المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر نزوله- صلى الله عليه وسلم بذي طوى، ودخوله مكة، وطوافه وسعيه: - سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد - جـ ٨

[الصالحي الشامي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثامن]

- ‌جماع أبواب سيرته صلى الله عليه وسلم في الطهارة للصلاة

- ‌الباب الأول في البئر التي توضأ أو اغتسل- صلى الله عليه وسلم منها

- ‌الأول: في تطهّره [ (1) ]صلى الله عليه وسلم من بئر بضاعة [ (2) ]

- ‌الثاني: في استعماله- صلى الله عليه وسلم سؤر السّباع

- ‌الثالث: في وضوئه- صلى الله عليه وسلم بسؤر الهرّة

- ‌الرابع: في استعماله فضل طهور المرأة:

- ‌«تنبيه»

- ‌الخامس: في وضوئه- صلى الله عليه وسلم بما يقع فيه تمرات إن صح الخبر:

- ‌السادس: في وضوئه من ماء زمزم:

- ‌السابع: في وضوئه- صلى الله عليه وسلم بفضل سواكه:

- ‌الثامن: فيما يحمل الخبث من الماء:

- ‌التاسع: في الماء المشمّس والمسخّن

- ‌العاشر: في الماء المستعمل ونية الاغتراف:

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق:

- ‌الباب الثاني في آدابه- صلى الله عليه وسلم عند قضاء الحاجة

- ‌الأول: في بعده عن الناس، في الصحراء:

- ‌الثاني: في تبوئه لبوله:

- ‌الثالث: في لبسه نعله وتغطية رأسه، ووضعه خاتمه قبل الدخول وغير ذلك مما يذكر:

- ‌الرابع: فيما كان يستتر به:

- ‌الخامس: فيما كان يقوله إذا أراد قضاء الحاجة وأراد به عند الجلوس:

- ‌السادس: في استقبال القبلة واستدبارها في البنيان:

- ‌السابع: في بوله قاعدا وكذا قائما لعذر:

- ‌الثامن: في بوله في إناء:

- ‌التاسع: في شدة تفريجه- صلى الله عليه وسلم بين وركيه حال قضاء الحاجة:

- ‌العاشر: في استنجائه بشماله ودلكها بالأرض وما كان يستنجي به، ورشّه فرجه بعد وضوئه بالماء، وغير ذلك مما يذكر:

- ‌الحادي عشر: فيما كان يقوله ويفعله إذا فرغ من قضاء الحاجة:

- ‌الثاني عشر: في تركه- صلى الله عليه وسلم رد سلام من سلّم عليه وهو يقضي حاجته:

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث في إزالته النجاسة والمستقذر- صلى الله عليه وسلم

- ‌الأول: في بول الطفل:

- ‌الثاني في دم الحيض:

- ‌الثالث: في المنيّ [ (3) ] :

- ‌الرابع: في المخاط:

- ‌تنبيه: في بيان غريب ما سبق:

- ‌الباب الرابع في سواكه [ (1) ]صلى الله عليه وسلم

- ‌الأول: أمر الله عز وجل به- رسول الله- صلى الله عليه وسلم

- ‌الثاني: فيما كان يستاك به

- ‌الثالث: في تهيئته للسواك قبل أن ينام. وسواكه قبل أن ينام، وبالليل إذا قام من نومه

- ‌الرابع: في سواكه إذا دخل منزله

- ‌الخامس: في كيفية سواكه. وبأي يد كان يستاك

- ‌السادس: في سواكه إذا خرج للصلاة:

- ‌السابع: في إعطائه- صلى الله عليه وسلم السواك للأكبر

- ‌الثامن: في سفره بالسواك

- ‌التاسع: في غسله سواكه واستياكه بفضل وضوئه

- ‌العاشر: في سواكه وهو صائم. وبحضرة الناس، خلافا لمن نفى الأخيرة:

- ‌الحادي عشر: في وضعه- صلى الله عليه وسلم السواك في عمامته

- ‌الثاني عشر: في مواضع ورد أنه- صلى الله عليه وسلم استاك فيها غير ما تقدم:

- ‌تنبيهان

- ‌الباب الخامس في آدابه- صلى الله عليه وسلم في وضوئه

- ‌الأول: في الآنية [ (1) ] التي توضأ منها، أو تنزه عنها

- ‌الثاني: في مقدار ماء وضوئه وغسله- صلى الله عليه وسلم

- ‌الثالث: في استعانته- صلى الله عليه وسلم في وضوئه تارة وامتناعه من ذلك تارة

- ‌الرابع: في تهيئته ماء وضوئه

- ‌الخامس: في تسميته في أول وضوئه- صلى الله عليه وسلم:

- ‌السادس: في غسله- صلى الله عليه وسلم يديه قبل إدخالهما الإناء

- ‌السابع: في وصله المضمضة والاستنشاق وفصله:

- ‌الثامن: في تخليله لحيته (الشريفة) وأصابع يديه

- ‌التاسع: في تعهده- صلى الله عليه وسلم المأقين

- ‌العاشر: في مسحه رأسه مرة ومرتين، وثلاثا. وكيفية مسحه

- ‌الحادي عشر: في مسحه بمقدم رأسه ومؤخره، وعمامته

- ‌الثاني عشر: في إدخاله أصبعه في حجر أذنيه:

- ‌الثالث عشر: في مسحه- صلى الله عليه وسلم العذار والعنق

- ‌الرابع عشر: في دلك أصابع رجليه بخنصريه

- ‌الخامس عشر: في بداءته باليمين في الوضوء وغيره

- ‌السادس عشر: في إسباغه الوضوء

- ‌السابع عشر: في دعائه في وضوئه

- ‌الثامن عشر: في صفة وضوئه- صلى الله عليه وسلم

- ‌التاسع عشر: في شربه فضل وضوئه قائما

- ‌العشرون: في وضوئه في المسجد

- ‌الحادي والعشرون: في تنشيفه أعضاء الوضوء

- ‌الثاني والعشرون: في وضوئه لكل صلاة- ونسخ ذلك

- ‌الثالث والعشرون: في وضوئه مما مسّته النار وترك ذلك

- ‌الرابع والعشرون: في تركه الوضوء من قبلة النساء

- ‌الخامس والعشرون: في وضوئه من القيء:

- ‌السادس والعشرون: في وضوئه في خروج الدم تارة وتركه تارة

- ‌السابع والعشرون: في وضوئه مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثا ثلاثا

- ‌الثامن والعشرون: [

- ‌التاسع والعشرون: في وضوئه من مسّ فرجه. إن صح الخبر:

- ‌الثلاثون: في محافظته- صلى الله عليه وسلم على الوضوء:

- ‌الحادي والثلاثون: في وضوئه مع بعض النساء من إناء واحد:

- ‌الثاني والثلاثون: في نضحه فرجه بعد الوضوء:

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السادس في مسحه- صلى الله عليه وسلم على الخف والجبائر

- ‌الأول: في أن النبي- صلى الله عليه وسلم «مسح على الخفين خلافا للمبتدعة»

- ‌الثاني: في موضع المسح

- ‌الثالث: في مدة المسح سفرا وحضرا

- ‌الرابع: في المسح على الجبائر

- ‌الباب السابع في تيممه- صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهان

- ‌الباب الثامن في غسله- صلى الله عليه وسلم

- ‌الأول: في صفة غسله- صلى الله عليه وسلم:

- ‌الثاني: في غسله الواحد للمرات من الجماع:

- ‌الثالث: في اغتساله من الإغماء:

- ‌الرابع: في استتاره- صلى الله عليه وسلم من الاغتسال بثوب مع بعض أصحابه

- ‌الخامس: في رشه الماء على من دخل عليه مغتسله

- ‌السادس: في مكان اغتساله- صلى الله عليه وسلم

- ‌السابع: فيما كان يغتسل له

- ‌الثامن: في وضوئه- صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يأكل، أو يشرب، أو يرقد، أو يطأ إذا كان جنبا، وتركه ذلك قليلا، وتيممه إذا لم يتوضأ

- ‌التاسع: في اغتساله مع بعض نسائه من إناء واحد

- ‌العاشر: في القدر الذي كان يغتسل به- صلى الله عليه وسلم غير ما تقدم ذكره في الوضوء

- ‌الحادي عشر: في غسله بفضل طهور بعض نسائه

- ‌الثاني عشر: في تنشفه من الغسل

- ‌الثالث عشر: في غسله- صلى الله عليه وسلم رأسه بالخطمي والأشنان

- ‌الرابع عشر: في استتاره- صلى الله عليه وسلم

- ‌الخامس عشر: في غسله لمعة رآها بعد غسله

- ‌السادس عشر: في أنه- صلى الله عليه وسلم لم يكن يتوضّأ بعد الغسل

- ‌السابع عشر: في امتناعه- صلى الله عليه وسلم من قراءة القرآن وهو جنب

- ‌تنبيهات

- ‌الباب التاسع في استمتاعه- صلى الله عليه وسلم بما بين السّرة والركبة من امرأته الحائض واستخدامه ومجالسته لها

- ‌جماع أبواب سيرته صلى الله عليه وسلم في صلاة الفرائض

- ‌الباب الأول في اختلاف العلماء فيما كان- صلى الله عليه وسلم يتعبد به- بفتح الموحدة- قبل البعثة هل كان بشرع من تقدمه أم لا

- ‌الباب الثاني في مواقيت صلاته- صلى الله عليه وسلم الفرائض

- ‌الأول: في مواقيتها على سبيل الاشتراك

- ‌النوع الثاني: في مواقيتها على سبيل الانفراد وتعجيلها:

- ‌الأول: في تعجيل الصلاة مطلقا

- ‌الثاني: في العصر

- ‌الثالث: في المغرب:

- ‌الرابع: في العشاء:

- ‌الخامس: في الصبح:

- ‌النوع الثالث: في تأخيره- صلى الله عليه وسلم بعض الصلوات وفيه أنواع:

- ‌الأول: في تأخيره- صلى الله عليه وسلم الظهر من شدة الحر، والإبراد بها

- ‌الثاني: تأخير الظهر في الشتاء:

- ‌الثالث: تأخير العشاء:

- ‌الرابع: تحويله- صلى الله عليه وسلم الصلاة عن وقتها

- ‌[تنبيهات] في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الثالث في امتناعه- صلى الله عليه وسلم من الصلاة في الأوقات المكروهة وما جاء في صلاته بعد العصر ركعتين

- ‌الباب الرابع في سيرته- صلى الله عليه وسلم في الأذان والإقامة، وما ورد انه أذن، وذكر مؤذنيه وما كان يقوله إذا سمع الأذان، والإقامة، وأدبه في ذلك

- ‌الأول: فيما ورد: أنه أذّن

- ‌النوع الثاني: في مؤذنيه- صلى الله عليه وسلم

- ‌النوع الثالث: فيما كان يقوله- صلى الله عليه وسلم إذا سمع الأذان والإقامة:

- ‌النوع الرابع: في سيرته في الأذان لقضاء الفوائت:

- ‌النوع الخامس: فيما كان يؤذن له في السفر:

- ‌النوع السادس: في جمعه- صلى الله عليه وسلم بين صلاتين بأذان واحد

- ‌النوع السابع: في بعض آدابه في الأذان:

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس في آدابه- صلى الله عليه وسلم المتعلقة بالمساجد

- ‌الأول: فيما كان يقوله ويفعله عند دخول المسجد والخروج منه

- ‌الثاني: في إزالة النجاسة من جدار المسجد، وبزاقه في ثوبه أو نعله، صلى الله عليه وسلم

- ‌الثالث: في إدخاله- صلى الله عليه وسلم البعير في المسجد

- ‌الرابع: في اتخاذه- صلى الله عليه وسلم كرسيا غير المنبر يعلم عليه

- ‌الخامس: في وضوئه- صلى الله عليه وسلم في المسجد

- ‌السادس: في استلقائه- صلى الله عليه وسلم في المسجد واضعا إحدى رجليه على الأخرى

- ‌السابع: في أكله وشربه- صلى الله عليه وسلم في المسجد

- ‌الثامن: في خطه- صلى الله عليه وسلم المساجد في دور بعض أصحابه- رضي الله تعالى عنهم

- ‌تنبيه

- ‌الباب السادس في صلاته- صلى الله عليه وسلم في الكعبة ومرابض الغنم، ومحبته الصلاة في الحيطان

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق:

- ‌الباب السابع في آدابه- صلى الله عليه وسلم قبل الدخول في الصلاة

- ‌الأول: في صلاته- صلى الله عليه وسلم في ثوب تارة وأكثر تارة

- ‌الثاني: في تسويته- صلى الله عليه وسلم الصفوف. وتقديمه من يستحق التقديم

- ‌الثالث: في ابتدائه بالسواك. قبل الدخول في الصلاة

- ‌الباب الثامن فيما كان يصلي عليه وإليه زاده الله فضلا وشرفا لديه

- ‌تنبيهات

- ‌الباب التاسع في سيرته- صلى الله عليه وسلم في استقبال القبلة وهو يصلي

- ‌الأول: في اعتراض بعض نسائه بينه وبين القبلة

- ‌الثاني: في منعه- صلى الله عليه وسلم المار بين يديه ودعائه عليه

- ‌الثالث: في سترته إذا صلّى- صلى الله عليه وسلم

- ‌الرابع: في صلاته- صلى الله عليه وسلم إلى غير سترة ومرور الكلب والحمار بين يديه. ومرور الناس بين يديه

- ‌الخامس: في صلاته- صلى الله عليه وسلم النافلة في السفر، حيث توجهت به راحلته

- ‌الباب العاشر في صفة صلاة رسول الله- صلى الله عليه وسلم

- ‌الأول: وروي في تكبيره- صلى الله عليه وسلم، وجهره به، ورفعه يديه، ووضعهما على الصدر:

- ‌الثاني: في دعاء الافتتاح

- ‌الثالث: في تعوذه- صلى الله عليه وسلم قبل القراءة

- ‌الرابع: في قراءته- صلى الله عليه وسلم بالفاتحة في الصلاة وفيه أنواع:

- ‌الأول: قراءته- صلى الله عليه وسلم الفاتحة في كل ركعة، وجهره بالبسملة

- ‌الثاني: في تركه- صلى الله عليه وسلم الجهر بالبسملة أحيانا

- ‌الثالث: في ابتدائه- صلى الله عليه وسلم بقراءة الفاتحة قبل السورة

- ‌الرابع: في سكوته هنيهة، عقب الحمد لله رب العالمين

- ‌الخامس: في تأمينه- صلى الله عليه وسلم عقب الفاتحة في الصلاة

- ‌السادس: في أحاديث جامعة في قراءته- صلى الله عليه وسلم السورة، بعد الفاتحة

- ‌السابع: في قراءته- صلى الله عليه وسلم بعد الفاتحة في صلاة الصبح

- ‌الثامن: في قراءته- صلى الله عليه وسلم في صبح الجمعة

- ‌التاسع: في صلاته- صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر

- ‌العاشر في قراءته- صلى الله عليه وسلم في صلاة المغرب

- ‌الحادي عشر في قراءته- صلى الله عليه وسلم في صلاة العشاء

- ‌النوع الخامس في أحاديث مشتركة

- ‌الفصل السادس. في جمعه- صلى الله عليه وسلم بين سورتين في ركعة

- ‌السابع فيما كان يقوله- صلى الله عليه وسلم إذا مر بآية رحمة، أو آية عذاب

- ‌الثامن: في عدّه الآي في الصلاة

- ‌العاشر [ (4) ] في سكتاته- صلى الله عليه وسلم في الصلاة

- ‌الحادي عشر: في قراءة الفاتحة فقط

- ‌الثاني عشر: في جهره وإسراره- صلى الله عليه وسلم

- ‌الثالث عشر في بنائه في قراءة الصلاة من حيث وقف أبو بكر- رضي الله تعالى عنه

- ‌الرابع عشر: في تردده في الصلاة، وطلبه الفتح عليه

- ‌الخامس عشر: في صفة ركوعه، ومقداره

- ‌السادس عشر: فيما كان يقوله في ركوعه- صلى الله عليه وسلم

- ‌السابع عشر: في اعتداله من الركوع وما كان يقوله فيه- صلى الله عليه وسلم

- ‌الثامن عشر: في قنوته- وفيه ثلاثة أنواع

- ‌الأول: في قنوته في الصبح

- ‌الثاني: في قنوته في الوتر في النصف الأخير من رمضان ومطلقا

- ‌الثالث: في قنوته- صلى الله عليه وسلم[في الصلوات المكتوبة]

- ‌العشرون: في صفة سجوده- صلى الله عليه وسلم

- ‌الحادي والعشرون: في سيرته- صلى الله عليه وسلم في سجوده في المطر والبرد

- ‌الثاني والعشرون: في تطويله- صلى الله عليه وسلم بعض السجدات لعذر

- ‌الثالث والعشرون: فيما كان- صلى الله عليه وسلم يقول في سجوده

- ‌الرابع والعشرون: في مقدار سجوده- صلى الله عليه وسلم

- ‌الخامس والعشرون: في رفعه- صلى الله عليه وسلم من السجود وجلسته بين السجدتين. وما كان يقوله فيها

- ‌السادس والعشرون: في تسويته- صلى الله عليه وسلم بين الركوع والرفع منه والسجود والرفع منه

- ‌السابع والعشرون: في جلوسه- صلى الله عليه وسلم للاستراحة وكيفية نهوضه، للركعة الثانية

- ‌الثامن والعشرون: في هيئة جلوسه- صلى الله عليه وسلم للتشهد وتشهده

- ‌التاسع والعشرون: في دعائه- صلى الله عليه وسلم بعد التشهد

- ‌الثلاثون: في دعائه في الصلاة مطلقا

- ‌الحادي والثلاثون: في صفة سلامه من الصلاة- صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الحادي عشر في أحاديث جامعة لأوصاف من أعمال صلاته غير ما تقدم

- ‌الأول: في طمأنينته في صلاته

- ‌الثاني: فيما ورد في طول صلاته وقصرها. وتخفيفها غير ما تقدم

- ‌الثالث: في سيرته- صلى الله عليه وسلم في قضاء الفوائت

- ‌تنبيه: في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الثاني عشر في آدابه- صلى الله عليه وسلم بعد السلام

- ‌الأول: في جعله يمينه للناس ويساره للقبلة بعد السلام واستقبالهم حالة الدعاء

- ‌الثاني: في رفعه- صلى الله عليه وسلم صوته بالذكر بعد الصلاة

- ‌الثالث: في مكثه- صلى الله عليه وسلم مكان صلاته حتى يذهب الناس وتطلع الشمس

- ‌الرابع: في مقدار ما يقعد- صلى الله عليه وسلم بعد السلام

- ‌الباب الثالث عشر في صلاته في الفرض قاعداً لعذر وإيمائه في النّفل أن صح الخبر

- ‌تنبيه: في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الرابع عشر في أذكاره ودعواته بعد صلواته من غير تعيين صلاة- صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيه:

- ‌الباب الخامس عشر فيما كان يقوله ويفعله- صلى الله عليه وسلم بعد الصبح، والعصر، والمغرب

- ‌الباب السادس عشر في آداب صدرت منه- صلى الله عليه وسلم تتعلق بالصلاة غير ما تقدم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السابع عشر في سيرته- صلى الله عليه وسلم في صلاة الجماعة

- ‌الأول: في محافظته- صلى الله عليه وسلم على صلاة الجماعة

- ‌الثاني: في تسويته- صلى الله عليه وسلم الصفوف

- ‌الثالث: في استخلافه- صلى الله عليه وسلم في الإمامة إذا خرج- صلى الله عليه وسلم من المدينة

- ‌الرابع: في تجوّزه في الصلاة إذا سمع بكاء الصغير

- ‌الخامس: في صلاة النساء معه- صلى الله عليه وسلم، في المسجد

- ‌السادس: في مقاربته خطاه- صلى الله عليه وسلم إذا قصد الصلاة مع الجماعة

- ‌السابع: في تطويله الركعة الأولى من الظهر

- ‌الثامن: في انتظاره- صلى الله عليه وسلم كثرة الجماعة

- ‌التاسع: في تذكره- صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة أنه محدث ورجوعه إلى الإمامة

- ‌العاشر: في صلاته- صلى الله عليه وسلم خلف بعض أصحابه- رضي الله تعالى عنهم

- ‌الحادي عشر: في إدارته- صلى الله عليه وسلم من صلى على يساره- صلى الله عليه وسلم

- ‌الثاني عشر: في صفّه الرجال ثم الصّبيان ثم النساء

- ‌الثالث عشر: في صلاته- صلى الله عليه وسلم في مكان أعلى من مكان المأمومين ليعلمهم

- ‌الرابع عشر: في أمره المؤذن إذا كانت ليلة مطيرة- أن يقول بعد الأذان، ألا صلوا في رحالكم

- ‌الخامس عشر: في اقتدائه- صلى الله عليه وسلم بغيره

- ‌الأول: في اقتدائه- صلى الله عليه وسلم بعبد الرحمن بن عوف

- ‌الثاني: في اقتدائه- صلى الله عليه وسلم بأبي بكر الصديق- رضي الله تعالى عنه

- ‌تنبيه:

- ‌جماع أبواب سيرته- صلى الله عليه وسلم في السجدات التي ليست بركن

- ‌الباب الأول في سجوده- صلى الله عليه وسلم للسهو

- ‌الأول: في سجوده- صلى الله عليه وسلم قبل السلام

- ‌الثاني: في سجوده- صلى الله عليه وسلم بعد السلام

- ‌الثالث: في سجوده- صلى الله عليه وسلم للزيادة

- ‌تنبيه: في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الثاني في بيان سجداته- صلى الله عليه وسلم التلاوة على سبيل الإجمال

- ‌الباب الثالث في بيان عدد سجداته- صلى الله عليه وسلم على سبيل التفصيل

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع في سجوده- صلى الله عليه وسلم لقراءة غيره- إذا سجد القارئ وسجوده للتلاوة في الصلاة المكتوبة وما كان يقوله في سجود التلاوة

- ‌الباب الخامس في سجوده- صلى الله عليه وسلم للشكر وصلاته ركعتين لذلك

- ‌جماع أبواب سيرته- صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة وليلتها

- ‌الباب الأول في آدابه- صلى الله عليه وسلم قبل الصلاة

- ‌الأول: الغسل:

- ‌الثاني: أخذه- صلى الله عليه وسلم من شاربه وظفره

- ‌في تجمّله- صلى الله عليه وسلم

- ‌الثالث: فيما كان يقرؤه- صلى الله عليه وسلم في مغرب ليلة الجمعة وعشائها

- ‌الرابع: في إطالته صلاته- صلى الله عليه وسلم قبل الجمعة وبعدها

- ‌تنبيه: في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الثاني في وقت صلاته- صلى الله عليه وسلم الجمعة والنداء إليها

- ‌الباب الثالث في موضع خطبته- صلى الله عليه وسلم

- ‌الأول: في خطبته- صلى الله عليه وسلم على الأرض مستندا إلى راحلته

- ‌الثاني: في خطبته- صلى الله عليه وسلم على البغلة وعلى ناقته

- ‌الثالث: في اتخاذه- صلى الله عليه وسلم المنبر

- ‌الباب الرابع في سيرته- صلى الله عليه وسلم في خطبته- صلى الله عليه وسلم

- ‌الأول: في استقباله- صلى الله عليه وسلم وقت الخطبة

- ‌الثاني: في سلامه- صلى الله عليه وسلم على الناس قبل صعوده المنبر، وإذا صعده

- ‌الثالث: في خطبته- صلى الله عليه وسلم قائما وجلوسه ثم خطبته وإشارته بإصبعه ورفع صوته

- ‌الرابع: في اعتماده- صلى الله عليه وسلم في الخطبة على قوس أو عصا

- ‌الخامس: في قطعه- صلى الله عليه وسلم الخطبة ونزوله لأمر

- ‌السادس: في كلامه- صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه في أمر شرعي حال الخطبة

- ‌السابع: في شربه- صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة على المنبر ليرى الناس أنه لا يصومه

- ‌الثامن: في وقوفه- صلى الله عليه وسلم مع من يكلمه بعد نزوله من المنبر وقبل الصلاة

- ‌الباب الخامس في صفة خطبته وما وقفت عليه من خطبه- صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب السادس في سيرته- صلى الله عليه وسلم في صلاة الجمعة

- ‌الأول: في صلاته- صلى الله عليه وسلم قبل صلاة الجمعة

- ‌الثاني: في قراءته في صلاته الجمعة- صلى الله عليه وسلم

- ‌الثالث: في صلاته- صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب السابع في سيرته- صلى الله عليه وسلم بعد الخروج من الصلاة

- ‌جماع أبواب سيرته- صلى الله عليه وسلم في صلاة الفرائض في السفر

- ‌الباب الأول في إباحته- صلى الله عليه وسلم القصر، وأنه رخصة

- ‌«تنبيه»

- ‌الباب الثاني في تقديره- صلى الله عليه وسلم مسافة القصر وابتدائه والإقامة ببلد الحاجة

- ‌الباب الثالث في جمعه- صلى الله عليه وسلم بين الصلاتين

- ‌الأول: في إباحة الجمع وكونه رخصة

- ‌الثاني: في جمعه- صلى الله عليه وسلم في السفر

- ‌الثالث: في جمعه- صلى الله عليه وسلم بجمع والمزدلفة

- ‌الرابع: في جمعه- صلى الله عليه وسلم في الإقامة

- ‌الخامس: في صلاته- صلى الله عليه وسلم الفرض على الدابة لعذر

- ‌الباب الرابع في صلاته- صلى الله عليه وسلم النوافل في السفر

- ‌الأول: في صفة صلاتها

- ‌الثاني: في صلاته- صلى الله عليه وسلم النافلة على الدواب في السفر

- ‌تنبيهات

- ‌جماع أبواب هديه- صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف

- ‌الباب الأول في بيان عدد المرات والكيفيات التي صدرت منه- صلى الله عليه وسلم لصلاة الخوف على سبيل الإجمال

- ‌الباب الثاني في بيان كيفيات صلاته- صلى الله عليه وسلم لصلاة الخوف. على سبيل التفصيل

- ‌الباب الثالث في بعض فوائد الأحاديث السابقة

- ‌جماع أبواب سيرته- صلى الله عليه وسلم في صلاة النوافل التي لم تشرع لها الجماعة

- ‌الباب الأول في صلاته- صلى الله عليه وسلم المقرونة بالفرائض

- ‌الأول: في صلاته- صلى الله عليه وسلم النفل قائما كثيرا، وقاعدا قليلا

- ‌الثاني: في صلاته- صلى الله عليه وسلم سنة الصبح ومحافظته عليها وتخفيفها وما كان يقرأ فيهما، واضطجاعه بعدها وقضائه إيّاها

- ‌الباب الثاني في صلاته- صلى الله عليه وسلم قبل الظهر والعصر وبعدهما

- ‌الباب الثالث في صلاته بعد المغرب والعشاء

- ‌الباب الرابع في صلاته- صلى الله عليه وسلم صلاة الاستخارة

- ‌الباب الخامس في أحاديث جامعة لرواتب مشتركة

- ‌الباب السادس في صلاته- صلى الله عليه وسلم الوتر

- ‌الأول: في عدد وتره- صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الفرع الثاني. فيما كان يقرؤه في وتره- صلى الله عليه وسلم

- ‌الثالث: في وتره في السفر على الراحلة:

- ‌الرابع: في قنوته- صلى الله عليه وسلم في الوتر بعد الركوع:

- ‌الخامس. في وقت وتره- صلى الله عليه وسلم

- ‌السادس: في وصله- صلى الله عليه وسلم وفصله:

- ‌السابع: في صلاته- صلى الله عليه وسلم بعد الوتر ركعتين خفيفتين، وهو جالس

- ‌الثامن: فيما كان يقوله- صلى الله عليه وسلم بعد الوتر:

- ‌التاسع: في تخفيفه- صلى الله عليه وسلم الصلاة بحضرة الناس

- ‌العاشر: في أنه- صلى الله عليه وسلم كان يراوح بين قدميه:

- ‌جماع أبواب سيرته- صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل

- ‌الباب الأول في شدة اجتهاده- صلى الله عليه وسلم في العبادة

- ‌الباب الثاني في إيقاظه أهله- صلى الله عليه وسلم لصلاة الليل

- ‌الباب الثالث في وقت قيامه- صلى الله عليه وسلم من الليل وقدره وقدر نومه وصفة قراءته

- ‌الباب الرابع في افتتاحه- صلى الله عليه وسلم صلاة الليل ودعائه في تهجده

- ‌الباب الخامس في صفة صلاته- صلى الله عليه وسلم بالليل

- ‌الباب السادس في بيان عدد ركعات صلاته- صلى الله عليه وسلم بالليل وورد عنه- صلى الله عليه وسلم في ذلك روايات مختلفة

- ‌تنبيه: في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب السابع في قيامه- صلى الله عليه وسلم الليل بآية يرددها وقضائه له إذا تركه

- ‌الباب الثامن في قيامه- صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان وتركه ذلك ظاهرا خوف فرضه على الأمة

- ‌تنبيه:

- ‌جماع أبواب سيرته- صلى الله عليه وسلم في صلاة الضحى، وصلاة الزوال

- ‌الباب الأول في استنباطها من القرآن، وما ورد في فضلها، والأمر بها

- ‌الباب الثاني في صلاته- صلى الله عليه وسلم صلاة الضحى

- ‌الأول: فيما ورد أنه صلاها:

- ‌الثاني: فيما ورد أنه- صلى الله عليه وسلم لم يصلها

- ‌الباب الثالث في الجواب عما ورد أنه- صلى الله عليه وسلم لم يصلها

- ‌الباب الرابع في فوائد تتعلق بصلاة الضحى

- ‌الباب الخامس في صلاته- صلى الله عليه وسلم قبيل الزوال وعنده

- ‌تنبيهات

- ‌جماع أبواب سيرته- صلى الله عليه وسلم في العيدين

- ‌الباب الأول في آدابه- صلى الله عليه وسلم قبل الصلاة

- ‌الأول: في غسله- صلى الله عليه وسلم

- ‌الثاني: في تجمّله- صلى الله عليه وسلم

- ‌الثالث: في أكله- صلى الله عليه وسلم يوم الفطر قبل خروجه إلى صلاة العيد، وإمساكه في الأضحى

- ‌الرابع: في خروجه إلى المصلى ماشيا- صلى الله عليه وسلم

- ‌الخامس: في تكبيره- صلى الله عليه وسلم ليلة الفطر حتى يغدو إلى المصلى

- ‌السادس: في خروجه مع أهل بيته إلى المصلى رافعا صوته بالذكر حتى يأتي المصلى

- ‌السابع: في حمل العنزة بين يديه إلى المصلى، وصلاته إليها- صلى الله عليه وسلم

- ‌الثامن: في أنه لم يكن يصلي قبل العيد ولا بعده

- ‌تنبيهان:

- ‌الباب الثاني في آدابه- صلى الله عليه وسلم في صلاة العيدين

- ‌الأول: في الوقت والمكان، الذي كان يصلي فيهما العيد

- ‌الثاني: في صلاة العيد قبل الخطبة- وبغير أذان، ولا إقامة

- ‌الثالث: في صلاته- صلى الله عليه وسلم العيد ركعتين

- ‌الرابع: في عدد تكبيره- صلى الله عليه وسلم في صلاة العيد

- ‌الخامس: في قراءته- صلى الله عليه وسلم في صلاة العيدين

- ‌الباب الثالث في هديه- صلى الله عليه وسلم في خطبة العيدين

- ‌الأول: فيما كان يخطب عليه- صلى الله عليه وسلم في العيدين

- ‌الثاني: في اعتماده في الخطبة على قوس أو عنزة

- ‌الثالث: في تكبيره- صلى الله عليه وسلم في خطبتي العيد وجلوسه بينهما

- ‌تنبيه: في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الرابع في آدابه- صلى الله عليه وسلم في رجوعه من المصلّى

- ‌الباب الخامس في آداب متفرقة

- ‌الأول: في دعاء يوم العيد

- ‌الثاني: في نهيه- صلى الله عليه وسلم أن يلبس السلاح في بلاد الإسلام في العيدين

- ‌الثالث: في اللهو يوم العيد

- ‌الرابع: في قضائه- صلى الله عليه وسلم صلاة العيد

- ‌الخامس: في تكبيره- صلى الله عليه وسلم يوم العيد:

- ‌السادس: في تخييره- صلى الله عليه وسلم من حضر العيد إذا كان يوم جمعة، بين حضور الجمعة والانصراف إذا كان منزله بعيدا

- ‌جماع أبواب سيرته- صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف

- ‌الباب الأول في آداب متفرقة

- ‌الباب الثاني في بيان كيفيات صلاته- صلى الله عليه وسلم صلاة الكسوف

- ‌الباب الثالث في صفة قراءته- صلى الله عليه وسلم في كسوف الشمس

- ‌الباب الرابع في صلاته- صلى الله عليه وسلم لخسوف القمر

- ‌تنبيه:

- ‌جماع أبواب سيرته- صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء والمطر والسحاب والريح والرعد والصواعق

- ‌الباب الأول في آدابه- صلى الله عليه وسلم قبل الصلاة

- ‌الأول: في خروجه إلى المصلى متبذلا متواضعا متضرعا

- ‌الثاني: في استسقائه- صلى الله عليه وسلم عند أحجار الزيت قريبا من الزوراء، وهو خارج باب المسجد الذي يدعى اليوم باب السلام نحو قذفة حجر تنعطف عن يمين الخارج من المسجد

- ‌الثالث: في تحويله- صلى الله عليه وسلم رداءه

- ‌الباب الثاني في استسقائه- صلى الله عليه وسلم بخطبتين، وعلى منبر وصلاة بركعتين بلا أذان وبلا إقامة

- ‌الأول: فيما ورد في خطبته- صلى الله عليه وسلم قبل الصلاة:

- ‌الثاني: في صلاته- صلى الله عليه وسلم قبل الخطبة

- ‌الثالث: في دعائه- صلى الله عليه وسلم. قائما ورفعه يديه، واستقباله إذا اجتهد في الدعاء:

- ‌تنبيه: في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الثالث في استسقائه- صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة، وبغير صلاة

- ‌تنبيه: في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الرابع في استسقائه- صلى الله عليه وسلم لأهل إقليم آخر بالدعاء من غير صلاة

- ‌الباب الخامس في هديه- صلى الله عليه وسلم في المطر والسحاب والرعد والصواعق

- ‌تنبيه: في بيان غريب ما سبق

- ‌جماع أبواب سيرته- صلى الله عليه وسلم في المرضى والمحتضرين [والموتى]

- ‌الباب الأول في سيرته- صلى الله عليه وسلم في عيادة المريض

- ‌الباب الثاني في سيرته- صلى الله عليه وسلم في المحتضرين

- ‌الباب الثالث في حزنه وبكائه- صلى الله عليه وسلم إذا مات أحد من أصحابه

- ‌الباب الرابع في سيرته- صلى الله عليه وسلم في غسل الميت، وتكفينه

- ‌الأول في غسل الميت والكفن، وبزاقه على بعض أصحابه- صلى الله عليه وسلم

- ‌الثاني: فيمن غسله النبي- صلى الله عليه وسلم بيده، وكفنه وصلّى عليه، وأدخله قبره

- ‌تنبيه: في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الخامس في سيرته- صلى الله عليه وسلم في الجنازة

- ‌الأول: في مشيه- صلى الله عليه وسلم مع الجنازة

- ‌الثاني: في مشيه- صلى الله عليه وسلم. أمام الجنازة وهيئة مشيه

- ‌الثالث: في ردّه- صلى الله عليه وسلم النساء عن اتباع الجنازة ومن معه نار:

- ‌الرابع- في زيادة خشوعه- صلى الله عليه وسلم إذا رأى جنازة

- ‌الخامس: فيما كان يقوله- صلى الله عليه وسلم إذا مرّ عليه بجنازة

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السادس في سيرته- صلى الله عليه وسلم في الصلاة على الميت

- ‌الأول: في موقفه- صلى الله عليه وسلم

- ‌الثاني: في تكبيره- صلى الله عليه وسلم أربعا أو خمسا ورفع يديه في الجنازة

- ‌الثالث: في قراءته- صلى الله عليه وسلم الفاتحة، ودعائه للميت وسلامه:

- ‌الباب السابع فيمن كان- صلى الله عليه وسلم يصلي عليه

- ‌الأول: في صلاته- صلى الله عليه وسلم علي من ليس عليه دين، وعلى الأطفال

- ‌الثاني: في صلاته- صلى الله عليه وسلم علي القبر

- ‌الثالث. في صلاته- صلى الله عليه وسلم علي الغائب

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثامن فيمن ترك- صلى الله عليه وسلم الصلاة عليه

- ‌الأول. في تركه- صلى الله عليه وسلم الصلاة على المحدود وصلاته عليهم

- ‌الثاني: في تركه- صلى الله عليه وسلم الصلاة على أهل المعاصي

- ‌الثالث: في تركه- صلى الله عليه وسلم في أول الأمر الصلاة على من عليه دين، ولم يخلف وفاء

- ‌الباب التاسع في هديه- صلى الله عليه وسلم في دفن الميت وما يلتحق بذلك

- ‌الأول: في جلوسه على شفير القبر، وأمره باتساع القبر وتحسينه

- ‌الثاني: في أمره- صلى الله عليه وسلم بتعجيل الدفن

- ‌الثالث: في انتظاره- صلى الله عليه وسلم في المقبرة حفر القبر

- ‌الرابع: في اختياره- صلى الله عليه وسلم اللحد

- ‌الخامس: في هديه- صلى الله عليه وسلم في إدخال الميت القبر ونزوله قبر بعض أصحابه، ودفنه الميت ليلا ونهارا

- ‌السادس: في حثيه- صلى الله عليه وسلم التراب على القبر وكراهته أن يزاد على تراب الحفر ورشه الماء عليه ووضعه عليه حصى

- ‌السابع: في وقوفه- صلى الله عليه وسلم ودعائه بعد الدفن للميت، وبكائه عند دفن بعض الصحابة وكراهته وطء القبور، ووضعه للجريدة الخضراء على قبر ووعظه عند القبر

- ‌الثامن. في أمره- صلى الله عليه وسلم أهله أن يصنعوا طعاما لمن مات لهم ميت، وسيرته في التعزية

- ‌الباب العاشر في سيرته- صلى الله عليه وسلم في زيارة القبور

- ‌الأول: في إذنه- صلى الله عليه وسلم في زيارتها بعد منعه

- ‌الثاني: في زيارته- صلى الله عليه وسلم القبور

- ‌الثالث: في آدابه في زيارة القبور

- ‌الرابع: فيما كان يقوله- صلى الله عليه وسلم إذا زار القبور

- ‌الباب الحادي عشر في سيرته- صلى الله عليه وسلم في الشهداء في الموت

- ‌جماع أبواب سيرته- صلى الله عليه وسلم في الصّدقة

- ‌الباب الأول في بعثة- صلى الله عليه وسلم العمال لأخذها من الأغنياء وردها على الفقراء ووصيته عماله بالعدل وآدابه في الصدقة

- ‌تنبيه: في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الثاني في وصيته- صلى الله عليه وسلم لأرباب الأموال ودعائه لمن أحسن، وعلى من أساء في الصدقة

- ‌الباب الثالث في فرضه- صلى الله عليه وسلم الزكاة المالية وأنواعها على التعيين

- ‌الأول: في زكاة النعم، وفيه فروع

- ‌الفرع الثاني في فرضه- صلى الله عليه وسلم زكاة البقر

- ‌الثاني: في عفوه عن الخيل والرقيق

- ‌الفرع الثالث: في فرضه- صلى الله عليه وسلم زكاة النقدين: الذهب والفضة

- ‌الثالث: في فرضه- صلى الله عليه وسلم زكاة الحلي

- ‌الفرع الرابع: في فرضه- صلى الله عليه وسلم زكاة المعشرات، والثمار والخضراوات

- ‌الفرع الخامس: في هديه- صلى الله عليه وسلم في خرص العنب والرطب

- ‌السادس: في زكاة العروض والمعدن والركاز:

- ‌السابع: في زكاة مال اليتيم

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الرابع في الحول، وأخذه الزكاة ممن عجلها

- ‌الباب الخامس في سيرته- صلى الله عليه وسلم في زكاة الفطر

- ‌الباب السادس في سيرته- صلى الله عليه وسلم في المدّ والصاع والوسق [ (1) ]

- ‌الباب السابع فيمن حرم- صلى الله عليه وسلم الصدقة عليه ومن أحلها له

- ‌الباب الثامن في حثه- صلى الله عليه وسلم على صدقة التطوع إذا نظر المحتاج

- ‌تنبيهات

- ‌الباب التاسع في تصدقه- صلى الله عليه وسلم بقليل وكثير

- ‌الباب العاشر في أوقافه- صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الحادي عشر في سيرته- صلى الله عليه وسلم في السائلين

- ‌الأول: في إرشاده- صلى الله عليه وسلم السائل القوي إلى الاكتساب:

- ‌الثاني: لم يكن- صلى الله عليه وسلم يكل صدقته إلى غير نفسه:

- ‌الثالث: في إعطائه لقوم وتركه لآخرين:

- ‌جماع أبواب سيرته- صلى الله عليه وسلم في الصوم والاعتكاف

- ‌الباب الأول في ابتدائه ودعائه- صلى الله عليه وسلم ببلوغ رمضان. وبشارته أصحابه بقدومه. صام صلى الله عليه وسلم تسع رمضانات

- ‌الباب الثاني فيما كان يقوله إذا رأى الهلال- وصيامه برؤية الهلال إذا رآه، وصومه بشهادة عدل واحد

- ‌الباب الثالث في وقت إفطاره- صلى الله عليه وسلم، وما كان يفطر عليه، وما كان يقوله عند إفطاره وما كان يقوله إذا أفطر عند أحد، وسحوره، وإتمامه الصوم إذا رأى الهلال يوم الثلاثين

- ‌الأول: في وقت إفطاره، وكونه قبل الصلاة

- ‌الثاني فيما كان يفطر عليه- صلى الله عليه وسلم

- ‌الثالث: فيما كان يقوله عند إفطاره وما يقوله إذا أفطر عند أحد:

- ‌الرابع: في سحوره وتأخيره إياه:

- ‌الخامس. في إتمامه الصوم إذا رأى الهلال يوم الثلاثين:

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع فيما كان يفعله- صلى الله عليه وسلم وهو صائم

- ‌الأول: في احتجامه- صلى الله عليه وسلم

- ‌الثاني: في اكتحاله- صلى الله عليه وسلم وهو صائم:

- ‌الثالث: في اغتساله بعد الفجر وهو صائم:

- ‌الرابع: في سواكه- صلى الله عليه وسلم وهو صائم:

- ‌الخامس: في تقيّئه- صلى الله عليه وسلم في النفل:

- ‌السادس: في تقبيله- صلى الله عليه وسلم بعض نسائه وهو صائم:

- ‌السابع: في صبه- صلى الله عليه وسلم الماء على رأسه في شدة الحر وهو صائم:

- ‌الثامن: في وصاله- صلى الله عليه وسلم

- ‌التاسع: في زيادته- صلى الله عليه وسلم في فعل الخير في رمضان:

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس في إفطاره- صلى الله عليه وسلم في رمضان في السفر وصومه فيه:

- ‌الباب السادس في صومه- صلى الله عليه وسلم التطوع

- ‌الأول: في نيته- صلى الله عليه وسلم صوم التطوع نهارا

- ‌الثاني: في صيامه على سبيل الإجمال:

- ‌الثالث: في سيرته- صلى الله عليه وسلم في صيامه يوم عاشوراء:

- ‌الرابع: في صيامه- صلى الله عليه وسلم رجب وشعبان:

- ‌الخامس: في صيامه- صلى الله عليه وسلم عشر ذي الحجة، والمراد بها: الأيام التسعة من أول ذي الحجة:

- ‌السادس: في صيامه- صلى الله عليه وسلم الأسبوع والأيام البيض:

- ‌خاتمة:

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السابع في اعتكافه- صلى الله عليه وسلم وشدة اجتهاده في العشر الأخير من رمضان وتحريه ليلة القدر

- ‌جماع أبواب حجه- صلى الله عليه وسلم وعمره

- ‌الباب الأول في الاختلاف في وقت ابتداء فرضه:

- ‌الباب الثاني في بيان عدد حجاته- صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة وعمره

- ‌الأول: في بيان حجاته- صلى الله عليه وسلم

- ‌الثاني: في بيان عدد عمره- صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث في سياق حجة الوداع

- ‌ذكر إعلامه- صلى الله عليه وسلم بأنه حاج في هذه السنة:

- ‌ذكر خروجه- صلى الله عليه وسلم من المدينة الشريفة:

- ‌ذكر إحرامه- صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر إهلاله- صلى الله عليه وسلم وفي أي مكان أهل:

- ‌ذكر الاختلاف فيما أهل به- صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر لفظ تلبيته [صلى الله عليه وسلم ثم] :

- ‌ذكر مسيره- صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر نزوله- صلى الله عليه وسلم بالعرج:

- ‌ذكر مروره- صلى الله عليه وسلم بالأبواء:

- ‌ذكر مروره- صلى الله عليه وسلم بوادي عسفان:

- ‌ذكر مروره- صلى الله عليه وسلم بسرف:

- ‌ذكر نزوله- صلى الله عليه وسلم بذي طوى، ودخوله مكة، وطوافه وسعيه:

- ‌الباب الرابع في تنبيهات وفوائد تتعلق بحجة الوداع

- ‌تنبيهات في بيان غريب ما سبق، وحجة الوداع:

- ‌جماع أبواب سيرته- صلى الله عليه وسلم في قراءة القرآن

- ‌الباب الأول في قراءة كان كثيراً ما يقرأ بها:

- ‌الباب الثاني في آدابه- صلى الله عليه وسلم في تلاوة القرآن

- ‌الأول: في مدّه- صلى الله عليه وسلم صوته بالقرآن وترتيله

- ‌الثاني: في جهره- صلى الله عليه وسلم بالقراءة أحيانا:

- ‌الثالث: في ترجيعه- صلى الله عليه وسلم في قراءته وتركه ذلك أحيانا:

- ‌الرابع: فيما كان يقوله إذا مر بآية رحمة أو بآية عذاب أو بغير ذلك في الصلاة وخارجها:

- ‌الخامس: في قدر ما كان يقرأ من القرآن في كل ليلة:

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث في محبته- صلى الله عليه وسلم لسماع القرآن من غيره:

- ‌الباب الخامس في عرضه القرآن على جبريل في شهر رمضان كل سنة مرة، وفي آخر رمضان صامه مرتين

- ‌جماع أبواب أذكاره ودعواته- صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في آدابه- صلى الله عليه وسلم في دعائه

- ‌الأول: في استفتاح دعائه- صلى الله عليه وسلم بالثناء على الله تعالى

- ‌الثاني: في أنه- صلى الله عليه وسلم كان لا يسجع في دعائه

- ‌الرابع: في رفعه- صلى الله عليه وسلم يديه في دعائه وكيفية رفعهما:

- ‌الخامس: في مسحه بيديه بعد فراغه من الدعاء، وتكريره الدعاء بنفسه إذا دعا، وتأمينه على دعاء غيره:

- ‌الباب الثاني فيما كان يقوله ويفعله إذا أوى إلى فراشه

- ‌الباب الثالث فيما كان يقوله- صلى الله عليه وسلم إذا طلع الفجر وإذا طلعت الشمس:

- ‌الباب الرابع في استعاذته المطلقة

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الخامس «في أذكاره ودعواته المقترنة بالأسباب غير ما سبق في الأبواب المتقدمة» صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب السادس في أذكاره ودعواته المطلقة- صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيه- في بيان غريب ما سبق:

الفصل: ‌ذكر نزوله- صلى الله عليه وسلم بذي طوى، ودخوله مكة، وطوافه وسعيه:

‌ذكر مروره- صلى الله عليه وسلم بوادي عسفان:

فلما مر رسول الله- صلى الله عليه وسلم بوادي عسفان، قال:«يا أبا بكر أيّ واد هذا؟» قال: «وادي عسفان» ، قال: «لقد مرّ به هود، وصالح، على بكرين أحمرين خطمهما ليف، وأزرهم العباء، وأرديتهم النماز يلبون، يحجون البيت العتيق [ (1) ] .

‌ذكر مروره- صلى الله عليه وسلم بسرف:

قلت: قال ابن سعد: وكان يوم الاثنين بمر الظهران فغربت له الشمس بسرف.

فلما كان- صلى الله عليه وسلم بسرف حاضت عائشة وقد كانت أهلت بعمرة، فدخل عليها رسول الله- صلى الله عليه وسلم وهي تبكي، فقال:«ما يبكيك؟ لعلك نفست؟» قالت: نعم، قال:«هذا شيء كتبه الله على بنات آدم، افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت» .

وقال- صلى الله عليه وسلم لما كان بسرف لأصحابه: «من لم يكن معه هدي فأحب أن يجعلها عمرة فليفعل، ومن كان معه هدي فلا» .

قال ابن القيم: وهذا رتبة أخرى فوق رتبة التخيير عند الميقات، فلما كان بمكة، أمر أمرا حتما من لم يكن معه هدي أن يجعلها عمرة، ويحل من إحرامه، ومن معه هدي أن يقيم على إحرامه، ولم ينسخ ذلك شيء البتة بل

سأله سراقة بن مالك، عن هذه العمرة التي أمرهم بالفسخ إليها هل هي لعامهم ذلك أم للأبد؟ فقال:«بل للأبد، وإن العمرة قد دخلت في الحج إلى يوم القيامة» .

وقد روي عنه- صلى الله عليه وسلم الأمر بفسخ الحج إلى العمرة أربعة عشر من الصحابة- رضي الله تعالى عنهم- وأحاديثهم صحاح، وسرد أسماءهم، والدليل على صحة مذهبه في نحو عشر ورقات وسيأتي التحقيق فيه بعد تمام القصة.

‌ذكر نزوله- صلى الله عليه وسلم بذي طوى، ودخوله مكة، وطوافه وسعيه:

ثم نهض رسول الله- صلى الله عليه وسلم إلى أن نزل بذي طوى، وهي المعروفة اليوم بآبار الزاهر، فبات بها ليلة الأحد، لأربع خلون من ذي الحجة، وصلّى بها الصبح، ثم اغتسل من يومه، ونهض إلى مكة من أعلاها من الثنية العليا، التي تشرف على الحجون وكان في العمرة يدخل من أسفلها وفي الحج دخل من أعلاها وخرج من أسفلها، ثم سار حتى دخل المسجد ضحى.

وروى الطبراني عن ابن عمر- رضي الله تعالى عنهما- قال: «دخل رسول الله- صلى الله عليه وسلم

[ (1) ] أحمد 1/ 232.

ص: 461

ودخلنا معه من باب عبد مناف، وهو الذي تسميه الناس:«باب بني شيبة» - رجاله رجال الصحيح إلا مروان بن أبي مروان، قال السليماني: فيه نظر» [ (1) ] .

وروى البيهقي: وخرج من باب بني مخزوم [إلى الصفا] فلما نظر إلى البيت، واستقبله ورفع يديه وكبر، وقال:«اللهم أنت السلام، ومنك السلام، فحينا ربنا بالسلام، اللهم زد هذا البيت تشريفا، وتعظيما، وتكريما، ومهابة، وزد من عظّمه، ممن حجه أو اعتمره، تكريما وتشريفا وتعظيما وبرا» [ (2) ] .

وروى الطبراني، عن حذيفة بن أسيد، أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم كان إذا نظر إلى البيت قال:«اللهم زد بيتك هذا تشريفا وتعظيما وتكريما وبرا ومهابة» [ (3) ] .

فلما دخل رسول الله- صلى الله عليه وسلم المسجد عمد إلى البيت، ولم يركع تحية المسجد، فإن تحية المسجد الحرام الطواف.

وكان طوافه- صلى الله عليه وسلم في هذه المرة ماشيا فقد روى البيهقي- بإسناد جيد- كما قال ابن كثير عن جابر بن عبد الله قال: «دخلنا مكة عند ارتفاع الضحى، فأتى النبي- صلى الله عليه وسلم باب المسجد فأناخ راحلته، ثم دخل المسجد فبدأ بالحجر فاستلمه، وفاضت عيناه بالبكاء، ثم رمل ثلاثا، ومشى أربعا، حتى فرغ قبّل الحجر، ووضع يديه عليه، ومسح بهما وجهه» [ (4) ] .

وأما ما رواه مسلم، عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت:«طاف رسول الله- صلى الله عليه وسلم على بعيره يستلم الركن كراهة أن يضرب عنه الناس» ، وما رواه أبو داود، عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنه- قال: قدم رسول الله- صلى الله عليه وسلم مكة يشتكي فطاف على راحلته وكلما أتى الركن استلم بمحجن، فلما فرغ من طوافه أناخ فصلّى ركعتين [ (5) ] .

وقول أبي الطفيل- رضي الله تعالى عنه- «يطوف حول البيت على بعير يستلم الركن بمحجن» رواه البيهقي [ (6) ] .

قال: طاف رسول الله- صلى الله عليه وسلم في حجته بالبيت على ناقته الجدعاء، وعبد الله ابن أم مكتوم آخذ بخطامها يرتجز فقالا، واللفظ لابن كثير، إن حجة الوداع كان فيها ثلاثة أطواف، هذا الأول، والثاني طواف الإفاضة، وهو طواف الفرض وكان يوم النحر. والثالث: طواف

[ (1) ] الطبراني في الأوسط انظر المجمع 3/ 238.

[ (2) ] البيهقي 5/ 73.

[ (3) ] الطبراني في الكبير والأوسط قال الهيثمي 3/ 238 فيه عاصم بن سليمان متروك.

[ (4) ] البيهقي 5/ 74.

[ (5) ] أبو داود 2/ 177 (1881) .

[ (6) ] البيهقي 5/ 100.

ص: 462

الوداع فلعل ركوبه- صلى الله عليه وسلم كان في أحد الأخيرين، أو في كليهما، فأما الأول: وهو طواف القدوم فكان ماشيا فيه، وقد نص على هذا الإمام الشافعي- رضي الله تعالى عنه- والدليل على ذلك ما رواه البيهقي بإسناد جيد، عن جابر- رضي الله تعالى عنه- قال:«دخلنا مكة عند ارتفاع الضحى، فأتى النبي- صلى الله عليه وسلم باب المسجد فأناخ راحلته، ثم دخل المسجد فبدأ بالحجر فاستلمه، وفاضت عيناه بالبكاء، ثمن رمل ثلاثا، ومشى أربعا، حتى فرغ يقبل الحجر، ووضع يديه عليه ومسح بهما وجهه» .

قال ابن القيم: وحديث ابن عباس إن كان محفوظا فهي في إحدى عمره، وإلا فقد صح عنه: الرمل في الثلاثة الأول من طواف القدوم، إلا أن يقول كما قال ابن حزم في السعي:

إنه رمل على بعيره، فقد رمل لكن ليس في شيء من الأحاديث أنه كان راكبا في طواف القدوم.

فلما حاذى- صلى الله عليه وسلم الحجر الأول استلمه، ولم يزاحم عليه قلت:

وقال لعمر: «يا عمر إنك رجل قوي لا تزاحم على الحجر تؤذي الضعيف إن وجدت خلوة فاستلمه، وإلا فاستقبله وهلّل وكبّر» رواه الإمام أحمد وغيره

والله تعالى أعلم [ (1) ] .

قال: ولم يتقدم عنه إلى جهة الركن اليماني، ولم يرفع يديه، ولم يقل: نويت بطوافي هذا الأسبوع، كذا وكذا ولا افتتحه بالتكبير، كما يكبر للصلاة كما يفعله من لا علم عنده، بل هو من البدع المنكرات، ولا حاذى الحجر الأسود بجميع يديه، ثم انفتل عنه وجعله على شقه، بل واستقبله، واستلمه، ثم أخذ على يمينه وجعل البيت على يساره ولم يدع عند الباب بدعاء، ولا تحت الميزاب، ولا عند ظهر الكعبة وأركانها ولا وقت الطواف ذكرا معينا، لا بفعله ولا تعليمه، بل حفظ عنه بين الركنين رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ.

قلت: وروى ابن سعد، عن عبد الله بن السائب- رضي الله تعالى عنه- قال: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم يقول بين الركنين: اليماني، والحجر الأسود رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ [ (2) ] .

ورمل- صلى الله عليه وسلم في طوافه هذا الثلاثة الأشواط، الأول قلت:«من الحجر إلى الحجر» رواه الإمام أحمد، وأبو يعلى [ (3) ] .

[ (1) ] أحمد 1/ 28.

[ (2) ] الطبقات 2/ 128.

[ (3) ] انظر المجمع 3/ 239.

ص: 463

وكان يسرع مشيه، ويقارب بين خطاه واضطبع بردائه فجعله على أحد كتفيه، وأبدى كتفه الآخر، ومنكبه، وكلما حاذى الحجر الأسود أشار إليه واستلمه بمحجنه وقبّل المحجن، وهو عصا محنيّة الرأس.

وثبت عنه: أنه استلم الركن اليماني، ولم يثبت عنه أنه قبّله، ولا قبّل يده حين استلامه.

وقول ابن عباس كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم يقبّل الركن اليماني، ويضع خدّه عليه، رواه الدارقطني، من طريق عبد الله بن مسلم بن هرمز.

قال ابن القيم: «المراد بالركن اليماني ها هنا الحجر الأسود، فإنه يسمى الركن اليماني مع الركن الآخر يقال لهما: اليمانيان، ويقال له مع الركن الذي يلي الحجر من ناحية الباب العراقيان، ويقال للركنين اللذين يليان الحجر الشاميان، ويقال للركن اليماني، والذي يلي الحجر من ظهر الكعبة الغربيان، ولكن ثبت عنه أنه قبل الحجر الأسود، وثبت عنه أنه استلمه بيده، فوضع يده عليه ثم قبّلها.

وثبت عنه: أنه استلمه بمحجنه، فهذه ثلاث صفات.

وروي عنه «أنه وضع شفته عليه طويلا يبكي» .

وروى الطبراني بإسناد جيد أنه- صلى الله عليه وسلم كان إذا استلم الركن اليماني قال: بسم الله، والله أكبر، وكان كلما أتى الحجر الأسود، قال:«الله أكبر» .

وروى أبو داود الطيالسي، عن عمر بن الخطاب- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله قبّل الركن، ثم سجد عليه، ثم قبله، ثم سجد عليه، ثلاث مرات، ولم يمس من الركنين إلا اليمانيين فقط.

قلت: «واستسقى رسول الله- صلى الله عليه وسلم وهو في طوافه» . رواه الطبراني، عن العباس، وفي سنده رجل لم يسم، والله تعالى أعلم [ (1) ] .

فلما فرغ من طوافه جاء إلى خلف المقام، فقرأ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى فصلى ركعتين- والمقام بينه وبين البيت- قرأ فيهما بعد الفاتحة: بسورة الإخلاص، وقراءته الآية المذكورة. قلت في حديث جابر:«أنه قرأ فيهما قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وقُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ والله تعالى أعلم. فلما فرغ من صلاته أقبل إلى الحجر الأسود فاستلمه ثم خرج إلى الصفا من الباب الذي يقابله، فلما دنا منه قرأ إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ أبدأ بما بدأ الله به» .

وفي رواية النسائي: «ابدأوا» على الأمر ثم رقى عليه حتى إذا رأى البيت فاستقبل

[ (1) ] الطبراني في الكبير المجمع 3/ 246.

ص: 464

البيت فوحّد الله- تعالى- وكبره وقال: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده» ، ثم دعا بين ذلك، قال مثل ذلك ثلاث مرات» .

وقام ابن مسعود على الصدع، وهو: الشق الذي في الصفا، فقيل له ها هنا يا أبا عبد الرحمن، قال: هذا والذي لا إله غيره مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة، ثم نزل إلى المروة يمشي، فلما انصبّت قدماه في بطن الوادي سعي حتى إذا جاوز الوادي وأصعد مشى كذا في حديث جابر عند الإمام أحمد ومسلم من طريق جعفر بن محمد [ (1) ] .

قالا: لكن روى الإمام أحمد، ومسلم عن محمد بن بكر، والنسائي عن شعيب بن إسحاق ومسلم عن علي بن شهر وعيسى بن يونس كلهم عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم طاف في حجة الوداع على راحلته بالبيت، وبين الصفا والمروة ليراه الناس. قلت وبكونه سعى راكبا جزم ابن حزم.

وظاهر الأحاديث عن جابر وغيره، يقتضي أنه مشى خصوصا قوله فلما انصبّت قدماه في الوادي رمل حتى إذا صعد مشى. وجزم ابن حزم: بأن الراكب إذا انصب به بعيره فقد انصب كله وانصبت قدماه أيضا مع سائر جسده.

قال ابن كثير وهذا بعيد جدا.

قالا: وفي الجمع بينهما وجه أحسن من هذا وهو: أنّه سعى ماشيا أولا، ثم أتم سعيه راكبا، وقد جاء ذلك مصرحا به، ففي صحيح مسلم، عن أبي الطفيل، قال قلت لابن عباس:

أخبرني عن الطواف بين الصفا والمروة راكبا، أسنة هو؟ فإن قومك يزعمون أنه سنة. قال:

«صدقوا وكذبوا» ، قال: قلت: ما قولك صدقوا وكذبوا قال: إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم كثر عليه الناس يقولون: هذا محمد، حتى خرج عليه العواتق من البيوت قال: وكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم لا يضرب الناس بين يديه، قال: فلما كثر عليه الناس ركب، والمشي أفضل.

قلت: «وفي حديث يعلى بن أمية عند الإمام أحمد أنه رأى رسول الله- صلى الله عليه وسلم مضطبعا بين الصفا والمروة ببرد نجراني» [ (2) ] .

وروى النسائي والطبراني برجال الصحيح، عن أم ولد شيبة بن عثمان «أنها أبصرت رسول الله- صلى الله عليه وسلم وهو يسعى بين الصفا والمروة وهو يقول:«لا يقطع الأبطح إلا شدّا» [ (3) ] .

[ (1) ] أحمد 3/ 320.

[ (2) ] أحمد 4/ 223.

[ (3) ] النسائي 5/ 194 والطبراني في الكبير قال الهيثمي 3/ 248 رجاله رجال الصحيح.

ص: 465

وروى البيهقي، عن قدامة بن عمار، قال:«رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم وهو يسعى بين الصفا والمروة على بعير، لا ضرب، ولا طرد، ولا إليك إليك» [ (1) ] .

وروى عبد الله ابن الإمام أحمد، والبزار- برجال ثقات- عن علي- رضي الله تعالى عنه- «أنه رأى رسول الله- صلى الله عليه وسلم كاشفا عن ثوبه حتى بلغ ركبتيه» [ (2) ] .

وروى الإمام أحمد، والطبراني، عن حبيبة بنت أبي تجراة- رضي الله تعالى عنها- قالت:«رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم يطوف بين الصفا والمروة، والناس بين يديه وهو وراءهم وهو يسعى، حتى أرى ركبتيه من شدة السّعي، يدور به إزاره وهو يقول: «اسعوا فإن الله- عز وجل كتب عليكم السعي» وفي الكبير قال: «ولقد رأيته من شدة السعي يدور الإزار حول بطنه وفخذيه حتى رأيت بياض فخذيه» [ (3) ] .

قلت:

وفي حديث ابن مسعود- رضي الله تعالى عنه- أنه- صلى الله عليه وسلم كان إذا سعى في بطن المسيل، قال:«اللهم اغفر وارحم، وأنت الأعز الأكرم» رواه الطبراني [ (4) ] .

وفي حديث ابن علقمة، عن عمه «أنه- صلى الله عليه وسلم كان إذا جاء مكانا من دار يعلى- نسبه عبيد الله- استقبل البيت ودعا» . رواه الإمام أحمد وأبو داود إلا أنه قال: عن أمّه والله تعالى أعلم [ (5) ] .

قال ابن حزم وطاف رسول الله- صلى الله عليه وسلم راكبا على بعير يخبّ ثلاثا ويمشي أربعا.

قالا: وكونه خب ثلاثة أشواط بين الصفا والمروة، ومشى أربعا لم يتابع على هذا القول، ولم يتفوه به أحد قبله، وإنما هذا في الطواف بالبيت.

وكان- صلى الله عليه وسلم إذا وصل إلى المروة رقي عليها واستقبل البيت وكبر الله ووحدّه وفعل كما فعل على الصفا، فلما أكمل سعيه عند المروة أمر كلّ من لا هدي معه أن يحل حتما ولا بد قارنا كان أو مفردا، وأمرهم أن يحلّوا الحلّ كله، من وطء النساء، والطيب ولبس المخيط، وأن يبقوا كذلك إلى يوم التروية، ولم يحل هو من أجل هديه، فحلّ الناس كلهم إلا النبي- صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدي، ومنهم أبو بكر وعمر، وطلحة والزبير، قال:«لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي، ولجعلتها عمرة» ، وهناك سأله سراقة بن مالك بن

[ (1) ] البيهقي 5/ 101.

[ (2) ] انظر المجمع 3/ 247.

[ (3) ] أحمد 6/ 421 وفيه عبد الله بن المؤمل وثقه ابن حبان وغيره المجمع 3/ 147.

[ (4) ] الطبراني في الأوسط وقال الهيثمي 3/ 248 فيه ليث بن أبي سليم وهو ثقة ولكنه مدلس.

[ (5) ] أحمد 6/ 437 وقال الهيثمي 3/ 249 فيه عبد الرحمن لم أجد من وثقه ولا جرحه وبقية رجاله رجال الصحيح.

ص: 466

جشم وهو في أسفل الوادي، لمّا أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة والإحلال، يا رسول الله ألعامنا هذا أم للأبد؟ فشبّك رسول الله- صلى الله عليه وسلم أصابعه واحدة في الأخرى فقال:«لا» ، ثلاث مرات، ثم قال:«دخلت العمرة في الحج مرتين أو ثلاثا إلى الأبد» بل الأبد فحل الناس كلهم إلا النبي- صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدي.

قلت: وأمره- صلى الله عليه وسلم من لم يسق الهدي بفسخ الحج إلى العمرة، رواه عنه خلائق من الصحابة.

وقد اختلف العلماء في ذلك. فقال مالك، والشافعي، كان ذلك من خصائص الصحابة، ثم نسخ جواز الفسخ كغيرهم، وتمسكوا بما رواه مسلم، عن أبي ذر لم يكن فسخ الحج إلى العمرة إلا إلى أصحاب محمد- صلى الله عليه وسلم.

وأما الإمام أحمد فرد ذلك وجوّز الفسخ لغير الصحابة.

وهناك دعا للمحلقين بالمغفرة ثلاثا، وللمقصرين مرة.

فأما نساؤه فأحللن وكن قارنات إلا عائشة فإنها لم تحل من أجل تعذر الحل عليها بحيضتها، وفاطمة حلت، لأنها لم يكن معها هدي، وعلي لم يحلّ من أجل هديه، وأمر من أهلّ بإهلال كإهلاله- صلى الله عليه وسلم أن يقيم على إحرامه، إن كان معه هدي، وأن يحل من لم يكن معه هدي.

قلت: ورواه الطبراني- برجال ثقات- والله تعالى أعلم.

وسار رسول الله- صلى الله عليه وسلم قبل يوم التروية بيوم، فقلنا غدا إن شاء الله تعالى بالخيف حيث استقسم المشركون،

ثم سار رسول الله- صلى الله عليه وسلم والناس معه حتى نزل الأبطح شرقي مكة في قبة حمراء من أدم ضربت له هناك، وهناك كما قال ابن كثير- قدم عليّ من اليمن ببدن رسول الله- صلى الله عليه وسلم محرّشا لفاطمة فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم «صدقت» ثلاثا «أنا أمرتها، يا عليّ بم أهللت؟» ، قال: قلت: اللهم إني أهلّ بما أهلّ به رسولك قال: ومعي هدي قال: «فلا تحل» ، فكان جملة الهدي الذي قدم به علي من اليمن والذي ساقه رسول الله- صلى الله عليه وسلم من المدينة مائة بدنة، وكان يصلي مدة مقامه هنا إلى يوم التروية بمنزلة الذي هو نازل فيه بالمسلمين بظاهر مكة، فأقام بظاهر مكة أربعة أيام يقصر الصلاة. الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء.

قلت: ولم يعد إلى الكعبة كما في الصحيح عن ابن عباس.

وفي حديث أبي جحيفة عند الإمام أحمد، والشيخين، أنه أتى رسول الله- صلى الله عليه وسلم بالأبطح وهو في قبة له حمراء فخرج بلال بفضل وضوئه فمن ناضح ومن نائل، قال: فأذّن بلال، فكنت أتتّبع فاه ها هنا وها هنا- يعني يمينا وشمالا- ثم خرج بلال بالعنزة بين يديه،

ص: 467

فخرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم وعليه حلة حمراء، فكأني أنظر إلى بريق ساقيه، فصلى بنا الظهر والعصر ركعتين ركعتين تمرّ المرأة والكلب والحمار من وراء العنزة، فقام الناس فجعلوا يأخذون بيده فيمسحون بها وجوههم، قال: فأخذت يديه فوضعتها على وجهي، فإذا هي أبرد من الثلج، وأطيب ريحا من المسك، والله تعالى أعلم.

قلت: قال ابن سعد: فلما كان قبل يوم التروية بيوم خطب بمكة بعد الظهر فلما كان يوم الخميس ضحى توجه بمن معه من المسلمين إلى منى فأحرم بالحج من كان أحلّ منهم في رحالهم، ولم يدخلوا المسجد فأحرموا منه، بل أحرموا ومكة خلف ظهورهم فلما وصل إلى منى نزل بها فصلى بها الظهر والعصر، وبات بها، وكانت ليلة الجمعة، فلما طلعت الشمس ساروا منها إلى عرفة وأخذ على طريق ضب على يمين طريق الناس اليوم، وكان من الصحابة الملبّي والمكبّر، وهو يسمع ذلك ولا ينكر على هؤلاء ولا على هؤلاء.

قلت:

وفي حديث ابن عباس قال: غدا رسول الله- صلى الله عليه وسلم يوم عرفة من منى، فلما انبعثت به راحلته وعليها قطيفة قد اشتريت بأربعة دراهم، قال:«اللهم اجعله حجا مبرورا، لا رياء فيه ولا سمعة» رواه الطبراني بسند جيد.

وفي حديث جابر ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، فسار رسول الله- صلى الله عليه وسلم حتى أتى نمرة، فوجد القبّة قد ضربت له هناك بأمره فنزل فيها، حتى إذا زالت الشمس أمر بناقته القصواء فرحلت له فأتى بطن الوادي من أرض عرفة.

قال ابن سعد: فوقف بالهضبات من عرفات وقال: «كلّ عرفة موقف إلا بطن عرنة» أي بالنون قال ابن تيمية وهو يعني بطن عرنة وادي من حدود عرفة.

فخطب الناس قبل الصلاة على راحلته خطبة عظيمة.

قلت وهو قائم في الركابين- كما عند أبي داود- عن العدّاء بن خالد-[ (1) ] رضي الله تعالى عنه-.

ونص الخطبة بعد الحمد لله، والثناء عليه، «أيها الناس: إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا، في بلدكم هذا، وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم، وقد بلّغت، فمن كانت عنده أمانة فليردها لمن ائتمنه عليها، ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية موضوع تحت قدميّ، وإن أول دمائكم أضع، وفي رواية: وإن أول

[ (1) ] أبو داود 2/ 189 (1917) .

ص: 468

دم أضع من دمائنا دم ربيعة، وفي رواية: دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وكان مسترضعا في بني سعد بن بكر فقتلته هذيل [ (1) ] .

وعند ابن إسحاق، والنسائي، في بني ليث فقتلته هذيل، فهو أول ما أبدأ به من دماء الجاهلية، وإن كل ربا موضوع، ولكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون قضى الله أنه لا ربا، وإن أول ربا أضع ربا العباس بن عبد المطلب، فإنه موضوع كله.

أما بعد أيها الناس الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم هذه أبدا ولكنه إن يطمع فيما سوى ذلك فقد رضي بما تحقرون من أعمالكم فاحذروه على دينكم أيها الناس إن النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ، يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً، وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً، لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللَّهُ ويحرموا ما أحل الله، وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السماوات والأرض، السّنة اثنا عشر شهرا، وفي رواية «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثلاثة متوالية: ذي القعدة وذي الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان» .

«أما بعد أيها الناس: اتقوا الله واستوصوا بالنساء خيرا، فإنّهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهم شيئا وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهنّ بكلمة الله» . وفي رواية «بكتاب الله، ولكم عليهن حق، ولهن عليكم حق، لكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه، وعليهن ألا يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضربا غير مبرح، فإن انتهين فلهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف.

فاعقلوا أيها الناس قولي- فإني قد بلغت- وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعدي أبدا- إن اعتصمتم به- أمرين، وفي رواية أمرا بينا كتاب الله عز وجل وسنة نبيه- صلى الله عليه وسلم.

أيها الناس اسمعوا قولي واعقلوه، تعلمن أن كل مسلم أخ لمسلم، وفي رواية: أخو المسلم وأن المسلمين إخوة، فلا يحل لامرئ من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس، فلا تظلمن أنفسكم واعلموا أن القلوب لا تغل على ثلاث: إخلاص العمل لله عز وجل ومناصحة أولي الأمر، وعلى لزوم جماعة المسلمين، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم، ومن تكن الدنيا نيّته يجعل الله فقره بين عينيه ويشتت عليه ضيعته، ولا يأتيه منها إلا ما كتب له، ومن تكن الآخرة نيّته يجعل الله غناه في قلبه، ويكفيه ضيعته وتأتيه الدنيا وهي راغمة، فرحم الله امرأ سمع مقالتي حتى يبلغه غيره، ورب حامل فقه وليس بفقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه،

[ (1) ] مسلم 2/ 886- 892 (147/ 1218) وأبو داود 2/ 185 (1905) وابن ماجة 2/ 1025 (3074) .

ص: 469

أرقاءكم أرقاءكم أطعموهم مما تأكلون، واكسوهم مما تلبسون، فإن جاء بذنب لا تريدون أن تغفروه فبيعوا عباد الله، ولا تعذبوهم، أوصيكم بالجار- حتى أكثر- فقلنا إنه سيورثه.

أيها الناس: إن الله قد أدى لكل ذي حق حقه، وإنه لا يجوز وصية لوارث، والولد للفراش، وللعاهر الحجر، ومن ادّعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه، فعليه لعنة الله، والملائكة، والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا، العارية مؤدّاة، والنحلة مردودة، والدين مقضيّ والزعيم غارم.

أما بعد: فإن أهل الشرك والأوثان كانوا يدفعون من ها هنا عند غروب الشمس حتى تكون الشمس على رؤوس الجبال مثل عمائم الرجال على رؤوسها. هدينا مخالف هديهم، وكانوا يدفعون من المشعر الحرام عند طلوع الشمس على رؤوس الجبال مثل عمائم الرجال على رؤوسها. ويقولون: أشرق ثبير كيما نغير فأخر الله هذه وقدم هذه، يعني: قدم المزدلفة قبل طلوع الشمس، وأخر عرفة إلى أن تغيب الشمس، وإنا لا ندفع من عرفة حتى تغيب الشمس، وندفع من المزدلفة حتى تطلع الشمس، وهدينا مخالف لهدي الأوثان والشرك» .

قلت:

وفي حديث المسور بن مخرمة- رضي الله تعالى عنه- قال: خطبنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم بعرفات فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:«أما بعد: فإن أهل الشرك والأوثان كانوا يدفعون من هذا الموضع إذا كانت الشمس على رؤوس الجبال كأنها عمائم الرجال في وجوهها، وإنا ندفع بعد أن تغيب وكانوا يدفعون من المشعر الحرام إذا كانت الشمس منبسطة» ، رواه الطبراني برجال الصحيح [ (1) ] .

«وأنتم تسألون عنّي فما أنتم قائلون؟» قالوا: نشهد أنك بلغت، وأديت، ونصحت، فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها على الناس «اللهم اشهد، اللهم اشهد، اللهم اشهد» .

ثلاث مرات.

قلت:

روى البيهقي، عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم خطب بعرفات، فلما قال: «لبيك اللهم لبيك، قال إنما الخير خير الآخرة» [ (2) ] .

قال أبو محمد: وأرسلت إليه أم الفضل بنت الحارث الهلالية وهي أم عبد الله بن عباس بقدح لبن فشربه أمام الناس ووهّماه في ذلك وقال: «إنما كان ذلك بعد ذلك حين وقف بعرفة كما سيأتي» .

[ (1) ] الطبراني في الكبير 20/ 24.

[ (2) ] البيهقي 5/ 45.

ص: 470

وروى ابن إسحاق عن عباد بن عبد الله بن الزبير قال: كان الرجل الذي يصرخ في الناس (تحت لبة ناقة رسول الله- صلى الله عليه وسلم) بقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم وهو بعرفة: ربيعة بن أمية بن خلف الجمحي قال: يقول له رسول الله- صلى الله عليه وسلم (اصرخ. وكان صيتا) قل أيها الناس إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم يقول: هل تدرون أي شهر هذا؟ فيقول لهم وفي رواية فيصرخ فيقولون نعم الشهر الحرام، فيقول قل لهم إني وفي رواية: فإن الله قد حرم.

«فلما أتمها أمر بلالا فأذن ثم أقام الصلاة فصلّى الظهر، ركعتين أسرّ فيهما بالقراءة وكان يوم جمعة، فلما فرغ من صلاته ركب حتى أتى الموقف، فوقف في ذيل الجبل عند الصخرات واستقبل القبلة» .

قلت

في حديث جابر، وجعل بطن ناقته القصواء وهو عليها إلى الصّخرات وجعل جبل المشاة بين يديه.

وأمر الناس أن يرتفعوا عن بطن عرنة- بالنون- ووقف- صلى الله عليه وسلم من لدن الزوال إلى أن غربت الشمس وهو يدعو الله تبارك وتعالى ويبتهل ويتضرع إليه رافعا يديه إلى صدره كاستطعام المسكين وأخبرهم أن خير الدعاء يوم عرفة.

ومما حفظ من دعائه- صلى الله عليه وسلم هناك: «اللهم لك الحمد كالذي نقول، وخيرا مما نقول، اللهم لك صلاتي، ونسكي، ومحياي، ومماتي، وإليك مآبي، ولك تراثي، اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، ووسوسة الصدر، وشتات الأمر اللهم إني أعوذ بك من شر ما يجيء به الريح، ومن شر ما يلج في الليل، وشر ما يلج في النهار، وشر بوائق الدهر.

اللهم إنك تسمع كلامي، وترى مكاني، وتعلم سري وعلانيتي، لا يخفى عليك شيء من أمري، أنا البائس الفقير، المستغيث المستجير، الوجل المشفق المقر المعترف بذنبه، أسألك مسألة المسكين، وأبتهل إليك ابتهال المذنب الذليل، وأدعوك دعاء الخائف الضرير، من خضعت لك رقبته، وفاضت لك عبرته وذلّ جسده، ورغم أنفه لك، اللهم لا تجعلني بدعائك رب شقيا، وكن بي رؤوفا رحيما يا خير المسؤولين. ويا خير المعطين» .

«لا إله إلا أنت وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، اللهم اجعل في قلبي نورا، وفي صدري نورا وفي سمعي نورا، وفي بصري نورا، اللهم اشرح لي صدري، ويسّر لي أمري، وأعوذ بك من وسواس الصدر، وشتات الأمر، وفتنة القبر، اللهم إني أعوذ بك من شر ما يلج في الليل وشر ما يلج في النهار، وشر ما تهب به الرياح، ومن شر بوائق الدهر» رواه البيهقي.

ص: 471

أنزل عليه هناك الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً [المائدة/ 3] .

وهناك سقط رجل من المسلمين عن راحلته وهو محرم فمات، فأمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم أن يكفن في ثوبه، ولا يمس بطيب، وأن يغسل بماء وسدر، ولا يغطى رأسه ولا وجهه وأخبر أنه يبعث يوم القيامة يلبي.

فلما غربت الشمس واستحكم غروبها بحيث ذهبت الصّفرة أفاض من عرفة، وأردف أسامة بن زيد خلفه، وأفاض بالسّكينة، وضم إليه زمام ناقته القصواء حتى إن رأسها ليصيب طرف رجله، وهو يقول:«أيها الناس عليكم السكينة، فإن البرّ ليس بالإيضاع» ، أي ليس بالإسراع، وأفاض من طريق المأزمين وكان دخل مكة من طريق ضبّ» .

قلت:

وفي حديث ابن عمر- رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم أفاض من عرفات وهو يقول:

«إليك تغدو قلفا وضينها

مخالفا دين النصارى دينها»

رواه الطبراني وقال: المشهور في الرواية أنه من فعل ابن عمر أي: لا مرفوعا، والله تعالى أعلم [ (1) ] .

ثم جعل يسير العنق وهو ضرب من السير ليس بالسريع ولا البطيء، فإذا وجد فجوة- وهو المتسع- نصّ سيره أي رفعه فوق ذلك وكلما أتى ربوة من تلك الربى أرخى للناقة- وهي العضباء- زمامها قليلا حتى تصعد، وكان يلبي في مسيره ذلك لا يقطع التلبية،

فلما كان في أثناء الطريق مال إلى الشّعب وهو شعب الأذاخر عن يسار الطريق بين المأزمين- نزل- صلى الله عليه وسلم فبال وتوضأ خفيفا، فقال أسامة: الصلاة يا رسول الله: فقال: «الصلاة أمامك» ، ثم سار حتى أتى المزدلفة.

قلت: نزل قريبا من النار التي على قزح فتوضأ وضوء الصلاة، ثم أمر بالأذان فأذّن المؤذن، ثم أقام الصلاة فصلى المغرب قبل حطّ الرحال، وتبريك الجمال، فلما حطّوا رحالهم أمر فأقيمت الصلاة، ثم صلى العشاء الآخرة بإقامة بلا أذان، ولم يصل بينهما شيئا ثم نام حتى أصبح ولم يحيي تلك الليلة، وأذن في تلك الليلة، قلت عند السحر لمن استأذنه من أهل الضعف من الذرية والنساء، ومنهن سودة وأم حبيبة أن يتقدموا إلى منى قبل حطمة الناس،

[ (1) ] الطبراني في الكبير والأوسط وقال الهيثمي 3/ 256 فيه عاصم بن عبد الله ضعيف.

ص: 472

وذلك طلوع الفجر، وكان ذلك عند غيبوبة القمر.

وأمرهم ألا يرموا الجمرة حتى تطلع الشمس، ورمى من النساء أسماء بنت أبي بكر، وأم سلمة قبل الفجر. قال في البداية فكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم أمر الغلمان بأن لا يرموا قبل طلوع الفجر، وأذن للظعن في الرمي قبل طلوع الشمس لأنهن أثقل حالا، وأبلغ في الستر.

وفي حديث ابن عباس- قدّمنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم أغيلمة بني عبد المطلب على نساء محمد يلطح أفخاذنا ويقول: «أبنيّ لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس» [ (1) ] رواه أحمد

وجئت رسول الله- صلى الله عليه وسلم ببقيّة نسائه حتى يدفعن معه حين يصبح.

فلما برق الفجر، صلاها في أول الوقت خلافا لمن زعم أنه صلاها قبل الوقت بأذان وإقامة، يوم النحر، وهو يوم العيد، وهو يوم الحج الأكبر، وهو يوم الأذان ببراءة الله ورسوله من كل مشرك،

ثم ركب القصواء حتى أتى موقفه عند المشعر الحرام فوقف على قزح وقال: «كل المزدلفة موقفنا إلا بطن محسّر» ،

فاستقبل القبلة، وأخذ في الدعاء والتضرّع والتهليل، والتكبير، والذكر، فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا، وذلك قبل طلوع الشمس.

قلت:

وكان أهل الجاهلية لا يدفعون حتى تطلع الشمس على ثبير، ويقولون: أشرق ثبير كيما نغير. فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم إنّ قريشا خالفت هدي إبراهيم، فدفع طلوع الشمس.

وهنالك سأله عروة بن مضرّس بن الطائي، فقال: يا رسول الله: إني جئت من جبل طيّء أكللت راحلتي وأتعبت نفسي، والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه، فهل لي من حج؟ فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم «من شهد صلاتنا هذه، فوقف معنا حتى ندفع وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهاراً، فقد أتم حجّه وقضى تفثه» [ (2) ] .

ثم سار بمزدلفة مردفا للفضل بن عباس، وهو يلبي في مسيره، وانطلق أسامة بن زيد على رجليه في سباق قريش، وفي طريقه ذلك، أمر الفضل بن عباس أن يلقط له حصى الجمار سبع حصيات، ولم يكسرها من الجبل، تلك الليلة كما يفعل من لا علم عنده ولا التقطها بالليل، فالتقط له سبع حصيات من حصى الخذف فجعل ينفضهن في كفه ويقول:«أمثال هؤلاء، فارموا، وإياكم والغلوّ في الدّين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلّو في الدّين» ،

وفي طريقه تلك عرضت له امرأة من خثعم جميلة، فسألته عن الحج عن أبيها- وكان شيخا كبيرا

[ (1) ] أحمد 1/ 234.

[ (2) ] الترمذي 3/ 238 (891) وأبو داود 2/ 196 (1950) والنسائي 5/ 213 وابن ماجة 2/ 1004 (3016) .

ص: 473

لا يستمسك على الراحلة- فأمرها أن تحج عنه، وجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، فوضع يده على وجهه فصرفه إلى الشق الآخر لئلا تنظر إليه ولا ينظر إليها.

قلت في حديث جابر وكان الفضل رجلا حسن الشّعر أبيض وسيما، والله تعالى أعلم.

فقال العباس لويت عنق ابن عمك، فقال:«رأيت شابا وشابة، فلم آمن الشيطان عليهما» .

وسأله آخر هناك عن أمّه، وقال:«إنها عجوز كبيرة، وإن حملتها لم تستمسك وإن ربطتها خشيت أن أقتلها» ، قال:«أرأيت إن كان على أمك دين أكنت قاضيه؟» قال: نعم. قال «فحج عن أمك»

فلما أتى بطن محسّر حرك ناقته وأسرع السير، وهذه كانت عادته- صلى الله عليه وسلم في المواضع التي نزل فيها بأس الله بأعدائه، فإن هنالك أصاب الفيل ما قص الله علينا. ولذلك سمي الوادي وادي محسّر، لأن الفيل حسر فيه أي أعيا وانقطع عن الذهاب.

ومحسّر برزخ بين منىّ ومزدلفة لا من هذه ولا من هذه، وعرنة برزخ بين عرفة والمشعر الحرام، فبين كل مشعرين برزخ ليس منها، فمنى من الحرم، وهي مشعر، ومحسّر من الحرم وليس بمشعر، ومزدلفة حرم ومشعر، وعرنة ليست بمشعر، وهي من الحل وعرفة حل ومشعر.

قلت: كذا في أكثر الروايات.

وفي حديث أم جندب، عند أبي داود وغيره، أنه كان راكبا يظله الفضل بن العباس وهو غريب مخالف للروايات الصحيحة [ (1) ] .

وسلك الطريق الوسطى بين الطّريقين، وهي التي تخرج على الجمرة الكبرى، حتى أتى منى.

قلت: قال ابن سعد: ولم يزل يلبّي حتى رمى جمرة العقبة.

«فأتى جمرة العقبة فوقف في أسفل الوادي وجعل البيت عن يساره، ومنى عن يمينه، واستقبل الجمرة، وهو على راحلته فرماها راكبا بعد طلوع الشمس، واحدة بعد واحدة، يكبر مع كل حصاة، وحينئذ قطع التلبية وكان في مسيره ذلك يلبي حتى شرع في الرمي، وبلال وأسامة معه، أحدهما آخذ بخطام ناقته، والآخر يظله بثوب من الحر» .

قلت: الذي كان يظله بلال كما في حديث أبي أمامة، عن بعض الصحابة رواه ابن سعد [ (2) ] .

[ (1) ] أبو داود 2/ 200 (1966) وابن ماجة 2/ 1008 (3031) .

[ (2) ] الطبقات الكبرى 2/ 127.

ص: 474

وفي حديث أم جندب الأزدية أنه الفضل بن العباس، رواه الإمام أحمد، وأبو داود، وابن ماجة، والبيهقي فإنهما كانا يتناوبان [ (1) ] .

قلت

وروى مسلم وابن سعد والبيهقي عن جابر قال: «رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم علي راحلته يوم النحر» ويقول لنا: «خذوا عني مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه» [ (2) ]، وفي حديث أم جندب: فازدحم الناس فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: «يا أيها الناس لا يقتل بعضكم بعضا وإذا رميتم الجمرة فارموا بمثل حصى الخذف» ، ورأيت بين أصابعه حجرا فرمى ورمى الناس» [ (3) ] .

وفي حديث حذافة بن عبد الله العلائي أنه رأى رسول الله- صلى الله عليه وسلم رمى جمرة العقبة في بطن الوادي يوم النحر على ناقة له صهباء، لا ضرب ولا طرد ولا إليك إليك [ (4) ] .

قلت: «ولم يقف عند جمرة العقبة، ثم رجع إلى منى فخطب الناس خطبة بليغة» .

وروى الإمام أحمد، عن عبد الرحمن بن معاذ، عن رجل من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: خطب رسول الله- صلى الله عليه وسلم الناس بمنى وأنزلهم منازلهم، فقال:«لينزل المهاجرون هاهنا» وأشار إلى يمين القبلة، «والأنصار هاهنا» وأشار إلى ميسرة القبلة، «ثم لينزل الناس حولهم» ، وعلمهم مناسكهم، ففتحت أسماع أهل منى حتى سمعوه في منازلهم [ (5) ] .

قال ابن كثير: ولست أدري أكانت قبل ذهابه إلى البيت، أو بعد رجوعه منه إلى منى؟.

قلت جزم- صاحب الهدي: «بأنها كانت قبل ذهابه إلى البيت، وكان عمرو بن خارجة تحت جران ناقة رسول الله- صلى الله عليه وسلم وهي تقصع بجرّتها وإن لعابها ليسيل بين كتفيه قال الحافظ: قال بعض الشراح: إنه بلال، والصواب: أنه أبو بكرة-

فقال- صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته العضباء بعد أن حمد الله وأثنى عليه: «إلا أن الزّمان قد استدار كهيئته يوم خلق السماوات والأرض، والسنّة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم. ثلاث متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان ألا أي، وفي رواية: ألا تدرون، وفي رواية: أتدرون أي يوم هذا؟» قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه فقال:

«أليس هذا يوم النحر؟» قلنا: بلى، قال:«أي شهر هذا؟» قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى

[ (1) ] أبو داود 2/ 200 (1966) .

[ (2) ] أخرجه مسلم 2/ 943 (310/ 1297) وأبو داود 2/ 201 (1970) والنسائي 5/ 219 والبيهقي 5/ 125 وأحمد 3/ 301.

[ (3) ] أبو داود 2/ 200 (1966، 1967) .

[ (4) ] تقدم.

[ (5) ] أحمد 4/ 61.

ص: 475

ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال:«أليس ذو الحجة؟» قلنا: بلى، قال:«فأي بلد هذا؟» قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه. قال: «أليس البلدة؟» قلنا: بلى. قال فإن دماءكم وأموالكم- قال محمد- وأحسبه قال: وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم، ألا لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، ألا ليبلغ الشاهد الغائب، فعل بعض من يبلغه أن يكون أوعى له من بعض من سمعه» ، ثم قال:«ألا هل بلغت؟» قلنا: نعم، قال:«اللهم فاشهد» . رواه الإمام أحمد والشيخان [ (1) ] .

وروى الإمام أحمد، والبخاري، عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- قال:«خطب رسول الله- صلى الله عليه وسلم يوم النحر، فقال: «أيها الناس: أيّ يوم هذا؟ قالوا يوم حرام، قال: فأيّ بلد هذا؟ قالوا بلد حرام، قال: فأيّ شهر هذا؟ قالوا: شهر حرام، قال: «فإن دماءكم، وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا، في شهركم هذا» . فأعادها مرارا، ثم رفع رأسه [إلى السماء] فقال:«اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت؟» [ (2) ] .

وروى الشيخان نحوه عن ابن عمر- رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: «ألا أي شهر تعلمونه أعظم حرمة؟» قالوا شهرنا هذا، قال:«ألا أي بلد تعلمونه أعظم حرمة؟» قالوا: بلدنا هذا، قال:«ألا أي يوم تعلمونه أعظم حرمة؟» قالوا:

يومنا هذا، قال:«فإن الله تبارك وتعالى قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم إلا بحقها كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، ألا هل بلغت ثلاثا؟» كل ذلك يجيبونه ألا نعم قال: «ويحكم أو قال: ويلكم لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض» [ (3) ] .

ثم انصرف إلى النحر بمنى، فنحر ثلاثا وستين بدنة بيده بالحربة وكان ينحرها قائمة معقولة اليسرى وكان عدد هذا الذي نحره عدد سنين عمره- صلى الله عليه وسلم

ثم أمسك وأمر عليا أن ينحر ما بقي من المائة، ثم أمره أن يتصدق بجلالها وجلودها ولحومها، في المساكين، وأمره أن لا يعطي الجزار في جزارتها شيئا منها، وقال:«نحن نعطيه من عندنا، وقال: من شاء اقتطع» .

قلت: في حديث ابن جريج عن جعفر بن محمد عن جابر ثم أمر من كل بدنة ببضعة، فجعلت في قدر، فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها والله تعالى أعلم.

قال ابن جريج: قلت من الذي أكل مع النبي- صلى الله عليه وسلم وشرب من المرق؟ قال جعفر:

[ (1) ] انظر مسند أحمد 5/ 37.

[ (2) ] أحمد 1/ 230 والبخاري (3/ 670) حديث (1739)(7079) .

[ (3) ] البخاري 3/ 671 (1742، 4403، 6043، 6166، 6785، 6868، 7077) .

ص: 476

علي بن أبي طالب أكل مع النبي- صلى الله عليه وسلم وشرب من المرق.

وقول أنس- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم نحر بيده سبع بدن قياما.

حمله أبو محمد- رحمه الله تعالى- على أنه- صلى الله عليه وسلم لم ينحر بيده أكثر من سبع بدن كما قال أنس وأنه أمر من ينحر ما بعد ذلك إلى تمام ثلاث وستين، ثم زال عن ذلك المكان، وأمر عليا فنحر ما بقي، أو أنه لم يشاهد إلا نحره- صلى الله عليه وسلم سبعا فقط بيده، وشاهد جابر تمام نحره- صلى الله عليه وسلم للباقي، فأخبر كل واحد منهما بما رأى وشاهد، وأنه- صلى الله عليه وسلم نحر بيده مفردا سبع بدن كما قال أنس ثم أخذ هو وعلي الحربة معا فنحرا كذلك تمام ثلاث وستين كما قال عروة بن الحارث الكندي أنه شاهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم يومئذ أخذ بأعلى الحربة، وأمر عليا فأخذ بأسفلها، ونحرا بها البدن، ثم انفرد علي بنحر الباقي من المائة كما قال جابر.

وحديث عبد الله بن قرط- رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قرب له بدنات خمس فطفقن يزدلفن إليه بأيتهن يبدأ، فلما وجبت جنوبها. تكلم بكلمة خفية لم أفهمها.

فقلت: ما قال؟ قال من شاء اقتطع لا يلزم منه أنه نحر خمسا فقط، فإن المائة لم تقرب إليه جملة، وإنما كانت تقرب إليه أرسالا، فقرّب منها خمس بدنات رسلا، وكان ذلك الرّسل يبادرن ويتقربن إليه، لكي يبدأ بكل واحدة منهن.

قلت: وضحى رسول الله- صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقر [ (1) ] .

ونحر رسول الله- صلى الله عليه وسلم بمنحره بمنى، وأعلمهم أن منى كلها منحر، وأن فجاج مكة طريق ومنحر

وسئل رسول الله- صلى الله عليه وسلم أن يبنى له بناء بمنى يظلّه من الحرّ، فقال: لا منى مناخ لمن سبق إليه [ (2) ] .

فلما أكمل رسول الله- صلى الله عليه وسلم نحره استدعى بالحلاق فحلق رأسه،

فقال للحلاق- وهو معمر بن عبد الله بن نضلة بن عبد العزى بن حرثان بن عوف- وحضر المسلمون يطلبون من شعره- وهو قائم على رأسه بالموسى، ونظر في وجهه وقال:«يا معمر أمكنك رسول الله- صلى الله عليه وسلم من شحمة أذنه وفي يدك الموسى» ، قال معمر، فقلت: أما والله يا رسول الله أن ذلك من نعم الله علي ومنّه.

قال للحلاق: «خذ» ، وأشار إلى جانبه الأيمن، فلما فرغ منه قسم شعره على من يليه، ثم

[ (1) ] أخرجه مسلم (357/ 1319) .

[ (2) ] أحمد 6/ 207 والحاكم 1/ 467 وابن ماجة (3006، 3007) وانظر صحيح مسلم (1218) وأبو داود (1907) .

ص: 477

أشار إلى الحلّاق، فحلق جانبه الأيسر، ثم قال:«هاهنا أبو طلحة» ، فدفعه إليه.

قال ابن سعد: وحلق رأسه وأخذ من شاربه وعارضيه وقلم أظفاره وأمر بشعره وأظفاره أن تدفن [ (1) ] .

وروى البخاري، عن ابن سيرين، عن أنس- رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم لما حلق رأسه كان أبو طلحة أول من أخذ شعره، قال: وهذا لا يناقض رواية مسلم: لجواز أن يصيب أبا طلحة من الشق الأيمن مثل ما أصاب غيره، ويختص بالشق الآخر، لكن

قد روى مسلم- أيضاً- من حديث أنس «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم لما رمى الجمرة ونحر نسكه وحلق ناول الحلاق شقه الأيمن فحلقه، ثم دعا أبا طلحة الأنصاري فأعطاه إياه ثم ناوله الشق الأيسر فقال: «احلق» فحلقه فأعطاه أبا طلحة فقال: «اقسمه بين الناس» .

ففي هذه الرواية، كما ترى أن نصيب أبي طلحة كان الشق الأيمن وفي الأولى أنه كان الأيسر وفي رواية أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم أعطاه أم سليم ولا يعارض هذا دفعه لأبي طلحة لأنها امرأته،

وفي لفظ: فبدأ بالشق الأيمن فوزعه الشعرة والشعرتين بين الناس، ثم قال: بالأيسر فصنع به مثل ذلك ثم قال: «ها هنا أبو طلحة» فدفعه إليه،

وفي لفظ ثالث: دفع إلى أبي طلحة شعر شقّ رأسه الأيسر، ثم أظفاره وقسمها بين الناس.

وكلمه خالد بن الوليد في ناصيته حين حلق فدفعها إليه فكان يجعلها في مقدم قلنسوته، فلا يلقى جمعا إلا فضّه.

وحلق أكثر أصحابه- صلى الله عليه وسلم وقصّر بعضهم، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم «اللهم اغفر للمحلقين» ، ثلاثا كل ذلك يقال: والمقصرين يا رسول الله، فقال:«والمقصرين في الرابعة» .

قلت:

قال ابن سعد: وأصاب الطيب بعد أن حلق، ولبس القميص، وحلّ الناس، وجاءه رجل فقال: يا رسول الله حلقت قبل أن انحر قال: «انحر ولا حرج» ، ثم أتاه آخر فقال: يا رسول الله إني أفضت قبل أن أنحر. قال: «احلق ولا حرج» ، فما سئل عن شيء يومئذ قدم ولا أخر إلا قال:«افعل ولا حرج» [ (2) ] .

وبعث عبد الله بن حذافة السهمي، وقيل: كعب بن مالك ينادي في الناس، بمنى: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: «إنها أيام أكل وشرب وذكر الله» [ (3) ] .

[ (1) ] البخاري 1/ 273 (171) ومسلم 2/ 947 (323/ 1305)(326/ 1305) .

[ (2) ] الطبقات 2/ 125 وأخرجه مسلم 2/ 949- 950 (333/ 1306) .

[ (3) ] أحمد 3/ 415.

ص: 478

قلت: ونادى مناديه بمنى أنها أيام أكل وشرب وباءة ذكره ابن سعد [ (1) ] .

فانتهى المسلمون عن صيامهم إلا محصورا بالحج أو متمتعا بالعمرة إلى الحج، فإن الرّخصة من رسول الله- صلى الله عليه وسلم أن يصوموا أيام منى، والله تعالى أعلم.

ثم أفاض- صلى الله عليه وسلم إلى مكة قبل الظهر راكبا، (وأردف معاوية بن أبي سفيان من منى إلى مكة) ، فطاف طواف الإفاضة، وهو طواف الزيارة، وهو طواف الصدر، ولم يطف غيره، قال: هو الصواب.

في حديث عائشة، وابن عباس: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم أخّر طواف يوم النّحر إلى الليل [ (2) ] ، علقه البخاري، ورواه الأربعة.

قلت: قال ابن كثير: والأشبه أن هذا الطواف كان قبل الزوال، ويحتمل أنه كان بعده.

فإن حمل هذا أنّه أخّر ذلك إلى ما بعد الزوال كأنه يقول: إلى العشي صح ذلك، وأما إن حمل على ما بعد الغروب فهو بعيد جدا، ومخالف لما ثبت في الأحاديث الصحيحة من أنه- صلى الله عليه وسلم طاف يوم النحر نهارا، وشرب من سقاية زمزم، وأما الطواف بالليل، فهو طواف الوداع، ومن الرواة من يعبّر عنه بطواف الزيارة

ثم أتى زمزم بعد أن قضى طوافه، وهم يسقون، فقال:«لولا أن يغلبكم الناس عليها يا ولد عبد المطلب لنزلت، فسقيت معكم» [ (3) ] .

ويقال: إنه نزع دلوا لنفسه، ثم ناوله الدلو، قلت: ثم مجّ فيها فأفرغ على سقايتهم في زمزم.

وفي حديث ابن عباس عند البخاري أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم جاء إلى السقاية فاستسقى فقال العباس: يا فضل اذهب إلى أمك فائت رسول الله- صلى الله عليه وسلم بشراب من عندها، فقال:

اسقني، فقالت: يا رسول الله إنهم يجعلون أيديهم فيه، قال:«اسقني (مما يشرب الناس) » ، فشرب منه، ثم أتى زمزم [ (4) ] ،

والله تعالى أعلم.

قال: فشرب وهو قائم.

قال: والأظهر أن ذلك كان للحاجة، وهل كان في طوافه هذا راكبا؟ أو ماشيا؟. وقد تقدم ما رواه مسلم وغيره، عن جابر، قال: طاف رسول الله- صلى الله عليه وسلم بالبيت في حجة الوداع على راحلته يستلم الحجر بمحجنه، لأن يراه الناس وليشرف وليسألوه فإن الناس غشوه.

[ (1) ] الطبقات 2/ 125.

[ (2) ] أخرجه أبو داود (2000) .

[ (3) ] تقدم.

[ (4) ] أخرجه 2/ 303 (1635) والبيهقي 5/ 147 والطبراني في الكبير 11/ 345 وابن سعد 4/ 1/ 17.

ص: 479

وروى الشيخان، عن ابن عباس قال: طاف رسول الله- صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجنه.

قال ابن القيم: وهذا الطواف ليس بطواف الوداع فإنه كان ليلا، وليس بطواف القدوم، لوجهين:

أحدهما: أنه قد صح عنه. أن الرّمل في طواف القدوم. ولم يقل أحد قط رملت به راحلته وإنما قالوا رمل نفسه.

والثاني قول عمرو بن الشريد: أفضت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم فما مست قدماه الأرض حتى أتى جمعا، وهذا ظاهره، انه من حين أفاض معه، ما مست قدماه الأرض إلى أن رجع، ولا ينقض هذا بركعتي الطواف، فإن شأنهما معلوم، قال: والظاهر أن عمرو بن الشريد إنما أراد الإفاضة معه من عرفة، ولهذا قال: حتى أتى جمعا وهي مزدلفة، ولم يرد الإفاضة إلى البيت يوم النحر، ولا ينقض هذا بنزوله عند الشعب حين بال ثم ركب، لأنه ليس بنزول مستقر، وإنما مست قدماه الأرض مسّا عارضا.

ثم رجع- صلى الله عليه وسلم إلى منى.

واختلف: أين صلى الظهر يومئذ؟ ففي الصحيحين عن ابن عمر: أنه- صلى الله عليه وسلم أفاض يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر بمنى. وفي مسلم عن جابر أنه- صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بمكة، وكذلك قالت عائشة واختلف في ترجيح أحد القولين على الآخر.

ورجح أبو محمد بن حزم وغيره الثاني، ورجح ابن القيم الأول.

وقال ابن كثير: فإن علمنا بها أمكن أن يقال: إنه عليه الصلاة والسلام صلى الظهر بمكة، ثم رجع إلى منى فوجد الناس ينتظرونه، فصلى بأصحابه بمنى أيضا.

وطافت عائشة في ذلك اليوم طوافا واحدا وسعت سعيا واحدا أجزأها عن حجها وعمرتها وقال في موضع آخر: يحتمل أنه رجع إلى منى، في آخر وقت الظهر، فصلى وطافت صفية ذلك اليوم. ثم حاضت، قال: فأجزأها طوافها ذلك عن طواف الوداع ولم تودع.

وكان رمي الجمار حين تزول الشمس قبل الصلاة، وكان إذا رمى الجمرتين علاهما ورمى جمرة العقبة من بطن الوادي.

وكان يقف عند الجمرة الأولى أكثر مما يقف عند الثانية، ولا يقف عند الثالثة، وإذا رماها انصرف، وكان إذا رمى الجمرتين وقف عندهما، ورفع يديه لا يقول ذلك في رمي العقبة فإذا رماها انصرف.

ص: 480

ونهى أن يبيت أحد بليالي منى، ورخص للرعاة أن يبيتوا عند منى، من جاء منهم فرمى بالليل أرخص له في ذلك وقال: ارموا بمثل حصى الخذف [ (1) ] .

كان أزواجه يرمين مع الليل، ثم رجع رسول الله- صلى الله عليه وسلم إلى منى من يومه ذلك فبات بها، فلما أصبح انتظر زوال الشمس،

فلما زالت الشمس مشى من رحله إلى الجمار ولم يركب، فبدأ بالجمرة الأولى، التي تلي مسجد الخيف فرماها بسبع حصيات واحدة بعد واحدة، يقول مع كل حصاة:«الله أكبر»

ثم يقدم على الجمرة أمامها حتى أسهل فقام مستقبل القبلة ثم رفع يديه ودعا دعاء طويلا بقدر سورة البقرة، ثم أتى- صلى الله عليه وسلم إلى الجمرة الوسطى فرماها كذلك، ثم انحدر ذات اليسار، مما يلي الوداع فوقف مستقبل القبلة رافعا يديه يدعو قريبا من وقوفه الأول ثم أتى الجمرة الثالثة، وهي جمرة العقبة، فاستبطن الوادي واستعرض الجمرة، فجعل البيت عن يساره، ومنى عن يمينه فرماها بسبع حصيات كذلك، ولم يرمها من أعلاها كما يفعل الجهال، ولا جعلها عن يمينه، واستقبل البيت وقت الرمي كما ذكره غير واحد من الفقهاء.

فلما أكمل الرمي من فوره ولم يقف عندها، فقيل: لضيق المكان بالجبل، وقيل: وهو الأصح أن دعاءه كان في نفس العبادة قبل الفراغ منها، فلما رمى جمرة العقبة فرغ الرمي، والدعاء في صلب العبادة قبل الفراغ منها أفضل منه بعد الفراغ منها، وذكر ما يتعلق بالدعاء بعد الصلاة، وقد تقدم بما فيه.

قال: والذي يغلب على الظن أنه كان يرمي قبل الصلاة، ثم يرجع فيصلي، لأن جابرا وغيره قالوا: كان يرمي إذا زالت الشمس فعقبوا زوال الشمس برميه وأيضا فإن وقت الزوال للرمي أيام منى، كطلوع الشمس لرمي يوم النحر.

وروى الترمذي، وابن ماجه، عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- قال: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم يرمي الجمار إذا زالت الشمس زاد ابن ماجة. قدر ما إذا فرغ من رميه- صلى الله عليه وسلم صلى الظهر [ (2) ] .

وذكر الإمام أحمد: أنه- صلى الله عليه وسلم كان يرمي يوم النحر راكبا، وأيام منى ماشيا، في ذهابه ورجوعه.

قال ابن القيم: وقد تضمّنت حجّته- صلى الله عليه وسلم ست وقفات للدعاء في الموقف: الأول:

[ (1) ] أخرجه مالك 1/ 284 والترمذي (954، 955) وأبو داود 1975 و 1976 والنسائي 5/ 273 وابن ماجة (3036)(3037) وابن حبان ذكره الهيثمي في الموارد (1015) والحاكم 1/ 478 ورواية الحصى انظر مسلم (1282) .

[ (2) ] الترمذي 3/ 243 (898) وابن ماجة 2/ 1014 (3054) .

ص: 481

على الصفا، والثاني: على المروة، والثالث: بعرفة، والرابع: بمزدلفة، والخامس: عند الجمرة الأولى، والسادس: عند الجمرة الثانية.

وخطب- صلى الله عليه وسلم الناس بمنى خطبة عظيمة.

قلت: قال ابن سعد: على راحلته القصواء.

قال عمرو بن خارجة وهي تقصع بجرتها، وإن لعابها ليسيل بين كتفيّ في وسط أيام التشريق. فقيل: هو ثاني يوم النحر، وهو أوسطها- أي خيارها- لما سيأتي. وهو الحادي عشر من ذي الحجة، وهو يوم الرؤوس سمي بذلك لأنهم كانوا يذبحون يوم النحر ثم يطبخون الرؤوس تلك الليلة فيبكّرون على أكلها، وكان عم أبي حرّة الرقاشي آخذ بزمام ناقة رسول الله- صلى الله عليه وسلم يذود عنه الناس.

وسببها أنه- صلى الله عليه وسلم أنزلت عليه سورة النصر في هذا اليوم، فعرف أنه الوداع، فأمر براحلته القصواء فرحلت له، فوقف للناس بالعقبة، فاجتمع إليه الناس،

وفي رواية: ما شاء الله من المسلمين، فحمد الله تعالى، وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال:«أما بعد أيها الناس، ألا إن ربكم واحد، ألا وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأسود على أحمر، ولا لأحمر على أسود إلّا بالتقوى، إن أكرمكم عند الله أتقاكم ألا هل بلّغت؟» قالوا: بلّغ رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: «فليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلّغ أوعى من سامع» ، ثم قال:«أي شهر هذا؟» فسكتوا فقال: هذا شهر حرام، «أي بلد هذا؟» فسكتوا فقال:

بلد حرام،:«أي يوم هذا؟» فسكتوا قال: يوم حرام، ثم قال:«إن الله تعالى قد حرّم دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم، كحرمة شهركم هذا، في بلدكم هذا، في يومكم هذا، إلى أن تلقوا ربكم، ألا هل بلغت؟» قالوا: نعم، قال:«اللهم اشهد، ثم قال: إنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم» ، ألا هل بلغت؟ قال: الناس نعم، قال:«اللهم اشهد، ألا وإن من كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها، ألا وإن كل ربا في الجاهلية موضوع وان كل دم في الجاهلية موضوع وأن أول دمائكم أضع دم إياس بن ربيعة بن الحارث، كان مسترضعا في بني سعد بن ليث فقتلته هذيل» ، ألا هل بلّغت؟ قالوا: نعم قال: «اللهم فاشهد فليبلغ الشاهد الغائب، ألا إن كل مسلم محرم على كل مسلم. ثم قال: اسمعوا مني تعيشوا ألا لا تظلموا، ألا لا تظلموا. ألا لا تظلموا إنه لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه» .

فقال عمرو بن يثربي يا رسول الله أرأيت إن لقيت غنم ابن عمي فأخذت شاة فاحترزتها، فقال: إن لقيتها تحمل شفرة وأزنادا بخبت الجميش فلا تهجها.

ثم قال أيها الناس: إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً

ص: 482

وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ [التوبة/ 37] ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض» ، ثم قرأ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ [التوبة/ 36] ثلاث متواليات: ذو القعدة، ذو الحجة، والمحرم، ورجب الذي يدعى شهر مضر الذي بين جمادى وشعبان، والشهر تسعة وعشرون وثلاثون، ألا هل بلغت؟

قال الناس: نعم فقال: اللهم اشهد» .

ثم قال: «أيها الناس. إن للنساء عليكم حقا، وإن لكم عليهن حقا، فعليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا، ولا يدخلن بيوتكم أحدا تكرهونه إلا بإذنكم، فإن فعلن فإن الله تعالى قد أذن لكم أن تهجروهن بالمضاجع، وأن تضربوهن ضربا غير مبرح، فإن انتهين وأطعنكم، فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف، وإنما النساء عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئا، وإنما أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، فاتقوا الله في النساء، واستوصوا بهن خيرا، ألا هل بلّغت؟ قال الناس: نعم، قال: اللهم اشهد.

ثم قال: أيها الناس إن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم هذه، ولكنه قد رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقرونه، فقد رضي به، إن المسلم أخو المسلم، إنما المسلمون إخوة، ولا يحل لامرئ مسلم دم أخيه ولا ماله إلا بطيب نفس منه، إنما أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله، لا تظلموا أنفسكم، لا ترجعوا بعدي كفارا، يضرب بعضكم رقاب بعض، إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لم تضلوا كتاب الله تعالى، ألا هل بلّغت؟ قال الناس: نعم قال: اللهم اشهد.

ثم انصرف إلى منزله وصلى الظهر والعصر يوم النّفر بالأبطح، قالت عائشة- رضي الله تعالى عنها- إنما نزل رسول الله- صلى الله عليه وسلم بالمحصب، لأنه كان أسمح لخروجه.

واستأذنه العباس عمه في المبيت بمكة ليالي منّى من أجل سقايته، فأذن له، واستأذنه رعاء الإبل في البيتوتة خارج منى، فأرخص لهم أن يرموا يوم النحر، ثم يجمعوا رمي يومين بعد يوم النحر يرمونه في أحدهما، قال مالك: ظننت أنه قال: في أول يوم منهما، ثم يرمون يوم النفر قال ابن عيينة في هذا الحديث. رخص للرعاء أن يرموا يوما، ويتركوا يوما.

ولم يتعجل- صلى الله عليه وسلم في يومين، بل تأخر حتى أكمل رمي أيام التشريق الثلاثة، وأفاض- صلى الله عليه وسلم يوم الثلاثاء بعد الظهر، إلى المحصّب وهو الأبطح، وهو خيف بني كنانة فوجد، أبا رافع قد ضرب فيه قباء هنالك، وكان على ثقله توفيقا من الله تعالى دون أن يأمره به رسول الله- صلى الله عليه وسلم فصلى به الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ورقد رقدة ثم نهض إلى مكة

ص: 483

فطاف للوداع ليلا سحرا، ولم يرمل في هذا الطواف.

ثم خرج إلى أسفل مكة قلت: من المسجد من باب الحرورية وهو باب الخيّاطين. رواه الطبراني، عن ابن عمر.

وأخبرته صفية أنها حائض، فقال:«أحابستنا هي؟» فقيل إنها قد أفاضت، قال:«فلتنفر إذن» ،

ورغبت إليه عائشة تلك الليلة أن يعمرها عمرة مفردة فأخبرها أن طوافها بالبيت وبالصفا والمروة قد أجزأ عن حجها وعمرتها فأبت إلا أن تعتمر عمرة منفردة فأمر أخاها عبد الرحمن أن يعمرها من التنعيم، ففرغت من عمرتها ليلا، ثم وافت المحصّب مع أخيها فأتيا في جوف الليل

، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: فرغتما؟ قالت: نعم.

فنادى بالرحيل في أصحابه فارتحل الناس، ثم طاف بالبيت قبل صلاة الصبح، هذا لفظ البخاري عنها من طريق القاسم.

وفي الصحيح من طريق الأسود عنها قالت: خرجنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم ولا نرى إلا الحجّ فذكر الحديث.

فلما كانت ليلة الحصبة قلت: يا رسول الله يرجع الناس بحج وعمرة وأرجع أنا بحجة، فقال:«أو ما كنت طفت ليالي قدمنا مكة؟» ، قلت: لا: قال: «فاذهبي مع أخيك إلى التنعيم، فأهلّي بعمرة، ثم موعدك مكان كذا وكذا» .

قالت عائشة: فلقيني رسول الله- صلى الله عليه وسلم مصعدا على أهل مكة وأنا منهبطة، أو أنا مصعدة وهو منهبط منها.

وظاهر هذا أنهما تقابلا في الطريق، وفي الأول أنه انتظرها في منزله فلما جاءت نادى بالرحيل في أصحابه، وقولها تعني وهو مصعد من مكة، وأنا منهبطة عليها للعمرة، وهذا ينافي انتظاره لها في المحصّب، قال: فإن كان حديث الأسود محفوظا عنها فصوابه «لقيني رسول الله- صلى الله عليه وسلم وأنا مصعدة من مكة وهو منهبط إليها فإنها طافت وقضت عمرتها ثم أصعدت لميعاده فوافته وهو قد أخذ في الهبوط إلى مكّة للوداع، فارتحل وأذن في الناس بالرحيل» ، ولا وجه لحديث الأسود غير هذا.

ويؤيد هذا ما

رواه الشيخان عنها من طريق- قالت: حين قضى الله الحج ونفرنا من منّى، فنزلنا بالمحصّب فدعا عبد الرحمن بن أبي بكر فقال: اخرج بأختك من الحرم ثم افرغا من طوافها، ثمّ ائتياني بها بالمحصب، قالت: فقضى الله العمرة وفرغنا من طوافنا من جوف الليل، وأتيناه بالمحصب وقال:«فرغتما؟» قلنا: نعم فأذّن في الناس بالرحيل.

ص: 484

قلت:

أتى سعد بن أبي وقاص بعد حجه يعوده من وجع أصابه، فقال: يا رسول الله بي ما ترى من الوجع، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة فأتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا. قلت فالشطر؟، قال: لا. قال: «الثلث والثلث كثير، إنك إن تترك ورثتك أغنياء خير من أن تتركهم عالة يتكففون الناس، إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله تعالى إلا أجرت بها حتى ما تجعله في في امرأتك» ، فقال: يا رسول الله: أخلّف بعد أصحابي؟ فقال: «إنك لن تخلّف، فتعمل عملا صالحا إلا تزداد خيرا ورفعة ثم لعلّك أن تخلّف حتى ينتفع بك أقوام، ويضرّ بك آخرون، اللهم أمض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم» ،

لكن البائس سعد بن خولة يرثي له رسول الله- صلى الله عليه وسلم أن مات بمكة وخلّف على سعد بن أبي وقاص رجلا وقال: إن مات بمكة فلا تدفنه بها يكره أن يموت الرجل في الأرض التي هاجر منها.

ثم سار- صلى الله عليه وسلم راجعا إلى المدينة فلما كان بالروحاء لقي ركبا فسلم عليهم فقال: «من القوم؟» فقالوا المسلمون فمن القوم؟ فقال: «رسول الله- صلى الله عليه وسلم» فرفعت امرأة صبيا لها من محفة فقالت: يا رسول الله: ألهذا حج؟ قال: نعم. ولك أجر؟. فلما أتى ذا الحليفة بات بها حتى أصبح، وصلى في بطن الوادي.

قلت: ورأى وهو معرّس بذي الحليفة ببطن الوادي قيل له إنك ببطحاء مباركة.

فلما رأى المدينة كبر ثلاث مرات وقال: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، آئبون تائبون، عابدون ساجدون، لربنا حامدون، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده» .

وكان إذا قفل من حج أو عمرة أو غزوة فأوفى على ثنية أو فدفد كبر ثلاثا وقال: «لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، له الملك وله الحمد (يحيي ويميت) ، وهو حي لا يموت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، آئبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده» [ (1) ] .

«اللهم إنا نعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، وسوء المنظر في الأهل والمال والولد، اللهم بلّغنا بك بلاغا صالحا يبلّغ إلى الخير بمغفرة منك ورضوان» .

ولما نزل المعرّس نهى أن يطرقوا النساء ليلا، فطرق رجلان أهليهما فكلاهما وجد ما يكره، وأناخ بالبطحاء، وكان إذا خرج إلى الحج سلك على الشجرة، وإذا رجع من مكة دخل المدينة من معرّس الأبطح وكان في معرّسه في بطن الوادي، وكان فيه عامة الليل.

[ (1) ] أخرجه مسلم (1218) وانظر خلاصة البدر المنير 2/ 12.

ص: 485