الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشبهة الثامنة والسبعون:
دَخَلْنَا عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فَأَتْحَفَتْنَا بِرُطَبِ ابْنِ طَابٍ:
عن الشَّعْبِيُّ قَالَ: «دَخَلْنَا عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فَأَتْحَفَتْنَا بِرُطَبِ ابْنِ طَابٍ وَسَقَتْنَا سَوِيقَ سُلْتٍ فَسَأَلْتُهَا عَنْ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا: «أَيْنَ تَعْتَدُّ؟» .قَالَتْ: «طَلَّقَنِي بَعْلِي ثَلَاثًا فَأَذِنَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم أَنْ أَعْتَدَّ فِي أَهْلِي» (رواه مسلم).
قال دعاة الاختلاط: «فهذه امرأة من الصحابة يدخل عليها الرجال لأخذ العلم فتستضيفهم وتطعمهم وتسقيهم» .
الجواب:
1 -
معنى الحديث: قال الإمام النووي في شرحه لهذا الحديث من صحيح مسلم:
مَعْنَى (أَتْحَفَتْنَا) ضَيَّفَتْنَا (وَرُطَب اِبْن طَاب) نَوْع مِنْ الرُّطَب الَّذِي بِالْمَدِينَةِ، وَأَمَّا السُّلْت: فَبِسِينٍ مُهْمَلَة مَضْمُومَة ثُمَّ لَام سَاكِنَة ثُمَّ مُثَنَّاة فَوْق وَهُوَ حَبّ مُتَرَدِّد بَيْن الشَّعِير وَالْحِنْطَة قِيلَ طَبْعه طَبْع الشَّعِير فِي الْبُرُودَة وَلَوْنه قَرِيب مِنْ لَوْن الْحِنْطَة. وَقِيلَ: عَكْسه.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث اِسْتِحْبَاب الضِّيَافَة وَاسْتِحْبَابهَا مِنْ النِّسَاء لِزُوَّارِهِنَّ مِنْ فُضَلَاء الرِّجَال، وَإِكْرَام الزَّائِر وَإِطْعَامه، وَاللهُ أَعْلَم» (1).
2 -
مطلق الدخول لا يعني دخول الحجاب أو الجلوس وجهًا لوجه فهناك فرق بين قولهم: «دخلنا على فلانة» وقولهم: «دخلنا الحجاب» (2).
(1) شرح صحيح مسلم (10/ 103).
(2)
انظر: الاختلاط بين الجنسين أحكامه وآثاره، د محمد بن عبد الله المسيميري، د محمد بن عبد الله الهبدان (ص197، 217).
وقد تقدم توضيح ذلك بالتفصيل (1).
وهذا الأثر ليس صريحًا في الدلالة على ما يَدْعُون إليه من الاختلاط، ويجب فهمه في ضوء واقع الصحابة رضي الله عنهم، وليس واقع كثير من المسلمين اليوم، فإن المعهود من نساء الصحابة أنهن لم يَكُنَّ يختلطن بالرجال في الطريق امتثالًا لأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ألا يحْقُقْنَ الطريق، فكيف يَتَصور ذو قلب مريض أن فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ رضي الله عنها كانت تجلس بين الرجال كما يحدث الآن، ولماذا لا يتخيل أنها قدمت لهم الطعام عن طريق أحد المحارم أو أحد العبيد، ولماذا لا يتخيل أنها كلمت الشعبي رحمه الله من وراء حجاب كما كان المعهود من فعل المسلمات حتى عهد قريب.
3 -
إن صح استدلالهم به، فليس لهم فيه حجة لأن قول الصحابي وفعله لا اعتبار له إذا خالف الكتاب والسنة؛ قال تعالى:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)} (النساء: 59).
(1) فتح الباري (9/ 286)