وأسيد ابني سعية، وأسد بن عبيد نفر من هزل لم يكونوا من بني قريظة، ولا نضير، كانوا فوق ذلك، فقلت: لا، قال: فإنه قدم علينا رجل من الشام من يهود يقال له ابن الهيبان.
فذكر القصة بمعنى رواية جرير، وزاد قال: فلما كان تلك الليلة التي افتتحت فيها قريظة، قال: أولئك الفتية الثلاثة، وكانوا شبابا أحداثا يا معشر يهود هذا الّذي كان ذكر لكم ابن الهيبان، قالوا: ما هو؟ قال: بلى إنه لهو يا معشر يهود هذا يهود، إنه واللَّه بصفته، ثم نزلوا، وخلوا أموالهم، وأولادهم، وأهاليهم، قالوا: وكانت أموالهم في الحصن مع المشركين، فلما فتح رد ذلك عليهم [ (2) ] .
وقال الواقدي في (مغازيه)[ (3) ] : فحدثني صالح بن جعفر، عن محمد بن عقبة، عن ثعلبة بن أبي مالك قال: قال ثعلبة، وأسيد ابنا سعيّة، وأسيد بن عبيد عمهم: يا معشر بني قريظة، واللَّه إنكم لتعلمون أنه رسول اللَّه، وأن صفته عندنا، حدثنا بها علماؤنا، وعلماء بنى النضير، هذا أولهم يعني حييّ بن أخطب مع جبير بن الهيبان أصدق الناس عندنا، هو خبّرنا بصفته عند موته. قالوا: لا نفارق التوراة، فلما رأى هؤلاء النفر إباءهم نزلوا في الليلة التي في صبحها نزل بنو قريظة [ (4) ] ، فأسلموا فأمنوا على أنفسهم وأهلهم وأموالهم.
[ (1) ](دلائل البيهقي) : 4/ 31.
[ (2) ](المرجع السابق) : 4/ 32.
[ (3) ](مغازي الواقدي) : 2/ 503.
[ (4) ] في (المغازي) : «نزلت بنو قريظة» وما أثبتناه من (الأصل) .
وقال أبو عمر بن عبد البر [ (1) ] : أسيد بن سعية القرظي من بني قريظة أسلم وأحرز ماله، وحسن إسلامه.
وذكر من طريق يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق قال: حدثني محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو سعيد بن جبير، عن ابن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- قال: لما أسلم عبد اللَّه بن سلام وثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية وأسيد بن عبيد، ومن أسلم من يهود فآمنوا وصدقوا ورغبوا في الإسلام قالت أخبار يهود: ما أتى محمد إلا شرارنا، فأنزل اللَّه- عز وجل:
لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ* يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ
…
وَأُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ [ (2) ] .
وذكر الطبري عن ابن حميد، عن سلمة [بن الفضل]، عن ابن إسحاق قال: ثم إن ثعلبة بن سعية، وأسيد بن سعية، وأسد بن عبيد وهم من بني هذيل ليسوا من بني قريظة ولا النضير نسبهم فوق ذلك، وهم بنوا عم القوم، أسلموا تلك الليلة التي نزلت فيها قريظة على حكم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
وقال البخاريّ توفي أسيد بن سعية ثعلبة بن سعية في حياة النبي صلى الله عليه وسلم [ (3) ] .
[ (1) ](الاستيعاب) : 1/ 96، ترجمة رقم (59) : أسيد بن سعية، ويقال: أسيد- بالفتح بن سعية أو شعبة- بن عريب القرظيّ. قال إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق: أسيد بالضم، وقال يونس بن بكير أسيد بالفتح، وقال الدار الدّارقطنيّ: بالفتح الصواب. وقد قيل: سعية، وسعة، وسعية بالياء أكثر، نزل هو وأخوه ثعلبة بن سعية في الليلة التي في صبيحتها نزل بنو قريظة على حكم سعد بن معاذ، ونزل معهما أسد بن عبيد القرظيّ فأسلموا، وأحرزوا دمائهم وأموالهم.
[ (2) ] آل عمران: 113.
[ (3) ](الاستيعاب) : 1/ 96- 97، ترجمة رقم (60) .