المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌7 - باب الدعوات في الأوقات - شرح المصابيح لابن الملك - جـ ٣

[ابن الملك]

فهرس الكتاب

- ‌8 - كِتَابُ فَضَائِل القُرْآنِ

- ‌فصل

- ‌ فصلً

- ‌9 - كِتابُ الدَّعَوَاتِ

- ‌2 - باب ذِكْرِ الله عز وجل والتَّقرُبِ إليهِ

- ‌3 - باب أَسْماءِ الله تعالى

- ‌4 - باب ثَواب التَّسبيح والتَّحميد والتَّهليل

- ‌5 - باب الاستِغفار والتَّوبة

- ‌فصل

- ‌6 - باب ما يقُول عند المصَّباح والمَسَاء والمَنام

- ‌7 - باب الدَّعَواتِ في الأَوْقاتِ

- ‌8 - باب الاستِعاذَة

- ‌9 - باب جامع الدعاء

- ‌10 - كِتَابُ الحَجِّ

- ‌1 - باب المَناسِك

- ‌2 - باب الإِحْرام والتَّلْبية

- ‌3 - قِصَّةُ حجة الوداع

- ‌4 - باب دُخُول مَكَّةَ والطواف

- ‌5 - باب الوُقوف بِعَرَفة

- ‌6 - باب الدفْع من عَرَفَةَ والمُزْدَلِفَة

- ‌7 - باب رَمْيِ الجِمَار

- ‌8 - باب الهَدْي

- ‌9 - باب الخلق

- ‌فصل

- ‌10 - باب الخُطْبة يومَ النحر ورَمْي أيام التشريق والتوديع

- ‌11 - باب ما يجتنبه المحرم

- ‌12 - باب المحرِم يَجتنِب الصيد

- ‌13 - باب الإِحْصَار وفَوْت الحَجّ

- ‌14 - باب حرَم مكةَ حرَسَها الله

- ‌15 - باب حرَم المَدينة على ساكنها الصلاةُ والسلام

- ‌11 - كِتَابُ البُيُوعِ

- ‌1 - باب الكَسْب وطلَب الحلال

- ‌2 - باب المُساهلةِ في المُعاملة

- ‌3 - باب الخِيَارِ

- ‌4 - باب الرِّبا

- ‌5 - باب المنهي عنها من البيوع

- ‌فصل

- ‌6 - باب السَّلَمِ والرَّهنِ

- ‌7 - باب الاحتِكارِ

- ‌8 - باب الإفلاسِ والإنظارِ

- ‌9 - باب الشَّركة والوَكالةَ

- ‌10 - باب الغَصْبِ والعاريَةِ

- ‌11 - باب الشُّفْعَةِ

- ‌12 - باب المُساقاةِ والمُزارعةِ

- ‌13 - باب الإجارةِ

- ‌14 - باب إحياء المَوَاتِ والشِّرْبِ

- ‌15 - باب العطايا

- ‌فصل

- ‌16 - باب اللُّقَطَة

- ‌17 - باب الفرائضِ

- ‌18 - باب الوصايا

- ‌12 - كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌2 - باب النَّظَرِ إلى المَخطوبة وبيانِ العَورات

- ‌3 - باب الوليِّ في النِّكاح واستِئذانِ المَرأةِ

- ‌4 - باب إعلانِ النكاحِ والخِطبةِ والشَّرطِ

- ‌5 - باب المُحرَّماتِ

- ‌6 - باب المُباشَرةِ

- ‌فصل

- ‌7 - باب الصَّداق

- ‌8 - باب الوَليمةِ

- ‌9 - باب القَسْمِ

الفصل: ‌7 - باب الدعوات في الأوقات

"عزَّ جارُك"؛ أي: من التجأ إليك صارَ عزيزاً محفوظاً عن شر الأشرار، الجارُ: المستجير.

"وجلَّ ثناؤُك ولا إله غيرُك، لا إله إلا أنت".

"ضعيف".

* * *

‌7 - باب الدَّعَواتِ في الأَوْقاتِ

(باب الدَّعَوات في الأوقات)

مِنَ الصِّحَاحِ:

1734 -

قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "لو أنَّ أَحَدَهُم إذا أرادَ أنْ يأتيَ أهلَه قال: بسم الله، اللهمَّ جَنِّبنا الشيطانَ، وجنِّبِ الشيطانَ ما رزقتَنا، فإنَّه إنْ يُقَدَّر بينَهما ولدٌ في ذلك لم يَضُرَّهُ شيطانٌ أبدًا".

"من الصحاح":

" عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنه - أنَّه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: لو أن أحدكم"، (لو) هذه يجوز أن تكون شرطية وجوابُها محذوف، وأن تكون للتمنِّي.

"إذا أراد أن يأتيَ أهلَه"؛ أي: يطأ زوجته.

"قال: بسم الله، اللهمَّ جَنِّبنا"؛ أي: بَعّدنا "الشيطانَ، وجَنِّب الشيطانَ"؛ أي: بعِّدْه ونحِّه.

"ما رَزَقْتَنا"؛ أي: من الأولاد، مفعول ثانٍ لجنب.

ص: 188

"فإنَّه إنْ يقدَّرْ بينهما ولدٌ في ذلك" الوقت "لم يضرَّه شيطان أبدًا".

* * *

1735 -

وعن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ يقولُ عندَ الكَربِ: "لا إله إلا الله العَظيمُ الحَليمُ، لا إلهَ إلا الله ربُّ العَرشِ العَظيمُ، لا إلهَ إلا الله ربُّ السَّماواتِ وربُّ الأرضِ وربُّ العرشِ الكريمُ".

"وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكَرب"؛ أي: عند الغَمِّ: "لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله ربُّ العرشِ العظيم، لا إله إلا الله ربُّ السموات وربُّ الأَرض وربُّ العرشِ الكريم"، وهذا الذِّكْر منه عليه الصلاة والسلام إعلامٌ بأنّه لا يقدِر أحدٌ على إزالة الغَمِّ إلا الله بذكر أسمائه الحسنى، وصفاتِه العُظْمى.

* * *

1736 -

عن سُليمان بن صُرَد أنَّه قال: استَبَّ رجُلانِ وأَحدُهما يسُبُّ صاحبَه مُغْضَباً قد احمَرَّ وَجْهُه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إنِّي لأَعلَمُ كلمةً لو قالَها لَذَهَبَ عنهُ ما يَجدُ: أَعوذُ بالله مِن الشيطانِ الرجيم".

"وعن سليمانَ بن صُرَد أنَّه قال: استَبَّ رجلان"؛ أي: تشاتما.

"فأحدهما يسبُّ صاحبَه مُغْضَبًا" بفتح الضاد: حال من فاعل (يسبُّ).

"قد احمرَّ وجهُه، فقال النبيُّ عليه الصلاة والسلام: إني لأعلمُ كلمةً لو قالها لذهبَ"؛ أي: لزالَ "عنه ما يجدُ" من الغضب: "أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم".

ص: 189

1737 -

وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: " إذا سمِعْتُم صياحَ الدِّيَكةِ فسَلُوا الله مِنْ فَضْلِهِ، فإنَّها رأَتْ مَلَكًا، وإذا سَمِعتُم نهَيقَ الحِمارِ فتعوَّذوا بالله مِن الشَّيطانِ الرَّجيم، فإنَّها رأَتْ شيطانًا".

"وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا سمعتم صياحَ الدِّيَكة" بكسر الدال وفتح الياء: جمع الديك.

"فاسْألوا الله من فضله، فإنها": ضمير التأنيث على تأويل الدابة.

"رأتْ مَلَكًا، وإذا سمعتُم نهيقَ الحِمار فتعوَّذوا بالله من الشيطان الرجيم، فإنَّه رأى شيطانًا"، وهذا يدلُّ على نزولِ الرحمة والبركَة عند حضور أهل الصلاح، فيستَحبُّ عند ذلك طلبُ الرحمة والبركة من الله الكريم، ونزول الغضب والعذاب على أهل الكفر، فيستحبُّ الاستعاذةُ عند مرورهم خوفاً أن يصيبَهم شرورُهم.

* * *

1738 -

عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ إذا استَوَى على بَعيرهِ خارِجًا إلى السَّفَرِ كبَّرَ ثلاثًا، ثمَّ قال:" {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ}، اللهمَّ إنّا نسألكَ في سَفَرِنا هذا البرَّ والتَّقَوْى، ومِنَ العمَلِ ما تَرضَى، اللهمَّ هَوِّنْ علَينا سفَرَنا هذا، واطْوِ لَنا بُعْدَه، اللهمَّ أنتَ الصَّاحِبُ في السَّفَرِ، والخَليفَةُ في الأهلِ، اللهمَّ إني أَعُوذُ بكَ مِن وَعْثاءَ السَّفَرِ، وكآَبَةِ المَنْظَرِ، وسُوءِ المُنْقَلَبِ في المالِ والأهلِ"، وإذا رجَعَ قالَهُنَّ، وَزادَ فيهنَّ:"آيبونَ تائبُونَ عابدُونَ لربنا حامِدُونَ".

"وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اسْتَوى على بعيره"؛ أي: استقر على ظهره "خارجًا إلى السَّفَر كبَّرَ ثلاثًا، ثمَّ قال: سبحانَ الذي سخَّر لنا هذا وما كنا له مُقْرِنين"؛ أي: مُطِيقين، يعني: لا طاقةَ لنا ولا قوةَ بنا بركوب

ص: 190

الدوابِّ وتسخيرها لولا تسخيرُ الله إياها لنا، فنسبِّحه ونحمَدُه على هذه النعمة.

"وإنا إلى ربنا لمنقلِبون"؛ أي: راجعون إليه، الانقلاب: الانصراف.

وفيه إشارة: إلى أن استيلاءه على مركب الحياة كمن هو على ظَهْر الدابة لا بدَّ من زوالها.

"اللهمَّ إنا نسألُك في سفرنا هذا البِرَّ والتَّقْوى، ومن العمل ما تَرضَى، اللهم هَوِّنْ علينا سفرَنا هذا واطوِ لنا بُعدَه"، من الطَّيِّ؛ أي: قَرّب لنا بُعْدَ هذا السَّفَر.

"اللهم أنت الصاحبُ"؛ أي: الملازِمُ "في السفر"؛ أراد مصاحبته تعالى إياه بالعناية والعِلْم والحِفْظ، فنبَّه عليه الصلاة والسلام بهذا القولِ على الاعتماد عليه تعالى والاكتفاءِ به عن كلِّ صاحب سواه.

"والخليفةُ في الأهل"؛ يعني: أنت الذي تُصلِحُ أمورَنا في أوطاننا، وتحفَظُ أهلَ بيوتنا في غيبتنا.

"اللهم إني أعوذُ بك من وَعْثاء السَّفَر"؛ أي: شدَّته ومشقَّته.

"وكآبة المَنْظَر"، الكآبةُ: تغييرُ النفس بالانكسار من شدَّة الهم والحزن.

"وسوء المُنقَلَب": - بفتح اللام مصدر ميمي -؛ أي: من سوءِ الرجوعِ بأن يصيبنا خسرانٌ أو مرضٌ.

"في المال والأهل، وإذا رجعَ"؛ أي: النبيُّ عليه الصلاة والسلام عن السَّفَر.

"قالَهنَّ"؛ أي: هذه الكلمات عندَ رجوعه.

"وزاد فيهن: آيبون"؛ أي: نحن آيبُون؛ أي: راجِعُون من السفر بالسلامة إلى أوطاننا.

ص: 191

"تائبون"؛ أي: إلى الله من المعاصي.

"عابدون"؛ أي: مُخلِصون العبادةَ لله.

"حامدون" على هذه النعم.

* * *

1739 -

عن عبد الله بن سَرجِس رضي الله عنه أنَّه قال: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا سافرَ يتَعَوَّذُ مِن وَعْثاءِ السَّفَر، وكآبةِ المُنْقَلَبِ، والحَوْرِ بعدَ الكَوْرِ، ودَعوةِ المَظلومِ، وسُوءِ المَنْظرِ في الأَهل والمالِ.

"وعن عبدِ الله بن سَرجِس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافرَ يتعوَّذ من وَعْثاء السفر، وكآبةِ المُنْقَلَب، والحَوْر بعد الكَوْر"؛ أي: ومن النقصان بعد الزيادة، والتفرُّق بعد الاجتماع.

"ودعوةِ المظلومِ، وسُوءِ المَنْظَر في الأهل والمال".

* * *

1740 -

وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن نزلَ مَنزلًا، ثمَّ قال: أعوذُ بكَلِماتِ الله التامَّاتِ مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ، لم يَضُرَّه شَيءٌ حتَّى يرتَحِلَ من مَنْزلهِ ذلك".

"وعن خولةَ بنت حَكِيم أنها قالت: قال رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم: مَنْ نزلَ مَنْزِلًا ثمَّ قال: أعوذُ بكلماتِ الله التَّامَّاتِ"، أرادَ بها أسماءَ الله وصفاتِه.

"مِن شَرِّ ما خلقَ لم يَضُرَّه شيءٌ حتى يرتحلَ من منزلِه ذلك".

ص: 192

1741 -

وقال أَبو هُريرةَ رضي الله عنه: جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ الله!، ما لَقِيْتُ من عَقْربٍ لَدَغَتْنِي البارحةَ!، قال:"أما لو قلتَ حينَ أَمسَيْتَ: أَعُوذُ بكَلِماتِ الله التّامّاتِ مِنْ شَرِّ ما خلَقَ؛ لم تَضُرَّك".

"وقال أبو هريرة رضي الله عنه: جاءَ رجلٌ إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقال: يا رسولَ الله! ما لقيتُ"، (ما): للاستنهام بمعنى التعظيم؛ أي: لقيتَ شدَّةَ عظيمةَ "من عقربٍ لدغتْني البارحة؟ قال: أَما لو قلتَ حين أمسيتَ: أعوذُ بكلماتِ الله التّامات كلّها من شر ما خلق لم تَضُرَّك"، فاعله ضمير عائد إلى العقرب.

* * *

1742 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كانَ إذا كانَ في سَفَرٍ وأَسحَرَ يقولُ: "سَمعَ سامعٌ بحمدَ الله وحُسْنِ بَلائِه علَينا، رَبنا صاحِبنا، وأَفْضلْ عَلَينا، عائذًا بالله من النَّارِ".

"وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا كان في سَفَر وأَسْحَرَ"؛ أي: دخلَ في وقت السَّحَرِ.

"يقولُ: سمعَ سامعٌ"، لفظُه خبرٌ ومعناه أَمْر؛ أي: ليسمع السامع، أو مَن له سَمْعٌ، وليشهدِ الشّاهد.

"بحمدِ الله وحُسْنِ بلائه"، البلاء ها هنا: النعمة؛ أي: وباعترافنا على حسن نعمه.

"علينا ربنا": منادى.

"صاحِبنا"، بصيغة الأمر؛ أي: أعِنَّا وحافِظْنا.

"وأفضلْ"؛ أي: تفضَّلْ "علينا" وأحسن إلينا بإدامة النعمة ومزيدِها

ص: 193

والتوفيقِ للقيامِ بحقوقها.

"عائذًا"، نصب على المصدر؛ أي: أعوذ عياذًا "بالله من النار"، أقيم اسمُ الفاعل مُقامَ المصدر، أو على الحال من فاعل (يقول)، فيكون من كلام الراوي، أو مِن: فاعل (أسحرَ) فيكون مِن كلام الرسول صلى الله عليه وسلم.

* * *

1743 -

وقال ابن عمر: كانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قفَلَ من غَزْوٍ أو حَجٍ أو عُمْرة يُكَبرُ على كلِّ شَرَفٍ من الأَرضِ ثلاثَ تكبيراتٍ، ثمَّ يقول:"لا إلهَ إلا الله وحدَة لا شريكَ له، له الملك، ولهُ الحمد، وهوَ على كل شيءٍ قديرٌ، آيبُونَ تائبُونَ عابدُونَ ساجِدُونَ، لِرَبنا حامِدُونَ، صدَقَ الله وَعْدَهُ، ونصَرَ عَبْدَهُ، وهَزَم الأَحزابَ وَحْدَه".

"وقال ابن عمرَ رضي الله عنهما: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا قَفَلَ"؛ أي: رجع "من غزوٍ أو حَجّ أو عُمْرةٍ يكبّرُ على كلّ شَرَفٍ"؛ أي: مكان عالٍ.

"من الأرض ثلاث تكبيرات ثمَّ يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمدُ وهو على كلّ شيء قديرٌ، آيبون، تائبون، عابدون، ساجدون، لربنا حامدون، صدق الله وَعْدَه"؛ أي: في وعده بإظهار الدين.

"ونصرَ عَبْدَه"، أراد عليه الصلاة والسلام نفسَه.

"وهزمَ الأحزابَ وحدَه"، جمع حزب؛ أي: الطوائفَ من القبائل المجتمِعة لمحاربة النبي صلى الله عليه وسلم ومحاصَرِة المدينة، وكانوا اثني عشر ألفاً سوى من انضمَّ إليهم من اليهود، ومضى عليهم قريبٌ من شهر لم يقعْ بينهم حربٌ إلا الترامي بالنَّبْل والحجارة، فأرسل الله عليهم ريحاً ليلةً سفَّتِ الترابَ على وجوههم، وأطفأتْ نيرانَهم، وقلعت الأوتادَ، وبعثَ ألفاً من الملائكة فكبَّرت في عسكرهم، فماجَت الخيلُ، وقذفَ في قلوبهم الرعبَ فانهزمُوا.

ص: 194

وفيه نزلَ قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب: 9].

* * *

1744 -

وقال عبد الله بن أَبي أَوْفَى رضي الله عنه: دَعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومَ الأحزابِ على المُشركينَ فقال: "اللهمَّ مُنْزِلَ الكِتابِ، سَريعَ الحِسابِ، اللهمَّ اهْزِمِ الأحزاب، اللهمَّ اهزِمْهم، وزَلْزِلْهُم".

"وقال عبدُ الله بن أبي أَوْفَى رضي الله عنه: دعا رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم يومَ الأحزابٍ على المُشْركين فقال: اللهمَّ مُنزِلَ الكتاب، سريعَ الحساب، اللهم اهزِم الأحزابَ، اللهم اهزمهم وزَلْزِلْهم"؛ أي: اجعلْ أمرَهم مضطرِبًا متقلْقِلاً غيرَ ثابت.

* * *

1745 -

قال عبد الله بن بُسر: نزَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على أَبي، فَقَرَّبنا إليهِ طَعاماً ووَطْيةً، فأكلَ منها، ثمَّ أُتِيَ بتَمْرٍ، فكانَ يأكُلُه، ويُلْقِي النَّوَى بينَ أُصبَعَيْهِ ويجمعُ السَّبابَةَ والوُسْطَى، وفي روايةٍ: فجَعَل يُلْقي النَّوَى على ظَهْرِ أُصبعَيْهِ السَّبابة والوُسْطَى، ثمَّ أُتِيَ بشَرابٍ، فَشَرِبَهُ، فقال أَبي - وأخَذَ بِلِجامِ دابتِهِ -: ادعُ الله لنا، فقال:"اللهمَّ بارِكْ لهم فيما رزقْتَهم، واغفر لهم، وارحمْهم".

"قال عبد الله بن بُسْر رضي الله عنه: نزل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على أَبي، فقَرَّبنا إليه طعاماً ووَطْبةً فأكل منها"، بالباء الموحدة: سقاء اللبن خاصة، ويكون من الجِلْد.

ذكر المحقِّقون من الحُفَّاظ أنه تصحيف والصوابُ: وَطِيئة على وزن وَثيقَة، وهي طعامٌ يُتَّخَذُ من التمر كالحَيْس، سُمّيَ بذلك؛ لأنه يوطأ باليد؛ أي:

ص: 195

يُضرَب ويُدلَك ليختلط، ويدل على صحته قول الراوي:(فأكل (منها)، والوطيئة لا تؤكَل بل يُشرَب منها.

"ثمَّ أُتي بتمرٍ فكان يأكلُه ويُلقي النوى بين أُصبعيه، ويجمَع السَّبَّابة والوسطى، وفي رواية: فجعلَ يُلْقي"؛ أي: فطفِقَ يَرمِي "النوى على ظَهر إصبعيه السبابةِ والوُسْطى، ثمَّ أُتِيَ بشرابٍ فشربَه، فقال أبي وأخذ بلجامِ دابَّته: ادع الله لنا، فقال: اللهم بارك لهم فيما رزقتَهم واغفر لهم وارحَمْهم".

* * *

مِنَ الحِسَان:

1746 -

عن طَلْحة بن عُبيد الله رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كانَ إذا رأَى الهلالَ قال: "اللهمَّ أَهِلَّهُ علينا بالأمنِ والإيمانِ، والسَّلامةِ والإِسلامِ، ربي وربُّكَ الله"، غريب.

"من الحسان":

" عن طلحةَ بن عُبيد الله: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الهلالَ قال: اللهم أَهِلَّه"؛ أي: أطلِعْه وأخرجْه من مَطْلَعه "علينا بالأَمْن"، الباء للسببية؛ أي: اجعلْه سببَ أمنٍ لنا، أو للمصاحبة؛ أي: اجعلْه مصاحِباً للأمن.

"والإيمان": أراد به ثباته.

"والسلامةِ والإِسلام، ربي وربُّك الله"، خطابٌ للهلال، وتنزيةٌ للخالق عن مُشاركٍ في تدبير خَلْقِه، وتنبيهٌ على أن الدعاء مستَحبٌّ عند ظهور الآيات وتقلُّبِ الأحوال.

"غريب".

ص: 196

1747 -

عن عبد الله بن عُمر، عن أَبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما مِن رجُلٍ رَأَى مُبْتَلًى فقال: الحمدُ للهِ الذي عافاني ممَّا ابتلاكَ بهِ، وفضَّلنِي على كثيرٍ ممن خَلَقَ تَفْضيلًا إلَّا لم يُصِبْهُ ذلكَ البلاءُ كائنًا ما كان"، غريب.

"وعن عبد الله بن عمرَ - رضي الله تعالى عنهما - عن أبيه أنَّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما مِن رجلٍ رأى مبتلًى فقال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاكَ به وفضَّلَني على كثيرٍ ممن خَلقَ تفضيلاً إلا لم يُصِبْه ذلك البلاءُ كائنًا ما كان"؛ أي: حالَ كونِ ذلك البلاء أيَّ شيءٍ كان.

"غريب".

* * *

1748 -

وعن ابن عُمر، عن أبيه عُمر رضي الله عنه: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَن قَالَ في سوقٍ جامعٍ يُباعُ فيه: لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، لهُ الملكُ، وله الحَمْدُ، يُحيي، ويُميتُ، وهوَ حي لا يَمُوتُ، بيد الخيرُ، وهُوَ على كلِّ شيءٍ قديرٌ؛ كتبَ الله لهُ ألفَ ألفِ حسنةٍ، ومَحا عنه ألفَ ألفِ سَيئةٍ، ورفَعَ له ألفَ ألفِ درَجةٍ، وبنى له بَيْتاً في الجَنَّةِ"، غريب.

"عن ابن عمرَ رضي الله عنهما، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مَن قال في سوقٍ جامعٍ يُباعُ فيه: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو حيٌّ لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، كتبَ الله له ألفَ ألفِ حسنةٍ، ومحا عنه ألفَ ألفِ سيئةٍ، ورفعَ له ألفَ ألفِ درجة، وبنى له بيتاً في الجنة"؛ وذلك لأنَّ السوقَ مكانُ الاشتغال عن الله وعن ذِكْرِه بالتجارة والبيع والشراء، فمَن ذكر الله فيه كانَ أجرُه عظيماً.

"غريب".

ص: 197

1749 -

عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن جلَسَ مَجلِسًا فكثُرَ فيهِ لَغَطُهُ، فقالَ قبلَ أنْ يقُومَ: سُبحانَكَ اللهمَّ وبحمدِكَ، أشهدُ أنْ لا إلهَ إلا أنتَ، أستغفِرُكَ، وأتوبُ إليك إلَّا غُفِرَ لهُ ما كانَ في مَجْلسِهِ ذلك".

"وعن أبي هريرَة رضي الله عنه أنَّه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: مَن جلسَ مجلِسًا فكثُرَ فيه لَغَطُه"، بفتحتين؛ أي: صوتُه عند ظهورِ الآياتِ، لا يُفهِم معناه، وقيل: كلُّ كلام لا فائدةَ فيه أو فيه إثمٌ فهو لَغَطٌ.

"فقال قبلَ أن يقومَ: سبحانَك اللهمَّ وبحمدكَ، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوبُ إليك، إلا غفرَ له ما كان في مجلسِه ذلك".

* * *

1750 -

عن علي رضي الله عنه: أنَّه أُتيَ بدابَّةٍ ليَركَبَها، فلمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ في الرِّكابِ قال: بسم الله، فلما استَوَى على ظَهْرِها قال: الحَمْدُ للهِ، ثمَّ قال:{سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} ، ثم قال: الحمدُ لله ثلاثاً، والله أكبرُ ثلاثًا، سُبحانَكَ إنِّي ظلَمْتُ نفَسِي، فأعفر لي ذُنوبي، فانَّه لا يغفِرُ الذنوبَ إلا أنت، ثمَّ ضَحِكَ، فقيلَ: مِنْ أيِّ شيءٍ، ضحِكْتَ؟ قال: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع كما صنَعتُ ثمَّ ضحِكَ، فقلتُ: مِنْ أَيّ شيءٍ ضَحِكتَ يا رسولَ الله؟ قال: "إنَّ رَبكَ لَيَعجَبُ مِن عَبْدهِ إذا قَالَ: رَبِّ اغْفِر لي ذُنوبي، فيقولُ الله: عَبْدي يَعْلَمُ أن الذُّنوبَ لا يغفِرُها أَحَدٌ غَيْري".

"وعن علي بن ربيعةَ الأَسَدي: أن عليًا أُتِيَ بدابَّةٍ لِيركبَها، فلمَّا وضع رجلَه في الركاب قال: بسم الله، فلما استوى على ظهرها قال: الحمد لله، ثمَّ قال:{سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} [الزخرف: 13 - 14]، ثمَّ قال: الحمدُ لله، ثلاثاً، والله أكبرُ، ثلاثاً، سبحانَك إني ظلمتُ نفسي فاغفر لي ذنوبي فإنَّه لا يغفرُ الذنوب إلا أنت، ثمَّ ضَحِكَ،

ص: 198

فقيل له: من أيِّ شيء ضحكتَ يا أميرَ المؤمنين؟ قال: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم صنعَ كما صنعتُ ثمَّ ضحكَ، فقلتُ: من أيِّ شيءٍ ضحكتَ يا رسولَ الله؟ قال: إن ربك ليَعْجَبُ"؛ أي: يرضى "من عبده إذا قال: ربِّ اغفر لي ذنوبي، يقول"؛ أي: الله: "يعلَمُ عبدي أنَّه لا يغفرُ الذنوب غيري".

* * *

1751 -

وعن ابن عُمَرَ رضي الله عنهما أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم إذا ودَّعَ رجلًا أَخَذَ بيدِهِ، فلا يَدَعها حتى يكونَ الرَّجلُ هُوَ يدعُ يدَ النبي صلى الله عليه وسلم، وَيَقُولُ:"أَستَودِع الله دِينَكَ، وَأَمانتَكَ، وآخِرَ عَمَلِك"، وفي روايةٍ:"وخَواتِيمَ عَمَلِكَ".

"وعن ابن عمرَ رضي الله عنه قال: كان النبيُّ عليه الصلاة والسلام إذا ودَّعَ رجلًا أخذ بيده فلا يَدَعُها"؛ أي: فلا يتركُ يد ذلك الرجل من غاية التواضُع.

"حتى يكونَ الرجل هو الذي يدَعُ يدَ النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول: أستودعُ الله"؛ أي: أسألُ الله أن يحفظَ "دينَك وأمانتَك"، جعلَ الدِّينَ والأمانَة من الودائع؛ لأنَّ السفرَ يصيب الإنسانَ فيه المشقةُ والخوفُ، فيكون سبباً لإهمال بعضِ أمورِ الدين، فدعا له بالمعونةِ فيه والتوفيقِ، وأرادَ بالأمانة هنا: أهلَ الرَجُل ومالَه.

"وآخرَ عَمَلِك"؛ أي: خاتمتَه حتى يختِمَ بخير.

"وفي رواية: وخواتيمَ عملِك".

* * *

1752 -

ورُوي: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا أرادَ أنْ يَستَودع الجَيْشَ قال: "أَسْتَوْدعُ الله دِينَكم، وأَمانتكُم، وخَواتيمَ أعمالِكم".

"وروي: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أرادَ أن يستودعَ الجيشَ قال: أستودعُ الله

ص: 199

دينَكم وأماناتكم وخواتيمَ أعمالِكم".

* * *

1753 -

وعن أنَسٍ رضي الله عنه قال: جاءَ رجل إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ الله!، إني أُريدُ سَفَرًا، فَزَوِّدنِي، فقال:"زَوَّدَكَ الله التَّقوى"، قال: زِدْني، قال:"وغفرَ ذنبَكَ"، قال: زِدنِي بأَبي أنتَ وَأُمِّي، قال:"وَيسَّرَ لك الخَيْرَ حيثُما كُنْتَ"، غريب.

"عن أنسٍ رضي الله عنه أنه قال: جاءَ رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إني أريد سفَرًا فزودني"، من التزويد، وهو إعطاءُ الزاد، يعني به: ادعُ لي، ودعاؤُك خيرُ الزاد.

"فقال: زَوَّدَك الله التَّقْوى، قال: زدْني، قال: وغفرَ ذنبَك، قال: زدْني بأبي أنت وأمي، قال: ويسَّرَ لك الله الخيرَ حيثما كنتَ".

"غريب".

* * *

1754 -

عن أبي هُريرةَ رضي الله عنه: أن رجُلًا قال: يا رسولَ الله، إنِّي أريدُ أَنْ أُسافِرَ، فأَوْصِنِي، قال:"عليكَ بتقوَى الله، والتكبيرِ على كل شَرَفٍ"، فلما وَلَّى الرجلُ قال:"اللهمَّ اطْوِ لَهُ البُعدَ، وهَوِّن عليهِ السَّفَرَ".

"وعن أبي هريرةَ: أن رجلًا قال: يا رسولَ الله! إني أريدُ أن أسافرَ فأوصِني، قال: عليك بتقوى الله والتكبيرِ على كل شَرَفٍ"؛ أي: مكانٍ عالٍ.

"فلما وَلَّى الرجلُ قال: اللهمَّ اطوِ له البُعْدَ، وهَوِّنْ عليه السَّفَر".

ص: 200

1755 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كانَ رسولُ الله إذا سافَرَ، فأقبلَ الليلُ؛ قال:"يا أَرضُ! ربي وربُّكِ الله، أَعوذُ بالله مِن شَرِّكِ، وشرِّ ما فيكِ، وشَرِّ ما خُلِقَ فيكِ، وشرِّ ما يَدِبُّ علَيكِ، وأَعوذُ بالله مِن أسدٍ وأَسْوَدَ، ومِن الحيَّةِ والعَقْربِ، ومِن ساكنِ البلَدِ، ومِن والدٍ وما ولَدَ".

"وعن ابن عمرَ رضي الله عنه أنَّه قال: كان رسولُ الله إذا سافرَ فأقبلَ الليلُ قال: يا أرضُ! ربِّي وربُّكِ الله"؛ يعني: إذا كان خالقِي وخالقك هو الله فهو المستحِق أن يُلْتَجَأ إليه.

"أعوذُ بالله مِن شِرِّكِ" أراد منه الخسف والزلزلة والسقوط عن موضع مرتفع وغير ذلك، "وشرِّ ما فيكِ" من المياه، فيُهْلِكَ أحدًا، أو يخرج نباتٌ، فيصيب أحدًا ضَرَرٌ من أَكْلِه.

"وشرِّ ما خُلِقَ فيك" من الحيوان المؤذِية في بطنك.

"وشرّ ما يدبُّ عليكِ"؛ أي: يَمشي على ظهرِك من الحيوانات.

"وأعوذُ بالله من أَسدٍ وأَسْوَد"؛ بفتح الهمزة: الحيةُ العظيمةُ التي فيها سوادٌ، وهي أخبَثُ الحيّات، وقيل: أرادَ بالأَسْوَد اللصَّ لملابسة الليل.

"ومن الحَيَّة"، أراد به كل حيَّةِ غير الأسود.

"والعقربِ، ومن شَرِّ ساكنِ البَلَد"، قيل: هم الإنس؛ لأنهم يسكنون البلدان غالباً، أو لأنهم بنوها واستوطَنُوها، وقيل: هم الجِنُّ والشياطين، وأراد بالبلد الأرض.

"ومِن والدٍ وما وَلدَ"؛ يريد إبليسَ وذُريتَه، ويجوز أن يراد به جميع ما يوجد بالتوالد.

ص: 201

1756 -

عن أنسٍ رضي الله عنه قال: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا غَزا قال: "اللهمَّ أنتَ عَضُدِي ونَصِيْري، بكَ أَحُولُ، وبك أَصُولُ، وبك أُقاتِلُ".

"وعن أنسٍ رضي الله عنه أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا قال: اللهم أنت عَضُدي"؛ أي: قُوَّتي وعَوْني.

"ونصيري، وبك أَحُوْلُ"، مِن حالَ يَحِيلُ حِيلةَ، بمعنى: احتالَ، والمرادُ كيدُ العدوِّ؛ أي: بكَ أكِيدُ العدوَّ، وقيل: مِن حالَ بمعنى: تحرَّكَ؛ أي: بك وأَنْهَضُ.

وقيل: مِن حالَ بَيْنَ الشيئين إذا منعَ أحدَهما عن الآخر؛ أي: بكَ أُفرِّق بين الحقِّ والباطل.

"وبك أَصُولُ"، الصَّوْلَة: الحَمْلَة على العدوِّ.

"وبكَ أُقاتِل".

* * *

1757 -

وعن أَبي مُوسَى رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كانَ إذا خافَ قومًا قال: "اللهمَّ إنّا نجعلُكَ في نُحورِهم، ونَعوذُ بِك من شرورِهم".

"وعن أبي موسى: أن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا خافَ قومًا قال: اللهم إنا نجعلُك في نُحورِهم": جمع نَحْر، وهو الصَّدر؛ أي: نجعلُكَ حِذاء أعدائِنا حتى تدفعَهم عنّا، وخصَّ النَّحر؛ لأنَّ العدوَّ يستقبِلُ بنحره عند القتال.

"ونعوذُ بك من شرورهم".

ص: 202

1758 -

عن أُم سلمة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كانَ إذا خرجَ من بيتِهِ قال: "بسم الله، توكلْتُ على الله، اللهمَّ إنّا نعوذُ بِكَ مِنْ أنْ نَزِلَّ أو نضَلَّ، أو نظْلِمَ، أو نُظْلَمَ، أو نَجْهلَ أو يُجْهَلَ علينا"، صحيح.

وفي رواية: قالتْ أُم سلَمة رضي الله عنها: ما خرَجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مِن بيتي قَطُّ إلَّا رَفَعَ طَرفَهُ إلى السَّماء فقال: "اللهمَّ إلى أَعوذُ بكَ مِنْ أنْ أَضلَّ أو أُضَلُّ، أو أَظْلِمَ أو أُظْلَمَ، أو أَجْهَلَ أو يُجْهَلَ عَلَيَّ".

"عن أمِّ سلمةَ أن النبيَّ عليه الصلاة والسلام كان إذا خرجَ من بيته قال: بسم الله، توكَّلْتُ على الله، اللهم إنا نعوذُ بك من أن نَزِلَّ"، من الزَّلَّة؛ أي: عن الحق.

"أو نضَلَّ"؛ أي: من الضلالة؛ أي: عن الحق.

"أو نُضَلَّ" علي بناء المجهول أي: أضلني أحدٌ.

"أو نَظْلِم"؛ أي: أحدًا.

"أو نُظْلَم"، علي بناء المجهول؛ أي: من أحد.

"أو نجهَل"؛ أي: الحقَّ.

"أو يُجْهَلَ علينا"؛ أي: يفعلَ الناسُ بنا فِعلَ الجُهّال من إيصال الضرر إلينا.

"صحيح. وفي رواية: قالت أم سَلَمة: ما خرجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من بيتي قطُّ إلا رفعَ طَرفَه إلى السماء فقال: اللهم إني أعوذ بك من أن أَضلَّ أو أُضَلَّ، أو أَظْلِمَ أو أُظْلَم، أو أَجْهَل أو يُجْهَلَ عليَّ".

* * *

1759 -

عن أنَسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قال إذا خرَجَ من

ص: 203

بيتِهِ: بسمِ الله توكَّلتُ على الله، ولا حَوْلَ ولا قوةَ إلا بالله العَليِّ العظيم؛ يُقالُ له: هُدِيتَ، ووُقيتَ، وكُفِيتَ، فَيتنحَّى عنه الشَّيطان، ويقولُ شيطانٌ آخَرُ: كيفَ لكَ برجُلٍ هُدِيَ، وكُفِيَ، ووُقِيَ".

"وعن أنسٍ رضي الله عنه أنَّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مَن قال إذا خرج من بيته: بسم الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، يقال له"؛ أي: ينادي ملكٌ: يا عبدَ الله!

"هُدِيتَ"؛ أي: رُزِقْتَ إصابةَ الحقِّ ووجدانَ الطريقِ المستقيم.

"وكُفِيتَ"؛ أي: رُفعَ عنك هَمُّك.

"ووُقِيتَ"؛ أي: حُفِظْتَ من شَرّ أعدائِك.

"فَيتنحَّى"؛ أي: يتبعَّد "عنه الشيطانُ"، وهذا إما إبليسُ، أو شيطانُه الموكَّل به.

"ويقولُ شيطانٌ آخر" للشيطان الموكل: "كيف لك برجلٍ"؛ أي: بإضلال رجل.

"هُدِيَ وكُفِيَ ووُقِيَ" من الشياطين أجمعين ببركة هذه الكلماتِ، فإنك لا تقدِرُ عليه.

* * *

1760 -

عن أبي مالكٍ الأَشْعَري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا وَلَجَ الرَّجُلُ بيتَهُ فليقلْ: اللهمَّ إنِّي أسألُكَ خيرَ المولج وخَيْرَ المَخْرَجِ، بسم الله وَلَجْنا، وبسم الله خرجْنا، على الله ربنا توكَّلْنا، ثمَّ لْيُسَلَّمْ على أَهلِهِ".

"وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أنَّه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: إذا ولجَ الرجلُ"؛ أي: دخلَ "بيتَه فليقلْ: اللهم إني أسألُكَ خير المَولِج"، بفتح الميم

ص: 204

وكسر اللام؛ أي: خيرَ الموضع الذي يَلِجُ فيه.

"وخيرَ المَخْرَج"؛ أي: موضعَ الخروج.

"بسم الله وَلَجْنا"؛ أي: دخَلْنا.

"وبسم الله خَرَجْنا، وعلى الله ربنا توكَّلْنا، ثمَّ ليسلّم على أهله".

* * *

1761 -

وعن أبي هُريرةَ رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كانَ إذا رَفَّأ الإنسانَ إذا تزوَّجَ قال: "باركَ الله لك، وباركَ عَليكَ، وجمَعَ بينَكما في خَيْرٍ".

"وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه: أن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا رَفَّأ الإنسانَ"، من الترفئة - مهموز اللام -: التهنئة.

"إذا تزوَّجَ قال: باركَ الله لك، وباركَ عليكَ، وجمعَ بينَكُما في خير"، وكانوا في الجاهلية يقولون: بالرِّفاء والبنينَ، فنهى صلى الله عليه وسلم عن عادتِهم وبدَّلَه بهذه السنة الإِسلامية.

* * *

1762 -

عن عَمْرو بن شُعَيب، عن أبيه، عن جَدِّه رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا تَزَوَّجَ أحدكم امرأةً أو اشتَرى خادِمًا فليقلْ: اللهمَّ إنِّي أسألُكَ خيرَها وخَيْرَ ما جَبَلْتَها عليه، وأعوذُ بكَ مِنْ شرِّها، ومِنْ شر ما جَبَلْتَها عليهِ، وإذا اشترى بَعيرًا فلْيَأخذْ بِذِروةِ سَنامِهِ وليقل مثلَ ذلك".

ويُروى في المَرأةِ والخادمِ: "ثمَّ لْيَأْخُذْ بناصيَتِها، وليدْع بالبَرَكَةِ".

"عن عمرو بن شُعَيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا تزوَّجَ أحدُكم امرأةً أو اشترى خادمًا فليقُل: اللهم إني أسألُك خيرَها وخيرَ

ص: 205

ما جَبَلْتَها"؛ أي: خَلَقْتها "عليه، وأعوذُ بك من شَرِّها وشرِّ ما جَبَلْتَها عليه، وإذا اشترى بعيرًا فليأخُذْ بذِروة سَنامه"؛ أي: أعلاه.

"وليقُل مثلَ ذلك، ويُروَى في المرأة والخادم: ثمَّ ليأخذ بناصِيتِها، وليَدع بالبركة".

* * *

1763 -

عن جابرٍ رضي الله عنه أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سَمِعتُم نبُاحَ الكِلابِ ونهَيْقَ الحَمِيْرِ بالليلِ فتعَوَّذُوا بالله من الشيطانِ، فإنَّهنَّ يَرَيْنَ ما لا تَرَوْنَ"، صحيح.

"وعن جابرٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا سمعتُم نباحَ الكلاب ونهيقَ الحُمُر باللَّيل فتعوَّذُوا بالله من الشيطان، فإنهن"؛ أي: الكلاب والحمير "يَرَون ما لا تَرَوْن"؛ أي: من الأبالسة والجِنّ والشياطين، فتعوَّذوا بالله عند ذلك لتُحفَظُوا من شرورها.

"صحيح".

* * *

1764 -

عن أبي بَكْرَة، عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال:"دَعَواتُ المَكْروبِ: اللهمَّ رحمتَكَ أَرجُو، فلا تَكِلْنِي إلى نفْسي طَرفَةَ عَيْنٍ، وأَصلِحْ لي شَأني كلَّهُ، لا إلهَ إلا أنتَ".

"عن أبي بَكْرَة رضي الله عنه، عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: دَعَوات المكروب"؛ أي: المحزون:

"اللهمَّ رَحمتَك أَرجُو فلا تَكِلْني"؛ أي: لا تترُكْني.

"إلى نَفْسِي طَرفَةَ عَينٍ"؛ أي: لحظةً، فإنها أَعْدَى لي من جميع الأعداء،

ص: 206

وإنها عاجزةٌ لا تقدِرُ على قضاء حوائجي.

"وأصلِح لي شأني كلَّه، لا إله إلا أنت".

* * *

1765 -

عن أبي سَعيد الخُدْري رضي الله عنه قال: قَالَ رجلٌ: همومٌ لَزِمَتنيِ وديونٌ يا رسولَ الله؟ قال: "أفلا أُعَلِّمُكَ كلامًا إذا قُلْتَه أَذْهَبَ الله هَمَّكَ، وقَضَى عَنْكَ دينَكَ؟ قال: قلتُ: بلىَ، قال: "قل إذا أَصبَحتَ وإذا أَمسَيْتَ: اللهمَّ إنِّي أعوذُ بكَ من الهَمِّ والحَزَنِ، وأعوذُ بكَ مِنَ العَجْزِ والكَسَلِ، وأَعوذُ بك من الجُبن والبُخْلِ، وأَعوذُ بكَ مِنْ غَلَبةِ الدّيْنِ وقَهْرِ الرِّجالِ"، قال: ففعلْتُ ذلك، فأذهَبَ الله هَمِّي، وقَضَى عني دينِي.

"عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: قال رجلٌ: هموم لزمَتْنِي"؛ أي: عَليَّ همومٌ، جمع الهَمِّ، وهو الحُزْنُ، حُذِفَ الخبرُ لدلالة (لزمتني) عليه.

"ديونٌ يا رسول الله! قال: أفلا أعلِّمُكَ" الفاء عطف على محذوف؛ أي: ألا أُرشِدُك فأعلِّمُك "كلامًا إذا قلته أذهبَ الله همَّكَ وقضَى عنك دينَك؟ قال: قلت: بلى، قال: قل إذا أصبحتَ وإذا أمسيتَ: اللهم إني أعوذُ بك من الهَمِّ والحَزَن"، قيل: هما واحد، وإنما عطفَ أحدَهما على الآخر لاختلاف اللَّفْظَين، وقيل: الحَزَنُ يكون على ما مضى، والهمُّ على ما يستقبل.

"وأعوذُ بك من العَجْز والكَسَل"؛ أي: التثاقُل عن الشيء المحمودِ مع القدرة عليه.

"وأعوذُ بك من البُخْل"، وهو تَركُ أداءِ الزكاة والكَفَّارات، وردُّ السائل، وترك الأضياف، ومنعُ العِلم لمحتاج إليه.

"والجُبن" بضم الجيم: الخوف عند القتال مع الكفار.

ص: 207

"وأعوذ بك من غلبة الدين" وإنما استعاذ من الدَّين؛ لأنَّ نفس الإنسان معلقة به، فكان مَظِنةَ الاستعاذة.

"وقهر الرجال" أراد بالقهر هنا: الغلبة، وإضافة القهر إليها من باب إضافة المصدر إلى المفعول؛ أي: من غلبة النفس عليهم، ويمكن أن يحمل على إضافته إلى الفاعل.

"قال: ففعلت ذلك فأذهب الله همي وقضى عني ديني".

* * *

1766 -

وعن عليٍّ رضي الله عنه: جاءَهُ مكاتَبٌ فقال: إنِّي قد عَجزْتُ عن كتابتي، فأَعِنِّي، قال: ألا أُعَلَّمُكَ كَلِمات عَلَّمَنِيهِن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لو كانَ عليكَ مثْلُ جبَلٍ كبيرٍ دَينًا أدَّاه الله عنكَ؟ قل:"اللهمَّ اكفِني بحَلالِكَ عن حَرامِك، وأغنِنِي بفَضْلِكَ عمن سِواكَ".

"وعن علي رضي الله عنه أنه جاءه مكاتب فقال: إني عجزت عن كتابتي"؛ أي: عن بدل مال الكتابة، وهو المال الذي كاتَبَ به السيدُ عبدَه، العجز أصله التأخُّر عن الشيء والقصور عن الإتيان به، وهو ضدُّ القدرة عرفاً.

"فأعنِّي، قال: ألا أعلِّمك كلمات علَّمنيهِنَّ رسول الله لو كان عليك مثلُ جبلٍ كبير دينًا" يجوز أن يكون تمييزًا عن اسم (كان) لما فيه من الإبهام وقوله: (عليك) خبراً مقدماً عليه، وأن يكون خبرَ (كان) و (عليك) حالًا من المستتر في الخبر، والعامل هو معنى الفعل المقدَّر في الخبر.

"أداه الله عنك، قل: اللهم اكْفِني بحلالك عن حرامك وأغنني بفضلك عمن سواك".

ص: 208