الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من حاضت قبل أن تطوف طواف الإفاضة
مداخلة: هناك سؤال آخر أيضاً يتعلق بالحج، أيضاً عن النساء: امرأة حاضت قبل أن تطوف طواف الإفاضة وموعد المغادرة في اليوم الثالث عشر، فما أدري يا شيخ! ما هو الحكم الشرعي في ذلك؟ هل تطوف أم .. ؟
الشيخ: لا، ما تطوف، لا نرى رأي ابن تيمية ومن معه في هذه القضية بعد أن قال عليه السلام الحديث المعروف في صحيح البخاري لعائشة:«اصنعي ما يصنع الحاج، غير ألَاّ تطوفي ولا تصلي» هذا أولاً.
وثانياً: بعد أن قال عليه الصلاة والسلام حينما نُبِّئ بأن صفية قد حاضت، فقال عليه السلام:«أحابستنا هي؟ ! قالوا: إنها قد طافت طواف الإفاضة، قال: فلتنفر إذاً» .
فنحن نأخذ من هذا الحديث ما يؤكد ما يدل عليه الحديث الأول، حديث عائشة نهاها عليه السلام أن تطوف حول الكعبة وهي حائض، ولذلك: فقد انقلبت عمرتها إلى حج، فلم تطف حول الكعبة، وحينما طَهُرت إنما طهرت في عرفة، ولذلك حينما أعلن النبي صلى الله عليه وسلم النفر إلى المدينة دخل عليها فوجدها تبكي، قال لها: ما لك؟ قالت: مالي! يعود الناس بحج وعمرة، وأعود أنا بحج دون عمرة، فأمر عليه الصلاة السلام أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق أن يُرْدِفها خلفه على الناقة، وأن يخرج بها إلى التنعيم، وأن تُحْرِم من هناك تعويضاً لها عن عُمرتها التي فاتتها.
فالشاهد: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهاها أن تطوف حول الكعبة وهي حائض، أَكَّد عليه الصلاة والسلام هذا النهي، وأضاف إلى ذلك أنه لما تبادر إلى ذهنه أن صفية، وهي كما تعلمون زوجته عليه السلام، حينما حاضت تبادر إلى ذهنه أنها لم تطف طواف الإفاضة، ولذلك قال:«أحابِسَتُنا هي؟ ! » .
أي: أن الرسول عليه السلام قد وَطَّن نفسه ليتأخر حتى تطهر زوجه وتتمكن من الطواف حول الكعبة بعد أن تطهر، لكن حينما قيل له عليه السلام: بأنها قد طافت طواف الإفاضة، فقال:«فلتنفر إذاً» مبيناً أن طواف الوداع ليس ركناً كطواف الإفاضة، وإنما هو واجب فمثل هذا الواجب يُتَسامَح به بالنسبة للنساء أو المرأة التي حاضت.
فلهذين الحديثين، أقول: لا أرى جواز طواف المرأة الحائض، لكي تصحب الرفقة كما يقولون.
وأنا سُئِلت مَرَّة وفي موسم الحج وبحضرة الشيخ: ابن باز ذكره الله بالخير؛ لأنه هو أبدى رأيه المعروف عنه تبعاً لابن تيمية، فأنا قلت مقتبساً من حديث الخثعمية التي سألت النبي صلى الله عليه وسلم بقولها:«إن أبي شيخ كبير لا يثبت على الرحل، أفأحج عنه؟ قال: حُجِّي عنه» وفي بعض الروايات: «أرأيت إن كان على أبيك دين، أفتقضينه عنه؟ قالت: بلى، قال: فدين الله أحق أن يُقْضَى» دين الله أحق أن يقضى، حق الله أحق، أقول أنا اقتباساً من الحديث، الحديث يقول:«دين الله أحق أن يقضى» حق الله عز وجل أحق أن يراعى، فإذا امرأة مرضت وهي لم تطف بعد طواف الإفاضة، واقتضى مرضها أن تُنْقَل إلى المستشفى، ماذا يفعل رفقتها؟ أيسافرون بها على مرضها .. على عُجَرها وبُجَرِها أم يصبرون عليها ويدخلونها؟ خاصة إذا ما كسرت أو عرجت، فلا بد أن يدخلوها المستشفى ولا بد لهم أن يتأخروا، إذاً: دين الله أحق أن يُقْضَى.
لذلك فاعتبار الرفقة هنا خشية أن يذهبوا ضرورةً يسوغ من أجلها لارتكاب ما حرم الله عز وجل على المرأة الحائض من الطواف، لا أعتقد أن هذه ضرورة، وإلا ما معنى الحديث:«غير أن لا تطوفي ولا تصلي» وقوله عليه السلام: «أحابستنا هي؟ ! » هذا إلغاء للحديثين معاً، هذا جوابي أيضاً عن السؤال.
(الهدى والنور / 635/ 00: 55: 00)