الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رابعًا:
آثار صحيحة عن الصحابة
وعند التأمل لا يفهم منها إقرارهم هذا الأمر، فليس فيها دليل على جواز الاختلاط، وعلى فرض أن فيها دليلًا فلا يحتج بأقوال الصحابة ولا أفعالهم إن خالفت أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونهيه؛ لأن قول الصحابي وفعله لا اعتبار له إذا خالف الكتاب والسنة؛ قال تعالى:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)} (النساء: 59).
الشبهة السادسة والسبعون:
عيادة عائشة لبلال رضي الله عنهما
-:
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: «لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم الْمَدِينَةَ وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ رضي الله عنهما، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا، قُلْتُ: «يَا أَبَتِ كَيْفَ تَجِدُكَ؟، وَيَا بِلَالُ كَيْفَ تَجِدُكَ؟» (رواه البخاري)(1).
الجواب:
1 -
دخول عائشة على بلال رضي الله عنه ليس فيه دليل على جواز الاختلاط؛ لأن ذلك كان قبل نزول آيات الحجاب بخمس سنين؛ ويدل على ذلك قولها رضي الله عنها: «لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم الْمَدِينَةَ» وقد ذكر الحافظ ابن حجر في شرحه لهذا الحديث من (صحيح البخاري) أَنَّ ذَلِكَ قَبْل الْحِجَاب قَطْعًا.
وقال ابن بطال في شرحه لهذا الحديث: «وفيه عيادة الجِلّة السادة لعبيدهم؛ لأن بلالًا أعتقه أبو بكر الصديق وكانت عائشة تزوره، وكان ذلك قبل نزول الحجاب» (2).
(1) قَوْله: (وُعِكَ) بِضَمِّ أَوَّله وَكَسْر ثَانِيه أَيْ أَصَابَهُ الْوَعْك وَهِيَ الْحُمَّى، قَوْله:(كَيْف تَجِدك) أَيْ تَجِد نَفْسك أَوْ جَسَدك، وَالْمُرَاد بِهِ الْإِحْسَاس، أَيْ كَيْف تَعْلَم حَال نَفْسك. (قاله الحافظ ابن حجر فتح الباري (10/ 117).
(2)
شرح البخاري لابن بطال (4/ 560)، وأجَلَّه: عَظَّمَهُ، وقَوْمٌ جِلَّةٌ، بالكسر: عُظماءُ سادةٌ، (القاموس المحيط، مادة جلل).
2 -
من استدل من العلماء بهذا الأثر وغيره على جواز عيادة الرجل المرأة الأجنبية، أو المرأة الرجل الأجنبي عنها، اشترط الشروط الآتية:
- غض البصر وعدم الخضوع بالقول.
- والتستر والالتزام بالحجاب الشرعي.
- وأمن الفتنة.
- وعدم الخلوة.
وقالوا: الأَوْلَى حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَنْ لا يُخَافُ مِنْهَا فِتْنَةٌ كَالْعَجُوزِ (1)، كما في عيادة أم الدرداء لرجل من الأنصار في المسجد ـ إن صح ذلك عنها ـ كما سيأتي إن شاء الله (2)
فأين هذا من الاختلاط في العمل أو الدراسة لساعات طويلة مع عدم وجود هذه الضوابط، وشتان بين ذلك وبين زيارة تستغرق دقائق معدودة من امرأة عجوز لمريض في فراشه تؤمن منه ومنها الفتنة (3).
(1) الفروع لابن مفلح (3/ 188).
(2)
انظر: فتاوى موقع الإسلام سؤال وجواب بإشراف الشيخ محمد المنجد، رقم الفتوى 71968.
(3)
راجع: هل يقاس اختلاط التعليم والعمل على الاختلاط العابر؟ ص 78 من هذا الكتاب.