الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النصوص
324 -
* روى الإمام أحمد عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"القلوب أربعة: قلب أجرد فيه مثل السراج يزهر، وقلب أغلف مربوط على غلافه، وقلب منكوس، وقلب مصفح، فأما القلب الأجرد، فقلب المؤمن فسراجه فيه نوره، وأما القلب الأغلف، فقلب الكافر، وأما القلب المنكوس فقلب المنافق الخالص عرف ثم أنكر، وأما القلب المصفح فقلب فيه إيمان ونفاق، ومثل الإيمان فيه كمثل البقلة يمدها الماء الطيب، ومثل النفاق فيه كمثل القرحة يمدها القيح والدم فأي المدتين غلبت على الأخرى غلبت عليه".
وهذا الحديث الصحيح المعنى يشهد لصحة معناه العشرون آية الأولى في سورة البقرة كما ذكرنا ذلك في تفسيرنا وهو أصل عظيم في معرفة القلوب وطريق إصلاحها وكيفية فسادها، وهو دليل لأهل السلوك على فكرة الواردات القلبية التي تنصب في القلب كأثر عن الأعمال الصالحات والمجاهدات. {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} (2). قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الحسن:"والمجاهد من جاهد في ذات الله"(3).
325 -
* روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مولودٍ إلا يولد على الفطرة". ثم يقول: اقرؤوا: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا
324 - مسند أحمد (3/ 17).
مجمع الزوائد (1/ 63). وقال: رواه أحمد والطبراني في الصغير وفي إسناده ليث بن أبي سليم ا. هـ. وقال ابن كثير: رواه الإمام أحمد بإسناد جيد حسن.
القلب الأجرد: مفسر بالحديث، ومعنى الأجرد ليس فيه غل ولا غش فهو على أصل الفطرة.
القلب الأغلف: مفسر بالحديث، والمراد بالأغلف: الذي عليه غشاء عن سماع الحق وقبوله.
القلب المنكوس: مفسر بالحديثن والمراد بالمنكوس: المقلوب.
القلب المصفح: مفسر بالحديث، ومن آثار القلب للصفح أنه: يلقى أهل الكفر يوجه وأهل الإيمان بوجه.
(2)
العنكبوت: 69.
(3)
أحمد (6/ 20).
الترمذي (4/ 165) -23 - كتاب فضائل الجهاد -2 - باب ما جاء في فضل من مات مرابطا.
325 -
مسلم (2047، 2048) -46 - كتاب القدر -6 - باب معنى كل مولود يولد على الفطرة، وحكم موت أطفال الكفار
…
لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} (1).
وزاد البخاري (2): "فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء".
وفي رواية (3) قال: "ما من مولودٍ إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه وينصرانه، كما تنتجون الإبل، فهل تجدون فيها جدعاء، حتى تكونوا أنتم تجدعونها". قالوا: يا رسول الله، أفرأيت من يموت صغيرًا؟ قال:"الله أعلم بما كانوا عاملين".
قوله (ما من مولود إلا يولد على الفطرة):
قال ابن الأثير:
"من" زائدة، "ومولود": مبتدأ، "ويولد" خبره، وتقديره: ما مولود يولد على أمر إلا على الفطرة، وهي لغة: الخلقة -والمراد بها في أشهر الأقوال: الإسلام، قال ابن عبد البر: وهو المعروف عند عامة السلف، وأجمع أهل العلم بالتأويل على أن المراد بقوله تعالى:{فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} (4) الإسلام. ا. هـ.
أقول يولد الإنسان وقلبه نور خالص، فإذا وجد في بيئة إيمانية خالصة وتجاوب معها فإن قلبه يبقى نورًا خالصًا وإلا فإنه يتأثر ببيئته فيخرج إما كافرًا خالصًا أو منافقًا خالصًا أو يخرج وقلبه فيه إيمان ونفاق، فإذا بلغ فأصبح مسؤولاً عن نفسه فعليه أن يصل إلى الإيمان الخالص وبذلك يكون قد أعاد قلبه إلى أصل الفطرة.
(1) الروم: 30.
(2)
البخاري (3/ 219) -23 - كتاب الجنائز -79 - باب إذا أسلم الصبي ل يصلى عليه.
تنتهج البهيمة: تلد.
الجمعاء: الجمعاء من البهائم وغيرها: التي لم يذهب من بدنها شيء.
الجدعاء: المقطوعة الأذن أو الأنف أو الشفة أو اليد وغير ذلك.
(3)
البخاري (11/ 493) -82 - كتاب القدر -3 - باب الله أعلم بما كانوا عاملين.
ومسلم (4/ 3048)، في الموضع السابق.
(4)
الروم: 30.
وأما قوله عليه الصلاة والسلام عمن يموت من أبناء الكافرين:
"الله أعلم بما كانوا عاملين": فقد مر معنا من قبل وأن الشارع في هذا المقام علمنا التفويض في هذا الشأن وأدبنا إليه وترك لنا نصوصًا أخرى تحدد مستقبل هؤلاء الأخروي، ومن القواعد العامة في الشريعة تعرف أنهم ناجون لأنه لا تكليف قبل البلوغ.
* * *