الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نِعْمَ وبِئْسَ
ص:
485 -
فِعْلَانِ غَيْرُ مُتَصَرِّفَيْنِ
…
نِعْمَ وَبِئْسَ رَافِعَانِ اسْمَيْنِ
(1)
486 -
مُقَارِنَيْ أَلْ أَوْ مُضَافَينِ لِمَا
…
قَارَنَهَا كَنِعْمَ عُقْبَي الكُرَمَا
(2)
487 -
وَيَرْفَعَانِ مُضْمَرًا يُفَسِّرُه
…
مُمَيِّزٌ كَنِعْمَ قَوْمًا مَعْشَرُهْ
(3)
ش:
كُلٌّ من (نعم)، و (بئس): فعل ماض جامد لا يتصرف بوجه؛ للزومه حالة واحدة، وهي: إنشاء المدح أو الذم على سبيل المبالغة؛ لأن المقصود بـ (نعم): إنشاء المدح، و (بئس): عكسها.
ودليل الفعلية: اتصال الضمير بهما؛ كـ (نِعِمَّا رجلَين)، و (نِعِمُّوا رجالًا).
وعن الفراء وبعض الكوفيين: أنهما اسمان.
وقال أبو الحسن بن عصفور: لم يختلف أحد من البصريين والكوفيين في أن (نعم)، و (بئس) فعلان، وإنما الخلاف بينهم: بعد إسنادهما إلى الفاعل.
(1)
فعلان: خبر مقدم. غير: نعت له، وغير مضاف ومتصرفين: مضاف إليه. نعم: قصد لفظه: مبتدأ مؤخر. وبئس: معطوف على نعم. رافعان: خبر لمبتدأ محذوف، أي: هما رافعان، وفيه ضمير مستتر فاعل: اسمين: مفعول به لقوله رافعان.
(2)
مقارني: نعت لقوله: اسمين في البيت السابق، ومقارني مضاف وأل: قصد لفظه: مضاف إليه. أو: حوف عطف. مضافين: معطوف على قوله: مقارني أل. لما: جار ومجرور متعلق بقوله: مضافين، وقارنها: قارن: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا، وها: مفعول به، والجملة لا محل لها صلة الموصول. كنعم عقبى الكرما: الكاف جارة لقول محذوف، نعم: فعل ماض جامد لإنشاء المدح، عقبى: فاعل، وعقبى مضاف والكرما: مضاف إليه، وقصر للضرورة، وأصله الكرماء.
(3)
ويرفعان: فعل مضارع، وألف الاثنين فاعل. مضمرًا: مفعول به. يفسره. يفسر: فعل مضارع، والهاء مفعول به. مميز: فاعل يفسر، والجملة في محل نصب نعت لقوله: مضمرًا: وقوله: كنعم قومًا معشره: الكاف فيه: جارة لقول محذوف، نعم: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه. قومًا: تمييز. معشره: معشر: مبتدأ، خبره: الجملة التي قبله، ومعشر مضاف والهاء مضاف إليه.
واحتج مدعي الاسمية: بدخول حرف الجر في قول بعض العرب: (ما هي ينعم الولد)، و (نِعم السير على بِئسَ العير).
وأجيب: بأن كلا منهما معمولٌ لقولٍ وُصِف به محذوف؛ أي: (ما هي بولد مقول فيه نعم الولد)، و (على عَيرٍ مقول فيه بئس العير)، فحذف (ولد)، و (عَير) وصفتهما التي هي لفظُ (مقول)؛ فكل من (نعم)، و (بئس) معمول لتلك الصفة المحذوفة؛ لأن (مقول) من الصفات العاملة، وهذا من باب حذف الصفة والموصوف، وإقامة المعمول مقامهما، فحرف الجر في الحقيقة: داخل على اسمٍ حذف مع صفته كما وقع ذلك في الفعل الصريح؛ كقول بعضهم:
وَاللَّهِ مَا لَيلِي بِنَامَ صَاحِبُهْ
…
. . . . . . . . . . . .
(1)
أي: بـ (ليل مقول فيه نام صاحبه).
وكلاهما يرفع فاعلًا، وهو على ثلاثة أقسام:
1.
محلى بـ (أل) الجنسية.
2.
ومضاف لما قارنها.
3.
وضمير مفسر بنكرة.
فالأول: كقوله تعالى: {نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} .
وكذا: نحو: (بئس الشراب)، وتقول؛ (نعم الرجل زيد)، و (بئست المرأة هند)، و (نعمت المرأتان)، و (نعمت النساء الهندات)، وإليه أشار بقوله:(رَافِعَانِ اسْمَيْنِ مُقَارِنَىْ أَل).
والثاني: كقوله تعالى: {وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ} ، {فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} .
وقول الشيخ: (نعم عقبى الكرماء)، و (بئست بنت المرأة هند).
ولا يضر وجود مضاف آخر: كـ (نعم ابن غلام القوم)، وقول الشاعرِ:
فنِعمَ ابنُ أخْتِ القَوْمِ غيرَ مكذَّبِ
…
. . . . . . . . . . . .
(2)
(1)
تقدم إعرابه وشرحه، والشاهد فيه هنا: قوله: (بنام) حيث دخل حرف الجر في الظاهر على الفعل، ولكنه في الحقيقة داخل على قول محذوف تقديره:(بليل مقول فيه نام صاحبه).
(2)
التخريج: صدر بيت من الطويل، وعجزه: زهيرٌ حسامٌ مفردٌ مِن حَمَائِلِ
والثالث نحو: (نِعمَ فارسًا صاحبُك)، ففي (نِعمَ) ضمير هو الفاعل؛ تقديره:(هو)، و (فارسًا): هو التمييز المفسر لذلك الضمير.
ومنه قوله: (نِعْمَ قَومًا مَعْشَرُهْ)، فالفاعل ضمير تقديره:(هم)، و (قومًا) تمييز مفسر له.
وكقولك: (نعم فارسَينِ الزيدان)؛ فتقدير الفاعل: (هما)، و (فارسين) تمييز كما ذكر، ومنه في القرآن {بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} فالفاعل ضمير تقديره:(هو)، و (بدلًا) تمييز كما ذكر وإلى ذلك أشار بقوله (وَيَرْفَعَانِ مُضْمَرًا يُفَسِّرُهْ مُمَيِّزٌ).
ولا يجوز حذف هذا التمييز المفسر.
قال بعضهم: وإن فُهِم المعنى.
ولهذا حمل بعض المغاربة قولهم: (فبها ونعمت) على الشذوذ.
وهذا القسم الثالث يعود فيه الضمير على متأخر، وهو جائز في مواضع:
- منها: هذا الباب.
- والتنازع.
- ومجرور (رب): إذا كان ضميرًا كـ (ربه رجلًا).
= وهو لأبي طالب في خزانة الأدب 2/ 72، والدرر 5/ 205، وشرح التصريح 2/ 95، والمقاصد النحوية 4/ 5، وبلا نسبة في همع الهوامع 2/ 85.
اللغة: الحسام: السيف. الحمائل: جمع الحمالة، وهي علاقة السيف.
المعنى: يقول: نعم رجلًا زهير، فهو صادق وسيف مجرد من غمده.
الإعراب: فنعم: الفاء بحسب ما قبلها، نعم: فعل ماض جامد لإنشاء المدح. ابن: فاعل مرفوع بالضمة، وهو مضاف. أخت: مضاف إليه مجرور، وهو مضاف. القوم: مضاف إليه مجرور. غيرَ: حال منصوب، وهو مضاف. مكذب: مضاف إليه مجرور بالكسرة. زهيرٌ: مبتدأ مؤخر مرفوع أو خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هو زهير. حسامًا: حال منصوب. مفردًا: نعت حسامًا منصوب من حمائل: جار ومجرور متعلقان بمفردًا.
وجملة (نعم ابن أخت القوم): في محل رفع خبر مقدم للمبتدأ (زهير). وجملة (زهير نعم. . .): بحسب ما قبلها.
الشاهد: قوله: (نعم ابن أخت القوم) حيث أتى بفاعل نعم اسمًا مضافًا إلى اسم مضاف إلى مقترن بأل.
- وكذا إذا فسره خبره، ومنه في القرآن:{إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا} .
- وضمير الشأن: كقوله تعالى: {فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ} .
- وإذا أبدل منه الظاهر: كـ (زره خالدًا).
- وعوده على المفعول في نحو: (زان نَوره الشجر) كما علم.
ويجوز عود الضمير على ما يفهم من الكلام؛ كقوله تعالى: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} ؛ أي: العدل.
وأجاز بعضهم: أن يضاف الفاعل في هذا الباب لضمير ما فيه (أل)؛ كقوله:
فَنِعْمَ أخو الهَيْجَا ونِعْمَ شَبَابُهَا
(1)
وتقول: (الزيدان نِعمَ رجلين)، و (الزيدون نِعمَ رجالًا) فترفع ضميرًا مستترًا عائدًا على المخصوص المحذوف، لا على الاسم المتقدم على (نعم)؛ لأنه يشعر بالمخصوص لا أنه مخصوص على المشهور كما سيأتي.
وحكى الكسائي: أنها ترفع ضميرًا بارزًا عائدًا على ما تقدم؛ نحو: (نِعِمَّا رجلين)، و (نِعِمُّوا رجالًا) كما سبق.
وسمع: (مررت بقوم نعموا قومًا) و [حمله في الكافية على الشذوذ]
(2)
.
وندر جره بالباء؛ نحو: (نعم بهم قومًا).
(1)
التخريج: الشطر بلا نسبة في الدرر 5/ 202، والمقاصد النحوية 4/ 11، وهمع الهوامع 2/ 85.
اللغة: الهيجا: الحرب. وأخو الهيجا: هو الذي يلازم الحرب.
الإعراب: فنعم: الفاء: بحسب ما قبلها، ونعم: فعل ماض جامد لإنشاء المدح. أخو. فاعل مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الستة، وهو مضاف. الهيجا: مضاف إليه مجرور. ونعم: الواو: حرف عطف، ونعم: فعل ماض جامد لإنشاء المدح. شبابها: فاعل مرفوع بالضمة. وهو مضاف، وها: ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة.
الشاهد: قوله: (نعم أخو الهيجا ونعم شبابها) حيث ورد فاعل (نعم) اسمًا مضافًا إلى محلى بأل (الهيجا) في الجملة الأولى، وفي الجملة الثانية ورد فاعل نعم اسمًا مضافًا إلى ضمير يعود إلى معرفة، وهذا جائز عند بعض النحاة.
(2)
زيادة من (ب).
تنبيه:
أجاز المبرد والفارسي: إسناد (نعم)، و (بئس) إلى (الذي) الجنسية: كـ (نعم الذي أسلم زيد) واستقربه المصنف رحمه الله.
واستبعده بعضهم: لأن فاعلها ينتصب على التمييز إذا جرد من (أل)، ويصير مفسِّرًا للضمير فيها، ولا يكون هذا مع (الذي).
وحكى الأخفش: إن بعضهم يرفع بـ (نعم) النكرة مفردة ومضافة إلى ما ليس فيه (أل)؛ كـ (نعم رجلٌ زيدٌ) وأجازه.
و (نعم خطيبُ قومٍ زيدٌ)، وأجازه الفراء، ومنه:
فَنِعمَ صَاحِبُ قومٍ لَا سِلاحَ لَهُمْ
…
. . . . . . . . . . . .
(1)
ويقال: (نعم مَن هو)؛ كقول الشاعر:
ونِعْمَ مَزْكَأ مَنْ ضاقَتْ مذاهبه
…
ونِعْمَ مَنْ هو في سِرٍّ وإعلان
(2)
(1)
التخريج: صدر بيت من الرمل، وعجزه: وصاحبُ الرَّكْبِ عُثْمَانُ بن عَفّانا
وهو لكثير بن عبد اللَّه النهشلي في الدرر 5/ 213، وشرح شواهد الإيضاح ص 100، والمقاصد النحويّة 4/ 17، وله أو لأوس بن مغراء أو لحسان في خزانة الأدب 9/ 415، 417، وليس في ديوان حسان، وبلا نسبة في المقرب 1/ 66، وهمع الهوامع 2/ 86.
الإعراب: فنعم: الفاء: بحسب ما قبلها، ونعم: فعل ماضٍ جامد لإنشاء المدح. صاحب: فاعل مرفوع، وهو مضاف. قوم: مضاف إليه مجرور. لا: نافية للجنس. سلاح: اسم لا مبني في محلّ نصب. لهم: جارّ ومجرور متعلّقان بمحذوف خبر لا. وصاحب: الواو: حرف عطف، وصاحب: معطوف على صاحب الأولى، مرفوع، وهو مضاف. الركب: مضاف إليه مجرور. عثمان: مبتدأ مؤخّر، أو خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هو. بن: نعت عثمان مرفوع، وهو مضاف. عفانا: مضاف إليه مجرور بالفتحة لأنه ممنوع من الصرف، والألف: للإطلاق.
وجملة (نعم صاحب قوم): بحسب ما قبلها. وجملة (لا سلاح لهم): في محلّ جرّ نعت قوم. وجملة (نعم صاحب الركب): معطوفة على الجملة الأولى.
الشاهد فيه قوله: (نعم صاحب قوم) حيث ورد فاعل (نعم)، وهو قوله:(صاحب) نكرة مضافة إلى نكرة. وهذا من القليل.
(2)
التخريج: البيت بلا نسبة في جمهرة اللغة ص 1098، 1308، وخزانة الأدب 9/ 410، 411، 412، 414، والدرر 1/ 353، 5/ 215، وشرح شواهد المغني 2/ 741، وشرح عمدة =
فـ (مزكأ): فاعل (نعِمَ) وهو مضاف لـ (مَن): وهي نكرة موصوفة بـ (ضاقت مذاهبه) أو موصولة، و (ضاقت مذاهبه): صلة.
و (مَن) في قوله: (نعم مَن هو): تمييز، والفاعل مضمر، قاله أبو علي.
أو فاعل، وهي موصولة، وقوله:(هو): مبتدأ، والخبر محذوف، تقديره:(هو)، ومعنى الكلام:(نعم الذي هو في سر وإعلان هو)؛ كما تقول: (زيد هو الذي في الحرب هو).
ويقرب منه: (جربتك فكنت أنت أنت)، فالأول: مبتدأ، والثاني: خبر، والجملة:(خبر كان).
وربما قيل: (نعم عبد اللَّه)، و (نعم زيد).
ويجوز عند الكسائي في: (نعم رجلًا بكر): أن يكون (بكر) فاعل نعم، والنكرة حال.
والمعتمد: أنها تمييز، و (بكر): مخصوص، والفاعل: ضمير على ما سبق.
= الحافظ ص 790، ولسان العرب 1/ 91 زكأ، والمقاصد النحوية 1/ 487، وهمع الهوامع 1/ 92، 2/ 86.
اللغة: مزكأ: ملجأ. الضيق: عدم السعة للمكان. المذهب: المعتقد.
المعنى: كيف أخاف العيش، ولي ملجأ، وهو بشر بن مروان الأموي ونعم من لجأت إليه.
الإعراب: ونعم: الواو بحسب ما قبلها، نعم: فعل ماض جامد لإنشاء المدح. مزكأ: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة وهو مضاف. من: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة. ضاقت: فعل ماض مبني على الفتحة والتاء: للتأنيث. مذاهبه: فاعل مرفوع بالضمة وهو مضاف، والهاء: ضمير متصل في محل جر بالإضافة. ونعم: الواو: عاطفة، ونعم: فعل ماض جامد لإنشاء المدح مبني على الفتحة الظاهرة. من: اسم موصول بمعنى الذي مبني على السكون في محل رفع فاعل. هو: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ، وخبره محذوف، والتقدير من هو مثله. في سر: جار ومجرور متعلقان بنعم. وإعلان الواو: عاطفة، إعلان: اسم معطوف على سر مجرور بالكسرة الظاهرة.
وجملة (ونعم مزكأ): بحسب الواو. وجملة (ضاقت): صلة موصول لا محل لها. وجملة (نعم من): معطوفة على جملة (نعم): لا محل لها وجملة (من هو مثله): صلة الموصول لا محل لها.
الشاهد قوله: (نعم من هو): فقد قيل إن (من) نكرة تامة، وقيل موصولية كما أعربنا.
وأجاز الكوفيون: تأخير الضمير عن المخصوص، فيقولون في (نعم رجلًا زيد):(نعم زيد رجلًا).
وفيها ثلاث لغات أخو:
1.
فتح الأول، وكسر الثاني؛ كقوله:
. . . . . . . . . . . .
…
نَعِمَ السَّاعُون فِي الْأَمرِ المُبِرْ
(1)
قال ابن فلاح: وقد جاء هذا على الأصل.
2.
وفتح الأول وسكون الثاني.
3.
وكسر الأول والثاني.
وبئس كذلك.
وحكي (نَعِيمَ)، وبه استدل على اسميتها؛ لأن فعيلًا من خصائص الأسماء.
قال الخضراوي في أول "شرح الإيضاح": هذه اللغات عند تميم.
(1)
التخريج: عجز بيت من الرجز، وصدره: مَا أَقَلَّت قَدمُ نَاعِلَها
وهو لطرفة بن العبد في ديوانه ص 58 (مع اختلاف كبير في الرواية)، وخزانة الأدب 9/ 376، 377، والدرر 5/ 196، ولسان العرب 12/ 587 (نعم)، والمحتسب 1/ 342، 357، وهمع الهوامع 2/ 84، وبلا نسبة في الخصائص 2/ 228، والمقتضب 2/ 140.
اللغة: أقلّت: حملت. الناعل: لابس النعل. الأمر المبرّ: هو الأمر الذي يعجز الناس عن دفعه وإبطاله.
المعنى: ما أحسن الذين يسعون في تخفيف ما يزعج الناس ويعجزهم، هذا التفضيل يبقى ما بقيت أقدام الناس تحملهم.
الإعراب: ما: مصدرية زمانية. أقلت: فعل ماضٍ مبني على الفتح، والتاء: تاء التأنيث الساكنة. قدم: فاعل مرفوع بالضمّة. والمصدر المؤول من (ما) وما بعدها في محلّ نصب مفعول فيه ظرف زمان، معلق بالمصدر فداءً في بيت سابق. ناعلها: مفعول به منصوب بالفتحة، وهو مضاف. وها: ضمير متصل مبني في محلّ جرّ بالإضافة. نعم: فعل ماضٍ جامد لإنشاء المدح. الساعون: فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم. في الأمر. جارّ ومجرور متعلقان بـ (الساعون). المبر: صفة لـ (الأمر) مجرورة بالكسرة، وسكّنت لضرورة الشعر.
وجملة (نعم الساعون): استئنافية لا محلّ لها من الإعراب.
الشاهد: فيه: استعمال (نعم) على الأصل، بفتح النون وكسر العين.
وأما الحجازيون: فلا يجيزون فيها إلا الأصل.
ويجوز في فاعلها التوكيد اللفظي كـ (نعم الرجلُ الرجلُ زيد).
ومنع ابن السراج والفارسي: نعته؛ لأن النعت يخصصه، ويقلل شياعه، والمراد به: الجنس على الأشهر.
وأجازه أبو الفتح: لورود السماع به قال الشاعر:
نِعمَ الفَتَى المُرِّيُّ أَنتَ إِذَا هُمُ
…
........................
(1)
وقول الآخر:
................
…
لَبِئسَ الفَتَى المَدعُوُّ بالليلٍ حَاتِمُ
(2)
(1)
التخريح: صدر بيت من الكامل، وعجزه: حَضَرُوا لَدَى الحُجُرَاتِ نَارَ المَوقِدِ وهو لزهير في ديوانه ص 275، وخزانة الأدب 9/ 404، 407، 408، وشرح شواهد المغني 2/ 915، والمقاصد النحوية 4/ 21، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 5/ 71.
اللغة: المري: نسبة إلى بني مرة. الحجرات: الغرف أو الجهات.
المعنى. نعم الكريم أنت، يا مطعم الجياع المجدبين القادمين من أصقاع الأرض، فأنت خير مرة على كرمها.
الإعراب: نعم: فعل ماض جامد لإنشاء المدح مبني على الفتحة الظاهرة. الفتى: فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر. المري: صفة مرفوعة بالضمة الظاهرة. أنت: ضمير رفع منفصل في محل رفع مبتدأ. إذا: ظرف لما يستقبل من الزمان خافض لفعله متعلق بجوابه مبني على السكون في محل نصب متعلق بالفعل نعم. هم: ضمير رفع منفصل في محل رفع فاعل لفعل محذوف من نوع الفعل الظاهر. حضروا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف: فارقة. لدى: ظرف مكان منصوب بالفتحة وهو مضاف متعلق بالفعل حضروا. الحجرات: مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة. نار: مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة وهو مضاف. الموقد: مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.
وجملة (نعم الفتى): في محل رفع خبر مقدم. وجملة (هم) مع الفعل المحذوف: في محل جر بالإضافة. وجملة (حضروا): تفسيرية لا محل لها. وجملة (أنت نعم الفتى): ابتدائية لا محل لها.
الشاهد: قوله: (نعم الفتى المري) فقد وصف فاعل الفعل نعم.
(2)
التخريج: عجز بيت من الطويل، وصدره: لعمري وما عمري علي بهين
ومانع النعت: يعربه (بدلًا) وهو جائز.
قال أبو حيان: بما يجوز أن يباشر (نعم) فخرج (نعم الرجل أخوك)، إذ لا يقال:(نعم أخوك زيد) على المشهور.
وأجاز الكسائي: أن يفصل بين الفعل والفاعل بالمجرور؛ نحو: (نعم فيك الراغب زيد)، ومنعه أبو حيان مطلقًا.
ويَرِدُ عليه:
................
…
وبئس من المليحات البديل
(1)
ومن قال: باسميه (نعم)، و (بئس) .. أعربهما مبتدأ، وما قبله: خبر، حكاه أبو
وهو ليزيد بن قنافة في خزانة الأدب 9/ 405، 407، والدرر 5/ 203، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص 1464، والمقاصد النحوية 4/ 9، وبلا نسبة في همع الهوامع 2/ 85.
اللغة: لعمري: قسم بحياته. وما عمري علي بهين: كناية عن تأكيد القسم وتقويته. المدعو بالليل: الذي تستغيث به.
الإعراب: لعمري: اللام: للابتداء، وعمري: مبتدأ مرفوع، وهو مضاف، والياء: ضمير في محل جر بالإضافة، وخبره محذوف تقديره: قسمي. وما: الواو: اعتراضية أو حالية، وما: حرف نفي. عمري: مبتدأ مرفوع، وهو مضاف، والياء: ضمير في محل جر بالإضافة. أو اسم ما. علي: جار ومجرور متعلقان بهين. بهين: الباء: حرف جر زائد، وهين: اسم مجرور لفظًا مرفوع محلًّا على أنه خبر المبتدأ، أو منصوب محلًّا على أنه خبر ما. لبئس: اللام: واقعة في جواب القسم، وبئس: فعل ماض جامد لإنشاء الذم. الفتى: فاعل مرفوع. المدعو: نعت الفتى مرفوع. بالليل: جار ومجرور متعلقان بالمدعو. حاتم: مبتدأ مؤخر أو خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هو.
وجملة (لعمري
…
): ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (ما عمري علي بهين): اعتراضية لا محل لها من الإعراب أو في محل نصب حال. وجملة (بئس الفتى): في محل رفع خبر المبتدأ.
الشاهد: قوله: (بئس الفتى المدعو بالليل حاتم) حيث ورد فاعل بئس منعوتًا وهو (المدعو بالليل) وهذا جائز.
(1)
التخريج: عجز بيت من الوافر، وصدره: يبادرن الديار يجلن فيها
وعزا إنشاده لثعلب في ربيع الأبرار 5/ 409، وفي رسالة الصاهل والشاحج 61 غير منسوب لقائل. الشاهد: قوله: (وبئس من المليحات البديل) حيث فصل بين (نعم) وفاعلها (البديل) بالجار والمجرور (من المليحات) وذلك جائز.
حيان في شرح هذا الكتاب.
و (رافعان): خبر لمحذوف؛ أي: هما رافعا اسمين.
واللَّه الموفق
ص:
488 -
وَجَمعُ تَمييزٍ وَفَاعِلٍ ظَهَر
…
فِيهِ خِلَافُ عَنهُمُ قَدِ اشتَهَر
(1)
ش:
سبق أن الفاعل يكون ظاهرًا أو مضمرًا:
• فإن كان مضمرًا .. جاز الجمع بينه وبين التمييز بلا خلاف: كـ (نعم قومًا معشره).
وقوله:
................
…
بِئسَ امْرَأً وَإِنَّني بِئسَ المَرَه
(2)
(1)
وجمع: مبتدأ أول، وجمع مضاف وتمييز: مضاف إليه. وفاعل: معطوف على تمييز، وجملة. ظهر وفاعله المستتر فيه: في محل جر صفة لفاعل. فيه: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. خلاف: مبتدأ ثان مؤخر، وجملة المبتدأ الثاني وخبره: في محل رفع خبر المبتدأ الأول الذي هو جمع. عنهم: جار ومجرور متعلق باشتهر الآتي، وجملة. قد اشتهر وفاعله المستتر فيه العائد إلى خلاف: في محل رفع صفة لخلاف.
(2)
التخريح: عجز بيت من الرجز، وصدره: تَقُولُ عُرسِي وَهِيَ لي في عومَرة
وهو بلا نسبة في جمهرة اللغة ص 773، 1176، وشرح عمدة الحافظ ص 785، والمقاصد النحوية 4/ 29.
اللغة: العِرس: الزوجة. العومرة: الضجة.
الإعراب: تقول: فعل مضارع مرفوع. عرسي: فاعل مرفوع، وهو مضاف، والياء ضمير في محل جر بالإضافة. وهي: الواو: حالية، هى: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. لي: جار ومجرور متعلقان بتقول. في عومرة: جار ومجرور في محل رفع خبر المبتدأ بئس: فعل ماض جامد لإنشاء الذم، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا على خلاف الأصل تقديره: هو. امرأ: تمييز وإنني: الواو حرف عطف، إن: حرف مشبه بالفعل، والنون للوقاية، والياء ضمير متصل في محل نصب اسم إن. بئس: فعل ماض جامد لإنشاء الذم. المرة: فاعل مرفوع بالضمة.
وجملة (تقول عرسي): ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (وهي لي في عومرة): في محل نصب حال. وجملة (بئس امرأً): في محل نصب مفعول به. وجملة (بئس المرة): في محل رفع خبر إن.
التقدير: (بئس بعلي امرأً)، فـ (امرأً): تمييز مفسر للضمير في (بئس).
وقال آخر:
لَنِعمَ أمرأً أَوسٌ إِذَا أَزمةٌ عَرَتْ
…
......................
(1)
وإن كان ظاهرًا .. فعن سيبويه والسيرافي: لا يجوز الجمع، فلا يقال:(نعم الرجلُ رجلًا زيد).
قيل: لأن التمييز للإبهام، ولا إبهام إلا بعد الإضمار، فيتعين تركه مع الظاهر.
وأجازه محمد بن يزيد المبرد، وأبو علي الفارسي، ومحمد بن السراج؛ كقوله:
نِعمَ الفَتاةُ فَتَاةً هِندُ لَو بَذَلَت
…
..........................
(2)
وقوله:
الشاهد: قوله: (بئس امرأ) حيث رفع الفعل بئس ضميرًا مستترًا فسر التمييز الذي بعده (امرأ).
(1)
التخريج: صدر بيت من الطويل، وعجزه: ويمم للمعروف ذو كان عوَّدا وهو من شواهد التَّوضيح والتَّصحيح لمشكلات الجامع الصَّحيح 167، ولم أجده في مرجع آخر.
الشاهد: قوله: (لنعم امرأ أوس) حيث رفع الفعل (نعم) فاعلًا (أوس)، ونصب تمييزًا (امرأً) وجمع بينهما، وهذا جائز.
(2)
التخريج: صدر بيت وعجزه: رد التحية نطقًا أو بإيماء
وهو بلا نسبة في خزانة الأدب 9/ 398، والدرر 5/ 209، وشرح التصريح 2/ 95، وشرح شواهد المغني ص 862، ومغني اللبيب ص 464، والمقاصد النحوية 4/ 32، وهمع الهوامع 2/ 86.
اللغة: بذلت: أعطت. الإيماء: الإشارة.
الإعراب: نعم: فعل ماض جامد لإنشاء المدح. الفتاة: فاعل مرفوع. فتاة: تمييز منصوب هند: مبتدأ مؤخر مرفوع، أو خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هي هند. لو: حرف تمن. بذلت: فعل ماض؛ والتاء للتأنيث. رد: مفعول به منصوب، وهو مضاف. التحية: مضاف إليه مجرور. نطقًا: تمييز منصوب. أو: حرف عطف .. بإيماء: جار ومجرور متعلقان برد.
وجملة (نعم الفتاة): في محل رفع خبر مقدم للمبتدأ. وجملة (هند نعم الفتاة): ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (بذلت): استئنافية لا محل لها من الإعراب.
الشاهد: قوله: (نعم الفتاة فتاة هند) حيث جمع بين فاعل نعم وهو الفتاة، وبين تمييزها وهو فتاة، وليس في التمييز معنى زائد على ما يدل عليه الفاعل.
والتَّغلِبيُّونَ بئس الفَحلُ فَحلُهُمُ
…
فَحلا وَأُمُّهُم زَلَّاءُ مِنطِيقُ
(1)
فـ (الفحل): فاعل، و (فحلًا): تمييز، و (فحلهم): هو المخصوص بالذم.
و (الزلاء): من الزلل. و (المنطيق): القوية.
وقال المانعون: (فتاة)، و (فحلًا): حال مؤكدة.
وقال بعضهم: إن حصل بالتمييز فائدة على الفاعل .. جاز الجمع بين الفاعل الظاهر والتمييز؛ كـ (نعم الرجل فارسًا زيد)، بخلاف:(نعم الرجل رجلًا زيد)، والتمييز هنا نكرة عامة، فلا يقال:(نعم شمسًا هذه الشمس)؛ لأنه مفرد في الوجود وإن كان مقدر الشياع.
وأجاز أبو الحسن علي بن عصفور: (نعم شمسٌ شمسُ هذا اليوم).
وقوله: (ظهَر): في موضع الصفة لـ (فاعلٍ).
واللَّه الموفق
(1)
التخريج: البيت لجرير في ديوانه ص 192، والدرر 5/ 208، وشرح التصريح 2/ 96، وشرح عمدة الحافظ ص 787، ولسان العرب 10/ 355 نطق، والمقاصد النحوية 4/ 7، وبلا نسبة في همع الهوامع 2/ 86.
اللغة: الزلاء: التي لا عجيزة لها. المنطيق: التي تعظم عجيزتها بحَشِيَّة.
وذكر الشارح في الكتاب غير هذا المعنى .. فليتنبّه.
المعنى: يقول: إن التغلبيين ينتسبون إلى أسوأ أبوين، فبئس الرجال فحولة رجال تغلب، والمرأة التغلبية لا عجيزة لها بل تُعظِّمها بحشية.
الإعراب: والتغلبيون: الواو بحسب ما قبلها، التغلبيون: مبتدأ مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم. بئس: فعل ماض جامد لإنشاء الذم. الفحل. فاعل مرفوع. فحلهم: خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هو، وهو مضاف، وهم: ضمير في محل جر بالإضافة. فحلا: تمييز منصوب. وأمهم: الواو استئنافية، أمهم: مبتدأ مرفوع، وهو مضاف، وهم: ضمير في محل جر بالإضافة. زلاء: خبر المبتدأ مرفوع. منطيق: خبر ثان للمبتدأ.
وجملة (التغلبيون بئس
…
): ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (بئس الفحل
…
): في محل رفع خبر المبتدأ وجملة (
…
فحلهم): استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة (أمهم زلاء): استئنافية لا محل لها من الإعراب.
الشاهد: قوله: (بئس الفحل فحلهم فحلا) حيث جمع بين فاعل بئس وهو الفحل والتمييز وهو فحلًا في كلام واحد.
ص:
489 -
وَمَا مُمَيزٌ وَقِيلَ فَاعلُ
…
في نَحو نعمَ مَا يَقُولُ الفَاضِلُ
(1)
ش:
تقع كلمة (ما) بعد (نعم)، و (بئس): كـ (نعم ما يقول زيد) وفي القرآن: {نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ} .
فقيل: نكرة موصوفة، بمعنى: شيء في محل نصب على التمييز، والفاعل: ضمير، والمخصوص: محذوف.
وقيل: نكرة غير موصوفة في موضع نصب على التمييز، والفعل بعدها: صلة موصول محذوف، وهذا الموصول هو المخصوص؛ أي:(نعم شيئًا الذي يقول زيد).
وقيل: معرفة تامة، وهي فاعل، والفعل بعدها صفة لمخصوص محذوف؛ أي:(نعم الشيء شيء يقوله زيد).
وقيل: فاعل، بمعنى:(الذي) مكتفيًا بها وصلتها عن المخصوص، ونسب للمبرد والفارسي.
وقيل كذلك، إلا أن المخصوص محذوف.
وأجاز بعضهم: أن تكون مصدرية.
وقيل: ركبت مع (نعم) .. فهما كالشيء الواحد، فلا موضع لـ (ما).
وقيل: كافة.
وقيل: هي المخصوص.
هذا إن وليها فعل كما مثل؛ فإن وليها اسم كقوله تعالى: {فَنِعِمَّا هِيَ} .. فالفاعل ضمير، و (ما): تمييز بمعنى: شيء، والاسم بعدها: هو المخصوص؛ أي: نعم الشيء
(1)
وما: مبتدأ. مميز: خبر المبتدأ. وقيل: فعل ماض مبني للمجهول. فاعل: خبر مبتدأ محذوف، أي: هو فاعل مثلًا، والجملة من المبتدأ والخبر في محل رفع نائب فاعل قيل، وهذه الجملة هي مقول القول. في نحو: جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من (ما) أو من الضمير في خبره. نعم: فعل ماض لإنشاء المدح، وفاعله ضمير مستتر فيه، وما: تمييز، وقيل:(ما): فاعل، وجملة يقول الفاضل: في محل نصب نعت لما على الأول، وفي محل رفع نعت لمخصوص بالمدح محذوف -تقديره: نعم الشيء يقول الفاضل- على الثاني.
شيئًا هي.
وقيل: إنها معرفة تامة، وهي الفاعل، والاسم: هو المخصوص؛ أي: نعم الشيء هى.
وقيل: ركبت مع (نعم) كما تقدم، والاسم هو الفاعل.
واللَّه الموفق
ص:
490 -
وَيُذكَرُ المَخصُوصُ بَعدُ مُبتَدَا
…
أَو خَبَرَ اسمِ لَيسَ يَبدُو أَبَدَا
(1)
ش:
سبقت الإشارة بذكر اسم بعد فاعل نعم وبئس، ويسمى: مخصوصًا بالمدح بعد نِعم، وبالذم بعد بئس؛ كـ (نعم الرجل زيد)، و (بئس الصاحب عمرو)، وفيه أوجه:
الأول: مبتدأ، والجملة: خبر، والرابط: العموم الذي في الفاعل؛ لأن (الرجل) لما أريد به الجنس وكان الجنس كله ممدوحًا .. اندرج (زيد) تحت جنسه؛ لأنه فرد من أفراده، وسبق في الابتداء: أن العموم يقوم مقام الضمير.
وقال بعضهم: (أل) فيه: للجنس مجازًا، فجعل (زيد) جميع الجنس على سبيل المبالغة ولم يقصد غيره في المدح أو الذم، وكأنه قيل:(نعم زيد الذي هو حسن الرجال).
وأبو منصور موهوب الجواليقي وأبو إسحاق بن ملكون من نحاة المغاربة: أن (أل) للعهد، والرابط: تكرار المبتدأ من حيث المعنى، لا من حيث اللفظ.
الثاني: خبر مبتدأ محذوف؛ أي: (نعم الرجل هو زيد)، هذا هو المشهور.
الثالث: مبتدأ حذف خبره، وممن أجازه ابن عصفور.
الرابع: بدل من الفاعل.
(1)
ويذكر: فعل مضارع مبني للمجهول. المخصوص: نائب فاعل. بعد: ظرف متعلق بيذكر، مبني على الضم في محل نصب. مبتدأ: حال من المخصوص. أو: عاطفة. خبر: معطوف على مبتدأ، وخبر مضاف واسم: مضاف إليه. ليس: فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر فيه، وجملة. يبدو: وفاعله المستتر فيه في محل نصب خبر ليس، وجملة ليس واسمه وخبره: في محل جر نعت لقوله اسم. أبدًا: منصوب على الظرفية، وعامله يبدو.
قيل: بدل اشتمال؛ لأنه خاص، و (الرجل): عام على الأشهر، ونسب لابن كيسان.
ولا يكون المخصوص إلا معرفة، كما سبق أو مقاربًا لها، كالنكرة الموصوفة؛ نحو:(نعم الرجلُ رجلٌ من بني تميم) وسبق في بعض الأمثلة ما يشعر بذلك.
وقوله: (مبتدا): حال من (المخصوص)، و (خبر اسم حال): معطوفة كذلك.
واللَّه الموفق
ص:
491 -
وَإِن يُقَدَّم مُشعِرٌ بِهِ كَفَى
…
كَالعِلمُ نِعمَ المُقتَنَى وَالمُقتَفَى
(1)
ش:
إذا تقدم على (نعم) أو (بئس) ما يشعر بالمخصوص .. أغنى عن ذكره آخرًا؛ نحو: (العلم نعم المقتنى)، فـ (العلم): مبتدأ حذف خبره؛ أي: (العلم يقتنى ويقتفى).
وقوله: (نِعْمَ المُقْتَنَى): حذف فيه المخصوص؛ أي: (نعم المقتنى العلم)، ومنه قوله تعالى:{وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ} ؛ أي: (فلنعم المجيبون نحن)، {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ}؛ أي:(نعم العبد أيوب)، {سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ}؛ أي: و (بئس المهاد جهنم).
ومنه قولُ الشاعرِ:
إِنِّي اعْتَمَدْتُكَ يَا يَزِيدُ
…
وَنِعْمَ معْتمدُ الوَسَائِلِ
(2)
(1)
وإن: شرطية. يقدم: فعل مضارع مبني للمجهول فعل الشرط. مشعر: نائب فاعل يقدم. به: جار ومجرور متعلق بمشعر. كفى: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه، وهو جواب الشرط. كالعلم: الكاف جارة لقول محذوف، العلم: مبتدأ. نعم: فعل ماض لإنشاء المدح. المقتنى: فاعل لنعم. والمقتفى: معطوف على المقتنى، وجملة نعم وفاعلها في محلها رفع خبر المبتدأ، وجملة المبتدأ والخبر في محل نصب مقول القول المحذوف المجرور بالكاف، وتقدير الكلام: كقولك العلم نعم المقتنى.
(2)
التخريج: البيت من مجزوء الكامل، وقائله هو الطرماح بن حكيم، والطرماح لقب عرف به. تنظر ترجمته في جمهرة الأنساب (402، 403).
ينظر الشاهد في: ديوان الطرماح بن حكيم ص 374، والتذييل والتكميل (4/ 526)، والعيني (4/ 11).
والبيت من قصيدة له، يمدح بها يزيد بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي.
الشاهد: قوله: (ونعم معتمد الوسائل)؛ حيث حذف المخصوص للدلالة عليه بما قبله، وهو (يا
أي: (نعم معتمد الوسائل أنت).
• وقد يتقدم المخصوص نفسه .. فلا يذكر ثانيًا.
ويمكن أن يكون منه: (العلم نعم المقتنى) وهو: حينئذ مبتدأ، وما بعده: خبر.
واللَّه الموفق
ص:
492 -
وَاجعَل كَبئِسَ سَاءَ وَاجعَل فَعُلَا
…
مِن ذِى ثَلَاثَةٍ كَنِعمَ مُسجَلَا
(1)
ش:
حكم (ساء):حلم (بئس) في كونه:
• فعلًا جامدًا للذم.
• ورفع فاعلها محلى بـ (أل)؛ نحو: (ساء الرجل زيدًا).
• ومضافًا لما فيه (أل)؛كـ (ساء غلام القوم زيد).
• أو مضمر مفسرًا لنكرة؛ كـ (ساء قومًا معشره)، و (ساء رجلًا صاحب عمرو).
ومن رفعها الضمير المفسر بالنكرة: قوله تعالى: {وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا} ، فالفاعل ضمير يعود على (الشيطان) أو (على القرين).
وقوله تعالى: {سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا} ؛ أي: (ساء هو) أي: (المِثل)، و (مِثلًا) تمييز مفسر له، وفي الكلام حذف؛ أي:(ساء مثلًا مثَلُ القوم)، فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه.
ويذكر بعدها المخصوص، ويعرب الإعراب المتقدم.
يزيد) والتقدير: فنعم معتمد الوسائل أنت، على ما ذكره الشارح.
(1)
واجعل: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت. كبئس: جار ومجرور متعلق باجعل، وهو مفعوله الثاني. ساء: قصد لفظه: مفعول أول لاجعل. واجعل: الواو عاطفة، اجعل: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت، وجملته معطوفة على جملة اجعل السابق. فعُلا: مفعول أول لاجعل. من ذي: جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من فعُلا، وذي مضاف وثلاثة: مضاف إليه. كنعم: جار ومجرور متعلق باجعل، وهو مفعول الثاني. مسجلا: حال من نعم.
هذا معنى قوله: (وَاجْعَل كَبِئْسَ سَاء).
وأصلها: (سَوَءَ) بفتح العين، حولت إلى (فَعُل) بضمها، وضمنت معنى:(بئس) فهي فعل جامد قاصر؛ كـ (بئس)، وقلبت واوها ألفًا للمقتضي.
وليس هي في نحو: (زيد ساءني).
وأشار بقوله (وَاجْعَل فَعُلَا من ذِي ثَلَاثَةٍ كَنِعْمَ) إلى أن كل فعل ثلاثي صالح للتعجب منه: يجوز أن يبنى منه (فَعُل) بفتح الفاء وضم العين، لقصد المدح أو الذم كـ (فَهُم الرجل)، و (كَتُب الرجل زيد).
وكذا إن كان الفعل على هذا الوزن أصالة؛ كـ (شرُف)، و (ظرُف)، ويجري مجرى:(نعم) و (بئس) فيما سبق، ولهذا وقع فاعله ضميرًا في قوله تعالى:{كَبُرَتْ كَلِمَةً} .
وقول الشيخ: (مُسْجَلا)؛ أي: بلا قيد، يعني: يجعل كنعم في جميع أحوالها فهو حال من قوله: (نعم)، أو يكون التقدير:(من ذي ثلاثة مطلقًا) فشمل المصوغ من: (كتب)، و (شرف).
وعن ابن عصفور: لا يقال: (علُم الرجل)، و (لا جهُل)، و (لا سمُع)؛ لأن هذه لم تتغير في كلام العرب.
واللَّه الموفق
ص:
493 -
وَمِثلُ نِعمَ حَبَّذَا الفَاعِلُ ذَا .... وَإِن تُرِد ذَمًّا فَقُل لَا حَبّذَا
(1)
ش:
(حبذا): كـ (نِعم) في: قصد المدح، ويقال في الذم:(لا حبذا زيد)، فتساوي (بئس).
والوجهان: في قوله:
(1)
ومثل: مبتدأ، ومثل مضاف ونعم: قصد لفظه: مضاف إليه. حبذا: قصد لفظه أيضًا: خبر المبتدأ. الفاعل ذا: مبتدأ وخبر. وإن: شرطية. ترد: فعل مضارع فعل الشرط، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت. ذمًّا: مفعول به لترد. فقل: الفاء واقعة في جواب الشرط، قل: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت. لا: نافية. حبذا: فعل وفاعل، والجملة مقول القول في محل نصب، وجملة (قل ومعمولاته): في محل جزم جواب الشرط.
أَلَا حَبَّذَا عَاذِرِي فِي الهَوَى
…
وَلَا حَبَّذَا العَاذِلُ الجَاهِلُ
(1)
وفي (حبذا زيد) أوجه:
- فالمصنف والفارسي وعبد الواحد بن برهان وأبو الحسن بن خروف: أن (حب) فعل ماض، و (ذا) فاعله كما قال:(الفَاعِلُ ذَا)، و (زيد): هو المخصوص، وهو: مبتدأ، والجملة قبله: خبر، والرابط: العموم أو الإشارة، أو أن (زيد) خبر لمحذوف.
- ومحمد بن يزيد المبرد وأبو بكر ابن السراج: أن (حبذا): كلمة واحدة مبتدأ، و (زيد): خبر، وأجاز العكس.
- وعبد اللَّه بن درستويه وجماعة: أن (حبذا): فعل ماض، و (زيد): فاعل.
- وأضعف الوجوه: أن (زيد) مرفوع بـ (حب)، و (ذا): ملغاة.
و (العاذل) في الشاهد: مخصوص (حبذا)، لا وصف اسم الإشارة؛ لأن فاعل (حبذا) لا يوصف ولا يؤكد ولا يبدل منه، كما نص عليه ابن بابشاذ في "شرح جمل الزجاجي".
واللَّه الموفق
ص:
494 -
وَأَولِ ذا المَخصُوصَ أيًّا كَانَ لَا
…
تَعدِل بِذَا فَهوَ يُضَاهِي المَثَلَا
(2)
(1)
التخريج: يُنظر هذا البيتُ في: شرح عمدة الحافظ 2/ 802، وشرح التّسهيل 3/ 26، وأوضح المسالك 2/ 290، والمساعد 2/ 142، وشفاء العليل 2/ 596، والمقاصد النّحويّة 4/ 16، والتّصريح 2/ 99، والهمع 5/ 51، والدّرر 5/ 227.
الشّاهد: (حبّذا عاذري) و (لا حبّذا العاذل الجاهل) حيث استعمل (حبّذا) في العبارة الأولى للدّلالة على المدح، و (لا حبّذا) في العبارة الثّانية للدّلالة على الذّمّ.
(2)
أَولِ: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت. ذا: مفعول ثان تقدم على المفعول الأول. المخصوص: مفعول أول لِأَولِ. أيًّا: اسم شرط، خبر لكان مقدم عليه. كان: فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو يعود إلى المخصوص. لا: ناهية. تعدل: فعل مضارع مجزوم بلا الناهية، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت. بذا: جار ومجرور متعلق بتعدل. فهو: الفاء للتعليل، هو: ضمير منفصل مبتدأ، وجملة. يضاهي. وفاعله المستتر فيه جوازًا تقديره هو: في محل رفع خبر المبتدأ. المثلا: مفعول به ليضاهي.
ش:
سبق أن (ذا) من قولك: (حبذا): فاعل، وهو المعتمد.
وذكر هنا: أن هذا الفاعل لا يتغير لفظه أصلا، سواء ذُكر بعد (حبذا) مفرد أو غيره، بل يبقى على انفراده وتذكيره مطلقًا، فتقول:(حبذا زيد)، (حبذا الزيدان)، (حبذا الزيدون)، (حبذا هند)، (حبذا الهندات).
ولا يقال: (حبذي هند)، و (لا حبذان الزيدان)، و (لا حب أولئك الزيدون)؛ كما قال:(وَأَوْلِ ذَا المَخْصُوصَ أيًّا كَانَ) يعني: أن لفظة (ذا) أعطها المخصوص على أي حال كان المخصوص، و (لا تعدل بذا)؛ أي:(عن ذا)؛ لأنه ضاهى المَثَل في لزوم حالة واحدة.
و (المَثَل): هو قولهم: (الصيف ضيَّعتِ اللبن) بكسر التاء، يقال لمن ضيع المصلحة في أوانها فيخاطب به المذكر والمؤنث مفردًا أو مثنى أو جمعًا.
وابن كيسان: أن (ذا) من (حبذا): مشار به إلى مفرد، والمخصوص عنده على حذف مضاف، فالتقدير في:(حبذا زيد)، و (حبذا هند)، (حبذا أمرُ زيدٍ)، و (حبذا حُسنُ هندٍ).
ورده ابن العلج: بأنه لم ينطق به أصلًا.
ويجوز الجمع بين التمييز والفاعل معها؛ كـ (حبذا زيد رجلًا).
والمصنف: أن الأولى توسطه؛ كـ (حبذا رجلًا زيد)، وضعفه الفارسي.
وقال بعض البصريين: أن (رجلًا) حال، وليس بتمييز مطلقًا.
وقيل: إن كان جامدًا كـ (حبذا زيد رجلًا) فتمييز، وإن كان مشتقًا كـ (حبذا المال مبذولًا) فحال.
ويجوز حذف المخصوص للقرينة؛ كقوله:
فَحَبَّذَا رَبًّا وَحَبَّ دِينَا
…
.................................
(1)
(1)
التخريج: الرجز لعبد الله بن رواحة في ديوانه ص 107، والدرر 5/ 221، ولسان العرب 14/ 67 بدا، والمقاصد النحوية 4/ 28، ولبعض الأنصار في شرح عمدة الحافظ ص 802، وهمع الهوامع 2/ 88، 89، وقبله:
بِاِسمِ الإِلَهِ وَبهِ بَدينا
…
وَلَو عَبَدنا غَيرَهَ شَقينا
الإعراب: فحبذا: الفاء: بحسب مَا قبلها، حبذا: فعل ماض لإنشاء المدح، وذا: اسم إشارة في محل
أي: (فحبذا ربًا ربنا، وهو اللَّه تعالى).
ولا يتقدم مخصوص (حبذا)؛ لأنه جرى مجرى المثل، فلا يقال:(زيد حبذا).
وقيل: لأنه يوهم أن (زيدًا قد أحب ذا)، قاله ابن بابشاذ؛ لأن (حب) قد تعدى في قول الشاعرِ:
فَواللَّهِ لولا تَمْرُه ما حَبَبتُه
…
...............................
(1)
بخلاف: تقديم مخصوص (نعم)، فيجوز كما سبق، ولا يدخل الناسخ على
رفع فاعل. ربًا: تمييز منصوب. وحب: الواو: حرف عطف، حب: فعل ماض لإنشاء المدح، وفاعله ضمير مستتر عائد إلى ذا الإشارية المحذوفة. دينا: تمييز منصوب.
الشاهد فيه قوله: (حبذا ربًّا وحب فى دينا)؛ حيث أتى في الأول بذا فاعلًا لـ (حب)، وفي قوله:(حب دينا)؛ حيث حذفت ذا من الفعل (حب) للقرينة.
(1)
التخريج: صدر بيت من الطويل، وعجزه: ولا كان أدنى من عُبَيد ومشرق
وهو لغيلان بن شجاع النهشلي في لسان العرب 1/ 289، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 410، وخزانة الأدب 9/ 429، وشرح شواهد المغني 2/ 780، والخصائص 2/ 220.
المعنى: يقول: أقسم باللَّه لولا وجود التمر عنده ما أحببته، ولا زرته، ولا كان أقرب إليّ وأحب إليّ من ولديَّ: حبيب ومشرق.
الإعراب: فوالله: الفاء: حرف عطف، الواو: واو قسم وجر، الله: لفظ الجلالة مقسم به مجرور، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف تقديره أقسم. لولا: حرف امتناع لوجود، متضمن معنى الشرط. تمرُه: مبتدأ مرفوع، والهاء: ضمير متصل في محل جر بالإضافة، وخبر المبتدأ محذوف وجوبًا. ما حببته: ما: نافية، حببته: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل، والتاء: ضمير متصل في محل رفع فاعل، والهاء: ضمير متصل في محل نصب مفعول به. ولو: الواو: حرف عطف، لو: حرف شرط غير جازم. كان: فعل ماضٍ ناقص مبني على الفتح، واسمه ضمير مستتر جوازًا تقديره: هو. أدنى: خبر كان منصوب بالفتح المقدر. من عبيد: جار ومجرور متعلقان بأدنى. ومشرق: الواو: حرف عطف، مشرق: اسم معطوف على سابقه مجرور مثله.
وجملة (ما حببته): جواب قسم لا محل لها من الإعراب. وجملة (لولا تمره): اعتراضية. وجملة (أقسم واللَّه): معطوفة على سابقتها. وجملة (تمره) وخبرها المحذوف: جملة (الشرط) غير الظرفي لا محل لها من الإعراب. وجملة (كان أدنى): جملة شرط غير جازم لا محلّ لها من الإعراب.
الشاهد: قوله: (حببته) حيث أكد أن الفعل حبّ متعدٍّ.
مخصوص (حبذا) كما سبق مفصلًا في باب (كان).
وقوله: (أَولِ)؛ أي: أعط، و (ذا): مفعول أول، بقوله:(أَولِ)، و (المَخصُوص): مفعوله الثاني.
واللَّه الموفق
ص:
495 -
وَمَا سِوَى ذَا ارفع بِحَبَّ أَو فَجُرّ
…
بالبَا وَدُونَ ذا انضِمَامُ الحَا كَثُر
(1)
ش:
سبق أن (حب): فعل ماض، و (ذا): فاعل.
وذكر هنا أنه قد يكون فاعلها غير لفظ (ذا)، وحينئذ يجوز في فاعلهما أن يرفع وأن يجر بالباء الزائدة؛ كما قال:(وَمَا سِوَى ذَا ارْفَعْ بِحَبَّ أَو فَجُرّ بِالبَا)، كـ (حب زيد رجلًا)، و (حب بزيد رجلًا)؛ أي:(ما أحب ذا رجلًا).
وحيث كان الفاعل غير لفظ (ذا) .. فيجوز ضم الحاء وفتحها، والضم كثير في كلامهم، ولا يلزم من كونه كثيرًا: أن يكون الفتح أقل.
والضم على أن أصله: (حَبُبَ) بفتح الحاء وضم الباء، فنقلت ضمة الحاء إلى الباء على تقدير: خلو الحاء من الحركة، وأدغمت الباء في الباء، والفتح على الأصل.
ومن الفتح قوله:
بِاسْمِ الإِلَهِ وبهِ بَدَينَا
…
وَلَو عَبدنَا غَيرَهُ شَقِينَا
(1)
ما: اسم موصول: مفعول تقدم على عامله، وهو قوله: ارفع الآتي. سوى: ظرف متعلق بمحذوف صلة الموصول، وسوى مضاف، وذا: اسم إشارة مضاف إليه. ارفع. فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت. بحب: جار ومجرور متعلق بارفع. أو: عاطفة. فجر: الفاء زائدة، جر: فعل أمر معطوف على ارفع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت. بالبا: قصر للضرورة: جار ومجرور متعلق بقوله جر. ودون: الواو عاطفة، دون: ظرف متعلق بمحذوف حال، وصاحب الحال محذوف، ودون مضاف، والحا: قصر للضرورة: مضاف إليه، وجملة كثر وفاعله المستتر فيه: في محل رفع خبر المبتدأ، وتقدير الكلام: وانضمام الحاء من (حب) حال كونه دون (ذا) كثير.
فَحَبَّذَا ربًّا وَحَبَّ دِينَا
(1)
ومن الضم، قوله:
................
…
وَحُبَّ بِهَا مَمْزُوجَةً حِينَ تَقتُلُ
(2)
وأما في (حَبَّذا): فيجب فتح الحاء.
و (انضمام): مبتدأ، و (الحاءِ): مضاف إليه، و (كثر): خبره.
واللَّه الموفق
(1)
تقدم إعرابه وشرحه، والشاهد فيه هنا: أنه إذا حذف (ذا) من (حبذا) يجوز في (حب) فتح الحاء وضمها، والأكثر الضم، ومن الفتح هذا الشاهد.
(2)
التخريج: عجز بيت وصدره: فَقُلْتُ اقتُلُوها عَنْكُم بمَزَاجِها
وهو للأخطل في ديوانه ص 263، وإصلاح المنطق ص 35، وخزانة الأدب 9/ 427، 430، 431، والدرر 5/ 229، وشرح شواهد الشافية ص 14، ولسان العرب 11/ 551 قتل، 15/ 227 كفى، والمقاصد النحوية 4/ 26، وبلا نسبة في أسرار العربية ص 108، وسر صناعة الإعراب ص 143، وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 43، 77، وشرح عمدة الحافظ ص 806، وشرح المفصل 7/ 129، 141، وهمع الهوامع 2/ 89.
اللغة: اقتلوها: أي امزجوها بالماء لتضعف حدتها.
المعنى. يدعو الشاعر السقاة بأن يضعفوا حدتها بمزجها بالماء لتطيب ويعذب طعمها.
الإعراب: فقلت: الفاء بحسب ما قبلها، قلت: فعل ماض، والتاء ضمير في محل رفع فاعل. اقتلوها: فعل أمر، وها: ضمير في محل نصب مفعول به، والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. عنكم: جار ومجرور متعلقان باقتلوها. بمزاجها: جار ومجرور متعلقان باقتلوها، وهو مضاف، وها: ضمير في محل جر بالإضافة. وحُبَّ الواو حرف عطف، حب: فعل ماض جامد لإنشاء المدح. بها: الباء حرف جر زائد. وها: ضمير في محل رفع فاعل. مقتولة: حال منصوب. حين: ظرف زمان منصوب متعلق بحب. تقتل: فعل مضارع للمجهول مرفوع، ونائب فاعله ضمير مستتر تقديره: هي.
وجملة (قلت): بحسب ما قبلها. وجملة (اقتلوها) في محل نصب مفعول به. وجملة (حب) معطوفة على سابقتها. وجملة: (تقتل) في محل جر بالإضافة.
الشاهد فيه قوله: (حب) بها حيث ورد فاعل (حب) غير (ذا) فضمّت الحاء منها.