الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتجيء فِي عطف الجمل؛ كقولِهِ تعالَى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} ، {أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ} .
واختلف هل الإِضراب هنا للإبطال أو للانتقال؟
والمصنف: علَى الثّاني.
وقد يكرر لفظها، قال المصنف:
رجوعًا عما ولي المتقدمة، وجعل منه فِي القرآن:{قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ} .
قال: أَو
تنبيهً
ا على رجحان ما ولي المتأخرة؛ كقولِهِ تعالَى: {وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65) بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ} .
وأَجازَ المبرد: أَن تنقل حكم ما قبلها وتجعله لما بعدها فِي النّفي والنهي؛ نحو: (ما زيد قائمًا بَلْ قاعدًا)، و (ما جاء زيد بَلْ عمرو)؛ أَي:(بَلْ ما هو قاعدًا)، و (بل ما جاء عمرو)، و (لَا يقم زيد بَلْ عمرو)؛ أَي:(بَلْ لا يقم عمرو).
وتبعه محمد بن الحسين بن عبد الوارث ابن أخت الفارسي كما سبق فِي إعمال (ما) الحجازية.
والجمهور: علَى خلافه.
تنبيه:
سبق أَن نحو: (جاء زيد) يسمَّى خبرًا، فأعلم أَن الكلام إما خبر أو إنشاء.
والخبر: ما لهُ نسبة خارجية فِي أحد الأزمنة الثّلاثة تطابقه أو لا تطابقه.
فالنّسبة: هي القيام مثلًا فِي: (قام زيد)، أَو (زيد قام)، والنّسبة هنا متقدمة علَى نفس اللّفظ، فهي مقترنة بالزّمن الماضي.
والنّسبة فِي نحو: (زيد سيقوم) متأخرة عن نفس اللّفظ.
وهذه النّسبة المقترنة بأحد الأزمنة يحتمل أَن تطابق .. فيكون الكلام لهُ حقيقية.
وأن لا تطابق .. فيكون خلاف الواقع.
ومن ثم قالوا: الخبر: يحتمل الصّدق والكذب.
والإنشاء: ما قارن لفظه معناه؛ نحو: (بعتك)؛ لأنَّ النسبة الّتي هي البيع مقرونة باللّفظ غير منفكة عنه.
وإن أريد الماضي .. فهو خبر.
واللَّه الموفق
ص:
557 -
وإن عَلَى ضَمِيرِ رَفعٍ مُتَّصِل
…
عَطَفتَ فافصِل بالضَّمِيرِ المُنفَصِل
(1)
558 -
أَو فَاصِلٍ مَّا وَبِلَا فَصلٍ يَرِد
…
فِي النَّظمِ فاشِيًا وَضَعفَهُ اعتَقِد
(2)
ش:
إذا عطف على ضمير الرّفع المتصل .. فصل بينه وبين المعطوف بالضّمير المنفصل، سواء كَانَ المتصل بارزًا أو مستترًا:
فالأول: قوله تعالَى: {قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} ، فـ (آباؤكم): معطوف علَى الضّمير فِي (كنتم)، والفاصل:(أنتم).
والثّاني: (قم أنت وزيد)، فـ (زيد): معطوف علَى الضّمير المستتر فِي (قم)، والفاصل:(أنت).
(1)
إن: شرطية. على ضمير: جار ومجرور متعلق بقوله: عطفت الآتي، وضمير مضاف ورفع: مضاف إليه. متصل: نعت لضمير رفع. عطفت: عطف: فعل ماض فعل الشرط، والتاء ضمير المخاطب فاعله. فافصل: الفاء واقعة في جواب الشرط، افصل: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. بالضمير: جار ومجرور متعلق بافصل. المنفصل: نعت الضمير، وجملة فعل الأمر وفاعله: في محل جزم جواب الشرط.
(2)
أو: عاطفة. فاصل. معطوف على (الضمير) في البيت السابق. ما: نكرة صفة لفاصل، أي: فاصل أيِّ فاصل. وبلا فصل: الواو للاستئناف، بلا: جار ومجرور متعلق بقوله: يرد الآتي، ولا التي هي اسم بمعنى غير مضاف وفصل: مضاف إليه. يرد: فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو يعود إلى العطف على ضمير رفع. في النظم: جار ومجرور متعلق بيرد. فاشيا: حال من الضمير المستتر في يرد. وضعفه: الواو للاستئناف، ضعف: مفعول مقدم لاعتقد، وضعف: مضاف، والهاء مضاف إليه. أعتقد: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت.
وجعل منه قوله تعالَى: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} بالعطف علَى الضّمير فِي (أسكن). ونظر فيه بعضهم؛ لأن العامل فِي المعطوف هو العامل فِي المعطوف عليه، وفعل الأمر لا يرفع ظاهرًا، فالتّقدير عنده: و (ليسكن زوجه) فالمسألة من عطف الجمل.
وصحح الأول فِي "النّهر".
وجوز الفصل بغير الضّمير؛ كما قال: (أو فَاصِلٍ مَّا)؛ كـ (ضربت العبد وزيدٌ)، برفع (زيد) عطفًا علَى التّاء، وفصل بـ (العبد).
ونحو: (أكرمتك وزيدٌ)، عطف علَى التّاء، وفصل بالكاف.
وقال تعالَى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ} ، فـ (من): معطوف علَى الواو، وفصل بالهاء.
وقد يعطف بِلَا فاصل، وهو كثير فاش فِي النّظم.
قال الشّيخ: (وَضَعْفَهُ اعْتَقِدْ)؛ لكن فِي "البخاري": "كنت أنا وأبو بكر"، و"انطلقت وأبو بكر"
(1)
.
قال مكي رحمه الله: ومنه: {مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا} .
ولَا حجة فِي دخول (لا)؛ لأَنَّها إِنما دخلت بعد واو العطف، والّذي يفصل به إِنما يأتي قبل واو العطف. انتهَى.
ونحو قول الشّاعرِ:
قُلتُ إِذَا أقبَلَت وَزَهْرٌ تَهَادَى
…
........................
(2)
(1)
أخرجه البخاري برقم 3495.
(2)
التخريج: صدر بيت من الخفيف، وعجزه: كَنِعَاجِ الفَلا تَعَسَّفْنَ رَمْلا
وهو لعمر بن أبي ربيعة في ملحق ديوانه ص 498، وشرح أبيات سيبويه 2/ 101، وشرح عمدة الحافظ ص 658، وشرح المفصل 3/ 76، واللمع ص 184، والمقاصد النحوية 4/ 161، وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 79، والخصائص 2/ 386، والكتاب 2/ 379.
اللغة: الزهر: جمع الزهراء، وهي البيضاء المشرقة. تهادى: تتهادى، أي تتمشى. النعاج: بقر الوحش. تعسفن: سرن على غير هدى. الفلا؛ أي: الفلاة، الأرض الواسعة.
الإعراب: قلت: فعل ماض، والتاء ضمير في محل رفع فاعل. إذ: ظرف زمان متعلق بقلت. أقبلت: فعل ماض، والتاء للتأنيث، وفاعله ضمير مستتر تقديره: هي. وزهر: الواو حرف عطف، زهر: =
بعطف (زهر) علَى الضّمير المستتر في (أقبلت) بِلَا فاصل.
ويحتمل كون الواو هنا للحال .. فَلَا شاهد.
وقال آخر:
وَرَجَا الأُخَيطِلُ مِن سَفَاهَةِ نَفسِهِ
…
مَا لَم يَكُن وَأَبٌ لَهُ لِيَنَالا
(1)
= معطوف على الضمير المستتر في أقبلت مرفوع. تهادى: فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر تقديره: هي. كنعاج: جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من الضمير في أقبلت، وهو مضاف. الفلا: مضاف إليه. تعسفن: فعل ماض، والنون ضمير في محل رفع فاعل. رملا: مفعول به.
وجملة (قلت): ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (أقبلت): في محل جر بالإضافة. وجملة (تهادى): في محل نصب حال. وجملة (تعسفن): في محل نصب حال.
الشاهد: قوله: (أقبلت وزهر) حيث عطف (زهر) على الضمير المستتر في (أقبلت) من غير فصل، والوجه فيه أن يقال:(أقبلت هي وزهر)، لتأكيد الضمير المستتر.
(1)
التخريج: ينظر ديوان جرير 1/ 57. وقد ورد البيت في الإنصاف 2/ 476 والمقرب 1/ 234 وشرح الكافية الشافية 3/ 1245 وشرح الألفية لابن الناظم 543 والعيني 4/ 160 والتصريح 2/ 151 وهمع 2/ 138 وشرح الأشموني 3/ 114.
الإعراب. ورحا: الواو بحسب ما قبلها، رجا: فعل ماض. الأحيطل: فاعل مرفوع. من سفاهة: جار ومجرور متعلقان برجا، وهو مضاف. رأيه: مضاف إليه، وهو مضاف، والهاء ضمير في محل جر بالإضافة. ما: اسم موصول مبني في محل نصب مفعول به. لم: حرف جزم. يكن: فعل مضارع ناقص، واسمه: ضمير مستتر تقديره هو يعود على الأخيطل، وخبره محذوف. وأب: الواو حرف عطف، أب: معطوف على الضمير المستتر الذي هو اسم يكن. له: جار ومجرور متعلقان بمحذوف نعت لـ (أب). لينالا: اللام لام الجحود، ينالا: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة، وعلامة نصبه حذف النون، والألف ضمير في محل وفع فاعل. والمصدر المؤول من أن المضمرة وما بعدها في محل جر بحرف الجر، والجار والمجرور متعلقان بالفعل رجا. وجملة (رجا الأخيطل): بحسب ما قبلها. وجملة (لم يكن): صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. وجملة (لينالا): في محل نصب خبر كان. وجملة (ينالا): صلة الموصول الحرفي لا محل لها من الإعراب.
الشاهد فيه قوله: (لم يكن وأب)؛ حيث عطف الاسم الظاهر المرفوع (أب) على الضمير المرفوع المستتر في (يكن) والذي هو اسمها من غير أن يؤكد ذلك الضمير بضمير منفصل، أو أن يفصل بين المعطوف والمعطوف عليه، وهذا متفش في الشعر على ضعفه.
فـ (أب): معطوف علَى الضّمير فِي (يكن).
وحكَى سيبويه: (مررت برجل سواءٍ والعدمُ)، برفع (العدم) عطفًا علَى المستتر فِي (سواء)؛ لأنه بمعنَى:(مستو)، فيحتمل الضّمير.
هذا ما قال من ضمير الرّفع المتصل، وإِنما اعتبر الفصل هنا؛ لأنَّ هذا الضّمير شديد الاتصال بعامله، وهو كالجزء منه، فالعطف بدون الفصل؛ كأنه عطف فيه اسم علَى فعل.
بخلاف ضمير الرّفع المنفصل: فَلَا يحتاج إِلَى فاصل إِذا عطف عليه؛ كـ (زيد ما قام إِلَّا هو وعمرو).
وكذا: ضمير النّصب المتصل والمنفصل:
فالأول: (أكرمتك وزيدًا)، قال تعالَى:{جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ} .
والثّاني: (ما أكرمت إِلَّا إياك وزيدًا).
وسيأتي الكلام على ضمير الجر.
و (ما): اسم نكرة فِي محل جر صفة، لقوله:(فاصل) ومعناه: (أَي فاصل كَانَ).
و (ما) هذه: يجاء بها لشدة الإبهام والشّياع، منه فِي القرآن:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً} عطف بيان لـ (مثلًا).
وقيل غير ذلك.
والله الموفق
ص:
559 -
وَعَودُ خَافِضٍ لَدَى عَطْفٍ عَلَى
…
ضَمِيْرِ خَفْضٍ لَازِمًا قَدْ جُعِلَا
(1)
560 -
وَلَيْسَ عِنْدِي لَازِمًا إِذْ قَدْ أَتَى
…
فِي النَّظْمِ وَالنَّثْرِ الصَّحِيْحِ مُثَبْتَا
(2)
(1)
وعود: مبتدأ، وعود مضاف وخافض: مضاف إليه. لدى: ظرف بمعنى عند متعلق بعود، ولدى مضاف وعطف: مضاف إليه. على ضمير: جار ومجرور متعلق بعطف، وضمير مضاف وحفض: مضاف إليه. لازما: مفعول ثان مقدم على عامله وهو جعل الآتي. قد: حرف تحقيق. جعلا: فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو يعود إلى (عود خافض)، ونائب الفاعل: هو المفعول الأول، والألف للإطلاق، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ، وتقدير الكلام: وعود خافض قد جعل لازمًا.
(2)
وليس: فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو يعود إلى عود خافض. =
ش:
يقول: إِذا عطف علَى ضمير الخفض .. يلزم إعادة الخافض عند جمهور البصريين.
وليس لازمًا عندي: لورود السّماع به نظمًا ونثرًا، وفاقا للكوفيين ويونس وأبي عبيدة وعمرو الشّلوبين.
وأجازه من أصحاب سيبويه: أبو الحسن الأخفش، وأبو علي قطرب.
ودعي به؛ لأنَّ سيبويه كَانَ يخرج فيراه علَى بابه سَحَرًا، فيقول له:(إِنما أنت قطرب ليل) وهو دويبة.
وقال أبو حيان: والّذي نختاره: جواز ذلك؛ لوروده فِي كلام العرب كثيرًا نظمًا ونثرًا.
ولسنا متعبَّدين باتباع جمهور البصريين، بَلْ نتبع الدّليل.
- فمن إعادة الخافض: قوله تعالَى: {وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ} ، {قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ} .
- ومن العطف بدونه: قراءة حمزة: (واتقوا الله الّذي تسألون به والأرحامِ)، بجر (الأرحام) عطفًا علَى الهاء، وقراءته بتخفيف السّين، وهي أيضًا قراءة ابن عباس وقتادة والأعمش والنّخعي ويحيَى بن وثاب وأبي رزين.
وقيل: الواو للقسم؛ لأنَّ العرب كانت تعظم الأرحام وتقسم بها، وجوابه:{إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} .
ومنه أيضًا: {قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} فـ (ما): معطوف علَى الضّمير المجرور علَى أحد الأعاريب.
وقيل: معطوف علَى اسم الله.
وقيل: مبتدأ، خبره: محذوف.
= عندي: عند: ظرف متعلق بقوله: لازما: الآتي: وعند مضاف، وياء المتكلم: مضاف إليه. لازما: خبر ليس. إذ: أداة تعليل. قد: حرف تحقيق. أتى: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو. في النثر: جار ومجرور متعلق بأتى. والنظم: معطوف على النثر. الصحيح: نعت للنظم. مثبتا: حال من فاعل أتى.
وقيل غير ذلك.
ومنه أيضًا: {وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} ، فـ (المسجد): معطوف علَى الضمير فِي (به).
ولَا يحسن عطفه علَى (السبيل) الّذي هو معمول المصدر؛ أعني: (الصّد):
لأنه يلزم عليه الفصل بالأجنبي بَينَ المصدر ومعموله؛ فإن (وكفر) أجنبي من المصدر الّذي هو (الصّد).
- ويلزم عليه أيضًا: العطف علَى المصدر قبل أَن يستكمل معمولاته؛ فإِن (وكفر) معطوف علَى (صد).
والحاصل: أَن (المسجد) لا يحسن عطفه علَى (سبيل الله)؛ لأنَّ (السّبيل) معمول المصدر، وإِذا عطف (المسجد) عليه .. يصير أيضًا معمولًا للمصدر، وهذا فيه ضعفان - كما تقدم - العطف علَى المصدر قبل أَن يستكمل معمولاته؛ لأنَّ (الكفر) معطوف علَى (الصّد)، والفصل بَينَ مصدر ومعموله.
وقال الشّاعر:
أَكُرُّ على الكَتِيبَةِ لا أُبَالِي
…
أَحَتفِي كَانَ مِنهَا أَم سِوَاهَا
(1)
فـ (سواها): معطوف علَى الهاء فِي (منها)، والتّقدير:(منها أم من سواها).
وأنشد الفراء:
هَلَّا سَأَلتِ بِذِي الجُمَاجِمِ عَنْهُمُ
…
وَأَبي نُعَيْمٍ ذِي اللِّوَاء المُحْرِق
(2)
(1)
التخريج: من الوافر من جملة أبيات قالها العباس بن مرداس السلمي لخفاف بن ندبة في أمر شجر بينهما. قيل: لم يقل في الشجاعة أبلغ من هذا البيت، الديوان ص 110، الحماسة الشجرية 1/ 133، الاستيعاب 3/ 103، الإنصاف 296.
وقبل الشاهد قوله:
وَلي نَفْسٌ تَتُوقُ إِلى المَعَالِي
…
سَتتلَفُ أَوْ أَبْلغهَا مُنَاهَا
اللغة: أكر: أي أرجع، يريد أنه يقدم ولا يفر، والكتيبة: الجماعة من الجيش، والحتف - بفتح الحاء وسكون التاء المثناة -: الموت والهلاك.
الشاهد: قوله: (منها أم سواها)، حيثما عطف (سوى) على الضمير المتصل في (منها) من غير إعادة الجار.
(2)
التخريج: البيت من الكامل، وهو بلا نسبة في الإنصاف 2/ 466؛ وخزانة الأدب 5/ 125؛ =
أي: (عنهم وعن أبي نعيم).
وقول الآخر:
.....................
…
فَاذهَبْ فَمَا بك وَالأَيَّامِ مِن عَجَبِ
(1)
بجر: (الأيام).
= وشرح عمدة الحافظ ص 662.
الشاهد: قوله: (عنهم وأبي نعيم)؛ حيثما عطف قوله (أبي نعيم) بالواو على الضمير المتصل المجرور بعن، من غير أن يعيد العامل في المعطوف عليه، وعلى هذا يجوز العطف على الضمير المخفوض في مذهب الكوفيين.
والبصريون ينكرون ذلك تشبّثا بالقواعد، وليس اعتمادًا على الشواهد.
(1)
التخريج: عجز بيت من البسيط، وصدره: فاليومَ قرّبتَ تَهْجُونا وتشتِمنا
وهو بلا نسبة في الإنصاف ص 464، وخزانة الأدب 5/ 123 - 126، 128، 129، 131، والدرر 2/ 81، 6/ 151، وشرح أبيات سيبويه 2/ 207، وشرح عمدة الحافظ ص 662، وشرح المفصل 3/ 78، 79، والكتاب 2/ 382، واللمع في العربية ص 185، والمقاصد النحوية 4/ 163، والمقرب 1/ 234، وهمع الهوامع 2/ 139.
اللغة: قربت: شرعت. شتم: سب.
المعنى: يقول: اليوم شرعت في هجائنا وسبنا، وهذا الأمر ليس بعجيب؛ لأن الهجاء من طبعك، كما لا يعجب الناس مما يفعل الدهر.
الإعراب فاليوم: الفاء بحسب ما قبلها، اليوم: ظرف زمان متعلق بقربت. قربت: فعل ماض ناقص، والتاء ضمير في محل رفع اسم قرب. تهجونا: فعل مضارع مرفوع، ونا: ضمير في محل نصب مفعول به، وفاعله ضمير مستتر تقديره: أنت. وتشتمنا: الواو حرف عطف، تشتمنا: فعل مضارع، وفاعله مستتر تقديره: أنت ونا ضمير مفعول به. فاذهب: الفاء استئنافية. اذهب: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر تقديره: أنت. فما: الفاء استئنافية، ما: حرف نفي. يك: جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم. والأيام: الواو حرف عطف، الأيام: معطوف على الكاف في بك مجرور. من: حرف جر زائد. عجب: اسم مجرور لفظًا مرفوع محلًّا على أنه مبتدأ مؤخر. وجملة (قربت تهجونا): بحسب ما قبلها. وجملة (تهجونا): في محل نصب خبر قرب. وجملة (تشتمنا): معطوفة على سابقتها. وجملة (اذهب): استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة (ما بك والأيام من عجب): استئنافية لا محل لها من الإعراب.
الشاهد قوله: (فما بك والأيام) حيثما عطف (الأيام) على الكاف في (بك) المجرورة بحرف الجر دون إعادة الخافض.
وقول الآخر:
إِذَا أَوقَدُوا نَارًا لِحَربِ عَدُوِّهِم
…
فَقَد خَابَ مَن يَصلَى بِهَا وَسَعِيرِهَا
(1)
أَي: (بها وبسعيرها).
وقوله: (وَعَودُ خَافِضٍ) يشمل: ما إذا كَانَ الخافض حرفًا كما مر، أَو اسمًا؛ كقولِهِ عليه الصلاة والسلام:"إِنما مثلكم واليهود والنّصارَى كمثل رجل استعمل عمالًا"، بجر (اليهود).
وكقولك: (يعجبني شعرك وزيدٍ)، بجر (زيد) عطفًا علَى الكاف، وإِن شئت قلت: و (شعرَ زيدٍ) بإِعادة الخافض.
وأَجازَ الأخفش ثلاثة أوجه فِي (الضّحاك): من قول الشّاعرِ:
....................
…
فَحَسبُكَ والضَّحَّاك سَيفٌ مُهَنَّدُ
(2)
(1)
التخريج: من الكامل البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص 663؛ والمقاصد النحوية 4/ 166. شواهد التوضيح والتصحيح 56، شرح التسهيل 2/ 199، المقاصد النحوية 4/ 166.
اللغة: صلى بالنار: وجد حرها.
الشاهد: قوله: (يصلى بها وسعيرها) حيث عطف (سعيرها) على الضمير المجرور (بها) من غير إعادة الجار.
(2)
التخريج: عجز بيت من الطويل، وصدره: إذا كانت الهيجاء وانشقت العصا
وهو لجرير في ذيل الأمالي ص 140، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في خزانة الأدب 7/ 581، وسمط اللآلي ص 899، وشرح شواهد الإيضاح ص 374، وشرح شواهد المغني 2/ 900، وشرح عمدة الحافظ ص 407، 667، وشرح المفصل 2/ 51، ولسان العرب 1/ 312 حسب، 2/ 395 هيج، 15/ 66 عصا، والمقاصد النحوية 3/ 84.
اللغة: انشقت العصا: تفرق القوم. الهيجاء: الحرب الطاحنة الشرسة.
المعنى: إِذا نشبت الحرب، وتفرقت الجماعات .. فيكفيك أن تصحب السيف الضحاك بيُمناك.
الإعراب: إذا: ظرف لما يستقبل من الزمن خافض لفعله، متعلق بجوابه، مبني على السكون في محل نصب متضمن معنى الشرط. كانت: فعل ماض تام مبني على الفتحة الظاهرة، والتاء: للتأنيث، وحركت بالكسر منعًا لالتقاء الساكنين. الهيجاء: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة. وانشقت: الواو: عاطفة، انشقت: فعل ماض مبني على الفتحة الظاهرة، والتاء: للتأنيث، وحركت بالكسر منعًا لالتقاء الساكنين. العصا: فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر. فحسبك: الفاء: =
فالرفع: مبتدأ، خبره: محذوف.
والنّصب: معمول معه.
والجر: بالعطف علَى الضّمير.
وحكَى قطرب: (ما فيها غيره وفرسِهِ): بجر فرسه عطفًا علَى الهاء.
ومن قال: بإِعادة الخافض .. يقول: إن الجار والمجرور كالشئ الواحد؛ فإِذا عطف علَى الجار .. فكأنه عطف علَى بعض الكلمة.
وقال المازني: كما لا يعطف الأول علَى الثّاني .. لا يعطف الثّاني علَى الأول، فَلَا يجوز فِي أحدهما إِلَّا ما جاز فِي الآخر.
وقيل: إلى الضّمير لما كَانَ علَى حرف واحد .. لطف، فنزل منزلة التّنوين؛ لشدة اتصاله، فلو عطف بدون الخافض .. كَانَ كمن عطف علَى التّنوين، والتّنوين لا يعطف عليه.
وعن الجرمي: إن أكد الضّمير .. جاز العطف؛ كـ (مررت بك أنت وزيد).
ويعطف المضمر علَى المضمر: كـ (رأيته وإِياك).
وعلَى الظّاهر: كـ (رأيت زيدًا وإِياك).
ومنعها بعضهم، ويرد عليه قوله تعالَى:{يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ} ، {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ} .
والله الموفق
ص:
561 -
وَالفَاءُ قَدْ تُحْذَفُ مَعْ مَا عَطَفَتْ
…
وَالوَاوُ لَا لَبْسَ وَهْيَ انْفَرَدَتْ
(1)
= رابطة لجواب الشرط، وحسبك: مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة وهو مضاف، والكاف: ضمير متصل في محل جر بالإضافة. والضحاك: الواو: للمعية، الضحاك: مفعول معه منصوب.
سيفٌ: خبر مرفوع بالضمة الظاهرة. مهندُ: صفة مرفوعة بالضمة الظاهرة.
وجملة (إذ كانت الهيجاء فحسبك): ابتدائية لا محل لها. وجملة (كانت الهيجاء): في محل جر بالإضافة. وجملة (وانشقت العصا): معطوفة في محل جر بالإضافة. وجملة (فحسبك سيف): جواب شرط غير جازم لا محل لها.
الشاهد: قوله: (والضحاك) حيث أجاز الأخفش فيها الوجوه الثلاثة، بينها الشارح في متن الكتاب.
(1)
والفاء: مبتدأ. قد: حرف تقليل. تحذف: فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل: ضمير =
562 -
بِعَطْفِ عامِلٍ مُزَالٍ قَدْ بَقِيَ
…
مَعْمُولُهُ دفعًا لِوَهْمٍ اتُّقِي
(1)
ش:
يجوز حذف (الفاء) مع ما عطفته، وكذا (الواو) وإِن لم يكن لبس:
فالأول: كقولِهِ تعالى: {أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ} ، التقدير والله أعلم بمراده:(فضرب فانفلق).
والثّاني: كقولِهِ تعالَى: {وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} ، التّقدير والله أعلم بمراده: و (البرد).
ونحو قول الشّاعرِ:
فَمَا كَانَ بَينَ الخَيرِ لَو جَاءَ سَالِمًا
…
أَبو حَجَرٍ إِلَّا لَيالٍ قَلَائِلِ
(2)
= مستتر فيه جوازًا، تقديره: هي يعود إلى الفاء، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ. مع: ظرف متعلق بتحذف، ومع مضاف وما: اسم موصول: مضاف إليه. عطفت: عطف: فعل ماض، والتاء للتأنيث، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هي يعود على الفاء، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة ما الموصولة، والعائد: ضمير منصوب محذوف، والتقدير: مع الذي عطفته. والواو: الواو حرف عطف، الواو: مبتدأ: خبره محذوف، أي والواو كذلك. إذ: ظرف يتعلق بتحذف. لا: نافية للجنس. لبس: اسم لا، وخبره محذوف، أي:(لا لبس موجود). وهي: ضمير منفصل مبتدأ، وجملة انفردت مع فاعله المستتر فيه: في محل رفع خبر.
(1)
بعطف: جار ومجرور متعلق بانفردت في البيت السابق، وعطف مضاف وعامل: مضاف إليه. مزال: نعت لعامل. قد: حرف تحقيق. بقي: فعل ماض. معموله: معمول: فاعل بقي، ومعمول مضاف، والهاء مضاف إليه، والجملة في محل جر صفة ثانية لعامل. دفعًا: مفعول لأجله. لوهم: جار ومجرور متعلق بقوله: دفعًا. اتقي: فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو يعود إلى وهم، والجملة في محل جر صفة لوهم.
(2)
التخريج: هذا بيت من قصيدة للنابغة، يرثي فيها أبا حجر النعمان بن الحارث بن أبي شمر الغساني. وهو من شواهد: التصريح: 2/ 153، والأشموني: 844/ 2/ 430، والعيني: 4/ 167، وديوان النابغة الذبياني:62.
المعنى: لم يكن بيني وبين ما كنت أرجو وأطمع فيه من خير ونعمة إلا مدة قليلة؛ لو سلم النعمان وجاء إلينا؛ ولكن القدر كان له بالمرصاد، فذهبت آمالي.
الإعراب: ما: نافية، لا محل لها من الإعراب. كان: فعل ماض ناقص. بين: متعلق بمحذوف خبر كان تقدم على اسمه، وهو مضاف. الخير: مضاف إليه مجرور. لو. حرف شرط غير جازم. جاء: فعل ماض مبني على الفتح. سالمًا: حال منصوبة، وعلامة نصبها الفتحة الظاهرة؛ تقدم =
أي: (بَينَ الخير وبيني).
وكقولهم: (راكب النّاقة طليحان)؛ أَي: (والنّاقة طليحان)، فـ (طليحان): خبر عن المبتدأ الّذي هو (راكب) وعن ما عطف عليه.
والحذف هنا للعلم به؛ لأنَّ (طليحان) لا يكون خبرًا عن (راكب النّاقة)، وهو تثنية: طَلِيح.
طلح بعيره: إِذا أتعبه .. فهو: (طليح وطِلْح)، فهذا التّركيب مثل قولك:(زوج المرأة متَّفقان)؛ أَي: (زوج المرأة والمرأة متفقان).
وتنفرد الواو بأنها تعطف عاملًا محذوفًا بقي معموله؛ دفعًا للوهم، وإِليه أشار بقوله: (وَهْيَ انْفَرَدَتْ بَعطْفِ عَامِلٍ مُزَالٍ
…
إِلَى آخره).
وقوله: (مزال)؛ أَي: محذوف، ومنه قوله تعالَى:{وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ} ؛ أَي: و (ألفوا الإِيمان)، ونحو قول الشّاعرِ:
إِذَا مَا الغَانِيَاتُ بَرَزنَ يَومًا
…
فَزَجَّجنَ الحَواجِبَ وَالعُيُونَا
(1)
= على صاحبه أبو حجر. أبو: فاعل جاء مرفوع، وعلامة رفعه الواو؛ لأنه من الأسماء الستة، وهو مضاف. حجر: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الكسرة الظاهرة، وجواب لو محذوف؛ لدلالة سياق الكلام عليه، وجملة لو وفعلها وجوابها: اعتراضية، لا محل لها؛ لاعتراضها بين خبر كان واسمها. إلا: أداة حصر، لا محل لها من الإعراب. ليال: اسم كان مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء المحذوفة للتخلص من التقاء الساكنين. قلائل. صفة لليال مرفوعة، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
الشاهد: قوله: (بين الخير) حيث حذف الواو ومعطوفها وهو (وبيني)؛ لأن التقدير: بين الخير وبيني؛ كما ذكر المصنف، والدليل على ذلك: أن (بين) يجب أن تضاف إلى متعدد، كما أسلفنا.
(1)
التخريج: الشاهد من شواهد التصريح 1/ 346، والأشموني 443/ 1/ 266، والخصائص 2/ 432، والإنصاف 610، والعيني 3/ 91، 4/ 193، والهمع 1/ 122، 2/ 130، والدرر 1/ 191، 2/ 169، وحاشية يس 1/ 432، وتأويل مشكل القرآن 165، ومغني اللبيب 662/ 466 وشرح السيوطي 263، والخزانة 2/ 73، وشذور الذهب 116/ 317.
اللغة: الغانيات: جمع غانية، وهي المرأة التي استغنت بجمالها عن الحلي والزينة. برزن: ظهرن. زججن الحواجب: دققنها ورققنها في طول.
المعنى: إذا ما برزت تلك النساء الجميلات من خدورهن متزينات - وقد رققن حواجبهن، وكحلن عيونهن - أنخن جمالهن التي يركبنها - بهذا الموضع - وسط النهار؛ ليصلحن خدورهن، أو =
فـ (العيون): مفعول لمحذوف، التّقدير:(وكحلن العيون)، فحذف العامل الّذي عطفته الواو وهو:(كحَّلن)، وبقي معموله وهو:(العيون).
ولَا يجوز عطف: (العيون علَى الحواجب)؛ لأنَّ الغانيات لا يزججن العيون بَلْ يكحلنها.
فإِن ضمن زججن معنَى زيّنَّ .. صح العطف لصحة انصباب الفعل حينئذ علَى المعطوف والمعطوف عليه.
ويمكن أَن يكونَ من قبيل حذف العامل المعطوف قوله تعالَى: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} وإنه ليس من عطف المفردات، وإِنما هو من عطف الجمل، فـ (زوجك): معمول لعامل محذوف عطفته الواو، والتّقدير:(ولتسكن زوجك الجنة).
وقيل: لا بد من هذا التّقدير؛ لأنَّ المعطوف يحل محل المعطوف عليه، وههنا لا يجوز ذلك؛ لأنَّ فعل الأمر لا يرفع ظاهرًا؛ فَلَا يقال فِي غير القرآن:(اسكن زوجك) ونحوه.
ولكن صحح فِي "النّهر": أنه من عطف المفرد كما سبق، ولهذا قال بعضهم: يغتفر فِي التّابع ما لا يغتفر فِي المتبوع، ومن ثم جاز:(قام زيد وأنا) علَى أنه لا يقال؛ (قام أنا) خصوصًا.
نص المصنف فِي "التّسهيل": إنه لا يشترط فِي المعطوف أَن يقع موقع المعطوف هوادجهن.
الإعراب: إذا: ظرف لما يستقبل من الزمان، خافض لشرطه، منصوب بجوابه مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية، مما: زائدة. الغانيات: فاعل لفعل محذوف، يفسره المذكور بعده؛ وجملة الفعل المحذوف وفاعله: في محل جر بالإضافة. برزن: فعل ماضٍ مبني على السكون، ونون النسوة: فاعل؛ وجملة برزن: تفسيرية، لا محل لها. يوما: متعلق بـ (برز). وزججن: الواو عاطفة، زجج: فعل ماضٍ مبني على السكون؛ لاتصاله بنون النسوة، والنون: فاعل. الحواجب: مفعول به منصوب. والعيونا: الواو عاطفة، العيونا: مفعول به لفعل
محذوف، وتقدير الكلام:(وزججن الحواجب وكحلن العيون)، وجملة (كحلن العيون): معطوفة على جملة (زججن الحواجب)؛ وهذا الوجه هو الأفضل.
الشاهد: (زججن الحواجب والعيونا)، حيث عطفت الواو معمولًا وهو (العيونا) لعامل محذوف وهو (كحّلن)؛ وذلك لدفع الوهم، وهذا مما تنفرد به الواو.
عليه، وقد يحذف العاطف وحده، وجعل منه حديث:"تصدق وجل من ديناره من درهمه من صاع بره من صاع تمره".
ونحو قول الشّاعرِ:
كيفَ أَصبَحتَ كَيفَ أَمسَيت مِمَّا
…
...
…
...
(1)
أَي: و (كيف أمسيت).
وقول الشّيخ: (دفعًا): مفعول لأجله، وقوله:(أتقي): صفة لـ (وهمٍ)، ومعناه: خيف.
والله الموفق
ص:
563 -
وَحَذْفَ مَتْبُوعٍ بَدَا هُنَا اسْتَبِحْ
…
وَعَطْفُكَ الفِعْلَ عَلَى الفِعْلِ يَصِحّ
(2)
(1)
التخريج: صدر بيت من الخفيف، وعجزه: يَغْرِسُ الوُدَّ في فُؤَادِ الكَرِيمِ
وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 8/ 134، والخصائص 1/ 290، 2/ 280، والدرر 6/ 155، وديوان المعاني 2/ 225، ورصف المباني ص 414، وشرح عمدة الحافظ ص 641، وهمع الهوامع 2/ 140.
المعنى: يقول: إن التحية والسؤال عن الأحوال مما يغرس المحبة بين الناس.
الإعراب: كيف: اسم استفهام في محل رفع مبتدأ. أصبحت: فعل ماض تام، والتاء: ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل. كيف أمسيت: معطوفة على كيف أصبحت وتعرب إعرابها، وذلك بحرف عطف مقدر. مما: جار ومجرور متعلقان بمحذوف تقديره: قولك. يغرس: فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو. الود: مفعول به منصوب. في فؤاد: جار ومجرور متعلقان بيغرس، وهو مضاف. الكريم: مضاف إليه مجرور.
وجملة (كيف أصبحت): ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (أصبحت): في محل رفع خبر. الشاهد: قوله: (كيفت أصحبت كيف أمسيت) حيث حذف الواو بين الجملتين، والأصل:(وكيف أمسيت)، وهذا جائز عند أمن اللبس.
(2)
وحذف: مفعول تقدم على عامله، وهو قوله: استبح الآتي، وحذف مضاف ومتبوع: مضاف إليه. بدا: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو يعود إلى متبوع، والجملة في محل جر صفة لمتبوع. هنا: ظرف مكان متعلق باستبح أو ببدا. وعطفك: الواو للاستئناف، عطف: مبتدأ، وعطف مضاف، والكاف ضمير المخاطب مضاف إليه من إضافة المصدر لفاعله. الفعل: مفعول به للمصدر. على الفعل: جار ومجرور متعلق بعطف. يصح: فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو يعود إلى (عطفك الفعل)، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو عطفك الفعل.
ش:
يجوز حذف المتبوع فِي هذا الباب، وهو المعطوف عليه، ولكن لا يستباح ذلك إِلَّا مع (الواو)، و (الفاء)؛ نحو:(بل وعمرًا)، لمن قال:(ألم تضرب زيدًا؟)؛ أَي: (بَلْ ضربته وعمرًا)، فحذفت المعطوف عليه - وهو الهاء - فهو من عطف المفرد، وتقول:(وأهلًا وسهلًا)، لمن قال لك:(مرحبًا)، التّقدير:(ومرحبًا بك وأهلًا وسهلًا) فحذفت المتبوع وهو (مرحبًا) للدلالة عليه كما سبق.
ومثاله الفاعل قول الزّمخشري: قوله تعالَى: {أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} التّقدير: (أعموا فلم يروا إِلَى ما بَينَ أيديهم؟)، {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ} ، التّقدير:(أمَكَثوا فلم يسيروا فِي الأرض؟).
وندر حذف المتبوع مع (أو)؛ كقولِ الشَّاعرِ:
فَهَل لَكَ أَو مِن وَالِدٍ لَكَ بَعدَهَا
…
...
…
...
(1)
يريد: (هل لك من أخٍ أَو من والد؟)، فحذف: أخ.
وقد يكون مع (لا)، نحو:(أعطيتك لا لتظلم)؛ أَي: (لتعدل لا لتظلم).
(1)
التحريح: صدر بيت الطويل، وعجزه: يُوَسِّم أولادَ العِشَارِ ويُفضِلُ
وهو لأمية بن أبي عائذ الهذلي في الدرر 6/ 156؛ وشرح أشعار الهذليين 2/ 537؛ وشرح عمدة الحافظ ص 670؛ والمقاصد النحوية 4/ 182؛ وللهذلي في همع الهوامع 2/ 140.
اللغة: وشج: أحكم. العشار: من الإبل التي أتى عليها عشرة أشهر.
المعنى: يمنِّن الشاعر مخاطبه بأنه وعاه وحافظ عليه عندما كان في قمة حاجته له، مشبهًا إياه بأولاد العشار التي لا تستطيع أن تحافظ على نفسها.
الإعراب: فهل: الفاء: بحسب ما قبلها، هل: حرف استفهام. لك: جار ومجرور متعلقان بمحذوف تقديره: أخ. أو: حرف عطف. من: حرف جر زائد، والد: اسم مجرور لفظًا مرفوع محلًّا على أنه معطوف على أخ المحذوفة في محل وفع مبتدأ. لك: جار ومجرور متعلقان بمحذوف نعت لوالد. قبلنا: ظرف متعلق بمحذوف نعت والد، وهو مضاف، ونا: ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. يوشج: فعل مضارع مرفوع بالضمة، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو. أولاد: مفعول به منصوب، وهو مضاف. العشار: مضاف إليه مجرور. ويفصل: الواو حرف عطف، يفضل: فعل مضارع مرفوع بالضمة، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو.
الشاهد قوله: (أو من والد) حيث حذف المعطوف عليه، إذ التقدير: فهل لك من أخ أو من والد؟ و (مِن) في الموضعين زائدة.
ويجوز فِي الأفعال أَن يعطف بعضها علَى بعض؛ كما فِي الأسماء؛ نحو: (زيد كتب وحسب)، و (زيد يكتب ويحسب)، و (كل واشرب).
ولَا يعطف ماض علَى مضارع، ولَا عكسه؛ فإِن كَانَ الزّمان واحدًا .. جاز العطف؛ كقولِهِ تعالَى:{تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا} ، فـ (يجعل) معطوف علَى (جَعَل)، وكذا قوله تعالَى:{يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ} ، فعطف (أورد) علَى (يقدُم) ولَا تخالف بينهما حينئذ وإِن اختلف اللّفظ.
ولهذا قال أبو البقاء: (أوردهم) بمعنَى: (يوردهم).
واما قوله تعالَى: {أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ} :
فالزّمخشري: أن (نطبع) علَى معنَى (أَو لم يهد)، كَأنَّه قيل:(يعقلون)، وأَجازَ عطفه علَى (يرثون).
وتعقَّبه أبو حيان فِي "النّهر": فضعف الأول، قال: لأنه إضمار لا يحتاج إِليه.
وخطَّأه فِي الثّاني: لأنه معطوف علَى الصّلة، فيلزم أَن يكونَ صلة.
ومضى أنه معطوف علَى مجموع الجملة المصدرة بأداة الاستفهام.
والله الموفق
ص:
564 -
واعطِف عَلَى اسْم شِبْهِ فِعْلٍ فِعْلَا
…
وَعَكْسًا اسْتَعْمِل تَجِدْهُ سَهْلَا
(1)
ش:
يجوز عطف الفعل علَى أسم يشبهه؛ كاسم الفاعل ونحوه: قال تعالَى: {فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (3) فَأَثَرْنَ بِهِ} ، فعطف (فأثرن به) علَى (المغيرات)؛ لأنه اسم فاعل، {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ} ، فعطف (يقبضن) علَى (صافات).
(1)
وأعطف: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. على اسم: جار ومجرور متعلق باعطف. شبه: نعت لاسم، وشبه مضاف وفعل: مضاف إليه. فعلا: مفعول به لا عطف.
وعكسًا: مفعول مقدم لاستعمل الآتي. استعمل: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. تجده: تجد: فعل مضارع مجزوم في جواب الأمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت، والهاء مفعول أول. سهلا: مفعول ثان لتجد.