الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّحْذير وَالإغْراء
ص:
622 -
إيَّاكَ وَالشَّرَّ وَنَحْوَهُ نَصَبْ
…
مُحَذِّرٌ بِمَا اسْتِتَارُهُ وَجَبْ
(1)
623 -
وَدُونَ عَطْفٍ ذَا لإِيَّا انْسُبْ وَمَا
…
سِوَاهُ سَتْرُ فِعْلِهِ لَنْ يَلزَمَا
(2)
624 -
إِلَّا مَعَ العَطْفِ أَوِ التَّكْرَارِ
…
كَالضَّيغَمَ يَا ذَا السَّارِي
(3)
ش:
التحذير: إلزام المخاطب الاحتراز من مكروه، بـ (إياك) أَو ما جرَى مجراه.
فإِن كَانَ بـ (إيا) وأخواتها. . وجب حذف العامل مع العطف وغيره؛ نحو: (إِياك والشّر)، و (إياكما والشّر)، وسيأتي الثّاني.
ولَا يعطف هنا بغير الواو، وأصله:(احذر تلاقي نفسك والشّر) فحذف فعل الأمر
(1)
إياك والشر: قصد لفظه: مفعول مقدم على عامله، وهو قوله: نصب. ونحوه: الواو عاطفة، نحو: معطوف على المفعول به، ونحو: مضاف، والهاء مضاف إليه. نصب: فعل ماض. محدز: فاعل نصب. بما: جار ومجرور متعلق بنصب. استتاره: استتار: مبتدأ، واستتار: مضاف، والهاء مضاف إليه، وجملة وجب من الفعل والفاعل المستتر فيه جوازًا، تقديره: هو يعود إلى استتاره: في محل رفع خبر المبتدأ، وجملة المبتدأ وخبره: لا محل لها صلة ما المجرورة محلا بالباء.
(2)
ودون: ظرف متعلق بانسب الآتي، ودون مضاف، وعطف: مضاف إليه. ذا: اسم إشارة: مفعول به مقدم لانسب. لإيا: جار ومجرور متعلق بانسب. انسب: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. وما: اسم موصول مبتدأ أول. سواه: سوى: ظرف متعلق بمحذوف صلة ما الموصولة، وسوى مضاف، والضمير: مضاف إليه سترُ: مبتدأ ثان، وستر مضاف، وفعل من فعله: مضاف إليه، وفعل: مضاف، والضمير: مضاف إليه. لن: نافية ناصبة. يلزما: فعل مضارع منصوب بلن، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو يعود إلى ستر فعله، والألف للإطلاق، والجملة من الفعل المضارع وفاعله: في محل رفع خبر المبتدأ الثاني، وجملة المبتدأ الثاني وخبره: في محل رفع خبر المبتدأ الأول.
(3)
إلا: أداة استثناء ملغاة. مع: ظرف يتعلق بيلزم في البيت السابق، ومع مضاف، والعطف: مضاف إليه. أو: عاطفة. التكرار: معطوف على (العطف). كالضيغم: الكاف جارة لقول محذوف، الضيغم: منصوب بفعل محذوف وجوبًا تقديره احذر. الضيغم: توكيد للأول. يا: حرف نداء. ذا: اسم إشارة: منادى مبني على ضم مقدر في محل نصب. الساري: بدل أو عطف بيان أو نعت لاسم الإشارة.
برمته، ثم حذف المضاف وهو (تلاقي)، ثم أقيم المضاف إِليه مقامه بالنّصب، فحصل:(نفسَك والشّرَّ)، ثم حذف المضاف وهو (نفس)، وأقيم المضاف إِليه مقامه وهو (الكاف)، فوجب انفصالها، فحصل:(إِياك والشّر)، فـ (إِياك): مفعول لفعل محذوف وجوبًا بعد (إِياك)؛ إِذ لو قدر قبله. . للزم اتصاله به؛ أَي: (إِياك أحذر والشّر) معطوف علَى (إِياك)، والتّقدير:(إِياك أحذر والشّر)، كما تقول:(زيدًا اضرب وعمرًا) من عطف المفردات.
وعامل المعطوف: هو العامل فِي المعطوف عليه.
فإِن قيل: كيف صح أَن يعمل احذر فِي (إِياك) وليس المعنَى عليه؛ لأنَّ (إِياك) محذَّر، و (الشّر) محذر منه، والعطف يقتضي المشاركة فِي المعنَى؟!
أجاب المصنف رحمه الله: أنه علَى حذف المضاف؛ لما سبق من أَن التّقدير: (احذر تلاقي نفسك والشّر).
وقال الفخر فِي "شرح المفصل": إن مقتضَى العطف: الاشتراك فِي معنَى الحرف، فَلَا يمنع أَن يكونَ أحدهما خائفًا، والآخر مخوفًا منه، ولهذا قال: الاشتراك بَينَ المعطوف والمعطوف عليه لا يجب أَن يكونَ من جميع الوجوه، بَلْ يجب الاشتراك فِي الإعراب، وهو هنا حاصل.
وابنا طاهر وخروف: لكن ما بعد الواو منصوب بفعل آخر، فهو من عطف الجمل، والتّقدير:(إِياك باعد واحذر الشّر).
وإِنما حذف العامل فِي هذا الباب وجوبًا؛ لأنَّ (إِياك) كالعوض منه.
خلافًا لابن درستويه فيما نقله منصور بن فلاح: من أنه أَجازَ ذكر النّاصب؛ نحو: (إياك باعد والشّر).
فقول الشّيخ: (إِياك): مفعول بقوله: (نصب)، و (الشّر): معطوف عليه، و (محذرٌ): فاعل، والتّقدير:(نصبَ محذِّرٌ إِياك والشّر) ونحو ذلك وجب استتاره؛ أَي: بفعل واجب الاستتار.
ويجب أيضًا حذف النّاصب مع (إِياك) وأخواتها بدون عطف كما ذكر، وإِليه أشار بقوله:(ودون عطف ذا لإيا أنسب)؛ أَي: انسب هذا الحكم لإيا وأخواتها ولو لم يكن عطف، فتقول:(إِياك أَن تفعل)، و (إِياك الشّر)، والأصل:(أحذرك الشّر)،
فحذف المضارع فانفصلت الكاف، وحصل:(إِياك الشّرُّ)، فـ (إِياك): منصوب بالفعل الّذي حذف، وهو حينئذ مقدر بعد (إِياك) والتقدير:(إياك أحذر)؛ لأنَّ الضّمير لما فصل من الفعل وجب تأخير الفعل مع انفصال الضّمير، فَلَا يقال:(أحذر إِياك)، و (الشّر) منصوب بفعل آخر؛ لعدم عاطف يعطفه علَى (إِياك)؛ أَي:(دع الشّر)، أَو أَن الفعل متعدٍّ لاثنين بنفسه أَو بتضمينه معنَى (جنّب)؛ أَي:(جنب نفسك الشّر).
والأول مذهب سيبويه، قال فِي قول الشّاعرِ:
فإيَّاك إيَّاك المراءَ فإنَّه
…
إِلَى الشرِّ دعَّاءٌ وللشرِّ جالبُ
(1)
إن الثّاني توكيد، والأول: منصوب بـ (باعد) محذوفًا، و (المراء): منصوب بـ (أحذر) محذوفًا؛ أَي: (إِياك باعِد احذَرِ المراء).
والزّجاج: الأصل (باعد عن المراء)، فحذف حرف الجر، فنصب (المراء).
وابن يعيش: الأصل (إِياك والمراء، ومن المراء): فحذف الحرف، ونصب (المراء).
(1)
التخريج: البيت للفضل بن عبد الرحمن في إنباه الرواة 4/ 76، وخزانة الأدب 3/ 63، ومعجم الشعراء ص 310، وله أو للعرزمي في حماسة البحتري ص 253، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص 686، والخصائص 3/ 102، ورصف المباني ص 137 وشرح التصريح 2/ 128، وشرح المفصل 2/ 25، والكتاب 1/ 279، وكتاب اللامات ص 70، ولسان العرب 15/ 441 أيا، ومغني اللبيب ص 679، والمقاصد النحوية 4/ 113، 308، والمقتضب 3/ 213.
شرح المفردات: المراء: الجدال والمنازعة. جالب: مسبب.
المعنى: ينصح الشاعر بعدم المراء لأنه مسبب للشر.
الإعراب: فإياك: الفاء بحسب ما قبلها، إياك: ضمير منفصل مبني في محل نصب مفعول به لفعل التحذير المحذوف. إياك: توكيد لفظي للسابق. المراءَ: مفعول به ثان تقديره: جنَّب نفسك المراء، أو اسم منصوب على نزع الخافض تقديره: باعد نفسك عن المراء. فإنه: الفاء استئنافية، إنه: حرف مشبه بالفعل، والهاء ضمير في محل نصب اسم إن. إلى الشر: جار ومجرور متعلقان بدعَّاء. دعَّاء: خبر إن مرفوع. وللشر: الواو حرف عطف، للشر جار ومجرور متعلقان بجالب. جالب: معطوف على دعَّاء مرفوع.
وجملة (إياك): بحسب ما قبلها. وجملة (إنه دعاء): استئنافية لا محل لها من الإعراب.
الشاهد فيه قوله: (إياك اياك)؛ حيث كرر الضمير المنفصل جاعلًا من الثاني توكيدًا لفظيًّا للأول.
وتقول: (إِياك من الأسد)، وأصله:(باعد نفسك من الأسد) فحذف (باعد)، ثم حذف المضاف وهو (نفس)، فانفصل الضّمير، فأخر الفعل كما سبق، فحصل:(إِياك من الأسد) فـ (إِياك): منصوب بفعل بعده كما ذكر، والتّقدير:(إِياك باعد من الأسد).
وقيل التّقدير: (أحذرك من الأسد)، فحذف (أحذر) فانفصلت الكاف، وأخر الفعل فحصل:(إِياك من الأسد)، والتّقدير:(إِياك أحذر من الأسد).
ثم إن كَانَ التّحذير بغير (إِياك) وأخواتها. . جاز ذكر النّاصب وحذفه إن لم يكن عطف ولا تكرار؛ فتقول: (احذر الأسَد)، أو (الأسدَ)، و (نحِّ رأسَك) أَو (رأسَك)، وإِليه أشار بقوله:(وما سواه ستر فعله لن يلزما) يعني: وما سوى التّحذير بـ (إِياك) لا يلزم فيه الحذف كما ذكر، إِلَّا مع العطف أو التّكرار فيلزم الحذف.
- فالعطف؛ كقولِهِ تعالَى: {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا} ونحو قولك: (رأسك والحائط)، بنصبهما؛ أَي: فـ (رأسك واحذر الحائط)؛ أَي: (نح رأسك).
ومنه قولهم: (مازِ رأسَك والسيفَ)، فـ (مازِ): منادَى مرخم؛ أَي: (يا مازن قِ رأسك واحذر السّيف) فهو من عطف الجمل؛ لأنَّ العامل فِي المعطوف غير العامل فِي المعطوف عليه هنا.
و (مازن) أصله: (مازني) نسبة إِلَى بني مازن، فحذف الياء، ثم سمي به، ثم رخم.
- والتّكرار؛ نحو: (الأسد الأسد)، و (الضّيغم الضّيغم يا هذا الساري)، و (اللَّه اللَّه فِي أمري).
وفي "البسيط": جواز إِظهار العامل مع المكرر.
وقال أبو موسَى الجزولي: يقبح فيه الإِظهار ولَا يمتنع. انتهَى.
والمشهور: الحذف.
قال الرّماني: وإِنما أضمر الفعل؛ لأنَّ التحذير ممَّا تخاف منه وقوع المخوف، فهو موضع إِعجال لا يحتمل تطويل الكلام؛ لئلا يقع المخوف بالمخاطب قبل تمام الكلام. انتهَى.
تنبيه:
(إِياك والشّر): فيه ضميران، منصوب وهو (إِياك)، ومرفوع وهو المستتر فِي (إِياك)؛ لأنه لما قام مقام الفعل. . تحمَّل الضّمير، قال الشّاعر:
فَإِيَّاكَ أَنْتَ وعَبدُ الْمَسِيـ
…
حِ أَن تَقرَبَا قبْلَةَ الْمَسْجِدِ
(1)
روي: برفع (عبد) عطفًا علَى الضّمير فِي (إياك)، ولَا ضعف فيه؛ لوجود الفاصل.
وروي: بنصبه عطفًا علَى (إِياك)، و (أنت): توكيد لـ (إياك).
وفي "التّسهيل": أَن ما بعد الواو فِي هذا الباب يجوز كونه مفعولًا معه؛ نحو: (إِياك وزيد أن تفعل).
واللَّه الموفق
ص:
625 -
وَشَذَّ إِيَّايَ وَإِيَّاهُ أَشَذّ
…
وَعَنْ سَبِيْلِ القَصْدِ مَنْ قَاسَ انْتَبَذْ
(2)
ش:
الشائع فِي التّحذير أَن يكونَ للمخاطب، وشذ مجيئه للمتكلم، فِي قول عمر رضي الله عنه:(إياي وأن يحذف أحدكم الأرنب) أصله: (إياي باعدوا عن حذف
(1)
التخريج: هذا البيت من المتقارب وقائله جرير، وليس في ديوانه. انظر الكتاب (1/ 278)، والمقتضب (3/ 213) والرواية فيهما بالخرم (حذف الفاء من أوله) وابن السيرافي في (1/ 258) والبيت في شرح الجمل لابن عصفور (2/ 410).
اللغة: يعني بـ (عبد المسيح): الأخطل، ويخاطب بهذا الفرزدق لميله مع الأخطل يقول: لا تقرب المسجد؛ فلست على الملة؛ لميلك إلى النصارى ومداخلتك لهم.
الشاهد: عطف (عبدُ المسيح) على (إيّاك) على تقدير: حذّره نفسك وعبدَ المسيح، ويجوز الرفع عطفًا على (أنت) أي: احذَرْ أنت وعبد المسيح.
(2)
شذ: فعل ماض. أياي: مقصود لفظه: فاعل شذ. وإياه: مقصود لفظه أيضًا: مبتدأ. أشذ: خبر المبتدأ. وعن سبيل: جار ومجرور متعلق بانتبذ الآتي، وسبيل مضاف، والقصد: مضاف إليه. مَن: اسم موصول: مبتدأ، وجملة قاس: وفاعله المستتر فيه: لا محل لها صلة، وجملة انتبذ: وفاعله المستتر فيه: في محل رفع خبر المبتدأ.
الأرنب)، و (باعدوا أنفسكم أن يحذف الأرنب)، فحذف العامل فِي (إياي) وجوبًا كما سبق، وهو (باعدوا) المذكور بعد (إياي)، ثم حذف المحذر منه وهو (حذف الأرنب)، فحصل:(إِياي وباعدوا أنفسكم أَن يحذف أحدكم الأرنب)؛ ثم حذف أيضًا (باعدوا) ومعموله، فحصل:(إياي وأن يحذف أحدكم الأرنب).
وأشد منه مجيئه للغائب؛ كما قال: (وَشَذَّ إِيَّاى وَإيَّاهُ أَشَذّ) ومنه قول بعضهم: (إِذا بلغ الرّحل السّتين فإِياه وإيا الشّواب)؛ أَي: (النّساء الشّواب) جمع (شابة)، وفيه شذوذ آخر، وهو استعمال الضّمير مع الظّاهر، إِذ لا يقال:(إيا زيد) ولَا (إيا الشّواب)، بَلْ (إِياك وإِياه) كما علم.
واستشهد الخليل لهذا: علَى أَن الكاف فِي نحو: (إياك) اسم فِي محل جر.
وبعضهم: قاس التّحذير فِي المتكلم.
وبعضهم: يشترط فِي الغائب أَن يعطف؛ نحو: (إياك وإِياه)؛ وَلَم يره المصنف، ولهذا قال:(مَنْ قَاسَ انْتَبَذْ)؛ أَي: (من قاس طرح).
قوله: (ومَن): مبتدأ، و (انتبذ): خبره وعن متعلقه بـ (انتبذ).
واللَّه الموفق
ص:
626 -
وَكَمُحَذَّرٍ بِلَا إِيَّاه اجْعَلَا
…
مُغْرًى بِهِ فِي كُلِّ مَا قَدْ فُصِّلَا
(1)
ش:
الإغراء تنبيه المخاطب علَى أمر محمود يفعله؛ كـ (مواصلة ذوي القربَى)، أَو (المحافظة علَى عهد) ونحوه.
وهو كالمحذو الّذي لم يستعمل معه (إيّا) فيجب فيه حذف العامل مع العطف
(1)
كمحذر: جار ومجرور متعلق بقوله: (اجعل) الآتي على أنه مفعوله الثاني. بلا إيا: جار ومجرور متعلق باجعلا. اجعلا: فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفًا، وفاعله: ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. مغرى: مفعول أول لاجعل. به: جار ومجرور متعلق بمغرى. في كل: جار ومجرور متعلق باجعل، وكل مضاف، وما: اسم موصول: مضاف إليه. قد: حرف تحقيق؛ وجملة فصلا من الفعل المبني للمجهول ونائب الفاعل المستتر فيه: لا محل لها من الإعراب صلة الموصول.
أَو التّكرار، ويحذف أَو يذكر فيما سوَى ذلك:
فالعطف: (دينَك والعرضَ) بنصبهما؛ أَي: (احفظ دينك والعرض).
والتكرار: (أخاك أخاك)؛ أَي: (الزم أخاك وانصر أخاك).
ومنه قول الفاروق رضي الله عنه: (يا سارية الجبلَ الجبلَ).
وقيل: تحذير.
والأول: فِي "حياة الحيوان"
(1)
، والثّاني: فِي "النّقاية" للسيوطي رحمه الله.
وقولُ الشّاعرِ:
أخاكٌ أخاكَ إنَّ مَنْ لَا أَخَالَهُ
…
كَسَاعٍ إلَى الهَيجَا بغَيرِ سِلَاحِ
(2)
(1)
حياة الحيوان 1/ 160.
(2)
التخريج: الشاهد لمسكين الدارمي فِي ديوانه ص 29، والأغاني 20/ 171، 173، وخزانة الأدب 3/ 65، 67، والدرر 3/ 11، وشرح أبيات سيبويه 1/ 127، وشرح التصريح 2/ 195، والمقاصد النحوية 4/ 305، ولمسكين أو لابن هرمة فِي فصل المقال ص 269، ولقيس بن عاصم فِي حماسة البحتري ص 245، ولقيس بن عاصم أو لمسكين الدارمي في الحماسة البصرية 2/ 60، وبلا نسبة فِي أوضح المسالك 4/ 79، وتخليص الشواهد ص 62، والخصائص 2/ 480، والدرر 6/ 44 وشرح قطر الندى ص 13 والكتاب 1/ 256.
اللغة وشرح المفردات: ساع: قاصد. الهيجا: الحرب.
المعنى: يقول: يجب على الإنسان أن يلزم أخاه فِي جميع الأمور، لأن المرء الذي يتخلى عن أخيه يكون كالإنسان الذي يذهب إلى الحرب بغير سلاح.
الإعراب: أخاك: مفعول به منصوب علَى الإغراء تقديره: الزم أخاك، وهو مضاف، والكاف: ضمير فِي محل جرّ بالإضافة. أخاك: توكيد للأولى. إنَّ: حرف مشبه بالفعل. مَن: اسم موصول فِي محل نصب اسم إن. لا: نافية للجنس. أخا: اسم لا منصوب بالألف لأنه من الأسماء الستة. له: اللام: حرف مقحم بين المضاف والمضاف إليه، والهاء: ضمير متصل مبني فِي محل جر بالإضافة. والتقدير: إن الذي لا أخا له موجود. كساع: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر لا إلى الهيحا: جار ومجرور متعلقان بساع. بغير: جار ومجرور متعلقان بساع. وهو مضاف. سلاح: مضاف إليه.
وجملة (أخاك أخاك) الفعلية: لا محل لها من الإعراب لأنها ابتدائية. وجملة (إن من لا أخا له) الاسمية: لا محل لها من الإعراب لأنها تعليلية، أو استئنافية. وجملة (لا أخا له) الاسمية: لا محل لها من الإعراب لأنها صلة الموصول الاسمي.
والشاهد فيه: وجوب الإضماو إذا كرر المغرى به، فـ (أخاك) الأول: يلزم نصبه بتقدير: الزم أخاك، و (أخاك) الثاني: توكيد.
ودخله القبض.
ويجوز ذكر النّاصب وحذفه فِي نحو: (أخاك)، وتقول:(الصّلاةَ جامعةً)، بنصب (الصّلاة) علَى الاغراء، و (جَامعةً) علَى الحال، وإن شئت قلت:(الزموا الصّلاة).
و (مغرى): مفعول بـ (اجعلا)، و (كمحذر): مفعول ثان، والتّقدير:(اجعل مغرى كمحذر)، وقوله:(بِلَا إيا) صفة لـ (محذَّر) بفتح الذّال.
تنبيه:
من العرب من يرفع ما فيه معنَى التّحذير والإغراء فِي حالة التكرار أَو العطف، نص عليه المصنف فِي "الكافية".
ومن رفع المكرر فِي الإغراء، قوله:
لَجَدِيرُونَ بِالوَفَاءِ إذَا قَا
…
لَ أَخُو النَّجْدَةِ السِّلَاحُ السِّلَاحُ
(1)
برفع (السّلاح)، وهو إغراء؛ لأنه فِي معنَى:(خذوا السّلاح).
(1)
التخريج: البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة فِي الخصائص 3/ 102، والدرر 3/ 11، والمقاصد النحوية 4/ 306، وهمع الهوامع 1/ 170، وقبل هذا البيت قوله:
إن قومًا منهم عمير وأشبا
…
ه عميرٍ ومنهم السفاح
الإعراب: إن: حرف مشبه بالفعل. قومًا: اسم إن منصوب. منهم: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. عمير: مبتدأ مؤخر. وأشباه الواو: حرف عطف، أشباه: معطوف علَى عمير مرفوع، وهو مضاف. عمير: مضاف إليه مجرور. ومنهم: الواو: حرف عطف، منهم: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. السفاحُ: مبتدأ مؤخر. لجديرون: اللام المزحلقة، جديرون: خبر إن مرفوع بالواو. بالوفاء: جار ومجرور متعلقان بـ (جديرون). إذا: ظرف زمان متعلق بـ (جديرون). قال: فعل ماض. أخ: فاعل مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الستة، وهو مضاف. النجدة: مضاف إليه مجرور بالكسرة. السلاح: خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هو. السلاح: توكيد لفظي للأولى.
وجملة (إن قومًا لجديرون): ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (منهم عمير): فِي محل نصب نعت قومًا. وجملة (منهم السفاح): معطوفة علَى سابقتها. وجملة (قال): فِي محل جرّ بالإضافة. وجملة (السلاح السلاح): فِي محل نصب مقول القول.
الشّاهد فيه قوله: (السلاح السلاح)؛ حيث رفع المكرر فِي الإغراء والتحذير، وكان من حقه النصب.
ومن الرّفع فِي التّحذير العطف، قراءة زيد بن علي رضي الله عنهما:(ناقةُ اللَّه وسقياها)؛ أَي: (هذه ناقة اللَّه فَلَا تتعرضوا لها).
واللَّه الموفق
* * *