الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقدمة
إنه من المناسب بعد أن تحدثنا عن أعمال الإسلام وشعب الإيمان أن نذكر بالجيل الأرقى تحققًا، والأعلى مقاماً والأكثر أجرًا وهو: جيل الصحابة رضوان الله عنهم. مع أننا تحدثنا عن فضل الصحابة في القسم الأول بمناسبة الكلام عن دوائر شرف حول الرسول صلى الله عليه وسلم. وسيمر معنا الكثير عن فضل الصحابة إلا إنه من المناسب أن نشير إلى هذا الموضوع هنا بمناسبة ما مر وبمناسبة ما سيمر عن أن من أسباب الضلال وافتراق الأمة: الموقف من الصحابة رضوان الله عنهم.
لقد وصف الله عز وجل أصحاب رسوله صلى الله عليه وسلم بخير الصفات ونعتهم بخير النعوت، فقال تعالى في أوائل سورة الأنفال {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} (1).
وقد جاء في أواخر السورة قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} (2).
فدل ذلك على أن الصحابة قد تحققوا بالإيمان تحققاً كاملاً بشهادة الله لهم، وقال تعالى {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا} (3) فهذه شهادة أخرى من الله للصحابة بكمال التحقق.
(1) الأنفال: 2 - 4.
(2)
الأنفال: 74.
(3)
الفتح: 26.
(4)
الفتح: 29.
وقال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} (2).
والآيات في فضل الصحابة كثيرة وكلها تدل على أنهم الجيل الأرقى مقاماً لأنهم أخذوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة. وهم الجيل الأكثر أجراً لن من بعدهم في صحائفهم، وهم ومن بعدهم في صحيفة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فالدال على الخير كفاعله. وهم الأكثر تحققاً، فقد كانوا أكثر خلق الله قياماً بواجبٍ، ألا ترى قبورهم منتشرة في الأرض وهم يجاهدون لإعلاء كلمة الله، ولذلك حكم علماء الجرح والتعديل للصحابة بأنهم عدول كلهم ولم يبالوا بالقلة النادرة المكشوفة المعروفة لدى بعض الصحابة بالنفاق، ولا بالذين التحقوا بالإسلام أخيراً، فارتد بعضهم فإما قتل أو تاب، فهؤلاء لا يمثلون خلاصة الصحابة رضوان الله عنهم.
ومع ذلك فإن من ارتد من الحواشي ثم عاد، فإن أمره إلى خير، ولقد اختلف الصحابة فيما بينهم واقتتلوا وأمرهم إلى خير لأنهم كانوا مجتهدين، ولكنه قد هلك بهم أناس كثيرون، فضلوا وأضلوا بسبب الموقف من الصحابة فنشأت فرق ضالة يكفر بعضها بعضاً ويكفر كل من هؤلاء بعض الصحابة، بل استحل بعضهم دماء بعض الصحابة الكبار، فيا ويلهم فيما فعلوا.
ونحن هنا لا نريد أن نستقصي الكلام عن الصحابة، فالكلام عنهم مفرق في هذا الكتاب بمناسباته وإنما أردنا الإشارة كي لا يخلو هذا الباب من الحديث عنهم خاصة وسيأتي فصل نتحدث به عن فرق الضلالة التي ضل بعضها بسبب الموقف من الصحابة وتمشياً مع مبدئنا في هذا الفصل بأن نشير ولا نستوعب لأننا توسعنا في أمكنة أخرى في هذا الكتاب، فههنا نذكر بعض الأحاديث النبوية التي تذكر للأجيال الأولى فضلها، رغم كل ما حدث فيها وفيما بينها، لأنها هي التي حملت الإسلام وأوصلته إلينا، وقامت بحق الله فيه، ولقلة الشاذين والمنحرفين بعد جيل الصحابة بالنسبة لمجموع الأمة.
(1) الفتح: 18.
(2)
التوبة: 100.