الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشبهة السادسة عشرة بعد المائة:
كن واقعيًا:
قالوا: منع الاختلاط في العمل ليس له معنى إلاّ تضييق مجالات العمل للمرأة وحرمانها من أبواب رزق كثيرة، وحُكم على كل مطالبة بعزل الرجال عن النساء بأنها مطالبات مكلفة، فيها تضييع للمال وتبديد للثروات!!
الجواب:
لا تكاد تُثار قضيةُ عملِ المرأة إلاّ وتُثار معها قضيةُ الاختلاطِ، وكأنه قد كُتب على المرأة ألاّ تعملَ إلاّ وقد خالطت الرجال، وصار لها زملاءُ عمل كما لها زميلات.
وما جاء هذا الحكم الجائر والنظر القاصر إلاّ من النظرة المادية، التي لا تراعي في حسابات الربح والخسارة مكتسباتِ القيم والفضائلِ، فليس معدودًا من المكتسبات التي تستحق أن يُصرفَ فيها المال أن تحافظ على أخلاق الموظفين والموظفات وعلى أعراضهن، وأن تسدَّ عليهم ذرائع الفتنة والفاحشة.
وتجد مِن هؤلاء مَن يناقش قضيةَ الاختلاط بمثالية مفرطة؛ فينظر إلى واقع الشبان والشابات نظرةً مثالية، فهم في نظره بمنأى عن مزالق الفاحشة، ويرى أن نُضجَ عقولهم وحصانة أخلاقهم يمنعانهم ـ مهما اختلطوا ـ أن يقعوا في شيء من طرائقها.
والعجيب أن هؤلاء يدَّعون الواقعيةَ في التعامل مع الواقع، ويطالبون غيرهم بأن يعالج الأمور بنظرة واقعية تراعي طبيعة البشر وطباعَهم، ويتناسَوْن أن من طبيعة البشر ميل كل جنس إلى الآخر.
ويتناسَوْن أن النظرة الواقعية في طبيعة العلاقة بين الجنسين تفرض التحرّزَ والتحوّطَ، لا التساهلَ والمبالغة في إحسان الظن، والتعويلَ على الحصانة الإيمانية والثقافية.
إن النظرة الواقعية تقول: قَلَّ من الشباب من يتقي ويصبر إذا أحاطت به المغريات من كل جانب.
والنظرة الواقعية تقول: إذا اختلط الرجال والنساء ثارت بينهم عقابيل الفتنة، ونشأت فيهم العلاقات المحرمة والصداقات الحميمية التي تجعل الصديق كالزوج في أخص خصائصه.
والنظرة الواقعية تملي عليه أن ينظر في تجارب الآخرين، فما زالت أكثر الدول تطورًا وأحكمها نظامًا وأصرمها قانونًا تعاني من مشكلات التحرش الجنسي، وهي تزداد في كل سنة بنسبة مضاعفة.
ليس من الواقعية في شيء أن تفرض الاختلاط أمرًا واقعًا في شتى مجالات العمل، ثم تجابه من ينكر الاختلاط فيها بقولك: يا أخي كن واقعيًا!
فأين هذا من الجانب الآخر من الواقعية، وهي الواقعية في مراعاة طبيعة العلاقة بين الجنسين، وبخاصة في مرحلة الشباب، التي تكون فيها الغريزة الجنسية في أوج اتقادها (1).
(1) الواقعية في الاختلاط سامي الماجد، موقع شبهات وبيان.
الشبهة السابعة عشرة بعد المائة (1):
الاختلاط في المدارس للصغار لا يضرهم:
ينادي بعض الناس بالاختلاط في المدارس للصغار بحجة أن ذلك لا يضرهم ولا يؤثر عليهم، وبحجة أن المرأة أشد لباقة وأحسن معايشة للصغار.
الجواب:
1 -
إن هذه الخطوة يتبعها خطوات، ويصبح الأمر سهلًا، ويأتي من يقره عبر المراحل الدراسية الطويلة على تلك الحال الممقوتة، فأول الغيث قطرة، ومعظم النار من مستصغر الشرر، والإسلام العظيم وضع القواعد والأسس الثاتبة التي لا تتغير ولا تتبدل أحكامها وقوانينها، ومنع الحيل وأمر بسد الذرائع.
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله: «ولا بد من التنبيه هنا إلى أن دعاة الإباحية لهم بدايات تبدو خفيفة، وهي تحمل مكايد عظيمة، منها:
في وضع لبنة الاختلاط يبدؤون بها من رياض الأطفال، وفي برامج الإعلام، وركن التعارف الصحفي بين الأطفال، وتقديم طاقات ـ وليس باقات ـ الزهور من الجنسين في الاحتفالات» (2).
وهكذا .. من دواعي كسر حاجز النفرة من الاختلاط، بمثل هذه البدايات، التي يستسهلها كثير من الناس.
2 -
إن فكرة الاختلاط في التعليم أو غيره بين الرجال والنساء فكرة ماسونية
(1) المصدر: موقع صيد الفوائد، (بتصرف).
(2)
حراسة الفضيلة (ص 86 - 87).
وبذورها استعمارية دخيلة على الأمة، وهي أشد ضررًا على هذه الأمة من الدعوة إلى السفور علانية والتبرج ونزع الحجاب؛ لأنها تشتمل على هذا كله وأكثر منه.
3 -
إن الطفل يبدأ في النمو والتفتح والتطلع إلى المعرفة من السنة السادسة وهذا أمر واقع وثابت بالتجربة.
فها هو يدرس ويتعلم ويحفظ ويحرص على العلم والتعلم والمعرفة من هذا السن بل قبلها، وتجد أن الإسلام أمر الأبوين بأن يأمرا صغيرهما بالصلاة من بعد السنة السابعة بنين وبنات، وأمر بعزل البنين عن البنات في سن العاشرة وهو سن التمييز، فالابن يبدأ تفتحه وتحرك غرائزه من هذا السن، ويبدأ يدرك فيها كثيرًا من أمور الحياة.
وبالتجربة فإن بعض الصغار من بنين وبنات يبلغون سن الرشد من بعد التاسعة، وقد يتخلف بعضهم في الدراسة الأولى فيصل عمره إلى الثانية عشرة تقريبًا أو أكثر وهو في الصف الثاني أو الثالث، وهذه بداية سن المراهقة.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله عن خطورة تعليم النساء للأولاد في المرحلة الابتدائية:
«تولي النساء لتعليم الصبيان في المرحلة الابتدائية يفضي إلى اختلاطهن بالمراهقين والبالغين من الأولاد الذكور، لأن بعض الأولاد لا يلتحق بالمرحلة الابتدائية إلا وهو مراهق وقد يكون بعضهم بالغًا، إذا بلغ العشر يعتبر مراهقًا ويميل بطبعه إلى النساء؛ لأن مثله يمكن أن يتزوج ويفعل ما يفعله الرجال.
وهناك أمر آخر وهو أن تعليم النساء للصبيان في المرحلة الابتدائية يُفْضِي إلى الاختلاط ثم يمتد ذلك إلى المراحل الأخرى، فهو فتح لباب الاختلاط في جميع
المراحل بلا شك، ومعلوم ما يترتب على اختلاط التعليم من المفاسد الكثيرة والعواقب الوخيمة التي أدركها من فعل هذا النوع من التعليم في البلاد الأخرى.
فكل من له أدنى علم بالأدلة الشرعية وبواقع الأمة في هذا العصر من ذوي البصيرة الإسلامية على بنينا وبناتنا يدرك ذلك بلا شك، وأعتقد أن هذا الاقتراح مما ألقاه الشيطان أو بعض نوابه على لسان فائزة ونورة المذكورتين وهو بلا شك مما يسر أعداءنا وأعداء الإسلام ومما يدعون إليه سرًا وجهرًا.
ولذا فإني أرى أن من الواجب قفل هذا الباب بغاية الإحكام وأن يبقى أولادنا الذكور تحت تعليم الرجال في جميع المراحل. كما يبقى تعليم بناتنا تحت تعليم المعلمات من النساء في جميع المراحل وبذلك نحتاط لديننا وبناتنا ونقطع خط الرجعة على أعدائنا وحسبنا من المعلمات المحترمات أن يبذلن وسعهن بكل إخلاص وصدق وصبر في تعليم بناتنا وعلى الرجال أن يقوموا بكل إخلاص وصدق وصبر على تعليم أبنائنا في جميع المراحل.
ومن المعلوم أن الرجال أصْبَر على تعليم البنين وأقوى عليه وأفرغ له من المعلمات في جميع مراحل التعليم، كما أن من المعلوم أن البنين في المرحلة الابتدائية وما فوقها يهابون المعلم الذكر ويحترمونه ويصغون إلى ما يقول أكثر وأكمل مما لو كان القائم بالتعليم من النساء مع ما في ذلك كله من تربية البنين في هذه المرحلة على أخلاق الرجال وشهامتهم وصبرهم وقوتهم» (1).
4 -
أوضحت مجلة (سفنتيز) الأمريكية أن أعدادًا كبيرة من الفتيات يتعرضن
(1) فتاوى إسلامية، جمع وترتيب محمد بن عبد العزيز المسند (3/ 133).
لتحرشات غير أخلاقية ليست فقط في المدارس الثانوية، وإنما تبدأ ـ أيضًا ـ من المدارس الابتدائية؛ حيث يتعرضن لهذه المضايقات من التلاميذ الذكور، وكذلك من المعلمين (1).
وإذا رجعنا إلى الإحصائيات التي تأتي من البلاد المختلطة عرفنا تمامًا النسبة العالية في انتشار جرائم الزنا بين الصغار، ونسبة الحوامل فيمن سنهن في حدود الثانية عشرة من أعمارهن.
5 -
يقول الأستاذ أحمد مظهر العظمة وقد أوفدته وزارة التربية السورية إلى بلجيكا في رحلة علمية زار فيها المدارس البلجيكية، وفي إحدى الزيارات لمدرسة ابتدائية للبنات سأل المديرة:«لماذا لا تخلطون البنين مع البنات في هذه المرحلة؟» ، فأجابته:«قد لمسنا أضرار اختلاط الأطفال حتى في سن المرحلة الابتدائية» (2).
(1) جريدة الرياض - العدد (9150) بتاريخ 26/ 1/1414هـ. عن الاختلاط وأثره في التعليم للدكتور محمد بن عبد الله الهبدان (ص 26).
(2)
مكانك تحمدي لمحمد أحمد جمال (ص 89 ـ 90).