الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(3)
قوله: "والمنصوص عن أحمد أن شهادته تقبل إلخ": أي في المسألة [2/ 473] الأولى. وقوله: "وللمشهود له ما اجتمعا عليه إلخ" أي ويحلف [88ب] على الباقي مع الشاهد الثاني، ويستحقه، قياسًا على ما تقدم.
(4)
قوله: "لم يقبل منه": أي لأنه ينافي شهادته أولاً. وهذا -والله أعلم- فيما إذا شهد بأن له عليه ألفًا، وأما إن شهد بأنه أقرضه ألفًا، ثم بعد الحكم به شهد بقضاء خمسمائة، فلا مانع من قبول شهادته، إلا أنه لا يكفي وحده، بل لا بد من شاهد آخر، أو يمين. فليحرر. والله سبحانه وتعالى أعلم.
(5)
قوله: "ولو شهد اثنان في جمع من الناس إلخ": قال في المنتهى: ولا يعارضه قول الأصحاب: إذا انفرد واحد فيما تتوفر الدواعي على نقله مع مشاركة خلق كثيرين رُدَّ قوله. قال في شرحه: للفرق بين ما إذا شهد واحد وبين ما إذا شهد اثنان، وبين التقييد يكون الشيء مما تتوفر الدواعي على نقله وبين عدم ذلك القيد اهـ.
باب شروط من تقبل شهادته
(1)
قوله:"لصغير": أي دون البلوغ، ولو على صغير مثله. وقيل تقبل من ابن عشر فأكثر إذا كان متصفًا بما يتصف به المكلف العدل، بأن كان صدوقًا غير متهم بالكذب. كما في الشرح الكبير.
(2)
قوله: "والصبي لا يسمى رجلاً": فيه أنه قد ذكر أهل اللغة أن الرجل اسم للذكر البالغ من بني آدم، أو هو [رجل] ساعةَ يولد. ولذلك قال صلى الله عليه وسلم "ما أبقت الفروض فلأولى رجل ذكر" وألحق برجل لفظ "ذكر" خوفًا من توهم أن الرجل لا يطلق إلا على البالغ، فيكون التعصيب له دون غيره. إلا أن يقال: لا يطلق الرجل على الصغير إلا بقرينة، كما في الحديث. والله أعلم.
(3)
قوله: "وهو نوع من العلوم الضرورية": أي غريزة ينشأ عنها ذلك، وليس مكتسبًا، بل خلقه الله تعالى للفرق بين الإنسان والبهيمة. والعلم الضروري
[2/ 475]
هو الذي لا يمكن ورود الشك عليه. فالعقل قوة تدرك ذلك، لا نفس الإدراك.
ومحله القلب، وله اتصاله بالدماغ.
(4)
قوله: "الضروري وغيره": أي غير الضروري، وهو النظري.
اعلم أن الواجب عقلاً هو الذي لا يدرك في العقل عدمه، إما ابتداءً بلا احتياج إلى سبق نظرٍ، ويسمى الضروري، كالتحيّز للجرم، فإن العقل يدرك ابتداء أنه لا بد للجرم من الحيِّز، أي أخذه قدرًا من الفراغ. وإما بعد سبق نظر، ويسمى "نظريًا"، كالقِدَم لمولانا عز وجل، فإن العقل إنما يدرك وجوبه له سبحانه وتعالى إذا فكَر العاقل وعرف ما يترتب على ثبوت الحدوث له عز وجل من الدور والتسلسل الواضحي الاستحالة.
والحاصل أن الواجب عقلاً هو ما لا يتصور في العقل عدمه.
والممكن هو ما يتصور في العقل وجوده وعدمه. وهو إما ضروري أو نظري، فالأول كاتصاف الجرم بخصوص الحركة، والثاني كتعذيب المطيع الذي لم يعص الله طرفة عين.
والممتنع، أي المستحيل، هو ما لا يتصور في العقل وجوده. وهو ضروري ونظري، فالأول كتجرد الجرم عن الحركة والسكون معًا، والثاني ككون الذات العلية جرمًا، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا، لأنه لو كان جرمًا لوجب له الحدوث (1).
(5)
قوله: "كوجود الباري": هذا مثال للواجب النظري، وقوله "وكون الجسم الواحد ليس إلخ" مثال للواجب الضروري. وكذا قوله "وكون الواحد إلخ" وقوله "واستحالة اجتماع الضدين" الصواب أن يقول "واجتماع الضدين" فيكون
(1) الصواب أن الجسم والجرم والجهة ونحوها لا نُثْبَتُ لله تعالى ولا تنفى عنه، إذ لم يرد في الكتاب والسنة إثباتها ولا نفيها، ولأن إثباتها قد يوهم كونه تعالي مخلوقًا، ونفيها يوهم التعطيل من صفات الاستواء والمجيء والنزول. فمثبت ما أثبته الكتاب أو السنة الصحيحة، وننفي ما نفياه، وما عدا ذلك نسكت عنه لأنه من عالم الغيب، وهو لا يقاس على عالم الشهادة.
تمثيلًا للممتنع، ولم يمثل للممكن، وهو كوجود العالم. ولا يخفى ما في هذه [2/ 476] العبارة من التسمّح.
فائدة: وما اتخذه أرباب الدنيا من العادة والنزاهة عن أمور لا يقبحها السّلف، ولا اجتنبها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم،كتقذرهم من حمل الحوائج والأقوات للعيال، ولبس الصوف، وركوب الحمار، وحمل الماء على الظهر، والرزمة إلى السوق، فلا يعتبر في المروعة الشرعية، لفعل الصحابة رضي الله عنهم وعنَّا بهم.
(6)
قوله: "وهو أداء الفرائض": أي الصلوات الخمس والجمعة وصوم رمضان والزكاة والحج ونحو ذلك مما يجب شرعًا.
(7)
قوله:"برواتبها": أي رواتب فرائض الصلاة، ومنها الوتر، بل هو آكدها، للخلاف في وجوبه.
(8)
وقوله: "رجل سوء": أي لأن تهاونه بالسنن يدل على عدم اعتنائه بالدين، ولأنه ربما أدى إلى تهاونه بالفرائض.
(9)
قوله: ولا يُدْمِنَ على صغيرة": أي لا يداوم عليها. وفي الترغيب: بأن لا يكثر منها، ولا يصرّ على واحدة منها. قال في الفروع: وظاهر الكافي [89أ]: العدل من رَجَحَ خيره ولم يأت كبيرةً، لأن الصغائر تقع مكفَّرةً أوّلاً فاوّلًا، فلا تجتمع. اهـ. م ص.
(10)
قوله: "والكذب إلخ": ومن الكذب إذا جاءه طعام فقال: لا آكله، ثم أكله، ومن كتب لغيره كتابًا، فأملى عليه كذبًا لم يكتبه. نقله الأثرم اهـ. م ص.
(11)
قوله: "وترك ما يدنسه وبشينه": ظاهر عطفه بالواو أن المروعة فعل ما يجمِّل ويزين، وترك ما يدنس ويشين، معًا. فلو كان سخيًّا حسن الخلق والجوار، يبذل جاهه لمن استوجهه، ومع ذلك يحكي المضحكات، أو يلعب بالشطرنج، ونحوهما، فإنه لا تقبل شهاداته. وكذا لو كان بخيلاً سيّئ الخلق والجوار فلا تقبل شهادته ولو غير متصف بلعب وَنحوه، لأن ذلك أيضًا مخل بالمروءة، كما يعلم من
عباراتهم.
[2/ 477]
وهل لا بد من اتصاف من تقبل شهادته بجميع الأوصاف المذكورة، وهي حسن الخلق والمجاورة والسخاء وبذل الجاه، أو يكفي واحدة منها؟ وقد يقال: هي متلازمة غالبًا قلَّ من يوجد سخيًا إلا وهو متصف بجميع ذلك.
(12)
قوله: "وتاب الفاسق": فتوبة القاذف بتكذيب نفسه ولو صادقًا (1)؛ وتوبة غيره ندم وإقلاع، وعزم على أن لا يعود. وتوبة من ترك واجبًا بفعله، ومن قصاصٍ وحد قذفٍ ببذلِ نفسه للمستحق. ويعتبر ردُّ مظلمةٍ فُسِّق بترك ردّها كمغصوب ونحوه، أو يستحلّه، والتوبة من الباع الرجوع عنها.
ولا يشترط لصحة التوبة من قذفٍ وغيبةٍ ونحوها إعلام المقذوف أو المغتاب ونحوهما. وأذا استحلّه يأتي بلفظٍ مبهم، لصحة البراءة من المجهول.
ومن أخذ بالرخص، أي تتبَّعها من المذاهب فعمل بها، فُسِّق، نصًّا. وذكره ابن عبد البر إجماعًا. وذكر القاضي: غير متأول ولا مقلد.
والأشهر عدم وجوب التمذهب بمذهب، والامتناع من الانتقال إلى غيره.
ومن أوجب تقليد إمام بعينه استتيب، فإن تاب وإلا قتل. وإن قال: ينبغي، كان جاهلاً ضالاًّ. قاله الشيخ. ومن أتى قرعًا فقهيًّا مختلفًا فيه، فإن اعتقد تحريمه ردت شهادته، وإن تأول أو قلّد من يقول بحلِّه فلا ترد. وأدخل القاضي وغيره الفقهاء في أهل الأهواء وأخرجهم ابن عقيل وغيوه. وهو المعروف عند العلماء.
ذكره ابن مفلح في أصوله. نقله عنه في الإقناع.
(13)
قوله: "قبلت الشهادة بمجرد ذلك". لكن لو شهد الفاسق فردت شهادته، ثم تاب وأعاد تلك الشهادة بعينها، لم تقبل، للتهمة. وظاهر هذا أنه إن تاب بالمجلسى قبل أدائها، ثم أداها، تقبل. فليحرر.
(14)
قوله: "فتقبل شهادة حجّام إلخ": أي لحاجة الناس إلى هذه الصنائع، لأن كل أحد لا يليها بنفسه، فلو ردت بها الشهادة أفضى إلى ترك الناس لها، فيشق ذلك عليهم.
(1) أي في الباطن.