الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - باب الإِحْرام والتَّلْبية
(باب الإحرام والتلبية)
مِنَ الصِّحَاحِ:
1828 -
قالت عائشةُ رضي الله عنها: كنتُ أُطَيبُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لإِحْرامِهِ قَبْل أنْ يُحْرِمَ، ولِحِلِّهِ قَبْلَ أنْ يَطُوفَ بالبَيْتِ بطيبٍ فيه مِسْكٌ، كأنِّي أَنظُرُ إلى وَبيْصِ الطِّيبِ في مَفْرِقِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وهو مُحْرِمٌ.
"من الصحاح":
" قالت عائشة رضي الله عنها: كنت أطيب رسول الله عليه الصلاة والسلام لأحرامه قبل أن يحرم" يدل على أنه يجوز أن يطيب الرجلُ نفسَه قبل أن يُحْرِمَ، وبعده لا.
"ولحلّه" يقال: حَلَّ المُحْرِمُ يَحِلُّ حلالًا: إذا حلَّ له ما حرم عليه من محظورات الحج، يعني: أطيبه عليه الصلاة والسلام لحله يوم العيد بعد رمي جمرة العقبة.
"قبل أن يطوف بالبيت بطيبٍ فيه مسكٌ، كأني انظر إلى وبيص الطيب"؛ أي لَمعانه "في مَفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم " بفتح الميم: جمع مفرق - بكسر الراء وفتحها - وهو وسط الرأس الذي يفرق فيه شعر الرأس جهة، وإنَّما ذُكر على لفظ الجمع تعميماً سائر جوانب الرأس التي يُفرق فيها، كأنهم سمَّوا كلَّ موضع منه مفرقاً.
"وهو محرم" وفي بعض طرق مسلم: (مفرق) على لفظ الواحد.
* * *
1829 -
وقال ابن عمر: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يُهِلُّ مُلَبداً يقولُ: "لَبَّيْكَ اللَّهمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إنَّ الحَمْدَ والنِّعْمَةَ لكَ والمُلْكَ، لا شَرِيكَ لكَ" لا يَزِيدُ على هؤلاءَ الكلِماتِ.
"وقال ابن عمر رضي الله عنهما: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُهِلُّ"؛ أي: يرفع صوته بالتلبية "ملبداً"، (التلبيد): إلصاق شعور الرأس بالصمغ أو الخطمي أو غير ذلك؛ كيلا يتخلَّله الغبار، ولا يصيبه شيء من الهوام، ويقيها من حر الشّمس، وهذا جائز عند الشَّافعي، وعندنا لزمه دم إن لبَّد بما ليس فيه طيب؛ لأنَّه كتغطية الرأس، ودمان إن كان فيه طيب.
"يقول: لبيك، معناه: ألبَبْتُ يا رب بخدمتك إلباباً بعد إلبابٍ، من ألبَّ بالمكان: إذا أقام؛ أي: أقمت على طاعتك قياماً بعد قيام.
"اللَّهم لبيك، لا شريك لك لبيك، إن الحمد، بكسر الهمزة بجَعْله كلاماً مستأنفاً، وبفتحها بتعليق (الحمد) بالتلبية، تقديره: لبيك بأنَّ الحمد.
"والنعمة لك والملك" بالنصب عطف على الحمد.
"لا شريك لك، لا يزيد على هؤلاء الكلمات".
* * *
1830 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ إذا أدخَلَ رِجْلَهُ في الغَرْزِ وَاسْتَوَتْ به ناقتُهُ قائمةً أهلَّ منْ عِنْدِ مَسْجدِ ذِي الحُلَيْفَةِ.
"وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا أدخل رجله في الغرز"؛ أي: الركاب "واستوت به ناقته قائمةً"؛ أي: رفعته مستوياً على ظهرها، فالباء للتعدية، وقيل:(به) حال، وكذا (قائمة).
"أهلَّ"؛ أي: رفع صوته بالتلبية ونوى الإحرام "من عند مسجد ذي
الحليفة" يريد بدأ لإهلالٍ منه.
* * *
1831 -
وقال أبو سَعيد رضي الله عنه: خَرَجْنَا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم نَصْرُخُ بالحَجِّ صُراخاً.
"وقال أبو سعيد رضي الله عنه: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نصرخ بالحج صراخاً"؛ أي: نرفع أصواتنا بالتلبية.
* * *
1832 -
وقال أنسٌ رضي الله عنه: كنتُ رَديفَ أبي طَلْحَةَ رضي الله عنه، وإنهمْ لَيَصْرُخُونَ بِهِما جميعًا: الحَجِّ وَالعُمْرَةِ.
"وقال أنس رضي الله عنه: كنت رديف أبي طلحة رضي الله عنه؛ أي: ركبت خلفه.
"وإنهم"؛ أي: الصَّحابة رضي الله عنهم "ليصرخون بهما جميعًا: الحج والعمرة" بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هما، والنصبِ بتقدير: أعني، والجرِّ على أنه بدلٌ من الضمير في (بهما)، وهذا يدل على أن القِران أفضل، وبه قلنا.
* * *
1833 -
وقالت عائشةُ رضي الله عنها: خَرَجْنَا مَعَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم عامَ حَجَّةِ الوَداعِ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَة، ومِنَّا مَنْ أَهَلَّ بحَجَّةٍ وعُمْرَة، ومِنَّا مَنْ أَهَلَّ بالحجِّ، وأَهَلَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالحجِّ، فأمَّا مَنْ أَهَلَّ بالعُمْرَةِ فَحَلَّ، وأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بالحجِّ أو جَمَعَ الحَجَّ والعُمْرَةَ فلَمْ يَحِلُّوا حتَّى كانَ يَوْمُ النَّحْرِ.
"وقالت عائشة رضي الله عنها: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة
الوداع، فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحجة وعمرة، ومنا من أهل بالحج": يدل على جواز الإفراد والتمتُّع والقِران.
"وأهل رسول الله بالحج" يدل على أن الإفراد بالحج أفضل، وبه قال الشَّافعي ومالك.
"فأمَّا من أهل بعمرة"؛ يعني: أهلَّ بها قبل الحج.
"فحل"؛ أي: خرج من العمرة بعد أن طاف وسعى وحلق، فحلَّ له جميع المحظورات في الإحرام، ثم إذا كان يوم عرفة أحرم بالحج.
"وأمَّا من أهل بالحج أو جمع الحج والعمرة فلم يحلوا حتَّى كان يوم النحر" ففي يوم النحر برميهم جمرة العقبة والحلقِ يحلُّ لهم كلُّ المحظورات إلَّا مباشرة النساء، فيَحِل لهم ذلك بطواف الركن.
* * *
1834 -
وقال ابن عُمر رضي الله عنهما: تَمَتَّعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في حَجَّةِ الوَداعِ بالعُمْرَةِ إلى الحَجِّ، بدأَ فَأَهَلَّ بالعُمْرَةِ، ثُمَّ أَهَلَّ بالحَجِّ.
"وقال ابن عمر: تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج" حال من (العمرة)؛ أي: استمتع بها منضمَّةَ إلى الحج.
"بدأ فأهل بالعمرة" من الميقات فأتى بأفعالها.
"ثم أهل بالحج" من مكّة.
فإنَّ قيل: روي أنه عليه الصلاة والسلام أفرد الحج، وروي أنه تمتَّعَ، وروي أنه قَرَنَ.
قلنا في التوفيق: إنه عليه الصلاة والسلام أحرم بعمرة في بدء أمره فمضى فيها متمتِّعاً، ثم أحرم بحجة قبل طوافه وأفردها بالإحرام فصار بها قارناً، كذا
روي عن الطحاوي.
* * *
مِنَ الحِسَان:
1835 -
عن زيَد بن ثابت رضي الله عنه: أنَّهُ رَأَى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم تَجَرَّدَ لإحرامِهِ واغتَسَل.
"من الحسان":
" عن زيد بن ثابت رضي الله عنه: أنه رأى النَّبيّ عليه الصلاة والسلام تجَّرد"؛ أي: عن ثيابه المَخيطة، ولبس إزاراً ورداءً.
"لإحرامه واغتسل" يدل على أن الغُسل للإحرام سنَّة.
* * *
1836 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لَبَّدَ رَأْسَهُ بالغِسْل.
"وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النَّبيّ عليه الصلاة والسلام لبَّد رأسه بالغِسل": بكسر الغين المعجمة وهو ما يُغسل به الرأس من الخطمي وغيره.
* * *
1837 -
عن خَلَاّد بن السَّائبِ، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَتاني جِبْرِيلُ فَأمَرني أن آمُرَ أَصْحَابي أَنْ يَرْفَعُوا أصوَاتَهُمْ بالإحرام والتَّلْبيَةِ".
"عن خلاد بن السَّائب عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإحرام والتلبية، هذا سهو من النساخين، ولفظ الحديث في "معالم السنن": (بالإهلال، أو قال: بالتلبية) شك من الراوي.
* * *
1838 -
عن سَهْل بن سَعْدٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما مِنْ مُسْلِمٍ يُلَبي إلَّا لَبَّى ما عَنْ يمينه وشِمالِهِ مِنْ حَجَرٍ أو شَجَرٍ أو مَدَرٍ حتَّى تَنْقَطِعَ الأَرْضُ مِنْ ها هُنا وها هُنا".
"عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يلبِّي إلَّا لبَّى مَن عن يمينه وشماله مِن حجرٍ أو شجرٍ أو مدرٍ" ويروى: (ما عن يمينه) فلا إشكال، ورواية (مَن) تكون على الذهاب بها من حيز الجمادات إلى جملة ذوي العقول؛ ليكون أدلَّ على المعنى المراد؛ أي: يوافق في التلبية كلَّ رطبٍ ويابس على وجه الأرض.
"حتَّى تنقطع الأرض من ها هنا" إشارة إلى حيث تنتهي الأرض شرقاً وغرباً.
* * *
1839 -
وعن ابن عُمر رضي الله عنهما قال: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَرْكَعُ بِذِي الحُلَيْفَةِ ركعَتَيْنِ، ثُمَّ إذا اسْتَوَتْ بِهِ النَّاقَةُ قائِمَةً عِنْدَ مَسْجدِ ذِي الحُلَيْفَةِ أَهَلَّ بهؤُلاءَ الكَلِمَاتِ، يَعْنِي: التَّلبيَةَ.
"وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: يركع بذي الحليفة"؛ أي: صلَّى فيها "ركعتين، ثم إذا استوت به الناقة قائمة عند مسجد ذي الحليفة أهلَّ بهؤلاء الكلمات؛ يعني التلبية".
* * *
1840 -
عن عُمارة بن خُزَيْمَة بن ثابتٍ، عن أَبيه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: أنَّهُ كانَ إذا فرَغَ من تَلْبيتةِ سَألَ الله رضوانه والجَنَّةَ، وَاستَعْفَاهُ برحمتِهِ مِنَ النَّارِ.
"عن عمارة بن خزيمة بن ثابت، عن أبيه، عن النَّبيِّ عليه الصلاة والسلام: أنه كان إذا فرغ من التلبية سأل الله رضوانه والجنة، واستعفاه"؛ أي: