الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفقرة الخامسة
في:
ضرورة لزوم الجماعة
وفي:
التعرف على الفرقة الناجية
وفيها:
مقدمة ونصوص ونقول
النصوص كثيرة في المنع عن مفارقة الجماعة وفي الحض على لزومها، وتأتي الجماعة في اصطلاح الشارع والمراد بها ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ومن ههنا وجد اصطلاح:(أهل السنة والجماعة). ولأهل السنة والجماعة عقائدهم ومذاهبهم الأصولية والفقهية ويجمعهم إيمان بالكتاب والسنة وما ينبثق عنهما، وضوابط في فهم الكتاب والسنة، وما لم يكن الإنسان هذا شأنه في الاعتقاد فليس من أهل السنة والجماعة، وإذا لم يوجد أمثال هؤلاء فلا جماعة على أي نوع من الاصطلاح.
وتأتي كلمة الجماعة، يراد بها أهل الحق والعدل الذين التقوا على إمام راشد قد نفذت أحكامه، فمن دخل في هؤلاء وكانت عقيدته سليمة فهو في جماعة، وتأتي كلمة الجماعة ويراد بها التجمع الإسلامي فهي تقابل الانفراد في البادية لأنه من خلال اللصوق بمراكز التجمع تقوم الجمعة والجماعة.
وتأتي الجماعة بمعنى التمسك بالحق ولو كان صاحب ذلك فرداً، قال تعالى:{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} (1) وكما قال ابن مسعود في أثر صحيح عنه: (الجماعة ما وافق الحق ولو كنت وحدك) أخرجه ابن عساكر.
وقال الترمذي: وتفسير الجماعة عند أهل العلم هم أهلُ الفقه والعلم والحديث، قال وسمعت الجارود بن معاذٍ يقولُ: سمعت عليَّ بن الحسن يقول: سألت عبد الله بن المبارك
(1) النحل: 120.
من الجماعة؟ فقال: أبو بكرٍ وعمر قيل له: قد مات أبو بكرٍ وعمر، قال: فلانٌ وفلانٌ، قيل له قد مات فُلانٌ وفلانٌ، فقال عبد الله بن المبارك: أبو حمزة السكري جماعةٌ.
قال الترمذي: وأبو حمزة هو محمد بن ميمونٍ، وكان شيخاً صالحاً، وإنما قال هذا في حياته عندنا.
وإذا فقدت الخلافة الراشدة أو دولة العدل فههنا قد يختار المسلم، وعندئذٍ ماذا يفعل؟ أن يكون مع أهل الضلال فذلك لا يجوز، وعليه إذن إما العزلة وإما البحث عن أهل الحق مهما قلوا ليضع يده بيدهم فيكون بذلك من الطائفة التي أخبرت عنها النصوص المتضافرة، فلكي لا تضيع المعالم بالمرة فقد جعل الله في هذه الأمة طائفة على الحق مستمرة، هذه الطائفة تحمل الحق وتجاهد من أجله، وأنواع الجهاد متعددة: فمنه جهاد اللسان، ومنه جهاد المال، ومنه جهاد اليد. ومن ههنا فإن هذه الطائفة يدخل فيها المقاتلون في سبيل الله والدعاة والفقهاء والأولياء والمحدثون، والذين يمدون هؤلاء وهؤلاء بالمال، وقد يلتبس الحال فقد يقاتل ويدعو من ليس على بصيرة، ولذلك فإن معرفة الحق هي التي تدلنا على هذه الطائفة كما قال علي:(اعرف الحق تعرف أهله) ومن ههنا كان لابد من موازين نعرف بها هؤءلا، وأول هذه الموازين هي سلامة الاعتقاد، وتوافر شروط الفهم الصحيح، ومظنة ذلك الربانيون من أهل العلم والولاية.
وقد حاول بعضهم أن يقصر هذه الطائفة على أن المراد بها أهل الحديث فضيقوا واسعاً، وهذا منقوض بشيئين:
الأول: أن هذه الطائفة مقرها الشام، ولا يشك أحد بأن نور الدين وصلاح الدين يدخلان في مثل هذه الطائفة.
الثاني: أن بعض النصوص الواردة في هذه الطائفة تذكر القتال والجهاد، بل إن كثيرين من المحدثين ذكروا حديث الطائفة هذا تحت عنوان الجهاد والقتال.
وإن كان بالإمكان أن نحمل قول ابن المديني أن أهل الطائفة همن أهل الحديث بمعنى أنهم الذين يسلمون بالسنة النبوية أصلاً من أصول التشريع ويعتبرونها حكماً في كل ما اختلف
فيه، فيكون المراد بالطائفة هنا هم أهل السنة والجماعة، وعندئذٍ فقصرُ اسم الطائفة على المشتغلين بالحديث يكون خطأ في الفهم، فالمشتغلون في الحديث من أهل السنة والجماعة هم من الطائفة وليسوا كلها.
ولذلك بوب المحدثون لأحاديث الطائفة تحت أكثر من عنوان والبخاري نفسه بوب لحديث الطائفة تحت عنوان: "أهل العلم" والمطلوب من المسلم:
1 -
أن يكون مذاهبه الاعتقادية والأخلاقية والفقهية مذاهب أهل السنة والجماعة.
2 -
أن يلازم الجمعة والجماعات فلا يعتزل جمع المسلمين وجماعاتهم في مساجدهم إلا لعذر قاهر.
3 -
أن يلزم الإمام الراشد ومن معه إذا كان للمسلمين خليفة راشد أو سلطان عادل وإلا فليحاول أن يكون من الطائفة حاملاً للحق، عارفاً به، عالماً بالشريعة مجاهداً من أجل ذلك بأنواع الجهاد المتاحة.
4 -
أن يحاول المسلم في نفسه في كل الظروف والأحوال أن يكون مظهراً لحمل الحق اعتقاداً وسلوكاً فيكون بذلك حجة على خلق الله.
5 -
وفي كل الأحوال ينبغي أن يكون للمسلم إخوانٌ في الله يجمعه وإياهم الحب في الله والاجتماع عليه والتزاور فيه والتباذل فيه.
وها نحن نجول بك جولةً فنذكر نصوصاً، وننقل نقولاً تضعك على لباب في بعض هذه الأمور، لأن بعضها يذكر في مواطن أخرى من هذا الكتاب، وسنركز على تعريفك بما يجمع أهل السنة والجماعة وهو عَلمٌ عليهم.
وابتداء نذكر لك نصوصاً ثلاثة من القرآن الكريم تعرف من خلالها أهل الحق من غيرهم وتعرف بالتالي ما إذا كان عليك أن تعتزل أو أن تصحب.
النص الأول: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * إِنَّمَا
وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} (المائدة) الآيات: 54 - 56.
لقد جاء بعد الأمر كلام عن المجاهدين والعلماء العاملين، فدل السياق على أن مظنة الصدق الذي ينبغي أن نكون مع أهله هم أهل الجهاد والعلم.
إن مجيء قوله تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} في سياق هذه الآيات يدل على أن النص يصف الأخلاقية العامة للأمة الإسلامية، فمن تحقق بها فهو الذي تتمثل به هذه الأمة.
ولننتقل إلى النصوص الحديثية: