الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - باب ثَواب التَّسبيح والتَّحميد والتَّهليل
(باب ثواب التسبيح والتحميد والترتيل والتكبير)
مِنَ الصِّحَاحِ:
1639 -
قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أفْضَلُ الكلامِ أربعٌ: سُبحانَ الله، والحمدُ للهِ، ولا إلهَ إلا الله، والله أكبرُ".
وفي روايةٍ: "أَحَبُّ الكلامِ إلى الله أربعٌ: سُبْحانَ الله، والحَمْدُ للهِ، ولا إلهَ إلا الله، والله أكبرُ، لا يَضُرُّكَ بأيهِنَّ بَدَأْتَ".
"من الصحاح":
" عن سَمُرَة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل الكلام أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر"، الظاهر أن المراد من (الكلام): كلام البشر فإن الثلاث الأُوَل، وإن وُجدت في القرآن، لكن الرابعة لم تُوجد فيه، ولا يفضل ما ليس فيه على ما هو فيه، ولأنه روي أنه صلى الله عليه وسلم قال:"أفضل الذكر بعد كتاب الله سبحان الله. . . " الخ، والموجب لفضلها: اشتمالها على جملة أنواع الذكر من التنزيه والتحميد والتوحيد والتمجيد.
"وفي روايةٍ: أحبُّ الكلام إلى الله تعالى أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، لا يضُّرك بأيهِن بَدَأْتَ"؛ يعني: إن بدأت بـ (سبحان الله) جاز، وإن بدأت بـ (الحمد لله) جاز، وكذلك بـ (لا إله إلا الله) أو بـ (الله أكبر).
وهذا يدل على أن كل جملةٍ منها مستقلةٌ لا يجب ذكرها على نظمها المذكور، لكن مراعاته أولى؛ لأن المتدرج في المعارف يعرفه أولًا بنعوت جلاله؛
أعني: تنزيه ذاته عما يوجب حاجةً أو نقصًا، ثم بصفات كماله وهي صفاته الثبوتية التي بها يستحق الحمد، ثم يعلم أن من هذه صفته لا مماثل له، ولا يستحق الألوهية غيره، فينكشف له من ذلك أنه أكبر، إذ كل شيءٍ هلكٌ إلا وجهه.
1640 -
وقال: "لأَنْ أقولَ: سُبحانَ الله، والحمدُ للهِ، ولا إلهَ إلَاّ الله، والله أكبرُ أَحَبُّ إليَّ مما طَلَعَتْ عليهِ الشمسُ".
"عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأَنْ أقول سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أحبُّ إليَّ مما طلعَتْ عليه الشمس"؛ أي: من الدنيا وما فيها من متاعها.
1641 -
وقال: "مَنْ قالَ: سُبحانَ الله وبحمدِهِ في يومٍ مائةَ مرةٍ حُطَّتْ خطاياهُ وإنْ كانتْ مثلَ زَبَدِ البحرِ".
"وعنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال: سبحان الله وبحمده": مصدر منصوب بفعل واجب إضماره؛ أي: أسبِّح سبحان الله.
"وبحمده": الباء فيه للمقارنة، والواو زائدة؛ أي: أسبِّحه تسبيحًا مقترنًا بحمده، أو معناه: أبتدئ بحمده.
"في كل يوم مئة مرة حُطَّتْ"؛ أي: أُسقِطَتْ وأُزيلَتْ عنه.
"خطاياه وإن كانت مثل زَبَدِ البَحْرِ"، هذه وأمثالها كنايات عَبَّرَ بها عن الكثرة عرفًا.
1642 -
وقال: "مَن قالَ حينَ يُصبحُ وحينَ يُمسي: سُبحانَ الله وبحمدِه مائةَ مرَّةٍ؛ لم يَأتِ أحدٌ يومَ القيامةِ بأَفْضَلَ ممَّا جاءَ به إلَاّ أحدٌ قالَ مثْلَ ما قالَ، أو زادَ عليهِ".
"وعنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال حين يصبح وحين يمسي: سبحان الله وبحمده مئة مرة لم يأت أحدٌ يوم القيامة بأفضل مما جاء به": تقديره: لم يأت أحد بمثل ما جاء به، أو بأفضل مما جاء به.
"إلا أحدٌ قال مثلَ ما قال أو زادَ عليه"، فالاستثناء متصل.
1643 -
وقال: "كَلِمتانِ خَفِيْفتانِ على اللِّسانِ، ثَقِيلتانِ في المِيزانِ، حَبيبَتانِ إلى الرَّحمنِ: سُبحانَ الله وبحمدِهِ سُبحانَ الله العظيم".
"وعنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم": وإنما صارتا أحب؛ لأن فيهما المدح بالصفات السَّلبية التي يدل عليها التنزيه، وبالصفات الثبوتية التي تدل على الحمد.
1644 -
وقال: "أيعْجِزُ أحدُكم أنْ يَكسِبَ كلَّ يومٍ ألفَ حسنةٍ؟ يُسَبحُ مائةَ تسبيحةٍ، فيُكتَبُ لهُ ألفُ حسَنةٍ، أو يُحَطُّ عنهُ ألفُ خَطيئةٍ".
"عن سعد بن أبي وقاص أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَيَعْجزُ أحدُكم أن يكسب كلَّ يوم ألفَ حسنة؟ يسبِّح مئة تسبيحة، فيُكْتَبُ له ألف حسنة"؛ لأن الحسنة الواحدة تضاعف بعشر أمثالها.
"أو يُحَطُّ عنه ألف خطيئة"، وذلك بمشيئة الله تعالى.
1645 -
وسُئلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ الكلامِ أفضلُ؟ قال: "ما اصطَفَى الله لملائكتِهِ؛ سبحانَ الله وبحمدِهِ".
"وعن أبي ذر أنه سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ الكلام أفضل؟ قال: ما اصطفى الله"؛ أي: الذي اختار من الذِّكْرِ.
"لملائكته": أمرهم بالدوام عليه لغاية فضيلته:
"سبحان الله وبحمده".
1646 -
وعن جُوَيرية: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم خرجَ مِن عندِها بُكْرةً حينَ صلَّى الصُّبحَ وهي في مَسجدِها، ثم رجعَ بعدَ أنْ أَضْحَى وهي جالسةٌ، فقال:"ما زلتِ على الحالِ التي فارقتُكِ عليها؟ "، قالت: نعَمْ، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"لقَدْ قُلتُ بعدَكِ أربعُ كلماتٍ ثلاثَ مرَّاتٍ، لو وُزنَتْ بما قلتِ منذُ اليومِ لَوَزنَتْهُنَّ: سُبحانَ الله وبحمدِهِ عددَ خلقِهِ، ورِضَا نفْسِهِ، وَزِنَةَ عرشِهِ، ومِدَادَ كلماتِهِ".
"وعن جُويرِيَة": كان اسمها بَرّة، غيَّره عليه الصلاة والسلام إلى جُوِيْرِيَة.
"أن النبي عليه الصلاة والسلام خرج من عندها بُكْرَةً"؟ إلى المسجد "حين صلَّى الصبح"؛ أي: حين أراد أن يصلي الصبح.
"وهي في مسجدها"؛ أي: في الموضع الذي هَيَّأَتْهُ للصلاة.
"ثم رجع بعد أن أَضْحَى"؛ أي: دخل في وقت الضحى، وقيل: أي:
بعد أن صلَّى صلاة الضحى.
"وهي جالسةٌ، فقال: ما زلْتِ على الحال التي فارقتُكِ عليها؟ قالت: نعم، قال النبي عليه الصلاة والسلام: لقد قلْتُ بعدك"؛ أي: بعد أن خرجت من عندك.
"أربعَ كلماتٍ، ثلاث مرَّات، لو وُزِنَتْ"؛ أي: قُوبِلَتْ.
"بما قلْتِ"؛ أي: بجميع ما قُلْتِ من الذِّكْرِ.
"منذُ اليوم لورنَتْهُنَّ"؛ أي: لسَاوَتْهُنَّ في الوزن، أو هو من باب المغالبة؛ أي: لغلبتهن بالوزن، والضمير عائدٌ إلى (ما) باعتبار معناها.
"سبحان الله وبحمده عددَ خلقه": نصبٌ على المصدر؛ أي: أعدُّ تسبيحة وتحميدة عددَ خلقه؛ أي: بعدد كل واحد من مخلوقاته.
"ورضا نفسه"؛ أي: بقدر ما يرضاه.
"وزِنَة عرشه"؛ أي: بثقل عرشه.
"ومِدَادَ كلماته"؛ (المداد): مصدر مثل المدد، وهو الزيادة والكثرة؛ أي: بمقدار ما يساويها في الكثرة بمعيارٍ، أو كيلٍ، أو وزنٍ، أو ما أشبهه من وجوه الحصر والتقدير.
وهذا تمثيل يراد به التقريب؛ لأن الكلام لا يدخل في الكيل، وكلماته تعالى هو كلامه، وهو صفة، وصفاته لا تنحصر بالعدد، فالمراد إذًا المجاز مبالغةً في الكثرة.
أو (كلماته): كتبه وصحفه المنزَّلة، و (كلماته) أيضًا تطلق على جميع أوامره، وعلى الموجودات.
1647 -
وقال: "مَن قال: لا إلهَ إلَاّ الله وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، لَهُ المُلكُ، ولهُ الحَمْدُ، وهوَ على كلِّ شيءٍ قديرٌ، في يومٍ مائةَ مَرَّةٍ؛ كانَتْ لهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقابٍ، وكُتِبَتْ لهُ مائةُ حَسَنةٍ، ومُحِيَتْ عنهُ مائةُ سَيِّئةٍ، وكانَ لهُ حِرزًا مِنَ الشيطانِ يومَهُ ذلكَ حتى يُمسيَ، ولَمْ يأْتِ أحدٌ بأفضلَ مما جاء به إلا رجلٌ عملَ أكثرَ منه".
"وعن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قديرٌ، في يوم مئة مرة كانت له عِدل" بكسر العين وفتحها، بمعنى المِثْل.
"عشر رقاب"؛ أي: ثواب عتق عشر رقاب، وهو جمع رقبة.
"وكُتبت له مئة حسنة، ومُحيت"؛ أي: أُزيلَت.
"عنه مئة سيئة، وكانت"؛ أي: هذه الكلمة، أو هذه التهليلة.
"له حِرْزًا"؛ أي: حفظًا ومنعًا.
"من الشيطان يومَه ذلك حتى يمسي"، قال النووي: هذا أجر المئة، ولو زاد عليها لزاد الثواب، وهذه المئة أعم من أن تكون متوالية أو متفرقة، ولكن الأفضل أن تكون متوالية وأن تكون في أول النهار؛ لتكون حِرْزًا في جميع نهاره.
"ولم يأتِ أحدٌ بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه" بأي عملٍ كان من الحسنات.
1648 -
وقال: "لا حول ولا قوةَ إلَاّ بالله العَليِّ العظيم كَنْزٌ من كُنوزِ الجنَّةِ".
"عن أبي موسى رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا حول ولا قوة إلا بالله"، قيل: معناه: لا حركة ولا قوَّة إلا بمشيئة الله تعالى، وقيل:(الحول): الحيلة، وهي ما يتوصل به إلى حالة ما في خفية؛ أي: لا تَوَصُّلَ إلى تدبير أمرٍ أو تغيير حالٍ إلا بمشيئة الله تعالى ومعونته.
وقيل: معناه: لا تحول عن معصية الله إلا بعصمة الله، ولا قوة على طاعة الله إلا بتوفيق الله تعالى وإقداره على ذلك.
"كنزٌ من كنوز الجنة"، والمراد: أن هذا الذِّكْر يُدَّخر لقائله، ويعدُّ من الأجر والثواب ما يقع له في الجنة موقِعَ الكنز في الدنيا، ولا شكَّ أن الجنة وما يؤدِّي إليها خير الكنوز.
مِنَ الحِسَان:
1649 -
قال: "مَن قالَ: سُبحانَ الله العَظيم وبحمدِهِ؛ غُرِسَت لهُ نخلةٌ في الجنَّةِ".
"من الحسان":
" عن جابرٍ أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال: سبحان الله العظيم وبحمده غُرِسَتْ له نخلةٌ في الجنة" بكل مرةٍ قالها، وإنما خصَّ النَّخل؛ لأنها أنفع الأشجار وأطيبها ثمرًا.
1650 -
وقال: "ما مِن صَباحٍ يُصْبحُ العِبادُ إلَاّ منادٍ يُنادي: سَبحُوا الملِكَ القُدُّوس".
"وعن الزبير رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من صباحٍ يُصْبحُ العباد
إلا منادٍ يُنادي: سَبِّحوا الملك القُدُّوس"؛ أي: قولوا: سبحان الملك القدوس، أو قولوا: سبوح قدوسٌ ربُّ الملائكة والروح.
1651 -
وقال: "أفضلُ الذِّكر: لا إلهَ إلَاّ الله، وأفْضَل الدُّعاءِ: الحَمْدُ للهِ".
"وعن جابرٍ رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل الذِّكر: لا إله إلا الله"؛ لأن في هذه الكلمة: توحيده تعالى، وإثبات الألوهية لله تعالى، ونفيها عما عداه، وبه صحَّة الإيمان، أو بما في معناه، وليس هذا فيما سواه من الأذكار.
"وأفضل الدعاء: الحمد لله"؛ لأن الدُّعاء عبارة عن أن يَذْكُرَ ربَّه ويطلب منه شيئاً، وكلاهما موجود في (الحمد لله) فإن من قال:(الحمد لله) فقد دعا الله على وجه التَّعظيم، وطلب منه الزيادة لقوله تعالى:{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7]، ولذا جعل فاتحة الكتاب أم القرآن.
1652 -
وقال: "الحَمْدُ للهِ رأْسُ الشُّكرِ، ما شَكَرَ الله عبدٌ لا يَحْمَدُهُ".
"وعن عبد الله بن عمرو أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحمد رأس الشكر"؛ لأنه أدلُّ على مكان النعمة؛ لخفاء الاعتقاد، ولما في أعمال الجوارح من الاحتمال، فجعل الحمد باللسان رأس الشكر وأصله.
"ما شَكَرَ الله عبدٌ لا يحمده" فيكون التَّارك للحمد كالمعرض عن الشكر رأسًا، فهو إحدى شعب الشكر، فالحمد هو الثناء باللسان على الجميل الاختياري، والشكر هو مقابلة النعمة قولاً بذكرها والثناء الحسن عليها، وعملاً بالجوارح بمكافأتها حسب الطاقة، أو اعتقادًا بتصور نعمة المنعم.
1653 -
وقال: "أوَّلُ مَن يُدعَى إلى الجنَّةِ يومَ القيامةِ: الذينَ يَحمَدُونَ الله في السَّرَّاءَ والضَّرَّاءَ".
"وعن اين عباسٍ رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول من يُدْعَى إلى الجنة يوم القيامة الذين يحمدون الله تعالى في السَّرَّاء"؛ أي: الرَّخَاء، "والضَّرَّاء"؛ أي: الشدة، وقيل: السَّرَّاء؛ أي: الغنى، والضَّرَّاء: الفقر؛ أي: الذين يرضون عن الله بما أجرى عليهم من الحكم غنًى كان أو فقرًا، شدةً كانت أو رخاءً، وهذا هو الكمال في العبودية.
1654 -
قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "وقال مُوسَى: يا ربِّ، علِّمني شيئًا أَذْكُرُكَ بهِ، قال قُل: لا إلهَ إلَاّ الله، لو أن السَّماواتِ السَّبع وعامِرَهُنَّ غيرِي، والأَرَضيْنَ السَّبعَ وُضعْنَ في كِفَّةٍ، ولا إلهَ إلَاّ الله في كفةٍ لَمَالَتْ بهنَّ لا إلهَ إلَاّ الله".
"وعن أبي سعيدٍ أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال موسى صلى الله عليه وسلم: يا ربِّ! علِّمني شيئًا أذكرك به؟ قال تعالى: قل: لا إله إلا الله، لو أن السَّموات السَّبع وعامِرَهُنَّ": عامر المكان من به عمارة ذلك المكان وصلاحه، والمراد هنا: جنس من يعمرها من المَلَك وغيره، والله تعالى عامرها خَلْقًا وحِفْظًا، وقد دخل فيه منْ حيث يتوقف عليه صلاحها توقفهن على الساكن فيهنَّ، ولذا استثنى وقال:"غيري"، أو يراد بالعامر: الحاضر والله تعالى حاضرٌ فيهنَّ علمًا واطلاعًا.
"والأرضين السبع وضعن في كِفَّة" بكسر الكاف وتشديد الفاء، هو الميزان يطلق لكل مستدير.
"ولا إله إلا الله في كفةٍ لمالَتْ بهنَّ لا إله إلا الله"؛ والمراد: أن مفهوم هذه الكلمات لو وُزِنَتْ بالسماوات ويالملائكة الموكَّلين عليها ويالأرضين السبع لرجحت هذه الكلمات، كيف لا وجميع ما سوى الله بالنظر إلى وجوده تعالى كالمعدوم الفاني، إذ كل شيءٍ هالكٌ إلا وجهه، والمعدوم لا يوازن الله الثابت الموجود.
1655 -
وعن أبي سَعيد الخُدْري، وأبي هُريرة، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ قَالَ: لا إلهَ إلَاّ الله والله أكبرُ؛ صَدَّقَهُ ربُّه، قالَ: لا إلهَ إلَاّ أنا، وأنا أكَبَرُ، وإذا قالَ: لا إلهَ إلَاّ الله وحدَهُ لا شريكَ له، يقولُ الله: لا إلهَ إلَاّ أَنا وحدِي لا شَريكَ لي، وإذا قالَ: لا إلهَ إلا الله لهُ الملكُ وله الحمدُ، قال: لا إلهَ إلَاّ أنا، ليَ الملكُ، وليَ الحمدُ، وإذا قالَ: لا إلهَ إلَاّ الله، لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلَاّ بالله، قالَ: لا إلهَ إلا أنا، لا حَوْلَ ولا قوَّةَ إلَاّ بيَ"، وكانَ يقولُ:"مَن قالَها في مرَضهِ، ثم ماتَ لم تَطْعَمْهُ النارُ".
"وعن أبي سعيدٍ الخدري وأبي هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: من قال: لا إله إلا الله والله أكبر صدَّقه ربه فقال: لا إله إلا أنا، وأنا أكبر، وإذا قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له يقول الله: لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي، وإذا قال: لا إله إلا الله له الملك وله الحمد قال: لا إله إلا أنا لي الملك ولي الحمد، وإذا قال: لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله قال: لا إله إلا أنا ولا حول ولا قوة إلا بي، وكان"؛ أي: النبي صلى الله عليه وسلم "يقول: من قالها"؛ أي: هذه الكلمات.
"في مرضه ثم مات لم تطعمه النار"؛ أي: لم تأكله، استعار الطعمة للإحراق مبالغةً.
1656 -
وعن سَعْد بن أبي وقَّاص رضي الله عنه: أنه دخلَ معَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم على امرأةٍ وبينَ يَدَيْهَا نَوًى، أو حَصًى تُسَبحُ به، فقالَ:"ألا أخبرُكِ بما هوَ أَيْسَرُ عليكِ مِن هذا وأفْضَل؟، سُبحانَ الله عدَدَ ما خلقَ في السَّماءِ، وسبحانَ الله عددَ ما خلقَ في الأَرضِ، وسبحانَ الله عددَ ما بينَ ذلكَ، وسبحانَ الله عددَ ما هوَ خالِقٌ، والله أكبُر مثْلَ ذلكَ، والحَمْدُ للهِ مثلَ ذلكَ، ولا إله إلَاّ الله مثلَ ذلكَ، ولا حولَ ولا قوَّةَ إلَاّ بالله مثلَ ذلكَ"، غريب.
"وعن سعد بن أبي وقاص: أنه دخل مع النبي عليه الصلاة والسلام على امرأةٍ وبين يديها نَوَى": نواة التمر.
"أو حصا"؛ جمع حصاة، (أو) هذه تردد من الراوي.
"تسبِّح به فقال: ألا أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا أو أفضل؟ " شكٌ من الراوي أنه عليه الصلاة والسلام قال: (أيسر عليك) أو قال: (أفضل)، وقيل: يمكن أن يكون (أو) بمعنى (بل).
"سبحان الله عدد ما خلق في السماء، وسبحان الله عدد ما خلق في الأرض، وسبحان الله عدد ما بين ذلك، وسبحان الله عدد ما هو خالق"؛ أي: خالقه.
"والله أكبر مثل ذلك، والحمد لله مثل ذلك"؛ أي: (اللُّه أكبر) عدد ما خلق في السماوات، والله أكبر عدد ما خلق في الأرض، و (الله أكبر) عدد ما هو خالقٌ، وكذا في أخواته.
"ولا إله إلا الله مثل ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك"، وإنما كان أفضل لأنه اعترافٌ بالقصور، وأنه لا يقدر أن يحصى ثناؤه، وفي العد بالنَّواة إقدام على أنه قادرٌ على الإحصاء.
"غريب".
1657 -
وقال: "مَن سَبَّحَ الله مائةً بالغَداةِ، ومائةً بالعَشِيِّ كَانَ كَمَنْ حَجَّ مائةَ حَجَةٍ، ومَنْ حَمِدَ الله مائةً بالغَداةِ، ومائةً بالعَشِيِّ كَانَ كَمَنْ حمَلَ على مائةِ فرَسٍ في سَبيلِ الله، ومَنْ هَلَّلَ الله مائةً بالغَداةِ، ومائةً بالعَشِي كَانَ كَمَنْ أعتقَ مائةَ رقبةٍ مِن وَلَدِ إسْماعيلَ، ومَن كبَّرَ الله مائةً بالغَداةِ، ومائةً بالعَشِي لم يأتِ في ذلكَ اليومِ أحدٌ بأَكْثرَ ممَّا أتَى به إلَاّ مَن قالَ مثلَ ذلكَ، أو زادَ على ما قالَ"، غريب.
"عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سبَّح الله مئةً بالغداة ومئةً بالعشي كان كمن حج مئة حَجَّة، ومن حمد الله مئة بالغداة ومئةً بالعشي كان كمن حمل على مئة فرسٍ في سبيل الله، ومن هلل الله"؛ قال: لا إله إلا الله.
"مئةً بالغداة ومئةً بالعشي كان كمن أعتق مئة رقبة من وُلْد إسماعيل" بالضم ثم السكون، هو الرواية، وهو كالوَلَد - بفتحتين - يقع على الواحد والاثنين والجمع، والمراد من (ولد إسماعيل): العرب؛ لأنهم أفضل أصناف الناس.
"ومن كبَّر الله مئةً بالغداة ومئةً بالعشي لم يأت في ذلك اليوم أحدٌ بأكثر مما أتى به"؛ أي: لم يأتِ أحدٌ يوم القيامة بأفضل مما جاء به؛ أي: بمثله.
"إلا من قال: مثل ذلك أو زاد على ما قال".
"غريب".
1658 -
وقال: "التَّسبيحُ نِصْفُ الميزانِ، والحَمْدُ للهِ يَمْلَؤُهُ، ولا إلهَ إلَاّ الله ليسَ لها حجابٌ دونَ الله حتَّى تَخْلُصَ إليهِ"، غريب.
"وعنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التَّسبيح نصف الميزان، الحمد لله يملؤه"، المراد منه: إما بيان التَّسوية بينهما لِملء كلٍّ منهما نصفًا، فيملآن معًا الميزان، وذلك لأن الأذكار التي هي أم العبادات البدنية تنحصر في نوعين: أحدهما التَّنزيه، والآخر التَّحميد، والتَّسبيح يستوعب القسم الأول، والتَّحميد يتضمن القسم الثاني، فكان كلٌّ منهما نصف الميزان، وكلاهما يملآنه.
وإليه أشار عليه الصلاة والسلام بقوله: "كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان".
وأما بيان تفضيل الحمد على التسبيح، فإن ثوابه ضعف ثواب التسبيح؛ لأن التسبيح نصف الميزان والتحميد وحده يملؤه، وذلك لأن الحمد المطلق إنما يستحقه من كان مبرأً عن النقائض منعوتًا بنعوت الجلال وصفات الإكرام، فيكون الحمد شاملاً للأمرين، دالاً عليهما، وإليه أشار بقوله:"بيدي لواء الحمد يوم القيامة".
"ولا إله إلا الله ليس لها حجابٌ دون الله"؛ أي: عند الله تعالى.
"حتى يخلص"؛ أي: يصل "إليه": وينتهي إلى محل القَبول، والمراد بهذا وأمثاله: سرعة القبول، وكثرة الثواب.
"غريب".
1659 -
وقال: "ما قال عَبْدٌ: لا إلهَ إلَاّ الله مُخلِصًا قطُّ إلَاّ فُتِحَتْ له أبوابُ السَّماءِ حتَّى تُفضيَ إلى العَرشِ ما اجتَنَب الكَبائَرِ"، غريب.
"وعن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما قال عبد: لا إله إلا الله مخلصًا قط إلا فُتِحَتْ له أبواب السماء حتى يفضي"؛ أي: يصل "إلى العرش
ما اجتَنَبَ الكبائر"، أشار به إلى أن كمال السرعة والقبول مقيد باجتناب الكبائر، وإلا فمطلق الثواب يترتب عليه، لكن للمجتنب أتمُّ وأكمل.
"غريب".
1660 -
وقال: "لَقِيْتُ إبراهيمَ صلوات الله عليهما ليلةَ أُسريَ بي، فقال: يا محمدُ، أَقرِئْ أُمَّتَكَ مني السَّلامَ، وأَخبرْهم: أن الجنَّةَ طَيبةُ التُّربةِ، عَذْبةُ الماءِ وأنَّها قِيْعانٌ، وأنَّ غِراسَها: سُبحانَ الله، والحَمْدُ للهِ، ولا إلهَ إلَاّ الله، والله أكبرُ"، غريب.
"وعن ابن مسعود أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقيْتُ إبراهيم ليلة أُسْرِيَ بي"؛ أي: ليلة المعراج.
"فقال: يا محمد! أقرئ أُمَّتك"؛ أي: أوصلهم.
"منِّي السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة": وهي التراب؛ أي: تراب الجنة طيب.
"عذبة الماء"؛ أي: ماؤها حلوٌ طيب.
"وأنها قِيعان" بكسر القاف: جمع قاع، وهو الأرض المستوية الخالية من الشجرة، والقيعة مثله.
"وأن غِراسها" بكسر الغين المعجمة، جمع: غَرسٍ - بالفتح -، وهو ما يُغْرَس، والغِرَاس إنما يصلح في التربة الطيبة، وينمو بالماء العذب، وأحسن ما يتأتى في القيعان.
"سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر"؛ يعني: أن هذه
الكلمات تُورث قائلها النخلة فأطلق اسم السبب وإرادة المسبب.
"غريب".
1661 -
عن يُسَيْرةَ - كانت مِنَ المُهاجِرَاتِ - قالت: قالَ لنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "عليكنَّ بالتسبيح، والتَّهليل، والتقديسِ، واعْقِدْنَ بالأَنامِلِ، فإنَّهُنَّ مَسْؤُولاتٍ مُستَنْطَقَاتٌ، ولا تَغْفُلْنَ، فتُنْسَينَ الرَّحمَة".
"عن يسيرة بنت ياسر وكانت من المهاجرات قالت: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليكنَّ بالتَّسبيح"، هذا تحريض وإغراء؛ أي: الْزَمْنَ التَّسبيح؛ أي: قول: سبحان الله.
"والتهليل"؛ أي: قول: لا إله إلا الله.
"والتقديس"؛ أي: قول: سبوحٌ قدوس رب الملائكة والروح، والمراد: جنس الذِّكْرِ أيَّ لفظ كان.
"واعقِدْنَ بالأنامل": عقد الشيء بالأنملة: عده؛ حرضهُنَّ عليه الصلاة والسلام على أن يحصِيْنَ تلك الكلمات بأناملهنَّ؛ ليحط بذلك من الذنوب يدل على أنهُنَّ كُنَّ يعرفْنَ عقد الحساب.
"فإنهن"؛ أي: الأنامل.
"مَسْؤولات"؛ أي: يُسْأَلْنَ يوم القيامة عما اكتسبن، بأي شيءٍ استُعملت.
"مُسْتَنْطَقَات" بخلق النُّطق فيها، فيشهدْنَ لصاحبهنَّ أو عليه، وفيه حثٌّ على استعمال الأعضاء فيما يرضي الربَّ تعالى، وتعريض بالتحفظ عن الفواحش والآثام.
"ولا تغفُلْنَ": عن الذِّكْرِ.