الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشبهة الخامسة والعشرون بعد المائة:
هل قام عبد الرحمن بن عوف بمشاورة النساء في اختيار الخليفة بعد وفاة عمر بن الخطاب رضي الله عنه
-:
قالوا: بعد وفاة عمر بن الخطاب أصبح لعبد الرحمن بن عوف الأمر في اختيار أحد الرجلين ليكون خليفة المسلمين: عثمان بن عفان وعليّ بن أبي طالب رضي الله عنهم، فقام بمشاورة الناس حتى النساء في اختيار الخليفة بعده.
قالوا: وهذا من أعظم الأدلة على حق المرأة في إبداء الرأي في اختيار الخليفة، وهو ما كاد يكون إجماعًا من الصحابة لعدم الاعتراض على عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة النبوية: «بقي عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يشاور الناس ثلاثة أيام وأخبر أن الناس لا يعدلون بعثمان، وأنه شاور حتى العذارى في خدورهن» (2).
(1) البداية والنهاية (10/ 211).
(2)
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية (6/ 350).
الجواب:
أولًا: تأمل كيف بنوا إجماع الصحابة رضي الله عنهم على قصة وردت في أحد كتب التاريخ، ويقال لهم: أثبِت العرش ثم انقش، أثبِتوا أولًا أن هذا صحيح ثم ابنُوا عليه إجماع الصحابة، وأنّى لكم ذلك، فقد ذكر الحافظ ابن كثير هذا الكلام في كتابه (البداية والنهاية) وهو كتاب تاريخ، ومتى كانت كتب التاريخ والقصص مصدرًا من مصادر الأحكام الشرعية؟
ثم إن الحافظ ابن كثير ذكر هذه القصة بصيغة التمريض وبدون سند مما يدل على ضعفها فقال: «وَيُرْوَى أَنَّ أَهْلَ الشُّورَى جَعَلُوا الْأَمْرَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ؛ لِيَجْتَهِدَ لِلْمُسْلِمِينَ فِي أَفْضَلِهِمْ فَيُوَلِّيَهُ، فَيُذْكَرُ أَنَّهُ سَأَلَ كُلَّ مَنْ يُمْكِنُهُ سُؤَالُهُ مِنْ أَهْلِ الشُّورَى وَغَيْرِهِمْ، فَلَا يُشِيرُ إِلَّا بِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ حَتَّى أَنَّهُ قَالَ لِعَلِيٍّ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أُوَلِّكَ، فَمَنْ تُشِيرُ بِهِ؟ قَالَ: بِعُثْمَانَ. وَقَالَ لِعُثْمَانَ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أُوَلِّكَ، فَمَنْ تُشِيرُ بِهِ؟ قَالَ: بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ
…
» (1)، ثم ذكر الكلام السابق ذكره.
فتأمل أخي القارئ كيف جعلوا الدليل على حق المرأة في اختيار الخليفة رواية لا سَنَدَ لها ذكرها الحافظ ابن كثير في (البداية والنهاية) وأشار إلى ضعفها بأن ذكرها بصيغة التمريض.
يجب علينا أن نجعل الدليل أمامنا ولا نجعله وراءنا، وألا نصدر أحكامًا ثم نبحث عن دليل عليها، بل ننظر أولًا في الآثار ونتأكد من صحتها ثم ننظر إن كانت تصلح دليلًا أم لا.
(1) البداية والنهاية (10/ 210).
ثانيًا: بإجماع العلماء ليس للنساء الحق في اختيار الخليفة، يقول الإمام الجويني:
ثالثًا: بنوا على هذه القصة الضعيفة أن العذراء الصغيرة قد أبدت رأيها في اختيار الخليفة فلابد أن لرأي النساء تأثيرًا في اختيار الخليفة.
ويقال لهم: في هذه القصة (الضعيفة) أيضًا أنه شاور الولدان في المكاتب (أي الكتاتيب) فهل ـ من وجهة نظرهم ـ للصبيان في المدارس الإبتدائية الحق في اختيار الخليفة بناء على استدلالهم بهذه القصة الضعيفة.
(1) غياث الأمم في التياث الظلم (ص80 - 81).