الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسماء الأفعال والأصوات
ص:
627 -
مَا نَابَ عَن فِعلٍ كَشَتَّانَ وَصَه
…
هُوَ اسْمُ فِعلٍ وَكَذَا أوَّه وَمَه
(1)
628 -
وَمَا بِمَعْنَى افْعَل كآمِيْنَ كَثُرْ
…
وَغَيْرُهُ كَوَيْ وَهَيْهَاتَ نَزُرْ
(2)
ش:
النَّائب عن الفعل يشتمل: المصدر والصّفات؛ كاسم الفعل ولما كَانَ المراد: اسم الفعل. . أفرده، بقوله:(كشتان وصه).
فاسم الفعل: هو الّذي ينوب عن فعل بمعناه غير متأثر، كما سبق فِي المعرب والمبني: أَن أسماء الأفعال مبنية باتفاق؛ لشبهها بالحرفِ فِي كونه يعمل ولَا يعمل فيه شيء.
وعن سيبويه: أَن نحو: (هيهات) مبني؛ لوقوعه موقع الفعل.
ولعله يريد الماضي؛ لأنه المبني باتفاق، ويؤيده أنها بمعنَى (بعد)، وما كَانَ منها بمعنَى المضارع. . فبني حملًا علَى ما هو بمعنَى الماضي طردًا للباب.
وجمهور البصريين: أنها أسماء حقيقية.
(1)
ما: اسم موصول: مبتدأ أول. ناب: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو يعود إلى ما، والجملة لا محل لها صلة الموصول. عن فعل: جار ومجرور متعلق بناب. كشتان: جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من فاعل ناب. وصله: معطوف علَى شتان. هو: مبتدأ ثان. اسم: خبر المبتدأ الثاني، والجملة من المبتدأ الثاني وخبره: فِي محل رفع خبر المبتدأ الأول، واسم مضاف، وفعل: مضاف إليه. وكذا: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. أوه: مبتدأ مؤخر. ومه: معطوف على أوه، وقد قصد لفظهما جميعًا.
(2)
ما: اسم موصول: مبتدأ. بمعنى: جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة ما، ومعنى: مضاف، وأفعل: مضاف إليه. كآمين: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف؛ أي وذلك كآمين. كثر: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو يعود إلى ما الواقعة مبتدأ، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ، وهو (ما) الموصولة. وغيره: غير: مبتدأ، وغير: مضاف، والهاء: مضاف إليه. كوي: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف؛ أي وذلك كوي. وهيهات: معطوف على وي. نزر: فعل ماض، وفاعله: ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إلى غيره، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ، وهو (غير).
واختلف هؤلاء علَى ثلاثة مذاهب:
الأول: وهو الصّحيح، أن مدلولها الفعل فهي أسماء لألفاظ الأفعال، فـ (هيهات): اسمٌ للفظ بعد فهو دال علَى ما يدل علَى الحدث والزّمان، لا أنه يدل عليهما.
الثّاني: أنها أسماء لمعاني الأفعال من الأحداث والأزمنة، فمدلولها ما يدل علَى الفعل قاله فِي "البسيط" ونسبه إِلَى ظاهر قول سيبويه.
الثّالث: أنها أسماء للمصادر النّائبة عن الأفعال، فـ (هيهات) علَى هذا بمعنَى (البعد).
والكوفيون: أنها أفعال؛ لدلالتها علَى الزّمان.
وبعض البصريين: أنها أفعال استعملت استعمال الأسماء.
فعلَى القول: بأنها أفعال حقيقة، أَو أسماء لألفاظ الأفعال. . لا موضع لها من الإِعراب، كما أَن الفعل لا موضع لهُ فِي نحو:(بعُدَ العقيق).
وعلَى القول: بأنها أسماء لمعاني الأفعال. . فموضعها رفع بالابتداء وأغنى مرفوعها عن الخبر.
وعلَى القول: بأنها أسماء للمصادر النّائبة عن الأفعال. . فموضعها نصب بأفعالها النّائبة هي عنها، وهو للمازني.
والصّحيح: أنها كلها أسماء أفعال لا موضع لها، فَلَا يعمل شيء فِي لفظها ولَا فِي محلها أيضًا.
والخلاف: إِنما هو فيما إِذا تقدمت؛ كـ (هيهات العقيق)؛ لأنَّ بعضهم صرح بجواز (زيد هيهات).
وحيث وقعت خبرًا. . فلها ما للخبر.
وذهب ابن صابر: إِلَى أَن هذه قسم رابع علَى أقسام الكلمة، سماه:(الخالفة).
والكثير فيها أَن تكونَ بمعنَى: (افعل)؛ كما قال: (وَمَا بمعْنَى افْعَل كآمِيْنَ كَثُرْ)، بفتح النّون اسم لـ (استجِب).
وقيل: من أسماء اللَّه، والتّقدير:(يا أمين).
ورد: بأنه لم يبن علَى الضّم.
وهو (فاعيل).
ويقلُّ (أمين) بالقصر علَى (فعيل).
• وجاء بمعنَى: (افعل):
- (صه): اسم لـ (اسكت)، وندر:(صاه).
- و (مه): اسم لـ (اكفف).
- و (حيهل)؛ أَي: (أقبل أَو عجل).
• وجاء بمعنَى الماضي:
- (شتان)؛ أَي: (افترق) أَو (تباعد).
ومنع الأصمعي: (شتان ما زيد وعمرو).
والصّحيح: خلافه.
- و (وشكان)؛ أَي: (قرب).
- و (هيهات)؛ أَي: (بعُدَ).
والمبرد: أنها ظرف غير متمكن.
والصّحيح: أنها اسم (فعل) وهو جمع فِي الأصل، واحده:(هيهاه)، وأصلها:(هيهيه)، فانقلبت الياء الثّانية للمقتضي ألفًا، فحصل (هيهاه)، فلما أريد الجمع. . حذفت الهاء كما تحذف من نحو:(فاطمة)، ثم حذفت الألف لاجتماعها مع ألف الجمع فقيل:(هيهات).
وَلَم يقولوا: (هَيْهَيَات) بقلبها كما فِي (حبليات)؛ للفرق بَينَ المتمكن وغيره.
- و (لَعا): اسم لـ (انتعش وارتفع).
- ومثلها: (دَعدَعَا).
قال الشّاعر:
لَحَى اللَّهُ قَوْمًا لَم يَقُولُوا لِعَاثِرٍ
…
وَلَا لِابْنِ عَمٍّ نَالَهُ الدَهْرُ: دَعْدَعَا
(1)
(1)
التخريج: البيت بلا نسبة فِي لسان العرب 8/ 86 (دع)، والمخصص 12/ 188، وتاج العروس 20/ 551 (دعع).
وقال آخر:
. . . . . . . . . .
…
وَلَا أَقُولُ لَهَا عِندَ العِثَارِ لَعَا
(1)
فإِن قيل: (لا لعا) أَو (لا دعدعا). . كَانَ دعاء عليه.
قال ابن دريد:
فَإِنْ عَثَرْتُ بَعْدَها إن وَأَلَتْ
…
نَفْسِيَ من هاتا فَقُولا: لا لَعَا
(2)
أي: (لا سلم ولَا ارتفع).
• وجاء بمعنَى المضارع:
- (أوَّه)؛ أَي: (أتوجع).
- و (أف)؛ أَي: (أتضجَّر).
وفي "الصّحاح" حكَى الأخفش: ست لغات (أفِّ)، (أَفَّ)، (أُفُّ)، من غير
= الإعراب: لحى: فعل ماضٍ مبنى علَى الفتح المقدّر علَى الألف للتعذر. اللَّه: لفظ الجلالة فاعل مرفوع بالضمة. قومًا: مفعول به منصوب بالفتحة. لم: حرف جزم وقلب ونفي. يقولوا: فعل مضارع مجزوم بحذف النون لأنه من الأفعال الخمسة، والواو: ضمير متصل مبني فِي محل رفع فاعل، والألف فارقة. لعاثر: جار ومجرور متعلقان بـ (يقولوا). ولا: الواو: حرف عطف، لا: زائدة لتوكيد النفي. لأب: جارّ ومجرور معطوفان علَى لـ (عاثر). عمّ: مضاف إليه مجرور بالكسرة. ناله: فعل ماضٍ مبني علَى الفتح، والهاء: ضمير متصل مبني فِي محل نصب مفعول به. الدهرُ: فاعل مرفوع بالضمة. دعدعا: اسم فعل أمر بمعنى انتعش، يقال للعاثر.
جملة (لحى اللَّه): ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة (يقولوا): فِي محل نصب صفة لـ (قومًا). وجملة (ناله الدهر): فِي محل جرّ صفة لـ (ابن عم). وجملة (دعدعا): فِي محلّ نصب مفعول به (مقول القول).
الشّاهد فيه قوله: (دعدعا) وهو صوت دعاء للماعز. جاء به اسم فعل أمر بمعنى: انتعش.
(1)
التخريج: عجز بيت من البسيط، وصدره: آلَيْتُ بَعدَكِ لَا أَبْكِي عَلَى بَشَر
وهو فِي البصائر والذخائر 9/ 109 لأبي العالية الشامي.
الشَّاهد: قوله: (لعا)؛ حيث ما جاء به اسم فعل بمعنى انتعش.
(2)
التخريج: هذا البيت من الرجز وهو فِي مقصورة ابن دريد (ص 14).
اللغة. عثرت. زلت وألت: نجت، هاتا: هذه، لا لعا: لا أقامه اللَّه.
الشاهد: قوله: (لا لعا) حيث ما استعمله بمعنى الدعاء.
تنوين و (أفٍ)، و (أفًا)، و (أفٌ) بالتّنوين.
- و (وا)؛ أَى: (أعجب).
وقول الشّيخ: (وي): كذلك، وقول ابن عمر رضي الله عنه:(واعجبًا لك يا ابن عباس)، فـ (وا) بمعنَى:(أعجب).
وقوله: (عحبا): توكيد لقولِهِ: (واهذا) علَى أَن (عجبًا) منون.
وإِلا. . فالأصل: (واعجبي)، فأبدلت الكسرة فتحة، والياء ألفًا، كما فِي (يا أسفا)، فتكون (وا) للندبة.
وقد يلحقها كاف الخطاب؛ كقولِهِ:
أَلَا ويَكَ المَسَرَّةُ لَا تَدُوم
…
. . . . . . . . . .
(1)
وقول الآخر:
. . . . . . . . . .
…
قِيلُ الفَوَارِسِ وَيكَ عَنْتَرَ أَقْدِمِ
(2)
(1)
التخريج: صدر بيت من الوافر، وعجزه: وَلَا يَبْقَى عَلَى الدَّهْرِ النَّعِيم
وللبيت قصة ذكرها صاحب العقد الفريد 3/ 217، وهي:
قال: كانت امرأة من هذيل، وكان لها عشرة إخوة وعشرة أعمام؛ فهلكوا جميعا فِي الطاعون؛ وكانت بكرًا لم تتزوج؛ فخطبها ابن عم له فتزوّجها. فلم تلبث أن اشتملت علَى غلام فولدته، فنبت نباتًا كأنما يمدّ بناصيته وبلغ، فزوّجته وأخذت فِي جهازه، حتى إذا لم يبق إِلَّا البناء. . أتاه أجله، فلم تشقّ لها جيبًا، ولم تدمع لها عين؛ فلما فرغوا من جهازه دعيت لتوديعه، فأكبّت عليه ساعة، ثم رفعت رأسها ونظرت إليه وقالت:
ألَا تِلكَ المَسَرَّة لَا تَدُوم
…
وَلَا يَبْقَى عَلَى الدَّهْرِ النَّعِيم
ولا يبقى علَى الحَدَثَانِ غَفَر
…
بِشَاهِقَة لَهُ أمّ رَؤُوم
ثم أكبت عليه أخرى، فلم تقطع نحيبها حتى فاضت نفسها، فدفنا جميعًا.
الشاهد: قوله: (ويك)؛ حيث جاء جاء اسم فعل بمعنى أعجب، ولحقه كاف الخطاب.
(2)
التخريج: عجز بيت من الرجز، وصدره: وَلَقَد شَفَا نَفْسي وَأَبْرَأَ سَقمَها
وهو لعنترة فِي ديوانه ص 219، والجنى الداني ص 353 وخزانة الأدب 6/ 406، 408، 421، وشرح شواهد المغني ص 481، 487، وشرح المفصل 4/ 77، والصاحبي فِي فقه اللغة ص 177، ولسان العرب 15/ 418 ويا، والمحتسب 1/ 16، 2/ 156، والمقاصد النحوية 4/ 318.
وقال الكسائي: أصله (ويلك)، فـ (الكاف): عنده ضمير مجرور مضافًا إِليه.
واختلف فِي: {وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} .
فقيل: اسم لأعجب، والكاف: للتعليل؛ أَي: لأنه لا يفلح الكافرون.
والكسائي: الأصل (ويلك) كما سبق آنفًا.
وقيل: (ويك) كلمة برأسها.
وقيل: (ويكأن) كلها: كلمة برأسها بسيطة، ومعناها:(أما ترَى إِلَى صنع اللَّه)، نقله الكسائي والفراء.
وحكَى فِي "الإتقان" عن الخليل: أَن (وي): كلمة وحدها، وَ (كَأنَّ): كلمة
= اللغة: شفى نفسي: أذهب غيظها. أبرأ: شفى. السقم: المرض. قيل: قول. ويك: اسم فعل بمعنى أعجب أو تعجب. أقدِم: تقدم.
المعنى: لقد أذهب غيظ نفسي: قول الفرسان لي: يا عنترة أقدم ولا تتأخر، لأن الفرسان أصحابه لا غنى لهم عنه، فهم يلتجئون له فِي المعركة.
الإعراب: ولقد: الواو حرف قسم وجر، والمقسم به محذوف تقديره:(واللَّه)، والجار والمجرور: متعلقان بفعل محذوف تقديره: أقسم، اللام: واقعة فِي جواب المقدر، قد: حرف تحقيق. شفى: فعل ماض مبني علَى الفتح المقدر، والفاعل ضمير مستتر جوازًا تقديره: هو. نفسي: مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة علَى ما قبل ياء المتكلم، والياء: ضمير متصل فِي محل جرّ بالإضافة. وأبرأ: الواو: حرف عطف، أبرأ: فعل ماض مبني علَى الفتح. سقمها: مفعول به منصوب، وها: ضمير متصل فِي محل جرّ بالإضافة. قِيلُ: فاعل مرفوع، يتنازعه فعلان شفى وأبرأ فيعمل فِي الأقرب ويضمر فِي الثاني. والفوارس: مضاف إليه مجرور. ويك: اسم فعل مضارع بمعنى نعجب، وفاعله ضمير مستتر وجوبًا تقديره: نحن، والكاف: حرف خطاب لا محل له. عنترُ: منادى مرخم بحرف نداء محذوف مبني علَى الضم الظاهر علَى ما قبل الحرف المحذوف للترخيم علَى لغة من لا ينتظر. أقدِم: فعل أمر مبني علَى السكون وحرك بالكسر لضرورة الشعر، والفاعل ضمير مستتر وجوبًا تقديره: أنت.
وجملة (أقسم) المحذوفة: ابتدائية لا محل لها. وجملة (شفى نفسي): جواب قسم لا محل لها. وجملة (وأبرأ سقمها): معطوفة علَى جملة لا محل لها. وجملة (أقدم): استئنافية لا محل لها. وجملة (ويك): فِي محل نصب مقول القول، وجملة (عنتر): اعتراضية أو استئنافية لا محل لها.
الشاهد فيه قوله: (ويك)؛ حيث وقعت (وي) اسم فعل مضارع بمعنى (نعجب) ورفعت ضميرًا مستترًا، ولحقتها كاف الخطاب.
مستقلة للتحقيق لا للتشبيه.
واسم الفعل بمعنَى الماضي والمضاع قليل؛ كما قال: (وغَيْرُهُ كَوَيْ وَهَيْهَاتَ نَزُرْ)؛ أَي: (قلَّ).
تنبيه:
الحجازيون: أَن (هلم) اسم فعل؛ لأنهم لا يبرزون فاعلها مطلقًا، وهي بمعنَى:(احضروا)، قال تعالَى:{وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا} ، {قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ} ، فجاء لازمًا ومتعديًا.
وهي فعل عند تميم؛ لأنهم يبرزون فاعلها مطلقًا؛ نحو: (هلم)، (هلمي)، (هلما)، (هلموا)، (هلممن)، كـ (ارددن)، و (اشددن).
ويؤكد؛ نحو: (هلمن يا زيد)، (هلممان يا هندات)؛ كما تقول:(اضربنان يا هندات) بألف قبل نون التّوكيد مع فعل النّسوة كما سيأتي.
فتقول علَى مذهب الحجازيين، للمفرد والمثنى والجمع:(هلمَّ) بالبناء علَى حالة واحدة كغيره من أسماء الأفعال.
وتقول علَى مذهب تميم: (هلم)، (هلمِّي)، (هلمَّا)، (هلمُّوا)؛ لأنه يبرزون الفاعل؛ كما فِي:(اضرب)، (اضربي)، (اضربا)، (اضربوا):
فالأول: مبني علَى السّكون تقديرًا؛ كما فِي: (غُضَّ).
وما بعده: مبني علَى حذف النّون، كما فِي:(اضربي)، و (اضربان)، و (اضربوا)؛ لكن تقديرًا؛ إِذ لم يعهد لهُ مضارع، خلا ما ندر من قول بعضهم:(لا أهلُمُّ)، بعد أَن قيل لهُ:(هلمًّ).
وتقول لجماعة النّسوة: (هلممن) بالبناء علَى السّكون؛ كما فِي: (اغضضن).
وأصل (هلم): (هاء المُم) بهمزة وصل قبل اللام السّاكنة، فأدغمت الميم بعد نقل ضمتها إِلَى اللّام، فاستغني عن همزة الوصل، فحصل:(ها لمَّ)، ثم حذفت الألف تخفيفًا أَو للساكنين؛ لأنَّ اللّام بعدها فِي تقدير السّاكنة باعتبار أصلها قبل نقل الضّمة إِليها.
وقال الكوفيون: أصلها (هل أم).
• ومن النّحويين: من جعل من أسماء الأفعال: (هاتِ)، و (تعالَ) بكسر التّاء وفتح اللّام مطلقًا؛ كـ (هات زيد)، (هات يا زيدان)، (هات يا زيدون) إِلَى
غير ذلك.
والصّحيح: فعلان غير متصرفين؛ لاتصال ضمير الرّفع البارز بهما، فيُجرَيان مجرَى (ارم)، و (اخشَ).
فتقول للواحد: (هاتِ)، و (تعالَ) بالبناء علَى حذف الياء من الأول، والألف من الثَّاني.
ويبنيان علَى حذف النّون تقديرًا فِي غير ذلك؛ إِذ لم يسمع لهما مضارع، فتقول:(هات وتعالي يا هند)، و (هاتيا وتعاليا يا زيدًا)، أَو (يا هندان)، و (هاتوا وتعالوا يا زيدون)، وفي القرآن:{قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ} ، {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} .
وأصل (هات يا هند): (هاتيي) بياءين؛ كما فِي (ارمني)، الأولَى: لام الكلمة، والثّانية: ياء الفاعلة، فاستثقلت الكسرة علَى الياء، فحذفت، فالتقَى ساكنان، فحذفت الأولَى وهي لام الفعل فحصل:(هاتي).
وأصل (تعالوا): (تعالَيُوا)؛ كما فِي (احتسَبُوا) فقلبت الياء ألفًا؛ لتحركها وفتح ما قبلها، ثم حذفت للساكنين.
وتقول لجماعة النّسوة: (هاتَينَ)، و (تعالَين)، وفي القرآن:{فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ} بالبناء علَى السّكون؛ كما فِي (ارمين)، و (اخشَين).
وشذ كسر اللّام فِي قوله:
. . . . . . . . . .
…
تَعَالِي أقاسِمْكِ الهُمُومَ تَعَالِي
(1)
(1)
التخريج: عجز بيت من الطويل، وصدره: أيا جارتا ما أنصف الدهر بيننا
وهو لأبي فراس الحمداني فِي ديوانه ص 246، وبلا نسبة فِي شرح شذور الذهب ص 29، وشرح قطر الندى ص 32، والمقطوعة التي منها البيت هي:
أَقولُ وَقَد ناحَت بِقُربي حَمامَةٌ
…
أَيا جارَتا هَل تَشعُرينَ بِحالي
مَعاذَ الهَوى ما ذُقتِ طارِقَةَ النَّوى
…
وَلا خَطَرَت مِنكِ الهُمومُ بِبالِ
أَتَحمِلُ مَحزونَ الفُؤادِ قَوادِمٌ
…
عَلى غُصُنٍ نائي المَسافَةِ عالِ
تَعالِي تَرَي روحًا لَدَيَّ ضَعيفَةً
…
تَرَدَّدُ في جِسمٍ يُعَذِّبُ بالِ
أَيَضحَكُ مَأسورٌ وَتَبكي طَليقَةٌ
…
وَيَسكُتُ مَحزونٌ وَيَندِبُ سالِ
لَقَد كُنتُ أَولى مِنكِ بِالدَمعِ مُقلَةً
…
وَلَكِنَّ دَمعي فِي الحَوادِثِ غالِ
وأبو فراس فِي رأي النحاة لا يحتج بشعره، وإنما جاء البيت للتمثيل به فقط.
قاله الحمداني وهو من المولَّدين كالمتنبي، وعيب علَى الزّمخشري فِي الاستشهاد به.
لكن قال السمين: ذكره استئناسًا.
وقرأ الحسن وأبو السّماك: (تعالُوا) بضم اللّام.
فقيل: نقلت ضمة الباء إِلَى اللام؛ لأنَّ الأصل (تعاليوا) كما سبق، ثم حذفت الياء للساكنين.
والّذي ارتضاه السّمين: أنهم تناسوا الياء المحذوفة، وجعلت اللّام كأنها آخر الكلمة، فضمت قبل الواو.
- ومن أسماء الأفعال (ها) بمعنَى: (خذ)، وتلحقه الكاف؛ نحو:(هاك)، (هاكما)، (هاكم).
وقد توضع الهمزة موضع الكاف؛ نحو: (هاء)، (هاؤما) وفي القرآن:{هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} .
وفي الجمع المؤنث (هاؤن).
وقد يجمع بَينَ الكاف والهمزة؛ نحو: (هاؤك)، و (هاؤكما)، ذكره فِي "المفصل".
قال فِي "سر الصّناعة": والكاف فِي (هاك) حرف بمعنَى الخطاب؛ لأنه يقع موقعها ما لا يكون اسمًا، ويقال:(هَأْ) بوزن (هَعْ)، و (هَأْنَ) بوزن (هَعْنَ). انتهَى.
واختلف فِي (هيت لك):
فقيل: بمعنَى (تهيأت)، أَو (أقبل).
وقيل: هي بالحورانية علَى القول أَن القرآن فيه من غير لغة العرب، ذكره السّيوطي فِي "المزهر"
(1)
.
= وموضع التمثيل: أن المصنف يرى أبا فراس قد استخدم نطق العامة؛ إذ جاء بالفعل (تعالِي) مكسور اللام عند إسناده لياء المخاطبة.
هذا، وقد نقل عن أهل الحجاز أنهم ينطقون اللام مكسورة فِي هذا الفعل حين إسناده لياء المخاطبة.
(1)
لم أجده فِي المزهر، ولكن فِي معاني القرآن للفراء 2/ 40:(وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ) قرأها عبد اللَّه بن مسعود وأصحابه.
حَدَّثَنَا الفرّاء قال: حدثني ابن أبي يحيى عن أبي حبيب عن الشّعبي، عن عبد اللَّه بن مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: =
قال: وجعل من لغة العجم: (طه)، و (اليم)، و (الطّور)، و (الرّبانيون).
ويقال: إنها بالسّريانية.
و (السراط)، و (القرطاس)، و (الفردوس)، بالرّومية.
و (مشكاه)، و (كفلين) بالحبشية.
وقيل: ليس فيه شيء من كلام العجم.
وأبو عبيدة: الصّواب تصديق القولين، وأن الأصل أعجمي، فسقط إِلَى العرب فعربته بألسنتها، وحولته من ألفاظ العجم ونحو ذلك إلى ألفاظها، فصار عربيًا، ثم نزل القرآن.
واللَّه الموفق
ص:
629 -
وَالفِعْلُ مِنْ أَسْمَائِهِ عَلَيْكَا
…
وَهَكَذَا دُونَكَ مَعْ إليْكَا
(1)
630 -
كَذَا رُوَيْدَ بَلهَ نَاصِبَيْنِ
…
وَيَعْمَلَانِ الخَفْضَ مَصْدَرَينِ
(2)
ش:
= أَقْرَأَنِي رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم (هَيْتَ) وَيُقَالَ: إِنَّهَا لُغَةٌ لِأَهْلِ حُوْرَانَ سَقَطَتْ إِلَى مَكَّةَ فَتكَلَّمُوا بِهَا.
وَأَهْل الْمَدِينة يَقْرَءونَ (هِيتَ لَكَ)، بِكَسْرِ الْهَاءِ وَلَا يَهْمِزُونَ.
وَذُكِرَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا قَرَأا: (هِئْتُ لَكَ) يُرَادُ بِهَا: تَهَيَّأَتْ لَكَ، وقد قَالَ الشّاعر:
إنّ الْعِراق وَأَهْلَهُ
…
سَلْمٌ عَلَيْكَ فَهَيْتَ هَيْتَا
(1)
الفعل: مبتدأ أول. من أسمائه: الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم، وأسماء: مضاف، والضمير مضاف إليه. عليكا: قصد لفظه: مبتدأ ثان تأخر عن خبره، والجملة من المبتدأ الثاني وخبره: فِي محل رفع خبر المبتدأ الأول. وهكذا: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. دونك: قصد لفظه: مبتدأ مؤخر. مع: ظرف متعلق بمحذوف حال، ومع مضاف، وإليكا: قصد لفظه أيضًا: مضاف إليه.
(2)
كذا: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. رويد: قصد لفظه: مبتدأ مؤخر. بله: معطوف علَى رويد بعاطف مقدر. ناصبين: حال من الضمير العائد إلى المبتدأ وما عطف عليه المستكن فِي الخبر. ويعملان: فعل مضارع، وألف الاثنين فاعل. الخفض: مفعول به ليعملان. مصدرين: حال من ألف الاثنين الواقعة فاعلًا.
كل من (عليك)، و (دونك)، و (إِليك) اسم فعل:
- فـ (عليك زيدًا) بمعنَى: (الزم زيدًا)، وفي القرآن:{عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} .
وقد يتعدّى بالحرفِ؛ نحو: (عليك بزيد).
- وتقول: (إِليك عني)؛ أَي: (تنح عني).
وعداه الكوفيون؛ نحو: (إِليك زيدًا).
- وتقول: (دونك عمرًا)؛ أَي: (خذه).
قال الشّاعر:
. . . . . . . . . .
…
دُونَكِهَا يَا أُمُّ لَا أُطِيقُهَا
(1)
ومثله فِي المعنَى: (لديك)، و (عندك).
وقالوا: (مكانك) بمعنَى: (اثبت).
وقال الشّاعر:
. . . . . . . . . .
…
مَكَانَكِ تُحْمَدِي أو تَسْتَرِيحِي
(2)
(1)
التخريج: الرجز بلا نسبة فِي شرح شذور الذهب ص 515، المعجم المفصل 11/ 203.
الشاهد: قوله: (دونكها)، حيث جاء اسم فعل أمر بمعنى خذيها.
(2)
التخريج: عجز بيت من الوافر، وصدره: وَقَولي كلَّما جَشَأَت وَجَاشَتْ
وهو لعمرو بن الأطنابة فِي إنباه الرواة 3/ 281، وحماسة البحتري ص 9، والحيوان 6/ 425، وجمهرة اللغة ص 1095، وخزانة الأدب 2/ 428، والدرر 4/ 84، وديوان المعاني 1/ 114، وسمط اللآلي ص 574، وشرح التصريح 2/ 243، وشرح شواهد المغني ص 546، ومجالس ثعلب ص 83، والمقاصد النحوية 4/ 415، وبلا نسبة فِي أوضح المسالك 4/ 189، وشرح قطر الندى ص 117، ولسان العرب 1/ 48 (جشأ)، والمقرب 1/ 273، وهمع الهوامع 2/ 13. وقبل البيت الشّاهد قوله:
أَلا مَن مُبلِغُ الأَحلافِ عَنِّي
…
فَقَد تُهدَى النَصيحةُ للنصيحِ
فأنَّكم وما تُزجُونَ نحوي
…
مِنَ القَولِ المُرَغَّى والصَّريحِ
سَيَندَمُ بَعضُكُم عَجلًا عليه
…
وما أَثرى اللِّسانُ إِلَى الجَرُوحِ
أبت لي عفَّتِي وأَبى بَلائي
…
وأَخذِي الحَمدَ بالثَّمَنِ الرَّبِيحِ
وإِعطائي علَى المكرور مالي
…
وضَربي هامَةَ البَطَلِ المثيحِ
بذي شطَبٍ كَلَونِ المِلح صافٍ
…
ونَفسٍ ما تَقر علَى القبيحِ
اللغة: جشأت: غَلت واضطربت. مكَانكِ: اثبتي ولا تثوري.
فجزم فِي جوابه.
- و (وراءك) بمعنَى: (تأخر).
- و (أمامك) بمعنَى: تقدم.
وحكَى الكسائي: (كما أنت زيدًا)؛ أَي: (انتظر زيدًا).
• وقد علم أَن منها:
• ما أصله جار ومجرور؛ كـ (عليك).
• وظرف؛ كـ (دونك)، وهو مسموع فَلَا يقاس عليه، خلافًا للكسائي.
• ولَا يستعمل إِلَّا مع ضمير المخاطب كما ذكر.
وشذ: (عليه رجلًا غيري)؛ أَي: (ليلزم رجلًا غيري).
وقال الشّاعر:
= المعنى: يتحدث الشّاعر عن عفته وبلائه فِي الحروب، والثبات فِي المكاره والسيطرة علَى ثورة النفس، وتحصين العرض عن كل ما يشينه.
الإعراب: وقولي: الواو: حرف عطف. قولي: معطوف علَى (أخذي) فِي بيت سابق، وهو مضاف، والياء: ضمير فِي محل جرّ بالإضافة. كلما: كل: ظرف معلق بـ (جشأت)، وهو مضاف، وما: مصدرية زمانية، والمصدر المؤول من (ما) وما بعدها: فِي محل جرّ بالإضافة. جشأت: فعل ماض، والتاء للتأنيث، والفاعل: هي. وجاشت: الواو: حرف عطف، جاشت: فعل ماض، والتاء: للتأنيث، والفاعل: هي. مكانك: اسم فعل أمر بمعنى قفي، والفاعل: أنت. تحمدي: فعل مضارع مبني للمجهول مجزوم لأنه جواب الطلب وعلامة جزمه حذف النون لأنَّه من الأفعال الخمسة. والياء: فاعل. أو: حرف عطف. تستريحي: فعل مضارع مجزوم عطفًا علَى الفعل تحمدي.
وجملة (جشأت) الفعلية: صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. وجملة (جاشت) الفعلية: معطوفة علَى جشأت. وجملة (مكانكِ): فِي محل نصب مقول القول. وجملة (تحمدي): جواب شرط لأداة شرط مقدرة، والتقدير: إن تثبتي تحمدي. وجملة (تستريحي): معطوفة علَى جملة تحمدي.
الشاهد فيه قوله: (مكانك)؛ حيث جاء اسم فعل أمر بمعنى (اثبتي).
شَهِيدِي الوَلِيدُ عَلَى حُبِّهَا
…
أَلَيسَ بِعَدلٍ عَلَيْهَا الوَلِيدَا
(1)
وأما قوله عليه الصلاة والسلام: "معاشر الشَّباب من استطاع منكم الباءة. . فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصّوم" فقد حسنه الخِطاب.
وابن عصفور: أَن (عليه): خبر، و (الصوم): مبتدأ، و (الباء): زائدة.
واختلف فِي اتصاله بضمير المتكلم، والمشهور: المنع.
لكن سمع (إلى) بمعنَى: (ائتني)، و (عليّ الشّيء) بمعنَى:(أوليته).
والبصريون: أَن الياء والكاف من نحو: (علَيّ)، و (عليك)، و (عليكم) اسم فِي محل جر، ويشهد لهم (علَيَّ عبدِ اللَّه زيدًا)، بجر (عبد) فتبين أَن الضّمير مجرور الموضع، بدليل الإبدال منه.
وقيل: عطف بيان.
فيه نظر؛ إِذ لا يكون ضميرًا ولا تابعًا لضمير، فهو بدل عند من لا يشترط حلوله محل الأول.
وعن الكسائي: أَن الياء والكاف فِي محل نصب.
وعن الفراء: رفع.
وابن بابشاذ: حرف لا موضع لهُ كالكاف فِي ذلك.
قال: لأنَّ الاسم الظّاهر لا يقع موقعها.
وفي نحو: (عليك)، و (إِليك) ضميرٌ مستتر فاعل؛ كما فِي (الزم)، و (تنحَّ)؛ فإِن أكدت هذا الضّمير بالنّفس أَو العين. . قلت:(عليك أنت نفسُك) بالرّفع؛ كما تقول: (قم أنت نفسُك).
وإن أكدت الكاف علَى مذهب البصريين. . قلت: (عليك نفسك) بالجر أَو
(1)
التخريج: البيت من المتقارب، ولم أجده فيما بين يدي من مراجع سوى ما ذكر صاحب "الانتخاب فِي الأبيات المشكلة الإعراب" ص 37 أنه لأبي علي، وهو فيه بلفظ (زياد) بدل (الوليد) فِي الموضعين.
الشّاهد: قوله: (عليها الوليدا)؛ حيث دخل اسم الفعل (علَى) علَى الضّمير المؤنث الغائب ونصب المفعول (الوليد) علَى الإغراء وهو شاذ؛ إذ لا يستعمل إِلَّا مع ضمير المخاطب.
بالنّصب عند الكسائي.
أَو بالرّفع عند الفراء.
ولَا تؤكد علَى رأي ابن بابشاذ؛ لأنَّ الكاف عنده حرف كما ذكر.
- وأما (رويد)، و (بله) فيكونان أسمي فعل إِذا انتصب ما بعدهما، نحو:(رويد زيدًا)؛ أَي: (أمهل زيدًا)، و (بله عمرًا)؛ أَي:(اترك عمرًا)، ففتحتهما فتحة بناء.
ويكونان مصدرين إِذا أنجر ما بعدهما؛ كـ (رويد زيدٍ)، و (بله عمرٍ)؛ أي:(إمهال زيد)، و (ترك عمرو) كلاهما مصدر مضاف للمفعول.
وقيل: للفاعل، وفتحتهما فتحة إعراب، ونصبه بعامل محذوف.
هذا معنَى قوله: (كذا رُوَيْدَ بَلهَ) البيت.
وتقول إِذا كَانَ اسم فعل: (رويدك زيدًا)، وهذه الكاف حرف خطاب، و (زيدًا): منصوب بـ (رويد)، ولَا يكون اسمًا فِي محل جرّ؛ لأنَّ اسم الفعل لا يضاف؛ لامتناع الإِضافة فِي مدلوله.
تنبيه:
قال فِي "الصّحاح": و (رويد): منصوب انتصاب المصادر.
ويجوز لك أَن تنون (رويد)، و (بله) وتخصب بهما إِذا استعملتهما مصدرين، فتقول:(رويدًا زيدًا)، و (بلهًا عمرًا)؛ كما تقول:(تركًا عمرًا)، وتقول:(ساروا رويدًا) فتنصبه علَى الحال؛ أَي: ساروا مرودين.
ويقع صفة للمصدر؛ كـ (ساروا سيرًا رويدًا)، ومنه قوله تعالى:{أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا} ؛ التّقدير واللَّه أعلم بمراده: (إمهالًا رويدًا).
وأصله: (إرواد) فصغر تصغير التّرخيم، وهو يقتصر فيه علَى الأصل، فاقتصروا علَى (رود) وصغروه، فحصل:(رويدًا)؛ كما قالوا فِي تصغير: (حمدان) و (أحمد): (حميد).
وعن المبرد: منع النّصب بـ (رويد)؛ لأنَّ المصدر لا يعمل مصغرًا كما علم.
وقد جاء مكبرًا فِي قوله:
. . . .
…
كَأَنَّهُ ثَمِلٌ يَمشِي عَلَى رَوَدِ
(1)
وهل استعمل لـ (رويد)، و (بله) فعل إِذا كانا مصدرين؟
قالوا: (أَروَدَه)؛ أَي: (أمهَلَه).
وأما (بله). . فقد أهملوا فعله المرادف لقولهم: (دع).
وأَجازَ محمد قطرب تلميذ سيبويه: أَن يكونَ بمعنَى (كيف)، قال الشّاعر:
. . . . . . . . . . . .
…
بَلْهَ الأكُفِّ كَأَنَّهَا لم تُخلقِ
(2)
(1)
التخريج: عجز بيت من البسيط، وصدره: يكَاد لَا تثلم الْبَطْحَاء وطأته
وهو للجموح الظّفريّ، والشطر الثاني من هذا البيت فِي ابن يعيش (4/ 29)، والبيت بتمامه فِي التذييل (6/ 177) واللسان (رود) وروايته فيه:
تكاد لا تثلم البطحاء وطأتها
…
كأنّها ثمل يمشي علَى رود
بضمير المؤنث.
الشرح: تثلم: هو من ثلَم الإناء والسيف ونحوه: كسر حرفه، والثّلم فِي الوادي: أن ينثلم جرفه. والبطحاء: مسيل فيه دقاق الحصى، ووطأته: الوطأة، موضع القدم وهي أيضًا كالضّغطة، وثمل: الثمل: الشارب الذي لعبت برأسه الخمر.
الشاهد فيه: مجيء (رود) مكبرًا بمعنى الرفق والمهل، وقد جعل الفراء (رُوَيدًا) تصغيرًا لهذا اللّفظ.
(2)
التخريج: عجز بيت من الرجز، وصدره: تذر الجماجم ضاحيًا هاماتها
وهو لكعب بن مالك فِي ديوانه ص 245 وخزانة الأدب 6/ 211، 214، والدرر اللوامع 3/ 187، وشرح شواهد المغني ص 353، ولسان العرب 13/ 478 بله، وبلا نسبة فِي أوضح المسالك 2/ 217، وتذكرة النحاة ص 500، والجنى الداني ص 425، وخزانة الأدب 6/ 232، وشرح التصريح 2/ 199، وشرح المفصل 4/ 48، ومغني اللبيب ص 115، وهمع الهوامع 1/ 236.
اللغة وشرح المفردات: تذر: تترك. الجماجم: جمع الجمجمة، وهي عظم الرأس. ضاحيا: بارزا للشمس. هاماتها: رؤوسها. بله: مصدر معناه الترك، أو اسم فعل بمعنى اترك.
المعنى: يقول: إن سيوفنا تقطع الرؤوس وتذروها علَى الأرض، فدع الأكف؛ لأنها بالقطع أولى.
الإعراب: تدر: فعل مضارع مرفوع، والفاعل: هي. الجماجم: مفعول به منصوب. ضاحيا: حال منصوب. هاماتها: فاعل لاسم الفاعل (ضاحيا) مرفوع، وهو مضاف، وها: فِي محل جر بالإضافة. يله: مفعول مطلق لفعل محذوف والتقدير: اترك بله الأكف، وبله مضاف. الأكفِّ: مضاف إليه مجرور، وذكر المؤلف فِي الكتاب فيها أقوالًا أخر. كأنها: حرف مشبه بالفعل، وها: اسمها. لم: حرف نفي وجزم وقلب. تخلق: فعل مضارع للمجهول مجزوم، وحرك بالكسر للضرورة الشعرية، ونائب الفاعل: هي.
يروي بتثليث (الأكف).
فالرّفع: علَى أنها بمعنَى: (كيف).
والنّصب: علَى أنها اسم فعل.
والجر: علَى أنها مصدر.
ورُبَّما جرّ بـ (مِن)، وفي الحديث:"يقول اللَّه: (أعددت لعبادي الصّالحين ما لا عين رأت، ولَا أذن سمعت، ولَا خطر علَى قلب بشر، من بله ما اطلعتم) ".
وفسرها بعضهم: بغير.
واللَّه الموفق
ص:
631 -
وَما لِمَا تَنُوبُ عَنْهُ مِنْ عَمَلْ
…
لَهَا وَأَخِّرْ مَا لِذِي فِيهِ العَمَلْ
(1)
ش:
ما ثبت لمدلولات هذه الأسماء: يثبت أيضًا لهذه الأسماء، خلا تقديم المعمول علَى الصّحيح، وإليه أشار بقوله:(وأَخِّرْ مَا لِذِي فِيْهِ العَمَل)؛ أي: (وأخر الّذي فيه العمل لهذه؛ لضعفها وعدم تصرفها).
ففي نحو: (صه)، و (مه): ضمير فاعل مستتر وجوبًا، كما فِي (اسكت)، و (انكفف).
= وجملة (تذر الجماجم) الفعلية: لا محل لها من الإعراب لأنها ابتدائية، أو استئنافية. وجملة بله الأكف الفعلية: لا محل لها من الإعراب لأنها استئنافية. وجملة (كأنها لم تخلق) الاسمية: فِي محل نصب حال. وجملة (لم تخلق) الفعلية: فِي محل رفع خبر كأن.
الشّاهد فيه قوله: (بله الأكف)، حيث جاء بالأوجه الثلاثة، وبينه المؤلف مفصلًا فِي الكتاب.
(1)
وما: اسم موصول: مبتدأ. لما: جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة (ما) الواقعة مبتدأ. تنوب: فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هي يعود إلى أسماء الأفعال، والجملة لا محل لها صلة ما المجرورة محلًا باللام. عنه: جار ومجرور متعلق بتنوب. من عمل: بيان لما الموصولة الواقعة مبتدأ. لها: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ. وأخِّر: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. ما: اسم موصول: مفعول به لأخِّر. لذي: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. فيه: جار ومجرور متعلق بقوله: العمل الآتي. العمل: مبتدأ مؤخر، والجملة من المبتدأ وخبره: لا محل لها صلة ما الموصولة الواقعة مفعولًا به لأخِّر.
وزيدٌ فاعل فِي نحو: (شتان زيد وعمرو)، ومثله:(هيهات العقيق) كما كَانَ ذلك فِي (افترق زيد وعمرو)، و (بعُدَ العقيقُ).
و (هيهات) الثّانية: توكليد فِي قوله تعالَى: {هَيْهَاتَ هَيهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} ، وفاعل الأولَى:(ما توعدون)، واللّام صلة، واستبعد السّمين هذا الإِعراب.
والسّيوطي فِي "الإتقان": الأحسن أَن تكونَ اللّام لتبيين الفاعل.
وقيل: الفاعل ضمير؛ أَي: (هيهات التّصديق أَو الصّحة).
وقيل: (هيهات) بمعنَى (البعد) كما سبق، فموضعه رفع بالابتداء، و (لما توعدون): الخبر.
وقرأ أبو جعفر: (هيهاتِ هيهاتِ) بكسر التّاء، وهي لأسد وبني تميم، وقد تضم.
والفتح للحجازيين.
وفي "المفصَّل": قرئ بالثّلاثة.
وفيها أكثر من ثلاثين لغة، ولَا نطول.
- ومن هذه الأسماء: ما يرفع وينصب إن كَانَ فعله كذلك؛ نحو: (كَتَاب)، و (ضَرَاب زيدًا)، ففي (ضراب) ضمير فاعل مستتر وجوبًا أيضًا، كما فِي (اضرب)، و (زيدًا): مفعول بـ (ضراب).
- ويتعدَّى اسم الفعل بالحرفِ إن كَانَ فعله كذلك؛ فقالوا:
• (حيهل علَى الخير) لما كانت بمعنَى: (أقبل علَى الخير).
• وقالوا: (إِذا ذُكر الصّالحَون فحيهلا بعمرو) لما كانت بمعنَى: (أسرع بعمرٍ وعجل به).
• وعدَّوها بنفسها فِي قولهم: (حيهل الثّريدَ) بالنّصب؛ لأنَّهَا استعملت بمعنَى (اقصد الثّريد).
• وقالوا: (حيهلًا) بالتّنوين وبلا تنوين، وتنوينه فِي الوقف لغة رديئة.
• وهي مركبة من (حيَّ) بمعنَى: (أقبل)، ومِن (هل) الّتي للحث والعجلة، لا الّتي للاستفهام، فجعلت كلمةً واحدة بالبناء علَى الفتح؛ كـ (خمسة عشر)؛ نحو:(حيهل) بفتح اللّام، وهو الكثير فيها.
وقال الفارسي: فِي (حي) ضمير، وفي (هل) ضميرٌ؛ استصحابًا للأصل وحالة الإِفراد؛ كما تقول:(حي علَى الصّلاة)، وقوله:
أَلَا حيِّيَا لَيلَى وَقُولَا لَهَا: هَلا
…
. . . . . . . . . . . . . .
(1)
وحكَى سيبويه عن شيخه عبد الحميد وهو الأخفش الكبير أبو الخطاب: أَن بعض العرب تقول: (حيَّ هَلا الصّلاة)، كما تقول:(حي علَى الصّلاة).
وأَجازَ الكسائي: تقديم معمول اسم الفعل عليه، ونُقل عن باقي الكوفيين، وجعلوا منه قوله تعالَى:(كتابَ اللَّه عليكم)، علَى أَن (عليكم): اسم فعل، و (كتاب): مفعوله.
ونحو قول الشّاعر:
(1)
التخريج: صدر بيت من الطويل، وعجزه: فقد رَكِبت أمرًا أغرَّ محجلا
وهو للنابغة الجعدي فِي ديوانه ص 123؛ وخزانة الأدب 6/ 238؛ وشرح شواهد الإيضاح ص 419؛ ولسان العرب 11/ 35 (أول)، 146 (حجل)، 15/ 364 (هلا)؛ والمقاصد النحوية 1/ 569؛ وبلا نسبة فِي خزانة الأدب 6/ 264.
اللغة: ليلى: ليلى الأخيليّة، الشاعرة المعروفة. هَلا: اسم فعل أمر بمعنى اسكني أو كُفي. الأغَرْ: الواضح الظاهر الذي لا خفاء فيه. المحجل من الدواب: ما كان البياض منه فِي موضع الخلخال والقيود، وفوق ذلك.
المعنى: لقد ركبت بتعرضها له أَمْرًا خطيرًا ظاهرًا لا خفاء فيه.
الإعراب: ألا: حرف استفتاح وتنبيه. حيّيا: فعل أمر مبني علَى حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة، وألف الاثنين: ضمير متصل مبني فِي محل رفع فاعل. ليلى: مفعول به منصوب بفتحة مقدرة علَى الألف للتعذر. وقُولا: الواو: حرف عطف، وقولا: كإعراب حيّيا. لها: جار ومجرور متعلقان بالفعل قُولا. هلا: اسم فعل أمر بمعنى كفي، وفاعله ضمير مستتر وجوبًا تقديره: أنتِ. فقد: الفاء: استئنافية، وقد: حرف تحقيق. ركبتي: فعل ماض مبني علَى السكون، والتاء: ضمير متصل مبني فِي محل رفع فاعل. أمرا: مفعول به منصوب. أَغر: صفة لـ (أمرًا) منصوب مثله. محجلا: صفة ثانية لـ (أغر).
وجملة (حيّيا): ابتدائية لا محل لها من الإعراب، وعطف عليها جملة (قولا). وجملة (ركبت): استئنافية لا محل لها من الإعراب، وحذف مفعولًا (أبلغا)؛ لدلالة مقول القول عليهما.
الشّاهد فيه: استعمال (هَلا) وحده بعد فصله عن (حيَّ).
يَا أَيُّهَا المَائِحُ دَلْوِي دُونَكَا
…
. . . . . . . . . . . . . .
(1)
وأجيب:
بأن (كتابُ): مصدر، والعامل فيه:(كتب) محذوفًا.
و (دلوي): مبتدأ، و (دونك): خبرًا، وأن (دلوي): منصوب بـ (دونك) محذوفًا؛ أَي: (دونك دلوي دونك)؛ لأنَّ اسم الفعل يضمر مقدمًا إِذا دل عليه متأخر مذكور، وهو لسيبويه.
وأسماء الأفعال بلفظ واحد مطلقًا؛ نحو: (صه يا زيد، أو يا هند، أو يا زيدان، أَو يا زيدون). . إِلَى آخره.
واللَّه الموفق
(1)
التخريج: صدر بيت من الرجز، وعجزه: إنّي رأيتُ الناسَ يَحْمَدونكا
وهو لجارية من بني مازن فِي الدرر 5/ 301، وشرح التصريح 2/ 200، والمقاصد النحويّة 4/ 311، وبلا نسبة فِي أسرار العربية ص 165، والأشباه والنظائر 1/ 344، وأوضح المسالك 4/ 88، وجمهرة اللغة ص 574، وخزانة الأدب 6/ 200، 201، 206، وذيل سمط اللآلي ص 11، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص 532، وشرح عمدة حافظ ص 739، ولسان العرب 2/ 609 (ميح)، ومعجم ما استعجم ص 416، ومغني اللبيب 2/ 609، والمقرب 1/ 137، وهمع الهوامع 2/ 105.
اللغة: المائح: النازل إلى البئر ليملأ الدلو منها مغترفًا. دونكا: اسم فعل بمعنى خذ.
المعنى: يقول: يا أيها المستقي من البئر خذ دلوي واستقِ منها.
الإعراب: يا: حرف نداء. أيها: منادى مبنيّ علَى الضم فِي محل نصب علَى النداء، وها: للتنبيه. المائح: نعت أي مرفوع. دلوي: مفعول به مقدّم لـ (دونكا) وهو مضاف، والياء: ضمير فِي محلّ جرّ بالإضافة. دونكا: اسم فعل أمر بمعنى خذ، والفاعل أنت، والألف: للإطلاق. إني: حرف مشبَّه بالفعل، والياء ضمير متصل مبني فِي محل نصب اسم إنّ. رأيت: فعل ماضٍ، والتاء فاعل. الناسَ: مفعول به منصوب. يحمدونك: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون، والواو: ضمير متصل مبني فِي محل رفع فاعل، والكاف: ضمير متصل مبني فِي محل نصب مفعول به، والألف للإطلاق.
وجملة (أيها المائح) الفعليّة: لا محلّ لها من الإعراب لأنها ابتدائيّة. وجملة (دونكا) الفعليّة: لا محلّ لها من الإعراب لأنّها تفسيريّة. وجملة (إني رأيت): استئنافيّة لا محلّ لها من الإعراب. وجملة (رأَيت): فِي محل رفع خبر إنّ. وجملة (يحمدونك) فِي محل نصب حال من الناس.
الشاهد فيه قوله: (دلوي دونكا)؛ حيث تقدّم مفعول اسم فعل الأمر دونك عليه.
ص:
632 -
واحْكُمْ بِتَنْكِيْرِ الَّذِي يُنَوَّنُ
…
مِنْهَا وَتَعْرِيفُ سِوَاهُ بَيِّنُ
(1)
ش:
كل ما استعمل من هذه الأسماء منونًا. . حكم بتنكيره، وما لم ينون. . فمعرفة.
وهذه الأسماء علَى ثلاثة أقسام:
- فيجوز التّنوين وعدمه فِي (صه)، و (مه)، و (أف)، و (حيهل)، و (إيه).
فإن نونت (صه). . طلبت سكوتًا عن كل كلام، وقس علَى ذلك.
وإن قلت: (صه) بالسّكون أو بالكسر من غير تنوين. . كَانَ الكلام: (اسكت السّكوت المعهود)، أَو (اسكت عن حديثك هذا)، و (انكفف انكفافك هذا) ونحو ذلك.
- ويلزم التّنكير فِي (واهًا) بمعنَى (أعجب).
و (ويهًا): إذا زجرته عن الشّيء.
و (إيهًا)؛ أي: (كف عنا إذا أمرته أَن يقطع الكلام)، ذكره ثعلب فِي "فصيحه".
- وأما (نزالِ) و (كَتابِ). . فلازم التّعريف، وكذا (آمين).
وبعضهم: أَن أسماء الأفعال كلها معارف، سواء نونت أم لم تنون.
والمعتمد: ما سبق.
واللَّه الموفق
(1)
واحكم: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. بتنكير: جار ومجرور متعلق باحكم، وتنكير مضاف، والذي: اسم موصول: مضاف إليه. ينون: فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل: ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو يعود إلى الَّذِي، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الذي. منها: جار ومجرور متعلق بقوله: ينون السابق. وتعريف: مبتدأ، وتعريف مضاف، وسوى من سواه: مضاف إليه، وسوى مضاف، والهاء مضاف إليه. بين: خبر المبتدأ.
ص:
633 -
وَمَا بِهِ خُوطِبَ مَا لَا يَعْقِلُ
…
مِنْ مُشْبِهِ اسْمِ الفِعْلِ صَوتًا يُجْعَلُ
(1)
634 -
كَذَا الَّذِي أَجْدَى حِكَايَةً كَقَبْ
…
وَالْزَمْ بِنَا النَّوعَيْنِ فَهُوَ قَدْ وَجَبْ
(2)
ش:
أسماء الأصوات علَى نوعين:
* الأول: ما وضع لخطاب ما لا يعقل، والغرض به انقياد البهائم عند سماع ذلك؛ لأنه ثابت بالعادة، ويكون ذلك زجرًا أَو دعاء:
فالأول: (هلا): للخيل.
و (عه)، و (عاه)، و (عيه): للإبل.
و (حَل)، و (حَلٍ): للناقة.
و (هجهج)، و (قاع)، و (هش): للغنم.
(1)
وما: اسم موصول: مبتدأ. به: جار ومجرور متعلق بقوله: خوطب الآتي. خوطب: فعل ماض مبني للمجهول. ما: اسم موصول: نائب فاعل خوطب، والجملة من خوطب ونائب فاعله: لا محل لها صلة الموصول الأول. لا: نافية. يعقل: فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو يعود إلى ما الموصولة الواقعة نائب فاعل، والجملة من لا يعقل وفاعله: لا محل لها صلة (ما) الموصولة الواقعة نائب فاعل. من مشبه: جار ومجرور بيان لما الموصولة الأولى، ومشبه: مضاف، واسم من اسم الفعل: مضاف إليه، واسم مضاف، والفعل مضاف إليه. صوتًا: مفعول ثان ليجعل تقدم عليه. يجعل: فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو، وهو مفعوله الأول، والجملة فِي محل رفع خبر المبتدأ الذي هو ما الموصولة الواقعة فِي أول البيت.
(2)
كذا: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. الذي: اسم موصول: مبتدأ مؤخر. أجدى: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو يعود علَى الذي، والجملة من أجدى وفاعله لا محل لها صلة. حكاية: مفعول به لأجدى. كقب: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف: أي وذلك كائن كقب. والزم: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. بنا: قصر للضرورة: مفعول به لالزم، وبنا مضاف، والنوعين: مضاف إليه. فهو: الفاء للتعليل، وهو: ضمير منفصل مبتدأ. قد: حرف تحقيق. رجب: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو يعود إلى الضمير الواقع مبتدأ، والمكنى به عن بناء النوعين، والجملة من رجب وفاعله: فِي محل رفع خبر المبتدأ، وهو الضمير المنفصل.
و (هجا)، و (هج): للكلب.
و (وج): للبقر.
و (سع): للضأن.
و (عز)، و (عيز): للعنز.
و (حَر): للحمار.
و (جاه): للسبع.
و (عدس): للبغل.
و (عاب)، و (عاج): للبعير.
ولزجر ما فِي حكمه من صغار الآدميين، (كخ): للطفل.
• والثّاني: (جأ جأ) مهموزتين: للإبل، إِذا دعوها لتشرب.
ونحو (هِدَعْ): لصغار الإبل.
و (جاجا): للضأن.
و (أوه): للفرس.
و (جوت)، و (جي): للإبل أيضًا.
و (عاعا): للمعز.
قال الشّاعر:
يا عَنْزُ هَذَا شَجَرٌ وَمَاءُ
…
عَاعَيْتُ لوْ يَنْفَعُنِي العَيْعَاءُ
(1)
(1)
التخريج: الرجز بلا نسبة فِي أوضح المسالك 4/ 90، والمقاصد النحوية 4/ 313.
اللغة: العنز: واحدة المعزى، قاله ابن فارس، وقال الجوهري: العنز: الماعزة، وهي الأنثَى من المَعِزِ. عاعيت: فعل بني من عاعى التي هي زجر للعنز. العيعاء: مصدر منه.
الإعراب: يا: حرف نداء. عنز: منادى مفرد بني علَى الضم. هذا: مبتدأ، شجر: خبره، وماء: عطف عليه، عاعيت: جملة من الفعل والفاعل، والمفعول: محذوف، تقديره: عاعيته. لو للشرط، ينفعني: جملة من الفعل والمفعول، العيعاء: فاعلها وقعت فعل الشرط، والجواب محذوف تقديره: لو ينفعني العيعاء. . عاعيت؛ فحذف لدلالة عاعيت عليه.
الشّاهد: قوله: (عاعيت، والعيعاء)؛ حيث بني الأول للماضي، والثاني للمصدر من عاعي غير مهموزين التي هي زجر للغنم كما ذكرنا.
و (عود): للجحش.
و (دج): للدجاج.
فمعنَى البيت الأول: (الَّذِي خوطب به ما لا يعقل مما يشبه أسماء الأفعال. . يجعل صوتًا).
* وأما النّوع الثّاني: فهو ما وضع لحكاية الأصوات؛ كقولهم:
(هيقعة) لحكاية صوت الوقع.
و (شغشغة) لحكاية صوت الطّعن، قال الشّاعر:
فَالطَّعنُ شَغشَغةٌ وَالضَّربُ هَيقَعَةٌ
…
. . . . . . . . . . . .
(1)
و (قب): لحكاية وقع السّيف.
و (طق): لحكاية وقع الحجارة.
و (طاق): لصوت الضّرب.
و (خاق باق): للنكاح.
و (قاش ماش): لصوت القماش.
و (خازَ بازَ) بالفتح وبالخاء المعجمة: لصوت الذّباب، وفيه لغات فَلَا نطول، وقد يطلق علَى السّنَّور.
وقيل: ذباب.
(1)
التخريج: صدر بيت من البسيط، وعجزه: ضرب المُعوَّل تحت الدّيمة العضدا
وهو لعبد مناف بن ربع الهذلي فِي شرح أشعار الهذليين ص 674، ولسان العرب 3/ 294 (عضد)، 8/ 373 (هقع)، 436 (شغغ)، 11/ 487 (عول)(1)، والتنبيه والإيضاح 2/ 39، وجمهرة اللغة ص 945، 1172، ومجمل اللغة 3/ 147، وديوان الأدب 3/ 434، وكتاب الجيم 2/ 272، وتاج العروس 22/ 400 (هقع)، 512 (شغغ)، (عول)، وللهذلي فِي تهذيب اللغة 1/ 127، 3/ 198، 16/ 32، وبلا نسبة فِي جمهرة اللغة ص 206، ومقاييس اللغة 3/ 169، 4/ 350، والمخصص 5/ 135، 6/ 90.
والهيقعة: وقع الشيء اليابس علَى الشيء اليابس. والعضدا كل ما قطع من الشجر.
الشاهد: (شَغشَغةٌ. . هَيقَعَةٌ)، حيث جاءا اسمي صوت.
وقيل: اسم نبت.
وفي "حياة الحيوان": اسمان جُعِلا واحدًا، وبنيا علَى الكسر.
و (غاق): لصياح الغراب.
و (ما): للظبية.
وإِليه أشار بقوله: (كَذَا الَّذِي أَجْدَى حِكَايَةً كَقَبْ)، يعني:(والَّذي أفهم حكاية يجعل أيضًا صوتًا).
وأسماء الأفعال والأصوات مبنية، كما قال:(وَالزَمْ بِنَا النَّوعَيْنِ)؛ لأنَّ أسماء الأفعال شابهت الحروف، فِي كونها تعمل، ولَا يعمل فيها كما علم.
وسبق أول الباب: هل لها موضع أو لا، ولأن أسماء الأصوات لا عاملة ولا معمولة، فأشبهت الحروف المهملة، فهي أحق بالبناء.
ورُبَّما أعرب بعض أسماء الأصوات؛ لوقوعه موقع المتمكن؛ كقولِهِ:
قَدْ أَقْبَلَتْ عَزَّةُ مِنْ عِرَاقِهَا
…
مُلصِقَةَ السَّرْجِ بِخَاقِ بَاقِهَا
(1)
أي: (بفرجها)، وقال آخر:
. . . . . . . . . . . . .
…
لِمَّتِي مِثْلُ جَنَاحِ غَاقِ
(2)
(1)
التخريج: البيت بلا نسبة فِي لسان العرب 10/ 94 خرق، الأشموني/ 3/ 211.
الإعراب: قد: حرف تحقيق. أقبلت: فعل ماض، والتاء: للتأنيث. عزة: فاعل مرفوع. من عراقها: جار ومجرور متعلقان بأقبلت وهو مضاف، وها: ضمير متصل فِي محل جرّ بالإضافة. ملصقة: حال منصوب، وهو مضاف. السرج: مضاف إليه مجرور. بخاق باقها: جار ومجرور متعلقان بملصقة وهو مضاف، وها: ضمير فِي محل جر بالإضافة.
وجملة (أقبلت عزة): ابتدائية لا محل لها.
الشّاهد فيه قوله: (بخاق باقها)؛ حيث أعرب الصوت (خاق باق) إعراب الاسم المتمكن.
(2)
التخريج: عجز بيت من الرجز، وصدره: ولو ترى إذ جبَّتي من طاق
الرجز لرؤبة فِي ملحق ديوانه ص 180، والدرر 5/ 308، وبلا نسبة فِي تخليص الشواهد ص 152، وهمع الهوامع 2/ 107.
اللغة: اللمة: شعر جانب الرأس.
الإعراب: ولو: الواو بحسب ما قبلها، لو: شرطية غير جازمة. ترى: فعل مضارع مرفوع، وفاعله =
أي: (غراب).
ولَا ضمير فِي أسماء الأصوات؛ لأَنَّها من قبيل المفردات.
بخلاف أسماء الأفعال؛ لأَنَّها من قبيل المركبات.
و (ما) الأولى: موصول مبتدأ، و (به خوطب): صلته، و (ما) الثّانية: نائب الفاعل.
وقوله: (مِنْ مُشْبِهِ اسمِ الفعلِ): إما حال من الهاء فِي (بِهِ) أو بيان للمبتدأ، وقوله:(يجعل): خبر المبتدأ، و (صَوتًا): مفعول ثان ليُجعل.
واللَّه الموفق
* * *
= ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنت. إذا: ظرف مبني علَى السكون فِي محل نصب متعلق بحال من مفعول ترى، والتقدير: ولو تراني كائنًا إذا. جبتي: مبتدأ مرفوع، وهو مضاف، والياء ضمير فِي محل جرّ بالإضافة. من طاق: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ. ولمتي: الواو حرف عطف، لمتي: معطوف علَى جبتي مرفوع، وياء المتكلم مضاف إليه. مثل: خبر المبتدأ مرفوع، وهو مضاف. جناح: مضاف إليه مجرور، وهو مضاف. غاق: مضاف إليه.
وجملة (ولو ترى): بحسب ما قبلها. وجملة (جبتي من طاق): فِي محل جرّ بالإضافة. وجملة و (لمتي مثل): معطوفة علَى جملة (جبتي) فِي محل بالإضافة.
الشّاهد فيه قوله: (جناح غاق) حيث أعرب الصوت (غاق) إعراب الاسم المتمكن.