المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌4 - باب الربا - شرح المصابيح لابن الملك - جـ ٣

[ابن الملك]

فهرس الكتاب

- ‌8 - كِتَابُ فَضَائِل القُرْآنِ

- ‌فصل

- ‌ فصلً

- ‌9 - كِتابُ الدَّعَوَاتِ

- ‌2 - باب ذِكْرِ الله عز وجل والتَّقرُبِ إليهِ

- ‌3 - باب أَسْماءِ الله تعالى

- ‌4 - باب ثَواب التَّسبيح والتَّحميد والتَّهليل

- ‌5 - باب الاستِغفار والتَّوبة

- ‌فصل

- ‌6 - باب ما يقُول عند المصَّباح والمَسَاء والمَنام

- ‌7 - باب الدَّعَواتِ في الأَوْقاتِ

- ‌8 - باب الاستِعاذَة

- ‌9 - باب جامع الدعاء

- ‌10 - كِتَابُ الحَجِّ

- ‌1 - باب المَناسِك

- ‌2 - باب الإِحْرام والتَّلْبية

- ‌3 - قِصَّةُ حجة الوداع

- ‌4 - باب دُخُول مَكَّةَ والطواف

- ‌5 - باب الوُقوف بِعَرَفة

- ‌6 - باب الدفْع من عَرَفَةَ والمُزْدَلِفَة

- ‌7 - باب رَمْيِ الجِمَار

- ‌8 - باب الهَدْي

- ‌9 - باب الخلق

- ‌فصل

- ‌10 - باب الخُطْبة يومَ النحر ورَمْي أيام التشريق والتوديع

- ‌11 - باب ما يجتنبه المحرم

- ‌12 - باب المحرِم يَجتنِب الصيد

- ‌13 - باب الإِحْصَار وفَوْت الحَجّ

- ‌14 - باب حرَم مكةَ حرَسَها الله

- ‌15 - باب حرَم المَدينة على ساكنها الصلاةُ والسلام

- ‌11 - كِتَابُ البُيُوعِ

- ‌1 - باب الكَسْب وطلَب الحلال

- ‌2 - باب المُساهلةِ في المُعاملة

- ‌3 - باب الخِيَارِ

- ‌4 - باب الرِّبا

- ‌5 - باب المنهي عنها من البيوع

- ‌فصل

- ‌6 - باب السَّلَمِ والرَّهنِ

- ‌7 - باب الاحتِكارِ

- ‌8 - باب الإفلاسِ والإنظارِ

- ‌9 - باب الشَّركة والوَكالةَ

- ‌10 - باب الغَصْبِ والعاريَةِ

- ‌11 - باب الشُّفْعَةِ

- ‌12 - باب المُساقاةِ والمُزارعةِ

- ‌13 - باب الإجارةِ

- ‌14 - باب إحياء المَوَاتِ والشِّرْبِ

- ‌15 - باب العطايا

- ‌فصل

- ‌16 - باب اللُّقَطَة

- ‌17 - باب الفرائضِ

- ‌18 - باب الوصايا

- ‌12 - كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌2 - باب النَّظَرِ إلى المَخطوبة وبيانِ العَورات

- ‌3 - باب الوليِّ في النِّكاح واستِئذانِ المَرأةِ

- ‌4 - باب إعلانِ النكاحِ والخِطبةِ والشَّرطِ

- ‌5 - باب المُحرَّماتِ

- ‌6 - باب المُباشَرةِ

- ‌فصل

- ‌7 - باب الصَّداق

- ‌8 - باب الوَليمةِ

- ‌9 - باب القَسْمِ

الفصل: ‌4 - باب الربا

"عن أبي هريرة، عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: لا يتفرَّقُ عن بَيْعٍ إلا عن تراض"، صفة مصدر محذوف؛ أي: تفرّقًا صادرًا عن تراض.

* * *

‌4 - باب الرِّبا

(باب الربا)

وهو في اللغة: الزيادة، وفي الشَّريعة: زيادةٌ على صفةٍ مخصوصة.

مِنَ الصِّحَاحِ:

2050 -

عن جابرٍ رضي الله عنه قال: لَعَنَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم آكلَ الرِّبا ومُوكِلَهُ وكاتِبَهُ وشاهِدَيْهِ.

"من الصحاح":

" عن جابرٍ رضي الله عنه أنه قال: لعنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم آكلَ الرِّبا"؛ أي: آخذَه.

"وموْكِلَه"؛ أي: مُعْطِيه.

"وكاتِبَه وشاهِدَيْه".

* * *

2051 -

عن عُبادةَ بن الصامِت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الذَّهَبُ بالذَّهَبِ، والفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والبُرِّ بالبُرِّ، والشَّعِيرُ بالشَّعِيرِ، والتَّمْرُ بالتَّمْرِ، والمِلْحُ بالمِلْح، مِثْلًا بمِثْلٍ، سَواءً بسَواءً، يَدًا بِيَدٍ، فإذا اخْتَلَفَتْ هذِهِ الأصنافُ - وفي روايةٍ: إذا اختلف النوعان - فَبيعُوا كيفَ شئتم إذا كَان يَدًا بِيَدٍ".

ص: 403

"عن عُبَادة بن الصَّامِت أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الذَّهبُ بالذَّهب"؛ أي: يُباعُ به.

"والفِضَّة بالفضة، والبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعيرُ بالشعير، والتَّمرُ بالتمر، والمِلحُ بالملح مِثْلًا بمِثْل"؛ أي: حال كونهما متساويين في القَدْر.

"سواءٌ بسواءٍ"، تأكيد لقوله:(مثلًا بمثل)، وكذا:"يدًا بيد"، ويحتمل أن يريد بقوله:(مثلًا بمثل) المماثلةَ الكَيْل والوزن، وبقوله: سواء بسواء اتحادَ مجلِسِ تقابُل العِوَضَيْن، وبقوله:(يدًا بيد) الحلول.

ذكر عليه الصلاة والسلام النقدين والمطعومات الأربع إيذانًا بأن عِلَّة الربا النقدية أو المطعم، وذكر من المطعومات الحبوبَ وهو البُرّ والشعير والثِّمار، وهو التَّمْر وما يقصَدُ بالطَّعْم لذاته كهذه الثلاثة، أو لغيره كالمِلْح إيذانًا بأن الكلَّ سواء في الحُكْم "فإذا اختلفت هذه الأجناسُ فبِيعُوا كيف شئتم إذا كان"؛ أي: البيعُ "يدًا بيد"، جوَّزَ عليه الصلاة والسلام التفاضُلَ عند اختلافِ الجنس مع إيجابِ التقابُض.

* * *

2052 -

وعن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الذَّهَبُ بالذَّهَبِ، والفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والبُرّ بالبُرِّ، والشَّعِيرُ بالشَّعِيرِ، والتَّمْرُ بالتَّمْرِ، والمِلْحُ بالمِلْح مِثْلًا بمِثْل، سواءً بسواءٍ يَدًا بِيَدٍ، فَمَنْ زادَ أو اسْتَزَادَ فَقَدْ أَرْبَى، الآخِذُ والمُعْطِي فيهِ سَواءٌ".

"وعن أبي سعيد الخُدْري رضي الله عنه أنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الذهبُ بالذهب، والفِضَّة بالفضة، والبُرُّ بالبرِّ، والشعيرُ بالشعير، والتَّمْر بالتمر، والمِلْح بالمِلْح مِثْلًا بمِثل، يدًا بيد فمن زاد"؛ أي: أعطى الزيادة.

ص: 404

"أو استزاد"؛ أي: أخذَ الزيادة.

"فقد أَرْبى"؛ أي: أتى بالرّبا أو تعاطاه.

"الآخِذُ والمعطي فيه"؛ أي: في الربا.

"سواءٌ"؛ أي: في الإثم واللَّعْن، قيل: كان بيعُ الربا في ابتداء الإسلام جائزًا، ثم نسُخَ بإيجاب المماثلة.

* * *

2053 -

وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَبيعُوا الذَّهَبَ بالذَّهَبِ إلَاّ مِثْلًا بمِثْلِ، ولا تُشِفُّوا بعضَها على بعضٍ، ولا تَبيعُوا الوَرِقَ بالوَرِقِ إلَاّ مِثْلًا بمِثْلٍ، ولا تُشِفُّوا بعضَها على بعضٍ، ولا تَبيعُوا منها غائِبا بناجِزٍ".

وفي رواية: "لا تَبيعُوا الذَّهبَ بالذَّهَبِ ولا الوَرِقَ بالوَرِقِ إلَاّ وَزنًا بِوَزنٍ".

"وعنه أنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: لا تبيعُوا الذهب بالذهب إلا مِثْلًا بمِثْل، ولا تُشْفُوا"، من باب الإفعال، الشَّفّ من الأضداد يُستعمل في النقصان والزيادة، وهنا بمعنى الزيادة بقرينة (على)؛ أي: لا تزيدوا في البيع.

"بعضَها على بعض، ولا تبيعُوا الوَرِقَ بالوَرِق إلا مِثْلًا بمِثْل، ولا تُشْفُوا بعضَها على بعض، ولا تَبِيعوا منها"؛ أي: من الأشياء المذكورة.

"غائبًا بناجِز"؛ يعني: نسيئةً بنقْد، والناجِزُ: هو الحاضر، وهذا يدلّ على تحريم النَّساء في الصَّرْف.

"وفي رواية: لا تَبِيعوا الذهبَ بالذهب والوَرِقَ بالوَرِق إلا وزنًا بوزن"، اعتبار المماثلة بالوزن في الموزون.

ص: 405

2054 -

وعن معْمَرِ بن عبد الله رضي الله عنه قال: كنت أسمعُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الطَّعَامُ بالطَّعامِ مِثْلًا بمِثْلٍ".

"وعن مَعْمَر بن عبد الله أنه قال: كنتُ أسمعُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: الطعامُ بالطعام"، وهو اسمٌ لمَا يُؤكَل، وقد يُطلَق على البُرِّ، فإن أريد به البُرُّ قيسَ غيرُه عليه عند اتفاق الجنس، وإنْ أُريدَ به ما يُطْعَم بحيث يَعُمُّ المشروبَ أيضًا حُمِلَ على إرادة اتفاق الجنس لقوله:"مِثْلًا بمِثْل".

* * *

2055 -

وعن عمر رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الذَّهَبُ بالذَّهَبِ رِبا إلَاّ هاءَ وهاءَ، والوَرِقُ بالوَرِقِ رِبًا إلَاّ هاءَ وهاءَ، والبُرُّ بالبُرِّ رِبًا إلَاّ هاءَ وهاءَ، والشَّعِيرُ بالشَّعِيرِ رِبًا إلَاّ هاءَ وهاء ، والتَّمْرُ بالتَّمْرِ رِبًا إلَاّ هاءَ وهاءَ".

"وعن عمرَ رضي الله عنه أنه قالَ: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: الذهبُ بالذَّهبِ رِبًا"، نصب تمييزًا أو حالًا.

"إلا هاءَ وهاءَ": قيل: بالمد وفتح الهمزة، وهو الصواب، أصلُها هاكَ بمعنى خُذْ، فحُذِفت الكافُ وعُوِّضَ عنها المد والهمزة، يعني: لا يجوزُ بيعُ مالِ الربا إلا مقابضة بأن يقول البائع للمشتري: خُذ المبيع، ويقول المشتري للبائع: خذْ عِوَضَ المَبيعِ في الحال.

"والوَرِق بالوَرِق رِبًا إلا هاءَ وهاء، والبُرُّ بالبُرِّ ربا إلَاّ هاء وهاء، والشعير بالشعير ربًا إلَاّ هاءَ وهاء، والتمر بالتمر ربًا إلا هاءَ وهاء".

ص: 406

2056 -

وعن أبي سعيدٍ الخدريِّ وأبي هريرةَ رضي الله عنهما أن رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم استعمَلَ رَجُلًا عَلَى أهلِ خَيْبَرَ، فجاءَهُ بتَمْرٍ جَنِيبٍ، فقال:"أكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكذا؟ " قال: لا والله يا رسُولَ الله، إنَّا لَناْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هذا بالصَّاعَيْنِ، والصَّاعَيْنِ بالثَّلاثَةِ، فقال:"لا تَفْعَلْ، بعْ الجَمْعَ بالدَّراهِم، ثُمَّ ابْتَعْ بالدَّراهِم جَنِيبًا".

"عن أبي هريرة أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم استعملَ رجلًا"؛ أي: جعلَه عاملًا وحاكمًا.

"على خَيبر"؛ أي: على أهلِه.

"فجاءه بتمرٍ جَنِيب"، نوع من أجود التمور بالحجاز.

"فقال: أكلُّ تمرِ خيبر هكذا؟ قال: لا والله يا رسول الله! إنا لنأخُذُ الصَّاعَ مِن هذا بالصاعين، والصاعين بالثلاثة فقال: لا تَفْعلْ"؛ أي: لا تشتر الجَنِيبَ بتمر آخرَ إلا مِثْلًا بمِثْل، وإن كان أحدُهما أجودَ من الآخر، بل إذا أردتَ أن تبيعَ أحدَهما بآخر متفاضلًا.

"بع الجَمْعَ"؛ نوع من التمر الرديء.

"بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جَنِيبًا".

* * *

2057 -

وعن أبي سعيدٍ رضي الله عنه قال: جاءَ بِلالٌ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بتَمْرٍ بَرْنِيٍّ، فقالَ لَهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: مِنْ أينَ هذا؟، قال: كانَ عِنْدَنًا تَمْر ردِيء فَبعْتُ مِنْهُ صاعَيْنِ بصاع، فقال:"أوَّهْ عَيْنُ الرِّبا، عَيْنُ الرِّبا، لا تَفْعَلْ، ولكنْ إذا أردْتَ أنْ تَشْتَرِي فَبعِ التَّمْرَ ببَيْعٍ آخَرَ ثُمَّ اشْتَرِ بِهِ".

"وعن أبي سعيد أنه قال: جاء بلال إلى النبي عليه الصلاة والسلام -

ص: 407

بتمر بُرْني"، نوع من التمر.

"فقال له النبيُّ عليه الصلاة والسلام: مِن أين هذا؟ قال: كان عندنا تمر رديء، فبِعْتُ منه صاعين بصاعٍ، فقال: أوَّه"، بتشديد الواو وسكون الهاء، كلمة تحسُّرٍ وندامة على لحُوُقِ ضَرَرٍ بأحد.

"عين الربا"؛ أي: هذا الفعل مَحْضُ الرِّبَا.

"لا تفعلْ، ولكن إذا أردتَ أن تشتريَ فبع التمرَ ببيعٍ آخر، ثم اشترِ به"، وهذا يدلُّ أنَّ على مَن أراد أنْ يبدِّلَ شيئًا من مال الربا بجنسه متفاضلًا فلا يجوزُ حتى يبيعَه بغير جِنسه، ويقبضَ ما اشتراه ثم يبيعَه بأكثرَ مما دُفع إليه.

* * *

2058 -

وعن جابرٍ رضي الله عنه قال: جاءَ عبدٌ فبايَعَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم علَى الهِجْرَةِ فلم يَشْعُرْ أَنَّهُ عبدٌ فجاءَ سَيدُهُ يُريدُهُ، فَاشْتَرَاهُ بِعَبْدَيْنِ أَسْوَدينِ، ولمْ يُبايعْ أَحَدًا بعدَهُ حتَّى يسأَلهُ أَعَبْدٌ هُوَ أَمْ حُرٌّ.

"عن جابر أنه قال: جاء عبدٌ فبايعَ النبيَّ عليه الصلاة والسلام على الهِجرة"، ضمَّن بايعَ معنى عاهَد، وعدَّاه بـ (على).

"ولم يَشْعُرْ أنه عبدٌ، فجاءَ سيدُه يريدُه، فاشتراه بعبدين أسودين"؛ يعني: دفع عليه الصلاة والسلام عبدين أسودين بدل ذلك العبدِ إلى سَيده، وهذا يدلُّ على أن بيعَ غيرِ مال الرِّبا يجوزُ متفاضلًا.

"ولم يبايعْ"؛ أي: النبي عليه الصلاة والسلام.

"أحدًا بعدَه حتى يسألَه: أعبدٌ هو أم حر؟ ".

ص: 408

2059 -

قال جابرٌ رضي الله عنه: نهى رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عن بَيع الصُّبْرَةِ مِنَ التَّمْرِ لا يُعْلَمُ مكِيلتها بالكَيْلِ المُسمَّى مِنَ التَّمْرِ.

"وقال جابرٌ: نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الصُّبْرة من التمر لا يُعلَم مكِيلتها"؛ أي: مقدارها.

"بالكَيْل المسمَّى"؛ أي: المعلوم صفة الكيل.

"من التَّمْر": حال منه، يعني: نهى عن بيع الصُّبْرة المجهولةِ مَكِيلَتُها بالصَّبْرة المعلومة مَكِيلَتُها من جنس واحد.

* * *

2060 -

عن فَضَالَةَ بن عُبَيْد رضي الله عنه قال: اشْتَرَيْتُ يومَ خَيْبَرَ قِلادَةً باثْنَيْ عَشَرَ دِينارًا، فيها ذَهَب وخَرَزٌ، ففصلْتُها، فوجدت فيها أكثرَ من اثْنَيْ عَشَرَ دِينارًا، فذكرتُ ذلك للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال:"لا تُباعُ حَتَّى تُفصَلَ".

"عن فَضَالةَ بن عُبيد أنه قال: اشتريتُ يومَ خيبرَ قلادةً باثني عَشَرَ دينارًا فيها ذهب وخَرَز، ففَصَلْتُها"؛ أي: مَيَّزْتُ الذهبَ من الخَرَز.

"ووجدتُها أكثَر من اثني عشر دينارًا، فذكرتُ للنبي عليه الصلاة والسلام فقال: لا تُباع"؛ أي: القلادة.

"حتى تُفصَل"؛ أي: تُميَّز ما فيها من الخَرَز، فإذا مُيزَ ذهبُها يباعُ بالذهب متماثلًا.

* * *

مِنَ الحِسَان:

2061 -

عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليَأْتِيَنَّ علَى النَّاسِ

ص: 409

زَمانٌ لا يَبْقَى أَحَدٌ إلَاّ أكَلَ الرِّبا، فإنْ لم يَأكلْهُ أصابَهُ مِنْ بُخَارِه"، ويُروى: "مِنْ غُبَارِهِ".

من الحسان:

" عن أبي هريرة، عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ليأتينَّ على الناس زمانٌ لا يبقَى أحدٌ إلا أكل الرِّبا، فإنْ لم يأكله أصابَه مِن بُخَارِه، ويروى: من غُبَارِه"؛ يعني: يصِلُ إليه من إثمه بأن يكون شاهدًا في عَقْد الربا أو كاتبًا لقبالته، أو يأكل من ضيافةِ آكلي الربا أو مِن هَدِيَّتهِم مع علمه بأنه مالُ الربا.

* * *

2062 -

وعن عُبادةَ بن الصَّامِتِ رضي الله عنه: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تَبيعُوا الذَّهَبَ بالذَّهَبِ، ولا الوَرِقَ بالوَرِقِ، ولا البُرَّ بالبُرِّ، ولا الشَّعِيرَ بالشَّعِيرِ، ولا التَّمْرَ بالتَّمْرِ، ولا المِلْحَ بالمِلْح إلَاّ سَواءً بسَواءٍ، عَيْنًا بعَيْنٍ، يدًا بيدٍ، ولكِنْ بيعُوا الذَّهَبَ بالوَرِقِ، والوَرقَ بالذَّهَبِ، والبُرَّ بالشَّعِيرِ، والشَّعِيرِ بِالبُرِّ، والتَّمْرَ بالمِلْح، والمِلْحَ بالتَّمْرِ، يدًا بيَدٍ كيفَ شِئتمْ".

"وعن عُبادةَ بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تَبِيعوا الذهبَ بالذهب، ولا الوَرِقَ بالوَرِق، ولا البُرَّ بالبُرِّ، ولا الشَّعِير بالشعير، ولا التَّمْرَ بالتمر، ولا المِلْح بالملح، إلا سواءً بسواء"؛ أي: مِثْلًا بمِثْل.

"عينًا بعين"؛ أي: حاضرًا بحاضر.

"يدًا بيد"، تأكيد لقوله:(عينًا بعين) من حيثُ المعنى؛ أي: ليكن قَبْضُ العِوَضَين في المجلس.

"ولكن بِيعوا الذهبَ بالوَرِق، والوَرِقَ بالذَّهب، والبُرَّ بالشعير، والشَّعيرَ بالبُرِّ، والتمر بالمِلْح، والمِلْح بالتمر يدًا بيد كيف شئتم"؛ أي: يجوز التفاضُلُ

ص: 410

بين العِوَضَين إذا اختلفَ جِنْساهما مع التقابُض في المجلس.

* * *

2063 -

عن سعدِ بن أبي وقَّاصٍ رضي الله عنه أنه قال: سمعتُ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم سُئلَ عنْ شِرَاءِ التمْرِ بالرُّطَبِ، فقال:"أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذا جَفَّ؟ "، فقال: نعم، فنهاهُ عنْ ذلكَ.

"عن سعد بن أبي وقاص أنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عن شراء التَّمْر بالرُّطَب؟ فقال" صلى الله عليه وسلم: "أينقصُ الرُّطَبُ إذا يَبِس؟ ": استفهام على سبيل التقرير.

"فقال: نعمَ، فنهاه عن ذلك": لأنهما ليسا متماثِلَين.

* * *

2064 -

وروى سعيدُ بن المُسَيب مُرْسلًا: أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عنْ بَيع اللحم بالحَيَوانِ. قال سعيدٌ: كانَ مِنْ مَيْسِرِ أهْلِ الجَاهِليَّةِ.

"وروى سعيدُ بن المُسَيَّب مرسَلًا أن النبيَّ عليه الصلاة والسلام: نهى عن بيع اللَّحْم بالحيوان، قال سعيد: كان مِن مَيْسرِ أهلِ الجاهلية"؛ أي: مِن فِعْلِهم، كانوا يُعطُون قطعةَ لحم بحيوان، والمَيْسِر في الأصل: القِمَار.

وبهذا قال الشافعي ومالك وأحمد: لا يجوزُ بيع اللحمِ بالحيوان سواءٌ كان ذلك الحيوان مأكولًا أو لا، أو من جنس ذلك اللحم أو لا، وعندنا يجوزُ مطلَقًا.

* * *

2065 -

عن الحسنِ عن سَمُرَة رضي الله عنهما أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن بَيعِ

ص: 411

الحَيَوانِ بالحَيَوانِ نسَيئَةً".

"عن الحسن، عن سَمُرَة: أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن بَيعِ الحيوان بالحيوان نسَيئةً".

قال الخَطَّابي: تأويلُه أن يكون كلٌّ من الحيوانيَنِ نسِيئةَ كقوله: بِعتُ منك فرسًا صفتُه كذا بفرسٍ أو جملٍ صفتُه كذا، فلا يجوزُ هذا البيعُ؛ لأنه بيعُ الدَّيْن بالدَّيْنِ، ويعني به ما يكون في الذِّمَّة، أما لو كان أحدهما حاضرًا والآخر في الذمة فيجوز عند الشافعي سواءٌ كانا من جنس واحد أو لا.

وعند مالك: إن اختلفَ جنساهما جازَ، وإن اتفقَ لم يَجُزْ مطلَقًا، وعندنا لا يجوزُ مُطْلَقًا.

* * *

2066 -

وعن عبدِ الله بن عمرِو بن العاص رضي الله عنهما: أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أمرَهُ أنْ يُجَهِّزَ جَيْشًا فَنَفَدَتِ الإبلُ، فأمَرَهُ أنْ ياْخُذَ على قَلائِصِ الصَّدَقَةِ، فكانَ يأْخُذَ البعيرَ بالبعيرَيْنِ إلى إبلِ الصَّدَقَةِ.

"وعن عبد الله بن عمرو بن العاص: أن النبيَّ عليه الصلاة والسلام أَمرَه أن يجهِّزَ جيشًا"؛ أي: يهيئ أسبابَهم من المراكب والسلاح.

"فنَفَدَتِ الإبلُ"؛ أي: فنيتْ ولم يبقَ لبعضهم مركوبٌ.

"فأمرَه"؛ أي: النبي عليه الصلاة والسلام عبدَ الله بن عمرو.

"أن يأخذَ على قلائصِ الصدقة"، جمع قَلُوص وهي الفتيُّ من الإبل؛ أي: يستقرِض عددًا من الإبل حتى يتمَّ جَهَازُ ذلك الجيش ليردَّ بدلَها من إبل الزكاة.

"وكان"، أي: عبد الله بن عمرو.

ص: 412