الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فعلق الألباني]:
لم أجد هذا منصوصا عليه في شيء من الأحاديث التي وقفت عليها؛ ويؤيد ذلك أن البيهقي لما عقد بابا خاصا لخطبة العيدين، والجلوس بين الخطبتين؛ لم يسق لذلك حديثا؛ بل قال:«قياسا على خطبتي الجمعة» .
التعليقات الرضية (2/ 112)
الحج وتكفير الذنوب
السائل: بالنسبة للصلاة هل تُكَفِّر عنه الكبائر كالزنا والسرقة؟
الجواب بإيجاز: نُذَكِّر بقوله عليه الصلاة والسلام ثم ننظر، نذكر بقوله عليه السلام وأنتم معشر العرب تساعدوننا على فهم هذا الحديث، هل دلالته عامة أو خاصة:«مَثَلُ الصلوات الخمس: كمثل نهرٍ جارٍ غَمْرٍ أمام دار أحدكم، يغتسل فيه كل يوم خمس مرات، أترونه يبقى من درنه على بدنه شيء؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: فذلك مثل الصلوات الخمس، يُكَفِّر الله بهن الخطايا» قولوا لي هي الصغائر، أم هي الكبائر والصغائر، ماذا تفهمون من هذا الحديث؟ «هل يبقى من درنه» شيء قال العرب الأولون لا إذا فسرنا الحديث بأنه يعني تكفير الصغائر، يكون المعنى أيبقى من درنه شيء، قالوا لا، يعني من الصغائر، أما الدرن الأكبر فيظل قائماً ولاصقاً بالبدن.
ما أظن أعجمياً -مثلي- يفقه هذا الفقه، ويفهم هذا الفهم؛ لذلك ينبغي أن تحمل الأحاديث المُكَفِّرة سواء ما كان منها متعلقاً بالصلاة أو ما كان منها متعلقاً بالحج على تكفير كل الذنوب، سواء ما كان منها من الكبائر أو الصغائر.
كذلك -مثلاً- يُشْبِه هذا الحديث تماماً، ونحن قادمون على الحج إن شاء الله، «من حج فلم يرفث ولم يفسق، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه» .
أترون الوليد حينما تلده أمه يولد مُحَمَّلاً بالأوزار والكبائر طبعا، لا، إذاً: المكفرات تشمل الكبائر والصغائر، ولكن الذي يجب الانتباه له وهو يزيل المشكلة أو الشُبْهَة التي قد تخطر في بال الناس، فإذا كل واحد يصلي مهما كان عاملاً كما يقولون في بلاد الشام تسعة وتسعين، فهو مجرد ما يصلي غُفِرت ذنوبه، وإن كانت مثل زبد البحر.
فالذي أريد أن أُلْفِت النظر: أن هذه الصلاة التي من شأنها أنها تُكَفِّر الكبائر فضلاً عن الصغائر، ليست هي صلاتنا حسبنا من صلاتنا أن يُكْتَب لنا نصفها لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال في الحديث الصحيح:«إن الرجل ليُصَلِّي الصلاة لا يكتب له منها إلا عشرها تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها وربعها نصفها» بهذا النصف الذي وقف عنده الرسول عليه السلام وبيان أنه أحسن صلاة يصليها الإنسان أن يُكْتَب له نصفها، فما بَالُك بمن لا يُكْتَب له حتى ولا عشرها، فإن كتبت له من الصلاة نفسها أهي التي تكفر الذنوب والكبائر هذه واحدة.
ثم لِمَ قال عليه الصلاة والسلام في حديث الحج: «رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه» أهي حجنا نحن في هذا الزمان الذي أكثرهم لا يحجون من الناحية العملية الشكلية الظاهرة، لا يَحُجُّون كما حَجّ النبي صلى الله عليه وسلم، بل تراهم يعني يحاولون التَّفَلُّت لأتفه الأسباب من القيام بكثير من الواجبات.
واليوم كنا نناقش فرداً نظنه من المسلمين الصالحين -إن شاء الله- في شيء على الظن فيما أعلم منه، كان يريد أن يأخذ مني فتوى بأنه يجوز له أن يوكل في الرمي في اليوم الثاني من أيام التشريق، يعني أن يتعجل قبل التعجل المشروع، يُوَكِّل أحداً يرمي عنه، ومثل هذا كثير وكثير جداً، يحاولون أن يُخَفَّفوا مناسك الحج حتى يصبح الحج أمرًا شكليًا محضًا.
فأقول: هل الفضيلة هذه: «كيوم ولدته أمه» يستحقه غالبية الحجاج، وهم لا يؤدون الحج على شكله الظاهر، أما لوازم الحج هذا المكفر الذي نص الرسول عليه السلام عليها في الحديث السابق، «فلم يفسق ولم يرفث، خرج من ذنوبه كيوم ولدته
أمه» هل هذه الصفات هي تُلَازِم الحُجَّاج اليوم، حتى نقول والله حج فلان هنيئاً له غُفِرَت له ذنوبه كلها.
بالكاد كثير من الناس أن يقال لهم حجك مقبول وإلا الآخر القسم الأخر، من الحج، وقد سمعنا منهم من يسب الدين ويسب رب العالمين، وهو يزعم أنه خرج حاجاً في سبيل الله.
أمثال هؤلاء نقول لهم بلسان ذلك الشاعر العربي القديم.
وما حججت ولكن حَجَّت الإبل
لذلك إذا استحضرنا هذه الحقائق، وخلاصتها: أن المصلي لا نستطيع أن نقول كل مصلي صلى صلاة صلاة كاملة كل حاج حج حجة كاملة، إذا كان الأمر كذلك؛ ولذلك فالحصول على الصلاة التي تُخْرِج صحابها من الذنوب كلها والحصول على حجة أيضاً تخرج صاحبها من الذنوب كلها، هذا كما قيل قديماً: أندر من الكبريت الأحمر.
فإذا: تبقى هذه الأحاديث من الأحاديث -كما هو معلوم من الترغيب والترهيب- تحض المصلي على أن يحاول أن يُحَسِّن الصلاة، وأن يتقنها؛ لعله يحظى بتلك المغفرة، أما أن يُجْزَم بأنه حَصّل مغفرة فهو أمر أبعد ما يكون منال، كذلك الحج يحاول الإنسان أن يُتْقِن الحج إلى البيت الحرام بيت الله الحرام، ويتجنب الفسق والرفث والكلام المُؤْذِي والجدل كما قال الله تعالى:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197] الذي يحاول أن يُتْقن حَجَّته على هذا المنوال الذي جاء في الآية وفي الحديث، فلعله يرجع كما ولدته أمه نظيفاً من كل الذنوب.
خلاصة الكلام: يُرْجَى أن يُكَفّر كل الذنوب، من صلى وأتقنها ومن حج حَجَّةً وأتقنها.