الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أفعل التفضيل
ص:
496 -
صُغ مِن مَصُوغٍ مِنهُ لِلتَّعَجُّبِ
…
أَفعَلَ لِلتَّفضِيلِ وَأبَ اللَّذ أُبِي
(1)
ش:
اسم التفضيل: هو الوصف الدال على زيادة وصف في محل على نفسه في محل آخر.
وقيل: اسم مشتق من فعل على جهة الزيادة على غيره.
قال بعضهم: ولو سموه: (أفعل الزيادة) .. كان أولى.
ويأتي بين شيئين كلاهما فيه (خير)، أو (شر)؛ إلا أنّ أحدهما أكثر خيرًا من الآخر، أو شرًا من الآخر؛ كـ (زيد أفضل من عمرو).
ولكن أجاز الكوفيون: (العسل أحلى من الخل)، و (لا حلاوة في الخل).
وما صيغ منه للتعجب يصاغ منه للتفضيل:
فلا يكون إلا من:
1.
فعل ثلاثي.
2.
متصرف.
3.
قابل للمفاضلة.
4.
تام.
5.
غير منفي.
(1)
صغ: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت. من مصوغ: جار ومجرور متعلق بصغ، وفي الكلام موصوف مقدر، أي: من فعل مصوغ. منه: جار ومجرور متعلق بمصوغ على أنه نائب فاعل له، إذ هو اسم مفعول. للتعجب: جار ومجرور متعلق بمصوغ. أفعل: مفعول به لصغ. للتفضيل: جار ومجرور متعلق بصغ. وأبَ: فعل أمر، مبني على حذف الألف، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت. اللذ: اسم موصول -لغة في الذي- مفعول به لقوله: (أبَ) والجملة من (أُبي) ونائب الفاعل المستتر فيه: لا محل لها من الإعراب صلة الموصول.
6.
ليس مبنيًا للمفعول على المشهور.
7.
وليس اسم فاعله على وزن أفعل.
فخرج بالأول: (دحرج) ونحوه.
وبالثاني: (نعم)، و (بئس).
قال أبو حيان: و (يذر)، و (يدع).
وبالثالث؛ نحو: (فني)، و (مات).
وبالرابع؛ نحو: (كان)، و (ظل).
وبالخامس؛ نحو: (ما عاج)، و (ما قام).
وبالسادس؛ نحو: (ضُرِب العبد) بالبناء للمفعول.
وبالسابع؛ نحو: (سوِد)، و (حمِر)؛ لأن اسم الفاعل منه:(أسود)، و (أحمر)، على (أفعل)، فكما تقول:(ما أحسن زيدًا)، و (ما أكتب عمرًا)، تقول:(زيد أحسن من عمرو)، و (أكتب من خالد).
وشذ قولهم: 1 - (هو أخصر من كذا)، 2 - و (أشغل من ذات النحيينِ)
(1)
(1)
أشغل من ذات النحيين، مثل عربي ذكره الميداني في المجمع: 1/ 376، وله قصة طريفة، وهي:
أن امرأة من بني تَيْم اللَّه بن ثعلبة، كانت تبيع السمن في الجاهلية، فأتاها خَوَّات بن جُبَير الأنصاري يبتاع منها سَمْنًا، فلم يَرَ عندها أحدًا، وساوَمَها فحَلَّت نِحْيًا، فنظر إليه، ثم قال: أمسكيه حتى أنظر إلى غيره، فقالت: حُلَّ نِحْيًا آخر، ففعل، فنظر إليه فقال: أريد غير هذا فأمسكيه، ففعلت، فلما شَغَلَ يديها ساوَرَها فلم تقدر على دَفْعه حتى قضى ما أراد وهرب، فقال:
وَذَاتِ عِيَالٍ وَاثِقينَ بِعقْلهَا
…
خَلَجْتُ لهَا جَارَ اسْتِهَا خَلَجَاتِ
شَغَلْتُ يَدَيْهَا إذْا أرَدْتُ خِلَاطَهَا
…
بِنِحْيَيْنِ مِنْ سَمْنٍ ذَوَيْ عجَرَاتِ
فأخْرَجتُه رَيَّانَ ينطف رَأسُه
…
مِنَ الرَّامِكِ المَدمُوم بالمِقرات
والرامك: شيء تُضَيق به المرأة قُبُلَها. والمدموم: المخلوط، والمقرة: الصبر.
فكانَ لها الويلاتُ مِن تركِ سمنِها
…
ورَجْعَتها صِفْرًا بغير بَتَاتِ
فَشَدَّتْ على النِّحْيَيْنِ كَفًّا شَحِيحَةً
…
على سَمْنِهَا والْفَتْكُ من فَعَلَاتِي
ثم أسلم خَوَّات رضي الله عنه، وشهد بَدْرًا، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"يا خَوَّات كيف شِرَادُك؟ "، وتَبَسَّم صلوات اللَّه عليه.
بكسر النون 3 - وهو: (أزهى من ديك).
فبنوه في الأول من (اختُصِر) مبني للمفعول غير ثلاثي.
وفي الثاني: من (شُغِل) مبني للمفعول أيضًا.
وفي الثالث: من (زُهِي) بمعنى: (تكبر)، ولا يستعمل إلا مبنيًا للمفعول.
لكن حكي: (زها يزهو) بالبناء للفاعل، ولا شذوذ على هذا.
وسمع: (ما أشوقه):
فقيل: شاذ وهو من (اشتاق).
وقالوا: هو (أبيض من اللبن)، (وأسود من حلكي الغراب)، و (أحمق من هبنقة).
فبنوه من اسم فاعله على أفعل.
ومنه قوله:
................
…
أبْيَضُ من أُختِ بني إِباضِ
(1)
فقال: (يا رسول اللَّه قد رَزَقَ اللَّه خيرًا، وأعوذ باللَّه من الحَور بعد الكَور).
وفي رواية حمزة: فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ما فَعَلَ بعيرُك؟ أيشرد عليك؟ ".
فقال: أمَّا منذ أسلمت -أو منذ قَيَّده الإسلام- فلا.
ويَدَّعِي الأنصار أنه عليه السلام دعا بأن تسكن غُلْمته، فسكنت بدعائه.
وهجا رجل بني تيم اللَّه فقال:
أُنَاسٌ رَبَّةُ النِّحْيَيْنِ منهم
…
فَعُدُّوها إذا عُدَّ الصَّمِيمُ
وزعموا: أن أم الورد العَجْلَانية مَرَّتْ في سوق من أسواق العرب، فإذا رجل يبيع السمن، ففعلت به كما فَعَل خَوَّاتٌ بذات النحيين من شَغْل يديها، ثم كشفت ثيابه وأقبلت تضربُ شقَّ استه بيديها، وتقول:(يا ثارات ذاتِ النِّحْيَيْنِ).
(1)
التخريج: عجز بيت من الرجز وصدره: جَارِيَةٌ فِي دِرْعِهَما الفَضْفَاض
وهو لرؤبة في ملحق ديوانه ص 176، وخزانة الأدب 8/ 233، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 81، ولسان العرب 7/ 122 (بيض)، ومغني اللبيب 2/ 691.
اللغة: الجارية: الفتيّة من النساء. درعها: قميصها. الفضفاض: الواسع. بنو أباض: قوم اشتهروا ببياض بشرتهم.
المعنى: هذه المرأة البيضاء الفتية، تلبس قميصًا واسعًا، أكثر بياضًا من بني إباض.
وقول الآخر:
................
…
فأنت أبْيَضُهم سرْبالَ طبّاخِ
(1)
الإعراب. جارية: خبر لمبتدأ محذوف تقديره هي مرفوع بالضمّة. في درعها: جار ومجرور متعلقان بصفة محذوفة لـ جارية، وها: ضمير متصل في محل جرّ بالإضافة. الفضفاض: صفة مجرورة بالكسرة. أبيض: خبر ثانٍ مرفوع بالضمّة. من أخت: جار ومجرور متعلّقان باسم التفضيل أبيض. بني: مضاف إليه مجرور بالياء لأنّه ملحق بجمع المذكر السالم. أباض: مضاف إليه مجرور بالكسرة.
وجملة (هي جارية): ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب.
الشاهد: قوله: (أبيض) حيث جاء بأفعل التفضيل من البياض، وهذا ما يجيزه الكوفيون في البياض والسواد، ويأباه البصريون.
(1)
التخريج: عجز بيت من البسيط، وصدره: إِذَا الرِّجَالُ شَتَوْا واشْتَدّ أَكلُهُمُ
وهو لطرفة بن العبد في ديوانه ص 18، ولسان العرب 7/ 124 (بيض)، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 8/ 139، وأمالي المرتضى 1/ 92، وخزانة الأدب 8/ 230، ولسان العرب 7/ 123 (بيض)، 15/ 96 (عمى)، والمقرب 1/ 73.
اللغة: شتوا: دخلوا في الشتاء. اشتد: صار شديدًا عسيرًا. السربال: القميص، أو كل ما لُبس.
المعنى: يهجو أحدهم واصفًا إياه بالبخيل الشحيح، فيقول: عندما يدخل الناس في فصل الشتاء، ويعسر عليهم إيجاد ما يأكلونه، تكون أنت أكثر الناس شحًا، فطبّاخك لا يعمل، بل تبقى ملابسه بيضاء؛ لأنك لا تولم لأحد، ولا تطبخ شيئًا.
الإعرب: إذا: ظرف لما يستقبل من الزمان، يتضمن معنى الشرط، متعلق بالجواب. الرجال: فاعل مرفوع بالضمة لفعل محذوف تقديره (شتا). (شتوا): فعل ماض مبني على الضم المقدّر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين، والواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل. واشتدّ: الواو: حرف عطف، اشتد: فعل ماضٍ مبني على الفتح. أكلهم: فاعل مرفوع بالضمّة، وهم: ضمير متصل في محل جرّ بالإضافة. فأنت: الفاء: رابطة لجواب الشرط، أنت: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. أبيضهم: خبر مرفوع بالضمّة، وهم: ضمير متصل في محل جر بالإضافة. سربال: تمييز منصوب بالفتحة. طباخ: مضاف إليه مجرور بالكسرة.
وجملة (إذا الرجال شتوا
…
): الشرطية ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (شتا الرجال): في محل جرّ بالإضافة. وجملة (شتوا): تفسيرية لا محل لها من الإعراب. وجملة (اشتدّ): معطوفة على جملة (شتوا): لا محلّ لها. وجملة (فأنت أبيضهم): جواب شرط غير جازم لا محل لها من الإعراب.
الشاهد: قوله: (أبيضهم)؛ حيث جاء بأفعل التفضيل من البياض، وهذا ما يجيزه الكوفيون في البياض والسواد، ويأباه البصريون.
وإنما منعوا هذا؛ لئلا يلتبس اسم التفضيل باسم الفاعل؛ إذ وزنهما واحد، وألحق به التعجب كما سبق، لجريانهما مجرى واحدًا كما في "التسهيل".
وشذ: (هو ألصُّ من شظاظ)
(1)
، فبنوه من لفظ:(اللص)، و (شظاظ): لص من بنى ضبة.
وأجاز سيبويه: صوغ اسم التفضيل من أفعل كما سبق في التعجب، كقولهم:(هو أعطاهم للدراهم).
وعن المبرد: جوازه من كل ثلاثى مزيد: كـ (افتعل)، و (استفعل)، فيقال: من (استخرج) هو: (أَخرجُ) من كذا.
والمعتمد: خلافه؛ إذ لا يدرى هل هو من (خرج)، أو (استخرج).
واللَّه الموفق
ص:
497 -
وَمَا بِهِ إلَى تَعَجُّبٍ وُصِل
…
لِمَانِعٍ بِهِ إِلَى التَّفضِيلِ صِل
(2)
ش:
ما يتوصل به إلى التعجب في الأفعال التي لم تستكمل الشروط .. يتوصل به
(1)
روى الميداني في المجمع (1/ 347): هو رجل من بني ضبة كان يصيبُ الطريقَ مع مالك بن الرَّيْب المازني، زعموا أنه مَرَّ بامرأة من بني نمير وهي تعقل بعيرًا لها وتتعوّذ من شر شِظَاظ، وكان بعيرها مُسِنًا، وكان هو على حاشية من الإبل وهي الصغير، فنزل وقال لها: أتخافين على بعيرك هذا شظَاظًا؟ فقالت: ما آمَنُه عليه، فجعل يَشْغَلها، وجعلت تُرَاعي جمله بعينها، فأغفلت بعيرها، فاستوى شظاظ عليه وجعل يقول:
رُبَّ عَجُوزٍ من نمير شَهْبَرهْ
…
عَلَّمْتُهَا الإنقاض بَعْدَ الْقَرْقَرَهْ
الإنقاض: صوت صغار الإبل، والقرقرة: صوت مَسَانِّها، فهو يقول: علمتها استماعَ صوت بعيري الصغيرِ بعد استماعها قرقرةَ بعيرها الكبير.
(2)
وما: اسم موصول: مبتدأ. به: جار ومجرور متعلق بقوله: (وصل) الآتي على أنه نائب فاعل له تقدم عليه، وإنما ساغ ذلك لأن الجار والمجرور يتوسع فيهما. إلى تعجب: جار ومجرور متعلق بوصل، وجملة وصل: ونائب فاعله لا محل لها صلة الموصول. لمانع: جار ومجرور متعلق بوصل أيضًا. به إلى التفضيل: جاران ومجروران يتعلقان بقوله: صل الآتي. صل: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت.
إلى التفضيل، فإذا أريد التفضيل من نحو:(انطلق)، و (استخرج) .. يقال:(هو أشد انطلاقًا من زيد)، و (أشد استخراجًا من عمرو)؛ كما قيل في التعجب:(ما أشد انطلاقه) ونحوه.
والنصب في التعجب: على المفعولية، وهنا: على التمييز.
تنبيه:
قولهم: (خير من كذا)، و (شر من كذا) أصله:(أخير)، و (أشر)، فحذفت الهمزة تخفيفًا، فانصرفا لنقصان نيابهما.
وقرأ أبو قلابة: (مَنِ الكذاب الأشَرُّ) بفتح الشين، وتشديد الراء، فجاء على الأصل.
ونحو قول الشاعرِ:
بِلَالُ خَيرُ النَّاسِ وابنُ الأَخيَرِ
(1)
وسبق الكلام عليهما في التعجب.
واللَّه الموفق
ص:
498 -
وأَفعَلَ التَّفضِيلِ صِلهُ أَبَدَا
…
تَقدِيرًا أو لَفظًا بِمِن إِن جُرِّدَا
(2)
(1)
التخريج: الرجز بلا نسبة في الدرر 6/ 265، وشرح التصريح 2/ 101، وشرح عمدة الحافظ ص 770، وهمع الهوامع 2/ 166.
الإعراب: بلال: مبتدأ مرفوع. خير: خبر المبتدأ مرفوع، وهو مضاف. الناس: مضاف إليه مجرور.
وابن: الواو: حرف عطف، ابن: معطوف على خير مرفوع، وهو مضاف. الأخيَر: مضاف إليه مجرور.
الشاهد: قوله: (خير الناس) حيث جاء أفعل التفضيل على غير الوجه الذي يأتي عليه نظراؤه، فالقياس هو أفعل؛ إذ يجب أن يقال (أخير)، غير أنه لكثرة استعماله خفف بحذف همزته الأولى فصار (خير). فهو شاذ في القياس، فصيح في الاستعمال.
وقوله: (ابن الأخير) حيث جاء أفعل التفضيل على الوزن القياسي وهو (الأخير) غير أن شيوع استعماله بخلاف ذلك، فاعتبر استعماله القياسي شاذًّا.
(2)
وأفعل: مفعول به لفعل محذوف يفسره ما بعده، وأفعل مضاف والتفضيل: مضاف إليه. صله: صل: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت، والهاء مفعول به. أبدًا: منصوب
ش:
اسم التفضيل على ثلاثة أقسام:
• مجرد من (أل) والإضافة.
• ومضاف.
• ومقرون بـ (أل).
[اسم التفضيل المجرد]
فالمجرد: يجب اتصال (مِن) به:
لفظًا؛ كقوله تعالى: {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى} .
أو تقديرًا؛ كقولك: (اللَّه أكبر)؛ أي: (من كل كبير).
وقد اجتمعا في قوله تعالى: {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا} .
والمبرد: أنها لابتداء الغاية. وهو المشهور.
وقمال ابن ولاد: ابتداء الغاية لا يكون إلا إذا كان له انتهاء؛ نحو: (من البصرة إلى الكوفة)، ولا يجوز (زيد أفضل منك إلى عمرو). انتهى.
وقيل: للمجاوزة، فـ (زيد أفضل من عمرو)، تقديره:(زيد جاوز عمرًا) في الفضل وهو للمصنف والرضي.
ولا تتصل (مِن) بغير المجرد: فلا يقال: (أنت أفضل القوم من رجل)، (ولا أنت الأفضل من عمرو).
وأما قوله:
ولست بالأكثر مِنهُمْ حَصًى
…
...................
(1)
عَلى الظرفية تقديرًا: حال. أو لفظًا: معطوف عليه .. بمن: جار ومجرور متعلق بصِل. إن: شرطية. جردا: جرد: فعل ماض مبني للمجهول، فعل الشرط، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو، والألف للإطلاق، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام.
(1)
التخريج: صدر بيت من الرجز، وعجزه: وَإِنَّمَا العِزَّةُ لِلكَاثِر
وهو للأعشى في ديوانه ص 193، والاشتقاق ص 65، وخزانة الأدب 1/ 185، 3/ 400، 8/ 250، 251، 253، 254، والخصائص 1/ 185، 3/ 236، وشرح التصريح 2/ 104، وشرح شواهد الإيضاح ص 351، وشرح شواهد المغني 2/ 902، ومغني اللبيب 2/ 572، والمقاصد النحوية 4/ 38، ونوادر أبي زيد ص 25، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص 422، وخزانة الأدب 2/ 11.
اللغة: الحصى (هنا): العدد والأنصار. العزّة: الغلبة. الكاثر: الكثير العدد.
فـ (مِن) متعلقة بأفعل تفضيل محذوف دل عليه المذكور؛ أي: (ولست بالأكثر أكثر منهم).
أو أن (مِن) لبيان الجنس؛ أي: (بالأكثر من بينهم).
أو أن (أل) زائدة، فلا يمتنع معها (مِن).
والفارسي في "التذكرة": أن (مِن) هنا بمعنى (في).
وجاءت مع المضاف، في قول الآخر:
نَحنُ بِغَرسِ الوَدِيِّ أَعلَمُنا
…
مِنَّا بِرَكضِ الجِيادِ في السَّدَفِ
(1)
المعنى: يقول هاجيًا علقمة بن علاثة: فيمَ تزعم أنك أعز من عامر، ولست بأكثر منهم عددًا، وإنّما العزة لصاحب الكثرة. لأن الجاهليين كانوا يعتبرون أن الكثرة العددية هي مقاس للتفاخر لما تثير في نفوس الأعداء من خوف ورعب، وفي نفوس أصحابها الشعور بالقوِّة والمنعة.
الإعراب: ولست: الواو بحسب ما قبلها، ولست: فعل ماضٍ ناقص، والتاء: ضمير متصل مبني في محل رفع اسم ليس. بالأكثر: الباء: حرف جر زائد، والأكثر: اسم مجرور لفظًا منصوب محلّاً على أنه خبر ليس. منهم: جار ومجرور متعلقان بـ (أكثر) محذوفة دلّ عليها قوله: بالأكثر والتقدير ولست بالأكثر بأكثر منهم. حصى: تمييز منصوب. وإنما: (الواو): حرف عطف، وإنما: كافة ومكفوفة. العزة مبتدأ مرفوع. للكاثر: جار ومجرور متعلقان بالخبر المحذوف.
وجملة (لست بالأكثر): بحسب ما قبلها. وجملة (إنما العزّة للكاثر): استئنافية لا محل لها من الإعراب.
الشاهد: قوله: (بالأكثر منهم) فإن ظاهره أنه جمع بين (أل) الداخلة على أفعل التفضيل، و (من) الجارة للمفضول عليه، بينما هي في الحقيقة داخلة على أفعل تفضيل محذوف دل عليه المذكور؛ أي:(ولست بالأكثر أكثر منهم).
وقد أجاز الجمع بينهما أبو عمرو الجرمي، مستدلا بهذا البيت.
(1)
التخريج: البيت لقيس بن الخطيم في ملحق ديوانه ص 236، ولسعد القرقرة في فصل المقال ص 210، 211، ولسان العرب 9/ 147 سدف، ولسعد أو لقيس بن الخطيم في شرح شواهد المغني 2/ 845، والمقاصد النحوية 4/ 55، وللأنصاري في لسان العرب 15/ 386 ودي، وبلا نسبة في خزانة الأدب 9/ 219.
اللغة: الودي: صغار النخل. السدف: اختلاط الضوء بالظلمة.
المعنى: يقول: نحن بغرس الودي أعلم من ركض الجياد وقت اختلاط الظلمة بالنور.
الإعراب: نحن: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. بغرس: جار ومجرور متعلقان بأعلمنا، وهو مضاف. الودي: مضاف إليه مجرور بالكسرة. أعلمنا: خبر المبتدأ مرفوع، وهو مضاف، ونا: ضمير في محل جر بالإضافة. منا: جار ومجرور متعلقان بأعلمنا. بركض: جار ومجرور متعلقان بأعلمنا، وهو مضاف. الجياد: مضاف إليه مجرور بالكسرة. في السدف: جار ومجرور
وخرج على أن التقدير: (أعلم منا) فحذفت (مِن) وأضيف الضمير منويًا انفصاله، وعلى هذا فيكون قوله:(منا): توكيدًا.
وأبو الفتح بن جني في "المسائل": أن (مِن) المذكورة في البيت متعلقة بـ (أعلم)، والأصل:(أعلم منا بركض الجياد)، وقوله:(نا): توكيد للضمير في (أعلم)، وكان القياس أن يقول:(نحن بغرس الودي أعلم نحن منا) فأوقع المتصل موقع المنفصل ضرورة؛ كما وقع في قوله:
................
…
أَن لَا يُجَاوِرَنَا إلَّاكِ دَيَّارُ (1)
والله الموفق
متعلقان بركض.
الشاهد: قوله: (أعلمنا منا) حيث أضيف أفعل التفضيل إلى ضمير المتكلم، وجاءت بعده (مِن) الجارة للمفضول المتعلقة بأفعل التفضيل، وهذا شاذ.
وخرج على أن التقدير: (أعلم منا) فحذفت (مِن) وأضيف الضمير منويًا انفصاله، وعلى هذا فيكون قوله:(منا): توكيدًا.
(1)
التخريج: عجز بيت من البسيط، وصدره: وَمَا عَلَيْنَا إِذَا مَا كنْتِ جَارَتنا
وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 129، وأمالي ابن الحاجب ص 385، وتخليص الشواهد ص 100، وخزانة الأدب 5/ 278، 325، والخصائص 1/ 307، 2/ 195، والدرر 1/ 176، وشرح شواهد المغني ص 844، وشرح ابن عقيل ص 52، وشرح المفصل 3/ 101، ومغني اللبيب ص 2/ 441، والمقاصد النحوية 1/ 253، وهمع الهوامع 1/ 57.
اللغة. ما علينا: أي لا يهمنا، ولا نكترث. ديَّار: أحد.
المعنى: يقول: لا يهمنا ألا يجاورنا أحد سواك، لأن جوارك يغنينا عن جميع الناس.
الإعراب: وما: الواو بحسب ما قبلها، وما: حرف نفي. نبالي: فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء، والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن. إذا اسم شرط مبني في محل نصب مفعول فيه متعلق بجوابه. ما: زائدة. كنت: فعل ماض ناقص، والتاء ضمير متصل مبني في محل رفع اسم كان. جارتنا: خبر كان منصوب وهو مضاف، ونا: ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. أن: حرف نصب. لا: حرف نفي. يجاورَنا: فعل مضارع منصوب بالفتحة، ونا: ضمير متصل في محل نصب مفعول به. إلاك: حرف استثناء، والكاف ضمير متصل مبني في محل نصب على الاستثناء ديار: فاعل مرفوع بالضمة. ويجوز أن يكون المصدر المنسبك من أن وما بعدها منصوبًا على نزع الخافض تقديره: ما علينا في عدم مجاورة غيرك إيانا ضرر.
وجملة (ما نبالي) الفعلية: بحسب ما قبلها. وجملة (ما كنت جارتنا): في محل جر بالإضافة.
وجملة (يجاورنا إلاك): صلة الموصول الحرفي لا محل لها من الإعراب.
الشاهد: قوله: (إلاك) حيث أوقع الضمير المتصل بعد (إلا) للضرورة الشعرية، والقياس: إلا إياك.
ص:
499 -
وَإِن لِمَنكُورٍ يُضَف أَو جُرِّدَا
…
أُلزِمَ تَذكِيرًا وَأَن يُوَحَّدَا
(1)
ش:
[اسم التفضيل المضاف لنكرة والمجرد من أل والإضافة]
متى أضيف أفعل التفضيل المنكر أو جرد من (أل) والإضافة .. وجب أن يكون مفردًا مذكرًا.
فالمجرد: (زيد أفضل من عمرو)، و (الزيدان، أو الزيدون أفضل من عمرو)، و (الهندان أو الهندات أفضل من بكر وزيد)، أو (الزيدان أفضل)، و (الزيدون، أو الهندات أفضل)؛ أي: (من عمرو) ونحوه.
والمضاف للنكرة: (زيد أفضل رجل)، و (هند أفضل امرأة)، و (الزيدان أفضل رجلين)، و (الهندات أفضل امرأتين)، و (الزيدون أفضل رجال)، و (الهندات أفضل نساء).
فألزم التذكير كفعل التعجب والإفراد؛ لأنه واقع موقع الفعل، بدليل أن المعنى:(الزيدان أو الزيدون يزيد فضلهما على فضل عمرو)، والفعل لا يثنى، ولا يجمع.
وتجب المطابقة في المضاف إليه: إفرادًا، وتثنية، وجمعًا، كما ذكر في الأمثلة، فلا يقال:(الزيدان أفضل رجل)، و (لا الزيدون أفضل رجل).
وأما قوله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} ولم يقل: (كافرين) .. فعلى تقدير: (فريق)، أو (فوج) وهو مطابق؛ أي:(أول فريق كافر).
وأما قولُ الشاعرِ:
(1)
وإن: شرطية. لمنكور: جار ومجرور متعلق بقوله: يضف الآتي. يضف: فعل مضارع مبني للمجهول، فعل الشرط، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو يعود إلى أفعل التفضيل. أو: عاطفة. جردا: معطوف على يضف. ألزم: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح في محل جزم جواب الشرط، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه، وهو المفعول الأول. تذكيرًا: مفعول ثان لألزم. وأن: مصدرية. يوحدا: فعل مضارع مبني للمجهول منصوب بأن، ونائب فاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو، والمصدر المنسبك من (أن) المصدرية ومعمولها منصوب معطوف على قوله: تذكيرًا، وتقدير الكلام: ألزم تذكيرًا وتوحدًا، أي إفرادًا.
كأَنَّ صُغرَى وَكُبرَى مِن فَقَاقِعِهَا
…
حَصبَاءُ دُرٍّ عَلَى أَرضٍ مِنَ الذَّهَبِ
(1)
فظاهره: أنه أنث فيه اسم التفضيل، وهو لا يؤنث إذا جرد أو أضيف كما سبق ذكره.
لكن قال العيني: إن (أفعل) هنا: مجرد من معنى التفضيل، فيجوز جمعه، وإذا جاز جمعه .. جاز تأنيثه.
وقال أبو حيان أيضًا: لا لحن فيه؛ لأن (كبرى)، و (صغرى) هنا بمعنى:(كبيرة، وصغيرة)، لا التي تكون للتفضيل.
وقيل: أراد (صغراهما)، و (كبراهما)، فنوى الإضافة.
والله الموفق
ص:
500 -
وَتِلوُ أَل طِبقُ وما لِمَعرفَه
…
أُضِيفَ ذُو وَجهَينِ عَن ذِي مَعرِفَهْ
(2)
(1)
التخريج: البيت لأبي نواس في ديوانه ص 34، وخزانة الأدب 8/ 277، 315، 318، وشرح المفصل 6/ 102، وبلا نسبة في مغني اللبيب 2/ 380.
اللغة: فقاقعها: ما يعلو الماء أو غيره من النفاخات، ويروى: فواقعها. الحصباء: الحجارة الصغيرة.
المعنى: يقول: إن الفقاقيع التي علت الكأس شبيهة بالحجارة الصغيرة من الدر منثورة على أرض ذهبية اللون.
الإعراب: كأن: حرف مشبه بالفعل. صغرى: اسم كأن منصوب بالفتحة المقدرة على الألف للتعذر. وكبرى: الواو: حرف عطف، كبرى: معطوف على صغرى منصوب بالفتحة المقدرة على الألف للتعذر. من: حرف جر. فقاقعها: اسم مجرور بالكسرة، وهو مضاف، وها: ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. حصباء: خبر كأن مرفوع بالضمة، وهو مضاف. در: مضاف إليه مجرور بالكسرة. على: حرف جر. أرض: اسم مجرور بالكسرة؛ والجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال من خبر كأن. من: حرف جر. الذهب: اسم مجرور بالكسرة، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف نعت لـ (أرض).
الشاهد: قوله: (صغرى وكبرى) حيث جاء أفعل التفضيل مجردًا من أل، والإضافة ومؤنثًا، وكان حقه أن يأتي مذكرًا مفردًا مهما كان أمر الموصوف به، لذلك لحَّن النحاة أبا نواس في هذا القول، وقيل: إن الشاعر لم يرد معنى التفضيل، وإنما أراد معنى الصفة المشبهة.
(2)
وتلو: مبتدأ، وتلو مضاف وأل: قصد لفظه: مضاف إليه. طبقٌ: خبر المبتدأ. وما: الواو عاطفة، ما اسم موصول: مبتدأ. لمعرفة: جار ومجرور متعلق بقوله: أضيف الآتي. أضيف: فعل ماض
501 -
هَذَا إذَا نَوَيتَ مَعنَى مِن وَإِن
…
لَم تَنوِ فَهوَ طِبقُ ما بِهِ قُرِن
(1)
ش:
[اسم التفضيل المحلى بأل والمضاف لمعرفة]
المعرف بـ (أل): تجب مطابقته لما قبله في التذكير والتأنيث والإفراد وغيره؛ نحو: (زيد الأفضل)، و (هند الفضلى)، و (الزيدان الأفضلان)، و (الهندان الفضليان)، و (الزيدون الأفضلون)، و (الهندات الفضليات)، أو (الفُضَل) بفتح الضاد.
ولا يجوز ترك المطابقة: فلا يقال: (الزيدون الأفضل) ونحوه؛ لأنه حينئذ لم يكن على معنى: (مِن) فهو بمعنى: (الزيدان الفاضلان) ونحو ذلك.
وأشار بقوله: (وَمَا لِمَعرِفَة
…
إلى آخر البيت) إلى أن أفعل التفضيل إذا أضيفت لمعرفة .. جاز فيه المطابقة وعدمها:
فالمطابقة: كـ (الزيدان أفضلا القوم)، و (الزيدون أفضلو القوم)، أو (أفاضل القوم)، و (الهندان فضليا النساء)، و (الهندات فضليات النساء)، أو (فُضَل النساء).
ومن المطابقة قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا} ، فـ (أكابر
مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول. ذو: خبر المبتدأ الذي هو ما الموصولة، وذو مضاف ووجهين: مضاف إليه. عن ذي: جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لوجهين، وذي مضاف ومعرفة: مضاف إليه، والتقدير: ذو وجهين منقولين عن ذي معرفة.
(1)
هذا: اسم إشارة مبتدأ، وخبره محذوف، وتقديره:(هذا ثابت)، ونحوه. إذا: ظرف تضمن معنى الشرط. نويت: فعل وفاعل، والجملة في محل جر بإضافة (إذا) إليها. معنى: مفعول به لنويت، ومعنى مضاف ومن: قصد لفظه: مضاف إليه، وجواب (إذا) محذوف يدل عليه سابق الكلام. وإن: شرطية. لم. نافية جازمة. تنو: فعل مضارع مجزوم بلم، فعل الشرط، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت، ومفعوله محذوف يدل عليه ما قبله، أي: وإن لم تنو معنى من. فهو: الفاء لربط الشرط بالجواب، هو: ضمير منفصل مبتدأ. طبق: خبر المبتدأ، وطبق مضاف وما: اسم موصول: مضاف إليه. به: جار ومجرور متعلق بقوله قرن الآتي. قرن: فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة، والمراد بمعنى (مِن) -الذي قد تنويه وقد لا تنويه- هو التفضيل.
مجرميها): مفعول أول، و (في كل قرية): مفعول ثان.
وعدم المطابقة: كـ (الزيدان أفضل القوم)، و (الزيدون أفضل القوم)، و (الهندان أو الهندات أفضل النساء)، وفي القرآن:{وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} .
وأنكر المطابقة محمد بن السراج.
ويرد عليه الآية المتقدمة.
فإن أعرب (مجرميها) مفعولًا أولًا، و (أكابر) مفعولًا ثانيًا .. لزمه أن المجرد من (أل) والإضافة يطابق، وقد سبق أن المجرد منهما يكون مفردًا مذكرًا.
وفي "الكشاف": وقرئ: (أكبر مجرميها) على الإفراد.
وجواز الوجهين مع المضاف للمعرفة مشروط بأن يقصد التفضيل، وهو المراد بقوله:(هَذَا إذَا نَوَيتَ مَعنَى مِنْ).
ويشترط هنا: أن يكون المضاف بعض المضاف إليه كما ذكر في الأمثلة.
أما إذ لم يقصد تفضيل كما مر في: (الزيدان الأفضلان) .. فهو بمعنى: فاعل، وتجب المطابقة؛ كما قال:(وَإِن لَم تَنوِ فَهو طِبقُ مَا بِهِ قُرن).
فلا يجوز إذا لم ينو التفضيل أن تقول: (الزيدان أفضل القوم)، و (لا الزيدون أفضل القوم)، و (لا الهندات أفضل النساء) .. بل تجب المطابقة، كـ (الزيدان أفضلا القوم)، و (الزيدون أفضلو القوم)، و (الهندات فُضَل أو فضليات النساء)؛ لأنه أشبه الوصف، والوصف الذي لا تفضيل له: تجب مطابقته؛ كـ (الزيدان الضاربان)، فـ (الزيدون أفضل القوم)، معناه:(الفاضلون في القوم) كما مر في: (الزيدان الأفضلان)، معناه:(الفاضلون).
ومنه: (الناقص والأشج أعدلا بني مروان)، فلما لم يقصد التفضيل .. طابق، والدليل على عدم قصد التفضيل: أن بني مروان لم يكن فيهم عادل غير هذين، فلم يوجد مفضل عليه، فهما بمعنى: عادلان.
و (الأشج): عمر بن عبد العزيز، و (الناقص): معاوية
(1)
.
(1)
سمي بذلك لأنه كان مقتصدًا بالعطايا.
وقيل: غيره (1).
ومن ورود أفعل لغير تفضيل أيضًا قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} ؛ إذ لا يهون على اللَّه شيء دون شيء.
وهل يحفظ هذا أو يقاس عليه؟
المشهور: الأول.
وقاس المبرد؛ كقول الشاعر:
إِنَّ الَّذِي سَمَكَ السَّمَاءَ بَنَى لنَا
…
بَيتًا دَعَائِمُهُ أعزُّ وأَطوَلُ (2)
أي: (عزيزة طويلة).
وقيل: باق على أصله، من إرادة التفضيل في الآية، وهو رد على منكر البعث؛ لأن الإعادة أقرب إلى عقولهم؛ فإنه سبحانه: أوجدهم ولم يكونوا شَيئًا، فجاء على قدر عقولهم، كما ذكر.
(1) قيل: الناقص: يزيد بن الوليد بن عبد الملك، سمّي بذلك لنقصه أرزاق الجند.
(2)
التخريج: البيت للفرزدق في ديوانه 20/ 155، والأشباه والنظائر 6/ 50، وخزانة الأدب 6/ 539، 8/ 242، 243، 276، 278، وشرح المفصل 6/ 97، 99، والصاحبي في فقه اللغة ص 257، ولسان العرب 5/ 127 كبر، 3745 عزز، والمقاصد النحوية 4/ 42.
اللغة: سمك: بنى
المعنى: يقول: إن اللَّه بنى لهم بيتًا عزيزًا طويل الدعائم.
الإعراب: إن: حرف مشبه بالفعل. الذى: اسم موصول في محل نصب اسم إن. سمك: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر تقديره: هو. السماء: مفعول به منصوب. بنى: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر تقديره: هو. لنا: جار ومجرور متعلقان ببنى. بيتًا: مفعول به. دعائمه: مبتدأ مرفوع، وهو مضاف، والهاء ضمير في محل جر بالإضافة. أعز: خبر المبتدأ مرفوع. وأطول: الواو حرف عطف، أطول: معطوف على أعز مرفوع.
وجملة (إن الذي): ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (سمك): صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. وجملة (بنى): في محل رفع خبر إن. وجملة (دعائمه أعز): في محل نصب نعت بيتًا.
الشاهد: قوله: (أعز وأطول) حيث استخدم الشاعر صيغتي التفضيل من غير التفضيل، ولو فعَل .. لاعترف بأن لمهجوه بيتًا عزيز الجانب، وهذا ما لا يريده.
وهل إذا تجرد من معنى التفضيل، يجوز أن يجمع؟ فيساوي المحلى بـ (أل)؟
نعم، يجوز بقلة إذا كان ما هو له جمعًا؛ كقوله:
إِذا غَابَ عَنكُم أسوَدُ العَينِ كُنتُمُ
…
كِرَامًا وَأَنتُم مَا أَقَامَ أَلَائِمُ (1)
وفهم مما تقدم: أن (أفعل) له معان:
أحدها: أن يراد به الزيادة على المضاف إليه في الخصلة المشتركة بينهما، فيشترط حينئذ أن يكون أفعل التفضيل بعض المفضل عليهم؛ كـ (الزيدون أفضل القوم) كما سبق، ولا يصح على هذا المعنى أن يقال:(زيد أشعر الجن)، و (لا يوسف أحسن إخوته)؛ لأنك تجعل (يوسف) بعض إخوته وجوبًا للشرط المذكور، فيدخل في جملتهم، وهذا صحيح لولا إضافة (الإخوة) لـ (الهاء) العائدة عليه؛ لأن (الهاء) تخرجه من جملتهم؛ فإن المضاف غير المضاف إليه، فتمتنع المسألة كما ذكر؛ لأنه يخرج بعد
(1) التخريج: البيت للفرزدق في شرح التصريح 2/ 102، وشرح شواهد المغني 2/ 799، والمقاصد النحوية 4/ 57، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في أمالي القالي 1/ 171، 2/ 47، وجمهرة اللغة ص 650، وخزانة الأدب 8/ 277، وسمط اللآلي ص 430، ولسان العرب 12/ 381 عتم، ومعجم البلدان 1/ 193 أسود العين.
اللغة: أسود العين: اسم جبل. ألائم: جمع ألأم بمعنى لئيم، وهو الدنيء الأصل الشحيح.
المعنى: لا يمكن أن تكونوا بين الكرام حتى يزول هذا الجبل من مكانه، فأنتم والبخل صنوان على مر الزمان.
الإعراب: إذا: ظرف لما يستقبل من الزمان، خافض لفعله متعلق بجوابه مبني على السكون في محل نصب. غاب: فعل ماض مبني على الفتحة الظاهرة. عنكم: جار ومجرور متعلقان بالفعل غاب. أسود: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة وهو مضاف. العين: مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة. كنتم: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بالتاء المتحركة والتاء: ضمير متصل في محل رفع اسمها، والميم علامة جمع الذكور. كرامًا: خبرها منصوب بالفتحة الظاهرة. وأنتم: الواو: استئنافية، أنتم: ضمير رفع منفصل في محل رفع مبتدأ. ما أقام: ما مصدرية زمانية، أقام: فعل ماضٍ مبني على الفتحة الظاهرة، والفاعل ضمير مستتر جوازًا تقديره هو. ألاثم: خبر مرفوع بالضمة الظاهرة.
وجملة (غاب): في محل جر بالإضافة. وجملة (كنتم كرامًا): جواب شرط غير جازم لا محل لها.
وجملة (أنتم ألائم): استئنافية لا محل لها. وجملة (أقام): صلة الموصول الحرفي لا محل لها.
والمصدر المؤول من (ما أقام) في محل نصب على الظرفية الزمانية، متعلق بـ (ألائم).
الشاهد: قوله: (ألائم) لم يقصد به المفاضلة، بل الصفة المشبهة ولأجل ذلك جاز جمعه.
أن دخل.
فلو قيل: (يوسف أحسن الإخوة) .. جاز على إرادة التفضيل؛ كما تقول: (زيد أفضل القوم) ما لم يجعل (أل) عوضًا من الضمير.
والثاني: أن يراد به مطلق الزيادة؛ أي: لا يراد به التفضيل على ما بعده، بل يراد تخصيصه بتلك الخصلة دون ما بعده، فلا يشترط حيئنذ أن يكون بعض المضاف إليه، فيجوز:(زيد أشعر الجن)؛ أي: (شاعر في الجن)، و (يوسف أحسن إخوته)؛ أي:(حسن في إخوته).
الثالث: لا تفضيل فيه، وقد سبق.
واللَّه الموفق
ص:
502 -
وَإِن تَكُن بِتلوِ مِن مُستَفهِمَا
…
فَلَهُمَا كُن أَبَدًا مُقَدِّمَا (1)
503 -
كَمِثلِ مِمَّن أَنتَ خَيرُ وَلَدَى
…
إِخبَارٍ التَّقدِيمُ نَزرًا وَرَدَا (2)
ش:
سبق أن أفعل التفضيل إن كان مجردًا يلزم معه (من) ظاهرة أو مقدرة كانت (أفضل من زيد).
ولا يقدم الجار والمجرور على أفعل؛ لأنهما بمنزلة المضاف إليه.
(1) وإن: شرطية. تكن: فعل مضارع ناقص، فعل الشرط، واسمه ضمير المخاطب المستتر فيه وجوبًا. بتلو: جار ومجرور متعلق بقوله: مستفهما الآتي، وتلو مضاف، ومن: قصد لفظه: مضاف إليه. مستفهما: خبر تكن. فلهما: الفاء لربط الشرط بالجواب، والجار والمجرور متعلق بقوله: مقدمًا الآتي. كن: فعل أمر ناقص، واسمه ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت. أبدًا: منصوب على الظرفية متعلق بقوله: مقدمًا الآتي. مقدمًا: خبر كن، والجملة من كن واسمه وخبره: في محل جزم جواب الشرط.
(2)
كمثل: الكاف زائدة، مثل: خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: وذلك مثل. ممن: جار ومجرور متعلق بقوله: خير الآتي. أنت: مبتدأ. خير: خبر المبتدأ، والجملة في محل جر بإضافة مثل إليها .. ولدى: ظرف متعلق بقوله: ورد الآتي، ولدى مضاف وإخبار: مضاف إليه. التقديم: مبتدأ. نزرًا: حال من الضمير المستتر في قوله: ورد الآتي. وردا: ورد: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو يعود إلى التقديم، والألف للإطلاق، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو قوله: التقديم.
لكن يجب التقديم إن كان المجرور بـ (مِن) اسم استفهام، أو مضافًا له؛ لأنه الاستفهام له الصدر.
فالأول: (زيد ممَّن أفضل؟)، وقوله:(ممَّن أنت خير؟).
والثاني: (أنت مِن غلام مَن أفضل؟)، و (زيد مِن غلام أيِّهم أفضل؟).
وهذا معنى قوله: (وَإِنْ تَكُنْ بِتِلوِ مِنْ مُسْتَفْهِمَا) البيت؛ فلا يقال: (أنت خير ممَّن؟)، ولا (أنت أفضل من غلام مَن؟) ونحو ذلك.
وربما جاء التقديم في الإخبار؛ أي: غير الاستفهام؛ كما قال: (وَلَدَى إِخْبَارٍ التَّقْدِيْمُ نَزْرًا وُجِدا)؛ كقوله:
إِذَا سَايَرَتْ أَسَماءُ يَومًا ظَعِينةً
…
فَأَسمَاءُ مِن تِلكَ الظَّعِينةِ أَملَحُ (1)
الأصل: (أملح من تلك الظعائن).
وقوله:
فَقَالَت لَنَا: أَهلًا وَسَهلًا وَزَوَّدَتْ
…
جَنَى النَّحلِ بَل مَا زَوَّدَتْ نِهُ أطيَبُ (2)
(1) التخريج: البيت لجرير في ديوانه ص 835، وتذكرة النحاة ص 47، وشرح التصريح 2/ 103، وشرح عمدة الحافظ ص 766، والمقاصد النحوية 4/ 52، وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص 469.
اللغة: سايرت: رافقت. الظعينة: المرأة المرتحلة في الهودج.
المعنى. يقول: إذا رافقت أسماء يومًا صاحباتها في الهوادج .. ظهر حسنها وتفوقها عليهن في الملاحة.
الإعراب: إذا: ظرف زمان يتضمن معنى الشرط، متعلق بجوابه. سايرت: فعل ماض، والتاء للتأنيث.
أسماء: فاعل مرفوع. يومًا: ظرف زمان منصوب متعلق بسايرت. ظعينة: مفعول به. فأسماء: الفاء رابطة جواب الشرط، أسماء: مبتدأ مرفوع. من تلك: جار ومجرور متعلقان بأملح. الظعينة: بدل من تلك مجرور. أملح: خبر المبتدأ مرفوع.
وجملة (إذا سايرت
…
): ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (سايرت
…
): في محل جر بالإضافة. وجملة (أسماء أملح): لا محل لها من الإعراب لأنها جواب شرط غير جازم.
الشاهد: قوله: (من تلك الظعينة أملح) حيث قدم الجار والمجرور من تلك على أفعل التفضيل أملح في غير الاستفهام، وهذا شاذ.
(2)
التخريج: البيت للفرزدق في ديوانه ص 32، وخزانة الأدب 8/ 269، والدرر 5/ 296، وشرح
الأصل: (ما زودت أطيب منه).
وخصه المصنف في "شرح العمدة": بالشِّعر.
تنبيه:
أفعل التفضيل لا يفصل بينه وبين (مِن) بأجنبي؛ لأنهما بمنزلة المضاف والمضاف إليه.
- ويحسن الفصل بالتمييز: كـ (أنت أكثر مالًا من زيد).
- وبالظرف والمجرور؛ كقوله تعالى: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ} ، {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} .
وفصل بظرفين في قول الشاعرِ:
مَنيعُ الدَّارِ أشْجَعُ حِينَ يُبلَى
…
لَدَى الهَيجَاءِ مِنْ لَيثٍ بِغابِ (1)
المفصل 2/ 60، والمقاصد النحوية 4/ 43، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 8/ 294، 295، وتذكرة النحاة ص 47، وشرح عمدة الحافظ ص 766، وهمع الهوامع 2/ 104.
الإعراب: فقالت: الفاء بحسب ما قبلها، قالت: فعل ماض، والتاء للتأنيث، وفاعله ضمير مستتر تقديره: هي. لنا: جار ومجرور متعلقان بقالت أهلا: مفعول به لفعل محذوف تقديره: أتيتم. وسهلا: الواو حرف عطف، سهلا: مفعول به لفعل محذوف تقديره: نزلتم. وزودت: الواو حرف عطف، زودت: فعل ماض، والتاء للتأنيث، وفاعله ضمير مستتر تقديره: هي. جنى: مفعول به منصوب، وهو مضاف. النحل: مضاف إليه مجرور. بل: حرف استئناف وإضراب. ما: اسم موصول مبني في محل رفع مبتدأ. زودت: فعل ماض، والتاء للتأنيث، وفاعله ضمير مستتر تقديره: هي. منه: جار ومجرور متعلقان بأطيب. أطيب: خبر المبتدأ مرفوع.
وجملة (قالت): بحسب ما قبلها. وجملة (أتيتم أهلًا): في محل نصب مفعول به. وجملة (نزلتم سهلًا): معطوفة على سابقتها. وجملة (زودت): الأولى معطوفة على قالت. وجملة (زودت) الثانية: صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. وجملة (ما زودت أطيب): استئنافية لا محل لها من الإعراب.
الشاهد: قوله: (منه أطيب) حيث قدم الجار والمجرور (منه) على أفعل التفضيل المتعلق به، وهذا شاذ لأن المجرور ليس اسم استفهام ولا مضافًا إلى اسم استفهام.
(1)
التخريج: هذا البيت من الوافر، وقد نسب في منهج السالك (409) لكثير عزة، وليس في ديوانه، ومن مراجع الشاهد أيضا: التذييل والتكميل (4/ 708).
وقال آخر:
لَأُكلَةٌ مِنْ أَقِطٍ بِسَمْنِ
…
أَليَنُ مَسًّا فِي حَوَايَا البَطنِ
مِن يَثرِبِيَّاتٍ قِذَاذٍ خُشنِ
(1)
ففصل بين: (ألين) و (من يثربيات) بتمييز ومجرور وكلاهما حسن.
و (الأُكلة): بضم الهمزة اللقمة، و (اليثربيات): قالوا منسوبة إلى يثرب.
وفي "الجامع الصغير" حديث: "من سمى المدينة بيثرب .. فليستغفر اللَّه؛ هي: طابة هي طابة، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام".
و (قُذاذ): جمع (قُذّ) بضم القاف وتشديد المعجمة، وهو أيضًا جمع (أقذ) على وزن أفعل، وهو الذي لا ريش له.
وفصل بالأجنبي للضرورة في قوله:
فَخَيرٌ نَحنُ عِندَ النَّاسِ مِنكُمْ
…
...........................
(2)
الشاهد قوله: (أشجع حين يبلى لدى الهيجاء من ليث) حيث فصل بين أفعل التفضيل و (مِن) بظرفين، وذلك غير ممنوع.
(1)
التخريج: الرجز بلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص 763؛ ولسان العرب 13/ 73 (تقن)، 13/ 140 (خشن)؛ والمقاصد النحوية 4/ 46.
اللغة: أكلة: لقمة. أقط: شيء يتخذ من اللبن فيصير جبنا معقودا. حوايا البطن: الأمعاء. يثربيّات: منسوبة إلى مدينة يثرب. القِذاذ: جمع قُذِّ: السهم الذي لا ريش عليه.
الإعراب: لأكلة: اللام للابتداء. أكلة: مبتدأ مرفوع. من أقط: جار ومجرور متعلقان بخبر المبتدأ المحذوف. ألينُ: خبر لمبتدأ محذوف مرفوع بالضمة. مسَّا: تمييز منصوب بالفتحة. في حوايا: جارِّ ومجرور متعلقان بـ (ألين). البطن: مضاف إليه مجرور بالكسرة. من: حرف جر. يثربيات: اسم مجرور بالكسرة الظاهرة، والجارّ والمجرور متعلِّقان بـ (ألين). قذاذ: صفة مجرورة بالكسرة. خشن: صفة ثانية مجرورة بالكسرة.
وجملة (هي ألين): ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب.
الشاهد: قوله: (أَليَنُ مَسًّا فِي حَوايَا البَطنِ مِن يَثرِبِيَّاتٍ)؛ حيث فصل بين أفعل التفضيل و (مِن) بالتمييز والجار والمجرور، وذلك جائز.
(2)
التخريج: صدر بيت من الوافر، وعجزه: إِذَا الدَّاعِي المَثُوب قَالَ يَالا
وهو البيت لزهير بن مسعود الضبي، والبيت في معجم الشواهد (ص 279) وهو في التذييل
فـ (نحن): مبتدأ، وخبره مقدم عليه، والأصل:(نحن خير منكم)، فـ (نحن): أجنبي؛ لأنه ليس معمولًا لاسم التفضيل.
وقيل: إنه فاعل لـ (خير)، وقد أغنى عن الخبر، فلا فصل بأجنبي.
وقد فصلوا بـ (لو) في قول الآخر:
وَلَفُوكِ أَطيَبُ لَو بَذَلْتِ لنَا
…
مِن مَاءِ مَوهَبةٍ عَلَى خَمرِ
(1)
والتكميل (3/ 274) وفي شرح التسهيل (1/ 273).
اللغة: الناس: هكذا هو بالنون في كافة النسخ، ويروى البأس بالباء والهمزة وهو أنسب بعجز البيت.
المثوب: من التثويب، وأصله: أن يجيء الرجل مستصرخا فيلوح بثوبه ليُرى ويشتهر، ثم سمي الدعاء تثويبًا لذلك. قال يالا: أي: قال يالفلان، فحذف فلانًا وأبقى اللام.
الإعراب: فخير: خبر مقدم. نحن: مبتدأ مؤخر. عند: ظرف متعلق بخير، وعند مضاف. الناس: أو البأس مضاف إليه. منكم: جار ومجرور متعلق بخير أيضًا. إذا: ظرف للمستقبل من الزمان. الداعي: فاعل لفعل محذوف يفسره المذكور، والتقدير: إذا قال الداعي، والجملة من الفعل المحذوف وفاعله في محل جر بإضافة إذا إليها. المثوب: نعت للداعي. قال: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو يعود على الداعي، والجملة من قال المذكور وفاعله: لا محل لها من الإعراب مفسرة، يالا: مقول القول، وهو على ما عرفت من أن أصله يا لفلان.
الشاهد فيه: قوله: (فخير نحن عند الناس منكم) حيث فصل بين أفعل التفضيل و (مِن) بأجنبي، وذلك ضرورة تختص بالشعر، ولا يجوز في سعة الكلام.
(1)
التخريج: البيت بلا نسبة في الاشتقاق ص 374، وجمهرة اللغة ص 383، والدرر 5/ 297، وشرح عمدة الحافظ ص 764، ولسان العرب 1/ 804 وهب، والمقاصد النحوية 4/ 54، وهمع الهوامع 4/ 54.
اللغة: فوك: فمك. أطيب: أعذب. بذلت: قدمت. الموهبة: غدير فيه ماء، أو النقرة في الصخرة.
المعنى: يقول: إن ماء فمها لأطيب وأشهى من ماء نقرة في جبل، وقد مزج بالخمر، لو بذلته لنا .. لشفتنا من سقام الحب وآلامه.
الإعراب: ولفوك: الواو: حرف جر وقسم؛ والمقسم به محذوف تقديره: واللَّه، والجار والمجرور متعلقان بفعل القسم المحذوف، واللام: واقعة في جواب القسم، وفوك: مبتدأ مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الستة، وهو مضاف، والكاف: ضمير متصل في محل جر بالإضافة. أطيب: خبر المبتدأ مرفوع. لو: شرطية غير جازمة. بذلت: فعل ماض، والتاء ضمير في محل رفع فاعل. لنا: جار ومجرور متعلقان بأطيب، وهو مضاف. من ماء: جار ومجرور متعلقان بأطيب. موهبة: مضاف إليه مجرور. على خمر: جار ومجرور متعلقان بمحذوف نعت ماء.
وجملة (القسم): ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (لفوك): لا محل لها من الإعراب لأنها
الأصل: (أطيب من ماء مَوهَبة) بفتح الميم والهاء: نقرةٌ يستنقع فيها الماء.
وبالنداء، في قول الآخر:
لَم نَلقَ أخبَثَ يَا فَرزْدَقُ منكُمُ
…
لَيلًا وَأَخبثُ بِالنَّهارِ نَهَارَا
(1)
واللَّه الموفق
ص:
504 -
وَرَفعُهُ الظَّاهِرَ نَزرُ وَمَتَى
…
عَاقَبَ فِعلًا فَكَثِيرًا ثَبَتَا
(2)
505 -
كَلَن تَرَى فِي النَّاسِ مِن رَفِيقِ
…
أَولَى بِهِ الفَضلُ مِنَ الصِّدِّيقِ
(3)
جواب القسم. وجملة (لو بذلت لنا): اعتراضية لا محل لها من الإعراب.
الشاهد: قوله: (أطيب
…
من ماء موهبة) حيث فصل بين أفعل التفضيل (أطيب) ومفضوله (من) الجارة بـ (لو) الشرطية وفعلها وجوابها، وذلك للضرورة عند بعضهم، وجائز عند بعضهم الآخر.
(1)
التخريج: هذا البيت من الكامل وقائله هو جرير بن عطية الخطفي الشاعر المشهور يهجو الفرزدق، وهو في:
ديوانه (1/ 522)، وفي الدرر (2/ 138)، وينظر الشاهد أيضا في منهج السالك (ص 409)، والتذييل والتكميل (4/ 711)، والهمع (2/ 104). وفي الخزانة (8/ 263) بلفظ "لم ألق".
الشاهد قوله: "أخبث" فإنّه "أفعل" تفضيل وقد فصل بينه وبين "من" الجارة للمفضول بالمنادى وهو في قوله: "يا فرزدق".
وفي البيت شاهد آخر وهو: حذف "من" من "أفعل" التفضيل لتقدّم ما يدل عليها أعني في قوله: وأخبث في النهار، فإنّ الأصل: وأخبث منكم فحذف "من" لدلالة "من" عليه في قوله:
لَمْ أَلْقَ أَخْبَث يَا فَرَزْدَقُ مِنْكُم
(2)
ورفعه: رفع: مبتدأ، ورفع مضاف والضمير مضاف إليه من إضافة المصدر إلى فاعله. الظاهر: مفعول المصدر. نزر: خبر المبتدأ. ومتى: اسم شرط، وهو ظرف متعلق بقوله عاقَبَ الآتي. عاقب: فعل ماض فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو يعود إلى أفعل التفضيل. فعلا: مفعول به لعاقب. فكثيرًا: الفاء واقعة في جواب الشرط، كثيرًا: حال من الضمير المستتر في قوله. ثبت الآتي. ثبتا: ثبت: فعل ماض، والألف للإطلاق، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو يعود إلى رفعه الظاهر، والجملة في محل جزم جواب الشرط.
(3)
كلن: الكاف جارة لقول محذوف، كما سبق مرارًا، لن: حرف نفي ونصب. ترى: فعل مضارع منصوب تقديرًا بلن، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت. في الناس: جار ومجرور
ش:
أفعل التفضيل يرفع الضمير المستتر إجماعًا؛ كـ (زيد أفضل من عمرو).
وفي رفعه الظاهر تفصيل:
- فإن وقع (أفعل) بعد نفي وفضل عن نفسه باعتبارين .. رفع الظاهر بكثرة؛ لأنه حينئذ يقع موقع الفعل.
- وإن لم يكن كذلك .. فرفعه الظاهر نزر؛ أي: قليل؛ لامتناع أن يكون له فعل بمعناه حينئذ.
وقيل: لشبهه في بعض الأحوال بأفعل التعجب؛ لأن أفعل التفضيل إذا أضيف لنكرة أو جرد .. فلا يؤنث ولا يثنى ولا يجمع، فأفعل التعجب في لزومه حالة واحدة، فلا يرفع الظاهر إلا في لغة ضعيفة حكاها سيبويه والخليل؛ كـ (مررت برجل أفضل منه أبوه)، فـ (أبوه): فاعل بأفعل التفضيل.
ويكثر (مررت برجل أفضل منه أبوه) بالرفع خبرًا، و (أبوه): مبتدأ، والجملة صفة لرجل.
ويقل أيضًا رفعه الضمير البارز، كـ (مررت برجل أفضل منه أنت).
وأما الصورة التي يرفع فيها الظاهر بكثرة، لكونه واقعًا موقع الفعل .. فقد أشار إليها بقوله:(وَمَتَى عَاقَبَ فِعْلًا فَكَثِيرًا ثَبَتَا).
ولابد من وقوعه فيها بعد نفي، وأن يكون مرفوعه الظاهر أجنبيًا مفضلًا على نفسه باعتبارين؛ نحو:(ما رأيت رجلًا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد)، فـ (الكحل): فاعل مرفوع بـ (أحسن).
وقد استكملت الشروط في هذه المسألة: فإنه سبق بنفي ووقع موقع الفعل، إذ يجوز أن يقال:(ما رأيت رجلًا يحسن في عينه الكحل كحسنه في عين زيد)، و (فضل الكحل على نفسه) باعتبارين؛ أي: باعتبار محلين وهما: (عين زيد)، و (العين الأخرى).
ومن هذا القسم قوله صلى الله عليه وسلم "ما من أيام أحب إلى اللَّه فيها الصوم منه في عشر ذي
متعلق بترى. من: زائدة. رفيق: مفعول به لترى. أولى: اسم تفضيل، نعت لرفيق. به: جار ومجرور متعلق بأولى. الفضل: فاعل أولى. من الصديق: جار ومجرور متعلق بأولى.
الحجة"، فـ (الصوم): فاعل بـ (أحب).
وكقول الشيخ: (أَولَى بهِ الفَضْلُ مِنَ الصِّدِّيْقِ)، فـ (الفضل): فاعل مرفوع بـ (أولى) وهو أفعل تفضيل، والأصل:(لن ترى من رفيق أولى به الفضل منه بالصديق)، ثم اختصر الكلام؛ لأنه يجوز أن يقال:(ما رأيت رجلًا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد)، و (أحسن في عينه الكحل من عين زيد)، و (أحسن في عينه الكحل من زيد).
والحاصل:
أنه لما سبق بنفي وفضل على نفسه باعتبارين .. وقع موقع الفعل، فعمل الرفع في الظاهر.
فهو كاسم الفاعل المحلى بـ (أل) في حالة المضي؛ فإنه إنما عمل ماضيًا مع (أل) لحلوله محل الفعل من حيث إنه وقع موقع صلة، والصلة: لا تكون إلا جملة.
وكما رفع الظاهر بعد النفي.
قال في "التسهيل": ولا بأس أن يكون ذلك بعد النهي والاستفهام الذي فيه معنى النفي؛ نحو: (لا يكن غيرك أحب إليه الخير منك)، فـ (الخير): مرفوع بـ (أحب).
و (هل في الناس رجل أحق به الحمد منه بمحسن لا يمن في إعطائه؟)، فـ (الحمد): مرفوع بـ (أحق).
تنبيه:
أفعل التفضيل لا ينصب المفعول به.
وإن ورد ما يوهم ذلك .. قدر فعل يفسره أفعل المذكور، ومنه قوله تعالى:{اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} ، فـ (حيث) هنا: مفعول به لا فيه؛ لأن المراد: أن اللَّه تعالى يعلم المكان المستحق لوضع الرسالة، لا أنه يعلم فيه؛ لأن علمه بالأشياء لا يتقيد بمكان، وهي في موضع نصب بفعل محذوف يدل عليه (أعلم)، والتقدير:(يعلم حيث يجعل رسالته).
ومنه قولُ الشاعرِ:
أَكَرُّ وَأَحمَى لِلحَقِيقَةِ مِنهُمُ
…
وَأَضرَبُ مِنَّا بِالسُّيُوفِ القَوَانِسَا
(1)
(1)
التخريج: البيت لعباس بن مرداس في ديوانه ص 69، والأصمعيات ص 205، وحماسة
أي: (يضرب القوانسا).
وبعضهم: أن أفعل التفضيل في الآية ليس على بابه؛ لامتناع المشاركة، فلا يمتنع أن يعمل، والأصل: عدم التقدير.
وقولهم: (حيث): مفعول به في الآية .. يقتضي أنها تتصرف، وقد قيل به كما سبق في المفعول فيه.
• ويتعدى أفعل التفضيل بحرف الجر:
• فإن كان مما يدل على (حب)، أو (بغض):
- تعدى بـ (اللام) إلى ما هو مفعول في المعنى.
- وبـ (إلى) إلى ما هو فاعل في المعنى؛ نحو: (المؤمن أحب لله من نفسه، وهو أحب إليه من غيره).
وأفعل التعجب مثله في ذلك؛ نحو: (ما أحب المؤمن لله وما أحبه إلى اللَّه).
البحتري ص 48، وخزانة الأدب 8/ 319، 321، وشرح التصريح 1/ 339، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص 441، 1700، ولسان العرب 6/ 184 قنس، ونوادر أبي زيد ص 59، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 344، 4/ 79، وأمالي ابن الحاجب 1/ 460، وقبل هذا البيت قوله:
فَلَم أَرَ مِثلَ الحَيِّ حَيًّا مُصَبَّحًا
…
وَلا مِثلَنا لَمّا التَقَينا فوارِسا
اللغة: قوانس: جمع قونس، مقدمة الرأس.
المعنى: لم أر أكثر منهم حماية للحقيقة، ولم أر مثل كرمهم، ولكن كنا أفضل منهم بضربنا مقدمات الرؤوس بسيوفنا.
الإعراب: أكر: صفة لحيًّا من البيت السابق في القصيدة، منصوبة وعلامة نصبها الفتحة الظاهرة. وأحمى: الواو: عاطفة، أحمى: اسم معطوف على أكر منصوب مثله بالفتحة المقدرة على الألف للتعذر. للحقيقة: جار ومجرور متعلقان باسم التفضيل أحمى. منهم: جار ومجرور متعلقان باسم التفضيل أحمى. وأضرب: الواو: عاطفة، أضرب: مفعول به لفعل محذوف. منا: جار ومجرور متعلقان باسم التفضيل أضرب. بالسيوف: جار ومجرور متعلقان باسم التفضيل أضرب. القوانسا: مفعول به لفعل محذوف منصوب بالفتحة الظاهرة والألف للإطلاق.
وجملة (لم أر أضرب): معطوفة على جملة سابقة. وجملة (القوانسا): مع الفعل المحذوف في محل نصب حال من نا في منا.
الشاهد: قوله: (القوانسا) فقد نصبه بفعل محذوف مقدر، لا باسم التفضيل أضرب.
• وإن كان مما يدل على (علم) أو (جهل) .. عدي بـ (الياء): كـ (زيد أعرف بي)، و (زيد أجهل بك من عمرو).
• وإن لم يدل على (علم)، ولا (جهل)، ولا (حب)، ولا (بغض) .. عدي بـ (اللام): كـ (زيد أطلب للثأر، وأنفع للجار).
• وإن كان من فعل لازم .. فيتعدى بما يتعدى به فعله؛ كـ (زيد أزهد فى الدنيا، وأصد عن الخنا، وأرغب في الخير)؛ كما تقول: (زهد في الدنيا)، و (صد عن الخنا)
…
إلى آخره.
وكذا أفعل التعجب؛ نحو: (ما أزهده في الدنيا)، و (ما أرغبه فى الخير).
واللَّه الموفق