الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في قسمة الإجبار [
2/ 461]
(1)
قوله: "ولو لم تتساو أجزاء هذه إلخ": أي بان كانت الأرض الواسعة مثلاً بين ثلاثة أثلاثًا، وهي ثلاثون ذراعًا، لكن بعضها جيد وبعضها رديء وبعضها متوسط، فأخذ أحدهم خمسة أذرع، والثاني عشرة، والثالث خمسة عشر، ولكن قيمة ذلك متساوية، فهذه قسمة إجبار.
(2)
قوله: "ويدخل الشجر تبعًا": يعني إذا قسم البستان أرضًا وشجرًا معًا فهي قسمة إجبار، كقسمة أرضه دون الشجر. وأما قسمة الشجر دون الأرض فقسمة تراضٍ، وتقدم.
(3)
قوله: "فيجبر الحاكم إلخ": هذا مفرع على قوله "ليس بيعًا" أي فلو كانت بيعًا لم يجبر الحاكم إلخ. أي ولهذا امتنع الأخذ بالشفعة فيها ولزمت بالقرعة.
وصحّ قَسْمُ لحم هدي وأضاحٍ ونحوه مما لا يصح بيعه، لا رطب من ربوي ويابس منه، بأن يأخذ أحدهما الرطب والآخر اليابس.
ويصح قسم وقف. قال في المنتهى: "ولو على جهة" أي واحدة. وذكر في الفروع أنه ظاهر كلام الأصحاب. وقال: وهو أظهر. وقال الشيخ: إذا كان الوقف على جهة واحدة فلا تقسم عينُهُ قسمةً لازمة اتفاقًا، لتعلق حق الطبقة الثانية والثالثة، لكن تجوز المهاياة بلا مناقلة (1).
قال م ص: قلت: بل ما ذكره الشيخ تقي الدين أظهر، وجزَم به في الإقناع. والله أعلم.
(4)
قوله: "أن يثبت عند الحاكم ملك الشركاء إلخ": أي فإذا سألوا الحاكم قسمة عقار لم يثبت عنده أنه لهم لم يجب عليه قَسْمُهُ، بل يجوز برضاهم، فإن قسمه ذكر في كتاب القسمة أنه قسمه بمجرد دعواهم بملكه، لا عن بينة شهدت
(1) في ض "بلى مناقلة" وفي الأصل "تجوز المهاياة مناقلة" وأثبتنا ما هو الصواب على ما يقتضيه السياق.
[2/ 464]
لهم به. وإن ثبت عنده ببينة قسمه بطلب بعضهم ولو لم يتفقوا، لجواز جبر الممتنع.
(5)
قوله: "وإن خير أحدهما الآخر إلخ" هذا مقابل لقوله: "وإن تقاسما بالقرعة إلخ" يعني إذا كانت القسمة بالقرعة فليس فيها خيار مجلس ولو تقاسما بأنفسهما، وإن كانت بالتخيير والرضا ثبت فيها خيار المجلس، ولو كان القاسم غيرهما. هذا ما ظهر لي، خلافًا لما ذكره م ص في شرح المنتهى.
(6)
قوله: "بين فسخ أو إمساك": أو بمعنى الواو على حد قول الشاعر:
قومٌ إذا سمعوا الصَّرِيخَ رأيتَهُمْ
…
ما بين ملجم مُهْرِه أو سافِعِ
ولهذا مما أولع به الفقهاء، والصواب ذكره بالواو لأن التخيير بين الشيئين، لا بين شيء أو شيءٍ، كما هو واضح، ولذلك قال الشارح: فيخير بين الفسخ والإرث.
(7)
قوله: "قال في المنتهى إلخ" ليس هذا مباينًا لعبارة المصنف، بل مبيِّن لها. وتوضيح ذلك أنه إن ادعى أحد المتقاسمين غلطًا، ولم يصدقه المدعى عليه، فإن كانا تقاسما بأنفسهما وأشهدا على رضاهما، لم يلتفت لهذه الدعوى ولو مع بينة. ولا يحلف غريمه إلا أن يكون مسترسلاً فيغبن بما لا يتسامح به عادة، فتسمع بينته. وإن كان بقاسم نصباه، أو نصبه حاكم، حلف منكر الغلط إن لم تكن بينة.
(8)
قوله: "تحالفا إلخ": فإن نكل أحدهما فهو، أي المدعى به، للحالف، وإن نكلا فالظاهر أنها تنقض القسمة أيضًا. والله أعلم.
(9)
قوله: "وإن حصلت الطريق إلخ": ظاهر هذا أنه لا يجبر من يلي الباب على الاستطراق من حصته كما هي قبل القسمة، مع أن مسيل الدماء يبقى بعد القسمة على ما هو عليه قبلها إلا باشتراط منعه، فهل بينهما فرق؟
(10)
وقوله: "بطلت" أي ما لم يكن راضيًا عالمًا بأن لا طريق له، كما ذكره ح ف عن ابن قندس. وهو واضح.
باب [2/ 465] الدعاوى والبينات
(1)
الدعاوى بكسر الواو وفتحها، كما في الحاشية.
(2)
قوله: "جائز التصرف": وهو الحر المكلف الرشيد.
(3)
قوله: "أن لا تكون بيد أحد": أي كما لو تنازعا مسناة بين نهر أحدهما وأرض الآخر، فيحلف كل منهما أن نصفها له، ويتناصفانها، كجدارٍ بين ملكيهما، ولا يقدح إن حلف أن كله له أحدهما أو كلاهما. قاله في المنتهى.
قلت: ومن هنا يؤخذ حكم ما يوجد بين أرضين إحداهما أعلى من الأخرى، ويسمونه "الحَبَلَة" فهو جدار ممسك للعليا لاصق بالسفلى، ومنه ما يكون قائمًا منتصبًا ومنه ما يكون فيه ميل، ويتفاوت. وعل كل فالظاهر أنهما يتحالفان ويتناصفانها. لكن يتوجّه أنه ليس لرب السفلى أن يحرث أو يحفر [87ب] فيها إذا كان ذلك سببًا لسقوط شيء من العليا. والله أعلم.
(4)
قوله: "بيد أحدهما": أي ولا بينة للآخر، فهي له بيمينه. لكن لو ادّعى كفنًا على ميتٍ ولا بينة له، فهو للميت، ولا يمين على واحد. اهـ. ح ف.
(5)
قوله: "ولو أقام بينة": أي لأنه داخل، ولا تسمع بينة داخلٍ مع عدم بينة خارج، كما صرح به في المنتهى؛ ولأنه مدعًى عليه. وقد قال في الانتصار (1): لا تسمع إلا بينة مدّعٍ باتفاقنا. فقوله "ولو أقام بينة" غاية لقوله "فإن لم يحلف قضي عليه بالنكول" وحينئذ فقول الشارح: قال في المنتهى إلخ غير مصادمٍ لعبارة المصنف، لأن عبارة المنتهى:"الثاني أن تكون بيد أحدهما، فهي له، ويحلف إن لم تكن بينة" اهـ. أي إن لم تكن لمن العين بغير يده، وهو المدعي، فإن كان له بينة حكم له بها. وعبارة الإقناع بمعناها. فعبارة الشارح تشعر بالاعتراض على عبارة المصنف، وقد علمت ما فيه.
(1) الانتصار هو للقاضي أبي يعلى.
[2/ 466]
(6)
قوله: "وإن تنازع صانعان إلخ": ومثله لو تنازع زوجان، أو ورثتهما، أو أحدهما وورثة الآخر، ولو مع رِقِّ أحدهما، في قماش البيت ونحوه، فما يصلح لرجل فهو له، وما يصلح لها فهو لها، وما يصلح لهما فهو لهما. وكل من قلنا هو له فهو له (1) كما صرحوا به في غير موضع.
(7)
قوله: "من طريق الحكم أو من طريق المشاهدة": أي عملاً بالظاهر، فإن لم تكن يَدٌ حُكميةٌ، كرجل وامرأة تنازعا شيئًا ليس بدارهما، أو صانعان تنازعا آلة ليست بدكانهما، فلا يرجَّح أحدهما بشيء مما ذكر، بل إن كان بيد أحدهما فله، أو بيديهما فلهما، أو في يد غيرهما ولم ينازع أُقرع بينهما. اهـ. م ص.
(8)
قوله: "فالعين له إلخ": أي سواء كان المدعي أو المدعى عليه، قاله م ص في شرح المنتهى. ثم قال: وقد ذكرت ما فيه في الحاشية. اهـ. فالظاهر أن الذي ذكره في الحاشية يرد عليه قوله فيما سبق: "ولا تسمع بينة داخل مع بينة خارج " إلا أن يقال: كل واحد منهما واضع يده، فليس داخلاً محضًا. والله سبحانه وتعالى أعلم.
(9)
قوله:"وتساوتا من كل وجه": أي بأن تشهد كل منهما باليد والملك.
فلو شهدت إحداهما بالملك، والأخرى باليد، قدمت الأولى. ذكره ح ف. لكن لو وقتت إحداهما دون الأخرى، أو شهدت بينةٌ بالملك وسببه، كنتاج أو غيره، وبينة بالملك وحده، أو بينة أحدهما بالملك له منذ سنة، وبينة الآخر بالملك له منذ شهر، ولم تقل اشتراه منه، فهما سواء، ولا تقدم إحداهما بكثرة العدد ولا اشتهار العدالة، ولا الرجلان على الرجل والمرأتين، ولا الشاهدان على الشاهد واليمين.
(10)
قوله: "فهي له بيمينه": أي فمن قَرَعَ صاحبه حلف وأخذه، كما لو لم يكن لواحد منهما بينة. روي عن ابن عمر وإبن الزبير. قاله م ص. ثم قال: وفيه ما نبّهت عليه في الحاشية. اهـ. والذي يظهر لي أن الذي نبّه عليه في الحاشية كون هذا معارضًا لما تقدم أوَّل الباب، من أنهما يتحالفان ويتناصفان، مع أن عبارة
(1) هكذا في النسختين. ولعل الصواب "فهو له بيمينه".
المنتهى والإقناع كذلك. فليحرر. [2/ 467]
(11)
قوله: "وبينة الخارج مقدَّمة على بينة الداخل": أي سواء أقيمت بينة الداخل بعد رفع يده أوْ لا، وسواء شهدت بنتاجه في ملكه أوْ لا. وتسمع بينته وهو منكر لادِّعائه الملك لما بيده. وكذا من ادعى عليه تعدّيًا ببلد ووقت معينين، وقامت به بينة، وهو منكر، فادعى كذبها، أو أقام بينةً أنه كان بذلك الوقت بمحلٍّ بعيد من البلد، فتسمع ويعمل بها.
(12)
قوله: "عن اليمين": أي لكل واحد منهما إن نكل عن اليمينَيْن. أما إن نكل عن إحداهما فإنه يحكم بها كلها لمن نكل عن الحلف له، ويحلف من يأخذها لصاحبه أيضًا، كما صرح به ع ن. وظاهر كلامهم أنه لو حلف لهما يمينًا واحدة، وذكرهما فيها معًا، لا يكفي، بل لا بد من يمينين، ما لم يرضيا بواحدة، والله أعلم.
(13)
قوله: "وحلف كل واحد لصاحبه": فإن أقام أحدهما بينة أنها له بعد حلف صاحبه فالظاهر أنه يحكم له بها، ويرجع من انتزع منه النصف على المقر بذلك. اهـ. ع ن. وكذا لو أقر لأحدهما بالعين، فأقام الآخر بيّنة أنها ملكه، أخذها من المقر له. قال في الروضة (1): وللمقرّ له قيمتها على المقِرِّ. قال الفتوحي: ولم يعرف ذلك لغير صاحب الروضة اهـ. قال م ص: وهو بعيد. اهـ. مع أنه جزم به في المنتهى والإقناع، لكن قواعد المذهب تأباه.
(14)
قوله: "أي وإن لم يصدّقاه": أي بأن يكذباه أو يكذبه أحدهما.
(15)
قوله: "وإلّا حلف يمينًا [88أ] واحدة ويقرع إلخ": لم يقل: ثم يقرع، إشارة إلى أن القرعة لا تتوقف على الحلف، بل تصح قبله، فإن نكل عن اليمين أخذ العين من خرجت له القرعة، ويحلف للمقروع إن كذَّبه في عدم العلم. فإن نكل أخذ منه بدلها. وإن أنكرها ولم ينازع أقرع بينهما. فلو علم أنها للمقروع فقد
(1)"روضة الفقه" قال الدكتور بكر أبو زيد: هو كتاب لم يُعْلَم مؤلفه من الحنابلة. ونقل عنها الفتوحي كما في هذه المسألة. ونقل عنها غيره (المدخل المفصّل 2/ 1046) قلت: ونقل عنه قبل ذلك صاحب الفروع كما في (6/ 3).
[2/ 469] مضى الحكم، فإنها لمن خرجت له القرعة. وإن كان لأحدهما بينة حكم له بها، وإن كان لكلٍّ بينة تعارضتا، سواء أقر لهما أو لأحدهما لا بعينه، أو ليست بيد أحد. وإن أنكرهما فأقاما بيّنتين، ثم أقر لأحدهما بعينه، لم ترجح بينة المقر له بذلك، وحكم التعارض بحاله، وإقراره صحيح. وإن كان إقراره قبل إقامتهما البينتين فالمقَرُّ له كداخلٍ والآخر كخارج، وإن لم يدّعها لنفسه ولم يقرّ بها لغيره ولا بينة لواحد فهي لأحدهما بقرعة.
***