الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقدمة
قال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (1).
قال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} (2).
إن كلمة الإسلام تطلق على معنى أعم وهو الدين الذي بعث به محمد صلى الله عليه وسلم والذي القرآن كتابه والسنة شارحة لهذا القرآن، وهو بهذا المعنى فيه كل شيء تحتاجه هداية الإنس والجنس {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} (3) والمسلم من قبل الإسلام قبول تصديق ورضا وتسليم، فآمن بالكتاب والسنة واستسلم لهما وأسلم فيهما اعتقاداً وعملاً.
وتأتي كلمة الإسلام بمعنى خاص فهي تطلق ويراد بها أسهم الإسلام أو أركان الإسلام أو أعمال من الإسلام، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يطالب الداخلين في الإسلام بأعمال تطلب منهم مباشرة بسبب دخولهم الإسلام، وكل ذلك يعتبر أجزاءً من الإسلام.
ومن أساليب العرب في الخطاب أنها تعرف الكل بالجزء لإظهار أهمية الجزء وهو أسلوب استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن لم يعرف أساليب العرب في الخطاب ومن لم يعرف أسلوب رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن فاتته المعرفة الكلية للإسلام وفاته وضع كل جزء من الإسلام في محله ضمن البناء العام الذي يصف أعمال الإسلام، وقد كتبنا كتابنا الإسلام لتوضيح بناء الإسلام أركاناً ومناهج حياة ومؤيدات، وكتبنا كتابنا تربيتنا الروحية لتعرف مقامات السير في دين الله عز وجل، فالإسلام بمعناه الأعم تصورات وأعمال وأحكام وعقائد وعبادات ومناهج حياة ومؤيدات ومقامات تنبثق عن الكتاب والسنة وعما يستنبط بشكل صحيح من الكتاب والسنة، فالأمر واسع ونحن ههنا سنتحدث عن أسهم الإسلام، عن أركان الإسلام، وعن مقامات الإسلام، وعن أعمال أساسية في الإسلام كان يأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم الداخلين الجدد في الإسلام، أو يعلمها لمن يريد تفقها في الإسلام، فأسهم الإسلام
(1) آل عمران: 19.
(2)
آل عمران: 85.
(3)
النحل: 89.
ثمانية كما سنرى، وهذه لها وضع خاص بالنسبة للإسلام.
وأركان الإسلام خمسة وهي من أسهم الإسلام، ولكن لها صفة الركنية بالنسبة لبناء الإسلام فلا يقوم الإسلام إلا بها جميعاً.
ومقامات الإسلام: تصديق، فعمل فتحقق، فالتزام، فشكر.
أو تقول: إيمان، فإسلام بالمعنى الأخص وهو العمل بما تطالب به من الإسلام فإحسان، فتقوى، فشكر.
فالمطلوب الأول: الإيمان بالإسلام، وعلامة ذلك: إعلان الشهادتين، والإيمان بالكتاب والسنة، وبما جاء فيهما.
والمطلوب الثاني: العمل بما افترض الله عليك وترك ما نهاك عنه- وهو الإسلام بالمعنى الأخص فهو العمل- فإذا فعلت ذلك وداومت عليه أوصلك ذلك إلى حقيقة الإيمان.
{قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} (1) أي هو على وشك الدخول بسبب القيام بأعمال الإسلام، فإذا ما دخل نور الإيمان واستنار القلب وصل الإنسان إلى مقام الإحسان، وذلك هو حقيقة الإيمان، فإذا ما وصل إلى الإحسان كمل التزامه بالكتاب والسنة وذلك هو التقوى {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (2).
فإذا ما كثر التزامه فأدى شكر ما أنعم الله به عليه فقد وصل إلى مقام الشكر وهو أرقى المقامات، قال تعالى:{وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} (3) وإنما الطريق للشكر هو التقوى، قال تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (4) وسيد الشاكرين رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم: "أفلا أكون عبداً شكوراً".
وأمهات أعمال الإسلام: أداء الأركان الخمسة، وأخذ الحظ من الأسهم الثمانية بما في ذلك
(1) الحجرات: 14.
(2)
البقرة: 21.
(3)
سبأ: 13.
(4)
آل عمران: 123.
الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعدم موادة المشركين، وموالاة المسلمين، وأداء السلام وإطعام الطعام، والذكر، وترك الخمر، وحفظ اللسان فلا يؤذي مسلما، وترك الشرك والسرقة والزنى وقتل النفس، ويجب السمع والطاعة لأمراء العدل، وعدم منازعة الأمر أهله، وطيب الكلام والصبر والسماحة وحسن الخلق، وترك ما نهى الله عنه، وإعطاء الأمن للناس، وترك الربا وإعطاء الزوجة حقها في المطعم، والملبس، وتولي الله تعالى، والستر على المسلم حيث يجب الستر، وترك الحرام، وعدم إيذاء الجار، وترك الكبائر السبع.
وهذه نصوص تتحدث عن أسهم الإسلام، ثم عن أركانه، ثم عن مقاماته، ثم عن أمهات من الأعمال فيه، وكل ذلك لتعرف الإسلام بالمعنى الأخص، أما الإسلام بالمعنى الأعم فإنك تعرفه من خلال استيعاب الكتاب والسنة وما يخدمهما وما ينبثق عنهما.
* * *