الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشبهة السادسة والثلاثون بعد المائة:
قولهم إن الأحكام تتغير بتغير الزمان:
ومما استدلوا به في جواز تولية المرأة الولايات العامة قولهم إن الأحكام تتغير بتغير الزمان والمكان، وإنّ مَنْع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم النساء من الولايات العامة وقوله عن أهل فارس لما ولوا بنت ملكهم:«لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً» (1) أن ذلك كان لأن النساء لم يكُنَّ يتعلمْن في ذلك الوقت، وكُنَّ بعيدات عن أمور السياسة والحكم، وأما الآن فإن التعليم شمل الرجال والنساء، وقد تكون المرأة أعظم تعليمًا من الرجل، فيجب قصر هذا الحكم على زمان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
الجواب:
هذا القول من أعظم الوسائل والأساليب لتبديل شريعة الله عز وجل، وجعل أحكامها لفترة زمنية محددة، والانتقال إلى التشريع بالهوى والجهل، والقول على الله بلا علم.
ولا شك أن كلام الله عز وجل وكلام رسوله صلى الله عليه وآله وسلم إنما هو للزمان كله والمكان كله ولا يختص شيء بالأحكام بزمان معين إلا ما جاء مقيدًا بهذا الزمان؛ فالحلال ما أحله الله إلى يوم القيامة، والحرام ما حرمه الله إلى يوم القيامة، والدين ما شرعه الله.
ثم إن القول بأن النساء كن لا يتمَكَّنَّ من التعليم قديمًا قول جاهل، فقد كانت الفرصة متاحة للجميع، والعرب في الجاهلية ـ التي كانت أمة أمية لا تقرأ ولا تحسب ـ كان فيها الشاعرات والأديبات والكاتبات كما الرجال، وكذلك سائر شعوب الأرض، فقد كانت سبأ تملكهم امرأة، والزبّاء كانت ملكة تدمر، ولما خرج متنبئ العرب من
(1) رواه البخاري.
الرجال وهو مسيلمة ادعت امرأة النبوة مثله وهي سجاح، والفرس ملكتهم امرأة، والرومان كانت المرأة تنافس الرجال في كل شيء، وأم جميل امرأة أبي لهب كانت أشد من زوجها على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
والشاهد أن النساء في الجاهلية الأولى: العرب وغيرهم كن منافسات ومشاركات للرجال في كل شيء الشعر، والأدب، والسياسة، وفي كل شيء من الشئون العامة!!
وفي هذه المرحلة الزمنية التي كانت المرأة في كل الشعوب مشاركة للرجل ومساوية له جاء الإسلام بمنع المرأة من الولايات العامة، بل من ولاية الأسرة، وبأن عليها اتخاذ ولي في النكاح وألا تزوج نفسها، وأن شهادتها عن النصف من شهادة الرجل، ولا تشهد إلا على الأموال وعند عدم وجود الرجال، ويأمرُها بالقرار في المنزل، ويأمرها بالحجاب، وأن تسأل من وراء حجاب وأن هذا أطهر لقلوب الجميع، وألا تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم
…
الخ.
وجَعْلُ كل هذه الأحكام مخصوصًا بوقت التنزيل وأنه في هذا الزمان يجب تغيير ذلك ـ تبديل للشريعة ورفض لأحكام الله عز وجل.