الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8 - باب الاستِعاذَة
(باب الاستعاذة)
مِنَ الصِّحَاحِ:
1767 -
عن أبي هُريرةَ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"تَعَوَّذوا بالله مِن جَهْدِ البَلاء ودَرَكِ الشَّقاء، وسوء القَضاء، وشَماتَةِ الأَعداء".
"من الصحاح":
" عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تَعوذوا بالله من جَهد البلاء" بفتح الجيم: هي الحالة التي يُمتحن بها الإنسان، وتَشُقُّ عليه حتى يختار عليه الموت ويتمناه.
"ودرك الشَّقاء" بفتح الشين، بمعنى الشقاوة، والدَّرك: اللحوق والوصول، وهو مصدر مضاف إلى الفاعل؛ أي: نعوذ بك من أن يلحقنا شقاوة، أو إلى المفعول والفاعلُ محذوف؛ أي: من دركنا الشقاوةَ، أو: الدرك واحد دركات جهنم؛ أي: نعوذ بك من موضع أهل الشقاوة وهو جهنم.
"وسوء القضاء" في الدِّين والدنيا والبدن والمال والخاتمة.
"وشماتة الأعداء" وهي فرح العدو ببليةٍ تنزل بمن يعاديه؛ أي: نعوذ بك من أن تصيبنا مصيبةٌ في ديننا أو دنيانا بحيث يفرح أعداؤنا.
* * *
1768 -
وقال أنَسٌ رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقولُ: "اللهمَّ إنِّي أعوذُ بكَ مِن الهَمِّ والحَزَنِ، والعَجْزِ والكسلِ، والجُبن والبخلِ، وضَلَعِ الدِّيْنِ، وَغَلَبةِ الرِّجالِ".
"وقال أنس رضي الله عنه: كان النبي عليه الصلاة والسلام يقول: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وضلَع الدين" بفتحتين؛ أي: ثقله بحيث يميل صاحبه إلى الاعوجاج.
"وغلبة الرجال"؛ أي: قهرهم عليه.
* * *
1769 -
وعن عائشة رضي الله عنها: كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "اللهمَّ إنِّي أَعُوذُ بك مِن الكَسَلِ والهَرَمِ، والمَغْرَمِ والمَأثَم، اللهمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِن عَذابِ النارِ، وفتنةِ النارِ، وفِتْنةِ القَبْرِ، وعذابِ القَبْرِ، وشرِّ فِتْنةِ الغِنَى، وشرِّ فِتنةِ الفَقْرِ، ومن شرِّ فِتْنةِ المَسِيْح الدَّجّالِ، اللهمَّ اغسلْ خَطايايَ بِماءِ الثَّلْج والبَرَدِ، وَنَقِّ قَلْبي كما يُنَقَّى الثَّوبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنسَ، وَباعِدْ بَيْني وبَيْنَ خَطايايَ كما باعدْتَ بينَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ".
"وعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يقول: اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم والمغرم"؛ أي: الغرامة "والمأثم"؛ أي: الإثم.
"اللهم إني أعوذ بك من عذاب النار"؛ أي: من أن أكون من أهل النار وهم الكفار، فإنهم هم المعذَّبون، وأما الموحّدون فهم مؤدَّبون بالنار لا معذَّبون بها.
"وفتنة النار"؛ أي: من تصفيتي من خطاياي بالنار، والفتنة تجيء بمعنى التصفية، كما قال تعالى:{وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ} [ص: 34]؛ أي: صفَّيناه من الأوصاف الذميمة.
"وفتنة القبر" وهي التحيُّر في جواب منكر ونكير.
"وعذاب القبر" وهو ضربُ مَن لم يوفق للجواب بمقامعَ من حديد.
"وشر فتنة الغنى" وهو البطر والطغيان بالمال، والتفاخُر به، وصرفُه في المعاصي، وأخذُه من الحرام، ونحو ذلك.
"وشر فتنة الفقر" وهي عدم الرضاء بما قسم الله له، والطمعُ في أموال الأغنياء، والحسدُ والتذلل لهم، ونحوه.
"ومن فتنة المسيح الدجال، اللهم اغسل خطاياي بماء الثلج والبرد"؛ يعني: طهرني من الذنوب بأنواع المغفرة الشبيهة بهذه الأشياء المطهِّرة من الدنس.
"ونقِّ قلبي كما ينقَّ الثوبُ الأبيض من الدنس، وباعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب".
* * *
1770 -
وعن زيد بن أَرقَم رضي الله عنه قال: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "اللهمَّ إني أعوذُ بكَ من العَجْزِ والكَسَلِ، والجُبن والبُخلِ والهَرَمِ، وعذابِ القبرِ، اللهمَّ آتِ نَفْسِي تَقْواها، وزكها أنتَ خيرُ مَنْ زكَّاها، أنت وَلِيُّها ومَوْلَاها، اللهمَّ إني أَعوذُ بِكَ من عِلْمٍ لا ينفَعُ، ومِن قلْب لا يَخْشَعُ، ومِن نفسٍ لا تَشْبَعُ، ومِن دَعْوة لا يُسْتجاب لها".
"وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه أنَّه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل، والهرم، وعذاب القبر، اللهم آت نفسي تقواها"؛ أي: أعطها صيانتها عن المحظورات.
"وزكِّها"؛ أي: طهرها.
"أنت خير مَن زكّاها، وأنت وليّها"؛ أي: ناصرها، هذا راجعٌ إلى قوله:
(آت نفسي)، كأنه يقول: انصرها على فِعْلِ ما يكون سبباً لرضاك عنها لأنك ناصرُها.
"ومولاها" هذا راجع إلى قوله: (زكها)؛ يعني: طهِّرها بتأديبك إياها كما يؤدب المولى عبده.
"اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع"؛ أي: علم لا أعمل به ولا أعلَّمه الناسَ، وما لا يُحتاج إليه في الدين، ولا في تعلمه إذن من الشرع، ولا تصل بركته إلى قلبي، ولا يبدل أفعالي، وأقوالي وأخلاقي الذميمة إلى المرضيّة.
"ومن قلب لا يخشع"؛ أي: لا يخاف الله.
"ومن نفس لا تشبع"؛ أي: حريصة على جمع المال والمنصب.
وقيل: هو على حقيقته إما لشدة حرصه على الدنيا لا يقدر أن يأكل قدْرَ ما يُشبع جوعته بخلاً على نفسه، وإما لاستيلاء الجوع البقري عليه المسمى: بوليمرس، وهو جوع الأعضاء مع شبع المعدة عكس الشهوة الكلبية.
"ومن دعوة لا تسمع"؛ أي: لا يستجاب لها.
* * *
1771 -
وقال عبد الله بن عُمر رضي الله عنه: كانَ مِنْ دُعاءَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: "اللهمَّ إنِّي أعوذُ بكَ من زَوالِ نِعمتِكَ، وتَحَوّلِ عافيتِكَ، وفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وجميعِ سَخَطِكَ".
"وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنه: كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحوُّل عافيتك"؛ أي: من تبدل ما رزقتني من العافية إلى البلاء.
"وفجاءة نِقمتك" بكسر النون: الغضب والعذاب.
"وجميع سخطك".
* * *
1772 -
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "اللهمَّ إنِّي أعوذُ بكَ مِن شرِّ ما عَمِلتُ، ومِن شرِّ ما لم أَعَمَلْ".
"وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت" تعوُّذُه عليه الصلاة والسلام من ذلك كأنه لما لا يأمنه صلى الله عليه وسلم عمل وقع فيه تقصير يحتاج إلى عفو وغفران.
"ومن شر ما لم أعمل" استعاذ من أن يعمل في مستقبل الزمان ما لا يرضاه تعالى، فإنه لا مأمن لأحد مِن مكره تعالى، قال تعالى:{فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: 99].
* * *
1773 -
وعن ابن عبّاسٍ رضي الله عنه: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "اللهمَّ لكَ أسْلَمْتُ، وبكَ آمنتُ، وعليكَ تَوَكَّلْتُ، وإليكَ أنبتُ، وبكَ خاصمْتُ، اللهمَّ إنِّي أعوذُ بعِزتِكَ لا إلهَ إلا أنتَ أنْ تُضلَّني، أنتَ الحيُّ الذي لا يموتُ، والجنُّ والإنسُ يَموتونَ".
"وعن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت"؛ أي: رجعت.
"وبك خاصمت"؛ أي: وبإعانتك إياي أخاصم أعداءك وأحاربهم.
"اللهم إني أعوذ بعزتك"؛ أي: بغلبتك.
"لا إله إلا أنت أن تضلني"؛ أي: من أن تضلني، متعلق بـ (أعوذ)،
وكلمة التوحيد معترضةٌ لتأكيد العزة.
"أنت الحي الذي لا يموت والجن والإنس يموتون" وإنما خصهما بالذكر؛ لأنهما المكلَّفان المقصودان بالتبليغ فكأنهما الأصل.
* * *
مِنَ الحِسَان:
1774 -
قال أبو هريرة رضي الله عنه: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "اللهمَّ إنّي أعوذُ بِكَ من الأَربَعِ: من عِلْم لا ينفعُ، ومِن قَلْبٍ لا يَخشعُ، ومِن نفْس لا تَشبعُ، ومِن دُعاءٍ لا يُسْمَعُ".
"من الحسان":
" قال أبو هريرة رضي الله عنه: كان صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم إني أعوذ بك من الأربع: من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعاء لا يسمع (1) ".
* * *
1775 -
وعن عُمر رضي الله عنه قال: كانَ النبي صلى الله عليه وسلم يتعوَّذُ مِن خمسٍ: "مِن الجُبن، والبُخْلِ، وسُوءَ العُمُرِ، وفِتْنَةِ الصَّدرِ، وعذابِ القَبْرِ".
"وعن عمر رضي الله عنه أنَّه قال: كان صلى الله عليه وسلم يتعوذ من خمس: من الجبن، والبخل، وسوء العمر"؛ يعني: سوء الكبر.
"وفتنة الصدر" أراد ما ينطوي عليه الصدر من غلٍّ، أو خيانة، أو غش، أو وسواس، أو خلق سيئ وعقيدة غير مرضية.
(1) في "م" زيادة:، وفي رواية: عين لا تدمع".
"وعذاب القبر".
* * *
1776 -
وعن أبي هُريرةَ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانَ يقولُ: "اللهمَّ إني أعوذُ بكَ من الفَقْرِ، والقِلَّةِ، والذلَّةِ، وأَعوذُ بِكَ من أنْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ".
"وعن أبي هريرة: أنَّه صلى الله عليه وسلم كان يقول: اللهم إني أعوذ بك من الفقر"؛ المراد به: فقر القلب، وكلُّ قلب يحرص على شيء فهو فقير.
"والقلة" أراد بها قلة الصبر، أو القلةَ في أبواب الخير والبر، أو القلة التي هي قريبة من الفقر المدقع.
"والذلة"؛ أي: أن يكون ذليلًا بحيث يستخفُّه الناس، ويحقرون شأنه.
"وأعوذ بك من أن أظلم أو أظلم"؛ أراد بهذه الأدعية تعليم الأمة.
* * *
1777 -
وعنه: أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ يقولُ: "اللهمَّ إني أعوذُ بِكَ من الشِّقاقِ، والنِّفاقِ، وسُوءِ الأَخْلاقِ".
"وعنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: اللهم إني أعوذ بك من الشقاق"؛ أي: الخلاف في الحق.
"والنفاق" وهو أن يُظهر لصاحبه خلافَ ما أَضْمره.
"وسوء الأخلاق" وهو إيذاء أهل الحق، وإيذاء الأهل والأرقاب، وتغليظ الكلام عليهم بالباطل، وعدم تحمُّلهم، وعدم العفو عنهم إذا صدرت خطيئة منهم.
1778 -
وعنه: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ يقولُ: "اللهمَّ إني أعوذُ بكَ من الجُوعِ، فإنَّه بِئْسَ الضَّجيجُ، وأعوذُ بكَ من الخِيانَةِ، فإنها بِئستِ البطانةُ".
"وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: اللهم إني أعوذ بك من الجوع" وهو الألم الذي ينال الإنسانَ من خلوّ المعدة عن الغذاء، استعاذ عليه الصلاة والسلام من الجوع لإضعافه البدنَ عن القيام بوظائف العبادات، وتخلية المواد المحمودة بلا بدل، وتشويشه الدماغ، وإثارته الأفكار الفاسدة.
"فإنَّه بئس الضجيع"؛ أي: المُضاجع، وهو يشير إلى الجوع المانع عن الهجوع، ويلازم في المضجع.
"وأعوذ بك من الخيانة": وهي مخالفة الحق بنقض العهد في السر، وهي نقيض الأمانة.
"فإنها بئست البطانة" بطانة الثوب خلاف ظهارته، ثمَّ استُعير فيما يُستبطن من أمره وحاله؛ أي: الخصلة الباطنة، جَعَل الجوع ضجيعاً والخيانةَ بطانة لملابسة بينهما بالإنسان ملابسة ضجيعه وبطانته، وقيل: البطانة هنا الصديق الخالص. وقيل: بطانة الرجل: أهله وخاصته.
* * *
1779 -
وعن أَنسٍ رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كانَ يقولُ: "اللهمَّ إنِّي أَعوذُ بكَ من البَرَصِ، والجُذامِ، والجُنونِ، ومِنْ سَيئِ الأَسْقامِ".
"وعن أنس رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يقول: اللهم إني أعوذ بك من البَرَص" بفتح الباء والراء: بياضٌ يَحدُث في الأعضاء على وجه العلة.
"والجذام" بضم الجيم: علة يذهب معها شعور الأعضاء، ويتفتت اللحم.
"والجنون، ومن سيئ الأسقام" أراد به الأمراضَ الفاسدة مثل الاستسقاء والسل والمرض الطويل.
والحاصل: أن كل مرض يحترز الناس من صاحب ذلك المرض، ولا ينتفعون منه ولا ينتفع منهم، ويعجز بسبب ذلك المرض عن حقوق الله وحقوق المسلمين، يُستحب الاستعاذة من ذلك.
* * *
1780 -
وعن قُطْبة بن مالكٍ قال: كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "اللهمَّ إنِّي أعوذُ بكَ من مُنْكَراتِ الأَخلاقِ، والأعمالِ، والأهواءِ".
"وعن قطبة بن مالك أنَّه قال: كان النبي عليه الصلاة والسلام يقول: اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأعمال والأخلاق": جمع منكر، وهو ما لا يعرف حسنه من جهة الشرع، أو ما عُرف قبحه من جهته.
"والأَهواءِ" - بفتح الهمزة: المحبة والاشتهاء.
* * *
1781 -
عن شُتَيرِ بن شَكَلِ بن حُمَيدٍ، عن أبيه قال: قلتُ: يا نبيَّ الله!، علِّمني تَعْويذًا أتعوَّذُ به، قال:"قل: اللهم إنِّي أعوذُ بِكَ من شَرِّ سَمْعي، وشرِّ بَصرَي، وشرِّ لِساني، وشَرِّ قَلْبي، وشرِّ مَنِيي".
"وعن شُتير بن شكل بن حميد عن أبيه أنَّه قال: قلت: يا نبي الله! علمني تعويذًا أتعوذ به، قال: قل: اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي" حتى لا أسمع به ما تكرهه.
"وشر بصري" حتى لا أبصر شيئًا تكرهه.
"وشر لساني" حتى لا أتكلم بما تكرهه.
"وشر قلبي" حتى لا أعتقد شيئاً تكرهه.
"وشر منيي": حتى لا أقع في الزنا.
وإنما أمر النبي عليه الصلاة والسلام استعاذته من هذه الأشياء لأنَّ اجتراح الآثام إنما يكون من قِبَلها.
* * *
1782 -
وعن أَبي اليَسَر: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ يدعو: "اللهمَّ إنِّي أعوذُ بِكَ من الهَدْمِ، وأَعوذُ بِكَ مِنَ التَّرَدَّي، ومن الغَرَقِ، والحَرَقِ والهَرَمِ، وأعوذُ بِكَ مِنْ أَنْ تتَخَبَّطني الشَّيْطانُ عِنْدَ المَوْتِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ في سَبيلِكَ مُدبراً، وأعوذُ بِكَ أَنْ أَموتَ لَدِيغًا"، وزيدَ في بعض الرِّوايات:"والغَمَّ".
"وعن أبي اليَسَر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو: اللهم إني أعوذ بك من الهدم" يروى بالسكون مصدرًا وبالفتح أيضًا: ما يُهدم؛ أي: من أن يقع عليَّ جدار أو سقف أو غير ذلك.
"وأعوذ بك من التردي" وهو السقوط في نحو بئر، والتهور من نحو جبل، التهور: الوقوع في شيء بقلة مبالاة.
"ومن الغَرَق" بفتحتين: مصدر غرق في الماء.
"والحرق" بالتحريك: النار.
"والهرم" إنما استعاذ عليه الصلاة والسلام من هذه الأشياء مع وعد الشهادة عليها؛ لأنها عن لا يكاد أحد أن يصبر عليها، أو يَذكر عند حلولها شيئًا مما يجب عليه في وقته.
"وأعوذ بك من أن يتخبطني الشيطان"؛ أي: أن يفسد علي ديني "عند
الموت"، (التخبط): إفساد العقل والدين، وإنما تعوَّذ من هذا مع أن شيطانه أسلم؛ تعليماً لأمته.
"وأعوذ بك من أن أموت في سبيلك مدبرًا"؛ أي: عن الحق، أو من حرب الكفار.
"وأعوذ بك أن أموت لديغًا" فعيل بمعنى مفعول من اللدغ، وهو لسع الحية.
"وزيد في بعض الروايات: والغم"؛ أي: كلمة والغم.
* * *
1783 -
عن مُعاذٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"استعيذُوا بالله من طَمَعٍ يَهْدي إلى طَبَعٍ".
"وعن معاذ رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام أنَّه قال: استعيذوا بالله من طمع يهدي إلى طَبع" بالفتح: العيب والدنس، وكلُّ شين في دين ودنيا فهو طبع؛ يعني: من الحرص الذي يجرُّ إلى صاحبه الذلَّ والعيب.
* * *
1784 -
وعن عائشةَ رضي الله عنها قالت: أخذَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بيَدي، فنظرَ إلى القمَرِ، فقال:"يا عائشةُ، استعِيْذي بالله {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} وهذا غاسِقٌ إذا وَقَبَ".
"وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيدي فنظر إلى القمر فقال: يا عائشة! استعيذي بالله {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ} " من غَسَقَ: إذا أظلم؛ أي: من شر الليل {إِذَا وَقَبَ} ؛ أي: دخل لما في ظلمة الليل من الآفات
وانبثاث الشرور.
"هذا غاسق" إشارة إلى القمر.
"إذا وقب"؛ أي: دخل في خسوفه، أو في مغيبه، سمي القمر غاسقاً لأنه إذا خسف أو أخذ في المغيب أظلم.
* * *
1785 -
وقال عِمْران بن حُصَيْن: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لأبي: "يا حُصَيْنُ، لو أَسلمتَ علَّمتُكَ كلمتينِ تنفعانِكَ"، فلمّا أسلمَ قال: قُلْ: "اللهمَّ أَلهِمْنِي رُشْدي، وَأَعِذْنِي من شرِّ نفْسي".
"وقال عمران بن حصين رضي الله عنه قال النبي عليه الصلاة والسلام لأبي: يا حصين! لو أسلمتَ علَّمتُكَ كلمتين تنفعانِكَ، فلما أسلم قال: قل: اللهم ألهمني رشدي"؛ أي: وفِّقني إلى الرشد.
"وأعذني من شر نفسي".
* * *
1786 -
عن عَمْرو بن شُعَيب، عن أبيه، عن جَدِّه: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ يُعلَّمُهم مِن الفَزَعِ: "أعوذُ بكَلِماتِ الله التامةِ من غضَبهِ وعقابهِ، وشَرِّ عِبادِهِ، ومِن هَمَزاتِ الشَّياطينِ، وأنْ يَحضُرونِ".
"عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلَّمهم من الفزع: أعوذ بكلمات الله التامات"؛ أي: القرآن.
"من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين"؛ أي: ومن وساوسهم وإلقائهم الفتنة والاعتقاداتِ الفاسدةَ في قلبي.