المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الشبهة السابعة عشرة:اختلاط الرجال بالنساء في الطواف في الحج والعمرة - الاختلاط بين الرجال والنساء - جـ ٢

[شحاتة صقر]

فهرس الكتاب

- ‌الرد على الشبهات

- ‌الشبهة الأولى:التكلف من غير دليل في تخصيص آية الحجاب بأمهات المؤمنين

- ‌الشبهة الثانية:ركوب أهل السفينة مع نوح عليه السلام

- ‌الشبهة الثالثة:هل اختلطت أم إسماعيل بقوم جرهم

- ‌الشبهة الرابعة:الاستدلال بقصة يوسف عليه السلام

- ‌الشبهة السادسة:نبأ موسى عليه السلام مع المرأتين:

- ‌الشبهة السابعة:قصة ملكة سبأ مع سليمان عليه السلام وما حصل من حوار معها:

- ‌الشبهة العاشرة:استدلالهم بآية (المباهلة):

- ‌الشبهة الحادية عشرة:حديث أم حرام بنت ملحان

- ‌الشبهة الثانية عشرة:أخذ الإماء بيد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌الشبهة الخامسة عشرة:وضوء الرجال مع النساء:

- ‌الشبهة السادسة عشرة:صلاة النساء مع الرجال في الصلوات الخمس والعيدين:

- ‌الشبهة السابعة عشرة:اختلاط الرجال بالنساء في الطواف في الحج والعمرة

- ‌الشبهة الثامنة عشرة:مشاركة الصحابيات للمسلمين في الجهاد:

- ‌الشبهة العشرون:مَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي

- ‌الشبهة الحادية والعشرون:حديث الفارسي:

- ‌الشبهة الثانية والعشرون:سلمان مع أبي الدرداء، وإقرار النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌الشبهة الثالثة والعشرون:فَجَعَلَا يُرِيَانِهِ أَنَّهُمَا يَأْكُلَانِ:

- ‌الشبهة الرابعة والعشرون:كَانَتْ امْرَأَتُهُ يَوْمَئِذٍ خَادِمَهُمْ وَهِيَ الْعَرُوسُ:

- ‌الشبهة الخامسة والعشرون:أَنَّ نَفَرًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ دَخَلُوا عَلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ:

- ‌الشبهة السادسة والعشرون:أَيْنَ فُلَانٌ

- ‌الشبهة السابعة والعشرون:فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِّي:

- ‌الشبهة التاسعة والعشرون:المرأة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌الشبهة الحادية والثلاثون:إِنَّمَا هُوَ أَبُوكِ وَغُلَامُكِ:

- ‌الشبهة الثالثة والثلاثون:حديث فاطمة بنت قيس

- ‌الشبهة الخامسة والثلاثون:حديث أَبي السَّنَابِلِ بْنِ بَعْكَكٍ مع سُبَيْعَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ:

- ‌الشبهة الثامنة والثلاثون:مَا لَكِ يَا أُمَّ السَّائِبِ تُزَفْزِفِينَ

- ‌الشبهة التاسعة والثلاثون:خُذِى مِنْ يَدِ النَّبِىِّ

- ‌الشبهة الأربعون:دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِى جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِى الأَنْصَارِ:

- ‌الشبهة الحادية والأربعون:امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَتْ تَقُمُّ الْمَسْجِدَ:

- ‌الشبهة الثانية والأربعون:لما أصيب سعد بن معاذ، حولوه عند امرأة يقال لها رفيدة:

- ‌الشبهة الثالثة والأربعون:وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ:

- ‌الشبهة الخامسة والأربعون:دخول عمر رضي الله عنه على عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما على عهد رسول الله

- ‌الشبهة السادسة والأربعون:استقبال الأنصار للنبي صلى الله عليه وآله وسلم عند الهجرة:

- ‌الشبهة السابعة والأربعون:إطعام جابر بن عبد الله رضي الله عنهما لأهل الخندق:

- ‌الشبهة الثامنة والأربعون:إطعام أبي طلحة رضي الله عنه لأهل الخندق:

- ‌الشبهة التاسعة والأربعون:أحاديث دخول بعض الصحابة رضي الله عنهم على عائشة رضي الله عنها أو غيرها من زوجات النبي

- ‌الشبهة الخمسون:الذين سألوا عن عبادة النبي

- ‌الشبهة الحادية والخمسون:إطعام النبي صلى الله عليه وآله وسلم لبعض أصحابه

- ‌الشبهة الثانية والخمسون:كَيْفَ أَنْتُمْ؟ كَيْفَ حَالُكُمْ

- ‌الشبهة الثالثة والخمسون:صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالعجوز، وأكله عندها:

- ‌الشبهة الرابعة والخمسون:صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بيت أم هانئ رضي الله عنها وحواره معها:

- ‌الشبهة الخامسة والخمسون:هل دخلت إحدى نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أصحابه:

- ‌الشبهة السادسة والخمسون:سؤال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأسماء بنت عميس عن أَوْلَاد جَعْفَر

- ‌الشبهة السابعة والخمسون:نِسْوَةٌ مِنْ بَنِى حَرَامٍ مِنَ الأَنْصَارِ عند أم سلمة

- ‌الشبهة الثامنة والخمسون:حوار بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وزوجته حفصة رضي الله عنها سمعته أم مبشر

- ‌الشبهة التاسعة والخمسون:موقف ضحك منه النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌الشبهة الستون:دُخُول النَّبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم عَلَى أُمِّ مُبَشِّرٍ الأَنْصَارِيَّةِ فِى نَخْلٍ لَهَا:

- ‌الشبهة الحادية والستون:من هذه

- ‌الشبهة الثانية والستون:دخول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم إحدى حُجَرِ نسائه:

- ‌الشبهة الثالثة والستون:دخول زوجة إبراهيم عليه السلام على الجبار:

- ‌الشبهة الرابعة والستون:تحاكم المرأتان إلى داود وسليمان سدد خطاكم:

- ‌الشبهة الخامسة والستون:زيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وخديجة لورقة بن نوفل:

- ‌ثالثًا: أحاديث ضعيفة لم تثبت أصلًا فلا يحتج بها

- ‌الشبهة السادسة والستون:أَطْعِمْنِي مِمَّا فِي فِيكَ:

- ‌الشبهة السابعة والستون:هل أكل النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع أم إسحق:

- ‌الشبهة الثامنة والستون:ادْنِي فَكُلِي:

- ‌الشبهة التاسعة والستون:هل أكلت عَمِيرَة بنت مَسْعُودٍ وأَخَوَاتُها مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌الشبهة السبعون:هل أكل النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع امرأة كانت تزور خديجة رضي الله عنها

- ‌الشبهة الحادية والسبعون:هل شَرِبَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثُمَّ نَاوَلَ أُمَّ هَانِئٍ:

- ‌الشبهة الثانية والسبعون:عيادة الصحابة رضي الله عنهم لفاطمة رضي الله عنها مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌الشبهة الثالثة والسبعون:لَيْسَ أُولَئِكَ عَنَيْتُ:

- ‌الشبهة الرابعة والسبعون:أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم عَلَى حَقِيبَةِ رَحْلِهِ:

- ‌الشبهة الخامسة والسبعون:كم أنتم

- ‌رابعًا:آثار صحيحة عن الصحابة

- ‌الشبهة السادسة والسبعون:عيادة عائشة لبلال رضي الله عنهما

- ‌الشبهة السابعة والسبعون:هل عَادَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ مِنْ الْأَنْصَارِ

- ‌الشبهة الثامنة والسبعون:دَخَلْنَا عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فَأَتْحَفَتْنَا بِرُطَبِ ابْنِ طَابٍ:

- ‌الشبهة التاسعة والسبعون:مَا لَهَا لَا تَكَلَّمُ

- ‌الشبهة الثمانون:كُنْتُ عِنْدَ أَنَسٍ وَعِنْدَهُ ابْنَةٌ لَهُ:

- ‌الشبهة الحادية والثمانون:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَلَكَ زَوْجِى وَتَرَكَ صِبْيَةً صِغَارًا:

- ‌الشبهة الثانية والثمانون:يُفْعَلُ هَذَا عِنْدَكُمْ

- ‌الشبهة الثالثة والثمانون:هل زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم كُنَّ يُجالسن الرجال

- ‌الشبهة الرابعة والثمانون:هل قتلت أسماء بنت يزيد سبعة من الروم يوم اليرموك

- ‌الشبهة الخامسة والثمانون:زيارة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما لأم أيمن رضي الله عنها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌الشبهة السادسة والثمانون:انصراف بعض الصحابة رضي الله عنهم بعد صلاة الجمعة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى بيت امرأة من الأنصار:

- ‌الشبهة السابعة والثمانون:تَمَارَوْا عِنْدَهَا يَوْمَ عَرَفَةَ:

- ‌الشبهة الثامنة والثمانون:أَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ بَنِي قَيْسٍ، فَفَلَتْ رَأْسِي:

- ‌الشبهة التاسعة والثمانون:حوار بين عمر وسودة

- ‌الشبهة التسعون:صلاة عمرو بن سلمة بقومه وهو صغير:

- ‌الشبهة الحادية والتسعون:تَحَوَّلَ الصحابة في الصلاة النِّسَاء مَكَان الرِّجَال وَالرِّجَال مَكَان النِّسَاء عندما علموا بوجوب استقبال الكعبة:

- ‌الشبهة الثانية والتسعون:سكنى المهاجرين مع الأنصار:

- ‌الشبهة الثالثة والتسعون:دخول البراء بن عازب على عائشة مع أبي بكر رضي الله عنهم

- ‌الشبهة الرابعة والتسعون:العلم نور:

- ‌الشبهة الخامسة والتسعون:ابن عمر ومولاة له:

- ‌الشبهة السادسة والتسعون:حوار بين عمر بن الخطاب وأسماء بنت عميس رضي الله عنهما

- ‌الشبهة السابعة والتسعون:حوار بين أَسْمَاء بِنْت أَبِى بَكْرٍ رضي الله عنهما ورجل في المسجد:

- ‌الشبهة الثامنة والتسعون:ضيف مع علي

- ‌الشبهة التاسعة والتسعون:التابعون يستفتون أَسْمَاء بِنْت أَبِي بَكْر رضي الله عنهما

- ‌الشبهة المائة:دخول أبي أسماء على امرأة سوداء لأبي ذر رضي الله عنه

- ‌الشبهة الأولى بعد المائة:دخول قيس بن أبي حازم وغيره على أسماء بنت عميس:

- ‌خامسًا:آثار لا تثبت عن الصحابة

- ‌الشبهة الثانية بعد المائة:اختلاط في بيت عمر

- ‌الشبهة الثالثة بعد المائة:يوم الخندق تقتل صفية بنت عبد المطلب يهوديًا وتقطع رأسه عندما رفض حسان بن ثابت ذلك

- ‌الشبهة الخامسة بعد المائة:هل توضأت عائشة رضي الله عنها أمام سَالِمٌ سَبَلَانُ

- ‌سادسًا: دعاوى شرعية وعقلية وواقعية يكذبها الشرع والعقل والواقع

- ‌الشبهة السادسة بعد المائة:الاحتجاج بالأسواق والبيع والشراء بين الرجال والنساء

- ‌الشبهة السابعة بعد المائة:قالوا: لم يرد في كتاب الله ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم تحريمُ الاختلاط؛ فليبق المحرم إذًا محصورًا في الخلوة

- ‌الشبهة التاسعة بعد المائة:اختلاط الرجال بالنساء الأجنبيات لم يحرمه إلا بعض العلماء

- ‌الشبهة العاشرة بعد المائة:إن الإمام مالكًا أباح الاختلاط

- ‌الشبهة الحادية عشرة بعد المائة:يجوز الاختلاط بشرط غض البصر واحتجاب المرأة وعدم خضوعها بالقول

- ‌الشبهة الثانية عشرة بعد المائة:الاختلاط يخفف الشهوة:

- ‌الشبهة الثالثة عشرة بعد المائة:الفصل بين الجنسين يؤجج الشهوة، ويلجئ إلى طلب الجنس ولو من المثل

- ‌الشبهة الخامسة عشرة بعد المائة:المسلمون في جميع أنحاء العالم الإسلامي تختلط النساء بالرجال ولا يحصل ما ذكرته بل إن هناك احترام وحشمة

- ‌الشبهة السادسة عشرة بعد المائة:كن واقعيًا:

- ‌الشبهة الثامنة عشرة بعد المائة:الوقت كفيل باعتياد الناس على رؤية المرأة بدون الحجاب، وعلى مخالطتها للرجال

- ‌سابعًا: شبهات متعلقةبجواز ولاية المرأة وذلك يقتضي اختلاطها بالرجال

- ‌الشبهة التاسعة عشرة بعد المائة:احتجاجهم بأن امرأة تولت عرش اليمن وذكرها الله تعالى في القرآن، ولم يَعِبْ ذلك عليها، ولا على قومها

- ‌الشبهة العشرون بعد المائة:مبايعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم للنساء:

- ‌الشبهة الحادية والعشرون بعد المائة:مشاورة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأم سلمة رضي الله عنها

- ‌‌‌الشبهة الثالثة والعشرون بعد المائة:الاستدلال بخبر سمراءرضي الله عنها

- ‌الشبهة الثالثة والعشرون بعد المائة:الاستدلال بخبر سمراء

- ‌الشبهة الرابعة والعشرون بعد المائة:هل ولَّى عمر بن الخطاب الشفاء بنت عبد الله القرشية العدوية الحسبة بالسوق

- ‌الشبهة الخامسة والعشرون بعد المائة:هل قام عبد الرحمن بن عوف بمشاورة النساء في اختيار الخليفة بعد وفاة عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌الشبهة السادسة والعشرون بعد المائة:قالوا: إن حديث «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً» خاص بتولى رئاسة الدولة فقط دون سائر الولايات العامة:

- ‌الشبهة السابعة والعشرون بعد المائة:هل أجاز الإمام أبو حنيفة تولية المرأة القضاء

- ‌الشبهة الثامنة والعشرون بعد المائة:هل أجاز الإمام الطبري تولية المرأة القضاء

- ‌الشبهة التاسعة والعشرون بعد المائة:قول ابن حزم بجواز تولية المرأة القضاء:

- ‌الشبهة الثلاثون بعد المائة:استدلالهم بتولي شجرة الدر ـ التركية محظية الملك الصالح نجم الدين أيوب ـ شئون الحكم في مصر:

- ‌الشبهة الحادية والثلاثون بعد المائة:الاستدلال ببعض الدول الإسلامية في تولي نسائها رئاسة دولهن:

- ‌الشبهة الثانية والثلاثون بعد المائة:قولهم إن ترشيح المرأة للنيابة العامة نوع من الشورى، وأن الشورى ليست ممنوعة على المرأة:

- ‌الشبهة الثالثة والثلاثون بعد المائة:قولهم إن النيابة في المجالس التشريعية ليست ولاية عامة:

- ‌الشبهة الرابعة والثلاثون بعد المائة:قولهم إن ترشيح المرأة لغيرها وكالة:

- ‌الشبهة الخامسة والثلاثون بعد المائة:المرأة يصح أن تكون مفتية وتؤخذ عنها الفتوى:

- ‌الشبهة السادسة والثلاثون بعد المائة:قولهم إن الأحكام تتغير بتغير الزمان:

- ‌مراجع البحث

الفصل: ‌الشبهة السابعة عشرة:اختلاط الرجال بالنساء في الطواف في الحج والعمرة

‌الشبهة السابعة عشرة:

اختلاط الرجال بالنساء في الطواف في الحج والعمرة

.

قالوا: لو كان الاختلاط محرَّمًا لما كان الحج والطواف مختلطًا.

الجواب:

أولًا: «مما فرضه الله على المرأة والرجل، الركن الخامس حج البيت لمن استطاع إليه سبيلًا، ولما كانت أعمال الحج والعمرة يتحد محلها للرجال والنساء، ولامصلحة من تغيير وقته أو فصل محله فإن في ذلك عنتًا لايخفى على المتأمل، لهذا اقتصر التشريع على وضع ضوابط لمن قصد هذا الركن من النساء، تكفل صيانة أعراضهن، وتمنع من اختلاطهن بالرجال قدر الإمكان، ومن ذلك أن الشارع لم يوجب على المرأة حجًا أو عمرة ـ إذا لزمها السفر ـ إلاّ إذا كان معها محرم، ثم جعل الشارع رخصًا لمن كانت معه نساء أوضعفة ليست لغيره، كالدفع من مزدلفة بليل.

ومن مراعاة المرأة قول طائفة من الفقهاء بجواز تأخير الرمي إلى بعد الغروب، بل إن الفقهاء ـ مراعاةً لأصل المنع من الاختلاط في الشريعة ـ استحبوا للمرأة ما لم يستحبوا للرجل من نحو طوافها بعيدة عن البيت، ورخصوا لها في تأخير طواف القدوم إلى الليل خشية الزحام.

ومن مراعاة بعض أمهات المؤمنين للأمر بلزوم البيوت ونبذهن الاختلاط، اكتفاؤهن بحجة الفريضة، وترك التطوع، وهذا مأثور عن زينب وسودة رضي الله عنهما.

ومن مراعاة أهل العلم للمنع من الاختلاط قول ابن جماعة في (منسكه الكبير): «ومن أكبر المنكرات ما يفعله جهلة العوام في الطواف من مزاحمة الرجال بأزواجهم

ص: 398

سافرات عن وجههن، وربما كان ذلك في الليل، وبأيديهم الشموع متقدة

» إلى أن قال: «نسأل الله أن يلهم ولي الأمر إزالة المنكرات» ، قال الهيتمي بعد أن نقله:«فتأمَّلْه تجِدْهُ صريحًا في وجوب المنع حتى من الطواف عند ارتكابهن دواعي الفتنة» (1).

ومن مراعاتهم للمنع من الاختلاط في النسك قولهم: لايستحب لها أن تزاحم الرجال لاستلام الحجر الأسود.

وقولهم: لاتقف المرأة على الصفا للدعاء إلاّ إذا خلا المكان عن مزاحمة الرجال، ويكون سنة في حقها إذا خلا المكان.

ومما سبق نخلص إلى أن الشارع حف الحج والعمرة بأحكام تكفل منع الخلطة المحرمة ومن ذلك اشتراط المحرم للمسافرة، ومع ذلك ندب المرأة إلى ترك مزاحمة الرجال، واستحب لها الفقهاء لأجل ذلك ما لم يستحبوه للرجال» (2).

ثانيًا: إن الإسلام لم يُبِح الاختلاط بين الرجال والنساء إذا خشيت معه الفتنة لا في الطواف ولا في غيره لما يترتب عليه من المفاسد المحققة، كالنظر المحرم وما يتبعه من منكرات، فعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:«شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم أَنِّي أَشْتَكِي (3)، فَقَالَ: «طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ» فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يُصَلِّي إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ يَقْرَأُ بِـ {وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2)} (الطور: 1 - 2). (رواه البخاري ومسلم).

قال الإمام النووي في شرحه لهذا الحديث من صحيح مسلم: «إِنَّمَا أَمَرَهَا صلى الله عليه وآله وسلم

(1) الفتاوى الفقهية الكبرى، لابن حجر الهيتمي (1/ 201 - 202.

(2)

بتصرف من (الاختلاط بين الواقع والتشريع، دراسة فقهية: علمية تطبيقية في حكم الاختلاط وآثاره)، جمع وإعداد: إبراهيم بن عبد الله الأزرق، (ص 29).

(3)

(أَنِّي أَشْتَكِي) أَيْ أَنَّهَا كَانَتْ ضَعِيفَة لَا تَقْدِر عَلَى الطَّوَاف مَاشِيَة.

ص: 399

بِالطَّوَافِ مِنْ وَرَاء النَّاس لِشَيْئَيْنِ:

أَحَدهمَا: أَنَّ سُنَّة النِّسَاء التَّبَاعُد عَنْ الرِّجَال فِي الطَّوَاف.

وَالثَّانِي: أَنَّ قُرْبهَا يُخَاف مِنْهُ تَأَذِّي النَّاس بِدَابَّتِهَا، وَكَذَا إِذَا طَافَ الرَّجُل رَاكِبًا، وَإِنَّمَا طَافَتْ فِي حَال صَلَاة النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلم لِيَكُونَ أَسْتَر لَهَا وَكَانَتْ هَذِهِ الصَّلَاة صَلَاة الصُّبْح» (1).

وقال الحافظ ابن حجر في شرحه لهذا الحديث من صحيح البخاري: «وَإِنَّمَا أَمَرَهَا أَنْ تَطُوف مِنْ وَرَاء النَّاس لِيَكُونَ أَسْتَرَ لَهَا وَلَا تَقْطَع صُفُوفهمْ أَيْضًا وَلَا يَتَأَذَّوْنَ بِدَابَّتِهَا» (2).

وقال الباجي في شرحه لهذا الحديث من (الموطأ): «وَأَمَّا طَوَافُ النِّسَاءِ مِنْ وَرَاءِ الرِّجَالِ فَهُوَ لِلْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ: «طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ» ، وَلَمْ يَكُنْ لِأَجْلِ الْبَعِيرِ فَقَدْ طَافَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم عَلَى بَعِيرِهِ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنِهِ (3)، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى اتِّصَالِهِ بِالْبَيْتِ لَكِنْ مَنْ طَافَ غَيْرُهُ مِنْ الرِّجَالِ عَلَى بَعِيرٍ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ إِنْ خَافَ أَنْ يُؤْذِيَ أَحَدًا أَنْ يَبْعُدَ قَلِيلًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَوْلَ الْبَيْتِ زِحَامٌ وَأَمِنَ أَنْ يُؤْذِيَ أَحَدًا فَلْيَقْرُبْ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم.

وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَإِنَّ مِنْ سُنَّتِهَا أَنْ تَطُوفَ وَرَاءَ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَهَا تَعَلُّقٌ بِالْبَيْتِ فَكَانَ مِنْ سُنَّةِ النِّسَاءِ أَنْ يَكُنَّ وَرَاءَ الرِّجَالِ كَالصَّلَاةِ».اهـ.

وفي صحيح البخاري أن ابن جريج قال لعطاء: «كَيْفَ يُخَالِطْنَ الرِّجَالَ؟» ، قال: «لَمْ يَكُنَّ يُخَالِطْنَ، كَانَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها تَطُوفُ حَجْرَةً مِنْ الرِّجَالِ لَا تُخَالِطُهُمْ، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ:

(1) شرح صحيح مسلم (9/ 20).

(2)

فتح الباري (3/ 480).

(3)

رواه مسلم، والْمِحْجَن بِكَسْرِ الْمِيم، هُوَ عَصَا فِيهَا تَعَقُّف (أي انحناء والتواء) يَلْتَقِط بِهَا الرَّاكِب مَا سَقَطَ مِنْهُ. (بتصرف من شرح النووي على صحيح مسلم (10/ 55).

ص: 400

«انْطَلِقِي نَسْتَلِمْ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ» .قَالَتْ «انْطَلِقِي عَنْكِ» ، وَأَبَتْ».

(حَجْرَة) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَة وَسُكُون الْجِيم بَعْدهَا رَاءٍ، أَيْ نَاحِيَة، قَالَ الْقَزَّاز: هُوَ مَأْخُوذ مِنْ قَوْلهمْ: نَزَلَ فُلَان حَجْرَة مِنْ النَّاس أَيْ مُعْتَزِلًا.

(اِنْطَلِقِي عَنْك) أَيْ عَنْ جِهَةِ نَفْسك (1).

وبهذا يتبين ما أمر به الإسلام، وما شرعه رب الأنام.

ثالثًا: ما يحصل الآن حول الكعبة ـ شرفها الله ـ من اختلاط بصورة مذمومة، مخالفة لما أمر به الشرع ليس دليلًا على الجواز، لأننا نأخذ ديننا من الوحيين لا من واقع الناس، وإذا اضطر الطائف للطواف مختلطًا بالنساء فعليه أن يتجنب ملامسة النساء، والنظر إليهن.

وما نراه الآن من اختلاط الرجال بالنساء في الطواف مخالف للشرع، والعلماء ينكرونه وكذلك رجال الحسبة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) في الحرم حيث يحثون النساء على الطواف خلف الرجال ولكنهم يواجهون صعوبة كبيرة بسبب جهل بعض الناس وعدم تجاوبهم وبسبب اختلاف لغاتهم، وسبب آخر وهو الخوف من الضياع فتظل المرأة مع محرمها خشية الافتراق والضياع.

أما في حال الزحام الشديد في الحج وغيره ففصل النساء عن الرجال مستحيل!

والأصل هو طواف النساء خلف الرجال كما بينت الأدلة.

ومما سبق يتبين أن قياس الاختلاط في العمل وغيره على الطواف بالبيت الحرام فهو قياس مع الفارق، فإن النساء كُنّ يَطُفْنَ في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم من وراء الرجال متسترات، لا يداخِلْنَهُم ولا يختلِطْنَ بهم، وكذا حالهن مع الرجال في مصلى العيد، فإنهن كن يخرجن متسترات، ويجلسن خلف الرجال في المصلى، وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا خطب

(1) فتح الباري (3/ 480).

ص: 401

الرجال خطبة العيد انصرف إلى النساء، فذكّرَهن ووعظَهُن، فلم يكن اختلاط بين الرجال والنساء، وكذا الحال في حضورهن الصلوات في المساجد، كُنَّ يخرجْنَ مُتَلَفِّعَاتٍ بمُروطِهِنَّ، ويصلِّينَ خلف الرجال، لا تخالط صفوفُهن صفوفَ الرجال (1).

رابعًا: إن الطواف بوضعه الحالي ورغم مخالفته للشرع إلا أنه لا يقارن بما يدعو إليه دعاة الاختلاط في العمل والتعليم، فهناك فرق كبير بين اختلاط عابر للحظات، وفي أماكن مفتوحة، وأمام الناس ولا يعرف فيه الرجال النساء، ولا يتجرؤون على الحديث معهن، وبين اختلاط دائم بين نفس الأشخاص لساعات طوال يوميًّا (2) وفي أماكن مغلقة حيث يجالس فيها الرجل زميلته ويقابلها أكثر من مقابلته لزوجته، بالإضافة إلى احتمال حدوث الخلوة والاستغلال الجنسي من أجل العلاوات والترقيات والبقاء في الوظيفة!

إن تشبيه هذا الاختلاط بالاختلاط في الحج أو الأسواق لعجيب حقًّا ولا يبرره إلا فقدان قائله للقدرة على التمييز أو أنه أراد تضليل الناس بأي طريقة فلم يجد سوى هذا القول الواهي!

إن الاختلاط الذي نهى الله عنه ليس هو أن يوجد رجال ونساء في بلد واحد أو في موضع واحد فإن هذا أمر لايقول به عالم ولا عاقل.

فالحج يجتمع فيه الرجال والنساء، والطرقات يسلكها رجال ونساء، وإنما المنهي عنه اختلاط مخصوص تقع به الفتنة أو يخشى من وقوعها وهو الذي يسعى إليه دعاة الاختلاط، والذي لاقى المسلمون من آثاره أعظم الويلات في أزمنتهم الأخيرة.

(1) باختصار من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (12/ 164 - 165)، فتاوى موقع الشبكة الإسلامية، بإشراف د. عبد الله الفقيه، (رقم الفتوى: 22371).

(2)

راجع: هل يقاس اختلاط التعليم والعمل على الاختلاط العابر؟ ص 78 من هذا الكتاب.

ص: 402