الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"سدلت"؛ أي: أرسلت "إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها": بحيث لا يمس الجلباب بشرة الوجه؛ كيلا يرانا الركبان الأجنبيون.
"فإذا جاوزنا كشفناه".
* * *
1960 -
وعن ابن عُمر رضي الله عنهما: أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يَدهِنُ بالزَّيْتِ وهُوَ مُحْرِمٌ غَيْرَ المُقَتَّتِ؛ يعني: غير المُطيَّب.
"عن ابن عمر: أن النبي - عليه الصلاة السلام - كان يدهن بالزيت وهو محرم غير المقتَّتِ": بالنصب حال من (الزيت)، وبالجر صفة له؛ يعني: غير المطيب، وهو ما يطبخ فيه الرياحين حتى يطيبَ ريحه.
* * *
12 - باب المحرِم يَجتنِب الصيد
(باب المحرم يجتنب الصيد)
مِنَ الصِّحَاحِ:
1961 -
عن الصَّعْب بن جَثَّامة: أنَّهُ أَهْدَى لرسُولِ الله صلى الله عليه وسلم حِمَارًا وحْشِيًّا وهو بالأَبْوَاء - أو بَوَدَّانَ - فَرَدَّ عليهِ، فلمَّا رأَى ما في وَجْهِهِ قال:"إنا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إلَّا أنا حُرُم".
"من الصحاح":
" عن الصعب بن جَثَّامة: أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم "؛ أي: أرسل إليه.
"حمارًا وحشيًا وهو" صلى الله عليه وسلم. "بالأبواء" بفتح الهمزة: اسم موضع، وهو مدفن أمِّ النبي عليه الصلاة والسلام، على عشرة فراسخ من المدينة.
"أو بوَدَّان" بفتح الواو وتشديد الدال: قرية بينها وبين الأبواء ثمانية أميال، وقيل: هي قرية جامعة قريبة الجحفة، شك من الراوي.
"فرد عليه"؛ أي: لم يقبل النبي عليه الصلاة والسلام ذلك الحمار منه.
"فلما رأى ما في وجهه"؛ أي: وجه صاحب الحمار من أثر التأذي بردِّ هديته.
"قال" اعتذارًا إليه وتطييبًا لقلبه: "إنا لم نرده عليك إلا أنَّا": بفتح الهمزة وحذف لام التعليل، والمستثنى منه مقدر؛ أي: لا نرده لعلة من العلل إلا لأنا.
"حُرُم" بضم الحاء والراء: جمع حرام بمعنى: محرم، وهذا يدل على أن المحرم لا يقبل الصيد حيًّا، وإن كان له قَبولُ لحمه، ولا شراءه عند الأكثر.
* * *
1962 -
عن أَبي قتادَةَ: أنَّهُ خَرَجَ معَ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فتخَلَّفَ مَعَ بعضِ أَصْحَابهِ وهم مُحْرِمُونَ، وهو غيرُ مُحْرِمٍ، فرَأَوْا حِمارًا وَحْشيًا قَبْلَ أَنْ يراهُ، فلمَّا رأَوهُ تَرَكُوهُ حَتَّى رآهُ أبو قَتادَةَ، فرَكِبَ فَرَسًا له، فسألهُمْ أنْ يُنَاوِلُوهُ سَوْطَهُ، فَأَبَوْا، فتنَاوَلَهُ، فحَمَلَ عليهِ فَعَقَرَهُ، ثُمَّ أَكَلَ، فأكلُوا، فَنَدِمُوا، فلمَّا أَدْركوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، سألوه قال:"هَلْ مَعَكُم مِنْهُ شيء؟ "، قالوا: مَعَنا رِجْلُهُ، فَأَخَذَهَا النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، فَأَكَلَها.
وفي روايةٍ: فلمَّا أتوْا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "هَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا، أَوْ أَشَارَ إلَيْهَا؟ "، قالوا: لا، قال:"فكُلُوا ما بقِيَ مِنْ لَحْمِها".
"وعن أبي قتادة: أنه: خرج مع النبي عليه الصلاة والسلام، فتخلَّف"؛ أي: تأخر أبو قتادة.
"مع بعض أصحابه": عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قليلًا في الطريق.
"وهم محرمون وهو غير محرم، فرأوا حمارًا وحشيًا قبل أن يراه، فلما رأوه"؛ أي: أبا قتادة.
"تركوه"؛ أي: لم يقولوا: هذا حمار، بل سكتوا.
"حتى رآه أبو قتادة"؛ لأنه لا يجوز للمحرم الدلالة على الصيد.
"فركب فرسًا له، فسألهم"؛ أي: طلب منهم.
"أبو قتادة أن يناولوه"؛ أي: يعطوه.
"سوطه، فأبوا"؛ أي: امتنعوا عن إعطاء سوطه؛ لامتناع إعانة المحرم غيره في قتل الصيد.
"فتناوله"؛ أي: أخذ أبو قتادة سوطه.
"فحمل عليه"؛ أي: ركض فرسه نحو الحمار الوحشي.
"فعقره"؛ أي: قتله.
"ثم أكل، فأكلوا، فندموا"؛ أي: المحرمون عن أكلهم من ذلك اللحم.
"فلما أدركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوه قال: هل معكم منه شيء؟ قالوا: معنا رِجْله، فأخذها النبيُّ عليه الصلاة والسلام، فأكلها": الضمير عائد إلى الرَّجل.
"وفي رواية: فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هل منكم أحد أمره أن يحمل عليها"؛ أي: يصول على الحمار الوحشي، "أو أشار إليها؟ قالوا: لا، قال: فكلوا ما بقي من لحمها": يدل على جواز أكل المحرم من لحم صيد صاده حلال إذا لم يدلَّ عليه، أو لم يُشِرْ إليه.
1963 -
وعن ابن عُمر رضي الله عنهما، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"خَمسٌ لا جُنَاحَ على مَنْ قتلَهُنَّ في الحَرَمِ والإحْرامِ: الفَأْرَةُ، والغُرابُ، والحِدَأة، والعَقْرَبُ، والكَلْبُ العَقُورُ".
"وعن ابن عمر رضي الله عنه، عن النبي عليه الصلاة والسلام: خمس"؛ أي: خمس دواب، مبتدأ خبره "لا جناحَ"؛ أي: لا إثمَ "على من قتلهن في الحرم والإحرام"؛ أي: سواء كان ذلك القاتل في حرم مكة أو المدينة، أو في حالة الإحرام.
"الفأرة والغراب والحِدَأةُ والعقرب والكلب العقور"؛ أي: الذي يعضُّ الناس ويجرحهم.
* * *
1964 -
وعن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"خَمْسٌ فَوَاسقُ يُقْتَلْنَ في الحِلِّ والحَرَمِ: الحَيَّةُ، والغُرابُ الأَبْقَعُ، والفَأرَةُ، والكَلْبُ العَقُورُ، والحُدَيَّا".
"وعن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: خمس فواسق": يروى برفعهما، وبالإضافة أيضًا، والأول أصح، جمع فاسقة، وهي: المضرة من الدواب والطيور، وسميت هذه الحيوانات فواسق؛ لخبثهن وكثرة الضرر فيهن، أو لخروجهن من الحرمة في الحل والحرم؛ أي: لا حرمةَ لهن بحال.
"يقتلن في الحل والحرم: الحية والغراب الأبقع" بفتح الهمزة: الذي لونه أسود وأبيض.
"والفأرة، والكلب العقور، والحُدَيا": تصغير حِدَأة، فلما صغرت صارت حديئة قلبت الهمزة ياءً، ثم أدغمت ثم حذفت، وأقيمت الألف في
مكانها؛ لأنها تدل على التأنيث مثل: حُبلى.
وإنما خص هذه الخمس؛ لأنها أقرب ضررًا من الإنسان بالنسبة إلى غيرها.
وعلى هذا قال الشافعي: كل سبع ضار أو عاب وكل حيوان لا يؤكل فقال: لا فدية على قاتلها في الحل والحرم.
وقال مالك: كل ما يضر الناس من الدواب مثل الأسد والفهد والنمر والذئب فهو كالكلب العقور، وأما ما لا يضر كالهرة البرية وكالنسر من الطيور وما أشبه ذلك، فلو قتله لزمه الجزاء، وأجاز أبو حنيفة سوى ما جاء في الحديث قتل الذئب، وأوجب الكفارة فيما عداه كالفهد والنمر والخنزير وجميع ما لا يؤكل لحمه.
* * *
مِنَ الحِسَان:
1965 -
عن جابر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لَحْمُ الصَّيْدِ لَكُمْ في الإحْرَامِ حَلالٌ مَا لَمْ تَصِيدُوهُ، أوْ يُصادَ لَكُمْ".
"من الحسان":
" عن جابر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لحم الصيد لكم في الإحرام حلالٌ ما لم تصيدوه، أو يصادَ لكم": - بالنصب - (أو) بمعنى: (إلا أن)؛ لأن معنى (ما لم تصيدوه) في معنى الاستثناء، يعني: أن لا تصيدوه وإلا أن يصاد لكم، فإنه لا يحل لكم في هاتين الحالتين.
1966 -
عن أَبي هُريرة رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"الجَرَادُ مِنْ صَيْدِ البَحْرِ".
"عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي عليه الصلاة والسلام: الجرادُ من صيد البحر"؛ يعني: كما يجوز للمحرم قتل صيد البحر، يجوز له قتل الجراد، ولا ضمانَ عليه.
قيل: إن الجراد يتولد من الحيتان.
ولهذا الحديث جوَّز بعض العلماء أن يصيده المحرم، وأما من لم يجوز فيقول: إنه من صيد البر؛ لاستقراره فيه.
ويحتمل الحديث معنى آخر، وهو أن يقول: أراد أنه من صيد البحر؛ لمشاركته صيد البحر في حكم الأكل منه من غير تزكية على ما ورد به الحديث: "أحلت لنا ميتتان".
* * *
1967 -
عن أَبي سَعيد الخُدريِّ رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"يَقْتُلُ المُحْرِمُ السَّبُعَ العَادِي".
"عن أبي سعيد الخدري، عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: يقتل المحرم السبع العادي"؛ أي: الذي يقصد الإنسان أو المواشي بالقتل، والجراحة، كالأسد والذئب والنمر وغيرها.
* * *
1968 -
عن عبد الرَّحمن بن أبي عَمَّار قال: سألتُ جابر بن عبدِ الله رضي الله عنه عَنِ الضَّبُعِ أَصَيْدٌ هِيَ؟، قال: نعمْ، فقلتُ: أتؤْكَلُ؟، قال: نعمْ، فقلتُ:
سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، صحيح.
"وعن عبد الرحمن بن أبي عمار: أنه قال سألت جابرَ بن عبد الله عن الضبع: أصيد هي؟ قال: نعم، فقلت: أتؤكل؟ قال: نعم، فقلت: سمعتَه من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم"، وبهذا أجاز الشافعي وأحمد أكلَ لحمها، وأوجبا الكفارة على المحرم بقتلها.
* * *
1969 -
وعن جَابرِ رضي الله عنه قال: سألتُ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عَنِ الضَّبُعِ، فقال:"هو صَيْدٌ، ويَجْعَلُ فيهِ كَبْشًا إذا أَصَابَهُ المُحْرِمُ".
"وعن جابر أنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضبع؟ فقال: هو صيد، ويجعل فيه كبشًا إذا أصابه المحرم"؛ أي: يجب في إتلاف المحرم إياه كبشٌ، يدل على وجوب الكفارة بقتله، كما قالا.
* * *
1970 -
ورُوي عن خُزَيْمَة بن جَزِيٍّ قال: سَألتُ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عَنْ أكْلِ الضَّبُعِ، فقال:"أَو يَأْكُلُ الضَّبُعَ أَحَدٌ؟ "، وسَألْتُهُ عَنْ أكلِ الذِّئْبِ، قال:"أوَ يَأكلُ الذِّئْبَ أَحَدٌ فيهِ خَيْرٌ؟ "، ليس إسناده بالقوي.
"روي عن خزيمة بن جَزِي": بفتح الجيم وكسر الزاي، وقال الدارقطني: جُزَي بصيغة التصغير.
"أنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الضبع قال: أو يأكُلُ الضبعَ": بهمزة الاستفهام على سبيل الإنكار، يعني: لا يأكل الضبع
"أحدٌ؟ "، وبهذا قال أبو حنيفة ومالك: لا يجوز أكلها.