الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشبهة الخامسة عشرة:
وضوء الرجال مع النساء:
قال دعاة الاختلاط: ثبت في البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أن الرجال والنساء كانوا يتوضؤون في زمان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جميعًا».
وقالوا: ظل الأمر حتى أتى زمن عمر بن الخطاب فجعل حياضًا للرجال وحياضًا للنساء أمام المسجد، واستدلوا على ذلك بأثر رواه الإمام عبد الرزاق، وجعلوه دليلًا على اختلاط الرجال بالنساء.
وقالوا: ذلك من عمر رضي الله عنه دفعًا للتزاحم ومفسدته وليس لوجود النساء مع الرجال».فإذا كان هذا في الوضوء فما بالك بغيره؟
الجواب:
أولًا: حديث ابن عمر رضي الله عنهما رواه البخاري في كتاب الوضوء، (بَاب وُضُوءِ الرَّجُلِ مَعَ امْرَأَتِهِ)، وعلى فرض أن المقصود من الحديث اجتماع الرجال والنساء الأجانب فليس هذا دليلًا على اختلاط الرجال بالنساء؛ لأن هذا كان قبل نزول آية الحجاب.
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ: «كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَتَوَضَّئُونَ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم جَمِيعًا» (رواه البخاري).
قال الحافظ ابين حجر في شرح هذا الحديث:
«قَوْله: (كَانَ الرِّجَال وَالنِّسَاء)
…
وَزَادَ اِبْن مَاجَهْ
…
فِي هَذَا الْحَدِيث: «مِنْ إِنَاء وَاحِد» (1)، وَزَادَ أَبُو دَاوُدَ
…
: «نُدْلِي فِيهِ أَيْدِينَا» (2).
(1) وصححه الألباني.
(2)
وصححه الألباني.
قَوْله: (جَمِيعًا) ظَاهِره أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَنَاوَلُونَ الْمَاء فِي حَالَة وَاحِدَة، وَحَكَى اِبْن التِّين عَنْ قَوْم أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الرِّجَال وَالنِّسَاء كَانُوا يَتَوَضَّئُونَ جَمِيعًا فِي مَوْضِع وَاحِد، هَؤُلَاءِ عَلَى حِدَة وَهَؤُلَاءِ عَلَى حِدَة، وَالزِّيَادَة الْمُتَقَدِّمَة فِي قَوْله «مِنْ إِنَاء وَاحِد» تَرُدّ عَلَيْهِ، وَكَأَنَّ هَذَا الْقَائِل اِسْتَبْعَدَ اِجْتِمَاع الرِّجَال وَالنِّسَاء الْأَجَانِب.
وَقَدْ أَجَابَ اِبْن التِّين عَنْهُ بِمَا حَكَاهُ عَنْ سَحْنُون أَنَّ مَعْنَاهُ كَانَ الرِّجَال يَتَوَضَّئُونَ وَيَذْهَبُونَ ثُمَّ تَأْتِي النِّسَاء فَيَتَوَضَّأْنَ، وَهُوَ خِلَاف الظَّاهِر مِنْ قَوْله «جَمِيعًا»
…
وَالْأَوْلَى فِي الْجَوَاب أَنْ يُقَال: «لَا مَانِع مِنْ الِاجْتِمَاع قَبْل نُزُول الْحِجَاب، وَأَمَّا بَعْده فَيَخْتَصّ بِالزَّوْجَاتِ وَالْمَحَارِم» .
وقال السندي في حاشيته على (سنن ابن ماجه): «قَوْله (كَانَ الرِّجَال وَالنِّسَاء) قِيلَ قَبْل الْحِجَاب، وَقِيلَ بَلْ هِيَ الزَّوْجَات وَالْمَحَارِم» .
وَذَكَرَ السُّيُوطِيُّ عَنْ الرَّافِعِيّ أَنَّهُ قَالَ: «يُرِيد كُلّ رَجُل مَعَ اِمْرَأَته قَالَ وَمِثْل هَذَا اللَّفْظ يُرَاد بِهِ أَنَّهُ كَانَ مَشْهُورًا فِي ذَلِكَ الْعَهْد وَكَانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلم لَا يُنْكِر عَلَيْهِ وَلَا يُغَيِّرُهُ» .
وقَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ: «(نُدْلِي فِيهِ أَيْدِيَنَا): هُوَ مِنْ الْإِدْلَاء، يُقَال: أَدْلَيْت الدَّلْو فِي الْبِئْر وَدَلَّيْتهَا إِذَا أَرْسَلْتهَا فِي الْبِئْر
…
وَأَمَّا اِجْتِمَاع الرِّجَال وَالنِّسَاء لِلْوُضُوءِ فِي إِنَاء وَاحِد فَلَا مَانِع مِنْ الِاجْتِمَاع قَبْل نُزُول الْحِجَاب، وَأَمَّا بَعْده فَيَخْتَصّ بِالزَّوْجَاتِ وَالْمَحَارِم».
ثانيًا: عَنْ أُمِّ صُبَيَّةَ الْجُهَنِيَّةِ قَالَتْ: «رُبَّمَا اخْتَلَفَتْ يَدِي وَيَدُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فِي الْوُضُوءِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ» (رواه أبو داود واين ماجه، وصححه الألباني).
الجواب:
1 -
أم صبية محكومة بحكم الإماء، فهي جارية من جواري عائشة رضي الله عنه (1)،
(1) رواه البيهقي في (الدعوات1/ 135) من طريق محمد بن إسماعيل عن عبد الله بن سلمة عن أبيه عن أم صبية الجهنية وكانت جارية لعائشة رضي الله عنها.
وجارية الزوجة لا تحتجب من زوجها (1).
2 -
قال السندي في حاشيته على ابن ماجه: «(اِخْتَلَفَتْ يَدِي) يَدُلّ عَلَى وُضُوئِهِمَا مَعًا، وَلَعَلَّهُ كَانَ قَبْل الْحِجَاب، أوْ أَنْ يَكُون أَحَدُهُمَا وَرَاء الْحِجَاب مَعَ وُضُوء لِأَيْدِيهِمَا فِي إِنَاء بَيْنهمَا» .
3 -
وقال الشيخ عبد المحسن العباد في شرحه لهذا الحديث من سنن أبي داود: «(اخْتَلَفَتْ يَدِي وَيَدُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم) يعني: أنهما كانا يغترفان من الإناء، هو يغترف وهي تغترف، هو يتوضأ وهي تتوضأ.
وقد ذكر صاحب (عون المعبود) أن في بعض النسخ: عن أم صبية عن عائشة؛ وعلى هذا فتكون عائشة هي التي حصل منها هذا الذي جاء في هذا الحديث من جهة الاغتراف والوضوء من إناء واحد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وأما على أن التي فعلت ذلك مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هي هذه المرأة الأجنبية، فقال العلماء: إن هذا يحمل على أنه كان قبل أن يفرض الحجاب، وإما على أنها عائشة وهذه تروي عن عائشة فإن الأمر لا إشكال فيه».
مما سبق يتبين أن قصة وضوء الرجال والنساء جميعًا، وبقصة أم صبية في وضوئها مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في إناء واحد، محمولتان على ما قبل وجوب الحجاب، ولا يسوغ حملهما على ما بعد فرض الحجاب؛ لأنه ضرب للأدلة بعضها ببعض، ولاسيما أن أدلة تحريم الاختلاط تضافرت بعد الهجرة النبوية وهي متواترة (2).
(1) الاختلاط وأهل الخلط للشيخ عبد العزيز بن مرزوق الطريفي.
(2)
أدلة تحريم الاختلاط متضافرة وليس لها ناقض، بقلم: علي بن فهد أبا بطين، عضو هيئة التدريس بالكلية التقنية بالقصيم، شبكة الرد ـ الأربعاء 4 رجب 1428هـ الموافق 18/ 7/2007م، عن (صحيفة الوطن السعودية) الاثنين 2 رجب 1428هـ، الموافق 16 يوليو 2007م العدد (2481) السنة السابعة.
هل يُعقل؟!!!
كان صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا» (1)؛ حذرًا من افتتان آخر صفوف الرجال بأول صفوف النساء وكان الرجال في عهده صلى الله عليه وآله وسلم يؤمرون بالتَرَيُّث في الانصراف؛ حتى يمضي النساء ويخرجن من المسجد لئلا يختلط بهن الرجال في أبواب المساجد.
فكيف يمنعهم صلى الله عليه وآله وسلم من الاختلاط في الصلاة ويسمح لهم بالاختلاط في الوضوء؟
كيف يجمعهم قبل الصلاة يتوضؤون جميعًا ثم يفرقهم في الصلاة؟!!!
لا شك أن من فهم ذلك قد أساء للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وضرب الأدلة بعضها ببعض.
ثالثًا: روى الإمام عبد الرزاق عن إسرائيل بن يونس عن سماك بن حرب عن أبي سلامة الحبيبي قال: «رأيت عمر بن الخطاب أتى حياضًا، عليها الرجال والنساء يتوضؤون جميعًا، فضربهم بالدِّرّة، ثم قال لصاحب الحوض: «اجعل للرجال حياضًا، وللنساء حياضًا» ، ثم لقِيَ عليًّا، فقال:«ما ترى؟» ، فقال:«أرى إنما أنت راع، فإن كنت تضربهم على غير ذلك فقد هلكتَ وأهلكتَ» (2).
الجواب:
1 -
هذا الأثر في إسناده إسرائيل بن يونس، وسماك بن حرب، مختلف فيهما (3).
(1) رواه مسلم.
(2)
أخرجه عبد الرزاق في (المصنف1/ 75، رقم 246).
(3)
قال الإمام العقيلي عن إسرائيل بن يونس: مختلف فيه، قال يحيى بن معين: كان يحيى بن سعيد لا يروي عن إسرائيل. (الضعفاء 1/ 131).
وقال ابن سعد: منهم من يستضعفه وقال ابن معين: كان يحيى القطان لا يروي عنه. (من تكلم فيه 1/ 44).
وقال الحافظ ابن حجر: وأما سماك بن حرب فالمعروف عن الثوري أنه ضعفه. وقال ابن حبان في الثقات: يخطيء كثيرًا
…
وقال النسائي: كان ربما لُقِّن، فإذا انفرد بأصل لم يكن حجة لأنه كان يلقن فيتلقن. (تهذيب التهذيب 4/ 234).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال الإمام ابن الجوزي: سماك بن حرب كان شعبة والثوري يضعفانه. قال ابن عمار: كانوا يقولون إنه يغلط ويختلفون في حديثه. (الضعفاء والمتروكين 2/ 26).
قال الإمام الذهبي: وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: هُوَ أَصَحُّ حَدِيْثًا مِنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، وَذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ المَلِكِ يَخْتَلِفُ عَلَيْهِ الحُفَّاظُ. هَذِهِ رِوَايَةُ صَالِحِ بنِ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيْهِ.
وَرَوَى: أَبُو طَالِبٍ، عَنْ أَحْمَدَ، قَالَ: مُضْطَرِبُ الحَدِيْثِ.
وَرَوَى: أَحْمَدُ بنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ، وَكَانَ شُعْبَةُ يُضَعِّفُهُ.
وَكَانَ يَقُوْلُ فِي التَّفْسِيْرِ: عِكْرِمَةَ، وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُوْلَ لَهُ: ابْنَ عَبَّاسٍ، لَقَالَهُ.
ثُمَّ قَالَ يَحْيَى: فَكَانَ شُعْبَةُ لَا يَرْوِي تَفْسِيْرَهُ إِلَاّ عَنْ عِكْرِمَةَ ـ يَعْنِي: لَا يَذْكُرُ فِيْهِ ابْنَ عَبَّاسٍ ـ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ، سُئِلَ عَنْ سِمَاكٍ: مَا الَّذِي عَابَهُ؟ قَالَ: «أَسْنَدَ أَحَادِيْثَ لَمْ يُسْنِدْهَا غَيْرُه، وَهُوَ ثِقَةٌ» .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ: «رُبَّمَا خَلَّطَ، وَيَخْتَلِفُوْنَ فِي حَدِيْثِهِ» .
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ: جَائِزُ الحَدِيْثِ، إِلَاّ أَنَّهُ كَانَ فِي حَدِيْثِ عِكْرِمَةَ رُبَّمَا وَصلَ الشَّيْءَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرُبَّمَا =
…
=قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَإِنَّمَا كَانَ عِكْرِمَةُ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
…
وَكَانَ الثَّوْرِيُّ يُضَعِّفُهُ بَعْضَ الضَّعفِ، وَلَمْ يَرغبْ عَنْهُ أَحَدٌ، وَكَانَ عَالِمًا بِالشِّعرِ وَأَيَّامِ النَّاسِ، فَصِيْحًا.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ، ثِقَةٌ.
قَالَ ابْنُهُ: فَقُلْتُ لأَبِي: قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ أَصلَحُ حَدِيْثًا مِنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، فَقَالَ: هُوَ كَمَا قَالَ.
وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: أَحَادِيْثُهُ عَنْ عِكْرِمَةَ مُضْطَرِبَةٌ.
فَشُعْبَةُ وَسُفْيَانُ يَجعلُونَهَا عَنْ عِكْرِمَةَ، وَغَيْرُهمَا أَبُو الأَحْوَصِ وَإِسْرَائِيْلُ يَقُوْلُ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
زَكَرِيَّا بنُ عَدِيٍّ: عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، قَالَ: سِمَاكٌ ضَعِيْفٌ فِي الحَدِيْثِ.
وَقَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ: يُضَعَّفُ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: «لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَفِي حَدِيْثِهِ شَيْءٌ» .
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ خِرَاشٍ: «فِي حَدِيْثِهِ لِيْنٌ» .
قُلْتُ (أي الإمام الذهبي): «وَلِهَذَا تَجنَّبَ البُخَارِيُّ إِخرَاجَ حَدِيْثِهِ، وَقَدْ علَّقَ لَهُ البُخَارِيُّ اسْتِشهَادًا بِهِ» .
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ: «إِذَا انْفردَ سِمَاكٌ بِأصلٍ لَمْ يَكُنْ حُجّةً، لأَنَّهُ كَانَ يُلقَّنُ، فَيَتَلقَّنُ» .
وَرَوَى: حَجَّاجٌ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ:«كَانُوا يَقُوْلُوْنَ لِسِمَاكٍ: عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَيَقُوْلُ: نَعَمْ، فَأَمَّا أَنَا فَلَمْ أَكُنْ أُلقِّنُهُ» .وَرَوَى قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، قَالَ:«إِنْ سَرَّكَ أَنْ يَكْذِبَ صَاحِبُكَ، فَلَقِّنْهُ» . (سير أعلام النبلاء (5/ 246 - 249).
أما أبو سلامة الحبيبي فقد قال الدكتور محمد عبد العزيز المسند: «لم نجد من تكلم عنه، إلا أن الذهبي أشار إلى أنه سمع من عمر رضي الله عنه في كتابه (المقتنى في سرد الكنى)، وقال عبد الله بن منده في كتابه (المقتنى في سرد الكنى): «أبو سلامة: سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كوفي. روى عنه: سماك بن حرب
…
».
ولم نجد أحدًا تكلم فيه بتوثيق أو تضعيف» (1).
وقال الحافظ ابن حجر: «أبو سلامة السلمي: ويقال الحبيبي اسمه خداش» .
وقال في موضع آخر: «قال البخاري: لم يثبت سماعه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم» (2).
2 -
إن صح هذا الأثر ـ وقد تبين ما فيه ـ فإن ما حدث من هؤلاء الرجال والنساء مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ فعن أَبِى أُسَيْدٍ الأَنْصَارِىِّ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ ـ وَهُوَ خَارِجٌ مِنَ الْمَسْجِدِ فَاخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِى الطَّرِيقِ ـ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم لِلنِّسَاءِ «اسْتَأْخِرْنَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ، عَلَيْكُنَّ بِحَافَاتِ الطَّرِيقِ» . فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ. (رواه أبو داود وحسنه الألباني).
فإذا كان هذا في الطريق ـ مع الستر التام ـ فكيف بالوضوء مع الرجال.
ولا يعقل أن يحجب الصحابة رضي الله عنهم وجوه نسائهم عن الرجال الأجانب، ثم يتركونهن يكشفن عن أعضاء الوضوء أمامهم؟!!
3 -
إن صح هذا الأثر فليس فيه أن هؤلاء من الصحابة، حتى يستدل به على إباحة
(1) ضرب عمر بن الخطاب على الاختلاط، المفتي د. محمد بن عبد العزيز المسند، (رقم الفتوى 31404). موقع نور الإسلام www.islamlight.com بإشراف د محمد بن عبد الله الهبدان.
(2)
انظر (الإصابة في تمييز الصحابة)، (ترجمة رقم 2229، 10041).
الاختلاط وإقرار الصحابة رضي الله عنهم له.
4 -
إن صح هذا الأثر، فإن هؤلاء الرجال والنساء قد طَالَتْهُم دِرَّةُ عمر رضي الله عنه، وإن ما فعله عمر رضي الله عنه إنما هو إنكار لمنكر قد فعله بعض رعيته، وقد وافقه علي رضي الله عنه في هذا الإنكار واعتبر ضربه إياهم من حقه كولي أمر للمسلمين، فعندما سأله عمر رضي الله عنه:«ما ترى؟» ، قال علي رضي الله عنه:«أرى إنما أنت راع، فإن كنت تضربهم على غير ذلك فقد هلكتَ وأهلكتَ» ، فهذا موقف اثنين من الخلفاء الراشدين من هذا المنكر؛ فأين إقرار الاختلاط.
5 -
أما قول دعاة الاختلاط: ذلك من عمر رضي الله عنه دفعًا للتزاحم ومفسدته وليس لوجود النساء مع الرجال»، فهذا لا وجود له إلا في مخيلتهم المريضة التي تتبع المتشابه وتترك المحكم؛ فأين في هذا الأثر ـ إن صح ـ ما يدل على ذلك؟
قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.
6 -
يقال لهؤلاء: إن جعلتم هذا الأثر دليلًا على جواز اختلاط الرجال بالنساء ـ مع أنه ليس فيه دليل ـ فهل يرضى أحدهم إن كان مسلمًا حريصًا على دينه وعرضه أن تتوضأ ابنته أو زوجته أمام الرجال الأجانب؟
-
كيف تغسل قدميها وذراعيها وجزءًا من ساقيها وتمسح شعرها؟
- أين ستر العورة حتى عند القائلين بجواز كشف الوجه والكفين؟
لقد قلتم شيئًا لم يقُله عالم من علماء المسلمين ولا جاهل من جهالهم؛ فإن ستر المرأة شعرها وذراعيها وساقيها عن الرجال الأجانب من المعلوم من الدين بالضرورة.
ولقد قلتم ما لم يجرؤ قاسم أمين أن يقوله.
وما هذا كله إلا ثمرة من ثمار اتباع المتشابه وترك المحكم، واتباع الضعيف وترك الصحيح، فالواجب علينا أن نتقي الله في نساء المسلمين.