الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما إنذاره عثمان بن عفان رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه بالبلوى التي أصابته فقتل فيها
خرّج البخاريّ [ (1) ] ومسلم [ (2) ] من حديث سليمان بن بلال، عن شريك بن أبي نمر، عن سعيد بن المسيب قال: أخبرنى أبو موسى الأشعريّ- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- أنه توضأ في بيته، ثم خرج، فقلت: لألزمنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ولأكوننّ معه يومي هذا، قال: فجاء المسجد فسأل عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: خرج ووجه هاهنا.
قال: فخرجت على إثره أسأل عنه حتى دخل بئر أريس، قال: فجلست عند الباب- وبابها من جريد- حتى قضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حاجته، وتوضأ، فقمت إليه فإذا هو قد جلس على بئر أريس وتوسط قفها، وكشف عن ساقيه، ودلاهما في البئر، قال: فسلمت عليه، ثم انصرفت، فجلست عند الباب، فقلت: لأكونن بواب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم اليوم، فجاء أبو بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-، فدفع الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: أبو بكر، فقلت: على رسلك،
قال: فذهبت، فقلت: يا رسول اللَّه هذا أبو بكر يستأذن، قال: ائذن له وبشره بالجنة.
قال: فأقبلت حتى قلت لأبى بكر: ادخل ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يبشرك بالجنة، قال: فدخل أبو بكر، فجلس عن يمين رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في القف، ودلى رجليه في البئر كما صنع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وكشف عن ساقيه، ثم رجعت فجلست، وقد تركت أخي يتوضأ ويلحقني، فقلت: إن يرد اللَّه بفلان يريد أخاه خيرا يأت
[ (1) ](فتح الباري) : 7/ 25، كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب (5) قول النبي صلى الله عليه وسلم: لو كنت متخذا خليلا، حديث رقم (3674) . وأخرجه أيضا في كتاب الأدب، باب (119) من نكت العود في الماء والطين، حديث رقم (6216) .
[ (2) ](مسلم بشرح النووي) : 15/ 180- 181، كتاب فضائل الصحابة، باب (3) من فضائل عثمان بن عفان- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-، حديث رقم (29) .
به، فإذا إنسان يحرك الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: عمر بن الخطاب فقلت:
على رسلك، ثم جئت إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فسلمت عليه، وقلت: هذا عمر يستأذن، فقال: ائذن له وبشره بالجنة، فجئت عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-، فقلت له ادخل ويبشرك رسول اللَّه بالجنة، قال: فدخل، فجلس مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في القف عن يساره، ودلى رجليه في البئر، ثم رجعت فجلست، فقلت: إن يرد اللَّه بفلان خيرا يعنى أخاه يأت به، فجاء إنسان فحرك الباب، فقلت: من هذا؟ فقال عثمان بن عفان، فقلت: على رسلك، قال: وجئت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: ائذن له وبشره بالجنة مع بلوى تصيبه.
وقال البخاريّ: على بلوى تصيبه، قال: فجئت، فقلت: ادخل ويبشرك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالجنة مع بلوى تصيبك، قال: فدخل، فوجد القفّ قد مليء، فجلس، وجاههم من الشقّ الآخر، قال شريك: قال سعيد بن المسيب: فأولتها قبورهم [ (1) ] ، ذكره البخاريّ في مناقب أبي بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-.
وخرّجه مسلم [ (2) ] من حديث سليمان بن بلال، قال: أخبرني شريك بن عبد اللَّه بن أبي نمر قال: سمعت سعيد بن المسيب بنحوه أو قريب منه.
وخرّجاه من حديث محمد بن جعفر بن أبي كثير، عن شريك، وخرجاه أيضا من حديث عثمان بن غياث، قال: حدثني أبو النهدي، عن أبي موسى، ومن حديث حماد، عن أيوب، عن أبي عثمان النهديّ [ (3) ] .
وخرّجه الترمذيّ [ (4) ] من طريق حماد به، وقال: هذا حديث صحيح، وقد روى من غير وجه، عن أبي عثمان النهديّ، وقال الحافظ أبو القاسم بن
[ (1) ] هذه رواية مسلم، والقف: حافة البئر. رقم (29) .
[ (2) ](المرجع السابق) : الحديث الّذي قبل الحديث رقم (9) بدون رقم.
[ (3) ](المرجع السابق) : الحديث الّذي قبل الحديث رقم (29) بدون رقم.
[ (4) ](سنن الترمذيّ) : 5/ 589- 590، كتاب المناقب، باب (19) ، مناقب عثمان بن عفان- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-، حديث رقم (3710)، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وقد روى من غير وجه عن أبي عثمان النهديّ، وفي الباب عن جابر وابن عمران- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما-.
عساكر: والحديث محفوظ من مسند أبي موسى، رواه عن صفية، وسعيد بن المسيب، وأبو عثمان النهديّ وابنه أبو بردة.
وخرّجه البيهقيّ [ (1) ] من طريق عبد الأعلى بن أبي المساور، عن إبراهيم بن محمد بن حاطب، عن عبد الرحمن بن بجير، عن زيد بن أرقم قال: بعثني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال: انطلق حتى تأتي أبا بكر، فتجده في داره جالسا محتبيا، فقل: إن النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ عليك السلام، ويقول لك: أبشر بالجنة، ثم انطلق حتى تأتي الثنية، فتلقى عمر راكبا على حمار تلوح صلعته، فقل إن النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ عليك السلام، ويقول: أبشر بالجنة، ثم انصرف حتى تأتي عثمان فتجده في السوق، وهو يبيع ويبتاع، فقل: إن النبي يقرأ عليك السلام، ويقول: أبشر بالجنة بعد بلاء شديد، قال: فانطلقت حتى أتيت أبا بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- فوجدته في داره جالسا محتبيا كما قال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقلت:
إن نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم يقرأ عليك السلام، ويقول: أبشر بالجنة، قال: فأين رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قلت: في مكان كذا وكذا قال: فقام، فانطلق إليه، قال: ثم أتيت الثنية، فإذا عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- راكب على حمار [ (2) ] تلوح صلعته كما قال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: فقلت: إن نبي اللَّه يقرأ عليك السلام ويقول أبشر بالجنة، قال: فأين رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ فقلت: في مكان كذا وكذا، فانطلق له قال: ثم انطلقت إلى السوق فأجد عثمان- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- فيها يبيع ويبتاع كما قال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: فقلت: إن نبي اللَّه يقرأ عليك السلام ويقول أبشر بالجنة بعد بلاء شديد، قال: فأين رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: فقلت:
في مكان كذا وكذا، قال: فأخذ بيدي وأقبلنا جميعا حتى أتينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال: يا نبيّ اللَّه إن زيدا أتاني فقال: إن نبي اللَّه يقرأ عليك السلام ويقول:
[ (1) ](دلائل البيهقي) : 6/ 389- 390، باب ما جاء في إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بالبلوى التي أصابت عثمان بن عفان- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- والفتنة التي ظهرت في أيامه، والعلامة التي دلت على قبره وقبر صاحبيه- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما-.
[ (2) ] كذا في (الأصل)، وفي (دلائل البيهقيّ) :«على جمله» ، وما أثبتناه أجود للسياق، وهو مطابق لصدر الحديث.
أبشر بالجنة بعد بلاء شديد! وأي بلاء يصيبني يا رسول اللَّه؟ والّذي بعثك بالحق ما تغنيت ولا تمنيت ولا مسست ذكري بيميني منذ بايعتك، فأيّ بلاء يصيبني؟ فقال: هو ذاك.
قال البيهقيّ: عبد الأعلى [ (1) ] بن أبي المساور ضعيف في الحديث، فإن كان حفظ هذا فيحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم بعث زيد بن أرقم وأبو موسى لم يعلمه فقعد على الباب، فلما جاءوا راسلهم على لسان أبي موسى بمثل ذلك.
قال المؤلف- رحمه الله وعفى عنه- قد خرّج ابن عساكر حديث البئر من طريق بكر بن المختار ومن طريق عبد الأعلى عن أبي المساور وكلاهما عن المختار بن فلفل، عن أنس بن مالك- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-.
ومن طريق المبارك بن فلفل أخي المختار عن أنس، ومن طريق أبي معاوية، عن عمرو بن سلمة، عن أبي حازم، عن أنس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-.
وخرّج معناه من حديث إسماعيل بن قيس، عن أبيه قيس بن زيد بن ثابت، ومن حديث زيد بن أبي أنيسة، عن محمد بن عبد اللَّه، عن المطلب، عن أبي هريرة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-.
وخرّج البيهقيّ [ (2) ] من من حديث يحيى بن سعيد القطان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن أبي سهلة مولى عثمان بن عفان، عن عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: ادع لي أو ليت عندي رجل من أصحابي، قالت: قلت: أبو بكر؟ قال: لا، قالت:
[ (1) ] عبد الأعلى بن أبي المساور، قال البخاريّ: منكر الحديث، وقال يحيى بن معين وأبو داود:
ليس بشيء، وقال النسائي: متروك، وقال الدار الدّارقطنيّ: متروك، وذكره العقيلي في (الضعفاء الكبير)، وابن حبان في (المجروحين) وقال: كان ممن يروي عن الأثبات ما لا يشبه حديث الثقات حتى إذا سمعها المبتدئ في هذه الصناعة علم أنها معمولة.
وهو الّذي روي عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: من أتى منكم الجمعة فليغتسل فإنه كفارة من الجمعة إلى الجمعة.
[ (2) ](المرجع السابق) : 391.
قلت: عمر؟ قال: لا، قلت: ابن عمك علي؟ قال: لا، قلت: فعثمان؟ قال:
نعم، قال: فجاء عثمان- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- فقال: قومي، قال:
فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يسر إلى عثمان ولون عثمان يتغير، فلما كان يوم الدار [ (1) ] قلنا:
ألا تقاتل؟ قال: لا، إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عهد إليّ أمرا فأنا صابر نفسي عليه [ (2) ] .
وخرّجه الترمذيّ من حديث يحيى بن سعيد، عن إسماعيل بن خالد، عن قيس [بن أبي حازم] حدثني أبو سهلة قال: قال عثمان يوم الدار: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد عهد إليّ عهدا فأنا صابر عليه.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث إسماعيل بن أبي خالد [ (3) ] .
وللبيهقي من حديث إسماعيل بن جعفر، عن عمرو بن أبي عمر مولى المطلب [ (4) ]، عن حذيفة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم «لا تقوم الساعة حتى تقتلوا إمامكم وتجتلدوا بأسيافكم ويرث دنياكم شراركم» [ (5) ] .
وقد خرّجه أبو عيسى من حديث عبد العزيز بن محمد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عبد اللَّه وهو ابن عبد الرحمن الأنصاري الأشهليّ، عن حذيفة بن اليمان أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بمثله،
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن إنما نعرفه من حديث عمرو بن أبي عمرو [ (6) ] .
[ (1) ] الدار التي حصر فيها عثمان- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-.
[ (2) ] وأخرجه الإمام أحمد في (المسند) ، حديث رقم (409)، من مسند عثمان بن عفان- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- وقال قيس: فكانوا يرونه ذلك اليوم أي يوم الدار.
[ (3) ](سنن الترمذيّ) : 5/ 590، كتاب المناقب، باب (19) من مناقب عثمان بن عفان- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-، حديث رقم (3711) . وأخرجه ابن ماجة في المقدمة، حديث رقم (113) .
[ (4) ] في (دلائل البيهقيّ) : «عبد المطلب- هكذا قال أبو داود- عن حذيفة» .
[ (5) ](دلائل البيهقيّ) : 6/ 319.
[ (6) ](سنن الترمذيّ) : 4/ 407، كتاب الفتن، باب (9) ما جاء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حديث رقم (2170) . وأخرجه ابن ماجة في (السنن) : 2/ 1342، كتاب الفتن،
وخرج البيهقيّ من طريق عبد اللَّه بن الحكم [المصري] وشعيب بن الليث، قالا: حدثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن ربيعة بن لقيط التجيبيّ، عن عبد اللَّه بن حوالة [الأسديّ]، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: من نجا من ثلاث فقد نجا، قالوا: ماذا يا رسول اللَّه؟ قال: موتى، وقتل خليفة مصطبر بالحق يعطيه، ومن الدجال [ (1) ] .
وخرّج الترمذيّ من طريق حجين بن المثنى، عن الليث بن سعد، عن معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن عبد الملك بن عامر، عن النعمان بن بشير، عن عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا عثمان إنه لعل اللَّه يقمّصك قميصا، فإن أرادوك على خلعه فلا تخلعه لهم.
قال: وفي الحديث قصة طويلة. قال: هذا حديث حسن غريب [ (2) ] .
وخرّجه البيهقيّ من حديث عبد اللَّه بن صالح قال: حدثني الليث قال:
حدثني خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن ربيعة بن سيف أنه حدثه أنه جلس يوما مع شفيّ الأصبحي فقال: سمعت عبد اللَّه بن عمرو- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- يقول: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: سيكون فيكم اثنا عشر خليفة:
أبو بكر الصديق لا يلبث خلفي [ (3) ] إلا قليلا، وصاحب رحى دار العرب يعيش حميدا ويموت شهيدا، فقال رجل: يا رسول اللَّه! ومن هو؟ قال:
عمر بن الخطاب، ثم التفت إلى عثمان فقال: وأنت يسألك الناس أن تخلع
[ () ] باب (25) أشراط الساعة، حديث رقم (4043)، وأخرجه الإمام أحمد في (المسند) :
6/ 537، حديث رقم (22791) ، من حديث حذيفة بن اليمان.
[ (1) ](سنن البيهقيّ) : 6/ 392.
[ (2) ](سنن الترمذيّ) : 5/ 587، كتاب المناقب، باب (19) في مناقب عثمان بن عفان- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- حديث رقم (3705) .
[ (3) ] في (الأصل) : «بعدي» وما أثبتناه من (دلائل البيهقيّ) .
قميصا كساكه اللَّه- عز وجل والّذي بعثني بالحق لئن خلعته لا تدخل الجنة حتى بلج الجمل في سمّ الخياط [ (1) ] .
وخرّجه الطبراني من طريق بقية عن صفوان بن عمرو بن يزيد عن النعمان بن بشير قال: حججت فأتيت عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- فقالت: من أنت فقلت أنا النعمان فقالت ابن بشير؟ فقلت: نعم
فقال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال يوما لعثمان: إن كساك اللَّه ثوبا فأرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه.
قال النعمان: فقلت: غفر اللَّه لك يا أم المؤمنين ألا ذكرت هذا حين جعلوا يختلفون إليك؟ فقالت فقلت: أنسيته حتى بلغ اللَّه فيه أمره.
وخرّجه الإمام أحمد من طريق الوليد بن سليمان قال: حدثني ربيعة بن يزيد عن عبد اللَّه بن عامر، عن النعمان بن بشير، عن عائشة قالت: أرسل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن عفان فأقبل عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فلما رأينا رسول اللَّه أقبلت إحدانا على الأخرى فكان من آخر كلام كلمه، أن ضرب منكبه وقال: يا عثمان إن اللَّه- عز وجل عسى أن يلبسك قميصا فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني ثلاثا
فقلت لها: يا أم المؤمنين فأين كان هذا عنك؟ قالت: أنسيته واللَّه فما ذكرته، قال فأخبرته معاوية بن أبي سفيان فلم يرض بما أخبرته حتى كتب إلى أم المؤمنين، أن اكتبى إليّ به، فكتبت به إليه كتابا [ (2) ] .
قال المؤلف- رحمه الله ورواه فرج بن فضالة عن محمد بن الوليد الزبيدي، عن الزهريّ، عن عروة عن عائشة.
[ (1) ](دلائل البيهقيّ) : 6/ 392- 393، وسمّ الخياط: خرق الإبرة، وهو كناية على الاستحالة، اقتباسا من قوله- تعالى-: إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ [الأعراف: 40] .
[ (2) ](مسند أحمد) : 7/ 126- 127، حديث رقم (24045) ، من حديث السيدة عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها-.
ورواه محمد بن عبد الأعلى بن كناسة الأسدي أبو يحيى، عن إسحاق بن سعيد، عن عمرو بن سعيد بن العاص، عن ابنه قال: بلغني أن عائشة قالت:
ورواه عبد الرحمن بن أبي الزناد، وحماد بن سلمة كلاهما عن هشام بن عروة، عن ابنه، عن عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها-.
ورواه يحيى بن سعيد عن إسماعيل، عن قيس، عن أبي سلمة، عن عائشة.
ورواه أبو معاوية محمد بن حازم الضرير، عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم، عن أبي سهلة، عن عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها-.
ورواه سفيان بن عيينة وزيد بن أبي أنيسة، عن إسماعيل بن أبي خالد، فجعله من مسند عثمان.
وخرّج الإمام أحمد [ (1) ] من حديث أرطاة بن المنذر، أخبرني أبو عون الأنصاري أن عثمان بن عفان قال لابن مسعود: هل أنت منته عما بلغني عنك؟
فاعتذر إليه بعض العذر، فقال عثمان: ويحك! إني قد سمعت وحفظت وليس كما سمعت أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: إنه سيقتل أمير وينتزى منتز
وإني أنا المقتول، وليس عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- إنما قتل عمر واحد وإنه يجتمع عليّ.
وقال موسى بن عقبة [ (2) ] : حدثني جدي أبو أمي أبو حبيبة أنه دخل الدار وعثمان- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- محصور فيها، وأنه سمع أبا هريرة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- يستأذن عثمان- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- في الكلام، فأذن له، فقام فحمد اللَّه وأثنى عليه، ثم قال: إني سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: إنكم ستلقون بعدي فتنة، واختلافا، أو قال: اختلافا وفتنة، فقال قائل من الناس: فمن لنا يا رسول اللَّه؟ أو ما تأمرنا به؟ قال:
[ (1) ](مسند أحمد) : 1/ 107، حديث رقم (481) ، من مسند عثمان بن عفان- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-.
[ (2) ](دلائل البيهقيّ) : 6/ 393.
عليكم بالأمين، وأصحابه، وهو يشير إلى عثمان- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- بذلك.
وقال يعقوب بن سفيان عن عبيد اللَّه بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن منصور عن ربعيّ بن خراش عن البراء بن ناجية الكاهليّ، عن ابن مسعود- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: تدور رحى الإسلام عند رأس خمس، أو ست وثلاثين، أو سبع وثلاثين، فإن يهلكوا فسبيل من هلك، وإلا تروحى عنهم سبعين سنة، فقال عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-: أمن هذا؟ أو من مستقبله؟ قال: من مستقبله. قال البيهقيّ:
تابعه الأعمش، وسفيان الثوريّ، عن منصور [ (1) ] .
وخرّج الحاكم من حديث قبيصة بن عقبة قال: حدثنا سفيان، عن منصور، عن ربعيّ، عن البراء بن ناجية، عن عبد اللَّه بن مسعود- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قال: تدور رحى الإسلام على خمس وثلاثين، أو ست وثلاثين، فإن يهلكوا فسبيل من هلك، وإن بقي لهم دينهم سبعين عاما، فقال عمر: يا رسول اللَّه بما بقي؟ أو بما مضى؟ قال: بما بقي،
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد [ولم يخرجاه][ (2) ] .
وخرجه ابن حبان في (صحيحه) من حديث مسدد، عن يزيد بن مروان، عن العوام بن حوشب، عن سليمان بن أبي عبلة، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تدور رحى
[ (1) ](دلائل البيهقيّ) : 6/ 393- 394.
[ (2) ](المستدرك) 3/ 123، كتاب معرفة الصحابة، حديث رقم (4593) . وأخرجه الحاكم أيضا في (المستدرك) : 4/ 566، كتاب الفتن والملاحم، حديث رقم (8589)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، حديث إسناده خارج عن الكتب الثلاث، أخرجته تعجبا إذ هو قريب مما نحن فيه. وقال الحافظ الذهبيّ في (التلخيص) : صحيح.
الإسلام على خمس وثلاثين، أو ست وثلاثين، فإن هلكوا فسبيل من هلك، وإن بقوا بقي لهم دينهم سبعين سنة [ (1) ] .
[ (1) ](الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان) : 15/ 46، كتاب التاريخ، باب (10) إخباره صلى الله عليه وسلم عما يكون في أمته من الفتن والحوادث، ذكر خبر شنع به بعض المعطلة وأهل البدع على أصحاب الحديث حيث حرموا توفيق الإصابة لمعناه، حديث رقم (6664) وقال: في هامشه:
إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح. سليمان بن أبي سليمان: هو أبو إسحاق الشيبانيّ، والقاسم بن عبد الرحمن: هو القاسم بن عبد اللَّه بن مسعود الهذليّ.
ثم قال بعقب هذا الحديث: هذا خبر شنع به أهل البدع على أئمتنا، وزعموا أن أصحاب الحديث حشوية، يروون ما يدفعه العيان والحسّ، ويصححونه، فإن سئلوا عن وصف ذلك قالوا: نؤمن به ولا نفسّره.
ولسنا بحمد اللَّه ومنه مما رمينا في شيء، بل نقول: إن المصطفى صلى الله عليه وسلم ما خاطب أمته قط بشيء لم يعقل عنه، ولا في سننه شيء لا يعلم معناه، ومن زعم أن السنن إذا صحت يجب أن تروى ويؤمن بها من غير أن تفسر ويعقل معناها، فقد قدح في الرسالة، اللَّهمّ إلا أن تكون في السنن الأخبار التي فيها صفات اللَّه جلّ وعلا، التي يقع فيها التكييف، بل على الناس الإيمان بها.
ومعنى هذا الخبر عندنا مما نقول في كتبنا: إن العرب تطلق اسم الشيء بالكلية على بعض أجزائه، وتطلق العرب في لغتها اسم النهاية على بدايتها، واسم البداية على نهايتها، أراد صلى الله عليه وسلم
بقوله: تدور رحى الإسلام على خمس وثلاثين، أو ست وثلاثين،
زوال الأمر عن بني هاشم إلى بني أمية، لأن الحكمين كان في آخر سنة ست وثلاثين، فلما تلعثم الأمر على بني هاشم وشاركهم فيه بنو أمية، أطلق صلى الله عليه وسلم اسم نهاية أمرهم على بدايته، وقد ذكرنا استخلافهم واحدا واحدا إلى أن مات عمر بن عبد العزيز سنة إحدى ومائة، وبايع الناس في ذلك يزيد بن عبد الملك، وتوفى يزيد بن عبد الملك ببلقاء من أرض الشام [وهي اليوم إحدى محافظات المملكة الأردنية الهاشمية] يوم الجمعة لخمس ليال بقين من شعبان سنة خمس ومائة، وبايع الناس هشام بن عبد الملك أخاه في ذلك اليوم، فولّى هشام خالد بن عبد اللَّه القسري العراق، وعزل عمر بن هبيرة في أول سنة ست ومائة، وظهرت الدعاة بخراسان لبني العباس، وبايعوا سليمان بن كثير الخزاعي الداعي إلى بني هاشم، فخرج في سنة ست ومائة إلى مكة، وبايعه
قال البيهقيّ: وبلغني أن في هذا إشارة إلى الفتنة التي كان فيها قتل عثمان سنة خمس وثلاثين، ثم إلى الفتن التي كانت في أيام على- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- وأراد بالسبعين- واللَّه أعلم- ملك بني أمية، فإنه بقي ما بين أن استقر لهم الملك إلى أن ظهرت الدعاة بخراسان، وضعف أمر بنى أمية، ودخل الوهن فيه نحوا من سبعين سنة [ (1) ] .
وخرّج البيهقيّ من حديث ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن ابن شماسة أن رجلا حدثه، عن عبد الرحمن بن عديس [ (2) ] أنه قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: يخرج أناس يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية يقتلون في جبل لبان، أو الجليل، أو جبل لبنان [ (3) ] .
وخرّجه ابن يونس من حديث ابن لهيعة، عن عياش بن عياش، عن الهيثم بن شفيّ، عن عبد الرحمن بن عديس قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: يخرج ناس من أمتي يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية يقتلون في جبل لبنان والخليل [ (4) ] .
ومن حديث ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب أن معاوية بن أبي سفيان- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- أخذ ابن عديس في زمن أهل مصر، فجعله في بعلبكّ، فهرب منه، فطلب سفيان بن مجيب فأدركه رجل رام من قريش،
[ () ] الناس لبني هاشم، فكان ذلك تلعثم أمور بني أمية، حيث شاركهم فيه بنو هاشم، فأطلق اسم نهاية أمرهم على بدايته، وقال: وإن بقوا بقي لهم دينهم سبعين سنة، يريد على ما كانوا عليه.
(الإحسان) : 15/ 47- 49.
[ (1) ](دلائل البيهقيّ) : 6/ 394.
[ (2) ] عبد الرحمن بن عديس بن عمرو بن كلاب البلوي، صحب النبي صلى الله عليه وسلم وسمع منه، وشهد فتح مصر، وكان فيمن سار إلى عثمان.
[ (3) ] أخرجه يعقوب بن سفيان، والبغوي، وابن مندة، وابن السكن، وغيرهم، وهو في (كنز العمال) رقم (31243) وعزاه إلى ابن مندة والطبرانيّ والبيهقيّ وابن عساكر عن عبد الرحمن بن عديس.
[ (4) ] راجع التعليق السابق.
فأشار إليه بنشابة، فقال ابن عديس: أنشدك اللَّه في دمي، فإنّي ممن بايع تحت الشجرة، فقال: إن الشجر كثير في الجبل، أو قال: الجليل فقتله، قال ابن لهيعة: كان عبد الرحمن بن عديس البلويّ سار بأهل مصر إلى عثمان- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- فقتلوه، ثم قتل ابن عديس بعد ذلك [ (1) ][بعام أو اثنين بجبل لبنان أو بالجليل][ (2) ] .
قال البيهقيّ: ورواه عثمان بن صالح، عن ابن لهيعة، عن عياش بن عياش، عن أبي الحصين، عن عبد الرحمن بن عديس بمعنى الحديث المرفوع ثمّ في قتله، ورواه عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الرحمن بمعنى الحديث المرفوع [ (3) ] .
قال البيهقيّ: وبلغني عن محمد بن يحيى الذّهليّ أنه قال: عبد الرحمن البلويّ هو رأس الفتنة لا يحل أن يحدّث عنه بشيء،
وبلغني عن أبي حامد بن الشرقي أنه قال: حدثونا أن عبد الرحمن البلويّ هذا خطب حين حصر عثمان، فقال ابن مسعود يقول: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: عثمان أضلّ عيبة بفلاة عليها قفل ضل مفتاحها،
فبلغ ذلك عثمان فقال: كذب البلويّ ما سمعها من عبد اللَّه بن مسعود، ولا سمعها من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم [ (4) ] .
قال المؤلف- رحمه الله: قد روى الشاميون عدة أحاديث في مقتل عثمان- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- أورد منها الحافظ أبو القاسم بن عساكر جملة في تاريخ دمشق، ولما كلم على عثمان- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- عند ما بدأ الناس يعينونه، كان مما قاله لعثمان: وإني أحذرك أن تكون إمام هذه الأمة المقتول، فإنه كان يقال: يقتل في هذه الأمة إمام يفتح عليها القتل والقتال إلى يوم القيامة.
[ (1) ](دلائل البيهقيّ) : 6/ 394- 395.
[ (2) ] زيادة للسياق من المرجع السابق.
[ (3) ](دلائل البيهقيّ) : 6/ 395.
[ (4) ](دلائل البيهقيّ) : 6/ 395.