الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَطفُ النّسَق
ص:
540 -
تَالٍ بِحَرفٍ مُتبِعٍ عَطفُ النَّسَق
…
كَاخصُص بِوُدٍّ وَثَنَاءٍ مَن صَدَق
(1)
ش:
النّسَق: مصدر نسقت الشيء علَى الشّيء، إِذا أتبعته إِياه.
ولما كَانَ إعراب الثّاني تابعًا لإِعراب الأول .. شبه بذلك، وهذا هو الضرب الثَاني من العطف.
فعطف النّسق: هو التّابع بتوسط حرف مشرِّكٍ؛ كـ (جاء زيد وعمرو)، و (اخصُص بوُدٍّ وَثَنَاءٍ).
فيخرج بتوسط الحرف: البيان، والنعت، والتّوكيد، والبدل.
• والعامل فِي المعطوف: هو العامل فِي المعطوف عليه.
وقيل: العامل فيه الأول بواسطة الحرف.
والفارسي وابن جني: من جنس الأول بعد الحرف، فـ (جاء زيد وعمرو)، تقديره عندهما:(وجاء عمرو).
وقيل: حرف العطف بالنّيابة.
وليست (أَي) متبعة فِي نحو: (مررت بشمرذل أَي: سريع)، و (رأيت غضنفرًا؛ أَي أسدًا).
فصدق علَى كل من (سريع) و (أسد): أنه تابع بحرف؛ ولكن لا يسمَى هذا الحرف مُتبعًا.
(1)
تال: خبر مقدم. بحرف: جار ومجرور متعلق بتال. متبع: نعت لحرف. عطف: مبتدأ مؤخر، وعطف مضاف، والنسق: مضاف إليه. كاخصص: الكاف جارة لقول محذوف، اخصص: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. بود: جار ومجرور متعلق باخصص. وثناء: معطوف بالواو على ود. من: اسم موصول: مفعول به لاخصص. صدق: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو يعود على (من) الموصولة، والجملة لا محل لها صلة الموصول.
خلافًا للمبرد والكوفيين وصاحب "المستوفى".
و (أي) هذه: تفسيرية، وتاليها: بمنزلة عطف البيان، ويوافق ما قبلها تعريفًا وتنكيرًا، والتّالي: هو التّابع.
واللَّه الموفق
ص:
541 -
فالعَطفُ مُطلَقًا (بِوَاوٍ)(ثُمَّ)(فَا)
…
(حَتَّى)(أَم)(أَو) كَفِيك صِدقٌ وَوَفَا
(1)
ش:
أحرف العطف تسعة، علَى قسمين:
* قسم يشرك المعطوف مع المعطوف عليه فِي اللّفظ وسيأتي.
وقسم يشرك فِي اللّفظ والمعنَى، ولهذا قال:(مُطْلَقًا)، وهي هذه السّتة؛ أعني:(الواو، وثم، والفاء، وحتَّى؛ وأم، وأو)، فتقول:(جاء زيد وعمرو أَو فعمرو أَو ثم عمرو)، و (قدم الحاج حتَّى المشاة)، و (أزيد عندك أم عمرو؟)، و (جاء زيد أَو عمرو).
وفي: (أَو) و (أم) تجوُّز فإنهما لا يشركان فِي اللّفظ والحكم، إِلَّا إِذا لم يقصد بهما إِضراب، ولكن الغالب فيهَما التّشريك فِي اللّفظ والحكم.
و (مطلقًا): حال من الضّمير، فِي قوله:(بواو)، وفيه تقديم الحال علَى عاملها الظّرفي وهو رأي الأخفش.
ويجوز: كونه حالًا من المبتدأ عند سيبويه.
واللَّه الموفق
(1)
فالعطف: مبتدأ. مطلقًا: حال من الضمير المستكن في الجار والمجرور وهو قوله: (بواو) بناء على رأي من أجاز تقدم الحال على عامله الجار والمجرور، أو هو حال من المبتدأ بناء على مذهب سيبويه. بواو: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ. ثم، فا، حتى، أم، أو: قصد لفظهن: معطوفات على قوله: (بواو)، بعاطف مقدر في الجميع. كفيك الكاف جارة لقول محذوف، فيك: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. صدق: مبتدأ مؤخر. ووفا: الواو عاطفة، ووفا: معطوف على صدق، وقصر (وفا) للضرورة، وأصله وفاء، وتقدير الكلام: كقولك: فيك صدق ووفاء، والكاف ومجرورها متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف: أي: وذلك كائن كقولك.
ص:
542 -
وَأَتبَعت لَفظًا فَحَسْبُ (بَل) وَ (لَا)
…
(لَكِن) كَلَم يَبدُ امرُؤ لكِن طَلَا
(1)
ش:
هذا هو القسم الّذي يشرك المتعاطفين فِي اللّفظ فقط؛ كما قال: (وَأَتبَعَتْ لَفْظًا فَحَسْبُ)؛ أَي: فقط وهو:
(بلْ)،و (لا) و (لكن)؛ نحو:(ما قام زيد بَلْ عمرو)، فـ (عمرو) مشترك مع (زيد) فِي الرّفع فقط، لا فِي الحكم الّذي هو القيام؛ لأنه قام، وزيد لم يقم.
ونحو: (قام زيد لا عمرو)، و (ما قام زيد لكن عمرو).
ومنه: (لَمْ يَبْدُ أمْرُؤ لكِنْ طَلا)، فـ (طلا): مشترك مع الأول فِي اللّفظ فقط؛ لأنَّ الّذي بدأ إِنما هو (الطّلا) بفتح الطّاء، ولد (الظّبي) أَو نحوه.
وقوله: (فَحَسْب): مبني علَى الضّم؛ لأنه من باب (قبل)، و (بعد).
وقيل: مبتدأ، والخبر: محذوف؛ كما تقول: (حسبي ذلك)؛ أَي: يكفيني.
واللَّه الموفق
ص:
543 -
فاعطف بِوَاوٍ لَاحقًا أَو سَابِقًا
…
في الحُكمِ أَو مُصَاحِبًا مُوَافِقَا
(2)
(1)
وأتبعت: أتبع: فعل ماض، والتاء علامة التأنيث. لفضًا: تمييز، أو منصوب بنزع الخافض. فحسب: الفاء زائدة لتزيين اللفظ، حسب، بمعنى كاف هنا: مبتدأ، وخبره محذوف، أي فكافيك هذا مثلًا. بل: فاعل أتبعت. ولا، لكن: معطوفان على (بل) بعاطف مقدر في الثاني. كلم: الكاف جارة لقول محذوف، لم: حرف نفي وجزم وقلب. يبد: فعل مضارع مجزوم بلم، وعلامة جزمه حذف الواو. امرؤ: فاعل يبد. لكن: حرف عطف. طلا: معطوف على امرؤ، والطلا -بفتح الطاء مقصورًا، بزنة عصا وفتى- ابن الظبية أول ما يولد، وقيل: الطلا هو ولد البقرة الوحشية، وقيل: هو ولد ذات الظلف مطلقًا، ويجمع على أطلاء، مثل سبب وأسباب.
(2)
فاعطف: الفاء للتفريع، اعطف: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. بواو: جار ومجرور متعلق باعطف. لاحقًا: مفعول به لا عطف. أو: عاطفة. سابقًا: معطوف على قوله لاحقًا. في الحكم: جار ومجرور تنازعه كل من سابقًا، ولاحقا. أو: عاطفة. مصاحبًا: معطوف على سابقًا. موافقًا: نعت لقوله: مصاحبًا.
ش:
أخذ يتكلم علَى معاني أحرف العطف وما يشترط فيها ونحو ذلك:
* فبدأ بـ (الواو)؛ لأَنَّها أم الباب.
قال القواس: قدمت؛ لأَنَّها لمطلق الجمع من غير ترتيب، ولَا يفيد غيرها الجمع إِلَّا بزيادة معنَى، كالترتيب والمهملة، أو التّرتيب والتّعقيب، فهي بمنزلة المفرد، وغيرها بمنزلة المركب، والمفرد أصل المركب. انتهَى.
فنحو: (جاء زيد وعمرو): دل علَى اجتماع الاثنين فِي نسبة المجيء، واحتمل:
- كون (عمرو) جاء بعد (زيد)، من عطف اللّاحق علَى السّابق؛ كقولِهِ تعالى:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ} .
- وأن يكون (عمرو) جاء قبيل (زيد)، من عطف السّابق علَى اللّاحق؛ كقولِهِ تعالَى:{كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} .
- وأن يكون (عمرو) جاء مصاحبًا (لزيد)؛ كقولِهِ تعالى: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ} .
وذهب الفراء وثعلب وقطرب: إِلَى أَن الواو للترتيب.
ويرده: {إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا} ؛ لأنَّ الحياة قبل الموت.
والدّليل علَى أَن المقصود بالحياة هنا حياة الدّنيا: إِنكارهم البعث.
وكذا نحو: {يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} ؛ لأنَّ الرّكوع قبل السّجود.
ونحو قول الشّاعر:
حَتَّى إِذَا رَجَبٌ تَوَلَّى فَانقَضَى
…
وَجَمَاديانِ وَجَاءَ شَهرٌ مُقبِلُ
(1)
(1)
التخريج: من الكامل. قال العيني 4/ 128 لم أقف على اسم قائله، وهو منسوب لأبي العيال الهذلي في الدرر (1/ 125)، وشرح أشعار الهذليين (1/ 434)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 349)، وجواهر الأدب (171)، وهمع الهوامع للسيوطي (1/ 42).
اللغة: تولى: أدبر، جماديان: مثنى جمادى. وهما شهران معروفان. والجواب في بيت بعده.
الشاهد: قوله: (رجب وجماديان)؛ حيث جاءت الواو غير مقصود بها الترتيب؛ إذ (جماديان) قبل (رجب).
لأن (الجمادين) قبل (رجب).
وابن كيسان: أَن الواو للمعية، حكاه السّيوطي فِي "المطالع السّعيدة".
واللَّه الموفق
ص:
544 -
واخصُص بِهَا عَطفَ الّذِي لَا يُغنِي
…
مَتبُوعُهُ كَاصطَفَ هذَا وَابنِي
(1)
ش:
- تختص الواو بعطف الّذي لا يستغني بمتبوعه، وذلك فيما يقتضي الاشتراك: كـ (اصطلح بكر وخالد).
ومن المعلوم: أَن المتبوع هنا لا يكتفى به، إِذ لا يقال:(اصطلح بكر) فقط.
بخلاف: (اصطلح الزّيدان)، وإِنما منع العطف هنا بغير الواو؛ لأنَّ المعطوف هنا لا يمتنع جعله معطوفًا عليه؛ إِذ يجوز:(اصطلح خالد وبكر).
بخلاف غير الواو كـ (الفاء)، و (ثم)؛ فإِنهما للترتيب كما سيأتي.
ومثله: (أصطَفَّ هَذَا وَابنِي)، و (اشترك زيد وعمرو)، و (اختصمت هند ودعد).
- وتختص أيضًا بعطف الخاص علَى العام؛ كقولِهِ تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} ، {وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} .
وفائدته: التنبيه علَى فضل المعطوف، حتَّى كأنه ليس من جنس العام.
- وبعطف العام علَى الخاص؛ نحو: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} .
- وبعطف أحد المترادفين، وهو: كون الثّاني بمعنَى الأول؛ كقولِهِ تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً} .
(1)
واخصص: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. بها: جار ومجرور متعلق باخصص. عطف: مفعول به لاخصص، وعطف مضاف، والذي: اسم موصول: مضاف إليه، والجملة من الفعل المنفي وهو لا يغنى وفاعله الضمير المستتر فيه: لا محل لها صلة الموصول. كاصطفَّ: الكاف جارة لقول محذوف، واصطف: فعل ماض. هذا: فاعل اصطف. وابني: معطوف على هذا.
ومنها جاء: {لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا} .
قال الخليل: (العوج)، و (الأمت) بمعنًى.
{إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا} .
وأنكر المبرد: وجود عطف أحد المترادفين علَى الآخر فِي القرآن، وأوَّل ما سبق علَى اختلاف المعنيين.
وفائدة عطف أحد المترادفين علَى الآخر: أَن مجموع المترادفين يُحصِّل معنَى لا يوجد عند انفرادهما، ذكره السّيوطي فِي "الإِتقان".
ومنه قولُ الشّاعرِ:
................... وَمَيَّةُ أَضحَى دُونَهَا النّأيُ والبُعدُ
(1)
- وبعطف (العقد) علَى (النّيف)؛ نحو: (أحد وعشرون).
- وبالعطف علَى مجرور (بين) إن كَانَ المعطوف لا يتجزأ؛ نحو: (المال بَينَ زيد وعمرو).
- وبعطف (أَي) علَى مثلها؛ كقوله:
........................ أَيِّي وَأيُّكَ فَارِسُ الأَحزَابِ
(2)
(1)
التخريج: عجز بيت من الطويل، وصدره: أَلا حَبَّذَا هِنْدٌ وأَرْضٌ بها هِنْدُ
البيت للحطيئة في ديوانه ص 39؛ والدرر 5/ 221؛ ولسان العرب 3/ 223 (سند)؛ 15/ 300 (نأي)؛ وبلا نسبة في الصاحبي ص 97؛ ولسان العرب 4/ 123 (جدر)؛ وهمع الهوامع 2/ 88.
الشاهد فيه قوله: (النأيُ والبعدُ) حيث عطف الشاعر (البعد) على (النأي)، وهما بمعنى واحد، والذي سوَّغَ العطف اختلاف اللَّفظين، وفائدة هذا العطف: أَنه بمجموع المترادفين يحصل معنَى لا يوجد عند انفرادهما.
(2)
التخريج: هذا عجز بيت، وصدره قوله: فلئن لقيتك خاليَينِ لتعلَمَن
وهو من شواهد: التصريح: 2/ 44، والأشموني 630/ 2/ 317، واللسان سوا، وقال: هو تحريف وصوابه: الأجراف.
اللغة: خاليين: منفردين ليس معنا أحد. الأحزاب: جمع حزب وهو الجماعة من الناس أمرهم واحد.