الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشبهة الثامنة والثمانون:
أَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ بَنِي قَيْسٍ، فَفَلَتْ رَأْسِي:
ما رواه البخاري ومسلم عن أَبِي مُوسَى الأشعري رضي الله عنه قَالَ: «قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَهُوَ مُنِيخٌ بِالْبَطْحَاءِ فَقَالَ لِي: «أَحَجَجْتَ؟» ، فَقُلْتُ:«نَعَمْ» ، فَقَالَ:«بِمَ أَهْلَلْتَ؟» قَالَ: «قُلْتُ: «لَبَّيْكَ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم» ، قَالَ:«فَقَدْ أَحْسَنْتَ، طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَأَحِلَّ» ، قَالَ:«فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ أَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ بَنِي قَيْسٍ، فَفَلَتْ رَأْسِي (1) ثُمَّ أَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ» .
(1) قَوْله: (فَفَلَتْ) بِفَاء التَّعْقِيب بَعْدَهَا فَاء ثُمَّ لَام خَفِيفَة مَفْتُوحَتَيْنِ ثُمَّ مُثَنَّاة أَيْ تَتَبَّعَتْ الْقَمْل مِنْهُ». قاله الحافظ ابن حجر في (فتح الباري (3/ 569).
قال الإمام النووي: «فِي هَذَا الْحَدِيث فَوَائِد مِنْهَا جَوَاز تَعْلِيق الْإِحْرَام فَإِذَا قَالَ: أَحْرَمْت بِإِحْرَامٍ كَإِحْرَامِ زَيْد صَحَّ إِحْرَامه، وَكَانَ إِحْرَامه كَإِحْرَامِ زَيْد. فَإِنْ كَانَ زَيْد مُحْرِمًا بِحَجٍّ أَوْ بِعُمْرَةٍ أَوْ قَارِنًا كَانَ الْمُعَلِّق مِثْله، وَإِنْ كَانَ زَيْد أَحْرَمَ مُطْلَقًا كَانَ الْمُعَلِّق مُطْلَقًا، وَلَا يَلْزَمهُ أَنْ يَصْرِف إِحْرَامه إِلَى مَا يَصْرِف زَيْد إِحْرَامه إِلَيْهِ، فَلَوْ صَرَفَ زَيْد إِحْرَامه إِلَى حَجّ كَانَ لِلْمُعَلِّقِ صَرْف إِحْرَامه إِلَى عُمْرَة، وَكَذَا عَكْسه.
وَمِنْهَا اِسْتِحْبَاب الثَّنَاء عَلَى مَنْ فَعَلَ جَمِيلًا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «أَحْسَنْت» .
وَأَمَّا قَوْله صلى الله عليه وآله وسلم: «طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَة وَأَحِلّ» فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ صَارَ كَالنَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم وَتَكُون وَظِيفَته أَنْ يَفْسَخ حَجّه إِلَى عُمْرَة فَيَأْتِي بِأَفْعَالِهَا وَهِيَ الطَّوَاف وَالسَّعْي وَالْحَلْق، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ صَارَ حَلَالًا وَتَمَّتْ عُمْرَته، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُر الْحَلْق هُنَا لِأَنَّهُ كَانَ مَشْهُورًا عِنْدهمْ وَيُحْتَمَل أَنَّهُ دَاخِل فِي قَوْله وَأَحِلّ.
وَقَوْله: (ثُمَّ أَهْلَلْت بِالْحَجِّ) يَعْنِي أَنَّهُ تَحَلَّلَ بِالْعُمْرَةِ، وَأَقَامَ بِمَكَّة حَلَالًا إِلَى يَوْم التَّرْوِيَة وَهُوَ الثَّامِن مِنْ ذِي الْحِجَّة، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ يَوْم التَّرْوِيَة كَمَا جَاءَ مُبَيَّنًا فِي غَيْر هَذِهِ الرِّوَايَة.
فَإِنْ قِيلَ قَدْ عَلَّقَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب وَأَبُو مُوسَى رضي الله عنهما إِحْرَامهمَا بِإِحْرَامِ النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلم فَأَمَرَ عَلِيًّا بِالدَّوَامِ عَلَى إِحْرَامه قَارِنًا، وَأَمَرَ أَبَا مُوسَى بِفَسْخِهِ إِلَى عُمْرَة، فَالْجَوَاب أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه كَانَ مَعَهُ الْهَدْي كَمَا كَانَ مَعَ النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلم الْهَدْي فَبَقِيَ عَلَى إِحْرَامه كَمَا بَقِيَ النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلم وَكُلّ مَنْ مَعَهُ هَدْي، وَأَبُو مُوسَى لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْي فَتَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ كَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْي، وَلَوْلَا الْهَدْي مَعَ النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلم لَجَعَلَهَا عُمْرَة». (شرح صحيح مسلم (8/ 199).
الجواب:
1 -
قال الإمام النووي في شرحه لهذا الحديث من صحيح مسلم: «وَقَوْله: (ثُمَّ أَتَيْت اِمْرَأَة مِنْ بَنِي قَيْس فَفَلَتْ رَأْسِي) هَذَا مَحْمُول عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَة كَانَتْ مَحْرَمًا لَهُ» (1).
2 -
لو ساغ أن يُسْتَدَلَّ بفعل مجمل على ظاهره دون الرجوع إلى المحكم لاسْتَحَلَّ الناس الحرام القطعي بالظنون، ففي بعض النصوص قد تجد ذِكْرَ رجل مع امرأة، فهل يُسْتَدل بذلك على جواز الخلوة والاختلاط والعلاقات المحرمة لأنه لم يَرِدْ في النَصِّ ذِكْرُ الرحم بينهما؟!!!
إن الأصل في الشرع أن الرجل إذا وُجد مع امرأة تُحْمَل على أنه من محارمه إلا لظِنَّة أو شبهة، هذا الأصل في المسلمين فكيف بالصحابة والتابعين (2).
(1) شرح صحيح مسلم (8/ 199).
(2)
الاختلاط، تحرير، وتقرير، وتعقيب، للشيخ عبد العزيز بن مرزوق الطريفي، (ص 22).