المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌مقدمة

- ‌مدخل

- ‌ الوضع السابق للمشكلة:

- ‌تقسيم ومنهج

- ‌مدخل

- ‌الجانب العملي:

- ‌الجانب النظري:

- ‌ دراسة مقارنة:

- ‌النظرية الأخلاقية كما يمكن استخلاصها من القرآن

- ‌الفصل الأول: الإلزام

- ‌مدخل

- ‌مصادر الإلزام الأخلاقي

- ‌مدخل

- ‌أولًا: القرآن

- ‌ثانيًا: السُّنة

- ‌ثالثًا: الإجماع

- ‌رابعًا: القياس

- ‌خصائص التكليف الأخلاقي

- ‌مدخل

- ‌ إمكان العمل:

- ‌ اليسر العملي:

- ‌ تحديد الواجبات وتدرجها:

- ‌تنافضات الإلزام

- ‌كانت

- ‌مدخل

- ‌المرحلة الأولى:

- ‌المرحلة الثانية:

- ‌المرحلة الثالثة:

- ‌فردريك روه

- ‌خاتمة:

- ‌الفصل الثاني: المسئولية

- ‌مدخل

- ‌ تحليل الفكرة العامة للمسئولية:

- ‌شروط المسئولية الأخلاقية والدينية

- ‌الطابع الشخصي للمسئولية

- ‌ الأساس القانوني:

- ‌ العنصر الجوهري في العمل:

- ‌ الحرية:

- ‌ الجانب الاجتماعي للمسئولية:

- ‌خاتمة:

- ‌الفصل الثالث: الجزاء

- ‌مدخل

- ‌ الجزاء الأخلاقي:

- ‌ الجزاء القانوني:

- ‌نظام التوجيه القرآني ومكان الجزاء الإلهي

- ‌مدخل

- ‌طرق التوجيه الكتابية:

- ‌نظام التوجيه القرآني:

- ‌النتائج غير الطبيعية "أو الجزاء الإلهي

- ‌الجزاء الإلهي

- ‌مدخل

- ‌ الجزاء الإلهي في العاجلة:

- ‌ الجزاء الإلهي في الحياة الأخرى:

- ‌خاتمة:

- ‌الفصل الرابع: النية والدوافع

- ‌مدخل

- ‌النية

- ‌مدخل

- ‌ النية كشرط للتصديق على الفعل:

- ‌ النية وطبيعة العمل الأخلاقي:

- ‌ فضل النية على العمل:

- ‌ هل تكتفي النية بنفسها

- ‌دوافع العمل

- ‌مدخل

- ‌دور النية في المباشرة وطبيعتها

- ‌ النية الحسنة:

- ‌ براءة النية:

- ‌ النيات السيئة:

- ‌ إخلاص النية واختلاط البواعث:

- ‌خاتمة:

- ‌الفصل الخامس: الجهد

- ‌مدخل

- ‌جهد وانبعاث تلقائي

- ‌مدخل

- ‌ جهد المدافعة:

- ‌ الجهد المبدع:

- ‌الجهد البدني

- ‌مدخل

- ‌ النجدة:

- ‌ الصلاة:

- ‌ الصوم:

- ‌الصبر والعطاء، والعزلة والاختلاط:

- ‌ جهد وترفق:

- ‌خاتمة:

- ‌خاتمة عامة:

- ‌تنبيه:

- ‌الأخلاق العملية

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: الأخلاق الفردية

- ‌أولًا: الأوامر

- ‌ثانيًا: النواهي

- ‌ثالثًا: مباحات

- ‌رابعًا- المخالفة بالاضطرار:

- ‌الفصل الثاني: الأخلاق الأسرية

- ‌أولًا: واجبات نحو الأصول والفروع

- ‌ثانيًا: واجبات بين الأزواج

- ‌ثالثًا: واجبات نحو الأقارب

- ‌رابعًا: الإرث

- ‌الفصل الثالث: الأخلاق الاجتماعية

- ‌أولًا: المحظورات

- ‌ثانيًا: الأوامر

- ‌ثالثًا: قواعد الأدب

- ‌الفصل الرابع: أخلاق الدولة

- ‌أولًا: العلاقة بين الرئيس والشعب

- ‌ثانيًا: العلاقات الخارجية

- ‌الفصل الخامس: الأخلاق الدينية

- ‌إجمال أمهات الفضائل الإسلامية:

- ‌فهارس الكتاب

- ‌فهرس الأحاديث النبوية الشريفة

- ‌فهرس الأعلام والفرق والقبائل والأماكن:

- ‌قائمة المصطلحات الأجنبية والعربية:

- ‌فهرس الموضوعات

الفصل: ‌ اليسر العملي:

باعتباره تكليفًا له بأن يطيع، في الوقت الذي يعصي. فقد وضح إذن أن الهدف هو إلزامه بأن يكف عن المقاومة، وأن يتيح لنشاطه بديلًا أخلاقيًّا.

فإذا ما أصروا على أن يخلعوا صفة "المحال" على عمل كهذا فلن تكون هذه سوى مشكلة زائفة، وإذا لم يكن الخصمان قد اتفقا على تحديد المراد من الكلمة، فإنهما متفقان بهذا على الوقائع ذاتها، وعلى المبدأ الذي ندافع عنه اتفاقًا كاملًا.

ص: 73

ب-‌

‌ اليسر العملي:

ها نحن أولاء قد أقصينا من مجال التكليف كل ما لا يمكن أن يخضع خضوعًا مباشرًا، أو غير مباشر، لقدرتنا. ومع ذلك، فهذا الإقصاء لا يمكن أن يكون وقفًا على الأخلاق الإسلامية، بل يجب أن نعتبره السمة المشتركة بين جميع المذاهب الأخلاقية العادلة والمعقولة، ولا سيما الأخلاق الموحاة كلها، من حيث كان بدهيًّا أن عكس هذه الأخلاق غير متوافق مع العدالة والحكمة الإلهية. ومضمون النصوص السالف ذكرها يؤكد هذه الملاحظة، إذ هو يقدم لنا في الواقع هذا الشرط في صورة مؤكدة، شديدة العموم، حتى ليحق لنا أن نفسرها على أنها تعبير عن قانون التزمت به الذات الإلهية نفسها، وهو صادق بالنسبة إلى جميع الناس، في جميع الأزمان.

وإليك الآن نصوصًا أخرى لا تقتصر على نفي كل ما هو مستحيل على سبيل الإطلاق -من الأخلاق الإسلامية، وإنما هي تنفي عنها كذلك كل تكليف لا تقر العادة إمكان تحمله، كما تنفي كل مشقة يمكن أن تستنفد قوى الإنسان، حتى لو كانت في حدود طاقتها.

يقول الله سبحانه: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ

ص: 73

الْعُسْرَ} 1، ويقول:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} 2، ويقول:{يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} 3، ويقول:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} 4.

ففي هذه الكلمات نسمع نغمة جديدة تمامًا، إذ إنه على حين أن الشرط الأول، وهو الإمكان، كان يساق على أنه حقيقة أبدية، مستقلة عن المكان وعن الزمان -لا نصادف هنا سوى أقوال مقيدة، تقدم لنا هذا الطابع الثاني: اليسر، على أنه واقعي تاريخي، متصل بالأمة التي يتوجه إليها الخطاب، أعني: أمة الإسلام.

فإذا لم يكن المراد ضرورة أن هذا الطابع إسلامي النوع، فلا أقل من أن يوحي إلينا عدم القصد إلى ذكر قول عام في هذا الصدد، فكرة أن هذا الجانب ليس مشتركًا بين جميع الشرائع المنزلة.

هذه الفكرة التي يمكن أن نستنتجها هنا من مجرد المقابلة الأسلوبية، جاءت إلينا واضحة تمام الوضوح في آية أخرى هي قوله تعالى:{رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} 5، فقد كان هنالك إذن "إصر" مفروض في شريعة سابقة، ففي أي دين كان؟ وما هو هذا الإصر؟

فأما عن النقطة الثانية، فقد ذكر المفسرون أمثلة كثيرة، لا مجال هنا لتحقيق قيمتها التاريخية.

وأما عن النقطة الأولى، فإن العبارات التي استخدمها بعضهم يفهم منها أن ذلك كان في جميع الأديان السابقة، التي باينتها شريعة محمد صلى الله عليه وسلم بما يشبه

1 البقرة: 185.

2 الحج: 78.

3 النساء: 28.

4 الأنبياء: 107.

5 البقرة: آخر آية.

ص: 74

المزية الخفية. غير أننا إذ ما تمسكنا بإشارات القرآن نعتقد أن بوسعنا أن نجيب عن هذين السؤالين إجابة قاطعة محددة.

ففي الحوار الذي أورده القرآن بين الله عز وجل، وبين موسى، عقب الرجفة التي أخذت السبعين المختارين من قومه في جبل سيناء، نقف أمام آية، لو وضعناها بإزاء الآية التي ذكرناها آنفًا لمنحتها قيمة بيانية، حيث قد استعملت نفس ألفاظها. يقول الله تعالى:{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} 1، فبنو إسرائيل والديانة اليهودية يمكن إذن أن يصبحا عبرة لنا، عبرة توضح النص المذكور. ولكن ما أهمية هذا التوضيح؟ أيجب أن نأخذ النصين على أن كلًّا منهما محدد للآخر؟ أم يجب على العكس أن نمضي صعدًا في التاريخ، وأن نمد فيه العبرة إلى الأديان السابقة، ثم نختم حديثنا بامتياز الشريعة المحمدية في هذه النقطة؟ إننا لا نوافق على الافتراض الأخير؛ لأسباب:

أولها: أن من العسير أن نصف دينًا كدين إبراهيم بهذا الوصف، وهو الذي طالما انتسب إليه الإسلام، وخصه القرآن بنفس السمة الرحيمة:{مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} 2.

وثانيها: أن المصاعب التي ذاقها بنو إسرائيل على ما حكى القرآن "كالسبت، وتحريم بعض الطيبات" -لا تبرز أصلًا في ديانته، وإنما هي إجراءات اتخذت فيما بعد عقابًا لهم على سوء عملهم، وهو ما يعبر عنه قوله تعالى:{إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ} 3، وقوله:{فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} 4. وقد فصلت هذه الطيبات المحرمة، التي وردت إشارة هنا -في

1 الأعراف: 156-157.

2 الحج: 78.

3 النحل: 124.

4 النساء: 160.

ص: 75

موضع آخر من السورة السادسة "الأنعام"، ثم ختم التفصيل بقوله تعالى:{ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ} 1.

فالإسلام لم يفعل إذن سوى أن رد الأمور إلى نصابها، ووضعها موضعها. ومع ذلك فتلك هي الرسالة التي كلف عيسى عليه السلام أن يؤدي جانبًا منها على ما حدث القرآن:{وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ} 2.

وثالثها: أننا لا نستطيع أن نفهم بسهولة: كيف تريد رحمة الله أن تثبت منذ البداية نظامًا يضغط ضغطًا شديدًا على الإنسان، ذلك المخلوق الضعيف، حتى لتجعله يئن تحت ثقل نيره، على ما تدل عليه كلمة "إصر"؟ أمن الممكن أن نتحدث، إلى حد ما، وتبعًا للمعتقدات، عن مشقة نسبية في بعض الفرائض الواجب أداؤها، أو أن نتحدث عن قدر معين من المشقة يتفاوت في مبلغ امتداده، أمام حرية المبادأة، أو حرية الاختيار؟

أيًّا ما كان الأمر فلا ينبغي أن تتوسع كثيرًا في هذا الموضوع، الذي قد يحتاج إلى دراسة مقارنة أكثر تفصيلًا. ولنعد إلى نقطة بدايتنا، لنرى بما نسوق من أمثلة -بعض مظاهر اليسر العملي الذي خص به القرآن أوامره.

والمظهر الأول يكمن في أن القرآن لا يفرض علينا الغلو في تطبيق بعض الأعمال التعبدية، كقيام الليل في الصلاة، وإنما هو ينصحنا بعدم التزام هذا الغلو، ويفصح عن بعض مساوئه.

فمن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بداية رسالته مأمورًا أن يقوم شطرًا كبيرًا من الليل في الصلاة، وترتيل القرآن، وهو قوله تعالى: {قُمِ اللَّيْلَ

1 الأنعام: 142.

2 آل عمران: 50.

ص: 76

إِلَّا قَلِيلًا، نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا، أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} 1، وقد سار على هدي النبي صلى الله عليه وسلم بعض صحابته، حيث اعتادوا أن يفعلوا ما يفعل. وها نحن أولاء نقرأ في نهاية السورة ذاتها درسًا موجهًا إلى هذه الطائفة من القائمين بالليل، يلفت أنظارهم إلى أنهم لن يستطيعوا أن يداوموا على هذه الشعيرة في ظروف معينة؛ كالمرض، والسفر، والجهاد. ثم يأمرهم أن يكون قيامهم بالليل بقدر ما تسمح أحوالهم:{فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} 2.

وقد ظهرت هذه الروح -التي ترى الإفراط في التحنث- لدى بعض الصحابة في المدينة -فلم تواجه بأقل مما سبق، باعتبارها انحرافًا مناقضًا لروح الشريعة. وينتج من مجموع النصوص القرآنية والنبوية المتعلقة بهذا الموضوع أن الإسلام يعلق أهمية كبيرة على بعض الأوامر التي لا ينبغي أن يغفل عنها امرؤ تقي، وربما كان إغفالها هو النتيجة الطبيعية لهذا الإفراط.

فقد رأينا أن الإنسان ليس عليه فقط أن يتحفظ من إطالة عبادة، ربما تعوقه في أداء الواجبات الأخرى "كالتجارة، والجهاد"، ولكن العمل العبادي نفسه لا ينبغي أن يتحول إلى نوع من الآلية، التي لا يحس المرء معها إحساسًا واضحًا بما يفعل، أو بما يقول:{حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} 3.

ولقد يحدث -كما يلاحظ النبي، صلى الله عليه وسلم أن ينشأ عن طول القيام والسهر اضطراب في نظام الدماغ، يحدث أخطاء فاحشة في الصلاة، فقد يريد المرء أن يسأل الله المغفرة، فيتفوه بألفاظ من التجديف، أو قد يلعن نفسه، وفي

1 المزمل: 2-4.

2 المزمل: 20.

3 النساء: 43.

ص: 77

ذلك يقول رسول الله، صلى الله عليه وسلم:"إن أحدكم إذا صلى وهو ناعس، لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه"1. فلكيلا يبلغ الأمر هذا المبلغ رغب الإسلام في نوع من الاسترخاء البدني، أو الشبع المادي، وهو ما يمنح المرء راحة خلال هذه المهمة التعبدية. واسمع في ذلك قوله، صلى الله عليه وسلم:"ليصل أحدكم نشاطه، فإذا كسل-أو فتر- قعد"2.

فالقيام بأي نشاط تعبدي ينبغي إذن أن يستغرق الزمن الذي يحتفظ فيه القلب بنشاطه وسروره فحسب؛ إذ من الواجب علينا ألا نحول عبادة الله إلى عمل بغيض إلى قلوبنا: "ولا تُبَغِّض إلى نفسك عبادة الله"3.

وملاحظة أخيرة، ولكنها ليست أقل الملاحظات صدقًا، تلك هي أن الذي يخطئ بالإسراف في عمل معين، ينتهي غالبًا إلى أن يخطئ بالتقتير في نفس العمل، بل وقد يعرض عنه إعراضًا نهائيًّا، ومثل هذا الإنسان، في منطق رسول الله صلى الله عليه وسلم كمثل فارس منهمك في مضماره، فهو لا يلبث أن يرهق فرسه حتى يقتلها، دون أن يبلغ هدفه:"إن المُنْبَتَّ لا أرضًا قطع، ولا ظهرًا أبقى"4.

وليس الأمر في هذه الأمثلة كلها أمر إزالة عقبة ماثلة، وإنما هو التهيؤ لمواجهة عقبات محتملة، وإن كانت تقريبًا مؤكدة. والحل لا يتدخل لتغيير.

1 رواه مسلم، كتاب الصلاة، باب 139.

2 البخاري، كتاب التهجد، باب 18، ومسلم، كتاب الصلاة، باب 139.

3 مسند أحمد، مسند أنس.

4 المرجع السابق، وقد عثرنا عليه في "فيض القدير شرح الجامع الصغير للمناوي" 2/ 544، قال الهيثمي: وفي إسناده يحيى بن المتوكل أبو عقيل، وهو كذاب. "المعرب".

ص: 78

بعض الأشياء في بنية العقل، وإنما هو يتدخل في مدة الفعل؛ ليفرض عليه في اللحظة المناسبة قرارًا منسجمًا مع الإرادة.

ولنتناول الآن جانبًا ثانيًا:

وتعنينا هنا قضية واجب ثابت في الظروف العادية، أو في ظروف خاصة مناسبة. ولكن ها هي ذي الظروف تتغير، فتجعلنا في موقف يصبح فيه أداء الواجب بمعناه الكامل الذي حدد ابتداء -عسرًا حقيقيًّا- فهل يجب علينا، برغم كل شيء أن نؤديه كما هو؟ وهل يمكن أن تنام عين الله عما نلاقي من مشقة، فلا تهتم بالموقف الجديد؟

كلا

بلا ريب، ففي هذا الظرف بالذات يظهر بكل وضوح الطابع الرحيم للشريعة القرآنية، فإن الحل سوف يتمثل -في الواقع- في تعديل للواجب تبعًا لظروف الحياة الجديدة، أي: إن العمل سوف يتعرض لنوع من التصرف، أقل أو أكثر عمقًا، وسوف يكون ذلك بحسب مقتضيات الظرف، سواء أكان تغييرًا، أم تخفيفًا، أم تأجيلًا، أم حتى إلغاء.

وهذه الاعتبارات ذاتها سوف تنطبق على العمل سواء أكان تغير الموقف نهائيًّا، وإلى الأبد، أم كان نسبيًّا يخض هذه الحالة أو تلك، هذه الطائفة من الناس أو من الأشياء.

ولنأخذ على ذلك مثلًا خفف فيه الواجب بصورة نهائية. ونتساءل: ما النسبة العددية التي يجب بمقتضاها على أي شعب مسلم محتل أن يواجه عدوه بمقاومة مسلحة؟ النسبة واحد إلى عشرة، بموجب قوله تعالى:{إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} 1، وذلك هو الحل.

1 الأنفال: 65.

ص: 79

الأول الذي قدمه القرآن إلى الجيش الإسلامي الأول، حين لم يكن به سوى بضع عشرات من الرجال.

لكن الغريب أن هذا الشعب، حين يصبح مع الزمن أكثر وأعز نفرًا، وبحيث لن يعود أبدًا إلى الموقف الأول، هذا الشعب الفتيّ الممتلئ حماسًا، يبدو أنه لم تعد لديه نفس الصفات المتدفقة التي كانت لديه من قبل، وهو أمر يمكن تفسيره بأنه نوع من الاسترخاء الطبيعي، الناشئ عن كثرة الجماهير التي تتساعد فيما بينها، والتي يبدو حضورها وكأنما يعفي كل فرد من جزء من جهده. فكيف يمكن في مثل هذه الظروف النفسية، أن نكلف الأمة بأن تقف الموقف البطولي الذي سجله الأولون؟

على أن لدى المجاهد المسلم تفوقًا روحيًّا بفضل الإيمان الذي يحركه، وهو أمر سوف يمنحه دائمًا ميزة على خصمه، وما كان له أن ينزل بمستواه حتى يكون عِدْلَه، ومن هنا يأتي الحل الثاني والأخير الذي تصبح النسبة بموجبه: واحدًا ضد اثنين، وهو قوله تعالى:{الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ} 1.

في هذا المثال نجد التشريع لا يتدخل لحل الحالة الصعبة إلا في أعقابها.

على أنه في أغلب الأحيان يتدخل في نفس الوقت، فقد نجد أنفسنا في حالة عادية، يملك التشريع فيها ناصية الموقف، ومع ذلك تلمح القاعدة حالة استثنائية فتجد لها مخرجًا.

وهذا المخرج يكون تارة: إعفاء كاملًا، كما يُعفى العاجزون من فريضة الجهاد، والله يقول:{لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} 2.

1 الأنفال: 66.

2 الفتح: 17.

ص: 80

وكما يجوز للمستضعفين في الأرض، ممن ينبغي عليهم أن يبحثوا عن ملجأ آمن يمارسون فيه حرية العقيدة والعبادة -يجوز لهم أن يبقوا حيث هم، ما داموا لا يملكون وسيلة الهجرة، وهو قوله تعالى:{إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا، فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ} 1.

والمسافر الذي لا يجد ما يتقوت به مما أحل الله، يمكنه بل يجب عليه بنفس القدر، أن يطعم أي شيء، ولا يترك نفسه يهلك جوعًا:{فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} 2.

وتارة يكون المخرج إعفاء جزئيًّا، ومن ذلك: قصر الصلاة أثناء السفر، فيما قال الله تعالى:{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} 3.

ومنه: أن الصلاة أثناء المعركة يمكن أداؤها خلال المشي، أو ركوب الفرس، وهو قوله تعالى:{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} 4.

وتارة ثالثة: يكون المخرج مجرد إرجاء، فالمرضى والمسافرون ليسوا ملزمين بالصوم في وقته المحدد، وبوسعهم قضاءه في مقبل الأيام:{وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} 5.

ورابعة: يكون المخرج استبدال عمل يسير بآخر عسير، فالمسافر الذي لا يجد ماء ليتطهر، والمريض الذي لا يطيق استعماله -يجب أن يكتفي كل منهما

1 النساء: 98.

2 المائدة: 3.

3 النساء: 101.

4 البقرة: 239.

5 البقرة: 185.

ص: 81

بعملية رمزية، عبارة عن لمس حجر نظيف أو رمل نظيف، ثم يمسح بيده على وجهه ويديه:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} 1.

وجدير بالذكر أن النص في أغلب هذه الأمثلة يبرز جانب اليسر العملي الذي تنطوي عليه، والذي يؤكد رحمة الشرع الإلهي، ففيها إذن الصفة الضرورية للدلالة على أن الأمر ليس أمر بعض العوارض الطارئة، أو حدث ناشيء عن صدفة، وإنما هو مبدأ جوهري يعتبر تطبيقه هدف محاولة دائمة.

ولننظر وجهًا آخر للعلاقة بين الواجب والموقف، ولقد وجدنا في الجوانب التي درسناها حتى الآن أن العقبة التي يتنازل أمامها التكليف بعض تنازل كانت عقبة طبيعية، ليست من صنع الإنسان؛ إذ كيف نجعل في الواقع من قبيل الضرورة حالة ميكانيكية ركبها الإنسان بنفسه، ومن ثم فهو قادر على أن يفكها؟

ومع ذلك فهناك حالات يصبح فيها هذا الموقف المصطنع مع طول الزمن أشبه بطبيعة ثانية، متمردة، لا يمكن تذليلها، فهل يجب حينئذ أن نتقهقر أمام هذه الصعوبة، ونعاملها كواقع ليس في طاقة الإنسان أن يتجنبه، بحيث ينبغي أن يقف أمامه موقفًا سلبيًّا في انتظار ما يئول إليه؟

إن الحل الأصيل الذي جاءت به الشريعة الإسلامية مختلف عن ذلك تمامًا، فهو يقوم على التصدي لهذا الموقف، وتناوله بطريقة خاصة، حتى يتاح للإنسان أن يرتقي مرة أخرى، في المنحدر الذي هبط منه، شيئًا فشيئًا، وبحيث يتسنى له -حين يبلغ مستوى معينًا- أن يتقبل النظام الأخلاقي، الذي ظل حتى ذلك الحين معلقًا.

ولدينا في هذا المقام مثال واضح الدلالة، يقدمه لنا موقف القرآن في

1 المائدة: 6.

ص: 82

مواجهة إحدى العادات السيئة، التي تنوقلت على مدى الزمن، من جيل إلى جيل، وغرست جذورها عميقة في الجهاز العصبي، بل وفي كيان أولئك الذين مردوا عليها وأدمنوها.

نريد أن نتحدث عن ذلكم الخبال، وتلكم الآفة الإنسانية التي هي الخمر. والآيات -التي نجد فيه إشارات إلى حالة السكر، وإلى الأشربة المتخمرة المسكرة- بلغت أربعًا، كانت رابعتها وأخيرتها هي التي نصت على التحريم الصريح لهذه الأشربة.

أما الثلاثة الأولى فلم تكن سوى مراحل تدريجية لتهيئة الاستعداد النفسي لدى المؤمنين، حتى يتقبلوا هذا التحريم.

وقد تمت الخطوة الأولى في هذه الطريق في كلمة نزلت بمكة، كلمة واحدة مست المسألة مسًّا رفيقًا، فمن بين الخيرات التي استودعها الله سبحانه في الطبيعة، يذكر القرآن:{ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ} ويضيف إليها: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} 2. فهو لم يقصد إلا إلى الموازنة بين "السُّكر"، والثمرات الأخرى التي يصفها بأنها "حسنة"، دون أن يصف هذا السكر نفسه. وبذلك صار لدى المؤمنين دافع إلى الإحساس ببعض التحرج والوسوسة تجاه هذا النوع من الشراب.

ولكن ها هم أولاء بعد قليل من وصولهم إلى المدينة يفاجئون مرة أخرى بنص ثان، من شأنه أن يقوي تحرجهم ووسوستهم، وهو يعقد مقارنة موجزة بين منافع الخمر والميسر ومضارهما، ويختم القرآن تلك المقارنة بهذه العبارات:{وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} 3.

1 النحل: 76.

2 الآية السابقة.

3 البقرة: 219.

ص: 83

فإذا كان حقًّا ألا شيء في هذه الدنيا بخير مطلق، أو شر محض، وأن ما يسمى خيرًا أو شرًّا ليس في جملته إلا ما يحتوي على نسبة أكبر من هذا أو ذاك، فإن النتيجة التي نخلص إليها لا بد أن تكون الإدانة الحقيقية.

بيد أن الذي حدث هو أن التحريم لم يكن واضحًا بدرجة كافية لجميع العقول؛ ولذلك ظل عدد من المسلمين يشربون، ولعلهم كانوا هم الغالبية، على حين بدأ آخرون منذ ذلك الوقت الامتناع عن الشرب، ومن ثم كان لازمًا بعض الأوامر الأكثر صراحة؛ كيما تصل جميع العقول إلى الاقتناع الكامل، ومع ذلك فإن هذا كله لم يكن بلا تأثير على جانب اللاشعور في المجتمع، حتى إن بعض ذوي العقول الراجحة كانوا يتوقعون نزول حكم نهائي يؤيد وجهة نظرهم، وقد حدث فعلًا أن نزل حكم، ولكنه لم يكن الحكم النهائي، وإنما سوف نجده يمثل مرحلة وسيطة.

في هذه المرحلة الثالثة لم يقل القرآن: "لا تشربوا"، بل قال:{لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} 1. وهنا نلاحظ التقدم الذي حققته هذه الخطوة، إذا ما ذكرنا أن الصلاة تعتبر الفريضة الأولى في الإسلام، لا لأنها الفريضة الدينية الأولى، التي يجب أداؤها في أوقاتها، ولكن لأنها كذلك المناط الخارجي والعلامة المميزة للمؤمن -هذا من ناحية.

ومن ناحية أخرى، يجب أن تقام خمس مرات في اليوم والليلة؛ أربع منها ما بين الظهر إلى الليل، وينتج عن ذلك أن الذي يشرب أثناء هذه الفترات يكاد يخل بالفريضة، بل بأكثر الفرائض قداسة.

وهكذا كان هذا التحريم الجزئي غير المباشر منهجًا علميًّا لتوسيع فترات انقطاع التأثير الكحولي، وفي نفس الوقت تقليل رواج الأشربة، وتجريدها

1 المائدة: 43.

ص: 84

من سوقها بالتدريج، دون إحداث أزمة اقتصادية بالتحريم الشامل والمفاجئ.

وحين تم هذا، وتخلصت التجارة من تأثيرها لم تبق سوى خطوة واحدة، وهي الخطوة التي أنجزتها الآية الرابعة، والأمر الأخير:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} 1.

هذا المسلك اليسير المتدرج يدعونا إلى أن نتذكر الطريقة التي يستخدمها الأطباء المهرة لعلاج مرض مزمن، بل أن نتذكر -بصفة عامة- المنهج الذي تلجأ إليه الأمهات لفطام أولادهن الرضع، ذلك أن هذه الوسائل التي خلت من العنف والمفاجأة تدعو الجهاز الهضمي إلى أن يغير نظامه شيئًا فشيئًا، ابتداء من أخف الأطعمة حتى أعسرها، مارًّا بجميع الدرجات الوسيطة، ألا ما أعظم رحمة الله التي ترفقت بالعباد، على نحو لم يبلغه فن العلاج، ولا حنان الأمهات!!

هذا الجانب التدريجي الذي درسناه لا يقتصر وجوده على بضعة أمثلة فحسب، بل هو ينطبق أيضًا، وبطريقة جدّ واضحة، على الأخلاق القرآنية في مجموعها، كما ينطبق على النظام الإسلامي بعامة.

ومن المعلوم أن القرآن الذي يقوم في هذا النظام بالدور الرئيسي -لم يجئ إلى الناس كتابًا، جملة واحدة، على نحو ما نراه اليوم، فلقد ظهر بعكس ذلك نجومًا تتفاوت في كمها، خلال نيف وعشرين عامًا، تنقسم إلى مرحلتين متساويتين تقريبًا: المرحلة المكية، والمرحلة المدنية. ومن اليسير ملاحظة أن الآيات التي نزلت في المرحلة الأولى كان موضوعها الأساسي دعم الإيمان، وتثبيت المبادئ والقواعد العامة للسلوك، وأن ما سوى تعاليم

1 المائدة: 90.

ص: 85

الصلاة والمعاش، وهو تطبيق هذه القواعد العملية على حلول المشكلات الخاصة، الأخلاقية والشرعية -كان كله تقريبًا مقصورًا على المرحلة الثانية.

ومن هذه الوجهة نستطيع أن نقول: إن المرحلة المكية كانت في مجموعها نوعًا من الإعداد، ولكن التطبيقات المقدرة والمحددة لهذه المبادئ العامة قد توزعت بصورة متفاوتة على عشر سنوات. كذلك نستطيع القول بأن كل أمر جديد كان ينشئ في مجال التكليف تقدمًا بالنسبة إلى الحالة السابقة، ونقطة انطلاق بالنسبة إلى الحالة اللاحقة.

وإنه ليكفي أن نلاحظ هذه المجموعة من الأوامر، المنفصل بعضها عن بعض، بمراحل تتفاوت طولًا وقصرًا؛ لكي نتفق على أن فيها منهجًا تربويًّا، بلغ الذروة في قيمته، وذلك بغض النظر عن أسباب النزول التي تفسر وتسوغ إقرار كل واجب جديد.

وحسبنا أن نتخيل ما كان يمكن أن يحدث لو أن هذه الكثرة من الواجبات المتصلة بجميع مجالات الحياة -قد فرضت مرة واحدة، وبصورة شاملة!! أما وهي قد وزعت على هذا النحو فإن النفوس جميعًا قد تقبلتها بارتياح كامل، حتى كأنها كانت تزداد قوة واستعدادًا كلما كانت تمارس واجبًا منها.

لم يفهم الكفار على عهد النبي هذه الحكمة التشريعية السامية؛ ولذلك اعترضوا فقالوا: {لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} 1، وترد الآية نفسها على اعتراضهم:{كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ} 2، ثم نقرأ في آية أخرى تفسيرًا ثانيًا:{لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} 3.

1 الفرقان: 32.

2 السابقة.

3 الإسراء: 106.

ص: 86