الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالمشهور: أَن (كيف يلتقيان) بدل اشتمال من (حاجة)، و (أخرَى) إِبدال جملة من مفرد، وإِنما جاز ذلك؛ لرجوع الجملة إِلَى التّقدير بمفرد؛ كما قاله ابن جني، إِذ التّقدير:(أشكو هاتين الحاجتين تعذر التقاؤهما).
والدّماميني رحمه الله: يحتمل: (كيف يلتقيان) جملة مستأنفة نبه لها علَى استبعاد اجتماع هاتين الحاجتين فليست بدلًا.
وفي "البحر" لأبي حيان: إِبدال المفرد من الجملة فِي قوله تعالى: {وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (1) قَيِّمًا} ، علَى أَن (قيمًا): بدل من: (ولَم يجعل لهُ عوجًا).
تنبيه:
أَجازَ الأخفش والمصنف: حذف المبدل منه وإِبقاء البدل؛ نحو: (أحسِن إِلَى الّذي وصفتُ زيدًا)؛ أَي: (وصفته)، فـ (زيدًا): بدل من الهاء المحذوفة، وخرجا عليه قوله تعالى:{وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ} ، علَى أَن الأصل:(لما تصفه)، فـ (الكذب): بدل من الهاء.
ومنعه السيرافي وجماعة فـ (الكذب): مفعول بـ (تقولوا)؛ أَي: (ولَا تقولوا الكذب)، و (ما): موصولة والعائد محذوف؛ أَي: (تصفه).
والكسائي والزّجاج: مفعول لـ (تصف)، و (ما): مصدرية؛ أَي: الأجل وصف ألسنتكم الكذب).
وقرئ بجر: (الكذب)، وسبق فِي إعمال المصدر.
وقولهم: المبدل منه فِي نية الطّرح: مذهب الخليل.
وقال الجمهور: إِنما هو حكم أغلبي؛ لورود نحو: (زيد ضربت أخاه عمرًا)، فَلَا تحذف (أخاه) لخلو الجملة من الرّابط.
ونحو: (جاء الّذي مررت به زيد)، قاله فِي "البسيط": فـ (زيد): بدل من الهاء، مع أنه لا يحل محلها؛ لخلو الجملة من العائد أيضًا، فَلَا يقال:(جاء الّذي مررت بزيد).
فإِن قبل: إن الظّاهر قَدْ يخلف الضّمير فِي الصّلة.
فالجواب: أَن ذلك فيما إِذا تقدم علَى الموصول ما هو الموصول فِي المعنَى كما
سبق فِي آخر الموصول.
والأخفش والرّماني والفارسي وأكثر المتأخرين: أَن العامل فِي البدل مقدر.
وهو الصّحيح؛ لأنه لما قصد بالذّكر، وَلَم تشترط مطابقته الأولَى فِي تعريف ولَا تنكير .. ناسب أَن يكون مستقلًا بعامل غير الأول، ولهذا ظهر العامل فِي فصيح الكلام، منه فِي القرآن:{لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ} ، {وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ} ، {لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ} .
- فـ (لِمَن): بدل بعض مِن الموصول، وقيل: بدل كل.
- و (من طلعها): بدل بعض.
- و (لبيوتهم): بدل اشتمال.
وقيل: لا يظهر العامل المقدر إِلَّا إن كَانَ حرف جر كما فِي هذه الآيات الشّريفة.
وقيل: يجوز مطلقًا، ومنه:{اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا} ، علَى أَن (مَن): بدل من (المرسلين).
وقيل: (اتبعوا) توكيد للأول.
وسيبويه والمبرد والسّيرافي والزّمخشري: عامل البدل عامل المبدل منه، واحتجوا بأنه لو كرر العامل .. لفسد المعنَى فِي قولك:(ضربت زيدًا رأسه)، فلو نصبت (رأسه) بـ (ضربت) محذوفًا .. اقتضَى أنك ضربته، وضربت رأسه، والحال أَن الضّرب لم يقع إِلَّا بالرّأس، هكذا ذكره القواس وليس بذاك.
وقيل: العامل هو الأول نيابة عن المقدر.
ولَا يقطع البدل إِلَّا إِذا كَانَ الأول متعددًا، والثّاني وافيًا بالمقصود فِي العدد: كـ (مررت بالرّجلين أبوك وأخوك).
والمبرد وابنا كيسان والسّراج: أَن عامل النّعت والبيان والتّوكيد: عامل للأول، وهو الصّحيح؛ لأنَّ العامل فِي التّابع هو العامل فِي المتبوع إِلَّا البدل.
وأضعفها: أَن المتبوع، وعامله عاملان فِي التّابع.
وسبق الخلاف فِي عطف النّسق فِي بابه.
والأخفش: أَن العامل فِي النّعت، والتّوكيد، والبيان، معنوي؛ أَي: كونها تابعة لما
جرت عليه.
واحتج بأن الموصوف:
قَدْ يكون مبنيًا، والثّاني معربًا؛ نحو:(يا زيد الظّريف).
وعكسه: نحو: (مررت بزيد الّذي فِي الدّار).
ولَا يمكن نسبة العمل فيهما إِلَى واحد؛ لاختلاف حكمهما.
فنقول: لو كَانَ ما قلتم صحيحًا .. لوجبت الموافقة، فتكون الصّفة معربة حيث يُعرب الموصوف، ومبنية حيث يُبنَى، وسيأتي الكلام عليها فِي النّداء.
وقيل: هو مقدر من جنس الأول؛ لأنَّ الأولَى فِي كل معمول أَن يكونَ لهُ عامل بانفراده.
وإذا اجتمع التّوابع .. قُدِّم: النّعت، فالبيان، فالتّوكيد، فالبدل، فالنسق.
لأنَّ النّعت كجزء الكلمة.
ووليه البيان؛ لأنه جار مجراه فِي تتميم المعنَى، وهو لتكميل الذّات.
وأخِّر عنهُ التّوكيد؛ لأنه لتكميل نسبتها.
وأخر البدل؛ لأنه فِي التّقدير من جملة أخرَى علَى المشهور.
وأُخِّر النسق عن الجميع؛ لأنه تابع بواسطة.
فتقول: (جاء أبو حفص الكريم عمر نفسه ابن الخطاب وعثمان رضي الله تعالَى عنهما).
وقلت ذلك شعرًا:
إِذَا اجتَمَعَتْ فَالنَّعتَ قَدِّمْ بهِ التَحَق
…
بَيَانٌ فَتَوكِيدٌ وَجَا بَدَلٌ نَسَقْ
وبدأ الزّمخشري: بالتّوكيد.
والله الموفق
* * *