الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعَصَبِيَّةِ أَنْ يُحِبَّ الرَّجُلُ قَوْمَهُ؟ قَالَ: "لَا، وَلَكِنْ مِنْ الْعَصَبِيَّةِ أَنْ يُعِينَ الرَّجُلُ قَوْمَهُ عَلَى الظُّلْمِ"(1).
8 - بَابُ السَّوَادِ الْأَعْظَمِ
3950 -
حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا مُعَانُ بْنُ رِفَاعَةَ السَّلَامِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو خَلَفٍ الْأَعْمَى
أنه سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ أُمَّتِي لَن (2) تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ الاخْتِلَاف (3) فَعَلَيْكُمْ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ"(4).
9 - بَابُ مَا يَكُونُ مِنْ الْفِتَنِ
3951 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ رَجَاءٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ
(1) حديث محتمل لتحسين بمجموع طرقه كلما هو مبين في التعليق على "مسند أحمد"(16989). وهذا إسناد ضعيف لضعف عباد بن كثير الشامي، وقد تابعه سلمة ابن بشر عند أبي داود (5119)، وسلمة هذا قال الحافظ في "التقريب": مقبول.
(2)
في (ذ): لا.
(3)
في (ذ): اختلافًا.
(4)
إسناده ضعيف جدًا لضعف معان بن رفاعة السلامي، وشيخه أبو خلف الأعمى متروك ورماه ابن معين بالكذب.
وأخرجه عبد بن حميد (1220)، وابن عدي في ترجمة معان من "الكامل"، واللالكائي في "اعتقاد أهل السنة"(153)، وأبو نعيم في "الحلية" 9/ 238 من طريق معان بن رفاعة، به.
وقوله: "إن أُمتي لا تجتمع على ضلالة" صحيح بمجموع شواهده، فانظرها عند حديث ابن عمر في "جامع الترمذي"(2305) بتحققنا.
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا صَلَاةً، فَأَطَالَ فِيهَا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْنَا - أَوْ قَالُوا -: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَطَلْتَ الْيَوْمَ الصَّلَاةَ! قَالَ:"إِنِّي صَلَّيْتُ صَلَاةَ رَغْبَةٍ وَرَهْبَةٍ، سَأَلْتُ اللَّهَ عز وجل لِأُمَّتِي ثَلَاثًا، فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَرَدَّ عَلَيَّ وَاحِدَةً، سَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُهْلِكَهُمْ غَرَقًا، فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَرَدَّهَا عَلَيَّ"(1).
3952 -
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ الْجَرْمِيِّ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ
(1) إسناده ضعيف لجهالة رجاء الأنصاري.
وأخرجه أحمد في "المسند"(22082)، وابن خزيمة (1218)، والطبراني في "الكبير" 20/ (306) و (307) من طريق الأعمش، به.
ْوأخرجه أحمد (22158) و (22125)، والطبراني 20/ (279) من طريق عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل- ورجاله ثقات إلا أنه منقطع، فإن ابن أبي ليلى لم يسمع من معاذ. وقد ذكر في الحديث مكان الغرق سؤالَه صلى الله عليه وسلم لله عز وجل أن لا يهلك أُمته بالسَّنَة - أي: القَحْط، وهذا هو المحفوظ في حديث غير واحد من الصحابة، فالحديث بذكر السَّنة صحيح له غير ما شاهد انظر تخريجها عند حديث أنس بن مالك في "مسند أحمد"(12486).
وأما لفظ الغرق فقد جاء في حديث سعد بن أبي وقاص عند مسلم (2890)، وأحمد (1516) وغيرهما، ففيه:"سألت ربي عز وجل ثلاثًا: سألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها، وسألته أن لا يهلك أُمتي بالسَّنة فاعطانيها، وسالته أن لا يجعل باسهم بينهم فمنعنيها"، فذكر الغرق والسَّنة والبأس، وأسقط سؤاله أن لا يسلَّط عليهم عدو من غيرهم فيستبيحهم، وهذا لفظ غريب لم يرو إلا في حديث سعد هذا.
عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، عنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "زُوِيَتْ لِي الْأَرْضُ حَتَّى رَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ: الْأَصْفَرَ - أَوْ الْأَحْمَرَ - وَالْأَبْيَضَ- يَعْنِي الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ-، وَقِيلَ: إِنَّ مُلْكَكَ إِلَى حَيْثُ زُوِيَ لَكَ، وَإِنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ عز وجل ثَلَاثًا: أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَى أُمَّتِي جُوعًا فَيُهْلِكَهُمْ بِهِ عَامَّةً، وَأَنْ لَا يَلْبِسَهُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ، وَإِنَّهُ قِيلَ لِي: إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَلَا مَرَدَّ لَهُ، وَإِنِّي لَنْ أُسَلِّطَ عَلَى أُمَّتِكَ جُوعًا فَيُهْلِكَهُمْ، وَلَنْ أَجْمَعَ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا حَتَّى يُفْنِيَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيَقْتُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.
وَإِذَا وُضِعَ السَّيْفُ فِي أُمَّتِي فَلَنْ يُرْفَعَ عَنْهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّ مِمَّا أَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِي أَئِمَّةً مُضِلِّينَ، وَسَتَعْبُدُ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِي الْأَوْثَانَ، وَسَتَلْحَقُ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِي بِالْمُشْرِكِينَ، وَإِنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ دَجَّالِينَ كَذَّابِينَ، قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثِينَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَلَنْ تَزَالَ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ مَنْصُورِينَ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ عز وجل" (1).
(1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف سعيد بن بشر، وقد توبع. أبو أسماء الرَّحبي: اسمه عمرو بن مَرْثَد الدمشقي.
وأخرجه مسلم مقطعًا (1920) و (2889)، وأبو داود (4252)، والترمذي مقطعا (2317) و (2348) و (2366) و (2379) من طريق أبي قلابة، به، وهو عند مسلم دون قوله: "وإذا وضع السيف
…
" إلى قوله: "كلهم يزعم أنه نبي".
والحديث بتمامه في "مسند أحمد"(22395)، و"صحيح ابن حبان"(7238). =
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ (1): لَمَّا فَرَغَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: مَا أَهْوَلَهُ!
3953 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ حَبِيبَةَ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ
عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، أَنَّهَا قَالَتْ: اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (2) وَهُوَ مُحْمَرٌّ وَجْهُهُ، وَهُوَ يَقُولُ:"لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدْ اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ (3) " وَعَقَدَ بِيَدَهِ عَشَرَةً.
= وسلف من الحديث عند المصنف برقم (10) قوله: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق
…
".
قوله: "زُويت لي الأرض" أي: جُمعت وضُمَّت. قال السندي: والمراد من الأرض ما سيبلغها مُلْك الأمة لا كلها، يدل عليه ما بعده.
"عامة" أي: حال كون الجوع سَنَة عامة، أي: شاملة لكل الأُمة. قال الخطابي في "معالم السُّنن" 4/ 340: وإنما جرت الدعوة بأن لا تعمهم السَّنة (أي: القحط) كافة فيهلكوا عن آخرهم، فأما أن يُجدِبَ قوم ويُخصِبَ آخرون، فإنه خارج عما جرت به الدعوة.
"يلبسهم": يخلطهم.
"شِيَعًا": فِرَقًا.
"أقطارها" أي: نواحي الأرض.
(1)
أبو الحسن هذا: هو القطان، راوى "السُّنن" عن ابن ماجه، وأبو عبد الله: هو المصنف، ابنُ ماجه. وقول أبي الحسن هذا لم يرد في (ذ) و (م)، وهو في نسخة أُشيرَ إليها في حاشية (س).
(2)
زاد في المطبوع: من نومه.
(3)
زاد في (س): مثل هذه.
قَالَتْ زَيْنَبُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ:"إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ"(1).
3954 -
حَدَّثَنَا رَاشِدُ بْنُ سَعِيدٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ الْوَلِيدِ ابْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي السَّائِبِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ الْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ
(1) إسناده صحيح. حبيبة: هي بنت أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت ربية في بيت النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرجه مسلم (2880)، والترمذي (2332)، والنسائي في "الكبرى"(11249) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. ونقل الترمذي عن الحميدي عن سفيان أنه قال: حفظت من الزهري في هذا الحديث أربع نسوة: زينب بنت أبي سلمة عن حبية وهما ربيبتا النبي صلى الله عليه وسلم، عن أم حبيبة عن زينب بنت جحش زوجَي النبي صلى الله عليه وسلم.
قلنا: وقد روى بعض أصحاب ابن عيينة الحديث بإسقاط حبيبة من إسناده، هكذا أخرجه البخاري (7059) عن مالك بن إسماعيل، ومسلم (2880)(1) عن عمرو الناقد، كلاهما عن ابن عيينة، به. وقال الدارقطني- فيما نقله الحافظ ابن حجر في "الفتح" 13/ 12 - : أظنُّ سفيان كان تارة يذكرها، وتارة يُسقطها.
وأخرجه البخاري (3346) و (3598) و (7135)، ومسلم (2880)(2)، والنسائي (11270) من طرق عن الزهري، به - دون ذِكر حبيبة.
وهو في "مسند أحمد"(27413)، و"صحيح ابن حبان، (327) و (6831).
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 13/ 107: قوله: "ويل للعرب من شر قد اقترب" خص العرب بذلك، لأنهم كانوا حينئذ معظم من أسلم، والمراد بالشر ما وقع بعده من قتل عثمان، ثم توالت الفتن
…
والمراد بالردم: السد الذي بناه ذو القرنين.
وعَقْد العشرة: أن يجعل طرف السبابة اليمنى في باطن طيِّ عقدة الإبهام العليا.
وقوله: "إذا كثر الخبث" فسَّروه بالزنى وبأولاد الزنى وبالفسوق والفجور.
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "سَتَكُونُ فِتَنٌ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، إِلَّا مَنْ أَحْيَاهُ اللَّهُ بِالْعِلْمِ"(1).
3955 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَأَبِي، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ
عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْفِتْنَةِ؟ قَالَ حُذَيْفَةُ: فَقُلْتُ: أَنَا، قَالَ: إِنَّكَ لَجَرِيءٌ، قَالَ: كَيْفَ؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ". فَقَالَ عُمَرُ: لَيْسَ هَذَا أُرِيدُ، إِنَّمَا أُرِيدُ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ. فَقَالَ: مَا لَكَ وَلَهَا؟ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا. قَالَ: فَيُكْسَرُ الْبَابُ أَوْ يُفْتَحُ؟ قَالَ: لَا، بَلْ يُكْسَرُ. قَالَ: ذَاكَ أَجْدَرُ أَنْ لَا يُغْلَقَ.
(1) إسناده ضعيف جدًا، علي بن يزيد -وهو الألهاني- متفق على ضعفه منكر الحديث.
وأخرجه الدارمي (338)، والروياني في "مسنده"(1202) من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.
وفي الباب عن أبي هريرة رضي الله عنه رفعه: "بادروا بالأعمال فتنًا كقِطَع الليل المظلم، يُصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا، أو يمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرض من الدنيا" أخرجه مسلم (118)، والترمذي (2341) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
وعن أبي موسى الأشعري وسيرد عند المصنف برقم (3961).
وفي الحديث الحث على المبادرة إلى الأعمال الصالحة قبل تعذرها والاشتغال عنها بما يحدث من الفتن الشاغلة المتكاثرة المتراكمة كتراكم الليل المظلم لا المقمر.
قُلْنَا لِحُذَيْفَةَ: أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ مَنْ الْبَابُ؟ قَالَ: نَعَمْ، كَمَا يَعْلَمُ أَنَّ دُونَ غَدٍ اللَّيْلَةَ، إِنِّي حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالْأَغَالِيطِ. فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَهُ مَنْ الْبَابُ، فَقُلْنَا لِمَسْرُوقٍ: سَلْهُ. فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: عُمَرُ (1).
3956 -
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِيُّ وَوَكِيعٌ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ، قَالَ:
انْتَهَيْتُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَهُوَ جَالِسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: بَيْنَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ إِذْ نَزَلَ مَنْزِلًا، فَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُ خِبَاءَهُ، وَمِنَّا
(1) إسناده صحيح. شقيق: هو ابن سلمة أبو وائل.
وأخرجه البخاري (525) و (1895)، ومسلم بإثر الحديث (2892) / (26) و (27)، والترمذي (2408)، والنسائي في "الكبرى"(324) من طريق شقيق بن سلمة، به.
وأخرجه بنحوه مسلم (144) من طريق رِبعي بن حِراش، عن حذيفة.
وهو في "مسند أحمد"(23412)، و "صحيح ابن حبان"(5966).
وقوله: "في الفتنة" قال الحافظ: فيه دليل على جواز إطلاق اللفظ العام وإرادة الخاص، إذ تبين أنه لم يسأل إلا عن فتنة مخصوصة، ومعنى الفتنة في الأصل: الاختبار والامتحان، ثم استعملت في كل أمر يكشفه الامتحان عن سوء، وتطلق على الكفر والغلو في التأويل البعيد، وعلى الفضيحة والبلية والعذاب والقتال، والتحوّل من الحسن إلى القبيح، والميل إلى الشيء والإعجاب به، وتكون في الخير والشر.
وقال الزين بن المنير: الفتنةُ بالأهلِ تقعُ بالميل إليهِنَّ أو عليهِنَّ في القسمة والإيثار حتى في أولادهن، ومن جهة التفريطِ في الحقوقِ الواجبة لهُن، وبالمال يقع بالاشتغالِ به عن العبادة أو بحبسه عن إخراجِ حق الله، والفتنةُ بالأولاد تقع بالميلِ الطبيعي إلى الولد، وإيثارِه على كُل أحد، والفتنةُ بالجار تقع بالحسدِ والمفاخرة والمزاحمة في الحقوق وإهمالِ التعاهد.
مَنْ يَنْتَضِلُ، وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِي جَشَرِهِ، إِذْ نَادَى مُنَادِيهِ: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ. فَاجْتَمَعْنَا، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَخَطَبَنَا، فَقَالَ:"إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى مَا يَعْلَمُهُ خَيْرًا لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ مَا يَعْلَمُهُ شَرًّا لَهُمْ، وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ جُعِلَتْ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا، وَإِنَّ آخِرَهُمْ يُصِيبُهُمْ بَلَاءٌ، وَأُمُورٌ تنْكِرُونَهَا، ثُمَّ تَجِيءُ فِتَنٌ يُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ مُهْلِكَتِي، ثُمَّ تَنْكَشِفُ، ثُمَّ تَجِيءُ فِتْنَةٌ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ مُهْلِكَتِي، ثُمَّ تَنْكَشِفُ، فَمَنْ سَرَّهُ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنْ النَّارِ وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ، فَلْتُدْرِكْهُ مَوْتَتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يَأْتُوا إِلَيْهِ، وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَمِينِهِ، وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ، فَلْيُطِعْهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ، فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ".
قَالَ: فَأَدْخَلْتُ رَأْسِي مِنْ بَيْنِ النَّاسِ، فَقُلْت ُ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ! أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: فَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى أُذُنَيْهِ، فَقَالَ: سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ، وَوَعَاهُ قَلْبِي (1).
(1) إسناده صحيح. أبو كريب: هو محمَّد بن العلاء، وأبو معاوية: هو محمَّد ابن خازم.
وأخرجه مسلم (1844)(46)، وأبو داود (4248)، والنسائي 7/ 152 - 154 من طريق الأعمش، بهذا الإسناد - واقتصر أبو داود على قوله: "من بايع إمامًا
…
رقبة الآخر".
وأخرجه مسلم (1844)(47) من طريق عامر الشعبي، عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة، به.
وهو في "مسند أحمد"(6503)، و"صحيح ابن حبان"(5961). =