الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النعت
ص:
506 -
يَتبَعُ فِي الإعرَابِ الاسمَاءَ الأُوَل
…
نَعتُ وَتَوكِيدُ وَعَطفٌ وَبَدَل
(1)
507 -
فَالنَّعتُ تَابِعٌ مُتِمُّ مَا سَبَق
…
بِوَسمِهِ أَو وَسمِ مَا بِهِ اعتَلَق
(2)
ش:
التابع: هو المشارك ما قبله في إعرابه الحاصلِ المتجددِ؛ كـ (زيد الكريم قام)، فـ (الكريم): تبع زيدًا في إعرابه الحاصل هنا، وهو: الرفع.
ولو تجدد؛ لـ (زيد) إعرابٌ .. تبعه (الكريم) فيه؛ كـ (رأيت زيدًا الكريم).
والتابع: جنس يعم الخبر وسائر التوابع؛ لكن الخبر يتبع المبتدأ فى إعرابه الحاصل؛ كـ (زيد قائم) دون المتجدد؛ كما إذا دخل على المبتدأ ناسخ؛ نحو: (إن زيدًا قائم).
والكلام في هذا الباب وما بعده إلى آخر البدل: على التوابع الخمسة:
- النعت.
- والتوكيد.
- وعطف البيان.
- وعطف النسق.
- والبدل.
فالنعت: هو التابع المكمل متبوعه، إما بدلالته على معنى في المنعوت، أو فيما
(1)
يتبع: فعل مضارع. في الإعراب: جار ومجرور متعلق بيتبع. الأسماء: مفعول به ليتبع. الأول: نعت للأسماء. نعت: فاعل يتبع. وتوكيد، وعطف، وبدل: معطوفات على نعت.
(2)
فالنعت: مبتدأ. تابع: خبر المبتدأ. متم: نعت لتابع، وفيه ضمير مستتر فاعل. ما: اسم موصول: مفعول به لمتم، وجملة سبق وفاعله المستتر فيه: لا محل لها صلة للوصول. بوسمه: بوسم: جار ومجرور متعلق بمتم؛ ورسم مضاف وضمير الغائب مضاف إليه. أو وسم: معطوف على وسمه، ووسم مضاف وما: اسم موصول: مضاف إليه. به: جار ومجرور متعلق باعتلق. اعتلق: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه، والجملة لا محل لها صلة الموصول.
يتعلق بالمنعوت، ولهذا قال الشيخ:(مُتِمُّ مَا سَبَقْ بِوَسْمِهِ أَو وَسْمِ مَا بِهِ اعْتَلَقْ).
والوسم: هو المعنى القائم بالمتبوع، فـ (متم ما سبق): يخرج عطف النسق، والبدل؛ فكلاهما: تابع، وليس متمِّمًا لمتبوعه.
ويشترك مع النعت في (متم ما سبق): التوكيد، وعطف البيان.
والمراد بـ (إتمامها ما سبق): أنها تكمل دلالته وترفع احتماله؛ لكن النعت يتمم متبوعه بدلالته على معنى فيه أو شيء من سببية، والتوكيد وعطف البيان: ليسا كذلك؛ إذ كلاهما لا يتمم متبوعه إلا من حيث إنه يدل على معنى فيه فقط.
فقوله: (مُتِمُّ مَا سَبَقْ بِوَسْمِهِ): يشير إلى النعت الحقيقي؛ كـ (جاء زيد الكريم).
و (وَسْمِ مَا بِه اعْتَلَقْ). يشيرِ به إلى النعت السببي؛ كـ (جاء رجل كريمٌ أبوه).
ويكون النعت:
1.
للمدح: نحو: (بسم اللَّه الرحمن الرحيم).
2.
وللذم: نحو من: (الشيطان الرجيم).
3.
وللتخصيص في النكرات: نحو {آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ} ، ونحو:(رجلٌ تاجرٌ).
4.
وللترحم: كـ (مررت بزيدٍ المسكينِ).
5.
وللتوكيد: على ما قيل؛ كقوله تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ} ، {وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ} .
6.
وللإبهام: كـ (مررت بصدقة قليلة أو كثيرة).
7.
وللتفضيل: كـ (مررت برجلين عربي وعجمي).
ويقال فيه: وصف، وصفة.
وعن ثعلب:
أن النعت لما يخص بعض المتبوع كـ (الأعمى)، و (الأعرج).
والصفة لما يعممه: كـ (الكريم)، و (العليم).
وقيل:
النعت بالحلية: كـ (الطويل)، و (القصير).
والصفة بالفعل: كـ (الضارب).
قال ابن هشام: في شرح هذا الكتاب غير التوضيح: ويجوز النعت بما هو أعرف من المنعوت أو دونه أو مساو له.
وشرط الأكثرون: أن يكون النعت دون الأول في التعريف أو مساويًا له .. فلابد من كون الأول أخص، أو مساويًا لئلا يلزم كون التابع أعرف من المتبوع.
قال ابن بابشاذ: لا يجوز: (مررت بالرجل صاحبك) على النعت؛ لأنه أعرف من الأول؛ فهو بدل.
واللَّه الموفق
ص:
508 -
وَليُعطَ فيِ التَّعرِيِفِ وَالتَّنكِيرِ مَا
…
لِمَا تَلَا كَامرُر بِقَومٍ كُرَمَا
(1)
ش:
يعطى النعت في حالة التعريف والتنكير: ما هو للمنعوت، فلا ينعت النكرة بالمعرفة، ولا عكسه.
ويجب الإتباع في الإعراب أيضًا إن كان المنعوت لا يعرف إلا بالنعت كما سيأتي، فتقول:(مررت برجل كريم)، و (بقوم كرماء)، و (بزيد الكريم)، و (بالقوم الكرماء).
وأجاز ابن الطراوة: نعت المعرفة بالنكرة إن كان النعت خاصًا بذلك المنعوت؛ كقول الشاعر:
................
…
مِنَ الرُّقشِ فِي أَنيَابِهَا السُّمُّ نَاقِعُ
(2)
(1)
وليعط: الواو عاطفة أو للاستئناف، واللام لام الأمر، يعط: فعل مضارع مبني للمجهول مجزوم بحذف الألف، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه، وهو المفعول الأول. في التعريف: جار ومجرور متعلق بيعط. والتنكير: معطوف على التعريف. ما: اسم موصول: مفعول ثان ليعط. لما: جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة (ما) الواقع مفعول، وجملة تلا وفاعله المستتر فيه: لا محل لها صلة ما المجرورة محلا باللام. كامرر: الكاف جارة لقول محذوف، امرر: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. بقوم: جار ومجرور متعلق بامرر. كرما: صفة لقوم، وأصله كرماء وقد قصره للضرورة.
(2)
التخريج: عجز بيت من الطويل، وصدره: فَبِت كَأَنِّي سَاوَرَتني ضَئِيلة
على أن (ناقع): صفة للسم.
والبصريون: أن (السم): مبتدأ، و (في أنيابها): خبره، و (ناقع): خبر ثان.
وأجاز بعضهم: وصف المعرفة بالنكرة بلا شرط، وهو مطروح.
وأجاز بعض الكوفيين: نعت النكرة بالمعرفة إن كان النعت لمدح أو ذم، وارتضاه الأخفش مطلقًا إن وصفت النكرة كما سبق في الابتداء.
واللَّه الموفق
ص:
509 -
وَهُوَ لَدَى التَّوحِيدِ وَالتَّذكِيرِ أَو
…
سِوَاهُمَا كَالفِعلِ فَاقفُ مَا قَفَوا
(1)
وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص 23، وخزانة الأدب 2/ 457، والحيوان 4/ 248، والدرر 6/ 9، وسمط اللآلي ص 489، وشرح شواهد المغني 2/ 902، والكتاب 2/ 89، ولسان العرب 4/ 507 طور، 5/ 202 نذر، 8/ 360 نفع، والمقاصد النحوية 4/ 73، وبلا نسبة في همع الهوامع 2/ 117.
اللغة: ساورتني: وثبت علي. رقشاء: أفعى. ضئيلة: حية صغيرة شديدة السم.
المعنى: فبت خائفًا لا أستطيع النوم، كمن خاف أفعى خفية شديدة السم، تثب عليه في أي لحظة.
الإعراب: أبيت: فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنا. كأني: كأن: حرف مشبه بالفعل، والياء: ضمير متصل في محل نصب اسمها. ساورتني: فعل ماض مبني على الفتحة الظاهرة والنون: للوقاية، والياء: ضمير متصل في محل نصب مفعول به والتاء: للتأنيث. ضئيلة: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة. من الرقش: جار ومجرور متعلقان بصفة محذوفة للفاعل. في أنيابها: جار ومجرور متعلقان بناقع، وأنياب مضاف، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. السم: مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة. ناقع: خبر مرفوع بالضمة الظاهرة.
وجملة (أبيت): بحسب ما قبلها. وجملة (كأني ساورتني): في محل نصب حال. وجملة (ساورتني): في محل رفع خبر. وجملة (السم نافع): في محل رفع صفة لضئيلة.
الشاهد: قوله: (السم ناقع) فقد رفع ناقع على أنه خبر السم، وذلك حيث أجاز ابن الطراوة: نعت المعرفة بالنكرة إن كان النعت خاصًا بذلك المنعوت.
والبصريون: أن (السم): مبتدأ، و (في أنيابها): خبره، و (ناقع): خبر ثان.
(1)
وهو: ضمير منفصل مبتدأ مبني على الفتح في محل رفع. لدى: ظرف متعلق بما يتعلق به الخبر الآتي، ويجوز أن يتعلق بمحذوف حال من الضمير المستكن في الخبر، ولدى مضاف والتوحيد: مضاف إليه. والتذكير: معطوف على التوحيد. أو: عاطفة. سواهما: سوى: معطوف على التذكير، وسوى مضاف، والضمير مضاف إليه. كالفعل: جار ومجرور متعلق بمحذوف
ش:
يعني أن النعت في حالة التوحيد أو التذكير أو سواهما: مثلُ الفعل.
ومعلوم: أن سوى التوحيد: التثنية والجمع، وسوى التذكير: التأنيث.
والمراد بكونه مثل الفعل: أن النعت إن رفع ضميرًا مطابقًا للمنعوت .. وجبت مطابقة النعت لما قبله في جميع أحواله؛ كـ (مررت برجل قائم)، و (برجلين قائمين)، و (رجال قائمين)، و (امرأة قائمة)، و (امرأتين قائمتين)، (ونساء قائمات)، فيطابق في التذكير والتأنيث والإفراد والتثنية والجمع؛ لأن النعت في هذه المواضع: رافع للضمير المستتر العائد على المنعوت كما وقعت المطابقة في الفعل؛ نحو: (مررت برجل قام)، و (رجلين قاما)، و (رجال قاموا)، و (امرأة قامت)، و (امرأتين قامتا)، و (نساء قمن)، هذا في النعت الحقيقي.
وأما السببي: فإن أضيف لما بعده .. فالمطابقة كما مر في الحقيقي؛ لأنه مثله حينئذ في رفعه لضمير المنعوت؛ كـ (مررت برجل كريم الأب)، و (امرأة كريمة الأب)، و (رجلين كريمي الأب)، و (امرأتين كريمتي الأب)، و (رجال كرام الآباء أو كريمي الآباء)، و (نساء كرام الآباء أو كريمات الآباء).
ولك أن تثبت النون فتنصب تمييزًا؛ كـ (مررت برجلين كريمين أبًا)، و (امرأتين كريمتين أبًا)، و (رجال كرام أبًا وكريمين أبًا)، و (نساء كريمات أبًا).
وإن رَفَع الاسم الظاهر .. أعطي أيضًا حكم الفعل؛ لكن من غير أن يعتبر حال المنعوت، فيكون النعت على حسب الظاهر بعده في التذكير والتأنيث؛ فتقول:(مررت برجل كريم أبوه)، و (برجلين كريم أبوهما)، و (رجال كريم آباؤهم أو حسنة وجوههم)؛ كما تقول:(مررت برجل كرم أبوه)، و (رجلين كرم أبوهما)، و (رجال كرم آباؤهم وحسنة وجوههم).
وتقول: (مررت برجل قائمة أمه)، و (امرأتين قائم أبواهما)، و (نساء قائم
خبر المبتدأ وهو الضمير المنفصل. فاقف: فعل أمر مبني على حذف حرف العلة وهو الواو، والضمة قبلها دليل عليها، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنت. ما: اسم موصول: مفعول به لاقف، وجملة قَفَوا: من الفعل والفاعل: لا محل لها صلة ما الموصولة الواقعة مفعولًا، والعائد ضمير منصوب المحل محذوف، والتقدير: فاقف ما قفوه.
آباؤهن أو قائمة آباؤهن)؛ كما تقول: (مررت برجل قامت أمه)، و (امرأتين قام أبواهما)، و (نساء قام آباؤهن أو قامت آباؤهن).
فالنعت هنا: يجعل لفظه للأول ومعناه للثاني، ومنه في القرآن:{رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا} ، فـ (الظالم): نعت للقرية، وتبعها في الإعراب، ومعناه للثاني؛ لأنهم أصحاب الظلم.
ومنه أيضًا قوله تعالى: {فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا} .
وقد يرفع النعت السببي ضميرًا بارزًا عائدًا على غير المنعوت؛ كـ (رأيت الرجل والحائطَ الواقفَ هو عليها) فـ (الواقف): نعت للحائط، وهو نعت سببي، والضمير المذكور بعده: مرفوع به على الفاعلية، وهو عائد على الرجل.
والنعت هنا: حكمه حكم الرافع للظاهر، فيعطى حكم الفعل ولم يعتبر فيه حال المنعوت كما سبق.
واعلم أن مطابقة النعت فيما تقدم: مشروطة بأن لا يلزم لفظًا واحدًا؛ كـ (مررت برجال صبور)، أو (برجال جريح) .. فإنه يقع على الواحد وغيره، فيستعمل كما سمع.
تنبيه:
من قال: (قاما أبواهما) على لغة: (أكلوني البراغيث) .. يقول في النعت السببي: (مررت برجلين قائمين أبواهما)، و (برجال قائمين أبوهم).
وجمع التكسير أفصح من جمع التصحيح؛ كـ (مررت برجال قيام آباؤهم)؛ لأن جمع التكسير كالمفرد.
وكأنه قيل: (قائم آباؤهم).
قيل: وهو أفصح من الإفراد أيضًا؛ فهو أفصح من (قائم آباؤهم).
ويجوز الإفراد والتكسير في نحو: (مررت برجل قائم آباؤه أو قيام آباؤه).
ثم إن النعت باسم المفعول والصفة المشبهة. كالنعت باسم الفاعل في جميع ما تقدم، فتقول:(مررت برجل حسن الوجه)، و (مضروب العبد)؛ كما تقول:(كريم الأب)، و (مررت برجال مضروب عبيدهم)؛ كما تقول:(قائم آباؤهم)،
و (برجال مضروبي عبيدِهم)، و (مضروبي العبيد)؛ كما تقول:(كريمي آبائهم أو كريمي الآباء)، و (برجلين حسني الوجه ومضروبي العبد)؛ كما تقول:(كريمي الأب)، و (برجلين حسنين وجههما)، و (مضروبين عبداهما) بالرفع؛ كما تقول:(قائمين أبواهما)، و (برجال قائمين آباؤهم)، على لغة:(أكلوني البراغيث).
ويجوز وجه آخر في النعت بالصفة المشبهة واسم المفعول، وهو:
أن يحول الإسناد، فيجعل الضمير عائدًا على المنعوت بطريق المجاز، فيجوز حينئذ نصب ما بعد النعت، على أن المسألة من باب الصفة المشبهة، فتقول:(مررت برجلين مضروبين عبدَيهما)، و (برجال مضروبين عبيدَهم)، بالنصب.
فالضمير في النعتين عائد على (الرجلين)، و (الرجال) مجازًا كما ذكر.
ونصب: (عبدَيهما)، و (عبيدَهم) على التشبيه بالمفعول.
وعلم مما تقدم:
* أن النعت الحقيقي يتبع منعوته في أربعة من عشرة:
- التعريف، والتنكير.
- والتذكير، والتأنيث.
- والإفراد، والتثنية، والجمع.
- وواحد من أوجه الإعراب الثلاثة.
فـ (مررت بزيد الكريم)، مطابق في أربعة: الإفراد، والتذكير، والتعريف، والجر.
و (جاء رجلان كريمان)، مطابق في التنكير، والتذكير، والتثنية، والرفع.
و (رأيت الهندات الكريمات)، في التعريف، والتأنيث، والجمع، والنصب.
* وأما السببي: فإن أضيف للظاهر الذي بعده .. فكذلك.
* وإن رفع الظاهر .. تبع منعوته في اثنين من خمسة:
- واحد من أوجه الإعراب الثلاثة.
- وواحد من التعريف والتنكير.
فلا يجب أن يتبعه في الإفراد، ولا في التثنية، ولا في الجمع، ولا في التذكير،
ولا في التأنيث؛ لأنك تقول: (جاء رجل قيام آباؤه)، و (رجلان قائم أبوهما)، و (رجال قائم آباؤهم)، و (رجل قائمة أمه)، و (امرأة قائم أبوها).
* وكذا إذا رفع الضمير البارز .. فهو كما إذا رفع الظاهر.
ولا يتقدم النعت على المنعوت.
وقد ذكروا مسألة مضمونها: أن النعت إذا صلح لمباشرة العامل .. جاز أن يتقدم النعت بشرط جعله مستقلًا والثاني بدلًا منه؛ كـ (مررت بالكريم زيد)، فلا يقال إن (الكريم): نعت مقدم، بل مستقل بنفسه، و (زيد): بدل منه.
وأجاز صاحب "البديع": تقديم الصفة على الموصوف إن كانت لاثنين أو لجماعة، بشرط: أن يتقدم أحد الموصوفين على الصفة؛ كـ (قام زيد العاقلان وعمرو)، ومنه قوله:
................
…
أَبَى ذَاكَ عَمِّىِ الأَكرَمَانِ وَخَاليَا
(1)
(1)
التخريج: عجز بيت من الطويل، وصدره: وَلَسْتُ مُقِرًّا لِلرِّجَالِ ظَلَامَةً
البيت بلا نسبة في الدرر 6/ 17، والمقاصد النحوية 4/ 73، وهمع الهوامع 2/ 12.
اللغة: ظلامة: المبالغة في الظلم. أبى: رفض عن عزة وكبرياء. المعنى: إني كريم شهم أمًّا وأبًا، فلا أرضى الظلم للآخرين ولا أرضاه منهم.
الإعراب: ولست: الواو: حسب ما قبلها، لست: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بالتاء المتحركة، والتاء: ضمير متصل في محل رفع اسمها. مقرًّا: خبرها منصوب بالفتحة الظاهرة.
للرجال: جار ومجرور متعلقان بالخبر مقرًّا. ظلامة: مفعول به لاسم الفاعل مقرًّا، منصوب بالفتحة الظاهرة. أبى: فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة على الألف للتعذر. ذاك: اسم إشارة في محل نصب مفعول به والكاف: للخطاب. عمي: فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء لاشتغال المحل بالحركة المناسب وهو مضاف، والياء: ضمير متصل في محل جر بالإضافة. الأكرمان: صفة مرفوعة بالألف لأنها مثنى والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. وخاليا: الواو: عاطفة، خاليا: اسم معطوف على عمي مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء لاشتغال المحل بالحركة المناسبة وهو مضاف، والياء: ضمير متصل في محل جر بالإضافة، والألف: للإطلاق.
وجملة (ولست): بحسب الواو. وجملة (أبى ذاك): استئنافية لا محل لها.
الشاهد: قوله: (عمي الأكرمان وخاليا) حيث أجاز صاحب "البديع": تقديم الصفة على الموصوف إن كانت لاثنين أو لجماعة، بشرط: أن يتقدم أحد الموصوفين على الصفة.
فـ (الأكرمان): نعت لعمي وخالي، والأصل:(عمي وخالي الأكرمان).
وأجاز الكوفيون: تقدم معمول التابع على المتبوع؛ كـ (هذا طعامك رجل يأكل).
وتبعهم الزمخشري في قوله تعالى: {وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا} ، فعلق في (أنفسهم) بـ (بليغًا).
واللَّه الموفق
ص:
510 -
وَانعَت بِمُشتَقٍّ كَصَعبٍ وَذَرِب
…
وَشِبهِهِ كَذَا وَذِى وَالمُنتَسِب
(1)
ش:
لا ينعت إلا بمشتق أو شبهه.
• والمراد بالمشتق: ما اشتق من مصدره؛ كاسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبهة، وأفعل التفضيل.
هذا هو المشتق في اصطلاحهم.
ولا يَردُ نحو: (مفتاح)؛ لأنه جار مجرى الجوامد.
فتقول: (مررت برجل قائم)، و (برجل مضروب)، و (برجل حسن الوجه)، و (برجل أفضل منك).
ومن النعت بالصفة المشبهة أيضًا: (مررت برجل صعب) أو (ذرب)، و (الذرب): بالذال المعجمة من (الذَّرَب): حدة اللسان مطلقًا.
وقيل: حدته في الشر.
• وأما شبه المشتق: فهو ما أُوِّل به؛ كاسم الإشارة غير المكاني، ونحو:(ذو) بمعنى: (صاحب)، و (ذات) بمعنى:(صاحبة)، و (أولو) و (أولات)
(1)
وانعت: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. بمشتق: جار ومجرور متعلق بانعت. كصعب: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: وذلك كائن كصعب. وذرب: معطوف على صعب. وشبهه: الواو عاطفة، شبه: معطوف على مشتق، وشبه مضاف والضمير مضاف إليه. كذا: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: وذلك كائن كذا، والمراد بذا اسم الإشارة. وذي، والمنتسب: معطوفان على ذا، والمراد بذي التي بمعنى صاحبة والتي هي من الأسماء الستة.
بمعنى: (أصحاب وصاحبات)، وكذا المنسوب؛ كما قال:(والمنتسب).
• فاسم الإشارة: كـ (أكرمت زيدًا هذا).
وصح النعت به وإن كان جامدًا .. لأنه بمنزلة قولك: (أكرمت زيدًا الحاضر)، أو المشار إليه؛ فهو مؤول بمشتق.
وقال بعضهم: إن أُوِّل باسم الفاعل .. فهو بمعنى الحاضر.
وإن أُوِّل باسم المفعول .. فبمعنى: المشار إليه.
وفي القرآن: {قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} ، {لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا} ، {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ} .
• وعن الكوفيين والسهيلي: لا ينعت باسم الإشارة لجموده، فيعرب بدلًا أو بيانًا، وتقول:(مررت برجال ذي مال)، و (امرأة ذات مال)، و (نساء أولات مال).
• والمنسوب: كـ (رجل مكي)؛ أي: منسوب.
• والنعت بالمنسوب أكثر من اسم الإشارة، ويعمل المنسوب إذا جرى على غير من هو له، فيرفع الظاهر في نحو:(هذا رجل مكي أبوه).
• ومن الجاري مجرى المشتق من الموصول: (ذو الطائية)، والمبدوء بهمزة وصل: كـ (جاء ذو قام)، و (الذي قام).
• وكذا الوصف الدال على الفعل دون حروفه: كـ (لوذعي)؛ أي: ذكي، و (جرشع)؛ أي: غليظ، و (شمرذل)؛ أي: طويل أو سريع، فهو وإن كان جامدًا في تأويل المشتق.
• وفي "التسهيل": قد ينعت بالعدد؛ كـ (مررت بإبل مئة) والظاهر أنه بتأويل (معدودة مئة).
• ولا ينعت اسم الفعل والمصدر الذي بمعنى الأمر والدعاء والضمير.
خلافًا للكسائي: في نعت ضمير الغائب إن كان لمدح أو ذم أو ترحم، محتجًا بقولهم:(مررت به المسكين)، و (اللَّهم صل عليه الرؤوف الرحيم).
والمانعون: أنه بدل؛ فإن النعت في المعارف للإيضاح، وضمير المتكلم: في
غاية الوضوح، فحمل غيره عليه طردًا للباب، ولا ينعت أيضًا بهذه الأشياء.
• ومنع سيبويه: نعت (اللَّهم).
• وأجازه بعضهم، وجعل منه:{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} .
وسيبويه يقول: (يا مالك الملك) فيقدر حرف النداء.
والمانع: يحتج بأنه بعُدَ بالتركيب عن التمكن.
واللَّه الموفق
ص:
511 -
وَنَعَتُوا بَجُملَةٍ مُنَكّرًا
…
فَأُعطِيَت ماَ أُعطِيَتهُ خَبرا
(1)
ش:
تنعت النكرة: بالجملة؛ اسمية أو فعلية.
* ولابد لها من رابط يربطها بالمنعوت ، كما هي كذلك إذا وقعت خبرًا؛ لكن الرابط في الخبر لا يجب كونه ضميرًا، بخلاف النعت، فتقول:(هذا وجل أبوه كريم)، و (رأيت رجالًا فعلهم حسن)، و (مررت برجل يقرأ ورجال يقرؤون).
ومنه قوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} ، {حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا} ، فجملة (استطعما أهلها): صفة لقرية.
ولو قيل: (استطعامهم) .. لزم خلو الصفة من الضمير العائد على الموصوف.
* وقد تحذف للعلم به: قال تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} ؛ أي: فيه.
(1)
ونعتوا: فعل وفاعل. بجملة: جار ومجرور متعلق بنعتوا. منكرا: مفعول به لنعتوا. فأعطيت: أعطي: فعل ماض مبني للمجهول، والتاء تاء التأنيث ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هي يعود إلى جملة، وهو المفعول الأول. ما: اسم موصول: مفعول ثان لأعطيت. أعطيته: فعل ماض مبني للمجهول، وفيه ضمير مستتر يعود إلى جملة، وهو نائب فاعل أعطي، وهو المفعول الأول، والهاء مفعول ثاني، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول. خبرًا: حال من نائب الفاعل.
وقرأ الأعمش: (سبحان اللَّه حينًا تمسون وحينًا تصبحون)؛ أي: (تمسون فيه وتصبحون فيه).
ونحو قول الشاعرِ:
................
…
وَمَا شَيءٌ حَمَيتَ بِمُستبَاحِ
(1)
أي: حميته.
وقوله رحمه الله:
وَمَا أَدرِي أَغَيّرهُم تَنَاءٍ
…
وَطُولُ الدَّهرِ أَم مَالٌ أَصَابُوا
(2)
أي: (أصابوه).
* ولا يمتنع أن ينعت ذو الأداة الجنسية بالجملة؛ لأنه نكرة في المعنى.
(1)
التخريج: عجز بيت من الوافر، وصدره: أَبَحْتَ حِمَى تهَامَةَ بَعْدَ نَجْدِ
وقائله: هو جرير بن عطية الخطفي، يمدح به يزيد بن عبد الملك بن مروان.
اللغة: حمى: على وزن فِعَل، أي: محظور لا يقرب، تهامة: الناحية الجنوبية من الحجاز، نجد: الناحية التي بين الحجاز والعراق.
الإعراب: أبحت: فعل وفاعل، حمى: مفعول أبحت، تهامة: مضاف إليه، بعد: منصوب على الظرفية، نجد: مضاف إليه، وما: نافية، شيء: اسم ما، حميت: فعل وفاعل، والجملة صفة لشيء، بمستباح: الباء زائدة ومستباح خبر ما منصوب بفتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.
الشاهد: قوله: (حميت) فإنها جملة منعوت بها، والجملة المنعوت بها لابد من اشتمالها على ضمير يربطها بالمنعوت.
وحكمه: جواز الحذف للعلم به، إذ أصله: وما شيء حميته.
(2)
التخريج: البيت للحارث بن كلدة في الأزهية ص 137؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 365؛ ولجرير في المقاصد النحوية 4/ 60؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في الرد على النحاة ص 121.
المعنى: يحسن العتاب مع الأقارب والأصدقاء، ويطلب جرير ممن يخاطبه إبلاغ عتابه لبني عمه، ومضمون العتاب: أنه متحير من تغيرهم، أهو البعد أم الأيام أم المال!
الشاهد: قوله: (أم مال أصابوا) فإن جملة أصابوا صفة لكلمة (مال) وقد حذف منها الضمير، وأصل الكلام:(أم مال أصابوه).
وشاهده المرضي: قوله تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ} .
وجعل منه قولُ الشاعرِ:
وَلَقَدْ أَمُرُّ عَلَى اللَّئِيْم يَسُبُّني
…
.......................
(1)
ورده في "الارتشاف".
وقيل: يجوز كونها حالًا؛ نظرًا إلى لفظ (اللئيم).
(1)
التخريج: صدر بيت من الكامل، وعجزه: فَمَضَيت ثَمَّة قُلْت لَا يَعْنِيني
وهو لرجل من سلول في الدور 1/ 78، وشرح التصريح 2/ 11، وشرح شواهد المغني 1/ 310، والكتاب 3/ 24، والمقاصد النحوية 4/ 58، ولشمر بن عمرو الحنفي في الأصمعيات ص 126، ولعميرة بن جابر الحنفي في حماسة البحتري ص 171، وبلا نسبة في الأزهية ص 263، والأشباه والنظائر 3/ 90، والأضداد ص 132، وأمالي ابن الحاجب ص 631، وجواهر الأدب ص 307، وخزانة الأدب 1/ 357، 358، 3/ 201، 4/ 207، 208، 5/ 23، 503، 7/ 197، 9/ 197، 9/ 119، 383، والخصائص 2/ 338، 3/ 330، والدرر 6/ 154، وشرح شواهد الإيضاح ص 221، وشرح شواهد المغني 2/ 841، وشرح ابن عقيل ص 475، والصاحبي في فقه اللغة ص 219، ولسان العرب 12/ 781 ثم، 15/ 296 منن، ومغني اللبيب 1/ 102، 2/ 429، 465، وهمع الهوامع 1/ 9، 2/ 140.
اللغة: اللئيم: الدنيء الخسيس. يعنيني: يقصدني.
الإعراب: ولقد: الواو بحسب ما قبلها، واللام رابطة جواب القسم، وقد للتحقيق. أمرُّ: فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر وجوبًا تقديره: أنا. على اللئيم: جار ومجرور متعلقان بأمر.
يسبني: فعل مضارع مرفوع، والنون للوقاية، والياء في محل نصب مفعول به، وفاعله ضمير مستتر جوازًا تقديره: هو. فمضيت: الفاء حرف عطف، مضيت: فعل ماض، والتاء ضمير في محل رفع فاعل. ثمت: حرف عطف، والتاء للتأنيث. قلت: فعل ماض، والتاء ضمير في محل رفع فاعل. لا: حرف نفي. يعنيني: فعل مضارع، والنون للوقاية، والياء في محل نصب مفعول به. وفاعله ضمير مستتر جوازًا تقديره: هو.
وجملة (يسبني): في محل جر نعت اللئيم. وجملة (مضيت): معطوفة على جملة أمر، فهي مثلها لا محل لها من الإعراب. وجملة (قلت): معطوفة لا محل لها من الإعراب. وجملة (لا يعنيني): في محل نصب مفعول به.
الشاهد: قوله: (على اللئيم يسبني) حيث جاءت جملة (يسبني) نعتًا للمعرفة (اللئيم)، والذي سوغ ذلك: هو أن أل جنسية، فالمنعوت نكرة معنى لا لفظًا. وأجاز ابن مالك أن تكون الجملة حالًا.
وفي البيت شاهد آخر للنحاة، وهو تعين الفعل المضارع للمضي إذا عطف الفعل الماضي عليه.
وقال البعلي: صفة لا حال؛ لأن المقصود: (ولقد أمر على لئيم ساب)، لا (على لئيم في حال سبه).
• ولا تنعت المعرفة بالجملة؛ لأن الجمل بعد المعارف أحوال.
ومن شرط الجملة المنعوت بها النكرة: أن تكون خبرية كما مثل، فتخرج الطلبية كما سيأتي.
* وتنعت النكرة أيضًا بالظرف والمجرور؛ كـ (رجل من الكرام)، و (طائر من فوق غصن).
وسكت الشيخ عن ذلك؛ لأن النعت في الحقيقة هو المتعلق:
فإن كان (كائنًا ومستقرًا) .. دخل تحت قوله: (وانعت بمشتق)
وإن كان (استقر) .. دخل تحت قوله: (بِجُملَةٍ).
وهذا إنما هو في ظرف المكان؛ لأن ظرف الزمان لا توصف به الجثة كما ذكر في الابتداء عند قوله: (وأخبروا بظرف).
• ولا يوصف بالظرف المقطوع عن الإضافة: كـ (قبلُ) و (بعدُ)، وسبق مفصلاً في الإضافة عند قوله:(واضمم).
• ولا توصف الجملة بتعريف ولا تنكير، وإنما وصف بها النكرة؛ لصحة تأويلها بالنكرة؛ فـ (جاءني وجل كرُمَ أبوه) في معنى:(كريم أبوه) ونحو ذلك.
واللَّه الموفق
ص:
512 -
وَامنَع هُنَا إِيقَاعَ ذَاتِ الطَّلَبِ
…
وَإِن أَتَت فَالقَولَ أَضمِر تُصِبِ
(1)
(1)
امنع: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. هنا: ظرف مكان متعلق بامنع. إيقاع: مفعول به لامنع، وإيقاع مضاف وذات: مضاف إليه، وذات مضاف والطلب: مضاف إليه. وإن: شرطية. أتت: أتى: فعل ماض فعل الشرط، والتاء للتأنيث. فالقول: الفاء واقعة في جواب الشرط، القول: مفعول مقدم على عامله. أضمر: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت، والجملة في محل جزم جواب الشرط. تصب: فعل مضارع مجزوم في جواب الأمر، وحرك بالكسر لأجل الروي، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت.
ش:
• يعني: امنع أن تقع الجملة الطلبية نعتًا؛ لعدم دلالتها على معنى إذ ذاك، فشمل جملة: الأمر، والنهي، والدعاء، والاستفهام، ونحو ذلك، فلا يجوز:(مررت برجل اضربه)، ولا (هل رأيت مثله؟)؛ ولكن يجوز أن تقع خبرًا؛ كـ (زيد اضربه).
• ومثلها الإنشائية نحو: (العبد بعتكه)، فلا تقع نعتًا كالطلبية، لا تقول:(مروت بعبد بعتكه) على الإنشاء.
ومنع ابن الأنباري والكوفيون: وقوع الطلبية خبرًا.
قالوا: لأن الخبر يحتمل الصدق والكذب.
ورُد: بأن ذلك إنما هو في الخبر قسيم الإنشاء والطلب، لا في الخبر صاحب المبتدأ.
وأشار بقوله: (وَإِنْ أَتَتْ فَالقَولَ أَضْمِرْ تُصِبِ) إلى أنه إن أتى ما يوهم إيقاع الطلبية نعتًا .. وجب إضمار مقول، ويكون هو النعت؛ كقول الشاعر:
حَتَّى إِذَا جَنَّ الظَّلامُ وَاختَلَط
…
جَاؤُوا بِمَذْقٍ هَل رَأَيتَ الذِّئبَ قَط
(1)
(1)
التخريج: الرجز للعجاج في ملحق ديوانه 2/ 304، وخزانة الأدب 2/ 109، والدرر 6/ 10، وشرح التصريح 2/ 112، والمقاصد النحوية 4/ 61، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 115، وخزانة الأدب 3/ 30، 5/ 24، 468، 6/ 138، وشرح ابن عقيل ص 477، وشرح عمدة الحافظ ص 541، وشرح المفصل 3/ 52، 53، ولسان العرب 4/ 248 خضر، 10/ 340 مذق، والمحتسب 2/ 165، ومغني اللبيب 1/ 246، 2/ 585، وهمع الهوامع 2/ 117.
اللغة: جن الظلام: اشتد سواده. اختلط: اعتكر. المذق: اللبن المخلوط بالماء.
المعنى: يقول هاجيًا قومًا بخلاء: لما حل الظلام قدموا لنا لبنًا ممزوجًا بالماء، فصار شبيهًا بلون الذئب في كدرته.
الإعراب: حتى: حرف جر وغاية. إذا: ظرف زمان يتضمن معنى الشرط، متعلق بجوابه. جن: فعل ماض. الظلام: فاعل مرفوع. واختلط: الواو حرف عطف؛ اختلط فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر تقديره: هو. جاؤوا: فعل ماض، والواو ضمير في محل رفع فاعل. بمذق: جار ومجرور متعلقان بجاؤوا. هل: حرف استفهام. رأيت: فعل ماض، والتاء ضمير في محل رفع فاعل. الدئب: مفعول به منصوب. قط: ظرف زمان مبني في محل نصب، متعلق برأيت.
وجملة (إذا جن
…
جاؤوا): الشرطية ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (جن الظلام): في
فجملة (هل رأيت الذئب؟) طلبية أوهمت النعت لـ (مذق)، والنعت في الحقيقة محذوف؛ أي:(بمذق مقول فيه: هل رأيت الذئب قط؟).
و (المذق): اللبن المخلوط بالماء، فوصف:(قومًا أضافوه وأطالوا عليه، ثم جاؤوه في العشية بلبن مخلوط بالماء).
وقول الآخر:
...................
…
فِي لُجَّةٍ أَمسِكْ فُلَانًا عَن فُلُ
(1)
أي: (مقول فيها أمسك فلانًا عن فُلُ).
ويلزم عند الفارسي وابن السراج في: الطلبية الواقعة خبرًا كـ (زيد اضربه): إضمار مقول، كما في النعت؛ أي:(زيد مقول فيه اضربه).
والأكثرون: على خلافه.
واللَّه الموفق
محل جر بالإضافة. وجملة (اختلط): معطوفة على جملة جن. وجملة (جاؤوا
…
): لا محل لها من الإعراب؛ لأنها جواب شرط غير جازم. وجملة (هل رأيت): في محل نصب مفعول به لفعل القول المحذوف الذي هو نعت لمذق تقديره: بمذق مقول فيه هل رأيت.
الشاهد: قوله: (بمذق هل رأيت الذئب) حيث جاء ظاهر الجملة الاستفهامية وكأنه نعت للنكرة مذق، والحقيقة هي مقول قول محذوف تقديره:(جاؤوا بمذق مقول فيه: هل رأيت الذئب قط؟).
(1)
التخريج: الرجز لأبي النجم في جمهرة اللغة ص 407، وخزانة الأدب 2/ 389، والدرر 3/ 37 وسمط اللآلي ص 257، وشرح أبيات سيبويه 1/ 439، وشرح التصريح 2/ 180، وشرح المفصل 5/ 119، وشرح شواهد المغني 1/ 450، والصاحبي في فقة اللغة 229، والطرائف الأدبية ص 66، والكتاب 2/ 248، 3/ 452، ولسان العرب 2/ 355 لجج، 13/ 324، 325 فلن، والمقاصد النحوية 4/ 228، وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص 527، وشرح المفصل 1/ 48، والمقتضب 4/ 238، والمقرب 1/ 182، وهمع الهوامع 1/ 177.
اللغة: اللجة: الجلبة واختلاط الأصوات في الحرب.
الإعراب: في لجة: جار ومجرور متعلقان بتضل في البيت السابق. أمسك: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر تقديره: أنت. فلانًا: مفعول به منصوب عن فل: جار ومجرور متعلقان بأمسك.
الشاهد: قوله: (لجة أمسك فلانا عن فل) حيث جاء ظاهر الجملة الطلبية وكأنه نعت للنكرة لجة، والحقيقة هي مقول قول محذوف تقديره:(لجة مقول فيها: أمسك فلانًا).
ص:
513 -
وَنَعَتُوا بِمَصْدَرٍ كَثِيْرَا
…
فَالتَزَمُوا الإِفْرَادَ وَالتَّذْكِيْرَا
(1)
ش:
يقع المصدر نعتًا بكثرة، فليزم إفراده وتذكيره؛ سواء نعت به مفرد أو غير ذلك، مذكرًا أو مؤنثًا؛ كـ (مررت برجل عدل أو رضي)، و (بامرأتين رضي)، و (برجلين عدل)، و (برجال عدل).
وجعل منه المصنف رحمه الله قولَه تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ} .
والنعت بالمصدر على خلاف الأصل؛ لأنه إنما يدل على المعنى لا على صاحبه.
وهو أيضًا جامد على الصحيح، ولهذا أوَّله بعضهم بمشتق؛ أي:(برجل عادل ومرضي)، وبـ (رجال مرضيين) ونحو ذلك.
وأوله البصريون: على تقدير مضاف؛ أي: بـ (رجل ذي عدل)، و (برجلَين ذوَي عدل).
• ولا ينعت إلا بمصدر الثلاثي، أو ما هو بزنة مصدر الثلاثي، ولا يؤنث؛ وشذ:(امرأة عدلة).
• ولا ينعت بالمصدر الميمي، ولا بالمثنى، ولا بالمجموع؛ وشذ:(نساء عدلات)، و (قوم عدول).
وإذا أريد المبالغة بالمصدر المنعوت به .. فلا تأويل؛ لأن المنعوت جعل هو (العدل) نفسه مبالغة، واستحسنه ابن هشام.
وقوله: (كثيرًا) وصف لمحذوف؛ أي: نعتًا كثيرًا، ويجوز: كونه حالًا؛ أي: مكثرين.
واللَّه الموفق
(1)
ونعتوا: فعل وفاعل. بمصدر: جار ومجرور متعلق بنعتوا. كثيرًا: نعت لمحذوف: أي نعتًا كثيرًا. فالتزموا: فعل وفاعل. الإفراد: مفعول به لالتزموا. والتذكيرا: معطوف عليه.
ص:
514 -
وَنَعْتُ غَيْرِ وَاحِدٍ إِذَا اخْتَلَفْ
…
فَعَاطِفًا فَرِّقْهُ لَا إِذَا ائْتَلَفْ
(1)
ش:
إذا نعت غير الواحد .. فلا يخلو: إما أن يختلف النعت، أو يأتلف:
- فإن اختلف: وجب التفريق في المنعوت بـ (الواو).
- وإن لم يختلف: فلا تفريق.
فالأول: كـ (مررت برجال كاتب، وشاعر، وفارس)، و (برجلين كريم، وبخيل)، ومنه قوله:
...................
…
عَلَى رَبْعَيْنِ مَسْلوبٍ وَبَالِي
(2)
ولا تفريق مع اسم الإشارة؛ لأنه مبهم، والمبهم لا ينفصل من صفته؛ فلا يقال:(مررت بهذين الكريم والبخيل) على النعت.
قال إبراهيم الزيادي تلميذ سيبويه: فيجوز على البدل أو عطف بيان، وفيه بحث؛ لأن البيان جامد، والبدل بالمشتق ضعيف.
والثاني: كـ (مررت برجلين شاعرين)، و (برجال شعراء).
(1)
نعت: مبتدأ، ونعت مضاف وغير: مضاف إليه، وغير مضاف، وواحد: مضاف إليه. إذا: ظرف تضمن معنى الشرط. اختلف: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو يعود إلى نعت واحد، والجملة في محل جر بإضافة إذا إليها. فعاطفا: الفاء واقعة في جواب الشرط، عاطفًا: حال تقدم على صاحبه وهو الضمير المستتر في قوله فرق. فرقه: فرق: فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت، والهاء مفعول به، والجملة لا محل لها من الإعراب جواب إذا الشرطية غير الجازمة، وجملتا الشرط والجواب في محل رفع خبر المبتدأ. لا: عاطفة. إذا: ظرف تضمن معنى الشرط، وجملة. ائتلف: وفاعله المستتر فيه: شرط إذا، والجواب محذوف.
(2)
التخريج: عجز بيت من الوافر، وصدره: بكَيْتُ وَمَا بُكا رَجُل حَزِين
وهو لابن ميادة في المقتضب 4/ 291، وشرح أبيات سيبويه 2/ 18، وشرح شواهد المغني 2/ 774. الشاهد: قوله: (على ربعين مسلوب وبالي) حيث نعت غير الواحد المختلف فوجب التفريق في المنعوت بـ (الواو).
وقيل: يجوز هنا التفريق؛ نحو: (شاعر، وشاعر) وهو عبث.
وقد يلي النعت (لا)، أو (إما): كـ (مررت برجل لا كريم ولا شجاع)، و (مررت برجل إما كريم وإما شجاع).
تنبيه:
تقول: (رأيت رجلًا وهندًا الكريمان) أي: (هما الكريمان).
أو: (الكريمين) على تقدير أعني: (الكريمين) .. فلابد من القطع هنا؛ لئلا يلزم نعت النكرة بالمعرفة.
وتقول: (ضرب زيد عمرًا الفاضلان أو الفاضلين) على القطع أيضًا.
وكثر الخلاف فيما إذا اتحدت النسبة واختلف العمل: كـ (خاصم زيد عمرًا الفاضلان)، فتقول:(خاصم زيد عمرًا الفاضلان) بالرفع تبعًا للأول عند الكسائي، و (الفاضلين) تبعًا للثاني عند الفراء.
وخير فيهما محمد بن سعدان من الكوفيين أيضًا: فراعى المعنى؛ لأن كلًّا منهما مخاصِم ومخاصَم.
وأوجب القطع البصريون؛ فالتقدير: (هما الفاضلان) أو أعني: (الفاضلين).
و (نعت): مبتدأ، و (إذا) وما بعده: خبر، ويبعد نصبه بمحذوف يفسره (فَرِّقهُ) على الاشتغال؛ لوجود الفاء في قوله:(فعاطفًا)؛ إذ لا يعمل ما بعدها فيما قبلها؛ إلا في مواضع سبق ذكرها في الفاعل والاشتغال والإضافة.
فإن قلت: لا يصح النصب أيضًا بدون الفاء؛ لأن جواب الشرط لا يعمل فيما قبل الشرط فلا يفسر؟!
قلت: أجازه الكسائي؛ نحو: (زيدًا إن تقم أضرب).
وإذا جاز أن يعمل .. جاز أن يفسر كما سبق في الاشتغال.
واللَّه الموفق
ص:
515 -
وَنَعْتَ مَعْمُولَيْ وَحِيْدَيْ مَعْنَى
…
وَعَمَلٍ أَتْبِعْ بِغَيْرِ اسْتِثْنَا
(1)
ش:
إذا نُعِت معمولا عاملين؛ فإن اتحد العاملان معنى وعملًا
…
أتبع النعت: كـ (جاء زيد وقدم عمرو الصالحان) فكل من: (جاء)، و (قدم) عامل رفع، ولا فرق بينهما في المعنى؛ لأن المجيء في معنى القدوم، وكذا:(راح بكر وذهب خالد الشاعران).
ويجوز القطع.
وقوله: (بِغَيْر اسْتِثْنَا) فيه تعريض، لابن السراج: حيث أوجب القطع؛ لأن القياس أن لا يعمل عاملان في معمول واحد، فمنع ذلك هنا طردًا للباب.
وقيد بعضهم الإتباع بكون المنعوتين فاعلين كما مُثل، أو خبري مبتدأين، كـ (هذا زيد وذاك عمرو الفاضلان)، فيمتنع الإتباع في نحو:(رأيت زيدًا وأبصرت عمرًا الشاعرين).
ومتى اختلف معنى العاملين أو المعنى والعمل .. وجب القطع:
- فاختلاف المعنى: (جاء زيد وذهب عمرو العاقلان) على تقدير: (هما العاقلان).
وبالنصب على إضمار (أعني)، فالرفع على الخبرية لا على النعت؛ لئلا يلزم عليه عمل عاملين مختلفين في النعت.
وإنما جاز نحو: (جاء زيد وقدم عمرو الصالحان) كما سبق؛ لأنهما في معنى عامل واحد.
وحكى ابن بابشاذ: أن الخليل وسيبويه أجازا: (جاء زيد وذهب عمرو العاقلان)
(1)
نعت: مفعول مقدم لقوله أتبع الآتي، ونعت مضاف ومعمولي: مضاف إليه، ومعمولي مضاف ووحيدي: مضاف إليه، على تقدير موصوف محذوف، أي معمولي عاملين وحيدي، ووحيدي مضاف ومعنى: مضاف إليه. وعمل: معطوف على معنى. أتبع: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. بغير: جار ومجرور متعلق بأتبع، وغير مضاف واستثنا: مضاف إليه، وقصره للضرورة، والمراد: أتبع بغير استثناء معمولي عاملين متحدين في المعنى والعمل.
على النعت؛ لأن الاختلاف قد يكون في العامل الواحد، ومع ذلك لا يجب القطع، نحو:(اختلف زيد وعمرو العاقلان)، فالاختلاف موجود؛ لأن الإخبار باختلافهما يدل على تباينٍ بينهما في القول أو في الفعل أو فيهما.
- واختلاف المعنى أو العمل: (ضربت زيدًا وقام عمرو الكريمان أو الكريمين) فالرفع: على الخبر، والنصب: على إضمار (أعني).
والجمع كالمثنى؛ نحو: (ذهب زيد، ومضى عمرو، وانطلق بكر الكريمون) على الإتباع.
ويجوز القطع؛ لاتحاد العوامل في المعنى أو العمل كما سبق.
فإن اختلف معنى العوامل أو العمل .. وجب القطع كما سبق.
تنبيه:
إذا اختلف معنى الجملتين كالاستفهامية وغيرها؛ نحو: (هذا أخوك ومَن أبوك؟) .. فلا يجوز: (العاقلان ولا العاقلين) رفعت أو نصبت؛ لأن الذي أخبرت عنه معلوم، والذي استفهمت عنه مجهول، ولا تكون الصفة الواحدة مجهولة معلومة في حال واحد.
واللَّه الموفق
ص:
516 -
وَإِنْ نُعُوتٌ كَثُرَتْ وَقَد تَلَت
…
مُفتَقِرًا لِذِكرِهِنَّ أُتبِعَت
(1)
(1)
وإن: شرطية. نعوت: فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده: أي وإن كثرت نعوت، وجملة الفعل المحذوف وفاعله المذكور في محل جزم فعل الشرط. كثرت: كثر: فعل ماض، والتاء للتأنيث، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هي يعود إلى نعوت، والجملة لا محل لها مفسرة. وقد: الواو واو الحال، قد: حرف تحقيق، وجملة تلت: وفاعله المستتر فيه في محل نصب حال. مفتقرا: مفعول به لتلت. لذكرهن: الجار والمجرور متعلق بمفتقر، وذكر مضاف والضمير مضاف إليه. أتبعت: أتبع: فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هي، والتاء للتأنيث، والجملة في محل جزم جواب الشرط.
ش:
إذا تعددت النعوت وافتقر لها المنعوت لكونه لا يعرف إلا بها .. وجب الإتباع فيها؛ كـ (جاء خالد الشاعر، الكاتب، الفارس) برفعها.
ولا يجوز قطعها ولا بعضها.
ويجوز عطف النعوت على بعض؛ كقوله:
إلى المَلِكِ القَرْمِ وابْنِ الهُمَامِ
…
ولَيْثِ الكَتِيبَةِ في المُزْدَحَمْ
(1)
وتعددت بعطف وبدونه في قوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4)} .
والكسائي: أن (الواو): زائدة في البيت.
وهل يجوز أن ينعت بما بعد (إلا)؛ نحو: (جاءني رجل إلا راكب)؟
سبق فى الاستثناء.
واللَّه الموفق
ص:
517 -
وَاقطَع أَو أتبِع إِن يَكُن مُعَيَّنَا
…
بِدُونِهَا أَو بَعضِهَا اقطَع مُعلِنَا
(2)
ش:
• يقول إن كان المنعوت معينًا بدون النعوت الكثيرة .. فاقطعها أو أتبعها:
كـ (جاء زيد الكاتب، الشاعر، الفارس) رفعًا على الإتباع أو نصبًا بإضمار
(1)
التخريج: البيت من المتقارب، وهو بلا نسبة في الإنصاف 2/ 469؛ وخزانة الأدب 1/ 451، 5/ 107، 6/ 91؛ وشرح قطر الندى ص 295.
الشاهد قوله: (المَلِكِ القَرْمِ وابْنِ الهُمَامِ ولَيْثِ الكَتِيبَةِ)؛ حيث عطف الصفات على بعضها بالواو.
(2)
واقطع: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. أو: عاطفة. اتبع: معطوف على اقطع. إن: شرطية. يكن: فعل مضارع ناقص، فعل الشرط، واسمه ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو يعود إلى المنعوت. معينًا: خبر يكن بدونها: الجار والمجرور متعلق بمعين، ودون مضاف والضمير مضاف إليه. أو: عاطفة. بعضها: بعص: مفعول مقدم لاقطع، وبعض مضاف والضمير مضاف إليه. اقطع: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. معلنًا: حال من الضمير المستتر في اقطع، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام.
أعني.
• ما لم يكن المنعوت نكرة فيجب إتباع واحد منها؛ لأن النكرة لابد لها من مخصص؛ كـ (مررت برجل كاتب، شاعر، فارس) بإتباع واحد، وهو الأول على الصحيح.
وقوله: (أَو بَعْضِهَا اقْطَعْ مُعْلِنَا) بنصبِ (بعضها) وبجرِّه:
- فعلى النصب يكون المعنى: (إن كان المنعوت معينًا بدونها .. فاقطعها كلها، وأتبعها كلها، أو اقطع بعضها وأتبع البعض).
- وعلى الجر يكون المعنى: (إن كان المنعوت معينًا بدونها .. فاقطعها كلها، أو أتبعها كلها، وإن كان معينًا ببعضها .. فاقطع معلنًا -أي: فاقطع الذي يتعين المنعوت بدونه- وأتبع الذي لا يتعين المنعوت إلا به).
وحذف المصنف: مفعول (اقطع)؛ فنحو: (جاء زيد الكاتب، الشاعر، الفارس) إن لم يعرَّف إلا بـ (الكاتب) .. وجب إتباعه، وجاز الإتباع والقطع في:(الشاعر)، و (الفارس).
• ويجب إتباع النعت مع اسم الإشارة؛ لأنه مبهم، وقطع النعت يزيده إبهامًا، ولهذا ضعَّفوا:(مررت بهذا الأبيض)؛ لأن (الأبيض) يحتمل إنسانًا وغيره، فيزيد الإبهام ولا تُعرَّف الذاتُ ولا النوعُ.
• وكذا إن كان النعت للتوكيد؛ كما في: (نفخة واحدة).
وقال يونس: لا يقطع نعت الترحم.
ونُوزِع.
• ويجب قطع النعت غير الوافي كـ (مررت برجالٍ طويلٌ وقصيرٌ)؛ فإن نوي معطوفٌ آخر .. لم يجب القطع.
• ولا يقدم النعتُ المقطوع على المتبع.
قال ابن أبي الربيع: وهو الصحيح.
وقال صاحب "البديع": الصحيح: جواز التقديم.
• وإذا نعت بمفرد وجملة .. قدم المفرد غالبًا.
وقد قدمت الجملة على المفرد في قوله تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ} .
• وتقدم الصفة العامة على الخاصة فلا يقال: (مررت برجل فصيح متكلم)، بل:(متكلم فصيح).
لكن أورد عليه قوله تعالى: {وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا} .
وأجيب: بأنه حال.
واللَّه الموفق
ص:
518 -
وَارفَع أَوِ انصِب إِن قَطَعتَ مُضمِرًا
…
مُبْتَدَأً أَو نَاصِبًا لَنْ يَظهَرَا
(1)
ش:
إذا قطع النعت فرفع أو نصب .. كان الرفع على إضمار مبتدأ، والنصب على إضمار (أعني)، وكلاهما واجب الحذف فلا يظهر.
- فإن كان المنعوت مرفوعًا .. جاز نصب النعت بما ذكر.
- وإن كان منصوبًا .. جاز رفع النعت بما ذكر.
- وإن كان مجرورًا .. جاز رفع النعت ونصبه على ما ذكر.
فنحو: (مررت بزيد الكريم) جره على الإتباع، ورفعه على تقدير:(هو الكريم) ونصبه على تقدير (أعني الكريم).
وألف (يظهرا) عائد على: (مبتدأ وناصبًا)؛ أي: هذان العاملان لن يظهرا.
والأحسن: كونها للإطلاق؛ لوجود (أو)؛ كما تقول: (إن جاء زيد أو عمرو فأكرمه)، ويجوز:(فأكرمهما)، وفي القرآن:{إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} .
(1)
وارفع: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. أو: عاطفة. انصب: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت، والجملة معطوفة بأو على الجملة قبلها. إن: شرطية. قطعت: قطع: فعل ماض فعل الشرط، والتاء ضمير المخاطب فاعله، وجواب الشرط محذوف. مضمرًا: حال من التاء في. قطعت، وفيه ضمير مستتر فاعل. مبتدأ: مفعول به لمضمر. أو: عاطفة. ناصبًا: معطوف على قوله مبتدأ، وجملة لن يظهرا: من الفعل والفاعل في محل نصب نعت للمعطوف عليه والمعطوف معًا، فالألف ضمير الاثنين، أو لأولهما فالألف للإطلاق، والأول من الإعرابين أولى.
وقيل: لم يقصد فقر فقير بعينه، ولا غني بعينه.
وقيل: تقديره: (إن يكن الخصمان غنيين أو فقيرين فاللَّه أولى بهما).
والأخفش: أن (أو) هنا بمعنى: (الواو).
وهذا -الذي تقدم- محله: إذا كان النعت:
للمدح نحو: (الحمد لله الحميد).
أو للذم، ومنه على أحد الأوجه {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} في قراءة النصب عن عاصم.
أو للترحم: كـ (جاء زيد المسكين)، ومنه قولهُ رحمه الله:
وَيَأوِيْ إِلَى نِسوَةٍ عَطُلٍ
…
وَشُعثًا مَراضِيعَ مِثلَ السَّعَالِي
(1)
قال ابن فلاح: قطع (شعثًا) عن الوصف، ونصبها على الترحم.
(1)
التخريج: البيت لأمية بن أبي عائذ الهذلي في خزانة الأدب 2/ 42، 432، 5/ 40، وشرح أبيات سيبويه 1/ 146، وشرح أشعار الهذليين 2/ 507، وشرح التصريح 2/ 87، والكتاب 1/ 399، 2/ 66، ولأبي أمية في المقاصد النحوية 4/ 63، وللهذلي في شرح المفصل 2/ 18، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 322، ورصف المباني ص 416، والمقرب 1/ 225.
اللغة: يأوي: ينزل، يلجأ. العطل: جمع العاطل، وهي من النساء من لا حلي عليها. الشعث: جمع الأشعث مؤنثها الشعثاء، وهي المرأة السيئة الحال، والمتلبدة الشعر لعدم اعتنائها به. السعالي: جمع السعلاة، وهي أنثى الغول.
المعنى: يقول: إنه يأوي إلى نسوة مهملات، سيئات الحال، متلبدات الشعر، يرضعن أطفالًا لهن، ويشبهن السعالي لقبح منظرهن.
الإعراب: ويأوي: الواو بحسب ما قبلها، يأوي: فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر تقديره هو. إلى نسوة: جار ومجرور متعلقان بيأوي. عطل: نعت نسوة مجرور. وشعثًا: الواو حرف عطف. شعثًا: مفعول به لفعل محذوف تقديره: أعني مثلًا. مراضيع: نعت شعثًا منصوب. مثل: نعت ثان لشعثًا منصوب، وهو مضاف. السعالي: مضاف إليه مجرور بالكسرة.
الشاهد: قوله: (نسوة عطل وشعثًا) حيث وردت الرواية فيه بجر (عطل) ونصب (شعثًا). أما الأول: فلم يرو فيه إلا الجر، وأما الثاني (شعثًا): فقد روي مجرورًا ومنصوبًا مما يدل على أن نعوت النكرة يجب في أولها الإتباع، ويجوز فيما عداه الإتباع والقطع.
فإن كان النعت للتخصيص .. جاز ذكر العامل وحذفه؛ كـ (مروت بزيد الخياط أو التاجر).
فإن رفعت .. جاز أن تقول: (هو الخياط).
وإن نصبت .. جاز: (أعني الخياط)؛ لأن التخصيص بكونه (خياطًا) أو (تاجرًا) حاصل على كل حال، بخلاف ما تقدم؛ فلا يذكر العامل معه؛ لأنه لا يُدرى هل هو نعت مقطوع أو كلام مستأنف؟
ولأنه لو قيل: (مررت بزيد هو الكاتب) .. لجاز كون الجملة حالًا فيكون المعنى: (أنك مررت عليه في حال الكتابة)، وليس المراد.
إلا أن بعضهم نص على أن الجملة الحالية إذا صدرت بضمير صاحب الحال .. لا تحذف واوها كما سبق مفصلًا في الحال.
واللَّه الموفق
ص:
519 -
وَمَا مِنَ المَنعُوتِ وَالنَّعتِ عُقِل
…
يَجُوزُ حَذفُهُ وَفِي النَّعتِ يَقِلّ
(1)
ش:
يعني: ما علم من النعت أو المنعوت .. يجوز حذفه، لكن حذف المنعوت أكثر؛ لإشعار النعت به، ويقل حذف النعت.
فمن حذف المنعوت:
قوله تعالى: {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ} ؛ أي: (دروعًا سابغات).
{وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ} ؛ أي: (صنف مختلف ألوانه).
{وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ} ؛ أي: (سفينة ذات ألواح ودسر).
(1)
وما: اسم موصول: مبتدأ. من المنعوت: جار ومجرور متعلق بقوله عقل الآتي. والنعت: معطوف على المنعوت، وجملة عقل: من الفعل ونائب فاعله المستتر فيه لا محل لها صلة الموصول. يجوز: فعل مضارع. حذفه: حذف: فاعل يجوز، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ، وحذف مضاف والهاء مضاف إليه. وفي النعت: الواو عاطفة، وفي النعت: جار ومجرور متعلق بقوله يقل الآتي. يقل: فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو يعود إلى الحذف.
{دِينُ الْقَيِّمَةِ} ؛ أي: (الملة القيمة، أو الأمة القيمة).
{فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ} ؛ أي: (فإيمانًا قليلًا يؤمنون)، فـ (قليلًا): صفة لمصدر محذوف، و (ما): صلة.
ومثله: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} فـ (يهجعون): خبر كان، و (قليلًا): نعت أيضًا، و (ما): صلة للتوكيد؛ أي: (كانوا هجوعًا قليلًا يهجعون).
ويجوز: كون (قليلًا) خبر كان، و (ما يهجعون): مصدرًا بدل اشتمال من اسم كان.
ويجوز: كونه فاعلًا بـ (قليلًا)، ذكره مكي.
ولا يحذف المنعوت في نحو: (رأيت طويلًا) إذ يكون إنسانًا وغيره، بخلاف:(رأيت كاتبًا).
وفي "العمدة": إن قصد الإبهام .. جاز.
ولا إذا نعت بجملة، أو ظرف؛ فلا يقال:(مررت بقام أبوه)، ولا (بفي الدار)، لأن النعت هنا لا يصلح لمباشرة العامل.
وشذ من الأول قوله:
أَنَا ابنُ جَلا وَطَّلاعِ الثَّنَايَا
…
..........................
(1)
(1)
التخريج: صدر بيت من الوافر، وعجزه: مَتَى أَضَع العَمَامَة تَعْرِفُوني
وهو لسحيم بن وثيل في الاشتقاق ص 224، والأصمعيات ص 17، وجمهرة اللغة ص 495، 1044، وخزانة الأدب 1/ 255، 257، 266، والدرر 1/ 99، وشرح شواهد المغني 1/ 459، وشرح المفصل 3/ 62، والشعر والشعراء 2/ 647، والكتاب 3/ 207، والمقاصد النحوية 4/ 356، وبلا نسبة في الاشتقاق ص 314، وأمالي ابن الحاجب ص 456، وأوضح المسالك 4/ 127، وخزانة الأدب 9/ 402، وشرح شواهد المغني 2/ 749، وشرح المفصل 1/ 61، 4/ 105، ولسان العرب 14/ 124 ثنى، 152 جلا، وما ينصرف وما لا ينصرف ص 20، ومجالس ثعلب 1/ 212، ومغني اللبيب 1/ 160، والمقرب 1/ 283، وهمع الهوامع 1/ 30.
اللغة: جلا: في الأصل فعل ماض، فسمي به كما سمي بـ (يزيد) و (يحمد)، وابن جلا: كناية عن أنه شجاع. طلاع: صياغة مبالغة لطالع. الثنايا: جمع الثنية، وهي الطريق في الجبل. أضع العمامة: أي عمامة الحرب. وقيل: العمامة تلبس في الحرب وتوضع في السلم.
المعنى: يصف شجاعته وإقدامه بأنه لا يهاب أحدًا، وأنه قادر على الاضطلاع بعظائم الأمور.
الإعراب: أنا: ضمير منفصل مبني في محل رفع مبتدأ. ابن: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة،
تقديره: (أنا ابن رجل جلا الأمور)، فحذف المنعوت بالجملة.
خلافًا لعيسى كما سيأتي فيما لا ينصرف.
وقد يحذف المنعوت بالجملة إذا كان داخلًا في مجرور قبله، كقوله تعالى:{وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ} ؛ أي: (قوم مردوا).
وحكى سيبويه: (ما منهما مات حتى رأيته في حال كذا)؛ أي: (ما منهما واحد مات).
وقولهم: (منَّا أقامَ، ومنَّا ظَعَن)؛ أي: (فريق أقام، وفريق ظعن).
وأما نحو: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ} ، {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ}:
فرجح السمين: أن التقدير: و (إن أحد من أهل الكتاب)، و (ما أحد منا إلا له مقام معلوم).
قال: وحذف المبتدأ مع مِن فصيح جدًا. انتهى.
فـ (أحد): مبتدأ، و (من أهل الكتاب): صفة، والقسم وجوابه: في محل رفع على الخبرية، و (أحد): مبتدأ، و (منا): صفة، وجملة (إلا له مقام معلوم) في: موضع الخبر كذلك.
وقيل: التقدير: و (إن من أهل الكتاب أحد)، و (منا أحد) .. فالمجرور خبر مقدم
وهو مضاف. جلا: مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدرة على الألف للتعذر. وطلاع: الواو حرف عطف، طلاع: معطوف على ابن مرفوع بالضمة الظاهرة، وهو مضاف. الثنايا: مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدرة على الألف للتعذر. متى: اسم شرط مبني في محل نصب مفعول به متعلق بالفعل تعرفوني. أضع: فعل مضارع مجزوم بالسكون، وحرك بالكسر منعًا من التقاء الساكنين، وهو فعل الشرط، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنا. العمامة: مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة. تعرفوني: فعل مضارع مجزوم بحذف النون، والنون الثانية للوقاية، والواو: ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل، والياء: ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به.
وجملة: (أنا ابن جلا): ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (تعرفوني): لا محل لها من الإعراب لأنها جواب لشرط جازم غير مقترن بالفاء أو بإذا.
الشاهد: قوله: (ابن جلا) إذ حذف المنعوت (رجل) وهو موصوف بجملة (جلا)، وهذا الحذف شاذ.
و (أحد): مبتدأ، والجملة بعد (أحد): صفة له في الآيتين.
وممن قال به الزمخشري.
ورده أبو حيان، قال: لا ينتظم كلام من نحو: (منا أحد) فالخبر إنما هو جملة (إلا له مقام معلوم)؛ لأنه محط الفائدة، وتعقبه السمين.
وقد اشتهر ضعف حذف المنعوت بالظرف.
وقيل: محله فيما إذا لم يصلح لمباشرة العامل كما سبق.
وقيل: هو جيد مع (مِن) إن كان المنعوت مبتدأ كما سبق ذكره.
وقد جاء غير ذلك.
وبه قال سيبويه: في قوله تعالى: {أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} ؛ أي: (شيئًا من الصلاة).
والأخفش: أن (مِن) صلة؛ وكقول الشاعر:
كَأَنَّكَ مِن جِمَالِ بَنِي أُفَيشٍ
…
..........................
(1)
(1)
التخريح: صدر بيت من المتقارب، وعجزه: يُقَعْقِع بَيْنَ رِجْلَيْه بِشنِّ
وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص 126، وخزانة الأدب 5/ 67، 69، وشرح أبيات سيبويه 2/ 58، وشرح المفصل 3/ 59، والكتاب 21/ 345، ولسان العرب 6/ 373 وقش، 8/ 286، 287 قعع، 13/ 241 شنن، والمقاصد النحوية 4/ 67، وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب 1/ 248، وشرح المفصل 1/ 61، ولسان العرب 4/ 231 خدر، 6/ 264 أفش، 14/ 272 دنا، والمقتضب 2/ 138.
اللغة: قعقع: صوَّت. الشن: القربة اليابسة.
المعنى: يقول: إنك جبان وضعيف تنفر كما تنفر جمال بني أفيش إذا ما سمعت صوت الشن وقعقعته.
الإعراب: كأنك: حرف مشبه بالفعل، والكاف: ضمير متصل في محل نصب اسم كأن، وخبرها محذوف. من: حرف جر. جمال: اسم مجرور بالكسرة، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف نعت خبر كأن، وهو مضاف. بني: مضاف إليه مجرور بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وهو مضاف. أفيش: مضاف إليه مجرور. يقعقع: فعل مضارع للمجهول. بين: ظرف مكان متعلق بيقعقع، وهو مضاف. رجليه: مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى، وهو مضاف، والهاء: ضمير في محل جر بالإضافة. بشن: جار ومجرور متعلقان بيقعقع.
وجملة (كأنك): ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (يقعقع): في محل رفع نعت خبر كأن المحذوف.
الشاهد: قوله: (كأنك من جمال بني أفيش) حيث حذف المنعوت جمل وأبقى النعت، والتقدير: كأنك جمل من جمال بني أقيش، وهذا للضرورة.
أي: (جَمَل من جِمال).
ومن حذف النعت:
قوله تعالى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} ؛ أي: (كل شيء سُلِّطت عليه).
{إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} ؛ أي: الناجين.
{يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} ؛ أي: صالحة، كما قرأ ابن مسعود.
وكقول الشاعر:
...................
…
فَلَم أُعطَ شيئًا وَلَم أُمنَعِ
(1)
(1)
التخريج: عجز بيت من المتقارب، وصدره: وَقَدْ كُنْتُ فِي الحَرْبِ ذَا تدْرَأ
وهو للعباس بن مرداس في ديوانه ص 84، والدرر 6/ 25، وشرح التصريح 2/ 119، وشرح شواهد المغني 2/ 925، وشرح عمدة الحافظ ص 551، والشعر والشعراء 2/ 752، ولسان العرب 1/ 72 درأ، والمقاصد النحوية 4/ 69، وبلا نسبة في مغني اللبيب 2/ 627، وهمع الهوامع 2/ 120.
والبيت يخاطب به العباسُ النبي صلى الله عليه وسلم حين وزع غنائم حنين؛ فأعطى قوما من أشراف العرب من المؤلفة قلوبهم؛ منهم أبو سفيان، ومعاوية ابنه، والأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن الفزاري. وأعطى العباس دون ما أعطى الواحد منهم؛ ففي ذلك يقول العباس:
أَتَجْعَل نَهْبِي وَنَهْب العَبَـ
…
ـيدِ بَيْنَ عُيَيْنَةَ وَالأَقْرَعِ
وَمَا كَانَ حِصْنٌ وَلَا قَابِس
…
يَفُوقَانِ مِرْدَاسَ فِي مَجْمَعِ
وَمَا كُنْت دُونَ امْرِئٍ مِنْهُم
…
وَمَنْ تَضَعِ اليَوْمَ لَا يُرْفَعِ
العبيد: اسم فرسه. والنهب: الغنيمة.
اللغة: ذو تدرأ: أي ذو قوة ومنعة.
المعنى: يقول: لقد كنت في الحرب ذا منعة وقوة، ولي فضل كبير في الغنائم فكيف لم أُعط شيئًا جزيلًا ولم أمنع؟
الإعراب: وقد: الواو بحسب ما قبلها، قد: حَرْف تَحْقِيق. كُنْت: فعل ماض ناقص، والتاء ضمير في محل رفع اسم كان. في الحرب: جار ومجرور متعلقان بكان. ذا: خبر كان منصوب بالألف لأنه من الأسماء الستة، وهو مضاف. تدرأ: مضاف إليه مجرور. فلم: الفاء حرف عطف، لم: حرف جزم. أعط: فعل مضارع للمجهول مجزوم بحذف حرف العلة، ونائب فاعله ضمير مستتر تقديره: أنا. شيئًا: مفعول به ثان. ولم: الواو حرف عطف، لم: حرف جزم. أمنع: فعل مضارع للمجهول مجزوم، ونائب فاعله ضمير مستتر تقديره أنا.
أي: (شيئًا طائلًا).
تنبيه:
- يُغلَّب المذكر على المؤنث في النعت؛ نحو: كـ (رأيت رجلًا، وامرأة طويلين).
- والعاقل على غيره؛ كـ (رأيت الرجال وخيلَهم المقبلين).
- ويجوز وصف جمع ما لا يعقل بالمفرد، كـ (الهيئات الوافرة، والجمال السائرة).
وفي القرآن: {إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} .
- وكذا جمع التكسير لمن يعقل: كـ (الرجال الكريمة)، و (الهنود الجميلة).
وفي القرآن: {وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} .
- وإذا أريد بالمفرد الجمع .. جاز وصفه بالجمع؛ كقوله تعالى: {عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ (76)} .
وقد يقطع النعت على المجاورة؛ ومنه:
أَنَّ ثَبيرًا فِي عَرَانِينِ وَبلِهِ
…
كَبيرُ أُنَاسٍ فِي بِجَادٍ مُزَمَّلِ
(1)
وجملة (قد كنت): بحسب ما قبلها. وجملة (لم أعط) استئنافية لا محل لها من الإعراب وجملة (لم أمنع): معطوفة على الجملة السابقة.
الشاهد: قوله: (فلم أعط شيئًا) حيث أراد: (فلم أعط شيئًا طائلًا) فحذف النعت طائلًا مثلًا، وأثبت المنعوت (شيئًا) وهذا جائز إذا عُلم.
(1)
التخريج: البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص 25؛ وتذكرة النحاة ص 308، 346؛ وخزانة الأدب 5/ 98، 99، 100، 102، 9/ 37؛ وشرح شواهد المغني 2/ 883 ولسان العرب 10/ 255 (عقق)، 11/ 311 (زمل)، 12/ 177 (خزم)، 6/ 13 (أبن)؛ ومغني اللبيب 2/ 515؛ وتاج العروس (خزم)؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 10؛ والمحتسب 2/ 135. والرواية في الديوان:
كَأَنَّ أَبَانًا فِي أَفَانِينِ وَدقِهِ
…
....................
اللغة: العرنين: مقدم الأنف، شبه به أوائل المطر، ثبير: جبل، الوبل: المطر. البجاد: الكساء المخطط.
بجر (مزمَّلِ)، لمجاورته للمجرور، وأصله: الرّفع؛ لأنه صفة أخرَى بعد (كبير).
وقرأ الأعمش: (إن اللَّه هو الرّازق ذو القوة المتينِ) بكسر النّون.
وأنكر الفارسي والسّيرافي: الجرَّ علَى الجِوار.
وقصره الفراء: علَى السّماع.
ولَا يكون عطف النّسق؛ لأنَّ العاطف يمنعه علَى الأصح.
ولَا فِي البدل باتفاق؛ لأنه فِي التّقدير من جملة أخرَى.
ولَا يراعى المجاور فِي غير الجر علَى الصّحيح.
ويجوز الفصل بَينَ الصّفة والموصوف، منه فِي القرآن:{ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ} ، ففصل بمعمول الصّفة، وتقديم معمول الصّفة عليها جائز، ظرفًا أَو مفعولًا، بخلاف تقديمه علَى الموصوف.
{أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} ففصل بالفعل ومعموله الثّاني، ولَا يضر؛ لإِضافة المفعول الأول للموصوف.
ولَا يفصل بأجنبي؛ فَلَا يقال: (مررت برجل علَى فرس عالم أبلق)؛ لأنَّ (عالم) أجنبي من الصّفة وموصوفها.
ومن العجب قول الرضَي: الفصل بَينَ الصّفة والموصوف بالأجنبي غير ممنوع. انتهَى.
وسبق فِي أول الباب: (أَن الرّحمن الرّحيم)، نعتان:(لله).
وقيل: (الرّحيم) نعت لـ (الرحمن)، وصح أَن يوصف بغلبة الاسمية عليه كـ (صاحب)، و (أبطح)، وهو للزمخشري وابن الحاجب.
وقيل: علم وهو بدل من الجلالة، قاله الأعلم والمصنف.
والمشهور: صفتان مشبهتان للمبالغة من (رحم) بعد نقله إِلَى (فعُل) بضم العين ليصير لازمًا، فتصاغ الصّفة المشبهة منه.
و (الرّحمن): أبلغ؛ لزيادة الأحرف، ونقض بـ (حذر) أبلغ من (حاذر).
الشاهد: قوله: (مزمَّلِ) بالجر، إذ جره على المجاورة، وكان حقه الرفع.
وأجيب: بعدم الاشتراك فِي المادة؛ لأنَّ (حذر): صفة مشبهة، و (حاذر): اسم فاعل.
وقيل: (الرّحيم) أبلغ.
وسبق مفصلًا فِي إعمال اسم الفاعل.
ولَا مؤنث: لـ (رحمن)، و (لحيان).
وفي "البسيط" لابن الخباز: منعهما من الصّرف أولَى؛ إلحاقًا بالأغلب.
و (الجلالة): علم لذات اللَّه، والحق أنه أعرف المعارف.
وقيل: وصف غلب عليه الاسمية، ولَا تحذف ألفه إِلَّا شذوذًا، كقوله:
ألا لا بارَكَ اللَّه في سُهَيل
…
إِذا ما اللَّه بارَكَ في الرِّجالِ
(1)
وأبو بكر ابن العربي وتلميذه السّهيلي: أنه غير مشتق؛ لأنَّ الاشتقاق يستلزم مادة يشتق منها، واسمه تعالَى قديم، والقديم: لا مادة لهُ فيستحيل الاشتقاق.
ومنهم: من تورع عن البحث فيه وهو الأنسب.
ومنهم: من بحث، فقال: الأصل (لاه) بوزن (ضرب) أو (فرح)، أَو الأصل:(إِلاه) كـ (كتاب) بمعنَى: المألوه؛ أَي: المعبود، فحذفت الهمزة وعوض (أل)، فهي كالجزء منه، وليست معرفة؛ لأنَّها عوض من الأصلي، ثم فخِّم لقصد: التّعظيم، وسيأتي قول ابن هشام فِي آخر النّداء.
وقيل: الأصل (وِلاه)؛ كـ (وشاح).
ورُدَّ لجمعه علَى (آلهه)، دونَ (أولهة).
ويحتمل أنهم أبدلوا الواو همزة؛ كما قالوا: (إشاح)، فِي (وشاح) فساغ جمعه علَى (آلهه).
وهو من:
- (أَلِه) إِذا تحير؛ لأنَّ العقول متحيرة فِي كنه ذاته سبحانه.
(1)
التخريج: سر الصناعة ص 721 والمحتسب 1: 181 ورصف المباني ص 270 والخزانة 4: 335 و 341 والخصائص 3: 134 واللسان والتاج أله.
الشاهد: قوله: (اللَّه) في صدر البيت؛ إذ حذف ألفها شذوذًا.
- أَو من (ألهت) إِذا سكنتُ.
- أَو من (لاه) إِذا احتجب، ومصدره سماعي كـ (ألوهة)، و (ألوهية)، وعامل الباء محذوف.
إما (فعل) كـ (ابتداء) فمحل المجرور نصب، وهو للكوفيين.
أَو مصدر: كـ (ابتدائي) فهو: (مبتدأ).
والمجرور حينئذ إِما خبر عن المصدر، أَو متعلق الخبر، كما سبق مبسوطًا فِي الابتداء؛ والتّقدير:(ابتدائي بسم اللَّه).
أَو أَن المجرور متعلق بالمصدر، والخبر محذوف؛ أَي:(ابتدائي بسم اللَّه) ثابت.
وعلَى كون المجرور خبرًا عن المصدر .. يكون المصدر قَدْ عمل الرّفع محذوفًا، وهو جائز؛ لأنه حينئذ مبتدأ كسائر المبتدآت.
وأما الوجه الأخير .. ففيه:
- أَن المصدر قَدْ عمل النّصب محذوفًا، وهو ممنوع كما نص عليه ابن هشام فِي "شرح القطر" فِي إعمال المصدر وغيره.
وفيه أيضًا حذف المبتدأ وخبره وإبقاء معمول المبتدأ فقط، والأحسن أَن يكونَ العامل مؤخرًا عن المجرد؛ لأنَّ اسم الله تعالَى متقدم عليه، فهو أوفق للوجوه؛ ولأَنَّ قريشًا كانت تقول:(باسم اللّات) ففعل بتقديمه تفخيمًا، فوجب علَى الموحد أن يقدم اسم اللَّه تعالَى؛ لأنَّه الحقيق بالتّفخيم والتّعظيم آمنت بذلك، وحينئذ يزداد الوجه الأخير ضعفًا؛ لأنَّ المصدر قَدْ عمل فيه النّصب محذوفًا ومؤخرًا وكلاهما ممنوع.
و (الباء) للمصاحبة أَو للاستعانة.
واستظهر الزّمخشري الأول.
وَلَم تكتب الألف فِي (بسم اللَّه)؛ لكثرة الاستعمال وطول الباء عوض عنها.
وَلَم يقل: بـ (اللَّه)؛ لأنَّ كل حكم ورد علَى (اسم) فهو علَى مدلوله فـ (ذكرت اسم زيد) معناه: (ذكرت زيدًا).
والفراء: لا تحذف الألف إِلَّا فِي (بسم اللَّه)، فتثبت فِي نحو (باسم الرّحمن).
والأخفش والكسائي: علَى الحذف مطلقًا.
وحذفت الألف فِي الخط من الجلالة؛ لئلا يلتبس بـ (الات) فيمن وقف عليها بالهاء.
وقيل: لكثرة الاستعمال.
والأصل عند البصريين: (سِمو) بكسر السّين.
وقيل: بضمها، فحذفت لامه تخفيفًا، وسكن أوله لاجتلاب همزة الوصل عوضًا عن اللّام، ووزنه:(افع).
وقيل: نقل سكون الميم إِلَى السّين.
والمشهور: الأول.
وأصله عند الكوفيين: (وسم) فحذفت الواو وعوض همزة الوصل.
وقيل: جعلت الواو بعد الميم لأنهم قلبوه، ثم حذفت الواو بعد ذلك.
وعلَى كلا القولين: وزنه (اعل)؛ لأنَّ فاءه محذوفة.
ومذهب البصريين هو الصّحيح:
- لجمعه علَى أسماء (دونَ)(أَوسام).
- وتصغيره: علَى (سمي)، دونَ (وسيم).
- ولأَنَّ الهمزة لم يعهد دخولها إِلَّا علَى ما حذف عجزه؛ نحو: (ابن) أصله بنو.
وهل الاسم عين المسمَّى، أَو غيره، أَو لا عين ولَا غير؟
خلاف.
وقيل: إن أريد به اللّفظ .. فغير المسمَّى.
واللَّه الموفق