الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من المسلمين؛ لأن هذه الحياة إنما أوجدها المستعمر، المستعمر في مصر هو الإنجليز، والمستعمر في سوريا هو فرنسا، والمستعمرون كثر، وهم الذين جابوا إلينا هذه التقاليد التي ليس لها صلة بالإسلام مطلقاً.
قد تعجبون جداً لو أنكم قرأتم التاريخ الإسلامي أن من أجرم سابقاً وأراد القاضي الشرعي أن يذيعه بين الناس، وأن يجعله عبرة لمن يعتبر يحلق لحيته، فحلق اللحية مُثْلَة، لكن الناس اعتادوا على هذا؛ بسبب سيطرة العادات الغربية على كثير من البلاد الإسلامية، ولذلك فأعود أخيراً وأقول: عليكم أن تحرصوا كل الحرص أن تعودوا من ذنوبكم بسبب الحج كيوم ولدتكم أمهاتكم، وأول بشائر من ذلك أن تنووا الخلاص من هذه المعصية، ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول:«حفوا الشارب وأعفوا عن اللحى، وخالفوا اليهود والنصارى» .
وقال عليه الصلاة والسلام لرجل كان جاءه من كسرى وهو حِلِّيق اللحية، قال:«من أمرك بهذا؟ قال: أمرني ربي -يعني: كسرى-، قال عليه السلام: أما ربي عز وجل فقد أمرني بقص الشارب وإعفاء اللحية» .
فإذاً: علامة المسلم غير علامة الكافر، المسلم يُعْفِي عن لحيته؛ لأنها خلق من خلق الله كما قال عز وجل:{هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [لقمان: 11].
لعل في ذلك ذكرى، والذكرى تنفع المؤمنين، وأرجو إذا كان عندكم ملاحظة أو مشكلة، فأريد أن أسمعها لكي نتبادل النظر حولها.
(الهدى والنور /403/ 52: 00: 00)
أنواع الحج
الشيخ: فَأَشْهُر الحج التي ذكرها الله عز وجل، أو بعبارة أخرى أدق، أشار إليها هي ثلاثة:
ذلك قوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197].
ثم جاءت السنة كما هي عادتها مع القرآن دائماً، لتبين هذه الأشهر التي أشار إليها في الآية الكريمة، فهي شهر شوال وشهر ذي القعدة وشهر ذي الحجة.
فإذا أراد الإنسان أن يُحْرِم بالحج على أي نوع من أنواع الحج الثلاثة، فيجوز أن يحرم في أول شوال، فلو أنه أحرم قبل شوال، فمثله كمثل من يحرم بالصلاة قبل دخول وقتها.
فكما أن هذه الصلاة التي أحرم فيها قبل وقتها هي غير مقبولة؛ لأنها جاءت في غير الوقت المحدد لها شرعاً، كذلك من أحرم بالحج في غير هذه الأشهر الثلاثة، فلا يكون قد حج، ومن هنا يقول المثل الشامي أو السوري: حج فلان والناس راجعة. في النهاية أن هذا ليس حج؛ لأنه انتهى وقت الحج.
فإذاً: لمن كان قاصداً الحج إلى بيت الله الحرام، له أن يبدأ بالإحرام في أول شهر شوال، انظر الآن ماذا يترتب على من بدأ بالإحرام في أول شهر شوال، قلت بأن الحج له عند العلماء ثلاثة صفات أو أنواع، فحج الإفراد، وحج الإقران، وحج التمتع.
حج التمتع هو أفضلها يقيناً، بل هو الواجب الذي لا يجوز للمسلم أن يتساهل يحرم بغير حج التمتع، لكن المسألة خلافية منذ القديم، وكما قال رب العالمين:{وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 187]، ولذلك تجد الكثير من الحجاج يُحْرِمون بالحج المفرد، وهداية الناس طبعاً كل الناس هذا أمر مستحيل؛ لأن الله عز وجل هكذا شاءت إرادته حين قال:{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً} [هود: 118] .. الآية.
فالذي يقع أنه قد يحرم بالحج بعض الناس في أول الشهر الأول من أشهر الحج، وهو شهر شوال كما ذكرت آنفاً، ولازمه حينذاك أن يظل في إحرامه حتى يوم النحر، إذا أفاض من المزدلفة وجاء إلى جمرة العقبة في منى فرماها، فقد تحلل الحل
الأصغر في رأي للعلماء وهو الأرجح، والرأي الآخر أنه لا بد أن يضم إلى رميه إما الحلق وإما النحر.
المهم بعد انقضاء شهر شوال وذي القعدة وعشر أيام من ذي الحجة، كل هذه الأيام كان محرماً لا يحل له أن يقص شعراً ولا ظفراً ولا أن يواصل زوجته أو يتصل بها، ونحو ذلك من الأحكام التي جاء الإشارة إليها في الآية السابقة:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197].
فتطول مسافة هذا المحرم بالحج المفرد، وفي ذلك حرج كبير لعله هو ما أقول السبب، أو من الأسباب التي قَرَّر الشرع الحنيف أخيراً الأمر لمن كان قد أفرد الحج بأن يفسخ هذا الإفراد ويجعل حَجَّه تمتعاً، ثم يتحلل، ثم في اليوم الثامن يُحْرِم بالحج مرة أخرى.
فإذاً: أشهر الحج ثلاثة، يجوز للمسلم أن يحرم في شهر من هذه الأشهر الثلاثة، هذا هو المقصود من تحديد وقت الإحرام بالحج.
فإذا كان مفرداً أو كان قارناً لم يسق .. الهدي، فيظل وجوباً في إحرامه وفي ذلك حرج كبير.
أما إذا كان لم يسق الهدي، القارن إذا كان لم يسق الهدي، فحكمه حكم الحاج الذي أفرد حجه، فلا بد أن يفسخ الحج إلى عمرة، ولذلك كان الأشرع والأيسر إنما هو حج التمتع؛ لأنه يبدأ بالعمرة فَيَتَحَلَّل منها في ظرف يوم أو يومين، ثم ينتظر حتى يدخل يوم الثامن الذي هو يوم التروية، وهو الذي قبل عرفات، ففي هذا اليوم يُحْرِم مُجَدَّداً بالحج بعد أن كان قدم بين يدي هذا الحج العمرة، كما هو شأننا اليوم.
(الهدى والنور /405/ 58: 00: 00)
(الهدى والنور /405/ 40: 03: 00)