الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ثمَّ يَقِفُ، ثمَّ يقولُ:{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ثمَّ يقِفُ، والأوَّل أصحُّ.
"ويروى أنها قالت: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقطِّع قراءتَه"، من: التقطيع؛ أي: يقرأ بالوقف على رؤوس الآيات لتبيينها.
"يقول: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، ثم يقف، ثم يقول: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، ثم يقف. والأولُ أصحُّ"؛ أي: الرواية الأولى عن أم سلمة أصحُّ من الثانية؛ لأن الثانيةَ ليست بسديدةٍ سندًا، ولا مَرْضيةٍ لهجةً؛ لأن فيها
فصلً
ا بين الصفة والموصوف.
* * *
فصل
(فصل)
مِنَ الصِّحَاحِ:
1583 -
قال عُمر بن الخطَّاب: سَمِعْتُ هِشامَ بن حَكِيمِ بن حزام يقرأُ سورةَ الفُرقانِ على غيرِ ما أَقرَؤُهَا، وكان رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَقْرَأَنِيها، فجِئْتُ بِهِ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: إنِّي سمعتُ هذا يقرأُ سُورَةَ الفُرقانِ على غيرِ ما أقرأْتَنِيها، فقالَ له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم "اقْرَأْ"، فقرأَ القِراءَةَ التي سَمِعْتُهُ، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"هكذا أُنْزِلَتْ"، ثمَّ قالَ لي:"اقْرَأْ"، فقَرَأتُ، فقال:"هكذا أُنْزِلَتْ"، إنَّ هذا القُرآنَ أُنْزِلَ على سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فاقْرَؤُوا ما تيسَّرَ منه".
"من الصحاح":
" قال عمر بن الخطاب: سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورةَ الفرقان على غير ما أقرؤُها، وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أَقرَأَنِيها"، فقلت لهشام: تعالَ
معي حتى نسألَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أن قراءتي صحيحةٌ أم قراءتُك؟
"فجئت به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إني سمعتُ هذا يقرأ سورةَ الفرقان على غير ما أَقرأتَنِيها، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: اقرأْ، فقرأَ القراءةَ التي سمعتُه"؛ أي: هشامًا يقرؤها.
"فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: هكذا أُنزلت، ثم قال لي: اقرأْ، فقرأتُ، فقال: هكذا أُنزلت؛ إن هذا القرآنَ أُنزِل على سبعةِ أَحْرُفٍ"؛ أي: على سبعةِ قراءاتٍ.
{فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} .
* * *
1584 -
وقال ابن مَسْعودٍ رضي الله عنه: "سمعتُ رجُلًا قرأَ آيةٍ، وسمِعْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يَقْرأُ خِلافَها، فجئْتُ بهِ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرْتُهُ، فعَرَفْتُ في وَجْهِهِ الكَراهِيَةَ، فقال: "كِلاكُما مُحْسِنٌ، فلا تَخْتَلِفُوا، فإنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ اخْتَلَفُوا فهَلَكُوا".
"وقال ابن مسعود: سمعت رجلًا قرأ آيةً، وسمعتُ النبيَّ عليه الصلاة والسلام يقرأ خلافَها، فجئتُ به النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأخبرتُه، فعرفت في وجهه الكراهيَةَ"، إنما كره صلى الله عليه وسلم اختلافَ ابن مسعود مع ذلك الرجل في القرآن، لأن قراءَته على وجوهٍ مختلفةٍ جائزةٌ؛ فإنكارُ بعضِ تلك الوجوهِ إنكارٌ للقرآن، وهو غير جائز.
"فقال: كلاكما مُحِسن، فلا تختلفوا؛ فإن مَن كان قبلكم اختلفوا، فهلكوا".
* * *
1585 -
وقال أُبيُّ بن كعب رضي الله عنه: كُنْتُ في المسجِدِ، فدخلَ رَجُلٌ يُصَلِّي، فقرأَ قِراءَةً أنكرتُها عليهِ، ثمَّ دَخَلَّ آخرُ فقرأَ قراءةً سِوَى قِراءةِ صاحِبهِ،
فلمَّا قَضَيْنَا الصَّلاةَ دَخَلْنَا جَميعًا على رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: إنَّ هذا قرأَ قِراءةً أنكرتُها عليهِ، ودخلَ آخرُ فقرأَ سِوَى قِراءةِ صاحِبهِ، فأَمَرَهُمَا النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فقرآ، فحسَّنَ شَأْنَهُمَا، فَسُقِطَ في نَفْسِي مِنَ التَّكْذِيبِ ولا إذْ كُنْتُ في الجَاهِلِيَّةِ، فلمَّا رأَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قَدْ غَشِيَنِي ضَرَبَ في صَدْرِي، فَفِضْتُ عَرَقًا، وكأنِّي أنْظُرُ إلى الله تعالى فَرَقًا، فقال لي:"يا أُبَيُّ! أُرْسِلَ إليَّ: أَنِ اقْرَأ القُرآنَ على حَرْفٍ، فردَدتُ إلَيْهِ: أَنْ هَوِّنْ على أُمَّتِي، فردَّ إليَّ الثانيَةَ: اقْرَأْهُ على حَرْفَيْنِ، فَرَدَدْتُ إليهِ: أنْ هَوِّنْ على أُمَّتِي، فَرَدَّ إليَّ الثالثةَ: اقْرَأْهُ على سبعةِ أَحْرُفٍ، ولَكَ بِكُلِّ رَدَّةٍ رَدَدْتُكَهَا مسأَلَةٌ تَسْأَلُنِيها، فقلتُ: اللهمَّ اغْفِرْ لأُمَّتي، اللهمَّ اغْفِرْ لأُمَّتي، وأَخَّرْتُ الثالثةَ ليَوْمٍ يَرْغَبُ إليَّ الخَلْقُ كُلُّهُمْ حتَّى إبراهيمُ عليه السلام".
"وقال أُبي بن كعب: كنتُ في المسجد، فدخل رجل يصلي، فقرأ قراءةً أنكرتُها عليه، ثم دخل آخر فقرأ قراءةً سوى قراءة صاحبه، فلما قضَيْنا الصلاةَ دخلْنا جميعًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: إن هذا قرأَ قراءةً أَنكرتُها عليه، ودخل آخرُ فقرأ سوى قراءة صاحبه، فأَمرَهما النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقرآ، فحسَّن شأنَهما، فسُقِطَ" - على بناء المجهول - "في نفسي من التكذيب"، معناه: ندمتُ من تكذيبي وإنكاري قراءةَ ذلك الرجل ندامةً ما ندمتُ مِثلَها لا في الإسلام "ولا إذ كنتُ في الجاهلية"؛ لأن الشكَّ الذي دَاخَلَه في أمر الدِّين وردَ على مورد اليقين، وتَبِعَتُه بعدَ المعرفةِ أتمُّ وأهمُّ.
"فلما رأى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم " بالمعجزة "ما قد غشيَني"؛ أي: الذي اعتراني ودخلَ في خاطري من التكذيب والشك.
"ضرب في صدري بيده": يحتمل أن يكون هذا للتأديب وإخراج الوسوسة الشيطانية عن قلبه بيده المباركة، وأن يكون للتلطُّف.
"ففِضْتُ عَرَقًا"؛ أي: جرى عَرَقي من الخوف والاستحياء من حضرة الرسالة؛ لمَّا عَرَف [ما] في خاطري.
"وكأني أنظر إلى الله فَرَقًا"؛ أي: خوفًا وفزعًا.
"فقال لي: يا أُبيُّ أُرسِلَ إلي": على بناء المجهول؛ أي: أَرسلَ الله جبرائيلَ إليَّ فأَمرَني "أَنِ اقرأ": على صيغة الأمر، و (أن) هذه: مصدرية، أو مفسرة للأمر المقدَّر.
"القرآنَ على حرف"؛ أي: على قراءة واحدة.
"فرددتُ إليه"؛ أي: جبرائيلَ إلى الله وسألتُه "أنْ هوَّنْ"؛ أي: سَهِّل "على أمتي"، (أن): مصدرية، أو مفسرة لِمَا في رددتُ من معنى القول، يقال: رَدَّ إليه: إذا رَجعَ.
"فردَّ إليَّ الثانيةَ"؛ أي: فردَّ الله إليَّ الإرسالَة الثانيةَ.
"اقرأ على حرفَين"؛ أي: قراءتَين.
"فرددتُ أَنْ هَوِّنْ على أمتي، فردَّ الثالثةَ"؛ أي: الإرسالةَ الثالثةَ.
"اقرأ على سبعة أحرف، ولك بكل رَدَّةٍ"؛ أي: بمقابلةِ كلِّ دفعةٍ رجعتَ إليَّ و "رَدَّدْتُكَها" بتشديد الدال؛ يعني: أرجعتُك إليها بحيث ما هوَّنتُ ذلك على أمتك من أول الأمر "مسألةٌ تَسأَلينها": هذه الجملة صفة مؤكدة لـ (مسألة)؛ يعني: مستجابة قطعًا.
"فقلت: اللهم اغفِرْ لأمتي، اللهم اغفِرْ لأمتي، وأخَّرتُ الثالثةَ"؛ أي: الرسالةَ الثالثةَ "ليومٍ يَرْغَبُ إليّ" - بتشديد الياء - "الخَلْقُ كلُّهم، حتى إبراهيمُ عليه السلام" بالرفع: عطف على (الخلقُ)، وهي الشفاعة في ذلك اليوم.
* * *
1586 -
وقال ابن عبَّاسٍ: إنَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قال: "أَقْرَأَني جِبْريلُ على حَرْفٍ، فراجَعْتُهُ، فلمْ أَزَلْ أستَزِيدُهُ فيَزِيدُني حتَّى انتهَى إلى سبعةِ أَحْرُفٍ".
"وقال ابن عباس: إن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: أَقرَأَني جبرائيلُ على حرفٍ، فراجعتُه، فلم أَزَلْ أَستزيدُه"؛ أي: أطلبُ منه أن يطلبَ من الله الزيادةَ في الأحرف للتوسعة والتخفيف.
"فيزيدني، حتى انتهى إلى سبعة أحرف"، والأصح: أن المرادَ من سبعة أحرف: اللغات، وهو أن يقرأ كلُّ قومٍ من العرب بلغتهم وما جرت به عادتُهم من الإدغام، والإظهار، والإمالة، والتفخيم، والإشمام، والرَّوم، والهمزة، والتليين إلى غير ذلك من وجوه اللغات في الكلمة الواحدة.
* * *
مِنَ الحِسَان:
1587 -
عن أُبيِّ بن كَعْبٍ قال: لَقِيَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم جِبريلَ فقال: "يا جِبْرِيلُ!، إنِّي بُعِثْتُ إلى أُمَّةٍ أُمِّيينَ، منهُمُ العَجُوزُ والشَّيْخُ الكَبيرُ والغُلامُ والجارِيَةُ والرَّجُلُ الذي لَمْ يقرَأْ كِتابًا قَطُّ"، قال:"يا مُحَمَّدُ! إنَّ القُرآنَ أُنْزِلَ على سبعةِ أَحْرِفٍ".
وفي روايةٍ: ليسَ منها إلَاّ شافٍ كافٍ.
وفي روايةٍ عن أُبَيٍّ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ جِبريلَ ومِيكائيلَ أتيانِي فقعدَ جِبريلُ عنْ يَمِينِي، وميكائيلُ عنْ يَسَارِي، فقالَ جِبريلُ: اقْرَأْ القُرْآنَ على حَرْفٍ، وقال مِيكائيلُ: اسْتَزِدْهُ، فاسْتَزَدْتُهُ حتَّى بلغَ سَبْعةَ أحْرُفٍ، وكُلُّ حرفٍ شافٍ كافٍ".
"من الحسان":
" عن أُبي بن كعب أنه قال: لقيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم جبرائيلَ، فقال: يا جبرائيلُ! إني بُعثت إلى أمة أميين"؛ أي: لا تَقدِر أمتي أن تقرأَ على قراءة
واحدة؛ لأن منهم مَن جرى لسانُه على الإمالة ويتعسَّر عليه التفخيم، ومنهم مَن جرى على الإدغام، ومنهم مَن جرى لسانُه على الإظهار، إلى غير ذلك.
"منهم: العجوز، والشيخ الكبير، والغلام، والجارية، والرجل الذي لم يقرأ كتابًا قطُّ، قال: يا محمدُ! إن القرآنَ أُنزِلَ على سبعة أحرف، وفي رواية: ليس منها"؛ أي: ليس حرفٌ من تلك الأحرف "إلا شافٍ" يشفي صدورَ القارئين، ويشفي من العِلَل والأمراض، لا يفارقها في المعنى وكونِها من عند الله، كما قال الله تعالى:{قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} [فصلت: 44].
"كافٍ"؛ أي: في الحُجة على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لإعجازِ نَظمِه، وعجزِ الخلقِ عن الإتيان بمثله.
"وفي رواية عن أُبي: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: إن جبرائيلَ وميكائيلَ أتياني، فقعد جبرائيل عن يميني، وميكائيل عن يساري، فقال جبرائيل: اقرأ القرآنَ على حرف، قال ميكائيل: استَزدْه"؛ أي: اطلبِ الزيادةَ يا محمد.
"حتى بلغَ سبعةَ أحرفٍ، وكلُّ حرفٍ شافٍ كافٍ".
* * *
1588 -
عن عِمْران بن حُصَيْن: أنَّه مَرَّ على قاصٍّ يقرَأُ ثم يَسأَلُ، فاسْترجَعَ، ثمَّ قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "مَنْ قَرَأَ القُرْآنَ فَلْيَسْأَلِ الله بهِ، فإنَّهُ سَيَجِيءُ أقوامٌ يقرَؤونَ القُرآنَ يسأَلُونَ بِهِ النَّاسَ".
"عن عمران بن حصين: أنه مرَّ على قاصٍّ" بتشديد الصاد؛ أي: على رجلٍ يقول القصصَ.
"يقرأ"؛ أي: القرآنَ.
ثم يَسألُ"؛ أي: الناسَ شيئًا بالقرآن.
"فاستَرجَعَ" عِمرانُ؛ أي: قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، وهذا الكلام يقال عند نزول المصيبة، وهذه مصيبةٌ؛ لأنه من علامات القيامة، ولأنه بدعةٌ، وظهورُ البدعةِ مصيبةٌ.
"ثم قال: سمعتُ رسولَ الله يقول: مَن قرأَ القرآنَ فَلْيَسألِ الله به"؛ أي: فَلْيطُلبْ من الله بالقرآن ما شاء من أمور الدنيا والآخرة، لا من الناس.
"فإنه سيجيء أقوامٌ يقرؤون القرآنَ يسألون به الناسَ".
* * *