الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشبهة الرابعة والثلاثون بعد المائة:
قولهم إن ترشيح المرأة لغيرها وكالة:
قالوا: إن اختيار المرأة من تراه أهلًا للنيابة عنها في المجالس التشريعية ليس من الولايات العامة، وبذلك يجوز لها أن تنتخب من تشاء لذلك، وأن هذا لا يَعْدُو أن يكون توكيلًا، وللمرأة الحق في أن توكل مَن تشاء مِن الرجال في مصالحها الخاصة، وهذا من المُجْمَع عليه.
الجواب:
إن ترشيح المرأة من تراه أهلًا ليس وكالة من كل وجه، وإنما هو بمثابة شهادة، ووكالة، وتزكية، واختيار للأصلح وللأكفأ.
فأما الشهادة فإنه لا تصح شهادة المرأة إلا في الشئون الخاصة بالنساء، وشهادتها على الدَّيْن إنما هو للضرورة عند عدم وجود الرجال كما قال تعالى:{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} (البقرة:282)، ولا شهادة للمرأة على عقود الزواج ولا في الحدود، ولا في الأمور التي ليست من شأنها.
وأما تزكية المرأة للرجال فإنها ممنوعة؛ لأن التزكية تحتاج إلى خلطة والمرأة لا خلطة لها بالأجانب غير المحارم فكيف تزكيهم وتشهد بعدالتهم؟!!.
وأما اختيار الأصلح والأكفأ فإن هذا يحتاج إلى علم أوسع بالرجال والناس، وتفضيل الكفء على غيره، وهذا لا دخل للنساء فيه.
ومن أجل ذلك لم يكن للنساء في هذا الأمر شأن قط لا في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولا
في عهد خلفائه الراشدين رضي الله عنهم ولا في جميع عصور الإسلام.
وأما الوكالة فإنه يصح للمرأة أن توكل من تشاء في شئونها، ولكن النيابة ليست وكالة فقط، وإنما هي عقد تجتمع فيه كل هذه الأمور: الوكالة، والشهادة، والتزكية، وترشيح من يتولى الأمور العامة.
فقياس جواز الوكالة للمرأة على الترشيح للنيابة قياس باطل، وهو من قياس الشبه، وهو أبطل أنواع القياس، وهو مثل قول من قال:{إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} (البقرة:275)، نعم البيع يشبه الربا من حيث أن البائع والمرابي كل منهما يربح أكثر من رأس ماله، ولكنهما يفترقان في أمور كثيرة .. !! إذ البائع مخاطر والمرابي ضامن، وهذا يؤجر النقود، وهذا يبيع السلع .. !! {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (البقرة:275).
والوكالة للمرأة جائزة، وليست النيابة وكالة، وإن كانت تشبه الوكالة من بعض الوجوه، والقياس عليها إنما هو قياس شبه، وهو باطل؛ لأنه ليس وكالة من كل الوجوه، ولكنه مع الوكالة شهادة، وتزكية، وترجيح بين المرشحين واختيار للأوْلى، فهو عقد مركب من كل هذه الأمور.
والوكالة يستطيع الموكل إلغاءها في أي وقت، أما ترشيح أعضاء المجلس النيابي فلا يمكن إلغاؤه حتى تنتهي الفترة المحددة لبقائهم في المجلس.