المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌مقدمة

- ‌مدخل

- ‌ الوضع السابق للمشكلة:

- ‌تقسيم ومنهج

- ‌مدخل

- ‌الجانب العملي:

- ‌الجانب النظري:

- ‌ دراسة مقارنة:

- ‌النظرية الأخلاقية كما يمكن استخلاصها من القرآن

- ‌الفصل الأول: الإلزام

- ‌مدخل

- ‌مصادر الإلزام الأخلاقي

- ‌مدخل

- ‌أولًا: القرآن

- ‌ثانيًا: السُّنة

- ‌ثالثًا: الإجماع

- ‌رابعًا: القياس

- ‌خصائص التكليف الأخلاقي

- ‌مدخل

- ‌ إمكان العمل:

- ‌ اليسر العملي:

- ‌ تحديد الواجبات وتدرجها:

- ‌تنافضات الإلزام

- ‌كانت

- ‌مدخل

- ‌المرحلة الأولى:

- ‌المرحلة الثانية:

- ‌المرحلة الثالثة:

- ‌فردريك روه

- ‌خاتمة:

- ‌الفصل الثاني: المسئولية

- ‌مدخل

- ‌ تحليل الفكرة العامة للمسئولية:

- ‌شروط المسئولية الأخلاقية والدينية

- ‌الطابع الشخصي للمسئولية

- ‌ الأساس القانوني:

- ‌ العنصر الجوهري في العمل:

- ‌ الحرية:

- ‌ الجانب الاجتماعي للمسئولية:

- ‌خاتمة:

- ‌الفصل الثالث: الجزاء

- ‌مدخل

- ‌ الجزاء الأخلاقي:

- ‌ الجزاء القانوني:

- ‌نظام التوجيه القرآني ومكان الجزاء الإلهي

- ‌مدخل

- ‌طرق التوجيه الكتابية:

- ‌نظام التوجيه القرآني:

- ‌النتائج غير الطبيعية "أو الجزاء الإلهي

- ‌الجزاء الإلهي

- ‌مدخل

- ‌ الجزاء الإلهي في العاجلة:

- ‌ الجزاء الإلهي في الحياة الأخرى:

- ‌خاتمة:

- ‌الفصل الرابع: النية والدوافع

- ‌مدخل

- ‌النية

- ‌مدخل

- ‌ النية كشرط للتصديق على الفعل:

- ‌ النية وطبيعة العمل الأخلاقي:

- ‌ فضل النية على العمل:

- ‌ هل تكتفي النية بنفسها

- ‌دوافع العمل

- ‌مدخل

- ‌دور النية في المباشرة وطبيعتها

- ‌ النية الحسنة:

- ‌ براءة النية:

- ‌ النيات السيئة:

- ‌ إخلاص النية واختلاط البواعث:

- ‌خاتمة:

- ‌الفصل الخامس: الجهد

- ‌مدخل

- ‌جهد وانبعاث تلقائي

- ‌مدخل

- ‌ جهد المدافعة:

- ‌ الجهد المبدع:

- ‌الجهد البدني

- ‌مدخل

- ‌ النجدة:

- ‌ الصلاة:

- ‌ الصوم:

- ‌الصبر والعطاء، والعزلة والاختلاط:

- ‌ جهد وترفق:

- ‌خاتمة:

- ‌خاتمة عامة:

- ‌تنبيه:

- ‌الأخلاق العملية

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: الأخلاق الفردية

- ‌أولًا: الأوامر

- ‌ثانيًا: النواهي

- ‌ثالثًا: مباحات

- ‌رابعًا- المخالفة بالاضطرار:

- ‌الفصل الثاني: الأخلاق الأسرية

- ‌أولًا: واجبات نحو الأصول والفروع

- ‌ثانيًا: واجبات بين الأزواج

- ‌ثالثًا: واجبات نحو الأقارب

- ‌رابعًا: الإرث

- ‌الفصل الثالث: الأخلاق الاجتماعية

- ‌أولًا: المحظورات

- ‌ثانيًا: الأوامر

- ‌ثالثًا: قواعد الأدب

- ‌الفصل الرابع: أخلاق الدولة

- ‌أولًا: العلاقة بين الرئيس والشعب

- ‌ثانيًا: العلاقات الخارجية

- ‌الفصل الخامس: الأخلاق الدينية

- ‌إجمال أمهات الفضائل الإسلامية:

- ‌فهارس الكتاب

- ‌فهرس الأحاديث النبوية الشريفة

- ‌فهرس الأعلام والفرق والقبائل والأماكن:

- ‌قائمة المصطلحات الأجنبية والعربية:

- ‌فهرس الموضوعات

الفصل: ‌نظام التوجيه القرآني:

الموت، اللهم فيما عدا موضعًا واحدًا1، وعد فيه المسيح بمكافأة مزدوجة: في الحياة المقبلة، وفي هذه الحياة "وهي إضافة نجدها في إنجيل مرقص، الإصحاح العاشر الجملة 30، ولكنها غير موجودة في إنجيل متى، الإصحاح التاسع عشر 29".

1 ربما كان من المناسب أن نستثني أيضًا بعض الفقرات في رسائل القديس بولس، حيث وعد الأولاد المطيعين بالأعمار الطوال على الأرض "رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس - 3"، ووعد عامة الناس بأن يزيدهم الله كل نعمة "مادية" لكي يكونوا ولهم كل اكتفاء، كل حين، في كل شيء، يزدادون في كل عمل صالح، فيعطوا المساكين، "رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس، الإصحاح التاسع 8-11"، وحيث يفسر كثرة الوفيات والعدد الكبير من المرضى والضعفاء بالإخلال ببعض الواجب الديني، "انظر رسالته الأولى إلى كورنثوس، الإصحاح الحادي عشر29-30".

ص: 282

‌نظام التوجيه القرآني:

نحن الآن في موقف نستطيع أن نواجه من خلاله بطريقة أفضل -دراسة التبليغ القرآني، وأن نثبت علاقته بتبشير الكتاب المقدس، ولسوف نرى أن النظرية اليهودية، ونقيضتها المسيحية تتصالحان في تركيب متوافق، ليس هذا فحسب، بل سوف نرى فضلًا عن ذلك أن عناصر جديدة تندمج في هذا التركيب؛ لتزيده غنى ورحابة.

لقد قمنا بنوع من الإحصاء العام1، فأدهشتنا ندرة التعاليم القرآنية التي اقتصرت في تعليل حكمتها على سلطة الأمر وحده، فهذه الصيغة الكانتية التي تقيم الإلزام على أساس "شكله المحض"، المجرد عن مادته: "افعل

1 في نهاية كل مجموعة نرجع إليها من الآيات التي تعبر عن فكرة واحدة سوف نضيف حرف "أ" لتعيين النصوص المكية، وحرف "ب" لتعيين النصوص المدنية.

ص: 282

هذا؛ لأنه هكذا فرض" -ليست مألوفة كثيرًا في كتاب الإسلام المقدس. ومع ذلك نجدها في عشر آيات، كلها بعد الهجرة "= 10 ب"1.

بيد أن عدم وجود علة مصرح بها لا ينفي بالضرورة وجود مضمون لها. والحق أن الإيمان يقتضي خضوعًا غير مشروط للأوامر الإلهية، مهما بدا ذلك غاية في القسوة والتحكم، والله سبحانه وتعالى يقول:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} 2، ويقول:{وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} 3.

ومع ذلك فباسم هذا الإيمان نفسه، نستطيع أن نستشف سببًا مختفيًّا تحت هذا المظهر، ونسلم ببعض الآثار الطيبة، وإن كانت قليلة التحديد: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُم

} 4.

والأمر الإلهي غير المسبب لا يأخذ في أعيننا نغمة تحكمية أو ديكتاتورية، بل يتمثل لنا بصفات من العلم والحكمة، جد مقنعة، حتى تبلغ الرضا الكلي لضميرنا5.

فإذا نحينا هذا النوع من الأوامر المطلقة جانبًا فسوف نرى أن الوصايا القرآنية تقوم على أسس مختلفة، ولكنها يمكن أن ترتد إلى ثلاث مجموعات

1 البقرة: 275، والنساء: 7 و11 و12 و24 -مكررة- و103، والتوبة: 60، والمجادلة: 3، والممتحنة:10.

" فهذه عشر آيات مدنية - "ب 10"".

2 الأحزاب: 36.

3 النساء: 66.

4 السابقة.

5 انظر بخاصة "النساء: 11 و12 و24، والتوبة: 60، والممتحنة: 10".

ص: 283

كبيرة هي: المسوغات الباطنة، واعتبارات الظروف المحيطة وموقف الإنسان، واعتبارات النتائج المترتبة على العمل.

فلنبحث على التوالي هذه الطوائف الثلاث، ولنحاول أن نرى فيم تتمثل، وما المكان الذي تحتله كل منها في المجموع؟

أ- المسوغات الباطنة:

وأقصد بعبارة "المسوغات الباطنة" -الرجوع في دعم التكليف عقليًّا إلى قيمة أخلاقية مرتبطة بهذا التكليف، وهي قيمة "إيجابية" حين تدل على أمر، والعمل به، و"سلبية" حين تتصل بنهي أو عصيان.

وهي قيمة موضوعية، كالحق والباطل، والعدل والظلم في ذاته، أو قيمة ذاتية كبصر القلوب وعماها، وطهارتها ودنسها.

ولدينا ثلاثة نماذج ممكنة لهذا الارتباط بين القيمة والموضوع، ولن يكون من العسير أن نتعرف في العمل على الجانب الذي يرجع إلى كل منها، في الأسانيد التي سوف نجمعها تحت هذا العنوان، فإما أن يأخذ الموضوع هذه القيمة من طبيعته الخاصة، وأما أن يستقيها من حالة سابقة هو أثر لها، أو حالة لاحقة هو سبب فيها.

وبعبارة أخرى، نحن نقدر الموضوع، ونخصه بثمن معين، سواء أكان ذلك بسبب ما يحتوي من قيم تتصل بمعناه الخاص، أم بسبب القيم التي يعكسها حين نتذكر أصله، أم بسبب القيم التي يأتي بها ويحققها.

والواقع أننا نستطيع -بفضل ما نقوم به من تحليل في العمق، وفي الامتداد، لكلا الجانبين- أن نحكم على قيمة فعل، أو قاعدة، أو موقف،

ص: 284

أو نظرية، فتارة ننظر إلى الشيء في حالته الراهنة، وفي معناه المحدد، وتارة ننظر إليه مترقين في مجرى نشوئه وتكونه، وتارة هابطين إلى آثاره القريبة أو البعيدة، ولما كان المرد هنا في جميع الحالات هو التوصل إلى حكم أخلاقي، فيجب -من ناحية- أن تكون للقيمة الملتمسة نفس الصفة، ومن ناحية أخرى أن تبدو رابطتها بالموضوع في صورة علاقة طبيعية، وأوشك أن أقول: تحليلية، لا أن تكون علاقة اصطلاحية، يقدمها التشريع.

والنصوص التي سوف نرجع إليها الآن مختارة بطريقة تجيب عن هذا الشرط المزدوج، فهي تكون القسط الأوفى والأكثر تجردًا وتنزهًا عن الغرض، في المنهج التبليغي للقرآن، ففيها إلحاح على النزعة الأخلاقية، بوسائل أخلاقية، ومن أجل غايات أخلاقية، بل إن هذه النصوص لا تشير إلى ما نجده في مواضع أخرى من أن الباطل والشر يمران، وينتهيان إلى عدم، وأن الحق والخير يبقيان، ويحملان ثمرات خالدة، لا تفنى، وذلك كما ورد في قوله تعالى على سبيل الرمز:{كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَال} 1، وقوله:{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ، تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ، وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} 2.

فقد جذب الانتباه هنا أساسًا، إلى الصفات الذاتية بخاصة، من حيث هي. ولولا أننا قد أجرينا اختيارًا دقيقًا، لكان في وسعنا تطويل قائمة أسانيدنا،

1 الرعد: 17.

2 إبراهيم: 24-26.

ص: 285

ولذلك ألزمنا أنفسنا -أولًا- ألا نختار من القرآن سوى ما يتصل بالتعليم القرآني، بالمعنى الدقيق للكلمة، أعني: مستقلًّا عن التعاليم السابقة عليه، والمذكورة فيه1، ثم إننا لم نقف إلا عند النصوص التي لا تحمل في نظرنا أدنى لبس أو غموض2.

وأخيرًا، عندما يكون المسوغ الباطن غير مانع للاعتبارات الأخرى، فإننا لم نقبل سوى النصوص التي يحتل فيها العنصر الباطن المكان الأول.

وغالبًا ما نجد أن المبادئ المسوغة التي ذكر القرآن أنه يعتمد عليها -مستعملة في صورة تفسير، وأحيانًا تكون هي موضوع الأمر، حتى إننا لو دعونا الأشياء بأسمائها لقلنا: إنها تستعمل كعلة، وكأمر معلول.

والآن بعد هذا التوضيح لننظر أولًا كيف أن القرآن، وهو يوجه نظريته العامة، يحرص هنا على أن يرينا ما تكون هذه النظرية، وما لا تكون في ذاتها، وأن ينفي عنها النقائص التي تعيب كل نظرية باطلة أو ذات غرض، وأن يثبت لها الصفات الخاصة القادرة على إقناع العقول المغرمة بالحقيقة.

إنه يعلن أنه ليس بقضية تكسب، ولا هو بنظام يبتغي مؤسسه أن

1 لنذكر على هامش الحديث أن القرآن لم يقصر عن تقديم ما سبقه من الوحي، بنفس النغمة النزيهة، وهو وحي لا يدعي القرآن إلا أنه جاء مصدقًا له، ومكملًا.

2 ولكي نتجنب شكًّا كهذا استبعدنا من هذه الطائفة جميع الأحكام التي تشتمل على القول: "ذلك خير لكم"، وهو تعبير يقبل تفسيرين مختلفين، فإما أن يكون: ذلك أكثر نفعًا لكم، بما في ذلك المكافأة، وإما أن في ذلك خيرًا كبيرًا لأنفسكم، من أجل اكتمال وجودكم الخاص. ولهذا السبب أغفلنا من بين الأحكام التي تدين ظلم الإنسان لنفسه -الأحكام التي لا يتجه سياقها إلى تفسير تدنيسه لها. وإفسادها أخلاقيًّا، فحسب، ولكن كذلك الأحكام التي يفسر سياقها تعريض المرء نفسه للعقاب.

ص: 286

ينال عليه أجرًا، ففي الأنعام 90:{قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ} 1.

ويعلن أنه ليس أيضًا نظامًا يفرض نفسه بالإكراه، ولكنه رسالة للبلاغ، وتعليم يعرض على أساس الموافقة الحرة:{لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} ، {فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ} 2.

ثم إنه ليس بقول شاعر، أو كاهن، أو حالم:

{بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ} ، {فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ، أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} 3.

وهو ليس الجنون: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ

1 درج المؤلف في الأصل على ذكر المعنى المراد، والإشارة إلى الآيات بأرقامها في الهامش، وقد رأينا عونًا للقارئ على متابعة الفكرة -أن نورد آية منها، ونشير إلى الباقي بالأرقام. وانظر في هذا المعنى: 12/ 104 و23/ 72 و38/ 86 و42/ 23 و52/ 40 و68/ 46 = "فهذه سبع آيات مدنية أ".

2 2/ 256 و3/ 20، وانظر كذلك: 5/ 92 و99 و 6/ 90 و10/ 99 و108 و13/ 40 و16/ 82 و38/ 87 و39/ 41 و42/ 48 و43/ 44 و64/ 12 و73/ 52 و69/ 48 و74/ 54 و76/ 29 و80/ 11 و81/ 27 و88/ 21-22.

"= 17 مدنية ب و4 مكية أ".

3 21/ 5 و26/ 224 و36/ 69 و37/ 36 و69/ 41 و52/ 30 - 52/ 29 و69/ 42 - 21/ 5. "= 9آيات أ".

ص: 287

إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِين} 1.

وليس إلهامًا شيطانيًّا: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِين} 2.

ولا اختراعًا كذبًا: {وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي} 3.

ولا تعبيرًا عن الهوى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} 4.

إنه النور الإلهي: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا} 5.

النور الذي يريكم وجة الخير: {هُدًى لِلْمُتَّقِين} 6.

1 7/ 184 و23/ 70 و34/ 8 و46 و37/ 36 و44/ 14 و52/ 29 و68/ 2 و51 و81/ 22 "= 10 آيات أ".

2 26/ 210 و81/ 25 "= آيتان أ".

3 7/ 203 و10/ 15 و37 و38 و11/ 13 و35 و12/ 3 و16/ 101 و21/ 5 و25/ 4 و32/ 3 و34/ 8 و43 و42/ 24 و46/ 8 و52/ 33 و69/ 44.

"= 17 آية أ".

4 53/ 3 "= آية واحدة أ".

5 4/ 174 و5/ 15 و6/ 104 و122 و7/ 157 و203 و13/ 16 و14/ 1 و24/ 35 و40 و33/ 46 و35/ 20 و39/ 22 و42/ 52 و45/ 20 و62/ 9 و64/ 8.

"= 12 أو5 ب".

6 2/2 و5 و97 و137 و150 و3/ 20 و103 و138 و6/ 157 و7/ 52 و158 و203 و9/ 18 و33 و10/ 57 و108 و12/ 111 و16/ 64 و89 و102 و20/ 135 و24/ 54 و27/ 2 و77 و28/ 49 و85 و31/ 3 و5 و32/ 3 و33/ 4 و34/ 24 و39/ 18 و41/ 44 و43/ 24 و45/ 11 و20 و48/ 28 و53/ 2 و23 و30 و61/ 9 و68/ 7 و93/ 7 و96/ 11 "= 30 أو14 ب".

ص: 288

ويضعكم على أقوم صراط: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} 1.

إنه خيرحديث: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيث} 2.

وهو الفقه الثابت: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} 3.

ذو الوزن الثقيل: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلً} .

والحكم الفاصل: {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ، وَمَا هُوَ بِالْهَزْل} 4.

الموافق للفطرة: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا} ، {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} 5.

وهو الوجه الصحيحة: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيل} 6.

1 1/ 5 و2/ 256 و3/ 101 و4/ 46 و6/ 39 و126 و153 و161 و16/ 76 17/ 9 و18/ 1 و20/ 135 و22/ 67 و23/ 73 و24/ 46 و30/ 30 و36/ 4 و61 و39/ 28 و42/ 52 و43/ 43 و61 و46/ 30 و67/ 22 و72/ 2 و81/ 28 و98/ 2 و3". "= 20 أو6 ب".

2 39/ 23 "= 1 أ".

3 14/ 27 "= 1 أ".

4 78/ 5 و86/ 13 و14 "= 3 أ".

5 30/ 30 "= 1 أ".

6 16/ 9 "= 1 أ".

ص: 289

إنه يواصل أداء رسالة ملة الخير، ويؤكدها:{قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} 1.

وهو العدل: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} 2.

وهو الحق: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ} 3.

والوضوح البين: {قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي} 4.

والعلم: {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَة} 5.

وهو الحكمة6، وهو العروة الوثقى:{فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا} 7.

1 2/ 135 و3/ 95 و4/ 26 و6/ 90 و16/ 123 و21/ 92 و23/ 52 و37/ 37 و42/ 13. "= 6 أو3 ب".

2 6/ 115 و16/ 76 "= 2 أ".

3 2/ 26 و91 و109 و119 و213 و3/ 60 و62 و108 و4/ 105 و170 و5/ 48 و83 و84 و6/ 5 و66 و114 و115 و7/ 181 و8/ 6 و7 و8 و9/ 33 و10/ 35 و53 و94 و108 و11/ 17 و102 و13/ 1 و19 و16/ 102 و17/ 81 و105 و18/ 29 و56 و19/ 34 و21/ 18 و22/ 6 و62 و23/ 70 و90 و28/ 48 و53 و31/ 30 و32/ 3 و33/ 4 و34/ 6 و48 و49 و35/ 24 و31 و37/ 37 و39/ 2 و41 و40/ 5 و41/ 42 و53 و42/ 17 و24 و43/ 30 و78 و45/ 6 و46/ 7 و30 و47/ 2 و3 و48/ 28 و50/ 5 و51/ 23 و61/ 9 و69/ 51 "= 47 أو23 ب".

4 6/ 57 و157 و11/ 17 و27/ 79 و29/ 49 و40/ 66 و47/ 14 و57/ 9 و65/ 11 و98/ 1 و4 "= 7 أو4 ب".

5 2/ 129 و151 و282 و3/ 164 و4/ 113 و166 و11/ 14 و20/ 114 و67/ 2. "= 2 أو7 ب".

6 2/ 129 و151 و231 و269 و3/ 164 و4/ 113 و10/ 1 و17/ 39 و31/ 2 و33/ 34 و43/ 4 و54/ 5 و62/ 2 "= 5 أو8 ب".

7 2/ 256 و31/ 22 "= 1 أو1 ب".

ص: 290

وهو شفاء القلوب: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ} 1.

وزكاة الأنفس {وَيُزَكِّيهِم} 2 وهو يمنح الحياة، بالمعنى العلوي للكلمة:{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} 3.

فها هي ذه "= 209 أو80 ب" وموضوعها هو السمات المميزة للنظرية العامة.

فإذا انتقلنا الآن من المجموع إلى التفصيل، ومن النظرية العامة إلى الأحكام، فلسوف نجد أيضًا الفضائل الرئيسية العملية، سواء أكانت مأمورًا بها لذاتها "وهو الغالب دون تعليق آخر" أم أنها أقرت كغاية تستهدفها الأفعال الخاصة، أم كانت منبعًا للقيم المسوقة إلى النفس الإنسانية.

أما الأوامر الإيجابية التي تعبر عن هذه الظروف فإننا نجدها على الأقل في الآيات الآتية، التي تأمر، أو تدعو إلى:

- الاهتمام بأن يتعلم المرء واجباته، وتعليم الآخرين واجباتهم: {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا

1 10/ 57 و17/ 82 و41/ 44. "= 3 أ".

2 2/ 129 و151 و3/ 164 و42/ 2 و80/ 3 و91/ 9. "= 2 أو4 ب".

3 6/ 122 و8/ 24 و25/ 22. "= 2 أو1 ب".

ص: 291

قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ} 1.

- الجهد الأخلاقي: {فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ، فَكُّ رَقَبَةٍ، أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ، يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ، أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} 2.

- اتباع القدوة الحسنة: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} 3.

- الأفعال المتعادلة "التي تلتزم بالوسط العادل": {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} 4.

- الاستقامة: {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} 5.

- التنافس في فعل الخير، والأفضل، {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَات} 6.

1 9/ 122 و16/ 43 و21/ 7 "= 2 أو1 ب".

2 40/ 11-17 "= 1 أ".

3 33/ 21 و46/ 35 و60/ 4 و61/ 14 "1 أو 3 ب".

4 17/ 110 و25/ 67 "= 2 أ"، وقد نقرأ في نفس نظام الأفكار: 5/ 87 و6/ 141 و7/ 31، بيد أن الأحكام هنا متبوعة بتعليق ديني، يحدد أن الله سبحانه لا يحب الإسراف، وهكذا يصبح المبدأ الأخلاقي الذي وضع أولًا كقيمة في ذاته -محكومًا ومقومًا بهذه السلطة العليا، فكان علينا أن نغفل هذه الآيات، من حيث لا تتصل بالمجموعة التي تهمنا الآن، ولكن لما كانت بالأحرى من مجال الجزاء الإلهي فإننا سوف ندرسها فيما بعد.

5 42/ 15 "= 1 أ".

6 2/ 148 و3/ 114 و5/ 48 و23/ 61 "= 1 أو3 ب".

ص: 292

- الأعمال الحسنى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} 1.

- الأقوال الحسنى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} 2.

- الصدق: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِين} 3.

- العفة والاحتشام: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} 4.

- استعمال الطيبات: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّبًا} 5.

- الشجاعة، والجلد، والثبات:{وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ} 6.

- لين الجانب والتواضع: {الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا} 7.

- الفطنة والتبصر في الأحكام: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} 8.

1 11/ 7 و18/ 7 و67/ 2 "=3 أ".

2 17/ 53 "= 1 أ".

3 4/ 171 و9/ 119 و39/ 33 "= 1 أو2 ب".

4 24/ 30 و31 و33 و33/ 32 و33 و70/ 29-30 و74/ 4 "2 أو5 ب".

5 2/ 168 و172 و5/ 4 و5 و16/ 114 "= 1 أو4 ب".

6 2/ 177 و18/ 28 و74/ 7 "= 2 أو1 ب".

7 25/ 63 "= 1 أ".

8 4/ 94 و49/ 6 و12 "= 3 ب".

ص: 293

- الإحسان العام: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} 1.

- الإحسان إلى الوالدين بخاصة: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} 2.

- ومع تشريفهما، وطاعتهما، والرقة لهما، وخفض الجناح:{وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} 3.

- المعاملة الحسنة للزوجات: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} 4.

- التعامل الإنساني معهن، والتشاور المتبادل، {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} 5.

- المساعدة في حاجة أسرنا، بقدر مواردنا:{وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} 6.

- تعويض الزوجات في حالة الطلاق: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِين} 7.

1 16/ 90 "= 1 أ"، وتأتي كلمة "إحسان" من الفعل المتعدي "أحسن" بمعنى: فعل الخير، أو أتقن، أو تأتي من غير المتعدي "أحسن إليه" بمعنى: رحمه.

2 6/ 151 و17/ 23 و29/ 8 و46/ 15 "= 4 أ".

3 17/ 23-24 "= 1 أ".

4 2/ 229 و231 و4/ 19 و65/ 2 "= 4 ب".

5 2/ 233 و65/ 6 "= 2 ب".

6 2/ 233 و236 و65/ 7 "= 3 ب".

7 2/ 229 و236 و241 و38/ 49 "= 4 ب".

ص: 294

- المعونة الواجبة لذوي القربى، والجيران الأقربين، والأبعدين، ولأبناء السبيل، وللمحروم من الإرث بصفة عامة، وهي معونة تقتطع سلفًا -وكما ينبغي- من الأشياء المفضلة لدينا، ومن طيبات كسبنا:{وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ} ، {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} ، {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ، لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُوم} 1.

- مؤازرة الفقراء، واليتامى في حالة المجاعة:{أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ، يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ، أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَة} 2.

- تحرير الأرقاء: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ، فَكُّ رَقَبَة} 3.

- الأمانة وطهارة الذيل: {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا} 4.

- السخاء: {وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً} 5.

- العدل: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} 6، وهو صورة الميزان الرأسي "الذي لا يميل من جانب أو آخر"{وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ} 7.

1 2/ 177 و16/ 90 و17/ 26 و4/ 36 و2/ 177 و9/ 60 و17/ 26 و2/ 177 و4/ 36 و9/ 60 و17/ 26 و70/ 24-25 و2/ 267 و3/ 92.

ملحوظة "تكرار الأرقام يعني تكرار الاستخدام". "=5 أو9 ب".

2 90/ 14-16 "= 1 أ".

3 2/ 177 و9/ 60 و90/ 13 "= 1 أو2 ب".

4 2/ 282 و6/ 152 و17/ 35 "= 2 أو1 ب".

5 13/ 22 "= 1 أ".

6 2/ 282 مكرر و4/ 58 و127 و135 و5/ 8 و6/ 152 و7/ 29 و16/ 90 و42/ 15 و57/ 25 "= 5 أو6 ب".

7 17/ 35 و55/ 7-9 "= 2 أ".

ص: 295

- الأداء الصادق لكل شهادة حين تطلب: {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} 1، حتى لو كان الصدق على حساب أقربائنا أو أنفسنا:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} 2.

- أداء الأمانة لصاحبها: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} 3.

- الوفاء بالوعود المقطوعة، بالكلمة المعطاة، باليمين المقدمة:{وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا} 4.

- القرى والإيثار: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} 5.

- التسامح والكرم مع الجاهلين: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِين} 6.

1 2/ 282 و283 و65/ 2 "= 3 ب".

2 4/ 135 و6/ 152 "= 1 أو1 ب".

3 2/ 283 و4/ 58 و70/ 32 "= 1 أو2 ب".

4 2/ 177 و5/ 1 و13/ 20 و70/ 32 "= 2 أو2 ب".

ويلاحظ على وجه خاص التركيز والتحديد اللذين أعلن بهما القرآن هذا الواجب في العلاقات الدولية: {وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُون} [النحل: 92] . فهذه التعبيرات -كما نرى- ذات واقع مضطرم، ألا تحسون هنا أنكم تقرءون خطبة قصيرة، متقدة الجذوة، في المشكلة الكبرى لعصرنا؟ وهل يمكن أن نوجزها أفضل من ذلك، مع فضح الأسباب الحقيقية للصراع العالي، الأسباب التي تعيث فسادًا -أكثر من أي وقت مضى- في قرننا العشرين؟

5 59/ 9 "= 1 ب".

6 7/ 199 و24/ 22 و25/ 63 و72 "= 3 أو1 ب".

ص: 296

- رد الشر بالخير: {وَيَدْرَأُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ} 1.

- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: {يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} 2.

- وفي ذلك كان المؤمنون متآزرين: {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} 3.

- تشجيع الصلح: {أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاس} 4، والإحسان:{لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ} 5.

- تعاون الجميع لتسود الفضيلة، ويعم النظام:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} 6.

- التواصي بالصبر وبالرحمة: {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} 7.

- الاعتصام بالوحدة المباركة: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا} 8.

- توثيق روابطنا المقدسة: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ} 9.

- الانعطاف نحو الأخوة الروحية: {يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا} ، والدعوة لها "وهي روح الجماعة":{يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا} 10.

1 13/ 22 و23/ 96 "= 2 أ".

2 3/ 104 و110 و114 و7/ 157 و199 "= 2 أو3 ب".

3 9/ 71 "= 1 ب".

4 4/ 114 "= 1 ب".

5 السابق "= 1 ب".

6 5/ 2 "= 1 ب".

7 90/ 17 "= 1 أ".

8 3/ 103 "= 1 ب".

9 13/ 21 "= 1 أ".

10 59/ 9 "=1 ب".

ص: 297

- أحكم الطرق وأصدقها للدعوة إلى الحق: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} 1.

- وبالجملة، جميع طرق العمل المعترف بها والمسلمة "بالعقل والنقل"2.

ولماذا لا نذكر في نفس المجموعة بعض أمثلة فقط لواجباتنا نحو الله؟

- الإيمان بالله: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} 3.

- طاعته: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولََ} 4.

- التفكر في أقواله وأفعاله: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} 5.

- استدامة ذكره: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} 6.

- الاعتراف بفضله: {وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} 7.

- الاعتماد عليه: {قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} 8.

- إسناد كل شيء لإرادته: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} 9.

- حبه: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} 10.

- عبادته: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} 11.

1 16/ 125 "= 1 أ".

2 2/ 228 و232 و233 و234 و235 و240 و263 و4/ 5 و8 و114 و33/ 32. "= 11 ب".

3 2/ 177 و6/ 136 "= 1 أو1 ب".

4 24/ 54 "= 1 ب".

5 7/ 185 و30/ 8 و38/ 29 "= 3 أ".

6 38/ 41 "= 1 ب".

7 16/ 78 و28/ 73 و43/ 12-14 و56/ 63-64 "=4 أ".

8 9/ 129 و39/ 38 "= 1 أو1 ب".

9 18/ 23 "=1 أ".

10 2/ 165 و5/ 54 "= 2 ب".

11 2/ 21 و51/ 56 "= 1 أو1 ب".

ص: 298

وجميع هذه الأمور مسوغة بوساطة نصها ذاته "= 67 أو91 ب".

وإليك المحاسن الأخلاقية، وألقاب الشرف، إن صح التعبير، التي يبني بها القرآن تفسيراته، ويصوغ مدحه لشعيرة معينة، أو قاعدة يريد بوساطتها أن يخلق للإرادة طاقة قوية، بحصرها داخل الفعل ذاته، ودون أن يفتح لها أبوابًا أخرى أو توقعات:

- فالعمل الطيب ينطوي على مثل هذه الصفات: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى} ، {ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَن تَأْوِيلًا} 1.

- وهو خير كثير: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} 2.

- وهو واقع "على الرغم من المشاعر المناقضة": {اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} 3.

- وهو أحسن: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} 4.

- وهو أعدل: {ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّه} 5.

- وهو أعظم قيمة: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَر} 6.

- وهو مناط التقوى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُون} 7.

- وهو مقتضى الإحسان: {مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِين} 8.

1 2/ 263 و4/ 58 و59 و128 و7/ 26 و9/ 120 و17/ 35 "= 2 أو6 ب".

2 2/ 177 و189 و269 و3/ 92 "= 4 ب".

3 2/ 221 و4/ 19 "= 2 ب".

4 4/ 125 و5/ 50 و41/ 33 "1 أو2 ب".

5 2/ 282 و33/ 5 "=2 ب".

6 29/ 45 "= 1 أ".

7 2/ 177 و22/ 32 و39/ 33 و49/ 3 "= 1 أو3 ب".

8 2/ 236 "= 1 ب".

ص: 299

- ومقتضى التقوى: {حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِين} 1.

- وهو مقتضى الشكر: {رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} ، {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ، الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} 2.

- وهو مقتضى العزم والجلد: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} 3.

- وهو مقتضى الانتصار للضعفاء: {وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ} 4.

- وهو مقتضى الاهتمام والإشفاق على البائسين، الذين نتعاطف معهم، سواء بأن يضعنا في مكانهم:{وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} 5، أو بأن يذكرنا بماضينا الخاص، عندما كنا معذبين، أو جاهلين، أو ضالين:{كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا} 6، أو بأن يرعى حالتنا كبشر، علينا أن نفزع إلى مغفرة الله ورحمته:{أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} 7.

- وهو يطهر قلوبنا ويزكيها: {ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَر} 8.

- وهو يشرح النفس، ويعينها على زيادة قدرتها:{وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ} 9، أو على أن تعبر عن فكرتها تعبيرًا مباشرًا، بحيث يصل أكثر تأثيرًا في القلب: {إِنَّ نَاشِئَةَ

1 2/ 180 و241 "= 2 ب".

2 3/ 123 و17/ 24 و46/ 15 و56/ 70 و106/ 3-4 "د 4 أو1 ب".

3 3/ 186 و42/ 43 و46/ 35 "= 2 أو1 ب".

4 4/ 75 "= 1 ب".

5 4/ 9 "= 1 ب".

6 4/ 94 و93/ 6-11 "= 1 أو1 ب".

7 24/ 22 "= 1 ب".

8 2/ 232 و5/ 6 و9/ 103 و33/ 33 و53 و58/ 12 "= 6 ب".

9 2/ 232 و9/ 103 و24/ 28 و30 و92/ 18 "= 1 أو4 ب".

ص: 300

اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} 1.

- وهو تثبيت للنفس وتقوية لها: {ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ} 2.

- وهو يجلب للنفس الطمأنينة: {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} 3.

- وينزع عنها الريب: {وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا} 4.

- ويبعد عن الفساد: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} 5، ويعطي التقوى، أو يدني المرء منها:{لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون} 6.

- وهو يجنب المرء أن يقع في ظلم لا إرادي، مع ما يتبعه من ندم:{أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} 7.

- وهو يعيد صلتنا بالله: {وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا} 8.

وخلاصة القول: أن العمل الطيب هو الكيف الذي يمنح قيمة قد لا تتناسب أحيانًا مع الكم: {قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ} 9.

1 73/ 6 "= 1 أ".

2 2/ 265 و4/ 66 "= 2 ب".

3 13/ 28 و39/ 23 "= 2 أ".

4 2/ 282 "= 1 ب".

5 29/ 45 "= 1 أ".

6 2/ 183 و187 و237 و5/ 8 "= 4 ب".

7 49/ 6 "= 1 ب".

8 25/ 71 "= 1 أ".

9 5/ 100 "= 1 ب".

ص: 301

ولقد يحدث أن يدفع القرآن تحليله إلى أبعد من ذلك فلا يكتفي بأن يعالج العناصر الأخلاقية منفصلة عن العناصر العقلية أو الروحية. فهو -في أوج تماسك هذه العناصر في أنفسنا، وفي قمة انعكاساتها المتبادلة- لا يتردد في أن يشرح صفاتنا، ومفاهيمنا، وعقائدنا، وطرائق عملنا، وأن يقيم بعضها ببعض.

ولذلك نرى بعض الفضائل العملية تستمد قيمتها جزئيًّا من أنها تعكس الإيمان، وتبرهن على صدقه:{وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ}

{وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى}

إلخ1.

والإيمان، بدوره، يأخذ قدره من حيث هو صفة القلوب الخاشعة المتصدعة:{وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ} 2. وهذه الحالة النفسية، وذاك الموقف الروحي يستمد قيمته من حيث إنه شيمة العلماء: {يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} 3.

وتستمد التعاليم القرآنية قيمتها بصفة عامة، من حيث إنها موجهة إلى من يملك من الناس عقلًا راجحًا -فهو قادر على أن يتعلم، ويتأمل، ويتعمق:{يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} 4.

1 2/ 177 و8/ 74 و9/ 44 و24/ 62 و29/ 3 و11 و49/ 15 و58/ 22 و59/ 8 "= 2 أو7 ب".

2 5/ 82 و83 و32/ 15 "= 1 أو2 ب".

3 3/ 7 و4/ 162 و13/ 43 و29/ 43 و49 و30/ 22 و34/ 6 و35/ 28 و39/ 9 "= 7 أو2 ب".

4 2/ 164 و269 و3/ 7 و6/ 97 و98 و105 و151 و152 و7/ 32 و9/ 2 و10/ 5 و24 و13/ 3 و4 و9 و16/ 11 و12 و13 و67 و69 و30/ 21 و23 و24 و28 و38/ 29 و39/ 9 و18 و21 و42 و45/ 5 "= 26 أو4 ب".

ص: 302

ففتح الآذان لنذير القرآن هو إذن أول أمارات الحياة: {لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِين} 1.

ولكن التزام تعاليمه يدل على البصيرة: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا} 2.

كما يدل على نضج العقل: {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} 3.

وأخيرًا، فإننا حين نعيشها كما عاشها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلكم هي العظمة الأخلاقية:{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} 4.

فإذا عملت بها جماعة فإن معنى ذلك أن نجعل من هذه الجماعة خير أمم بني الإنسان: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} 5.

فهذه هي صيغ المدح الأخلاقي: "= 64 أو66 ب".

هذه الطريقة في تعليم الفضيلة بذاتها، دون تسويغ آخر سوى ما ينتج من المبدأ الأخلاقي، ومن تحليل صفاته الذاتية -نجدها أيضًا في الواجبات التي نصفها بأنها سلبية، وهي التي تحرم الأفعال السيئة، أو التي تعلن عن طابعها الزري. ولنرجع أولًا إلى النصوص التي تذكر النهي.

فمن ذلك تحريم:

1 36/ 70 "= 1 أ".

2 6/ 50 و104 و11/ 24 و12/ 108 و13/ 16 و24/ 44 و35/ 19 و40/ 8 "= 7 أو1 ب".

3 2/ 186 و49/ 7 و72 14 "= 1 أو2 ب".

4 68/ 4 "= 1 أ".

5 3/ 110 و48/ 7 "= 2 ب".

ص: 303

- قتل الإنسان نفسه: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} 1.

- هتك العرض أو الانصراف إلى الأفعال الممهدة له: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} 2.

- ممارسة البغاء والمخادنة: {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ} 3، أو أي فساد من نفس النوع، ظاهرًا أو خفيًّا:{وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} 4.

- التلفظ بالكذب: {وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّور} 5.

- مدح المرء نفسه: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ} 6.

- اتباع الأهواء الجامحة: {فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا} 7.

- التشبه بالكفار: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا} 8.

- الطمع في متاع الآخرين: {لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ} 9.

- جمع المال، والمبالغة في حب الثروة:{وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا، وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا} 10.

1 4/ 29 "= 1 ب".

2 4/ 24 و25 و5/ 5 و17/ 32 و25/ 68 "= 2 أو3 ب".

3 4/ 25 و5/ 5 و24/ 33 "= 3 ب".

4 6/ 151 و7/ 33 و16/ 90 "= 3 أ".

5 22/ 30 "= 1 ب".

6 4/ 49 و53/ 32 "= 1 أو1 ب".

7 4/ 135 "= 1 ب".

8 3/ 156 و8/ 47 و33/ 69 "= 3 ب".

9 4/ 32 و15/ 88 و18/ 28 "= 2 أو1 ب".

10 89/ 19-20 "= 1 أ".

ص: 304

- مشية الخيلاء: {وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا} 1.

- لباس الخلاعة "للنساء": {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ....} 2.

- الإفادة من الكسب الخبيث، واستعمال أي شيء نجس "حقيقة ومجازًا":{وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ} ، {وَالرُّجْزَ فَاهْجُر} 3.

- قتل الأولاد: "حتى لو كان بدافع الفقر المدقع، واقعًا أو محتملًا مخوفًا": {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاق} 4.

- ارتكاب أدنى خروج على الأدب في حق الكبار من آبائنا: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} 5.

- سوء معاملة زوجاتنا "بالظلم، والغضب، والحرمان": {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} 6.

- إراقة دم الإنسان إلا بالحق: {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} 7.

1 17/ 37 "= 1 أ".

2 24/ 31 و60 و33/ 33 "= 3 ب".

3 4/ 2 و74/ 5 "=1 أو1 ب".

4 6/ 151 و17/ 31 "2 أ".

5 17/ 23 "= 1 أ".

6 2/ 229 و231 و232 و233 و4/ 19 و65/ 6 "= 6 ب".

7 6/ 151 و17/ 33 و25/ 68 "= 3 أ".

ص: 305

- التسبب في الضرر، أو الفساد في الأرض:{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} 1.

- أن يكون المرء عدوانيًّا، حتى تجاه أعدائه:{وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا} 2.

- استخدام مال الغير دون رضاه "وتملكه من باب أولى": {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} 3.

- المساس بمال اليتامى، إلا بالتي هي أحسن "بهدف إنمائها":{وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} 4.

- رد اليتيم بجفوة: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ، فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ} 5.

- قهر اليتيم وإعناته: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَر} 6.

- الاستخفاف به في المعاملة: {كَلَّا بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيم} 7.

- إهمال الفقير: {وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين} 8.

- تعنيف السائل: {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَر} 9.

- اختيار خبائث الكسب لإعطائها وإنفاقها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} 10.

1 2/ 11 و7/ 65 "= 1 أو1 ب".

2 5/ 2 و7/ 33 و16/ 90 "= 2 أو1 ب".

3 2/ 188 و4/ 29 "= 2 ب".

4 4/ 6 و6/ 152 و17/ 34 "= 2 أو1 ب".

5 107/ 2 "= 1 أ".

6 93/ 9 "= 1 أ".

7 89/ 17 "= 1 أ".

8 89/ 18 و107/ 3 "= 2 أ".

9 93/ 10 "= 1 أ".

10 2/ 267 "= 1 ب".

ص: 306

- أن يهب شيئًا على سبيل المن: {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِر} 1.

- أن يريد بإحسانه ثناء الآخرين: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا

} 2.

- أن يشهد زورًا: {وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} 3.

- أن يرتكب خيانة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ} 4.

- أن يدخل بيوت الآخرين دون استئذانهم والتسليم عليهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} 5.

- أن يترك جماعة دون أن يأذن له أميرها: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} 6.

- أن نغتاب إخواننا: {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} 7.

أن نتتبع أسرارهم: {وَلا تَجَسَّسُوا} 8.

أن نشنع بهم، أو نسخر منهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ

} 9.

أن نطلق عليهم ألقابًا لإهانتهم: {وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَاب} 10.

1 74/ 6 "= 1 أ".

2 49/ 17 "= 1 ب".

3 25/ 72 "= 1 أ".

4 8/ 27 "= 1 ب".

5 24/ 27-28 و58-59 و61 "= 3 ب".

6 24/ 62 "= 1 ب".

7 49/ 2 "= 1 ب".

8 السابقة.

9 49/ 11 "= 1 ب".

10 السابقة.

ص: 307

- التآمر ظلمًا وعدوانًا: {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} 1.

- أن نقطع علاقاتنا المقدسة، وأن نحدث فرقة وتمزقًا:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا} 2.

- أن ننسى الله: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ} 3.

- ضعف الإيمان به: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا

} 4.

- أن نعصي الله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِم} 5.

- الإشراك به، مهما يكن الشريك:{فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُون} 6.

- تعريض اسمه لما لا يليق: {وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ} 7.

وهذه المنهيات جميعًا سبق تسويغها بخصائصها الذاتية "= 33 أو47 ب".

ولكن ها نحن أولاء في النهاية نبين كيف أن القرآن يعطيها التسويغ الصريح، ولسوف نجد أنه يبرز هنا في مقابل القيم الموضوعية التي تشتمل عليها الفضيلة -نقيض القيمة الذي تنطوي عليه الرذيلة. ذلك أن أي سلوك

1 5/ 2 "= 1 ب".

2 3/ 103 "= 1 ب".

3 59/ 19 "= 1 ب".

4 4/ 136 "= 1 ا".

5 33/ 36 "= 1 ا".

6 2/ 22 و 18/ 110 "= 1 و 1 ب".

7 2/ 224 و 89 و 6/ 108 "= 1 او 2 ب".

ص: 308

عكس القاعدة المقررة، أو أي نقص في الإيمان بالحقائق العليا -سوف يدان؛ لا لأنه يؤدي إلى ضياع موضوعها؛ بل لأنه يستتبع أو يستصحب النقائص الآتية:

- الضلال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِين} 1.

- الغفلة: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} 2.

- الخبط في الظلمات: {وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ} 3.

- الميل والانحراف عن الصراط: {وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ} 4.

1 1/ 7 و 2/ 16 و 108 و 175 و 3/ 90 و 164 و 4/ 44 و 60 و 116 و 136 و 167 و 176 و 5/ 12 و 6/ 39 و 56 و 116 و 119 و 140 و 144 و 7/ 179 و 10/ 45 و 108 و 14/ 3 و 18/ 104 و 19/ 38 و 22/ 4 و 12 و 25/ 42 و 44/ 28/ 50 و 85 و 30/ 29 و 31/ 11 و 33/ 36 و 34/ 24 و 36/ 62 و 39/ 22 و 41/ 52 و 42/ 18 و 43/ 40 و 44/ 5 و 32 و 53/ 30 و 54/ 47 و 60/ 1 و 62/ 2 و 67/ 29 و 68/ 07 "= 31 او 17 ب".

2 7/ 17 و 205 "= 2 ا".

3 2/ 17 و 6/ 39 و 122 و 13/ 16 و 14/ 1 و 24/ 40 و 35/ 20 و 57/ 9 و 65/ 2 "= 7 او 2 ب".

4 4/ 27 و 135 و 23/ 74 و 27/ 60 "= 2 او 2 ب".

ص: 309

- السبيل السيئ: {إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا} 1.

- انقلاب القيم: {يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ} 2.

- المشي المنقلب: {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} 3.

- السقوط والهُوِيّ: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} 4.

- اتباع الهوى الأعمى: {وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} 5.

- عبادة الهوى: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} 6.

- الشراء البئيس: {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} 7.

- اختيار صاحب ملعون: {وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا} 8.

1 4/ 22 و17/ 32 "= 1 أو1 ب".

2 9/ 37 و18/ 104 و35/ 8 و43/ 37 و47/ 14 و49/ 11 "= 3 أو3 ب".

3 67/ 22 "= 1 أ".

4 22/ 31 "= 1 ب".

5 6/ 119 و7/ 176 و18/ 28 و28/ 50 و30/ 29 و42/ 15 و47/ 14 و16 "= 6 أو2 ب".

6 25/ 43 و45/ 23 "= 2 أ".

7 2/ 90 و102 و3/ 187 و18/ 50 "= 1 أو3 ب".

8 4/ 38 و17/ 27 و22/ 13 "= 1 أو2 ب".

ص: 310

- مشي المرء خلف عدوه، وتحالفه معه:{إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُون} 1.

- اللقب السيئ: {أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ} 2.

- التشبه بالظالمين: {إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} 3.

- مماثلة بعض ما هو دنيء: {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث} 4.

- مماثلة بعض ما هو مقيت مشمئز: {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} 5.

- العمى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ} 6.

- الصمم: {وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُون} 7.

- الجهل: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ} 8.

1 2/ 168 و208 و7/ 27 و18/ 50 و35/ 6 "= 3 أو2 ب".

2 49/ 11 "= 1 ب".

3 4/ 140 و5/ 51 "= 2 ب".

4 7/ 176 و177 و179 و25/ 44 و67/ 5 "=5 أ".

5 49/ 12 "= 1 ب".

6 2/ 17 و18 و171 و6/ 50 و104 و11/ 24 و13/ 16 و19 و22/ 46 و27/ 81 و28/ 72 و30/ 53 و32/ 27 و35/ 19 و40/ 58 و41/ 44 و43/ 40 "= 13 أو4 ب".

7 2/ 18 و171 و6/ 39 و7/ 100 و179 و8/ 22 و10/ 42 و11/ 24 و21/ 45 و25/ 44 و27/ 80 و28/ 71 و30/ 52 و41/ 4 و44 و43/ 40 "= 13 أو3 ب".

8 2/ 102 و103 و6/ 35 و37 و111 و16/ 101 و21/ 24 و27/ 61 و28/ 58 و30/ 30 و59 و31/ 25 و34/ 28 و36 و39/ 9 و29 و49 و64 و40/ 57 و45/ 26 و63/ 8 "= 18 أو3 ب".

ص: 311

- غيبة العقل، أو سوء استعماله:{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُون} ، {فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} 1.

- العلم القاصر: {ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْم} 2.

- المعرفة السطحية: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} 3.

- رفض ما لم يعرف معرفة عميقة: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ} 4.

- المجادلة بلا علم ولا هدى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ} 5.

- الدفاع عن قضية بلا يقين: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ} 6. ولا برهان: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا

1 2/ 44 و171 و3/ 65 و4/ 78 و5/ 58 و103 و7/ 179 و8/ 22 و9/ 127 و23/ 80 و25/ 44 و29/ 63 و36 و62 و49 و59 و13 و14 و63 و57 "= أو13 ب".

2 53/ 30 "= 1 أ".

3 30/ 7 "= 1 أ".

4 10/ 39 و27/ 84 "= 2 أ".

5 3/ 66 و22/ 3 و8 و31/ 20 "= 1 أو3 ب".

6 2/ 80 و169 و4/ 157 و6/ 100 و108 و119 و140 و143 و144 و148 و7/ 28 و33 و10/ 68 و18/ 5 و22/ 71 و24/ 15 و30/ 29 و31/ 6 و43/ 20 و45/ 24 و46/ 4 و53/ 28. "= 17 أو5 ب".

ص: 312

بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا} 1، ولا تجربة:{مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ} 2.

- الحكم السيئ: {فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} 3.

- حجة منهارة: {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} 4.

- انعدام الأساس: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ} 5.

- الضعف والانهيار: {أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ} 6.

- الوهن البالغ: {وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُون} 7.

1 3/ 151 و7/ 33 و21/ 24 و22/ 71 و27/ 64 و37/ 156 و40/ 35 و53/ 23 "= 6 أو2 ب".

2 18/ 51 و37/ 150 و43/ 19 "= 3 أ".

3 6/ 136 و16/ 59 "= 2 أ".

4 42/ 16 "1 أ".

5 5/ 68 "= 1 ب".

6 9/ 109 "= 1 ب".

7 29/ 41 "= 1 أ".

ص: 313

- تقليد الجاهلين الضالين من الآباء: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُون} 1.

- اتباع الظن: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} 2.

- الباطل: {لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} 3.

- الوهم الذي لا واقع له: {إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ} 4.

- مجرد أسماء: {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} 5.

- اختلاق كذب: {وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُون} 6.

- عمل الشيطان: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} 7.

1 2/ 170 و3/ 154 و5/ 77 و104 و9/ 30 و33/ 33 و37/ 69 و70 و43/ 22 "= 2 أو6 ب".

2 2/ 78 و4/ 157 و6/ 116 و148 و10/ 36 و66 و43/ 20 و45/ 24 و32 و53/ 23 و28 "= 9 أو2 ب".

3 8/ 8 و16/ 72 و17/ 81 و18/ 56 و21/ 18 و22/ 62 و25/ 4 و29/ 67 و31/ 30 و34/ 49 و40/ 5 و42/ 24 و47/ 3 و58/ 2 "= 10 أو4 ب".

4 10/ 66 و29/ 42 "= 2 أ".

5 9/ 30 و 13/ 33 و33/ 4 و53/ 23 و27 "= 3 أو2 ب".

6 3/ 75 و78 و4/ 50 و5/ 103 و6/ 112 و137 و140 و18/ 5 و23/ 90 و29/ 3 و12 و17 و37/ 86 و151 و152 "= 11 أو4 ب".

7 5/ 90 "= 1 ب".

ص: 314

- الغي: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} 1.

- السفاهة: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} 2.

- الغلو وتجاوز الحدود: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ} 3.

- فعل السوء: {إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ} 4.

- فعل الفحشاء: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ} 5.

- فعل المنكر: {وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} 6.

- فعل المقت "الذي يجعلنا محتقرين في نظر أنفسنا": {لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ} 7.

- الفسق والشذوذ والضياع: {فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُون} 8.

1 2/ 256 و48/ 6 "= 1 أو1 ب".

2 2/ 13 و130 و6/ 140"= 1 أو2 ب".

3 4/ 171 و5/ 77 و6/ 108 و11/ 112 و16/ 9 و18/ 28 و23/ 7 و70/ 31 و72/ 4 "= 7 أو2 ب".

4 2/ 169 و5/ 62 و63 و79 و9/ 9 و17/ 38 و63/ 2 "= 1 أو6 ب".

5 2/ 169 و268 و4/ 22 و7/ 28 و17/ 32 و24/ 21 "= 2 أو4 ب".

6 9/ 67 و24/ 21 و58/ 2 "= 3 ب".

7 4/ 22 و40/ 10 "= 1 أو1 ب".

8 2/ 282 و3/ 82 و5/ 3 و59 و81 و6/ 121 و145 و9/ 8 و67 و24/ 4 و55 و57/ 16 و26 و27 و59/ 19 "= 5 أو10 ب".

ص: 315

- الظلم: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ} 1.

- ظلم المرء نفسه: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} 2.

- فداحة الخطأ: {وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْل} ، {أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا} 3.

- جرم، وكبيرة:{وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا} 4.

- إثم القلب: {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} 5.

- خداع النفس: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ

} 6.

- دنس القلب: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ} 7.

1 2/ 140 و145 و229 و254 و3/ 94 و5/ 107 و6/ 21 و52 و93 و144 و157 و7/ 37 و9/ 23 و10/ 17 و106 و11/ 18 و18/ 50 و57 و19/ 38 و24/ 50 و25/ 4 و29/ 49 و68 و30/ 29 و31/ 11 و32/ 22 و39/ 32 و49/ 11 و60/ 9 و61/ 7 "= 19 أو11 ب".

2 2/ 231 و4/ 97 و7/ 177 و10/ 23 و44 و35/ 32 و65/ 1 "= 4 أو3 ب".

3 2/ 217 و17/ 40 و18/ 5 و19/ 89 و24/ 15 و33/ 53 "= 3 أو3 ب".

4 2/ 188 و4/ 2 و20 و48 و50 و112 و5/ 106 و17/ 31 و33/ 58 و49/ 12 "= 2 أو8 ب".

5 2/ 283 "= 1 ب".

6 2/ 187 "= 1 ب".

7 5/ 41 "= 1 ب".

ص: 316

- النجاسة الأخلاقية: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَْ} 1.

- الضعف أمام الإغراء: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} 2.

- الريبة والشك: {إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ} 3.

- الانتهازية: {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا، وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا} 4.

- اتباع المنفعة: {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ، وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ} 5.

- قساوة القلب: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} 6.

- استكبار لا مسوغ له: {إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ} 7.

1 5/ 90 و9/ 28 و95/ 125 "= 4 ب".

2 20/ 115 "= 1 أ".

3 9/ 45 و110 و24/ 50 "= 3 ب".

4 4/ 72-73 "= 1 ب".

5 24/ 48-49 "= 1 ب".

6 2/ 74 و6/ 43 و22/ 53 و57/ 16 "= 2 أو2 ب".

7 25/ 21 و40/ 56 "= 2 أ".

ص: 317

- اهتمام خاطئ، وغرام شديد بكل شيء، {أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ} 1.

- قول تنقضه الأفعال: {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ} 2.

- الارتباط بالأرض: {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ} 3.

- الابتعاد عن الله: {وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ} 4.

فأية نتيجة طبيعية نستخلصها من هذا الحشد من النقائص، أكثر من أن نقول مع القرآن: إنها لا تنتج إظلام النفس وخسرانها فحسب، {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} 5 ولا مرض القلب وسقمه فحسب، {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} 6، بل هو موت الروح {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} 7.

أما أولئك الذين اختاروا لأنفسهم الكفر بلا رجعة فإن القرآن يراهم شر الأنواع، وأسفل المخلوقات على هذه الأرض:{إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ} 8.

فها نحن أولاء نجد ما يكفي من طرق التأنيب والترهيب "= 247 أ

1 26/ 225 "= 1 أ".

2 26/ 226 "= 1 أ".

3 7/ 176 "= 1 أ".

4 5/ 91 "= 1 ب".

5 83/ 14 و91/ 10 "= 2 أ".

6 2/ 10 و5/ 52 و9/ 125 و22/ 53 و24/ 50 و47/ 20 "= 6 ب".

7 6/ 122 و27/ 80 و30/ 52 و35/ 22 "= 4 أ".

8 8/ 22 و55 و95/ 6 و98/ 6 "= 1 أو3 ب".

ص: 318

و171 ب". وبهذه الاعتبارات الأخلاقية المحضة شرع القرآن في أداء عمله التربوي، بصورة جوهرية، وهي اعتبارات ترى في سردها ثروة من الألفاظ، يكرم بها القرآن الفضيلة، ويصم الرذيلة.

ويكون مجموع هذه البراهين، صريحة وضمنية -المجموعة الأولى من التوجيهات القرآنية.

فلننظر الآن في المجموعة الثانية.

ب: "اعتبارات الظروف المحيطة وموقف الإنسان":

وننتقل الآن من المسوغات الباطنة إلى الجزاءات الظاهرة، مستطردين في منطقة وسيطة، تعتبر بصورة ما فترة انتظار تسبق هذه الجزاءات، ولكنها لا تعد واحدًا منها، بل هي على الأكثر تشعر بها إشعارًا غامضًا، بعيدًا عن التحديد.

ولنؤكد بادئ ذي بدء أننا لا نفكر هنا في الرأي العام، إذ إن "القيل والقال" حين يكون غير مشروع، لا ينبغي مطلقًا أن يقلق مؤمنًا حقًّا يمضي في حياته على مثل أعلى يتخذه قاعدة ونموذجًا للسلوك وهو المثل الأعلى الذي مضى عليه المؤمنون:{الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ} {يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ} 2، فالمؤمن الحق، متى دخل حظيرة الإيمان، لا يعبأ إلا بالأساس الذي قام عليه إيمانه، ومع ذلك فإلى أي مدى يمتد السلطان الذي يمارسه اعتبار الرأي العام على الإرادة الفردية،

1 الأحزاب: 39.

2 المائدة: 54.

ص: 319

والرأي العام هو: ذلك الشعورالذي نجده حين نظن أن إخواننا قد يحسون نحونا بإحساس طيب أو رديء، وأننا سنكون موضع إعجابهم أو احتقارهم؟

إن من الواضح جدًّا أن هذه الاعتبارات لا تؤثر فينا تأثيرًا فعالًا إلى حين نكون على اتصال بالمجتمع، أو على الأقل حين يخيل إلينا أن سلوكنا ربما ينكشف له فيما بعد.

ولكن في حالة العزلة

عندما لا يكون أحد هناك ولا يطلع أحد على سلوكنا قد يهون الأمر، حين تنتهي المثل العليا الراسخة في قلوبنا بالتربية -إلى خلق عادات طيبة، تمتد جذورها فينا امتدادًا عميقًا فنؤدي واجباتنا اليومية بأمانة، وانبعاث، دون أن نبالي بالناظرين.

لقد كان على روبنسون كروزو حين ألقي في جزيرته القاحلة أن يمتنع عن الشرب، تمامًا كما لو كان في وطنه، ولكن لو حدث أن تعقد الموقف، وهاج الشر، وأصبح الإغراء قويًّا، وأمن الإنسان في الوقت نفسه أن سره لن يكشف أبدًا، حينئذ لن يكون "المشاهد المحايد" الذي قال به آدم سميث ADAM SMITH ولا "الأنا الاجتماعية LE MOI SOCIAL" التي قال بها برجسون، ولا كل أشباح هذا المجتمع الإنساني -لن يكون هذا كله سوى مدد في حدود الكفاف.

إن القرآن يريد أن يضعنا في وسط مغاير لذلك تمامًا وأمام واقع حي، حاضر في أنفسنا، في كل مكان وزمان.

ولست أريد الحديث عن هذه الكوكبة النبيلة التي أكد القرآن وجودها المهيب اللامرئي، هذه الجماعة من الملائكة الحفظة الذين يرافقون الإنسان:{لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ} 1.

1 الرعد: 11.

ص: 320

ولا أريد أيضًا الحديث عن هذا الفريق الدائم من الكرام الكاتبين، وهو فريق:{عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌْ} 1، مكلف بأن يراقب أفعال الإنسان، بحيث:{مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} 1.

وإنما أريد الحديث عن ذلكم الذي قال عن نفسه: {سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَار} 2.

ذلكم الذي خاطبنا بقوله: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} 3.

ذلكم الذي: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} 4.

ذلكم الذي تحدث فقال: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} 5.

1 ق: 17-18.

2 الرعد: 10.

3 يونس: 61.

4 المجادلة: 7.

5 ق: 16.

ص: 321

فالله سبحانه: {يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُون} 1، و {يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُم} 2، و {أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} 3، و {شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُون} 4، وهو الذي أكد:{إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} 5 فـ"

يرى" "يسمع" "يعلم" تلك هي -بصفة عامة- الأقوال التي سوف نصادفها في هذا الباب.

ولكن، هل يحاول القرآن، وهو يذكرنا بهذه الحقائق، أن يوقظ فينا الخوف من بعض العقاب، أو الأمل في بعض الثواب؟

إننا في اختيارنا للنصوص قد نحينا جانبًا6 كل تنبيه من هذا النوع، الذي يعبر عن جزاء معين، كيما نحتفظ به في المجموعة الثالثة.

ومع ذلك فلا شيء يمنع قارئ القرآن وهو يجتهد في تفهم الأفكار التي تضمنتها الآيات -من أن يتأثر بها، تبعًا للحالات التي تتحدث عنها أولًا، وتبعًا لرقة مشاعره ثانيًا، وتبعًا للون الأسلوب، أخيرًا. ولسوف يجد -في مجرد التنبيه الهادئ لوجود جزاء معين- مجالات تُستقى منها تنبيهات كثيرة، متفاوتة القيمة، مشوبة بالوعيد.

1 الشورى: 25.

2 الأحزاب: 51.

3 الطلاق: 12.

4 يونس: 46.

5 طه: 46.

6 تجنبنا في الوقت نفسه:

أولًا: الآيات التي تؤدي فيها هذه الأقوال دورًا عقديًّا أكثر منه أخلاقيًّا، أي: تلك الآيات التي تركز على الجانب الإلهي "كصفات" أكثر مما تركز على الجانب الإنساني "كحث ودفع إلى العمل". وهذه الآيات جد كثيرة. وثانيًا: النصوص التي تستدعي واقعًا مضى، فهي لا يمكن بناء على ذلك أن تعتبر مدعمة للإرادة بالنظر إلى الفعل المذكور، ومن ذلك قوله تعالى:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَاد} [آل عمران: 12] وكذلك الآيتان 153 و154، والآية 9 من سورة الأحزاب. وثالثًا: وأخيرًا بعض المواضع التي يقل فيها أن يكون هدف الأقوال تحذيرنا من الغفلة، وإنما هي تذكرنا باختصاص الله سبحانه بما ينبغي أن نلتمسه عنده: ادع الله، استعذ به

إنه يسمع ويرى "انظر الآيات 61 من الأنفال، و56 من غافر، و36 من فصلت".

ص: 322

فإذا ما جزنا فعلًا بهذه المنطقة الوسيطة فسوف نمر بالتدريج بكل هذه الدرجات المتواصلة، دون أي انقطاع في صورتها المستمرة.

ومع ذلك فسوف نبذل قصارانا لنرسم فيها أربع مراحل رئيسية، تتوافق مع مختلف المواقف التي نفترض وجودها لدى الأشخاص الذين تتوجه إليهم الكلمات.

أولًا: موقف التقبل الواضح، المتجاوب مع الأمر والنظام، مع أنه صالح لدرجات مختلفة، وهو موقف يناسبه قول لطيف مشجع يحرص على ذكر هذه الإرادة الطيبة التي توشك أن تظهر في حيز الوجود، دون أن يشير أدنى إشارة إلى أي ضعف ممكن. بيد أنه لا يفتأ يثير انتباهنا إلى حضور الله، وعلمه المحيط:{وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا} ، {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ} 1.

لماذا؟

السر في ذلك أن المؤمن الصادق يجد في هذه الفكرة ما يحفزه حقًّا لدعم جهوده، وتغذية طاقته، وترقية نفسه، ومضاعفة ما يقتضيه من ذاته، لا أقول: من أجل أن يتشبث دائمًا بالاتجاه الذي اختاره بنفسه -فحسب، ولكن كذلك من أجل المحافظة على جودة أعماله، وطهارة نواياه، إن لم يكن ذلك من أجل أن يأتي دائمًا بالجديد، وبالأفضل. ولا ريب أن واقع التفكير في الله لحظة العمل هو معين لا ينضب من الطاقة للمؤمنين، له تأثيره على إرادتهم، وهو يضاعف من حماسهم، كيما يكملوا أعمالهم، وليكتملوا هم أنفسهم بل إن من الممكن أن نؤكد أن هذه الفكرة هي آمن وسيلة، وأقصر طريق للوصول إلى هذا الثبات، وتحقيق تقدم مطرد.

1 2/ 215 و256 و271 و3/ 92 و4/ 35 و127 و128 و26/ 218 و52/ 48 "= 2 أو7 ب".

ص: 323

ولقد بلغ الأمر بالرسول صلى الله عليه وسلم أن يجعل منها تحديدًا للكمال ذاته؛ فقد سئل: ما الإحسان؟ فأجاب: "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك"1.

إن الشعور الذي تثيره هذه الطريقة في التوجيه، هو على هذا النحو شعور بالارتياح، وبالقوة البناءة، فهو جاذبية الحب.

ثانيًا: موقف التجاوب عمومًا لأحكام الشرع، ولكنه لا يستبعد إمكان الخطأ.

وهنا لا نعود نشهد منظر عمل صالح يحدث، ويجب أن نشجعه، ولسنا كذلك أمام شر يهدد، إنما نحن في موقع ما قبل العمل، في ظروف عادية. ولما كنا نرى أمام الإرادة إمكانتين فإن الأمر يصدر في صورة مجردة بعض الشيء، أي: لا تبالي مطلقًا باختيارنا المقبل.

وليس للقول التوجيهي إلا أن يرتدي نفس الطابع، أي: إنه لا يكون تحريضًا على عمل الخير صراحة، ولا دفعًا عن اتجاهات الشر، بل يبقى غامضًا، وكأنه حالة بين حالتين، فهي كلتاهما في وقت واحد. ولن نقرأ بعد ما معناه: إن الله يرى الخير الذي تفعلون، ولن نقرأ كذلك: حاذروا أن تفعلوا الشر، بل سوف نقرأ: هذا هو الواجب، وسيرى الله ما تفعلون، في مثل قوله تعالى:{تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} 2.

1 انظر: صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب 38.

2 2/ 149 و233 و234 و237 و244 و4/ 1 و33 و58 و5/ 7 و8 و8/ 39 و72 و9/ 16 و105 و11/ 123 و24/ 28 و29 و30 و60 و25/ 20 و29/ 45 و33/ 34 و54 و55 و58/ 3 و13 و59/ 18 و63/ 11 "= 3 أو25 ب".

ص: 324

وهكذا تتغير نغمة الخطاب كله، فوجهه الأليف الباسم يصبح ذا رزانة، ولكنه ليس قاسيًا، ولما كان لاحتمالي القرار، حظ متساوٍ في الظاهر، فإنهما قد طبعا الكلام من كلا جانبيه بصبغة محايدة ومتحفظة. وهذا الازدواج بدوره سوف يجد صداه في ازدواج المشاعر التي سوف يتقاسم بينها المخاطبون، أو أنه سوف يتمخض بالأحرى عن شعور مركب، بين الحماس والرهبة، وعن خليط من الاحترام والاحتشام، وما لا أدري أيضًا.

ثالثًا: موقف طائع من حيث المبدأ، ولكن لما كان وجود بعض الظروف الخاصة قد يقحم فيه بعض التغييرات، فإن النغمة تبدأ في أن تصبح أكثر صرامة.

والحق أن موضوع التفسير يبقى ثابتًا لا يتغير، فهو يحتفظ بالصيغة المجردة كما كان في المرحلة السابقة، ولكنا نرى عبارة التكليف تلح بخاصة على جانب التحريم، كأنما كان هنالك ملامح نزوع إلى نقض القاعدة. ومن الطبيعي جدًّا حينئذ أن يزداد وضوح التنبيه الذي يدعم القاعدة، وأن يغير معناه على الفور، وألا تظل كمية الطاقات التي يحتويها بنفس النسبة التي كانت منذ قليل، وأن يتغلب عنصر "المنع" منذئذ على عنصر "الدفع":{فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ} 1.

ومن هنا كان عدم التناسب في المشاعر الموقظة، التي يغلب عليها بلا شك شعور الحياء، والواقع أن فكرة كوننا أمام الله لا يمكن أن تحتل عقولنا عندما نتخيل بعض المشروعات الخبيثة، إلا إذا مارسنا ضد هذه الخبائث كبحًا، يتفاوت في درجة قوته، وإذا سيطرت هذه الفكرة على عقولنا "أي: فكرة مثولنا أمام الله" فإننا نخاف أن نرتكب أمرًا، مهما صغر، يجعلنا نحمرُّ خجلًا أمام عظمة الله، واقرأ في ذلك ما رواه ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "استحيوا من الله حق الحياء" قلنا: إنا نستحي من الله يا رسول الله، والحمد لله، قال: "ليس ذلك، ولكن الاستحياء من الله

1 2/ 181 و224 و227 و231 و282 و283 و3/ 156 و4/ 94 و135 و148 و11/ 112 و16/ 91 و33/ 1 و2 و52 و49/ 1. "= 2 أو14 ب".

ص: 325

حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، وتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا، وآثر الآخرة على الأولى، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء" 1. فإذا أخطأ المرء أو ضعف فلأنه -قطعًا- قد غابت عنه في غمرة الحياة ولهوها تلك الفكر الهادية، التي أدركت يوسف من قبل حين {رَأى بُرْهَانَ رَبِّه} 2. ولكن ذكر الله سرعان ما يخالط شغافنا، ليثير فينا حاجة عارمة إلى أن نبكي على تلك الغفلة الشائنة، وبهذا وحده يسترد المرء مكانه في المجتمع الإلهي، وصدق الله العظيم: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ، أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ

} 3.

ولقد رأينا في هذه المراحل الثلاث أن الأمر أمر تربية أخلاقية على أساس من المشاعر الدينية، وهي بحكم طبيعتها قلما يكون لها تأثير أبعد منها ذاتها، ففي المرحلة الأولى يوقظ التوجيه الإلهي شعورنا بالحب، ذلك المحرك الممتاز، كيما يدفعنا قدمًا في طريق تحقيق القيم الإيجابية، وفي المرحلة الثالثة يمس شعورنا بالحياء، وهو لجام طيب، حتى يحفظنا من السقوط، ويوقفنا أمام الخطر، أما في المرحلة الثانية فإننا نأخذ حذرنا بفضل تعادل القوتين، فتستمر خطانا على صراط مستقيم.

رابعًا: وأخيرًا الموقف المتمرد المجاهر، لغير المؤمنين، وهو -على نقيض الحالة الأولى- لا يقتصر فيه الأمر على بعض قرارات خاصة منافية للشرع،

1 رواه الترمذي، وذكره ابن الديبع الشيباني في تيسير الوصول، كتاب الحياء، باب 1، نشر الشيخ حامد الفقي 2/ 23. "المعرب".

2 يوسف: 24.

3 آل عمران: 135.

ص: 326

وإنما هو موقف ضد الشرع صراحة، وتسبق الأقوال المعتادة -هذه المرة- بعض النصوص على الجرائم المقترفة، بحيث يستحيل أن يخطئ المرء ما تتسم به من طابع الوعيد:{أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُون} 1.

فما الشعور الذي تراد إثارته لدى الكافرين بهذه الوسيلة، وعلى وجه التحديد

؟

أهو الخوف من العقاب

؟

ولكن أي تأثير لإنذار كهذا في ضمير مغلق كضمير هؤلاء الجاحدين؟

إن الناظر الذي يعي خطورة حالهم قد يخشى عليهم العقاب، أما بالنسبة لهم فهل يوجد هناك شيء آخر سوى إثبات عقوقهم؟

سوى نوع من الحكم المسبق؟ سوى أمارة تشعر بإدانتهم الفعلية؟

نعم، فليس من الممكن أن يتوجه تحذير من هذا النوع إلى الجاحدين من أجل منفعتهم المباشرة، وإنما هي دعوة موجهة من بعيد إلى الإنسان العاقل المستكن فيهم، فربما أدى إدمان الطرق إلى أن ينفتح الباب، أن تنطلق الروح، أن يبعث الميت. أما الآن، فذلك موضوع من موضوعات التفكر يقدم إليهم، فإن كانت لديهم فرصة للتفكير فسوف يرون بلا ريب فيه نذيرًا بالطامة الكبرى التي تنتظرهم، والتي يدل كل شيء على وقوعها. ما هي طبيعة

1 2/ 74 و77 و140 و144 و3/ 63 و98 و99 و167 و4/ 63 و108 و5/ 61 و71 و8/ 47 و9/ 78 و10/ 36 و11/ 5 و17/ 47 و21/ 4 و23/ 96 و24/ 53 و25/ 58 و27/ 93 و29/ 10 و35/ 8 و36/ 76 و42/ 6 و46/ 8 و49/ 18 و90/ 7 "= 13 أو16 ب".

ص: 327

هذه الطامة؟ ومتى تقع؟ وكيف؟ لم يذكر شيء من هذا الشأن حتى الآن. وهكذا تنتهي المنطقة الوسيطة "= 20 أو62 ب".

وبهذه المرحلة الأخيرة نصبح على عتبة الجزاء بالمعنى الصحيح.

جـ: "اعتبارات النتائج المترتبة على العمل":

نتائج طبيعية: إذا نظرنا إلى هذه المجموعة الأخيرة نلاحظ أولًا قلة نسبية في النصوص التي تهتم بما نطلق عليه عمومًا: "الجزاءات الطبيعية" أي: النتائج النافعة أو الضارة التي تصدر في الأحوال العادية دائمًا عن سلوكنا الأخلاقي، كالصحة والمرض في نظام حياتنا المادية، دون تدخل ظاهر من الإرادة العليا التي تحكم الطبيعة.

ولقد استطعنا في نسق هذه الأفكار أن نميز نوعين من الأسباب المسوغة: فردية، أو عامة.

فأما ما كان من الوصايا معللًا بالخير الفردي، ناتجًا عن العمل بها، فلم نجد منه سوى أربعة نصوص، هي قوله تعالى1:

{وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} 2.

1 ربما أضفنا إليها نصًّا خامسًا إذا ما تمسكنا من بعض التفسيرات بالبرهان الذي جاء به القرآن لصالح إفراد الزوجة، ومنع التعدد. قوله تعالى في سورة [النساء: 3] {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} والواقع أن عددًا قليلًا من المفسرين يرون في هذا النص أسبابًا اقتصادية، "أي: تحاشوا أي عبء أسري"، ولكن أكثرية المفسرين، وأصحاب الرأي منهم يرون أنها أسباب أخلاقية "ابتعدوا ما أمكن عن أن تتركبوا ظلمًا"، وهذه الطريقة في التفسير أكثر دقة؛ لأنها أكثر احترامًا لقواعد التراكيب، فكلمة "تعولوا" لا تقبل المعنى الأول إلا بشرط أن تتضمن مفعولًا به مباشرًا، وهو غير موجود في النص.

2 النساء: 5 "= 1 ب".

ص: 328

- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} 1.

- {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ} 2.

- وأخيرًا تنحصر إدانة البخل والتبذير في أنهما معًا يعرضان صاحبهما للوم والعسر، {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} 3.

ولكن الأوامر التي يأتي تسويغها بالخير العام الذي تؤدي إليه فهي أكثر عددًا، هي قوله تعالى:

- {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيم} 4.

- {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} 5.

- وعقاب القاتل يجب أن يستهدف المذنبين وحدهم: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} 6.

1 المائدة: 101 "= 1 ب".

2 الأحزاب: 59 "= 1 ب".

3 الإسراء: 29 "= 1 أ".

4 فصلت: 34 "=1 أ".

5 المائدة: 91 "= 1 ب".

6 البقرة: 79 "= 1 ب".

ص: 329

- والنزاع الذي يتفشى في جيش أو في شعب يستتبع ضياعه واضمحلال قوته:

{وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} 1.

- وتسليح الجيش في زمن السلم يستهدف إرهاب العدو:

{تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُم} 2.

وفي حالة الحرب يجب أن نأخذ حذرنا، وألا نضع أسلحتنا، حتى في أثناء الصلاة، وهو واجب كإجراء وقاية، توقعًا لهجوم مفاجئ:

{وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً} 3.

- ولكن، لماذا نقاتل؟

وبدهي أننا نقاتل "في سبيل الله"، ولكي نبلغ هذه الغاية الأخيرة رسمت لنا النصوص أهدافًا كثيرة وسيطة هي:

أ- إيقاف بأس الكافرين، وكسر قوتهم العدوانية:

{وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا} 4.

ب- منع الفساد والفوضى أن ينتشرا في الأرض:

{وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} 5.

1 الأنفال: 46 "= 1 ب".

2 الأنفال: 60 "= 1 ب".

3 النساء: 102 "= 1 ب".

4 النساء: 84 "= 1 ب".

5 البقرة: 251 "= 1 ب ".

ص: 330

1 الحج: 40 "= 1 ب".

2 التوبة: 14 "= 1 ب".

3 لسنا هنا نتحدث طبعًا عن النتائج التي يقال إنها لازمة. فهي حين التصقت بالموضوع نفسه أضافت إليه أو حذفت منه بعض القيم، دون اعتبار لانعكاساتها على الفرد. وفي القرآن موضوعان يقدران هذا النوع من الغاية الطبيعية، فالمقارنة المعروفة بين الشجرة الطيبة، والشجرة الخبيثة. مع إبراز الصفات الأخلاقية للحق والباطل "طيب وخبيث، قوي وضعيف

إلخ" هذه المقارنة تؤكد في الوقت نفسه أهدافها الوجودية: قابلية الحياة أو الزوال. "انظر سورة إبراهيم آيتي: 24 و26" ومن هذا القبيل الموازنة بين الزبد الذي يختفي ويتلاشى، والماء الذي يبقى "الرعد: 17". ومع ذلك إن هذه النصوص ليست في مكانها هنا إلا من حيث كون دوام الحقيقة وإثمارها يمكن أن تتكفل بتحقيقهما شريعة الفطرة.

ولا ريب أن من العسير أن تثبت على سبيل القطع أن الحقيقة في غنى عن أن تكون معروفة، ومنشورة بقدر كاف، لتكون معترفًا بها، ومدافعًا عنها، ومع أنها قد اضطهدت طويلًا، وأزهقت كثيرًا، فإنها سوف تجد في النهاية تاريخًا منصفًا يرد إليها اعتبارها، وأرواحًا طاهرة تعتنقها.

ومن الممكن أيضًا أن نقول: إن نجاح الكذب، وحياته المؤقتة إنما يدين بهما دائمًا؛ لأنه يتقمص شرائع الحق. وفي نفس النظام الفكري الذي تفيده هذه الموازنات يمكن أن نذكر كثيرًا من النصوص ينحصر استهزاؤها بالوثنية والشرك في أنهما يتوسلان إلى ذوات فانية:{وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88] وهي ذوات عاجزة عن أن تضر أو تنفع، عاجزة عن أن تمنع ما يريد الله أن يكون "5/ 76 و6/ 17 و46 و62 و71 و192-198 و10/ 18 و106 و13/ 14 و16 و17/ 56 و67 و21/ 42 و43 و22/ 12 و13 و25/ 3 و55 و28/ 71 و72 و30/ 30 و35/ 2 و3 و14 و36/ 75 و39/ 38 و46/ 5 و67/ 20 و21 و30"، وواضح أن الأمر في هذا كله أمر وصف لواقع راهن، وليس أمر إخبار بنتيجة مستقبلة. ولنلاحظ من ناحية أخرى أن عبادة هذه الذوات لا تستتبع هنا نتيجة طبيعية إيجابية، بل هي تستتبع مناقضة.

ص: 331

وها نحن أولاء نجد أنفسنا بعيدين عن مستوى الحسن الأخلاقي الذي هو غاية في ذاته، حيث كانت الواجبات تمتدح وتقدر تبعًا لطبيعتها الخاصة، وحين تدخلت المشاعر الدينية بعد ذلك لتحفز من جانبها إلى إيقاظ هذا الحس كنا لا نزال في مجال عناصر تنتمي إلى أسرة واحدة.

أما الآن فإن لنا شأنًا مع طرف ثالث ليس من الأسرة، وحاشاه أن يكون البحث عن اللذة، أو الطمع في الكسب، أو تدبيرًا ماهرًا لإجراءات محترسة لمداراة الرذائل. ولكنه العقل الرشيد العملي، وغريزة المحافظة على النفس، وشعور مشروع بحب الذات، واهتمام طيب بخلق روابط من الصداقة المتبادلة بين الناس.

ومع ذلك. فسواء أكان هذا عامًّا أم فرديًّا، مشروعًا أو حتى جديرًا بالثناء -أوَليس هو دائمًا المنفعة التي لا شك فيها، تدافع -هذه المرة- عن قضية القانون الأخلاقي؟ فهل يخصص القرآن -حينئذ- جانبًا، ولو صغيرًا، للأخلاق السوقية، حتى ما كان منها -على هذا النحو- نقيًّا بريئًا؟

ولنتذكر هنا الفرق الذي ذكرناه في مستهل هذا الفصل، ما بين إخبار بوجوب استعمال العقل، وبين هدف مقترح للإرادة، ولسوف تكون لدينا فرصة التوسع في دراسة هذا الفرق في الفصل التالي.

ص: 332

ولكن لماذا نصر على إحداث هذه التفرقة الأساسية للضمير الإنساني الذي لا يقبل الانفصام؟ إنني أفهم جيدًا أن من الواجب عليَّ، عند اصطدام الواجب بالمنفعة، أن أضحي لأجل الأمر العلوي لواجبي، لا برغباتي فحسب، بل بغرائزي الأولية، بما في ذلك حياتي. ولكن، حين لا يكون اصطدام، أيمكن ألا يبالي المرء حقًّا بذاته؛ أن يتأفف من مقتضيات فطرته العميقة.

إن الحكيم الرواقي لا يجد بدًّا من الاعتراف بأنه إذا لم يكن هذا بالنسبة إليه ضرورة، فإنه على الأقل ترجيح وتفصيل. ومع ذلك فهل يمكن لأحد أن يتأثر بروح الزهد أكثر من المسيح؟ ألم يبتعد عن المكان حين عرف أن الفريسيين تشاوروا عليه لكي يهلكوه؟

1 وحين أحس بالخيانة تقترب ألم يلجأ إلى الله، يدعوه أن يجنبه هذه الكأس، "وقال: يا أبا الآب، كل شيء مستطاع لك، فأجز عني هذه الكأس، ولكن ليكن، لا ما أريد أنا، بل ما تريد أنت"؟ 2.

عندما أرى الغريزة والذكاء، الإيمان والعقل، واجبي ومصلحتي -كل ذلك يتجه نحو نقطة واحدة، وعندما أسمع من كل جوانحي نفس الصيحة، نفس النداء، نفس الأمر، فهل من حقي أن أقول -مفتخرًا-: إني لم أستجب إلا لصوت وحيد، وإني لم أتحرك إلا بدافع الواجب وحده، وإن العوامل الأخرى لم تؤد أي دور، أساسي أو ثانوي، في قراري؟ كيف أتحقق من هذا؟

ألم يعترف الفيلسوف "كانت" هو أيضًا، بالرغم من طابع مذهبه المتشدد لشخص الإنسان بحق الدفاع عن نفسه باعتبار أنه حق لا يمكن انتهاكه، لا بوساطة الغير، ولا بوساطة الإنسان نفسه؟

1 إنجيل متى 12/ 15.

2 إنجيل مرقص 14/ 36.

ص: 333

وعليه، فمتى ما حُدِّد للإرادة موضوع، وبمجرد أن يتضمن الشكل موضوعًا طيبًا -يصبح من العسير أن نفصل الشكل عن الموضوع، أو نخفي الموضوع عن رؤية العقل. وهل لجهد الإرادة تلك القدرة السحرية على أن يمحو ذكرياتنا بضربة واحدة، وهل بوسعه أن يطفئ أنوار عقولنا بنفخة واحدة؟

إن علينا أن نركز انتباهنا على الغلاف: فإذا تحققنا أن محتواه ثمين فسيزيد ذلك لا محالة من وزنه، وسيغلي من قيمته، ولسوف يشق في النهاية القشرة ليلمس إدراكنا وحساسيتنا.

وحينئذ لن نستطيع أبدًا أن نمنع هذا العنصر الجديد من أن ينشئ لنا، لا أقول: هدفًا آخر نسعى إليه، أو سيدًا آخر نخدمه، فتلك تكون ردة عن الواجب، وإنما هو ينشئ لنا تكملة من القوة والحماس في سيرنا المنتصر، إلى نفس الهدف، ولن يعود الواجب آنذاك محترمًا فحسب، بل سوف يكون هوانا الذي يمتزج بدمنا.

أليس تطلب النزاهة الكلية في مجال ضروراتنا الجوهرية -إنكارًا لضعفنا الإنساني؟ لقد وصم "بسكال"1 هذا الغرور وندد به تنديدًا كافيًا.

إننا لا ننكر إمكان موقف كهذا بالنسبة إلى بعض المتميزين في قمة تقدمهم،

1 بسكال: رياضي فيزيائي فيلسوف كاتب فرنسي، "1623-1662" اهتم منذ نعومة أظفاره بالعلوم وابتكر في سن الثامنة عشرة ماكينة حاسبة وإليه يرجع الفضل في الكشف عن بعض قوانين الضغط الجوي والمائي وتوازن السوائل، وباسمه المثلث المعروف "مثلث بسكال" "والذي ثبت فيما بعد أنه أخذه عن رياضي مسلم هو الكرجي". اعتنق المسيحية ثم بدأ يكتب عنها مؤلفًا مات قبل إتمامه ونشرت بعض أجزائه بعنوان:"أفكار" وقد أدت أعماله في المجال الأخلاقي إلى توجيه فكر عصره نحو دراسة النقائص والرذائل التي ألصقتها الطبيعة بالنفس والعقل الإنساني، ومن هنا يعتبر من واضعي الكلاسيكية. "المعرب".

ص: 334

ولكن هل يكون منهجًا حكيمًا أن ندعو إلى الأخلاق فنبدأ بقطع قنطرتها خلف الأبطال، بقطع الأسباب بين المرء وماضيه، وبذلك لا ندع للإنسانية سوى يأس مطلق؟ وكيف تقنع بالواجب إنسانًا مستغرقًا في شئونه، أو آخر مستسلمًا لشهواته، إذا كنت تطلب منه أن ينقطع تمامًا عن ماضيه كله على صورة تحول عنيف، وأن يخضع نفسه لقاعدة جافة لم يدرك بعد ملاءمتها؟ وإذا كنت فضلًا عن ذلك تعمد إلى منعه من أن يلقي نظرة واحدة على أي شيء من شأنه أن يسوغ في نظره أمرك إياه، وإلا أصبح عديم الأخلاق، فأية نتيجة يمكن أن تحصل عليها من هذه التربية، إن لم تكن أن تفقد تلميذك كل ثقة بنفسه، وإلى الأبد؟

ألم يكن أكثر تعقلًا وإنسانية، لكي تلقن تلميذك أوليات الحياة الأخلاقية، أن تبدأ بوضع نفسك مكانه، وتنظر من الزاوية التي ينظر منها؟ وأن تحاول أن تعطيه بدل ما تريد أن تسحبه منه، وأن تريه أن طريق الواجب هي في الوقت نفسه طريق الذكاء، والذوق الحسن، طريق الأمن، والمجد؟ إنه كلما عرف بطريقة أفضل فائدة الاستقامة، شيئًا فشيئًا، وكلما استبدل بفورة العاطفة اتزان العقل، فلسوف يتسنى له أن يتذوق حلاوة الخير، وسحر الفضيلة، وعظمة البطولة.

ولسوف تتخلق بالتدريج في نفسه مواءمة مع الخير، نوع من التماثل بين إرادته والقاعدة الأخلاقية. وربما استطاع عند بلوغ هذا الحد أن ينفصل تمامًا عن كل مؤثر أجنبي، كيما يستسلم استسلامًا كاملًا للواجب من أجل الواجب، دون أن تقلقه عواطفه الذاتية، أو يؤثر عليه ما قد تدخره له تصاريف الطبيعة من نجاح أو إخفاق. لقد اضطر إلى الاعتراف بهذه الطريقة في تصور التربية الأخلاقية أعظم الفلاسفة الغربيين تشددًا بين المحدثين منهم ونعني به "كانت"، فكتب يقول: "لقد يكون من المفيد أن نربط هذا

ص: 335

التوقع لحياة سعيدة ورغدة بذلك الدافع العلوي: "أن يحترم المرء القانون، وأن يحترم ذاته"

ولكن ذلك فقط لموازنة المغريات التي لا تفتأ الحياة تخادعنا بها على الجانب الآخر، لا من أجل أن نضع فيه القدرة المحركة بالمعنى الصحيح

"1.

ونقرأ بعد ذلك في نفس الكتاب: "بيد أن هذا الفصل لمبدأ السعادة عن مبدأ الحس الأخلاقي ليس من باب التعارض، والعقل العملي الخالص لا يرى أن يتخلى المرء عن كل دعاوي السعادة، بل ربما كان واجبًا في بعض المجالات أن يهتم المرء بسعادته؛ لأن السعادة تقدم له من ناحية وسائل أداء واجبه، ولأن الحرمان من السعادة، من ناحية أخرى -"في حالة الفقر مثلًا"- يجلب معه إلى الإنسان إغراءات بانتهاك واجبه.

على أن يكون مفهومًا أن عمل المرء لسعادته فحسب، لا يمكن أن يكون واجبًا، أبدًا، وأقل من ذلك أن نجعل منه مبدأ كل واجب"2.

وقال بطريقة أكثر صراحة: "لا شك أن أحدًا لا يستطيع أن ينكر أنه لكي نقود عقلًا مجدبًا، أو حتى فاسدًا إلى طريق الخير الأخلاقي -فإننا نحتاج إلى بعض التدريبات الإعدادية لترغيبه عن طريق ما يحقق من نفع ذاتي، أو ترهيبه بالخوف من بعض الخسائر. ولكن متى ما حققت هذه الآلية "الميكانيكية" وهذا الانقياد، بعض الآثار فيجب أن نقدم إلى النفس المبدأ الأخلاقي في صورته المحضة، أي: في صورة الالتزام بالواجب3.

وهكذا تستهل الحياة الأخلاقية بإدخال العنصرالمثالي، "المثل الأعلى"،

1 KANT. CRIT. DE LA R. PRATS P. 93.

2 السابق ص99.

3 السابق 162.

ص: 336