الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[2/ 406] مخصوص بمضافِ معين؟
باب الذكاة
(1)
قوله: "وهي ذبحُ أونحر المحيوان المقدور عليه": أي أو عقر غيره.
فالذكاة ثلاثة أقسام:
أحدها: الذبح، وهو قطع الحلقوم والمريء. ويسن في بقرٍ وغنمِ وطير وصيد مقدور عليه.
والثاني: النحر، وهو الطعن بحربةٍ ونحوها في الوَهْدَة التي بين أصل العنق والصدر، ويسن في إبل.
والثالث: العقر، وهو في الصيد وما لا يقدر على ذبحه. فيجرحه في أي محل كان، ويحل. ويأتي ذلك بأوضح.
(2)
قول الشارح: "أي الذكاة، وكذا النحر": فيه أن النحر من الذكاة كما تقدم في تعريفها.
(3)
قوله: "والكتابي": أي إذا كان أبواه كتابيَّين، أما لو كان أحدهما غير كتابي فلا تحل ذبيحته. ومن انتقل ممن لا تحل ذبيحتهم إلى دين أهل الكتاب فإنها تحلّ ذبيحته، كما يعلم من الإقناع في باب أحكام [أهل] الذمّة، وجزم في كتاب النكاح بأنه لا تصح مناكحته. ففي كلامه نوع تناقض.
أقول: وقولهم في النسب: ويتبع الولد في الذكاة وتحريم النكاح أخبث أبويه، يفهم منه (1) أن من تولد بين من تحل ذبيحته وبين من لم تحل من غير كتابيٍّ، أو من كتابيٍّ متولد بين كتابيٍّ وغيره، كأن تقول: زيد [80أ] تولّد بين كتابيٍّ وغيره، فهو لا تحل ذبيحته ولا مناكحته، ثم ولد لزيد ولد، فهو أيضًا لا تحلُّ ذبيحته ولا مناكحته، وإن كان هو كتابيًّا، تغليبًا لجانب التحريم، كما أن ما تولَّد بين مأكولٍ وغيره لا يؤكل، فلو قدَّرنا أنه حَصَل منه نسل أيضًا فلا يؤكل نسله
(1) قوله: "يفهم منه" ساقط من ض.
تغليبًا، لجانب الحظر. [2/ 407]
فعلى هذا إذا كان أحد أجداد الكتابي أو جداته غير كتابي لا تحل ذبيحته ولا مناكحته، ولعلَّه غير مرادٍ لهم، كما يدل عليه كلامهم في أحكام [أهل] الذمة، فراجعه إن شئت. وحرِّر.
(4)
قوله: "ولا المجوسي": أي وإنما أخذت منهم الجزية لأن لهم شبهة كتابٍ تقتضي تحريم دمائهم، فلما غلب التحريم فيها غلب عدم الكتاب في تحريم ذبائحهم ونسائهم، احتياطًا للتحريم في الموضعين. اهـ. م ص.
(5)
قوله في الحديث الشريف: "أما السن فعظْم": مع أنه تقدم أنه تصح التذكية بالعظم، مشكل. وقوله "أما الظفر فمُدَى الحَبَشَة" أي ففي الذبح به تشبه بهم وهو منهي عنه. وقد رأيت صاحب المنتهى في شرحه أجاب عن الإشكال المذكور بما يطول، وحاصله أن عموم "ما أنهر الدم إلخ" يشمل العظم، وحيث استثنى السِّن يبقى ما عداه، والتعليل بأنه عظم لا يدل على بقية العظام، بدليل أنه يجوز الذبح بمدى الحبشة غير الظفر، ولا يضر التعليل به بأنه مدى الحبشة. اهـ
(6)
قوله: "وعن كعب عن أبيه" الصواب "عن ابن كعب عن أبيه" كما رأيته لـ م س.
(7)
قوله: "قطع الحلقوم والمريء": أي سواء كان القطع فوق الغَلْصَمة، وهي الموضع الناتىء من الحلق، أو دونها، خلافًا للشافعية.
(8)
قوله: "ويكفي قطع البعض منهما": أي فلا تشترط إبانتهما، بل يكفي شق بعض كل منهما، وظاهره ولو قلَّ. فليحرر.
(9)
قوله: "سواء أتت الآلة على محلّ الذبح إلخ": هذه عبارة الفتوحي في شرح المنتهى، بعد قوله في المتن:"فلو أبان رأسه حل مطلقًا" ففسّر الإطلاق بذلك. وفسّره م ص. بقوله: "أي سواء كان من جهة وجهه أو قفاه أو غيرهما" اهـ. وهو أظهر من كلام الفتوحي. ولا يقال: هو أدرى بكلامه، لأن صاحب البيت أدرى بما فيه، فالظاهر، بل المتعين، أنه لا بدَّ من مجيء الآلة على محلّ الذبح وفيه حياة مستقرة، كالذي ذبح من قفاه.
[2/ 409](10) قوله: "وفيه حياة مستقرة": قال م ص: وتعتبر الحياة المستقرة بالحركة القوية اهـ.
(11)
قوله: "يمكن زيادتها على حركة مذبوح": وعند الشيخ: تحل إذا ذكيتْ وفيها حياةٌ، ولا تعتبر حركة المذبوح، لأنها لا تنضبط، تارة تطول، وتارة تقصر. وهو حسن.
(12)
قوله:"لم يضرّ إن عاد فتمَّم الذكاة على الفور": قال م ص: فإن تراخى، ووصل الحيوان إلى حركة المذبوح فأتمها، لم يحل. اهـ. فظاهر قوله "ووصل الحيوان (1) إلخ" أنه إن لم يصل لذلك، بل تمم ذكاته وفيه فوق حركة المذبوح يحل، ولو تراخى، فيكون كالمنخنقة ونحوها مما أصابه سبب الموت، مع أنه تقدم أن ما قطع حلقومه حكمه كالميت، واستثنى رفع يده إن أتم الذكاة على الفور. فظاهره أنه إن تراخى لا يحل ولو تمّم ذكاته وفيه حياة مستقرة، لأن وجود هذه الحياة كعدمها، لأنه لا يمكن أن يعيش عادة.
قلت: لكن يشكل على هذا قولهم في المنخنقة ونحوها: تحلّ إذا ذكيت وفيها حياة مستقرة، ولو انتهت إلى حالٍ يعلم أنها لا تعيش معه، فما الفرق بين هذه وبين ما قُطع حلقومه أو أبينت حشوته؟ ومما يزيد الإشكال عندي قول الشارح هنا والبهوتي في شرح المنتهى بعد ذكر المنخنقة ونحوها:"فأصابه شيء من ذلك، ولم يصل إلى حدِّ لا يعيش معه" مع قولهما بعده بسطر وشيء "سواء انتهت المنخنقة ونحوها إلى حالٍ يعلم أنها لا تعيش معه أو لا حلّتْ".
والذي يتوجه عندي حِلُّ الحيوان المذبوح وفيه حياة مستقرة، سواء وصل إلى حال لا يعيش، كقطع حلقومٍ أو إبانة حَشوة ونحوهما، أو لا، وألا فما الفرق بين قطع الحلقوم وإبانة الحشوة وبين غيرهما مما يعلم أنه لا يعيش معه الحيوان، كتفتُّت كبدٍ، أو كَسْرِ رأسٍ ونحوه، مما لا يعيش معه يقينًا؟ لا يكاد يوجد فرق.
أقول أيضًا: ومما يؤيد قولي أن ما فيه حياة حكمه حكم الحيّ، ولو أبينت
(1) سقط من الأصل قوله: "إلى حركة مذبوح
…
إلخ" وهو ثابت في ض.
حشوته مثلاً، قولهم فيما يأتي [80ب]: وما ذبح فغرق لا يحلّ، فحيث جعلنا قطع [2/ 410] الحلقوم وحده موجبًا لذلك لا يجعل الحيوان كالميت في هذا (1)، فلم جعلنا قطع الحلقوم وحده موجبًا لذلك فيما تقدم؟ وهل هذا إلا تضارب (2)؟!
(13)
قوله: "ولا تستحب الصلاة": أي على النبي صلى الله عليه وسلم، يعني على الذبيحة.
(14)
قوله:"يضمن أجير إلخ": مفهومه أنه إذا لم يكن أجيرًا للذبح لا يضمن، ولعله غير مراد، فليحرر.
فائدة: قال في الإقناع "ويحل مذبوح منبوذ بموضع يحلُّ ذبح أكثر أهله، ولو جهلت تسمية الذابح".
وإسماعيل هو الذبيح على الصحيح. اهـ.
(15)
قوله: "فهو مذكًّى. إلخ" أيْ إن قصد بذلك تذكية الجنين، وقصد التسمية عليها، لأنه قد تقدم أنه لا بد من قصد التذكية. قالوا: فلو احتكَّ حيوان بمحدد بيد إنسان لم يقصد ذبحه، فقطع حلقومه ومريئه، لم يحل، لعدم قصد التذكية.
وقالوا: يشترط قصد التسمية على ما يذبحه، فلو سمى على شاة فتركها وذبح غيرها لم تحل. وحينئد فلا بد من اشتراط ما ذكرنا، وإنما لم ينبّهوا عليه لوضوحه.
(16)
قوله: "وكره نفخ لحم يباع": لأنه غش، ومقتضاه: لغير البيع لا يكره.
(17)
قوله:"وما ذبح فغرق إلخ": هذا وإن كان هو المذهب فعندي فيه نظر، لأنه قد تقدّم أن ما قطع حلقومه فقط كالميتة، وهذا قد قطع حلقومه ومريئه فلم لا يجعل كأنه مات بالذبح ولا يضره وقوع في ماءٍ ونحوه؟ على أنه قد تقدم
(1) قوله: "لا يجعل الحيوان
…
إلخ" ساقط من ض.
(2)
إشكاله وجيه. ولعل جوابه، أنه إن كان سبب الموت غير قطع الحلقوم والمريء كإبانة والحشوة فذبحه وفيه حياة مستقرة حلّ، فأما إن كان الحلقوم والمريء قد قُطِعا بغير الذبح، أو بذبح مجوسي مثلاً، فإنه إن أرأد تذكيته بقطع الحلقوم والمريء لم يزد شيئًا.
[2/ 411] قريبًا أنه يكره كسر عنقه قبل الزهوق، وقالوا: ولا يؤثر ذلك في حلِّها، مع أنه معين على زهوق الروح، كَتَرَدِّيه مِنْ عُلْوٍ وأولى.
ثم رأيت م ص قال: وقال الأكثر: يحلّ اهـ.
(18)
قوله:"على الأصح": وعنه: يحل، اختاره الأكثر.
***