المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفقرة الرابعة: في أمهات من أعمال الإسلام - الأساس في السنة وفقهها - العقائد الإسلامية - جـ ١

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الباب الأولمعالم عقدية

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأولفي:الجسد والروح والعقل والقلب والنفس

- ‌مقدمة الفصل

- ‌الفقرة الأولى: نصوص في الجسد

- ‌الفقرة الثانية: نصوص في الروح

- ‌الفقرة الثالثة: نصوص في العقل

- ‌الفقرة الرابعة: نصوص في القلب

- ‌ نصوص الكتاب في القلب:

- ‌ نصوص السنة في القلوب

- ‌الفقرة الخامسة: نصوص في النفس

- ‌1 - نصوص في النفس ويراد بها الذات

- ‌2 - نصوص في النفس ويراد بها الروح

- ‌3 - نصوص في النفس ويراد بها الروح بعد تلبسها بالجسد

- ‌4 - نصوص في النفس ويراد بها القلب

- ‌الفصل الثانيفيالتكليف ومسؤولية الإنسان أمام الله عز وجل

- ‌المقدمة

- ‌1 - نصوص ونقول في التكليف

- ‌مباحث في العذر بالجهل

- ‌التكليف بما يشق:

- ‌2 - مسائل في التكليف

- ‌المسألة الأولى في أهل الفترة:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌المسألة الرابعة:

- ‌المسألة الخامسة:

- ‌المسألة السادسة: في مسئولية الطفل والمجنون مالياً:

- ‌المسألة السابعة:

- ‌المسألة الثامنة:

- ‌الفصل الثالثفي:مباحث في الإسلام والإيمان

- ‌الإيمان والإسلام

- ‌تحقيقات للعلماء في الإسلام والإيمان:

- ‌الفصل الرابعفي فضل الانتساب إلى الأمة الإسلامية

- ‌المقدمة

- ‌النصوص

- ‌الفصل الخامسفي:فصل الإيمان وفي فضل المؤمن

- ‌المقدمة

- ‌النصوص الحديثة

- ‌الفصل السادسفيأمثال مثل بها لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلموللمستجيبين له

- ‌النصوص

- ‌الفصل السابعفي:الإسلام وأسهمه وأركانه ومقاماته وبعض أعماله

- ‌المقدمة

- ‌الفقرة الأولى: أسهم الإسلام

- ‌الفقرة الثانية: أركان الإسلام

- ‌الفقرة الثالثة: مقامات الإسلام

- ‌الفقرة الرابعة: في أمهات من أعمال الإسلام

- ‌الفصل الثامنبعض شعب الإيمان

- ‌مقدمة

- ‌الفقرة الأولى: نصوص من الكتاب في بعض شعب الإيمان

- ‌الفقرة الثانية: نصوص في بعض شعب الإيمان في السنة

- ‌الفصل التاسعفي:بعض الموازين التي يزن بها المؤمنإيمانه وإسلامه

- ‌مقدمة

- ‌نصوص

- ‌الفصل العاشرفي:فضل الشهادتين وكلمة التوحيد التي هي أصل الإيمان

- ‌المقدمة

- ‌النصوص

- ‌تعليقات

- ‌مسائل وفوائد حول الشهادتين وكلمة التوحيد

- ‌الفصل الحادي عشرفي:الإيمان الذوقي وما يقابله

- ‌المقدمة

- ‌النصوص

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفصل الثاني عشرفي:الجيل الأرقى تحققًا

- ‌المقدمة

- ‌النصوص

- ‌الفصل الثالث عشرفي:الوساوس العارضة وفي خفوت نور الإيمانوزيادته وتجديده وإقلاعه

- ‌المقدمة

- ‌النصوص

- ‌الفصل الرابع عشرفي:الفطرة وحقيقة الإيمان والكفر والنفاق

- ‌المقدمة

- ‌النصوص

- ‌الفصل الخامس عشرفيالكفر والشرك والكبائر

- ‌المقدمة

- ‌النصوص

- ‌تحقيقات

- ‌الفصل السادس عشرفي:النفاق وعلاماته وشعبه

- ‌المقدمة

- ‌النصوص

- ‌الفصل السابع عشرفي:نواقض الشهادتين

- ‌المقدمة

- ‌النصوص

- ‌مسائل وفوائدفي نواقض الشهادتين وتعداد بعضها

- ‌الفصل الثامن عشرفي:الاعتصام بالكتاب والسنة

- ‌المقدمة

- ‌النصوص

- ‌الفصل التاسع عشرفيالتمسك بالسنة

- ‌النصوص

- ‌الفصل العشرونفي:البدعة

- ‌تقسيمات البدعة

- ‌أولًا: تقسيم البدعة إلى عادية وتعبدية:

- ‌ثانيًا: تقسيم البدعة إلى حقيقية وإضافية:

- ‌ثالثًا: تقسيم البدعة إلى حسنة وسيئة:

- ‌رابعًا: تقسيم البدعة إلى فعلية وتركية:

- ‌خامسًا- تقسيم البدعة إلى اعتقادية وقولية وعملية:

- ‌سادسًا: تقسيم البدعة إلى كلية وجزئية:

- ‌سابعًا: تقسيم البدعة إلى بسيطة ومركبة:

- ‌الفصل الحادي والعشرونفي:افتراق هذه الأمة افتراق اليهود والنصارى وزيادةفي:وجوب الكينونة مع الفرقة الناجية وهم أهل السنة والجماعة واعتزال فرق الضلال

- ‌النصوص

- ‌الوصل الأولفي:أشهر فرق اليهود

- ‌أشهر فرق اليهود

- ‌(الفريسيون):

- ‌(الصدقيون):

- ‌(القراءون):

- ‌(الكتبة):

- ‌(المتعصبون):

- ‌الوصل الثانيفي:أشهر فرق النصارى

- ‌أشهر فرق النصارى

- ‌المجامع

- ‌البروتستانتية:

- ‌الوصل الثالثفي:افتراق الأمة الإسلاميةوفي:أشهر الفرق الضالة التي نشأت في بيئات إسلاميةوفي:الفرق الناجية

- ‌المقدمةفي:أسباب انشقاق الفرق الضالة

- ‌الفقرة الأولىفي:ضرورة التعرف على فرق الضلالوبعض الملاحظات حول ذلك

- ‌الفقرة الثانيةفي:نصوص تتحدث عن أعلام في الضلال

- ‌تعليق:

- ‌الفقرة الثالثةفي أشهر الفرق التي نشأت في بيئات إسلاميةوليست من أهل السنة والجماعة

- ‌1 - فرق الخوارج

- ‌2 - المعتزلة

- ‌3 - المرجئة

- ‌4 - بعض الفرق الشاذة من الزيدية

- ‌5 - فرق الكيسانية

- ‌6 - فرق النجارية

- ‌7 - فرق الكرامية

- ‌8 - الإمامية

- ‌9 - فرق الباطنية

- ‌10 - في بعض فرق المشبهة

- ‌11 - في الجاهلية وهم في الجبرية

- ‌12 - الحلوليون والإباحيون

- ‌13 - القائلون بوحدة الوجود

- ‌14 - البابية

- ‌15 - البهائية

- ‌دين البابية والبهائية

- ‌16 - القاديانية

- ‌الفقرة الرابعةفي:الخوارج خاصة

- ‌المقدمة

- ‌النصوص

- ‌الفقرة الخامسةفي:ضرورة لزوم الجماعةوفي:التعرف على الفرقة الناجية

- ‌النصوص الحديثية

- ‌النقول

- ‌الفصل الثاني والعشرونفي:الاختلاف الجائز والاختلاف الممنوع

- ‌المقدمة

- ‌النصوص

- ‌الفصل الثالث والعشرونفي:التحذير من مواطأة الأمم في انحرافاتها

- ‌المقدمة

- ‌النصوص

- ‌التعقيب:

- ‌الفصل الرابع والعشرونفي:التحذير من الفتن والأهواء وأهلها

- ‌المقدمة

- ‌النصوص

- ‌التعقيب

الفصل: ‌الفقرة الرابعة: في أمهات من أعمال الإسلام

‌الفقرة الرابعة: في أمهات من أعمال الإسلام

إنه بمجرد أن يدخل الإنسان في الإسلام تترتب عليه تكاليف وأعمال منها ما مر معنا في هذا الفصل بمناسبة الكلام عن أسهم الإسلام وأركانه ومقاماته، ولكي نأخذ صورة متكاملة عما كان يلقنه رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن يدخل في الإسلام أو لمن يريد أن يتفقه في أعمال الإسلام فإننا نذكر هذه الفقرة لنوى فيها طرائق الرسول صلى الله عليه وسلم في التوجيه وفي تعامله مع المبتدئين أو مع المجتهدين، فذلك كله من سياسات النبوة التي ينبغي أن براعيها المربون، عدا عن كون العرض لهذه الأشياء يذكرنا ببعض دقائق من أعمال الإسلام ينبغي أن يلتزم بها السالكون، وهذه نصوص:

182 -

* روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد، إذ دخل رجل على جمل، ثم أناخه في المسجد، ثم عقله، ثم قال [لهم] أيكم محمد؟ والنبي صلى الله عليه وسلم متكئ بين ظهرانيهم، فقلنا: هذا الرجل الأبيض المتكئ فقال له [الرجل] ابن عبد المطلب؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "قد أجبتك" فقال الرجل [للنبي] إن سائلك فمشدد عليك في المسألة فلا تجد على في نفسك، قال:"سل عما بدا لك" فقال أسألك بربك ورب من قبلك، الله أرسلك إلى الناس كلهم؟ قال:"اللهم نعم" قال أنشدك بالله: الله أمرك أن تصلي الصلوات الخمس في اليوم والليلة؟ قال: "اللهم نعم" قال: أنشدك بالله، الله أمرك أن تصوم هذا الشهر من السنة؟ قال:" [اللهم نعم] " قال: أنشدك بالله، الله أمرك أن تأخذ هذه الصدقة من أغنيائنا، فتقسمها على فقرائنا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم "اللهم نعم" قال الرجل: آمنت بما جئت به، وأنا رسول من ورائي من قومي، وأن ضمام بن ثعلبة، أخو بني سعد بن بكر.

وأخرجه مسلم (1)، وهذا لفظه، قال أنس رضي الله عنه: نهينا في القرآن أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء، فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل، فيسأله

182 - البخاري (1/ 148) 3 - كتاب العلم 6 - باب ما جاء في العلم.

(1)

مسلم (1/ 41) كتاب الإيمان 2 - باب السؤال عن أركان الإسلام.

ص: 169

ونحن نسمع، فجاء رجل من أهل البادية، فقال: يا محمد، أتانا رسولك، فزعم لنا أن تزعم أن الله أرسلك، فقال:"صدق" قال: فمن خلق السماء؟ قال: "الله" قال فمن خلق الأرض؟ قال: "الله" قال. فمن نصب هذه الجبال وجعل فيها ما جعل" قال: "الله" قال: فبالذي خلق السماء وخلق الأرض، ونصب هذه الجبال، الله أرسلك؟ قال: "نعم" قال: وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا؟ قال: "صدق" قال: فبالذي أرسلك، الله أمرك بهذا؟ قال: "نعم" قال: وزعم رسولك أن علينا زكاة في أموالنا؟ قال: "صدق" قال: فبالذي أرسلك، الله أمرك بهذا؟ قال: "نعم" قال: وزعم رسولك أن علينا صوم شهر رمضان في سنتنا؟ قال: "صدق" قال: فبالذي أرسلك، الله أمرك بهذا؟ قال: "نعم" قال: وزعم رسولك أن علينا حج البيت من استطاع إليه سبيلاً؟ قال: "صدق" قال: فبالذي أرسلك الله أمرك بهذا؟ قال: "نعم" قال: ثم ولي، وقال: والذي بعثك بالحق لا أزيد عليهن، ولا أنقص منهن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لئن صدق ليدخلن الجنة".

وعند أحمد والطبراني (1): وكان ضمام رجلاً أشعر ذا غديرتين قال: أنشدك بالله إلهك وإله من قبلك وإله من هو كائن بعدك في السؤالات كلها وقال" الله أمرك أن تأمرنا أن نعبده ولا نشرك به شيئا وأن نخلع هذه الأنداد التي كان آباؤنا يعبدون معه؟ قال: "اللهم نعم" وقال وسأؤدي هذه الفرائض وأجتنب ما نهيتني عنه لا أزيد ولا أنقص، وقال صلى الله عليه وسلم حين ولي "إن صدق ذو العقيصتين يدخل الحنة" ثم خرج حتى قدم على قومه فاجتمعوا إليه فكان أول ما تكلم به أن قال: بئست اللات والعزى قالوا: مه يا ضمام: اتق البرص والجذام اتق الجنون قال ويلكم إنهما والله ما يضران ولا ينفعان. إن الله تعالى قد بعث رسولاً وأنزل كتاباً أستنقذكم به مما كنتم فيه، وإني أشهد أن لا إله إلا الله لا شريك له أشهد أن محمداً عبده ورسوله قد جئتكم من عنده بما أمركم به ونهاكم عنه. فوالله ما أمسى في ذلك اليوم وفي حاضره رجل ولا امرأة إلا مسلماً. يقول ابن عباس: فما سمعنا بوافد قوم يقول أفضل من ضمامٍ.

(1) أحمد (1/ 250، 264/ 265).

الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 289) وقال: رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجال أحمد موثقون.

ص: 170

183 -

* روى البخاري ومسلم عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أهل نجد، ثائر الرأس، نسمع دوي صوته، ولا نفقه ما يقول، حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو يسأل عن الإسلام؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"خمس صلوات في اليوم والليلة" فقال: هل علي غيرهن؟ قال: "لا، إلا أن تطوع" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وصيام رمضان" فقال: هل علي غيره؟ قال: "لا، إلا أن تطوع" قال: وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة، فقال: هل علي غيرها! قال: "لا، إلا أن تطوع" قال: فأدبر الرجل، وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفلح إن صدق، أو دخل الجنة إن صدق".

184 -

* روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أتته امرأة تسأله عن نبيذ الجر، فقال: أن وفد عبد القيس أتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من الوفد؟ أو من القوم؟ قالوا: ربيعة، قال: "مرحبا بالقوم، أو بالوفد، غير خزايا، ولا ندامى"- قال: فقالوا: يا رسول الله، إنا نأتيك من شقة بعيدة، وإن بيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر، وإنا لا نستطيع أن نأتيك إلا في الشهر الحرام،

183 - البخاري (1/ 106) 2 - كتاب الإيمان 34 - باب الزكاة من الإسلام.

ومسلم (1/ 41) 1 - كتاب الإيمان 2 - باب الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام.

ورواه مالك في الموطأ (1/ 175) 9 - كتاب قصر الصلاة في السفر 25 - باب جامع الترغيب في الصلاة.

وأبو داود (1/ 106) أول كتاب الصلاة.

والنسائي (1/ 226) 5 - كتاب الصلاة 4 - باب كم فرضت في اليوم والليلة.

(الثائر الرأس): الشعث الشعر، البعيد العهد بالغسل والتسريح والدهن.

(الدوي): كصوت النحل وغيره.

(نفقه): الفقه: الفهم والعلم، أي: لا يفهم كلامه.

184 -

البخاري (1/ 121) 1 - كتاب الإيمان 40 - باب أداء الخمس من الإيمان.

ومسلم (1/ 47) 1 - كتاب الإيمان 6 - باب الأمر بالإيمان بالله تعالى .. إلخ.

ورواه أيضا أبو داود (3/ 330) كتاب الأشربة -باب في الأوعية.

والنسائي (8/ 120) 47 - كتاب الإيمان 25 - باب أداء الخمس.

(الجر): والجرار، جمع جرة، وهو من الخزف، معروف وقيل: هو ما كان منه مدهونا.

(خزايا): جمع خزيان، من الخزاية. وهي الاستحياء، وكذلك ندامى جمع ندمان، وهو فعلان من الندم.

وهذا البناء من أبنية المبالغة.

(شقة): يقال: بيني وبينك شقة بعيدة، أي: مسافة بعيدة، والشقة: السفر البعيد.=

ص: 171

فمرنا بأمر فصل، نخبر به من وراءنا، وندخل به الجنة. قال فأمرهم بأربع، ونهاهم عن أربع، قال: أمرهم بالإيمان بالله وحده، قال:"هل تدرون ما الإيمان؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم، قال:"شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأقام الصلاة، وإيتاء الزكاة وصوم رمضان، وأن تؤدوا خمساً من المغنم" ونهاهم عن الدباء والحنتم، والمزفت، والنقير- قال شعبة: وربما قال: المقير -وقال: "احفظوه وأخبروا به من وراءكم؟

وزاد في رواية (1) قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأشج- أشج عبد القيس- "إن فيك خصلتين يحبها الله تعالى: الحلم والأناة"

185 -

* روى الترمذي عن معاذ: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأصبحت يوماً قريبا منه ونحن نسير فقلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار، قال "لقد سألتني عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله: تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان، وتحج البيت، ثم قال:"ألا أدلك على أبواب الخير؟ " قلت: بلي يا رسول الله: قال: "الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل من جوف الليل شعار الصالحين" ثم تلا قوله تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا} الآية: ثم قال: "ألا أخبرك برأس الأمر كله وعموده وذروة سنامه؟ "

= (فصل): أمر فصل، أي فاصل قاطع، لا رجعة فيه، ولا مرد له.

(الدياء): القرع واحدها: ذباءة

(الحنتم): جرار خضر كانوا يخزنون فيها الخمر.

(النقير) أصل خشبه تنقر، وقيل: أصل نخلة.

(المزفت): الوعاء المطلي بالزفت من داخل، وكذلك المقير.

أقول: وهذه أوعية حرم ابتداء الانتباذ بها، لأن الانتباذ بها يسرع إليه الإسكار فيختلط فيختلط ثم استقر الأمر على تحريم المكر دون النظر إلى الآنية.

(1)

مسلم في الموضع السابق.

185 -

الترمذي (5/ 11) 41 - كتاب الإيمان 8 - باب ما جاء في حرمة الصلاة (بمعنى: شرف الصلاة وكرامتها) وقال: حديث حسن صحيح.

(الجنة): الوقاية والستر من النار.

(شعار الصالحين): علامتهم.

(ذروة سنامه): أعلى موضع في الإسلام وأشرفه.

ص: 172

قلت: بلي يا رسول الله. قال: "رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد" ثم قال: "ألا أخبرك بملاك ذلك كله." قلت: بلى يا رسول الله: قال: "كف عليك هذا وأشار إلى لسانه" قلت: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال:"ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم- أو قال (على مناخرهم) إلا حصائد ألسنتهم".

186 -

* روى الترمذي عن علي رفعه: "بعث الله يحي بن زكريا إلى بني إسرائيل بخمس كلمات، فلما بعث الله عيسى قال تعالى: يا عيسى قل ليحيى بن زكريا: إما أن يبلغ (ما أرسل) به إلى بني إسرائيل وإما أن تبلغهم. فخرج يحيى حتى صار إلى بني إسرائيل فقال: إن الله تعالى يأمركم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، ومثل ذلك كمثل رجل أعتق رجلا وأحسن إليه وأعطاه فانطلق وكفر نعمته ووالي إلى غيره. وإن الله يأمركم أن تقيموا الصلاة، ومثل ذلك كمثل رجل أسره العدو فأرادوا قتله فقال: لا تقتلوني فإن لي كنزا وأنا أفدي نفسي فأعطاهم كنزه ونجا بنفسه. وإن الله يأمركم أن تصدقوا، ومثل ذلك كمثل رجل مشى إلى عدوه وقد أخذ للقتال جنة فلا يبالي من حيث أتى. وإن الله يأمركم أن تقرءوا الكتاب ومثل ذلك كمثل قوم في حصنهم صار إليهم عدوهم وقد أعدوا في كل ناحية من نواحي الحصن قوماً فليس يأتيهم عدوهم من ناحية من نواحي الحصن إلا وبين يديهم من يدرؤهم عن الحصن. فذلك مثل من يقرأ القرآن لا يزال في أحصن حصن".

187 -

* روى أبو داود والنسائي عن أبي سعيد الخدري، رفعه:"من قال رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولاً وجبت له الجنة".

= (ملاك ذلك): قوامه وما يتم به.

(ثكلتك أمك): فقدتك. وليس المراد ظاهره وإنما هو أسلوب من أساليب العرب في الخطاب.

186 -

الترمذي (5/ 148) 45 - كتاب الأمثال 3 - باب ما جاء في مثل الصلاة والصيام. وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب - وروى البزار نحوه.

187 -

أبو داود (2/ 88) كتاب الصلاة - باب في الاستغفار.

والنسائي (6/ 19) 25 - كتاب الجهاد -18 - باب درجة المجاهد في سبيل الله عز وجل.

ومسلم نحوه (3/ 1501) 22 - كتاب الإمارة -21 - باب بيان ما أعده الله تعالى للمجاهد في الجنة من الدرجات.

ص: 173

188 -

* روى النسائي عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله عنه:

قلت: يا نبي الله، ما أتيتك حتى حلفت أكثر من عددهن- لأصابع يديه-: أن لا آتيك، لا آتي دينك، وإني كنت امرءاً لا أعقل شيئاً، إلا ما علمني الله ورسوله، وإني سألتك بوجه الله، بم بعثك الله إلينا؟ قال:"بالإسلام" قال: وما آيات الإسلام؟ قال: "أن تقول: أسلمت وجهي الله، وتخليت، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة".

زاد في أخرى "كل مسلم على مسلم محرم. أخوان نصيران، لا يقبل عن مشرك بعد ما أسلم عمل؛ أو يفارق المشاركين إلى المسلمين".

189 -

* روى مسلم عن (سفيان بن عبد الله الثقفي) قلت يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك؟ قال: "قل آمنت بالله ثم استقم".

190 -

* روى النسائي عن أنس رفعه: "من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلكم المسلم".

191 -

* روى الترمذي والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن: من أمنة الناس على دمائهم وأموالهم".

192 -

* روى البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"المسلم: من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهاه الله عنه".

188 - النسائي (5/ 83) 23 - كتاب الزكاة -73 - باب من سأل بوجه الله عز وجل. وسنده حسن.

189 -

مسلم (1/ 65) 1 - كتاب الإيمان 12 - باب جامع أوصاف الإسلام.

190 -

النسائي (8/ 105) 47 - كتاب الإيمان 1 - باب صفة المسلم. والحديث سنده حسن.

191 -

الترمذي (5/ 17) 41 - كتاب الإيمان 12 - باب ما جاء في أن المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده. وقال: هذا حديث حسن صحيح.

والنسائي (8/ 105) 47 - كتاب الإيمان 8 - باب صفة المؤمن. وسنده قوي (م).

192 -

البخاري (1/ 53) 2 - كتاب الإيمان 4 - باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.

وأبو داود (2/ 4) كتاب الجهاد- باب في الهجرة هل انقطعت. =

ص: 174

إلا أن النسائي (1) قال: "من هجر ما حرم الله عليه"

وأخرجه مسلم (2) فقال: إن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي المسلمين خير؟ قال: "من سلم المسلمون من لسانه ويده"

193 -

* روى البخاري ومسلم النسائي عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنها أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: أي الإسلام خير؟ قال: "تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف"

194 -

* روى ابن حبان عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"المؤمن من أمنة الناس، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر السوء، والذي نفس محمد بيده، لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه"

195 -

* روى الطبراني وأحمد بن عمرو بن عبسة قلت: يا رسول الله من معك على هذا الأمر؟ قال "حر وعبد" قلت ما الإسلام؟ قال: "طيب الكلام وإطعام الطعام" قلت ما الإيمان؟ قال: "الصبر والسماحة" قلت أي الإسلام أفضل؟ قال: "من سلم المسلمون من لسانه ويده" قلت أي الإيمان أفضل؟ قال: "خلق حسن" قلت أي الصلاة أفضل؟ قال: "أن تهجر ما كره ربك"

= والنسائي (8/ 105) 47 - كتاب الإيمان 1 - باب صفة المسلم.

(1)

النسائي في الموضع السابق.

(2)

مسلم (1/ 65) 1 - كتاب الإيمان 14 - باب بيان تفاضل الإسلام وأي أموره أفضل.

193 -

البخاري (1/ 55) 2 - كتاب الإيمان 6 - باب إطعام الطعام من الإسلام.

ومسلم (1/ 65) 1 - كتاب الإيمان 14 - باب بيان تفاضل الإسلام وأي أموره أفضل.

والنسائي (8/ 107) 47 - كتاب الإيمان 12 - باب أي الإسلام خير.

194 -

الإحسان (1/ 264).

(بوائقه) غوائله وشروره.

195 -

أحمد (4/ 285).

الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 60) باب أي العمل أفضل وأي الدين أحب إلى الله، وقال: فيه شهر بن حوشب، أ. هـ قد حسن بعضهم إسناد الطبراني وأحمد.

ص: 175

196 -

* روى الطبراني عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل أي الإسلام أفضل؟ قال: "من سلم لناس من لسانه ويده" قبل فأي الجهاد أفضل؟ قال: "من عقر جواده وأهريق دمه" قيل: فأي الصلاة أفضل؟ قال: "طوت القنوت".

197 -

* روى النسائي عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "والذي نفسي بيده" ثلاث مرات، ثم أكب، فأكب كل رجل منا يبكي، لا يدري، على ماذا حلف، ثم رفع رأسه وفي وجهه البشري، فكانت أحب إلينا من حمر النعم، قال:"ما من عبد يصلي الصلوات الخمس، ويصوم رمضان ويخرج الزكاة، ويجتنب الكبائر السبع، إلا فتحت له أبواب الجنة، وقيل له: ادخل بسلام"

198 -

* روى النسائي عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من أقام الصلاة، وآتي الزكاة، ومات لا يشرك بالله شيئا، كان حقا على الله أن يغفر له، هاجر أو مات في مولده" فقلنا: يا رسول الله، ألا نخبر بها الناس فيستبشروا بها؟ قال:"إن في الجنة مائة درجة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، أعدها الله للمجاهدين في سبيله، ولولا أن أشق على المؤمنين، ولا أجد ما أحملهم عليه، ولا تطيب أنفسهم أن يتخلفوا بعدي، ما قعدت خلف سرية، ولوددت أني أقتل، ثم أحيا ثم أقتل"

قوله: (هاجر أو مات في مولده) محمول على الحالة التي لا تكون فيها الهجرة فريضة عينية أو على من لا يستطيعها وهي كذلك، والظاهر أن الحديث قد قيل بعد فتح مكة حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية".

199 -

* روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن أعرابيا جاء إلى رسول

196 - الهيثمي في نفس الموضع والباب السابقين وقال: رواه الطبراني في الكبير ورجاله موثقون.

197 -

النسائي (5/ 8) 23 - كتاب الزكاة 1 - باب وجوب الزكاة. وهو حديث حسن.

198 -

النسائي (6/ 20) 25 - كتاب الجهاد 18 - باب درجة المجاهد في سبيل الله عز وجل وإسناده حسن.

199 -

البخاري (2/ 261) 24 - كتاب الزكاة 1 - باب وجوب الزكاة.

ص: 176

الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة، وقال:"تعبد الله، ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان" قال: والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا شيئاً، ولا أنقص منه، فلما ولي قال النبي صلى الله عليه وسلم:"من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة، فلينظر إلى هذا".

200 -

* روى مسلم عن جابر رضي الله عنه، قال: قال النعمان بن قوقل: يا رسول الله أرأيت إذا صليت المكتوبة، وحرمت الحرام، وأحللت الحلال، ولم أزد على ذلك شيئا، أدخل الجنة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"نعم"

وفي رواية (1): أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت إذا صليت المكتوبة وصمت رمضان، وأحللت الحلال، وحرمت الحرام، ولم أزد على ذلك شيئا، أدخل الجنة؟ قال "نعم" قال: والله لا أزيد على ذلك شيئاً.

201 -

*روى الترمذي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من صام رمضان، وصلى الصلوات، وحج البيت" لا أدري أذكر الزكاة أم لا- "كان حقاً على الله أن يغفر له، إن هاجر في سبيل الله، أو مكث بأرضه التي ولد فيها" قال معاذ: ألا أخبر بها الناس؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذر الناس يعملون فإن في الجنة مائة درجة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، والفردوس أعلى الجنة أوسطها، وفوق ذلك عرش الرحمن، ومنها تفجر أنهار الجنة، فإذا سألتم الله، فاسألوه الفردوس

مسلم (1/ 44) 1 - كتاب الإيمان - 4 - باب بيان الإيمان الذي يدخل به الجنة وأن من تمسك بما أمر به دخل الجنة.

200 -

مسلم (1/ 44) 1 - كتاب الإيمان 4 - باب بيان الإيمان الذي يدخل به الجنة وأن من تمسك بما أمر به دخل الجنة.

(1)

نفس الكتاب والباب السابقين.

201 -

الترمذي (4/ 675) 39 - كتاب صفة الجنة 4 - باب ما جاء في صفة درجات الجنة وهو حديث حسن

بشواهده.

ص: 177

202 -

* روى البخاري ومسلم عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال" أخبرني بعمل يدخلني الجنة، ويباعدني من النار، فقال القوم: ماله؟ ماله؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أرب ماله؟ تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم"

زاد (1) في رواية. فما أدبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن تمسك بما أمرته به دخل الجنة"

وفي أخرى (2) أن أعرابياً عرض للنبي وهو في سفر، فأخذ بخطام ناقته- أو بزمامها- ثم قال: يا رسول الله- أو يا محمد- أخبرني بما يقربني من الجنة، ويباعدني من النار، قال: فكف النبي صلى الله عليه وسلم، ثم نظر في أصحابه، ثم قال:"لقد وفق- أو لقد هدى" قال: "كيف قلت:. "قال: فأعاد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "تعبد الله

وذكر الحديث، وقال في آخره: دع الناقة".

203 -

* روى الطبراني عن عبد الله بن مسعود قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أي الأعمال أفضل؟ قال: "الصلاة على ميقاتها" قلت ثم ماذا يا رسول الله؟ قال: "أن يسلم الناس من لسانك".

204 -

* روى أحمد عن ابن مسعود رفعه: "إن الله عز وجل قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم، وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الدين إلا من أحب فمن أعطاه الدين فقد أحبه. والذي نفسي بيده لا يسلم عبد

202 - البخاري (2/ 261) 24 - كتاب الزكاة 1 - باب وجوب الزكاة.

مسلم (1/ 42) 1 - كتاب الإيمان 4 - باب بيان الإيمان الذي يدخل به الجنة وأن من تمسك بما أمر به دخل الجنة.

(1)

مسلم: الموضع السابق

(2)

مسلم: الموضع السابق أرب ماله: أي حاجة ماله، وفي أرب عدة رواياتٍ.

203 -

الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 301).

وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير عمرو بن عبد الله النخعي وهو ثقة.

204 -

أحمد (1/ 387).

ص: 178

حتى يسلم قلبه ولسانه، ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه" قلت وما بوائقه يا رسول الله؛ قال:"غشمه وظلمه ولا يكسب مالا من حرام فينفق منه فيبارك له في ولا يتصدق به فيقبل منه ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار. إن الله لا يمحو السيئ ولكنه يمحو السيئ بالحسن، إن الخبيث لا يمحو الخبيث".

من هذا الحديث وأمثاله أخذ فقهاء الحنفية أن من كان عنده مال حرام فلينفقه بنية التخلص منه، فإذا نوى أن يتصدق فيه فإنه بذلك يكفر لأن من المعلومات من الدين بالضرورة أن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، والحرام ليس بطيب، انظر الهدية العلائية.

205 -

* روى البخاري ومسلم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس، فقال:"تبايعوني على ألا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق".

وفي رواية (1)"ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوني في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب شيئاً من ذلك فستره الله عليه، فأمره إلى الله، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عذبه".

قال: فبايعناه على ذلك.

206 -

* روى البخاري ومسلم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة، في العسر واليسر، والمنشط، والمكره وعلى أثرة علينا، وعلى

= (البوائق): جمع بائقة، وهي الداهية. والبوائق: الظلم والغشم. وقال الكسائي: الغوائل والشرور.

(الغشم): الظلم.

205 -

البخاري (13/ 203) 93 - كتاب الأحكام 49 - باب بيعة النساء.

مسلم (3/ 1333) 29 - كتاب الحدود 10 - باب الحدود كفارات لأهلها.

(1)

البخاري: الموضع السابق.

206 -

البخاري (13/ 192 - 93 - كتاب الأحكام 43 - باب كيف يبايع الإمام الناس. =

ص: 179

ألا ننازع الأمر أهله، وعلى أن تقول بالحق أينما كنا، لا نخاف في الله لومة لاثم.

وفي رواية (1) بمعناه، وفيه "ولا ننازع الأمر أهله".

قال: "إلا أن تروا كفرا بواحاً، عندكم فيه من الله برهان".

207 -

* روى مالك والنسائي والترمذي عن أميمة بنت رقيقة رضي الله عنها قالت: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة من الأنصار، نبايعه على الإسلام، فقلنا: نبايعك على ألا نشرك بالله شيئاً، ولا نسرق، ولا نزني ولا نقتل أولادنا، ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيك في معروف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فيما استطعتن وأطقتن". فقلنا: الله ورسوله أرحم بنا منا بأنفسنا؛ هلم نبايعك يا رسول الله، فقال: "إني لا أصافح النساء؛ إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة؟

208 -

* روى مسلم عن عوف بن ملك الأشجعي، قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة أو ثمانية أو سبعة. فقال: "ألا تبايعون رسول الله؟ " وكنا حديثي عهد ببيعة.

فقلنا: قد بايعناك يا رسول الله ثم قال: "ألا تبايعون رسول الله؟ " فقلنا: قد بايعناك يا رسول الله! ثم قال: "ألا تبايعون رسول الله؟ " قال: فبسطنا أيدينا

= ومسلم (3/ 1470) 33 - كتاب الإمارة 8 - باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية حديث 41.

ومالك (2/ 445) 21 كتاب الجهاد. 1 - باب الترغيب في الجهاد.

والنسائي (7/ 127) 31 - كتاب البيعة 1 - باب البيعة على السمع والطاعة.

(1)

النسائي الموضع السابق.

(المنشط): الأمر الذي تنشط له، وتخف إليه، وتؤثر فعله.

(المكره): الأمر الذي نكرهه، وتتثاقل عنه.

(الأثرة) الاستئثار بالشيء والانفراد به، والمراد في الحديث: إن منبعنا حقنا من الغنائم والفيء. وأعطى غيرنا، نصبر على ذلك.

(كفراً بواحاً) الكفر البواح: الجهار.

(البرهان) الحجة والدليل.

207 -

مالك (2/ 982) 55 - كتاب البيعة 1 - باب ما جاء في البيعة.

النسائي (7/ 149) 29 - كتاب البيعة 18 - باب بيعة النساء.

الترمذي (4/ 151) 22 - كتاب السير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم 27 - باب ما جاء في بيعة النساء وإسناده صحيح.

208 -

مسلم (2/ 721) 12 - كتاب الزكاة 35 - باب كراهة المسألة للناس.=

ص: 180

وقلنا: قد بايعناك يا رسول الله! فعلا نبايعك؟ قال: "على أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً. والصلوات الخمس. وتطيعوا"(وأسر كلمة خفية)"ولا تسألوا الناس شيئاً" فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم. فما يسأل أحداً يناوله إياه.

209 -

* روى الترمذي عن سليمان بن عمرو بن الأحوص رحمة الله، قال: حدثني أي: أنه شهد حجة الوداع مع رسول صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه، وذكر ووعظ، ثم قال:"أي يوم أحرم؟ أي يوم أحرم؟ أي يوم أحرم؟ " قال: فقال الناس: يوم الحج الأكبر يا رسول الله، قال: "فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، وفي شهركم هذا، ألا لا يجني جان إلا على نفسه، ولا يجني والد على ولده، ولا يجني ولده على والده، ألا إن المسلم أخو المسلم، فليس يحل لمسلم من أخيه شيء إلا ما أحل من نفسه، ألا وأن كل ربا في الجاهلية موضوع لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون، غير ربا العباس، فإنه موضوع كلخ، ألا وإن كل دم كان في الجاهلية موضوع، وأول دم أضع من دم الجاهلية: دم الحارث بن عبد المطلب، وكان مسترضعا في بني ليث، فقتلته هذيل، ألا واستوصوا بالنساء خيرا، فإنهن عوان عندكم، ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن ذلك

= أبو داود (2/ 121) كتاب الزكاة- باب كراهية المسألة

النسائي (1/ 231) 5 - كتاب الصلاة 5 - باب البيعة على الصلوات الخمس

209 -

الترمذي (5/ 273) 48 - كتاب تفسير القرآن 10 - باب "ومن سورة التوبة" وقال: هذا حديث حسن صحيح.

(الحج الأكبر): هو يوم النحر، وقيل: يوم عرفة، وإنما سمي الحج الأكبر، لأنهم يسمون العمرة: الحج الأصغر

(وأعراضكم): الأعراض: جمع عرض، وهو النفس، وقيل: الحسب.

(لا يجني جان): الجنابة/ الذنب، وما يفعله الإنسان مما يوجب عليه لجزاء إما في الدنيا وإما في الآخرة، فقوله صلى الله عليه وسلم، "لا يجني جان إلا على نفسه "يريد" أنه لا يطالب بجنايته غيره، ومن أقاربه وأباعده.

(عنوان) جمع عانية وهي الأسيرة، والمعاني: الأسير.

(الفاحشة المبينة): النشوز وسوء العشرة. والمبينة: الواضحة الظاهرة.=

ص: 181

فاهجروهن في المضاجع، واضربوهن ضرباً غير مبرح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً، ألا وإن لكم على نسائكم حقاً، ولنسائكم عليكم حقا، فأما حقكم على نسائكم، فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وإن حقهن عليكم: أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن".

وفي رواية (1) قال: سمعت رسول لله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع للناس "أي يوم هذا؟ " قالوا: يوم الحج الأكبر، قال:"فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا، ألا يجني جان على ولده، ولا مولود على والده، ألا وإن الشيطان قد أيس أن يعبد في بلدكم هذا أبداً، ولكن سيكون له طاعة فيما تحتقرون من أعمالكم فسيرضى به".

(فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون).

المراد بذلك ما ذكره صاحب دليل الفالحين:

لا يأذن لأحد تكرهونه في دخول بيوتكم والجلوس في منازلكم سواء كان المأذون له رجلاً أجنبياً أو امرأة أو أحد محارم الزوجة، فالنهي يتناول جميع ذلك. قلت: ولذا عقب بقوله (ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون) أي تكرهون دخوله لمنزلكم من أنثى وذكر وهذا حكم المسألة عند الفقهاء أنه لا يحل لها أن تأذن لرجل ولا امرأة لا محرم ولا غيره في دخول منزل الزوج إلا من علمت أو ظنت أن الزوج لا يكرهه، لأن الأصل تحريم دخول منزل الإنسان حتى يوجد الإذن منه في ذلك أو ممن أذن له في الإذن في ذلك أو عرف رضاه به بأطراد العرف بذلك ونحوه، ومتى حصل الشك في الرضا ولم يترجح شيء ولا وجدت قرينة لا يحل الدخول ولا الإذن"أ. هـ.

210 -

* روى البخاري ومسلم عن أبي بكرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن

= (الضرب المبرح): الشاق الشديد.

(1)

الترمذي (4/ 461) 24 - كتاب الفتن 2 - باب ما جاء دماؤكم وأموالكم عليكم جرام وقال: هذا حديث حسن صحيح.

210 -

البخاري (10/ 7) 72 - كتاب الأضاحي 5 - باب من قال: الأضحى يوم النحر.=

ص: 182

الزمان قد استدار كهيأته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا منها: أربعة حرم، ثلاثة متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادي وشعبان، أي شهر هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، فقال:"أليس ذا الحجة؟ " قلنا: بلى؛ قال: "أي بلد هذا؟ " قلنا: الله ورسوله اعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال:"أليس البلدة الحرام" قلنا: بلى، قال:"فأي يوم هذا؟ " قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال:"أليس يوم النحر"؟ قلنا: بلى، قال:"فإذن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم، ألا فلا ترجعوا بعدي كفاراً، يضرب بعضكم رقاب بعض، ألا ليبلغ الشاهد الغائب، فلعل بعض من يبلغه ان يكون أوعى من بعض من سمعه" ثم قال: "ألا هل بلغت؟ ألا هل بلغت؟ "قلنا: "اللهم اشهد"

وفي رواية (1)"أن النبي صلى الله عليه وسلم قعد على بعيره، وأمسك إنسان بخطامه، أو بزمامه، فقال: "أي شهر هذا؟ " وذكر نحوه مختصراً.

وزاد مسلم في رواية (2)"ثم انكفأ إلى كبشين أملحين، فذبحهما، وإلى جُزيعةٍ من الغنم فقسمها بيننا".

= مسلم (3/ 1205) 28 - كتاب القسامة 9 - باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال.

(1)

مسلم (3/ 1206) 28 - كتاب القسامة 9 - باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال.

(2)

مسلم نفس الموضع السابق.

قوله: (ثم انكفأ إلى كبشين أملحين فذبحهما) انكفأ: رجع ومال.

(أملحين): الأملح من الغنم: النقي البياض، وقيل: هو المختلط سواده وبياضه، إلا أن البياض فيه أكثر.

(جزيعة من غنم): القطعة من الغنم.

ص: 183

211 -

* روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من حسن إسلام المرء: تركه ما لا يعنيه".

212 -

* روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رجل: ي رسول الله، أنؤاخذ بما عملناه في الجاهلية؟ قال:"من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر".

* * *

211 - الترمذي (4/ 558) 37 - كتاب الزهد 11 - باب حدثنا سليمان بن عبد الجبار البغدادي. وقال حديث غريب لا نعرفه من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه، وأرسله عن علي بن الحسين.

ورواه أيضاً مالك (2/ 903) 47 - كتاب حسن الخلق 1 - باب ما جاء في حسن الخلق.

وهو عنده مرسل عن علي بن الحسين أيضا. وهو حديث حسن وأصل عظيم من أصول الأدب.

212 -

البخاري (12/ 265) 88 - كتاب استتابة المرتدين 1 - باب إثم من أشرك بالله وعقوبته في الدنيا والآخرة.

مسلم (1/ 111) 1 - كتاب الإيمان 53 - باب هل يؤاخذ بأعمال الجاهلية.

أحمد (1/ 271).

ص: 184