الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشبهة الثامنة عشرة بعد المائة:
الوقت كفيل باعتياد الناس على رؤية المرأة بدون الحجاب، وعلى مخالطتها للرجال
(1):
يزعمون أن الاستعفاف والستر، والفصل بين الجنسين، هو سبب الفتنة، لأنّ الممنوع مرغوب، ويزعمون أنّ الوقت كفيل باعتياد الناس على رؤية المرأة بدون الحجاب، وعلى مخالطتها للرجال.
ومن تلك الحجج التي يسوقونها؛ إنّ الناس في البداية سيقعون في تجاوزات، وأخطاء، وسلبيات تجاه المرأة التي ستخلع حجابها، أو ستخالط الرجال، لأنّهم لم يعتادوا رؤية المرأة في هذه الحالة، ولكن مع الوقت سيكون الوضع مألوفًا، وسيعتاد الناس رؤية المرأة بكثرة، وبعد ذلك سيتطور المجتمع بالتدريج قليلًا قليلا.
الجواب:
هذه الحجة مردودة بأمور، منها:
1 -
هل يرضى عاقل أن يقدم عرضه قربانًا من أجل أن يتطور المجتمع؛ فيجتريء عليهن من يتدرّب على التطور؟! أم هل يرضى عاقل أن يجازف بعرضه وأهل بيته (عربونًا لهدف تخميني)؟! أو لحالات شاذة ترسخ القاعدة، وليست تنفيها؟!
2 -
مسألة الاختلاط ليست جديدة على التاريخ، وليست فريدة في الواقع المعاصر، فخروج المرأة واحتكاكها بالرجال ومخالطتهم، ثبتت أضراره وأمراضه بمرور الوقت، فالغرب أخرج المرأة بصورة ديمقراطية متحررة لم يسبق لها مثيل،
(1) هل يكذب التاريخ؟ مناقشات تاريخية وعقلية للقضايا المطروحة بشأن المرأة، عبد الله بن محمد الداوود (271 - 278).
ومع ذلك أصبح الغرب يعاني من كثرة حالات الاغتصاب والاعتداء الجنسي على النساء، مما زاد أرباح الشركات التي اخترعت (عِصِيًّا كهربائية)، أو (بخاخات المواد المخدرة)، التي لا تكاد تخلو منها حقيبة المرأة هناك أثناء تنقلاتها اليومية، خشية الاعتداء عليها ومحاولة النَّيْل منها جسديًّا، فأصبحت هذه البخاخات والعِصِيّ (مكملة لعلبة أدوات التجميل) التي تستعملها المرأة من أجل الدفاع عن نفسها، ومن المناسب ذكره، أنّ هذه الحالة انتقلت إلى البلاد الإسلامية التي انجرفت خلف دعاوى الاختلاط، فمع انتقال الاختلاط انتقلت الاعتداءات، وانتقلت مخاوف المرأة على نفسها من التحرشات الجنسية والاغتصاب، فلغة الجنس لا تعترف بالحدود الإقليمية.
3 -
كلينتون ومونيكا:
حينما يساق التبرير لمسألة الوقت، ربما تنطلي أكذوبة (الاختلاط البريء) على البعيدين عن معرفة واقع العالم الغربي، ولكن الأكيد أنّ العالم بأسره تناقل في إعلامه واهتمامه (قضية الرئيس الأمريكي الأسبق كلينتون ومونيكا لوينسكي)؛ تلك الحادثة التي أوضحت أن أسباب المشكلة الجنسية، تتلخص في اختلاط مونيكا بالرئيس الأمريكي كلينتون، ذلك الرجل الذي تتوفر فيه صفات تنسف (حجج المطالبين) بالتحرير.
من تلك الصفات في الرئيس الأمريكي:
- أنه تربي في مجتمع تحررت فيه المرأة، وتكشفت فيه منذ نعومة أظافرها، وهو ـ أيضًا ـ يراها منذ نعومة أظافره، يراها بلا حجاب، أو ستر كاف، ويخالطها
منذ طفولته، فالقول بأنّ الوقت كفيل باعتياد الناس على رؤية المرأة، قول يحطمه الرئيس الأسبق (كلينتون)، بممارسة الزنا مع (مونيكا) مرات عديدة في مقر العمل.
- لم يكن الرئيس الأمريكي (كلينتون) مراهقًا طائشًا عابثًا، بل عمره تجاوز سن النضج.
- منصبه الحكومي لا يغفر له مثل هذه الزلات في مقر وظيفته.
- الرئيس (غير أعزب)؛ بل هو متزوج بامرأة تحوي جميع المؤهلات، فمنصب الرئيس يجعل زوجته تراعي أمور الجمال والكمال اللائق بزوجة رئيس أكبر دولة في عصره، حيث إنّ عدسات الكاميرا، ونشوة الإعلام تسلب تفكير زوجته، وتجعلها تبالغ في إبداء الجمال وإظهار المحاسن والإفراط في الزينة التي تملأ عين زوجها، فتجعله لا يطمع في غيرها، وهذا طبع الأنثى.
مارس الرئيس (كلينتون) الخطيئة مرات عديدة مع المرأة نفسها، والسؤال الجوهري هنا:
هل هذه المرأة الوحيدة التي وقع معها في الجريمة، أم أنّ هذه هي (القصة الوحيدة) التي تبعتها (الفضيحة)، وانكشفت أوراقها (برياح الصحافة الصفراء) أو ما يسمى (بصحافة الفضائح)؟ ودفن غيرها الكثير من قصص الرئيس الجنسية تحت (ركام التراضي بين الطرفين)؟!
لم يتضجر الشعب الأمريكي أو يبدي استياءه من تلك الحادثة، فالأمر عندهم في (منتهى الاعتياد)، وهذا فيه دلالة على انتشار هذه الظاهرة في مجتمعهم، فمن
فلسفتهم في الحياة أنهم لا يعارضون هذه الفاحشة ما دام الرضا متبادلًا بين الطرفين؛ بل وليست ظاهرة قبيحة تخسف بمكانة الرئيس في المجتمع، بدليل انتخابهم للرئيس كلينتون لفترة رئاسية ثانية تَلَتْ تلك الحادثة.
ولكن ديننا الصحيح، وأخلاقنا العربية على العكس من دينهم المحرف الباطل، ومجتمعهم المنحرف، فالاستياء من المسلمين كان واضحًا في أحاديثهم، ومجلاتهم، وإعلامهم عن تلك الحادثة، فهل الذين يطالبون بالتحرر من بني جلدتنا هم مثل الشعب الأمريكي الذي لم تضايقه تلك الحادثة؟! أم هم مثلنا في تضايقنا من أمور انتشار الفاحشة وإعلانها؟!
لو صدق زعمهم في أن هذه المسألة مسألة وقت، وبعدها لن نجد في أجسادنا تلك الرغبة الجامحة تجاه الأنثى، إذن فما هي أسباب تلك الحادثة، وما أسباب زيادة الجرائم والاغتصاب في الغرب؟!
ولو تنازلنا ـ جدلًا ـ وصدقنا دعواهم في أنّ المسألة تحتاج إلى وقت، ثم تنتهي المخاوف من تحرير المرأة واختلاطها بالرجال، فإنّ هذا يعني أنه لن يكون هنالك زواج بين بني البشر، لأننا سنرى المرأة في الشارع، والمحل، وأماكن العمل، مما ينتج عنه أن يذوب ما بيننا من ميل وانجذاب فطري، وسنترك الزواج لأننا سوف نتعامل مع المرأة بكل براءة ونزاهة، مما يترتب عليه توقف النسل البشري.
فهل الغرب توقفوا عن الزواج لأنهم رأوا المرأة متكشفة أعظم مما هو مطروح في مشروع المطالبين بالتحرر؟ أم إنّ حوادث الاعتداء والجرائم الأخلاقية تصل إلى قمة الهرم في الإحصائيات الغريبة في وقت ظهرت فيه المرأة وصار
الاختلاط جزءًا من الحياة لأكثر من مائتي سنة؛ فأين مبرر الوقت؟
ولأنّ القساوسة لا يتزوجون لزهدهم في الدنيا ـ زعموا ـ فإني أختم هنا بقصة القسيس (جيمي سواجرت) الذي جرى بينه وبين الداعية الإسلامي (أحمد ديدات) رحمه الله مناظرة شهيرة، ولكن ظهرت فضيحة لذلك القسيس المعروف في (قضية أخلاقية)، واعترف بها كما ظهر ذلك في الصحف حينها، وانتشر، وشاع، فبالرغم من الاعتياد، والنضج في السن، والمكانة الاجتماعية التي يتمتع بها، والمنصب الديني كذلك، إلا أنّ الفطرة التي تتوافق مع الإسلام، تمحو هذه الدعاوى.
ولقد اضطر الفاتيكان في تقرير صدر عن الكنيسة الكاثوليكية للاعتراف بأنه يعلم أن قسسًا وأساقفة يستغلون الراهبات جنسيًا، ويغتصبونهم في 23 دولة في العالم ـ أغلبها في أفريقيا ـ مقابل إعطائهن شهادات للعمل في المناطق الممتازة، أو مقابل إجازتهن لتلقي دراسات متقدمة، وفي مالاوي حملت 29 راهبة من أبرشية واحدة بواسطة القسس، وتورد التقارير طرد 20 راهبة أخرى من السلك الكنسي؛ لأنهن حَمَلْنَ دون أن يتعرض الرجال المسؤولون عن ذلك لأي عقاب.
وبلغ عدد الجرائم الجنسية في الكنيسة عام (1970م) 5 ملايين جريمة، وفي عام (2001م) 17 مليون جريمة. فأين مبرر الوقت؟