المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌33 - باب فتنة الدجال وخروج عيسى ابن مريم وخروج يأجوج ومأجوج - سنن ابن ماجه - ت الأرنؤوط - جـ ٥

[ابن ماجه]

فهرس الكتاب

- ‌أَبْوَابُ الدُّعَاءِ

- ‌1 - باب فضل الدعاء

- ‌2 - بَابُ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌3 - بَابُ مَا تَعَوَّذَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌4 - بَابُ الْجَوَامِعِ مِنْ الدُّعَاءِ

- ‌5 - بَابُ الدُّعَاءِ بِالْعَفْوِ وَالْعَافِيَةِ

- ‌6 - بَابٌ: إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ

- ‌7 - بَابٌ: يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ

- ‌8 - بَابٌ: لَا يَقُولُ الرَّجُلُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ

- ‌9 - بَابُ اسْمِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ

- ‌10 - بَابُ أَسْمَاءِ اللَّهِ عز وجل

- ‌11 - بَابُ دَعْوَةِ الْوَالِدِ وَدَعْوَةِ الْمَظْلُومِ

- ‌12 - بَابُ كَرَاهِيَةِ الِاعْتِدَاءِ فِي الدُّعَاءِ

- ‌13 - بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ

- ‌14 - بَابُ مَا يَدْعُو بِهِ الرَّجُلُ إِذَا أَصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى

- ‌15 - بَابُ مَا يَدْعُو بِهِ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ

- ‌16 - بَابُ مَا يَدْعُو بِهِ إِذَا انْتَبَهَ مِنْ اللَّيْلِ

- ‌17 - بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ الْكَرْبِ

- ‌18 - بَابُ مَا يَدْعُو بِهِ الرَّجُلُ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ

- ‌19 - بَابُ مَا يَدْعُو بِهِ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ

- ‌20 - بَابُ مَا يَدْعُو بِهِ الرَّجُلُ إِذَا سَافَرَ

- ‌21 - بَابُ مَا يَدْعُو بِهِ الرَّجُلُ إِذَا رَأَى السَّحَابَ وَالْمَطَرَ

- ‌22 - بَابُ مَا يَدْعُو بِهِ الرَّجُلُ إِذَا نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الْبَلَاءِ

- ‌أَبْوَابُ تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا

- ‌1 - بَاب: الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ، أَوْ تُرَى لَهُ

- ‌2 - بَابُ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَامِ

- ‌3 - بَابٌ: الرُّؤْيَا ثَلَاثٌ

- ‌4 - بَابُ مَنْ رَأَى رُؤْيَا يَكْرَهُهَا

- ‌5 - بَاب: مَنْ لَعِبَ بِهِ الشَّيْطَانُ فِي مَنَامِهِ فَلَا يُحَدِّثْ بِهِ النَّاسَ

- ‌6 - بَابُ الرُّؤْيَا إِذَا عُبِرَتْ وَقَعَتْ فَلَا يَقُصُّهَا إِلَّا عَلَى وَادٍّ

- ‌7 - بَابٌ: عَلَامَ تُعَبَّرُ بِهِ الرُّؤْيَا

- ‌8 - بَابٌ: مَنْ تَحَلَّمَ حُلُمًا كَاذِبًا

- ‌9 - بَابٌ: أَصْدَقُ النَّاسِ رُؤْيَا أَصْدَقُهُمْ حَدِيثًا

- ‌10 - بَابُ تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا

- ‌أَبْوَابُ الْفِتَنِ

- ‌1 - بَابُ الْكَفِّ عَمَّنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ

- ‌2 - بَابُ حُرْمَةِ دَمِ الْمُؤْمِنِ وَمَالِهِ

- ‌3 - بَابُ النَّهْيِ عَنْ النُّهْبَةِ

- ‌4 - بَابٌ: سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ

- ‌5 - بَاب لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ

- ‌6 - بَابٌ: الْمُسْلِمُونَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ عز وجل

- ‌7 - بَابُ الْعَصَبِيَّةِ

- ‌8 - بَابُ السَّوَادِ الْأَعْظَمِ

- ‌9 - بَابُ مَا يَكُونُ مِنْ الْفِتَنِ

- ‌10 - بَابُ التَّثَبُّتِ فِي الْفِتْنَةِ

- ‌11 - بَاب إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا

- ‌12 - بَابُ كَفِّ اللِّسَانِ فِي الْفِتْنَةِ

- ‌13 - بَابُ الْعُزْلَةِ

- ‌14 - بَابُ الْوُقُوفِ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ

- ‌15 - بَابٌ: بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا

- ‌16 - بَابُ مَنْ تُرْجَى لَهُ السَّلَامَةُ مِنْ الْفِتَنِ

- ‌17 - بَابُ افْتِرَاقِ الْأُمَمِ

- ‌18 - بَابُ فِتْنَةِ الْمَالِ

- ‌19 - بَابُ فِتْنَةِ النِّسَاءِ

- ‌20 - بَابُ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ

- ‌21 - بَابُ قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ}

- ‌22 - بَابُ الْعُقُوبَاتِ

- ‌23 - بَابُ الصَّبْرِ عَلَى الْبَلَاءِ

- ‌24 - بَابُ شِدَّةِ الزَّمَانِ

- ‌25 - بَابُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ

- ‌26 - بَابُ ذَهَابِ الْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ

- ‌27 - بَابُ ذَهَابِ الْأَمَانَةِ

- ‌28 - بَابُ الْآيَاتِ

- ‌29 - بَابُ الْخُسُوفِ

- ‌30 - بَابُ جَيْشِ الْبَيْدَاءِ

- ‌31 - بَابُ دَابَّةِ الْأَرْضِ

- ‌32 - بَابُ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا

- ‌33 - بَابُ فِتْنَةِ الدَّجَالِ وَخُرُوجِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَخُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ

- ‌34 - بَابُ خُرُوجِ الْمَهْدِيِّ

- ‌35 - بَابُ الْمَلَاحِمِ

- ‌36 - بَابُ التُّرْكِ

- ‌أَبْوَابُ الزُّهْدِ

- ‌1 - بَابُ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا

- ‌2 - بَابُ الْهَمِّ بِالدُّنْيَا

- ‌3 - بَابُ مَثَلِ الدُّنْيَا

- ‌4 - بَابُ مَنْ لَا يُؤْبَهُ لَهُ

- ‌5 - بَابُ فَضْلِ الْفُقَر

- ‌6 - بَابُ مَنْزِلَةِ الْفُقَرَاء ِ

- ‌7 - بَابُ مُجَالَسَةِ الْفُقَرَاءِ

- ‌8 - بَابٌ فِي الْمُكْثِرِينَ

- ‌9 - بَابُ الْقَنَاعَةِ

- ‌10 - بَابُ مَعِيشَةِ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم

- ‌11 - بَابُ ضِجَاعِ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم

- ‌12 - بَابُ مَعِيشَةِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌13 - بَابٌ: فِي الْبِنَاءِ وَالْخَرَابِ

- ‌14 - بَابُ التَّوَكُّلِ وَالْيَقِينِ

- ‌15 - بَابُ الْحِكْمَةِ

- ‌16 - بَابٌ: الْبَرَاءَةُ مِنْ الْكِبْرِ وَالتَّوَاضُعُ

- ‌17 - بَابُ الْحَيَاءِ

- ‌18 - بَابُ الْحِلْمِ

- ‌19 - بَابُ الْحُزْنِ وَالْبُكَاءِ

- ‌20 - بَابُ التَّوَقِّي عَلَى الْعَمَلِ

- ‌21 - بَابُ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ

- ‌22 - بَابُ الْحَسَدِ

- ‌23 - بَابُ الْبَغْيِ

- ‌24 - بَابُ الْوَرَعِ وَالتَّقْوَى

- ‌25 - بَابُ الثَّنَاءِ الْحَسَنِ

- ‌26 - بَابُ النِّيَّةِ

- ‌27 - بَابُ الْأَمَلِ وَالْأَجَلِ

- ‌28 - بَابُ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْعَمَلِ

- ‌29 - بَابُ ذِكْرِ الذنوب

- ‌30 - بَابُ ذِكْرِ التَّوْبَةِ

- ‌31 - بَابُ ذِكْرِ الْمَوْتِ وَالِاسْتِعْدَادِ لَهُ

- ‌32 - بَابُ ذِكْرِ الْقَبْرِ وَالْبِلَى

- ‌33 - بَابُ ذِكْرِ الْبَعْثِ

- ‌34 - بَابُ صِفَةِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم

- ‌35 - بَابُ مَا يُرْجَى مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

- ‌36 - بَابُ ذِكْرِ الْحَوْضِ

- ‌37 - بَابُ ذِكْرِ الشَّفَاعَةِ

- ‌38 - بَابُ صِفَةِ النَّارِ

- ‌39 - بَابُ صِفَةِ الْجَنَّةِ

الفصل: ‌33 - باب فتنة الدجال وخروج عيسى ابن مريم وخروج يأجوج ومأجوج

‌33 - بَابُ فِتْنَةِ الدَّجَالِ وَخُرُوجِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَخُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ

4071 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ

عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الدَّجَّالُ أَعْوَرُ عَيْن الْيُسْرَى، جُفَالُ الشَّعَرِ، مَعَهُ جَنَّةٌ وَنَارٌ، فَنَارُهُ جَنَّةٌ، وَجَنَّتُهُ نَارٌ"(1).

4072 -

حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالُوا: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ سُبَيْعٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ

= وأخرج الترمذي (3845) و (3846)، والنسائي في "الكبرى"(11114) من طريق عاصم بن أبي النجود، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وهو في "مسند أحمد"(18089) و (18093)، و"صحيح ابن حبان"(1321).

(1)

إسناده صحيح. شقيق: هو ابن سلمة أبو وائل، والأعمش: هو سليمان ابن مِهران، وأبو معاوية: هو محمَّد بن خازم الضرير.

وأخرجه مسلم (2934) من طريق أبي معاوية الضرير، بهذا الإسناد.

وهو في "مسند أحمد"(23250).

وأخرجه بنحوه البخاريُّ (3450) و (7130)، ومسلم (2934) من طريق ربعي ابن حراش، عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر البخاريُّ ولا مسلم في بعض طرقه صفةَ عين الدجال وشعره.

وهو في "مسند أحمد"(23279).

وأخرجه أبو داود بنحو لفظ البخاريُّ ومسلم (4315) من طريق ربعي لكن جعله من قول حذيفة موقوفًا، وفيه أن أبا مسعود البدري قال موافقًا له: هكذا سمعتُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول.

قوله: "جُفال الشعر" أي: كثيره.

ص: 188

عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَنَّ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ مِنْ أَرْضٍ بِالْمَشْرِقِ، يُقَالُ لَهَا: خُرَاسَانُ، يَتْبَعُهُ أَقْوَامٌ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ"(1).

4073 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ

عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: مَا سَأَلَ أَحَدٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الدَّجَّالِ أَكْثَرَ مِمَّا سَأَلْتُهُ -وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: أَشَدَّ سُؤَالًا مِنِّي- فَقَالَ لِي: مَا

(1) حديث حسن كما قال الترمذي رحمه الله، المغيرة بن سبيع روى عنه ثلاثة من الثقات وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال العجلي: تابعي ثقة، ووثقه الحافظ في "التقريب" فتعقبناه في "التحرير" فقلنا: أحسن أحواله أن يكون حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات. وقوله في هذا الحديث:"أن الدجال يخرج من أرض بالمشرق يقال لها: خراسان" يعارضه حديث النواس بن سِمعان الطويل عند مسلم (2937) وفيه: "إنه خارجٌ خَلَّةَ بين الشام والعراق". وخلَّة بفتح الخاء وتشديد اللام، قال ابن الأثير: طريقًا بين الشام والعراق.

تنبيه: قد سلف منا أن صحَّحنا هذا الحديث في غير ما موضع من تخريجاتنا فليُستدرك من هنا، والله الموفق.

وأخرجه الترمذي (2387) من طريق رَوح، بهذا الإسناد. وقال: حسن غريب، وقد رواه عبد الله بن شوذَب، عن أبي التياح، ولا نعرفه إلا من حديث أبي التياح. قلنا: أخرجه من طريق ابن شوذب: البزار (46) و (47)، وأبو بكر المروزي في "مسند أبي بكر"(58) و (59)، وغيرهما.

وهو في "مسند أحمد"(12) عن روح بن عُبادة.

قوله: "المجان المُطرقة" أي: التراس التي أُلبِست العَقَب شيئًا فوق شيء، أراد أنهم عِراض الوجوه غلاظها. قاله في "اللسان".

ص: 189

تَسْأَلُ عَنْهُ؟ " قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ مَعَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ، قَالَ: "هُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ" (1).

4074 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ

عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، قَالَتْ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ، وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، وَكَانَ لَا يَصْعَدُ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ إِلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ، فَمِنْ بَيْنِ قَائِمٍ وَجَالِسٍ، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ بِيَدِهِ أَنْ اقْعُدُوا: "فَإِنِّي وَاللَّهِ مَا قُمْتُ مَقَامِي [هَذَا] لِأَمْرٍ يَنْقُصُكُمْ (2) لِرَغْبَةٍ وَلَا لِرَهْبَةٍ، وَلَكِنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي خَبَرًا مَنَعَنِي الْقَيْلُولَةَ، مِنْ الْفَرَحِ وَقُرَّةِ الْعَيْنِ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَنْشُرَ عَلَيْكُمْ فَرَحَ نَبِيِّكُمْ، أَلَا إِنَّ

(1) إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (7122)، ومسلم (2152) و (2939) من طريق إسماعيل ابن أبي خالد، به.

وهو في "مسند أحمد"(18155)، و"صحيح ابن حبان"(6782).

قال ابن كثير في "النهاية" 1/ 147: وقد تمسك بهذا الحديث طائفة من العلماء كابن حزم والطحاوي وغيرهما في أن الدجال مُمخرِق مُموِّه، لا حقيقة لما يُبدي للناس من الأمور التي تشاهد في زمانه، بل كلها خيالات عند هؤلاء.

وقال الشيخ علي القاري في "شرح المشكاة" تعليقًا على قوله: "هو أهون على الله من ذلك": أي: هو أحقر من أن الله تعالى يحقق له ذلك، وإنما هو تخييل وتمويه للابتلاء.

وقال الشيخ أنور الكشميري في "فيض الباري" 4/ 19: واعلم أنه لا يكون مع الدجال إلا تخيلات ليس لها حقائق فلا يكون لها ثبات، وإنما يراه الناس في أعينهم فقط.

(2)

هكذا في أصولنا الخطية، وفي المطبوع: ينفعكم.

ص: 190

ابْنَ عَمٍّ لِتَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَخْبَرَنِي أَنَّ الرِّيحَ أَلْجَأَتْهُمْ إِلَى جَزِيرَةٍ لَا يَعْرِفُونَهَا، فَقَعَدُوا فِي قَوَارِبِ السَّفِينَةِ، فَخَرَجُوا فِيهَا، فَإِذَا هُمْ بِشَيْءٍ أَهْدَبَ، أَسْوَدَ كثير الشعر، قَالُوا لَهُ: مَا أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا الْجَسَّاسَةُ. قَالُوا: أَخْبِرِينَا، قَالَتْ: مَا أَنَا بِمُخْبِرَتِكُمْ شَيْئًا، وَلَا سَائِلَتِكُمْ، وَلَكِنْ هَذَا الدَّيْرُ قَدْ رَمَقْتُمُوهُ، فَأْتُوهُ، فَإِنَّ فِيهِ رَجُلًا بِالْأَشْوَاقِ إِلَى أَنْ تُخْبِرُوهُ وَيُخْبِرَكُمْ.

فَأَتَوْهُ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ، فَإِذَا هُمْ بِشَيْخٍ مُوثَقٍ، شَدِيدِ الْوَثَاقِ، يُظْهِرُ الْحُزْنَ، شَدِيدِ التَّشَكِّي، فَقَالَ لَهُمْ: مِنْ أَيْنَ؟ قَالُوا: مِنْ الشَّامِ، قَالَ: مَا فَعَلَتْ الْعَرَبُ؟ قَالُوا: نَحْنُ قَوْمٌ مِنْ الْعَرَبِ، عَمَّ تَسْأَلُ؟ قَالَ: مَا فَعَلَ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي خَرَجَ فِيكُمْ؟ قَالُوا: خَيْرًا، نَاوَأَ قَوْمًا، فَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، فَأَمْرُهُمْ الْيَوْمَ جَمِيعٌ: إِلَهُهُمْ وَاحِدٌ، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ، قَالَ: مَا فَعَلَتْ عَيْنُ زُغَرَ؟ قَالُوا: خَيْرًا، يَسْقُونَ مِنْهَا زُرُوعَهُمْ، وَيَسْتَقُونَ مِنْهَا لِسَقْيِهِمْ. قَالَ: فَمَا فَعَلَ نَخْلٌ بَيْنَ عَمَّانَ وبيسانَ؟ قَالُوا: يُطْعِمُ ثَمَرَهُ كُلَّ عَامٍ. قَالَ: فَمَا فَعَلَتْ بُحَيْرَةُ الطَّبَرِيَّةِ؟ قَالُوا: تَدَفَّقُ جَنَبَاتُهَا مِنْ كَثْرَةِ الْمَاءِ. قَالَ: فَزَفَرَ ثَلَاثَ زَفَرَاتٍ، ثُمَّ قَالَ: لَوْ انْفَلَتُّ مِنْ وَثَاقِي هَذَا، لَمْ أَدَعْ أَرْضًا إِلَّا وَطِئْتُهَا بِرِجْلَيَّ هَاتَيْنِ إِلَّا طَيْبَةَ، لَيْسَ لِي عَلَيْهَا سَبِيلٌ". قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"إِلَى هَذَا انْتَهِى فَرَحِي، هَذِهِ طَيْبَةُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا فِيهَا طَرِيقٌ ضَيِّقٌ وَلَا وَاسِعٌ، وَلَا سَهْلٌ وَلَا جَبَلٌ، إِلَّا وَعَلَيْهِ مَلَكٌ شَاهِرٌ سَيْفَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"(1).

(1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف مُجالد -وهو ابن سعيد الهمداني- وهو متابع. الشعبي: هو عامر بن شراحيل. =

ص: 191

4075 -

حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، حَدَّثَنِي أَبِي

أَنَّهُ سَمِعَ النَّوَّاسَ بْنَ سِمْعَانَ الْكِلَابِيَّ يَقُولُ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الدَّجَّالَ الْغَدَاةَ، فَخَفَّضَ فِيهِ وَرَفَّعَ، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ، فَلَمَّا رُحْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَرَفَ ذَلِكَ فِينَا، فَقَالَ:"مَا شَأْنُكُمْ؟ " فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ الْغَدَاةَ، فَخَفَّضْتَ فِيهِ ثُمَّ رَفَّعْتَ، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ. قَالَ:"غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي عَلَيْكُمْ: إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ، فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ، وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ، وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، إِنَّهُ شَابٌّ قَطَطٌ، عَيْنُهُ قَائِمَةٌ، كَأَنِّي أُشَبِّهُهُ بِعَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قَطَنٍ، فَمَنْ رَآهُ مِنْكُمْ فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ، إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ خَلَّةٍ بَيْنَ الْعِرَاقِ والشَّامِ، فَعَاثَ يَمِينًا وَعَاثَ شِمَالًا، يَا عِبَادَ اللَّهِ، اثْبُتُوا" قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا لُبْثُهُ فِي الْأَرْضِ؟ قَالَ: "أَرْبَعُونَ يَوْمًا، يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ،

= وأخرجه أبو داود (4327) من طريق إسماعيل بن أبي خالد، بهذا الإسناد. ولم يسُق لفظه.

وأخرجه بنحوه مسلم (2942)، وأبو داود (4326) من طريق عبد الله بن بُريدة، والترمذي (2403) من طريق قتادة بن دعامة، كلاهما عن عامر الشعبي، عن فاطمة. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب من حديث قتادة، عن الشعبي.

وقد رواه غير واحدِ عن الشعبي، عن فاطمة بنت قيس.

وهو في "مسند أحمد"(27101)، و"صحيح ابن حبان"(6787).

قوله: "أهدَب": أي: طويل أشفار العين النابت كثيرُها. قاله في "اللسان".

و"عين زُغَر"، بضم أوله وفتح ثانيه بعدها راء مهملة: اختلف فيها، فقيل: هي بالشام. زغر امرأة نُسبت إليسا هذه العين. قاله البكري في "معجم ما استعجم".

ص: 192

وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ" قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ، أتَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ؟ قَالَ:"فَاقْدُرُوا لَهُ قَدْرًا". قَالَ: قُلْنَا: فَمَا إِسْرَاعُهُ فِي الْأَرْضِ؟ قَالَ: كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ (1) الرِّيحُ".

قَالَ: فَيَأْتِي الْقَوْمَ فَيَدْعُوهُمْ فَيَسْتَجِيبُونَ لَهُ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ، فَيَأْمُرُ السَّمَاءَ أَنْ تُمْطِرَ فَتُمْطِرَ، وَيَأْمُرُ الْأَرْضَ أَنْ تُنْبِتَ فَتُنْبِتَ، وَتَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَارِحَتُهُمْ أَطْوَلَ مَا كَانَتْ ذُرًا، وَأَشبَعهُ ضُرُوعًا، وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ، ثُمَّ يَأْتِي الْقَوْمَ فَيَدْعُوهُمْ فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ، فَيَنْصَرِفُ عَنْهُمْ، فَيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ، مَا بِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ، ثُمَّ يَمُرَّ بِالْخَرِبَةِ فَيَقُولُ لَهَا: أَخْرِجِي كُنُوزَكِ، فَيَنْطَلِقُ، فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ ثُمَّ يَدْعُو رَجُلًا مُمْتَلِئًا شَبَابًا، فَيَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ ضَرْبَةً، فَيَقْطَعُهُ جِزْلَتَيْنِ، رَمْيَةَ الْغَرَضِ، ثُمَّ يَدْعُوهُ فَيُقْبِلُ يَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ يَضْحَكُ.

فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ مَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ، شَرْقِيَّ دِمَشْقَ، بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ، وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ، إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ، وَإِذَا رَفَعَ يَتحَدِرُ مِنْهُ جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ، وَلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ أن يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلَّا مَاتَ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرَفُهُ، فَيَنْطَلِقُ حَتَّى يُدْرِكَهُ عِنْدَ بَابِ لُدٍّ، فَيَقْتُلُهُ، ثُمَّ يَأْتِي نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى عليه السلام قَوْمًا قَدْ عَصَمَهُمْ اللَّهُ، فَيَمْسَحُ وُجُوهَهُمْ وَيُحَدِّثُهُمْ بِدَرَجَاتِهِمْ فِي الْجَنَّةِ، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: يَا عِيسَى، إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي، لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ، فأَحْرِزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ.

(1) في (ذ) و (م): اشتدَّ به.

ص: 193

وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَهُمْ كَمَا قَالَ اللَّهُ عز وجل:{مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} [الأنبياء: 96]، فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ عَلَى بُحَيْرَةِ الطَّبَرِيَّةِ، فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهَا، ثُمَّ يَمُرُّ آخِرُهُمْ فَيَقُولُونَ: لَقَدْ كَانَ فِي هَذَا مَاءٌ مَرَّةً.

وَيُحْصَرُ نَبِيُّ اللَّهِ عيسى وَأَصْحَابُهُ، حَتَّى يَكُونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لِأَحَدِهِمْ خَيْرًا مِنْ مِائَةِ دِينَارٍ لِأَحَدِكُمْ الْيَوْمَ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى اللَّهِ عز وجل، فَيُرْسِلُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ النَّغَفَ فِي رِقَابِهِمْ، فَيُصْبِحُونَ فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، وَيَهْبِطُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ فَلَا يَجِدُونَ مَوْضِعَ شِبْرٍ إِلَّا قَدْ مَلَأَهُ زَهَمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ وَدِمَاؤُهُمْ، فَيَرْغَبُونَ إِلَى اللَّهِ سبحانه، فَيُرْسِلُ عَلَيْهِمْ طَيْرًا كَأَعْنَاقِ الْبُخْتِ، فَتَحْمِلُهُمْ فَتَطْرَحُهُمْ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَطَرًا لَا يُكِنُّ مِنْهُ بَيْتُ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ، فَيَغْسِلُهُ حَتَّى يَتْرُكَهُ كَالزَّلَقَةِ ثُمَّ يُقَالُ لِلْأَرْضِ: أَنْبِتِي ثَمَرَتَكِ، وَرُدِّي بَرَكَتَكِ، فَيَوْمَئِذٍ تَأْكُلُ الْعِصَابَةُ مِنْ الرُّمَّانَةِ فَتُشْبِعُهُمْ، وَيَسْتَظِلُّونَ بِقِحْفِهَا، وَيُبَارِكُ اللَّهُ فِي الرِّسْلِ حَتَّى إِنَّ اللِّقْحَةَ مِنْ الْإِبِلِ تَكْفِي الْفِئَامَ مِنْ النَّاسِ، وَاللِّقْحَةَ مِنْ الْبَقَرِ (1) تَكْفِي الْقَبِيلَةَ، وَاللِّقْحَةَ مِنْ الْغَنَمِ تَكْفِي الْفَخِذَ، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ رِيحًا طَيِّبَةً، فَتَأْخُذُ تَحْتَ آبَاطِهِمْ، فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلَّ مُسْلِمٍ، وَيَبْقَى سَائِرُ النَّاسِ يَتَهَارَجُونَ كَمَا تَتَهَارَجُ الْحُمُرُ، فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ" (2).

(1) في (ذ) و (م): من العَنْز، وهو تحريف.

(2)

حديث صحيح. وهذا إسناد سقط منه يحيى بن جابر الطائي بين عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر، وبين عبد الرحمن بن جُبير، وقد رواه ابن منده في "الإيمان"(1027) من طريق هشام بن عمار فذكر يحيى بن جابر! =

ص: 194

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه مسلم (2937)، وأبو داود (4321)، والترمذي (2390)، والنسائي في "الكبرى"(7970) و (10717) من طريق الوليد بن مسلم الدمشقي، ومسلم (2937)، والترمذي (2390)، والنسائي (7970) و (10717) من طريق عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، كلاهما عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن يحيى بن جابر الطائي، عن عبد الله بن جبير بن نُفَير، عن أبيه، عن النواس. فزادا في الإسناد يحيى بن جابر الطائي. وقال الترمذي: غريب حسن صحيح.

وهو في "مسند أحمد"(17629).

قاله السندي: قوله: "فخفض فيه ورفع" المشهور تخفيف الفاء في "خفض ورفع"، وروي تشديدُها، واستعمل فيه كل فن من خفض ورفعِ، حتى ظنناه لغاية المبالغة في تقريبه أنه في طائفة من نخل المدينة. وقيل: أي: حقر أمره لأنه أعور، وأهون على الله، وأنه يضمحلُّ أمره وعِظمُه بجعل الخوارق بيده، أو خفض صوته بعد تعبه لكثرة التكلم فيه، ثم رفعه بعد الاستراحة ليبلغ كاملًا.

"وإن يخرج" كلمة (إن) شرطية، قاله قبل أن يوحَى إليه بوقته، ثم علم بوقته وأن عيسى يقتلُه، ويحتمل أنه أراد إعلام الناس بقرب خروجه.

"قطط" بفتحتين، أي: شديد جُعودة الشعر.

"قائمة" قال ابن منظور: هي العين التي ذهب بصرها، وحدقها صحيحة.

"فعاث " قال السندي: من العَيث، وهو أشد الفساد.

"يا عباد الله، اثبتوا" قال ابن العربي: هذا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم تثبيتًا للخلق، قال القرطبي: اثبتوا، أي: على الإسلام، يحذرهم من فتنته.

كما لبثُه" بفتح اللام وضمها، أي: ما مقدار لُبثه.

"سارحتُهم" ماشتهم.

"ذرأ" بضم الذال المعجمة، جمع ذُروة، وهي أعلى سنام البعير.

"فيردُّون" من الردُّ، أي: يكذبونه.

"كيعاسيب النحل " جمع يعسُوب، وهو أمير النحل، أي: تظهر له وتجتمع له كما تجتمع النحل على يعاسبيها. =

ص: 195

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

"جَزلتَين"، أي: قطعتَين.

"رمية الغَرض" بفتح غين معجمة وراء، وهو الهدف، قال في "النهاية": أراد أن بُعدَ ما بين القطعتين يكون بقدر رمية السهم إلى الهدف، وقيل: معناه وصفُ الضربة، أي: تصيبه إصابة رمية الغرض.

"يتهلل وجهه" يضحك ويظهر عليه أمارات السرور.

"بين مَهرودتَين" أي: بين حُلَّتين شبيهتين بالمصبوع بالهُرد، والهُرد بالضم عِرق معروف، وقيل: الثوب المهرود، الذي يُصبغ بالورس ثم بالزعفران.

"لُد": بضم اللام وتشديد الدال: مدينة تقع على مسافة عشرة أميال جنوبي شرق ياقا.

"لا يدان" أي: لا قوة ولا قُدرة.

{مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} بفتحتين، أي: مرتفع من الأرض.

{يَنْسِلُونَ} أي: يُسرعون.

"النغف" بفتحتين وغين معجمة آخره فاء: دود يكون في أنوف الإبل والغنم، واحدُه نَغَفَة.

"فرسى" كقتلى لفظًا ومعنى، جمع فَريس.

"زهمهم" أي: دَسَمُهم.

"لا يكنُّ" أي: لا يمنع من نزول الماء.

"كالزلَقة" روي بالفاء والقاف، قيل: هي المرآة، وقيل: مصانع الماء.

"بقِحفها" بالكسر، أي: بقشرها، وأصله ما فوق الدماغ مع الرأس.

"الرِّسل" بكسر الراء وسكون السين المهملة: اللبن.

"اللقحة" بفتح اللام وكسرها: الناقة القريبة العهد بالنتاج.

"الفئام" بالهمزة ككتاب، الجماعة الكثيرة.

"الفخد" هو دون البطن، والبطن دون القبيلة.

"يتهارجون" أي: يتسافَدون.

ص: 196

4076 -

حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ الطَّائِيِّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ

أَنَّهُ سَمِعَ النَّوَّاسَ بْنَ سِمعان يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "سَيُوقِدُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ قِسِيِّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَنُشَّابِهِمْ وَأَتْرِسَتِهِمْ، سَبْعَ سِنِينَ"(1).

4077 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَافِعٍ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ السَّيْبَانِيِّ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو

عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَانَ أَكْثَرُ خُطْبَتِهِ حَدِيثًا حَدَّثَنَاهُ عَنْ الدَّجَّالِ، وَحَذَّرَنَاهُ، فَكَانَ مِنْ قَوْلِهِ أَنْ قَالَ: "إِنَّهُ لَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ مُنْذُ ذَرَأَ اللَّهُ ذُرِّيَّةَ آدَمَ، أَعْظَمَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ، وَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيًّا إِلَّا حَذَّرَ أُمَّتَهُ الدَّجَّالَ، وَأَنَا آخِرُ الْأَنْبِيَاءِ، وَأَنْتُمْ آخِرُ الْأُمَمِ، وَهُوَ خَارِجٌ فِيكُمْ لَا مَحَالَةَ، وَإِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا بَيْنَ ظَهْرَانَيْكُمْ فَأَنَا حَجِيجٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وَإِنْ يَخْرُجْ مِنْ بَعْدِي فَكُلُّ امْرِئٍ حَجِيجُ نَفْسِهِ، وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ. وَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ خَلَّةٍ بَيْنَ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ، فَيَعِيثُ يَمِينًا وَيَعِيثُ شِمَالًا، يَا عِبَادَ اللَّهِ أيها الناس، فَاثْبُتُوا، فَإِنِّي سَأَصِفُهُ لَكُمْ صِفَةً لَمْ يَصِفْهَا إِيَّاهُ نَبِيٌّ قَبْلِي.

(1) حديث صحيح، هشام بن عمار متابع.

وأخرجه الترمذي ضمن الحديث الطويل السالف قبله (2390) من طريق الوليد ابن مسلم وعبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، بهذا الإسناد. وإسناده صحيح. وقال الترمذي: حديث غريب حسن صحيح.

ص: 197

إِنَّهُ يَبْدَأُ فَيَقُولُ: أَنَا نَبِيٌّ؛ وَلَا نَبِيَّ بَعْدِي، ثُمَّ يُثَنِّي فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ؛ وَلَا تَرَوْنَ رَبَّكُمْ حَتَّى تَمُوتُوا، وَإِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَإِنَّهُ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ: كَافِرٌ، يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ، كَاتِبٍ أَوْ غَيْرِ كَاتِبٍ، وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنَّ مَعَهُ جَنَّةً وَنَارًا، فَنَارُهُ جَنَّةٌ، وَجَنَّتُهُ نَارٌ، فَمَنْ ابْتُلِيَ بِنَارِهِ فَلْيَسْتَغِثْ بِاللَّهِ وَلْيَقْرَأْ فَوَاتِحَ الْكَهْفِ، فَتَكُونَ عَلَيْهِ بَرْدًا وَسَلَامًا، كَمَا كَانَتْ النَّارُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ.

وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يَقُولَ لِأَعْرَابِيٍّ: أَرَأَيْتَ إِنْ بَعَثْتُ لَكَ أَبَاكَ وَأُمَّكَ، أَتَشْهَدُ أَنِّي رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَتَمَثَّلُ لَهُ شَيْطَانَانِ فِي صُورَةِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، فَيَقُولَانِ: يَا بُنَيَّ، اتَّبِعْهُ فَإِنَّهُ رَبُّكَ. وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يُسَلَّطَ عَلَى نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، فَيَقْتُلَهَا، وَيَنْشُرَهَا بِالْمِنْشَارِ، حَتَّى يُلْقَى شِقَّتَيْنِ، ثُمَّ يَقُولَ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي هَذَا، فَإِنِّي أَبْعَثُهُ الْآنَ، ثُمَّ يَزْعُمُ أَنَّ لَهُ رَبًّا غَيْرِي، فَيَبْعَثُهُ اللَّهُ، وَيَقُولُ لَهُ الْخَبِيثُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ، وَأَنْتَ عَدُوُّ اللَّهِ، أَنْتَ الدَّجَّالُ، وَاللَّهِ مَا كُنْتُ بَعْدُ أَشَدَّ بَصِيرَةً بِكَ مِنِّي الْيَوْمَ.

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الطَّنَافِسِيُّ: فَحَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ ابْنُ الْوَلِيدِ الْوَصَّافِيُّ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ذَلِكَ الرَّجُلُ أَرْفَعُ أُمَّتِي دَرَجَةً فِي الْجَنَّةِ".

قَالَ: قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَاللَّهِ مَا كُنَّا نُرَى ذَلِكَ الرَّجُلَ إِلَّا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ.

قَالَ الْمُحَارِبِيُّ: ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: "وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يَأْمُرَ السَّمَاءَ أَنْ تُمْطِرَ فَتُمْطِرَ، وَيَأْمُرَ الْأَرْضَ أَنْ تُنْبِتَ فَتُنْبِتَ،

ص: 198

وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يَمُرَّ بِالْحَيِّ فَيُكَذِّبُونَهُ، فَلَا تَبْقَى لَهُمْ سَائِمَةٌ إِلَّا هَلَكَتْ، وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يَمُرَّ بِالْحَيِّ فَيُصَدِّقُونَهُ، فَيَأْمُرَ السَّمَاءَ أَنْ تُمْطِرَ فَتُمْطِرَ، وَيَأْمُرَ الْأَرْضَ أَنْ تُنْبِتَ فَتُنْبِتَ، حَتَّى تَرُوحَ مَوَاشِيهِمْ مِنْ يَوْمِهِمْ ذَلِكَ أَسْمَنَ مَا كَانَتْ وَأَعْظَمَهُ، وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ وَأَدَرَّهُ ضُرُوعًا، وَإِنَّهُ لَا يَبْقَى شَيْءٌ مِنْ الْأَرْضِ إِلَّا وَطِئَهُ وَظَهَرَ عَلَيْهِ، إِلَّا مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ، لَا يَأْتِيهِمَا مِنْ نَقْبٍ مِنْ نِقَابِهِمَا إِلَّا لَقِيَتْهُ الْمَلَائِكَةُ بِالسُّيُوفِ صَلْتَةً، حَتَّى يَنْزِلَ عِنْدَ الظُّرَيْبِ الْأَحْمَرِ، عِنْدَ مُنْقَطَعِ السَّبَخَةِ، فَتَرْجُفُ الْمَدِينَةُ بِأَهْلِهَا ثَلَاثَ رَجَفَاتٍ، فَلَا يَبْقَى مُنَافِقٌ وَلَا مُنَافِقَةٌ إِلَّا خَرَجَ إِلَيْهِ، فَتَنْفِي الْخَبَثَ مِنْهَا كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ، وَيُدْعَى ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ الْخَلَاصِ".

فَقَالَتْ أُمُّ شَرِيكٍ بِنْتُ أَبِي الْعُكَرِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَيْنَ الْعَرَبُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: "هُمْ يَوْمَئِذٍ قَلِيلٌ، وَجُلُّهُمْ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَإِمَامُهُمْ رَجُلٌ صَالِحٌ، فَبَيْنَمَا إِمَامُهُمْ قَدْ تَقَدَّمَ يُصَلِّي بِهِمْ الصُّبْحَ، إِذْ نَزَلَ عَلَيْهِمْ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام الصُّبْحَ، فَرَجَعَ ذَلِكَ الْإِمَامُ يَنْكُصُ يَمْشِي الْقَهْقَرَي، لِيَتَقَدَّمَ عِيسَى عليه السلام يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَيَضَعُ عِيسَى عليه السلام يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: تَقَدَّمْ فَصَلِّ، فَإِنَّهَا لَكَ أُقِيمَتْ، فَيُصَلِّي بِهِمْ إِمَامُهُمْ، فَإِذَا انْصَرَفَ، قَالَ عِيسَى عليه السلام: افْتَحُوا الْبَابَ، فَيُفْتَحُ، وَوَرَاءَهُ الدَّجَّالُ، مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ يَهُودِيٍّ، كُلُّهُمْ ذُو سَيْفٍ مُحَلًّى وَسَاجٍ، فَإِذَا نَظَرَ إِلَيْهِ الدَّجَّالُ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ، وَيَنْطَلِقُ هَارِبًا، وَيَقُولُ عِيسَى عليه السلام: إِنَّ لِي فِيكَ ضَرْبَةً لَنْ تَسْبِقَنِي بِهَا، فَيُدْرِكُهُ عِنْدَ بَابِ اللُّدِّ

ص: 199

الشَّرْقِيِّ فَيَقْتُلُهُ، فَيَهْزِمُ اللَّهُ الْيَهُودَ، فَلَا يَبْقَى شَيْءٌ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ يَتَوَارَى بِهِ يَهُودِيٌّ إِلَّا أَنْطَقَ اللَّهُ ذَلِكَ الشَّيْءَ، لَا حَجَرَ وَلَا شَجَرَ وَلَا حَائِطَ وَلَا دَابَّةَ- إِلَّا الْغَرْقَدَةَ، فَإِنَّهَا مِنْ شَجَرِهِمْ، لَا تَنْطِقُ- إِلَّا قَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ الْمُسْلِمَ، هَذَا يَهُودِيٌّ فَتَعَالَ اقْتُلْهُ".

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "وَإِنَّ أَيَّامَهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً، السَّنَةُ كَنِصْفِ السَّنَةِ، وَالسَّنَةُ كَالشَّهْرِ، وَالشَّهْرُ كَالْجُمُعَةِ، وَآخِرُ أَيَّامِهِ كَالشَّرَرَةِ، يُصْبِحُ أَحَدُكُمْ عَلَى بَابِ الْمَدِينَةِ، فَلَا يَبْلُغُ بَابَهَا الْآخَرَ حَتَّى يُمْسِيَ" فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ نُصَلِّي فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ الْقِصَارِ؟ قَالَ:"تَقْدُرُونَ فِيهَا الصَّلَاةَ، كَمَا تَقْدُرُونَهَا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الطِّوَالِ، ثُمَّ صَلُّوا" قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "فَيَكُونُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام فِي أُمَّتِي حَكَمًا عَدْلًا، وَإِمَامًا مُقْسِطًا، يَدُقُّ الصَّلِيبَ، وَيَذْبَحُ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ، وَيَتْرُكُ الصَّدَقَةَ، فَلَا يُسْعَى عَلَى شَاةٍ وَلَا بَعِيرٍ، وَتُرْفَعُ الشَّحْنَاءُ وَالتَّبَاغُضُ، وَتُنْزَعُ حُمَةُ كُلِّ ذَاتِ حُمَةٍ، حَتَّى يُدْخِلَ الْوَلِيدُ يَدَهُ فِي فِي الْحَيَّةِ فَلَا تَضُرَّهُ، وَتُفِرَّ الْوَلِيدَةُ الْأَسَدَ فَلَا يَضُرُّهَا، وَيَكُونَ الذِّئْبُ فِي الْغَنَمِ كَأَنَّهُ كَلْبُهَا، وَتُمْلَأُ الْأَرْضُ مِنْ السِّلْمِ كَمَا يُمْلَأُ الْإِنَاءُ مِنْ الْمَاءِ، وَتَكُونُ الْكَلِمَةُ وَاحِدَةً، فَلَا يُعْبَدُ إِلَّا اللَّهُ، وَتَضَعُ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا، وَتُسْلَبُ قُرَيْشٌ مُلْكَهَا، وَتَكُونُ الْأَرْضُ كَفَاثُورِ الْفِضَّةِ، تُنْبِتُ نَبَاتَهَا بِعَهْدِ آدَمَ، حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّفَرُ عَلَى الْقِطْفِ مِنْ الْعِنَبِ فَيُشْبِعَهُمْ، وَيَجْتَمِعَ النَّفَرُ عَلَى الرُّمَّانَةِ فَتُشْبِعَهُمْ، وَيَكُونَ الثَّوْرُ بِكَذَا وَكَذَا مِنْ الْمَالِ، وَتَكُونَ الْفَرَسُ بِالدُّرَيْهِمَاتِ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا يُرْخِصُ الْفَرَسَ؟ قَالَ: "لَا تُرْكَبُ لِحَرْبٍ

ص: 200

أَبَدًا. قِيلَ لَهُ: فَمَا يُغْلِي الثَّوْرَ؟ قَالَ: تُحْرَثُ الْأَرْضُ كُلُّهَا، وَإِنَّ قَبْلَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ شِدَادٍ، يُصِيبُ النَّاسَ فِيهَا جُوعٌ شَدِيدٌ، يَأْمُرُ اللَّهُ السَّمَاءَ السَّنَةِ الْأُولَى أَنْ تَحْبِسَ ثُلُثَ مَطَرِهَا، وَيَأْمُرُ الْأَرْضَ فَتَحْبِسُ ثُلُثَ نَبَاتِهَا، ثُمَّ يَأْمُرُ السَّمَاءَ فِي الثَّانِيَةِ فَتَحْبِسُ ثُلُثَيْ مَطَرِهَا، وَيَأْمُرُ الْأَرْضَ فَتَحْبِسُ ثُلُثَيْ نَبَاتِهَا، ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ السَّمَاءَ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ فَتَحْبِسُ مَطَرَهَا كُلَّهُ، فَلَا تُقْطِرُ قَطْرَةً، وَيَأْمُرُ الْأَرْضَ، فَتَحْبِسُ نَبَاتَهَا كُلَّهُ فَلَا تُنْبِتُ خَضْرَاءَ، فَلَا تَبْقَى ذَاتُ ظِلْفٍ إِلَّا هَلَكَتْ، إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ عز وجل". قِيلَ: فَمَا يُعِيشُ النَّاسُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ؟ قَالَ: "التَّهْلِيلُ وَالتَّكْبِيرُ وَالتَّسْبِيحُ وَالتَّحْمِيدُ، وَيُجْزي ذَلِكَ عَنهِمْ مجْزأة الطَّعَامِ"(1).

(1) إسناده ضعيف لانقطاعه فإن السَّيباني لم يسمع من أبي أمامة، بينهما في الإسناد عمرو بن عبد الله السَّيباني الحضرمي كلما رواه ضمرة بن ربيعة وعطاء الخراساني كلما سيأتي، وهو الذي صوبَه المزي في "التهذيب" في ترجمة زرعة السيباني، وابن حجر في "النكت الظراف" 4/ 175. وإسماعيل بن رافع ضعيف الحديث، ولعل الوهم منه. وقال ابن كثير في "تفسيره" 2/ 413: هذا حديث غريب جدًا من هذا الوجه، ولبعضه شواهد من أحاديث أُخر.

وأخرجه أبو نعيم الأصبهاني كلما في "النكت الظراف" لابن حجر 4/ 175 عن أبي الشيخ الأصبهاني، عن عبد الرحمن بن مسلم، عن سهل بن عثمان، عن عبد الرحمن ابن محمَّد المحاربي، عن أبي رافع إسماعيل بن رافع، عن أبي زرعة يحيى بن أبي عمرو السَّيباني، عن عمرو بن عبد الله، عن أبي أمامة. على الصواب.

وأخرجه مطولًا ومختصرًا أبو داود (4322)، وابن أبي عاصم في "السنة"(429)، وفي "الآحاد والمثاني"(1249)، ونعيم بن حماد في "الفتن" مقطعًا (1446) و (1491) و (1516) و (1554) و (1562) و (1572) و (1589)، والروياني في "مسنده"(1239)، وابن خزيمة في "التوحيد" ص 121، والطبراني في "الكبير"(7645) من =

ص: 201

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= طريق ضمرة بن ربيعة، والطبراني في "الكبير"(7644)، وفي "الشاميين"(861) من طريق عطاء الخُراساني، وابن أبي حاتم كما في "شرح أصول الاعتقاد"(850) و (851) من طريق محمَّد بن شعيب بن شابور. ثلاثهم عن أبي زرعة يحيى بن عمرو السَّيباني، عن عمرو بن عبد الله الحضرمي، عن أبي أمامة. وهذا إسناد ضعيف أيضًا لجهالة عمرو بن عبد الله الحضرمي.

ولقوله: "إن الله لم يبعث نبيًا إلا حذر أمته الدجال" شاهد من حديث ابن عمر عند البخاري (3057) و (6175)، ومسلم (2931).

وقوله: "وإن يخرج وأنا بين ظهرانيكم فأنا حجيج لكل مسلم، وإن يخرج من بعدي فكل امرىء حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم

إلى قوله: وإن ربكم ليس بأعورا" له شاهد من حديث النواس بن سمعان السالف برقم (4075)، وهو في "صحيح مسلم" (2937).

وقوله: "مكتوب بين عينيه: كافر، يقرؤه كل مؤمن كاتب أو غير كاتب" له شاهد من حديث أنس بن مالك عند البخاري (7131)، ومسلم (2933).

وآخر من حديث رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عند مسلم بإثر الحديث (2931).

وقوله: "وإن من فتنته أن معه جنة ونارًا

إلى قوله: على إبراهيم" له شاهد من حديث حذيفة بن اليمان وأبي مسعود البدري عند البخاري (3450) و (7130)، ومسلم (2934) و (2935).

وآخر من حديث أبي هريرة عند مسلم (2936).

ولقراءة فواتح سورة الكهف انظر حديث النواس بن سمعان السالف برقم (4075) وهو في "مسلم"(2937).

وقصة قتله الرجل وشقه شقين ثم بعثه لها شاهد من حديث أبي سعيد الخدري عند البخاري (1882)، ومسلم (2938).

وقوله: "ذلك أرفع أمتي درجة في الجنة" روي من طريق أبي الوداك، عن أبي سعيد الخدري عند مسلم (2938) بلفظ:"هذا أعظم الناس شهادة عند رب العالمين".

ولأمره السماء أن تُمطر والأرض أن تُنبت إلى قوله: "وأدرَّه ضروعًا" له شاهد من حديث النواس بن سمعان السالف برقم (4075)، وهو في "صحيح مسلم"(2937). =

ص: 202

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ولحراسة مكة والمدينة منه له شاهد من حديث فاطمة بنت قيس عند مسلم (2942).

وآخر من حديث أنس عند البخاري (1881)، ومسلم (2943).

وشواهد أخرى من أحاديث أبي هريرة وأبي بكرة، وأبي سعيد الخدري عند البخاري (1879) و (1880) و (1882)، ومسلم (1379) و (2938).

وسؤال أم شريك ورد من حديث جابر عند مسلم (2945).

ولاقتداء عيسى بالإمام الذي هو من أمة محمَّد شاهد من حديث أبي هريرة عند البخاري (3449)، ومسلم (155)(244).

ولذكر عَدد أتباع الدجال من اليهود، شاهد من حديث أنس عند مسلم (2944).

ولهرب الدجال من عيسى ولحاق عيسى له وقتله، شاهد من حديث أبي هريرة عند مسلم (2897).

ولقتل الدجال عند باب اللُّد، شاهد من حديث النواس بن سمعان السالف برقم (4075)، وهو في "صحيح مسلم"(2937).

وآخر من حديث مجمع بن جارية عند الترمذي (2394)، وقال: حديث صحيح.

ولقوله: "فيهزم الله اليهود

إلى قوله: فتعال فاقتله" شاهد من حديث عبد الله ابن عمر عند البخاري (2925)، ومسلم (2921).

وآخر من حديث أبي هريرة عند البخاري (2926)، ومسلم (2922).

وأما أيامُ مكث الدجال، فقد وقع فيها في هذه الرواية تخليط، وأصح منه ما جاء في حديث النواس بن سمعان السالف عند المصنف برقم (4075) ولفظه: لا أربعون يومًا، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم"، قالوا: فذاك اليوم الذي كسنة، تكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: "فاقدروا له قدره".

ولقوله: "فيكون عيسى ابن مريم في أمتي حكمًا

إلى قوله: وتضع الحرب أوزارها" شاهد من حديث أبي هريرة عند البخاري (2222)، ومسلم (155)، وأبي داود (4324)، وأحمد (9270)، وابن حبان (6814) و (6821)، وسيأتي عند المصنف بعده.=

ص: 203

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ولأكل النفر من الرمانة الواحدة تكفيهم، شاهد من حديث النواس السالف برقم (4075)، وهو في "صحيح مسلم"(2937).

وقد سلف شرح بعض غريب هذا الحديث عند حديث النواس بن سمعان السالف عند المصنف برقم (4075).

قوله: "الظُّرَيب الأحمر" الظريب تصغير ظَرِب، ويجمع على ظِراب، وهي الجبال الصغار، فالظُّريب الجبل الصغير قاله في "النهاية".

و"الكير": جهاز من جلد أو نحوه، يستخدمه الحداد وغيره لنفخ في النار لإشعالها. قاله في "الوسيط".

و"القهقرى": هو المشي إلى خلف من غير أن يُعيد وجهه إلى جهة مشيه. قاله في "النهاية".

و"ساج": هو الطَّيلسان الأخضر، قاله في "النهاية"، وقال في "الوسيط": الطالِسَان ضرب من الأوشحة يُلبَس على الكتف، أو يُحيط بالبدَن، خالٍ عن التفصيل والخياطة، أو هو ما يُعرف في العامية المصرية بالشال، فارسي معرب.

قوله: "يذوب كما يذوب الملح في الماء" قال ابن العربي: إما أن تكون صفة قتله أضيفت إلى عيسى، لأنها عند لقائه، وإما أن يدركه في تلك الحال فيقتله هناك قتلًا، يعني عند باب اللد. نقله عنه المناوي في "فيض القدير".

وقوله: "لن تسبقني بها" أي: تَفُوتني، ومنه قوله تعالى:{وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ} [الأنفال: 59].

و"يضع الجزية" قال النووي: الصواب في معناه: أنه لا يقبلُها، ولا يقبل من الكفار إلا الإسلام، ومن بذل منهم الجزية لم يكف عنه بها، بل لا يقبل إلا الإسلام أو القتل. وعزاه للخطابي وغيره.

قوله: "حُمة" بالتخفيف: السُّمُ، وقد يُشدَّد، ويطلق على إبرة العقرب للمجاورة، لأن السُّم منها يخرج. قاله في "النهاية".

و"فاثور الفضة" الفاثور: الخِوان، وقيل: هو طستٌ أو جامٌ من فضة. قاله في "النهاية".

ص: 204

[قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ]: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الطَّنَافِسِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِيَّ يَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يُدْفَعَ هَذَا الْحَدِيثُ إِلَى الْمُؤَدِّبِ، حَتَّى يُعَلِّمَهُ الصِّبْيَانَ فِي الْكُتَّابِ.

4078 -

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام حَكَمًا مُقْسِطًا، وَإِمَامًا عَدْلًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ"(1).

4079 -

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "تُفْتَحُ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ فَيَخْرُجُونَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} [الأنبياء: 96] فَيَعُمُّونَ الْأَرْضَ، وَيَنْحَازُ مِنْهُمْ الْمُسْلِمُونَ، حَتَّى تَصِيرَ بَقِيَّةُ الْمُسْلِمِينَ فِي مَدَائِنِهِمْ وَحُصُونِهِمْ، وَيَضُمُّونَ إِلَيْهِمْ مَوَاشِيَهُمْ، حَتَّى إنَّهُمْ لَيَمُرُّونَ بِالنَّهَرِ فَيَشْرَبُونَهُ حَتَّى مَا يَذَرُونَ فِيهِ

(1) إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (2222)، ومسلم (155)، والترمذي (2383) من طريق ابن شهاب الزهري، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأخرجه مسلم (155) من طريق عطاء بن ميناء، وأبو داود (4324) من طريق عبد الرحمن بن آدم، كلاهما عن أبي هريرة.

وهو في "مسند أحمد"(7269)، و "صحيح ابن حبان"(6814) و (6818).

ص: 205

شَيْئًا، فَيَمُرُّ آخِرُهُمْ عَلَى أَثَرِهِمْ، فَيَقُولُ قَائِلُهُمْ: لَقَدْ كَانَ بِهَذَا الْمَكَانِ مَرَّةً مَاءٌ. وَيَظْهَرُونَ عَلَى الْأَرْضِ، فَيَقُولُ قَائِلُهُمْ: هَؤُلَاءِ أَهْلُ الْأَرْضِ قَدْ فَرَغْنَا مِنْهُمْ، وَلَنُنَازِلَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَهُزُّ حَرْبَتَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَتَرْجِعُ مُخَضَّبَةً بِالدَّمِ، فَيَقُولُونَ: قَدْ قَتَلْنَا أَهْلَ السَّمَاءِ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ دَوَابَّ كَنَغَفِ الْجَرَادِ، فَتَأْخُذُ بِأَعْنَاقِهِمْ فَيَمُوتُونَ مَوْتَ الْجَرَادِ، يَرْكَبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَيُصْبِحُ الْمُسْلِمُونَ لَا يَسْمَعُونَ لَهُمْ حِسًّا، فَيَقُولُونَ: مَنْ رَجُلٌ يَشْرِي نَفْسَهُ، وَيَنْظُرُ مَا فَعَلُوا؟ فَيَنْزِلُ مِنْهُمْ رَجُلٌ قَدْ وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى أَنْ يَقْتُلُوهُ، فَيَجِدُهُمْ مَوْتَى، فَيُنَادِيهِمْ: أَلَا أَبْشِرُوا فَقَدْ هَلَكَ عَدُوُّكُمْ، فَيَخْرُجُ النَّاسُ وَيَخْلُونَ سَبِيلَ مَوَاشِيهِمْ، فَمَا يَكُونُ لَهُمْ رَعْيٌ إِلَّا لُحُومُهُمْ، فَتَشْكَرُ عَلَيْهَا كَأَحْسَنِ مَا شَكِرَتْ مِنْ نَبَاتٍ أَصَابَتْهُ قَطُّ" (1).

(1) إسناده حسن من أجل محمَّد بن إسحاق. وقد صرَّح بالسماع فانتفت شبهة تدليسه.

وأخرجه أبو يعلى (1144) و (1351)، والطبري في "تفسيره" 16/ 21 و 17/ 90، والحاكم 2/ 245، و 4/ 489 - 490 من طريق محمَّد بن إسحاق، بهذا الإسناد.

وهو في "مسند أحمد"(11731)، و"صحيح ابن حبان"(6830).

قوله: "كَنغَفِ الجراد" النغف: دود يكون في أنوف الإبل والغنم، واحدها نَغَفة.

قوله: "حسَّا" الحِسُّ والحَسِيس: الصوت الخفي. قاله في "اللسان".

و"وطن نفسَه" قال ابن منظور: وطن نفسه على الشيء وله فتوطنَتْ، حملها عليه فتحمّلت وذلت له.

"فتَشْكَر" قال ابن قتيبة: أي تمتلِئ منه قيل: شَكِرَتْ الشاةُ تَشْكَر شَكَرًا: إذا امتلأ ضَرعُها لبنًا، وشاةٌ شَكرى.

ص: 206

4080 -

حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو رَافِعٍ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ يَحْفِرُونَ كُلَّ يَوْمٍ، حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ، قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمْ: ارْجِعُوا فَسَنَحْفِرُهُ غَدًا، فَيُعِيدُهُ اللَّهُ أَشَدَّ مَا كَانَ، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ مُدَّتُهُمْ، وَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَهُمْ عَلَى النَّاسِ، حَفَرُوا، حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ، قَالَ: ارْجِعُوا، فَسَتَحْفِرُونَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (1)، وَاسْتَثْنَوْا، فَيَعُودُونَ إِلَيْهِ، وَهُوَ كَهَيْئَتِهِ حِينَ تَرَكُوهُ، فَيَحْفِرُونَهُ وَيَخْرُجُونَ عَلَى النَّاسِ، فَيُنْشِفُونَ الْمَاءَ، وَيَتَحَصَّنُ النَّاسُ مِنْهُمْ فِي حُصُونِهِمْ، فَيَرْمُونَ بِسِهَامِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ، فَتَرْجِعُ عَلَيْهَا الدَّمُ الَّذِي اجْفَظ، فَيَقُولُونَ: قَهَرْنَا أَهْلَ الْأَرْضِ، وَعَلَوْنَا أَهْلَ السَّمَاءِ، فَيَبْعَثُ اللَّهُ نَغَفًا فِي أَقْفَائِهِمْ فَيَقْتُلُهُمْ بِهَا".

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ دَوَابَّ الْأَرْضِ لَتَسْمَنُ وَتَشْكَرُ شَكَرًا مِنْ لُحُومِهِمْ"(2).

(1) زاد في المطبوع: قال الذي عليهم: ارجعوا، فستحفرونه غدًا إن شاء الله تعالى.

(2)

إسناده إلى أبي هريرة صحيح، وفي رفعه نكارة كما أفاده الحافظ ابن كثير في "تفسيره" 5/ 194 فقال: إسناد جيد قوي، ولكن في رفعه نكارة، لأن ظاهر الآية أي قوله تعالى:{فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا} [الكهف: 97] يقتضي أنهم لم يتمكنوا من ارتقائه ولا من نَقْبه، لإحكام بنائه وصلابته وشدته، ولكن هذا قد روي عن كعب الأحبار: أنهم قبل خروجهم ياتونه فيلحسونه حتى لا يبقى منه إلا القليل، فيقولون كذلك، ويصبحون وهو كما كان فيلحسونه ويقولون: =

ص: 207

4081 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، حَدَّثَنِي جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ، عَنْ مُؤْثِرِ بْنِ عَفَازَةَ

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لَقِيَ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى، فَتَذَاكَرُوا السَّاعَةَ، فَبَدَءوا بِإِبْرَاهِيمَ فَسَأَلُوهُ عَنْهَا، فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْهَا عِلْمٌ، ثُمَّ سَأَلُوا مُوسَى فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْهَا عِلْمٌ، فَرُدَّ الْحَدِيثُ إِلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، فَقَالَ: قَدْ عُهِدَ إِلَيَّ فِيمَا دُونَ وَجْبَتِهَا، فَأَمَّا وَجْبَتُهَا فَلَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ، فَذَكَرَ خُرُوجَ الدَّجَّالِ، قَالَ: فَأَنْزِلُ فَأَقْتُلُهُ فَيَرْجِعُ النَّاسُ إِلَى بِلَادِهِمْ، فَيَسْتَقْبِلُهُمْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، فَلَا يَمُرُّونَ بِمَاءٍ إِلَّا شَرِبُوهُ، وَلَا بِشَيْءٍ إِلَّا أَفْسَدُوهُ، فَيَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ، فَأَدْعُو اللَّهَ أَنْ يُمِيتَهُمْ، فَتَنْتُنُ الْأَرْضُ مِنْ رِيحِهِمْ، فَيَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ، فَأَدْعُو اللَّهَ، فَيُرْسِلُ السَّمَاءَ بِالْمَاءِ، فَيَحْمِلُهُمْ فَيُلْقِيهِمْ فِي الْبَحْرِ، ثُمَّ تُنْسَفُ الْجِبَالُ وَتُمَدُّ الْأَرْضُ مَدَّ الْأَدِيمِ، فَعُهِدَ إِلَيَّ: مَتَى كَانَ ذَلِكَ، كَانَتْ السَّاعَةُ مِنْ النَّاسِ كَالْحَامِلِ الَّتِي لَا يَدْرِي أَهْلُهَا مَتَى تَفْجَؤُهُمْ بِوِلَادَتِهَا (1).

= غدًا نفتحه، ويُلهَمون أن يقولوا: إن شاء الله، فيصبحون وهو كما فارقوه، فيقحونه. وهذا متجه، ولعل أبا هريرة تلقاه من كعب، فإنه كثيرًا ما كان يجالسه ويحدثه، فيحدث به أبو هريرة عنه فيتوهم بعض الرواة عنه أنه مرفوع، فيرفعه، والله أعلم.

سعيد: هو ابن أبي عروبة، وعبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى.

وأخرجه الترمذي (3419) من طريق أبي عوانة الوضاح اليشكري، عن قتادة، به. وقال: حديث حسن غريب.

وهو في "مسند أحمد"(10632)، و"صحيح ابن حبان"(6829).

(1)

إسناده ضعيف لجهالة مُؤثر بن عَفَازة، ومع ذلك فقد صحيح البوصيري إسناده في "مصباح الزجاجة" ورقة 256. =

ص: 208